Post: #1 Title: تكوين فروع مفوضية حقوق الانسان بدرافور ومهندسي شرعنة الانتهاكات ! بقلم عبد العزيز التوم ابراهيم Author: عبد العزيز التوم ابراهيم Date: 11-03-2015, 09:29 PM
طبقا لمبادئ باريس تشكل المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان الاركان الاساسية للنظم الوطنية لتقرير حقوق الانسان وحمايتها ،فامكانها ان تضطلع بدور هام في تقرير ورصد انتهاك التنفيذ الفعال للمعايير الدولية لحقوق الانسان وذلك من خلال متابعة التوصيات الصادرة من الاليات الدولية لحقوق الانسان في رصد تنفيذ القانون الدولي لحقوق الانسان ومعاييرها الدولية ،اذن المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان هي هيئات رسمية لها ولاية دستورية او تشريعية لحماية حقوق الانسان وتقريرها وهي جزء من جهاز الدولة وتقوم الدولة بتمويلها ويفترض في هذه المؤسسات حتي تتولي دورها بشكل فعال الحيادية والاستقلال والنزاهة . تنحو كثير من الدول في اختيار اعضاء المؤسسات الوطنية عن طريق تكوين آلية من شخصيات مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية والتجرد وعدم الانتماء الحزبي ،وتنحصر دور هذه الآلية في العمل علي اشراف ترشيحات لشغل مناصب الآلية الوطنية وفتح فرص للطعونات حول المرشحين والفصل فيها واعلان النتيجة النهائية للقبول ، ونري ان هذه هي الطريقة المثلي في اختيار اعضاء المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان والتي تضمن استمراريتها ونجاحها في تقرير ورصد انتهاكات حقوق الانسان والحريات المقررة والمحمية بمقتضي المواثيق الدولية والاقليمية.
تم النص علي المفوضية القومية لحقوق الانسان في المادة 141 من الدستور الانتقالي لسنة 2005 ولم تري النور في الواقع الا في العام 2012 بعد استقلال جنوب السودان ،وبموجب قانون المفوضية القومية لحقوق الانسان لسنة 2009 حيث يتم اختيار اعضاء المفوضية" 15 عضو" بواسطة رئيس الجمهورية بالتشاور مع النائب الاول ،وبعد حصول واقعة استقلال الجنوب آلت كل التركة السياسية للمؤتمر الوطني وبالتالي كُونت هذه المفوضية من اشخاص عبر ترضيات ومساومات سياسية يفتخرون للحيدة والاستقالية اللازمتين !! مما جعل نصوص هذا القانون مجرد نصوص طوباوية مفارقة للواقع ! حيث نجد ان من ضمن وظائف المفوضية انها تختص بمراقبة تطبيق الحقوق والحريات الواردة في وثيقة الحقوق بالدستور ...واعداد تقارير حول انتهاكات حقوق الانسان وكذلك اجراء دراسات وبحوث حول الاوضاع الذي يمكن ان يفضي لانتهاكات حقوق الانسان ..والعمل علي تغيير القوانين والتشريعات التي لا تتوائم مع وثيقة الحقوق ! ..وتنوير الراي العام بحقوق الانسان وضرورة احترامها .. وهلمجرا من النصوص المثالية والمخادعة !! ودونما الخوض في تشريح هذا القانون يمكن القول ان اساس وفلسفة تكوين المفوضية في حد ذاتها تحمل بباطنها بذور فشلها وفنائها لانها اصبحت حاكورة المؤتمر الوطني وُجدت خصيصا علي شرعنة الانتهاكات التي يمارسها نظام الخرطوم بدل رصدها وتقريرها ! . وكنتيجة حتمية لعدم نزاهة واستقلالية المفوضية وعلي مر تاريخها لم تتخذ اي موقف مشرف حيال الانتهاكات الخطيرة والجسيمة التي ترتكبها نظام المؤتمر الوطني من قتل وتشريد وحرق القري والاغتصابات الجماعية ! بل علي العكس عملت المفوضية وما زالت تعمل علي تضليل وتشويه الراي الدولي الحقوقي حول اوضاع حقوق الانسان في السودان وقد سمعنا كيف ان بعض اعضاء المفوضية اصبحوا يتحدثون نيابة عن نظام الخرطوم ذات السمعة السئية حيال الانتهاكات التي اُرتكبيت بحق المواطنين بتابت تبريرا لهم !! وايضا أحداث سبتمبر تظل علامة سيئة في جبين المفوضية ودورها السلبي حيال العشرات من الشهداء الذين سقطوا برصاصات نظام الخرطوم ولتاريخ اللحظة ظلت المفوضية صامته !. وفي يومي (18-19) اكتوبر 2015 انعقدت ورشة بفندق قراند هوليدي فيلا بالخرطوم حول تاسيس فروع المفوضية بولايات دافور حيث اقامتها المفوضية القومية لحقوق الانسان بالتعاون مع برنامج امم المتحدة الانمائي (UNDP) والبعثة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي بدارفور ، وتم انفاذ هذه الورشة بدعم من السفارة الالمانية و UNDP , ولكن السؤال المحير والذي لم نجد له اجابة ابدا! لماذا يدعم المجتمع الدولي مثل هذه المشروعات العبثية ؟! وهل الحكومة وباجهزتها حريصة علي مراقبة وحماية حقوق الانسان في الوقت الذي هو نفسه يصنع الانتهاكات ؟! ومن غرائب الاشياء ايضا دار الحديث حول تكوين منبر حقوق الانسان بدرافور يترأسه المفوضية وان يكون في عضويته ممثلين من جهاز الامن والشرطة والجيش ...الخ من اجهزة الدولة ...أيعقل لمثل هذا المنبر ان تتولي برصد ومراقبة والتدوال بشفافية حول انتهاكات حقوق الانسان ؟! ومن الذي يقوم بانتهاكات حقوق الانسان اليست الحكومة نفسها واجهزتها والتي هي نفسها منبر حقوق الانسان بدرافور ؟!! حقا ان ما يدور من حراك دؤوب حول تشكيل فروع المفوضية بدارفور ما الا آلية من آليات النظام لطمس وتشوية الحقائق والتستر علي الفظائع التي يرتكبها مليشيات النظام ! والمنبر المزعوم ما الا عبارة عن تجمع من مهندسي ومشرعني الانتهاكات التي يرتكبها نظام المؤتمر الوطني ! اليس من الاجدر ان تُوجه كل هذه الاموال الطائلة لدعم منظمات المجتمع المدني وتدريبهم وتاهيلهم لتعمل بكفاءة في رصد ومراقبة اوضاع انتهاكات حقوق الانسان ؟! الم تكن من الاجدر والافيد ان يتم اشراك الفاعلين والمشتغلين في مجال حقوق الانسان وتاهيلهم لهذا الغرض بدل ان تذهب الاموال لجيوب هؤلاء المفسدين ؟ !