في هذه العُجالة وفي ذكرى مرور رحيل الشاعر والفنان النوبي الكبير مندق علي الأزهري وتحت شِعار ( الوفاء لأهل العطاء ) منذ وفاته رحمه الله لم يغب عن ذاكرتي فهوصديقي منذ الصغر هذا المندق الذي دخل في قلوب الناس لا في فركة ولكن من حلفا إلى دنقلا،، والشمالية مندق وآآ مندقا ارحلت أنت حقاً أم نحن في منام وستأتينا غداً؟ ولو أن الكلمات لا تعطي ما تستحق لأنك كنت صاحب الكلمة والكلام العذب وكنت مبدعاً بمعنى الكلمة، إذ جمعت بين الصوت العذب في الغناء النوبي والشعر والأدب إضافة إلى اللغة النوبية فقد حَيّر زملاء عصره بلغته العربية الفصحى شعراً ونثراً وظهر كأحد أبرزالمبدعين والباحثين النوبيين، وبلغ عدد اُغنياته الحماسية والعاطفية والتراثية 151 أغنية نوبية أهمها ( إكون اُوتامقوجلى دلقِدُنقا جَانولى ) ( أيقا مقسيندو فيا نيرمون وونلو ) من كلمات محمد مختار عبدون رحمه الله ولنا حديث آخر و(تلو من دسيتود اون قابلسينتولو يومين نلتلق بالنق سكولو) وأغنية (بابا) وغنى لأول مرة أمام الجمهور على مسرح نادي سركمتو في عام 1970م. لقد تأثر بعشقه إلى النوبة وخاصة حلته الصغيرة (ميمنتو) بقرية فركة الوريفة ذات الطبيعة الخلابة بجزرها ونيلها وطميها وجروفها ونخيلها ونيلها ومراكبها وسواقيها وجبل ميمى كل هذه العوامل جعلته شاعراً وفناناً، و كان متديناً وخلوقاً وحسن المعشر ومتواضعاً عاش محبوباً في أوساط الجميع وكيف لا وهو من والدين صالحين إنشاء الله، فوالده إمام مسجد فركة العتيق، درس القرآن والفقه في خلاوي القولد والأزهر ووالدته فانة صالح خليل (فانة مداري) التي ربت إبنها مندق ليكون عطوفاً وخلوقاً ومتواضعاً وكان مندق محبا وعطوفاً لإخوانه وقام بمقام والدهم في تربيتهم ، مندق من مواليد عام 1949م وإلتحق بمدرسة فركة الأولية عام 1957م وكان الفنان وردي معلماً للغة العربية ويلحن الأناشيد وأثر في شخصية مندق الغنائية منذ ذلك الوقت وظهر مبدعاً ( فنان، ملحن،شاعر، خطاط، رسام، كاتب، أديب وروائي) له العديد من المقالات في المنتديات النوبية وبالأسف راحت تلك المنتديات بعد تحول الشباب إلى قروبات الواتساب التي لا تنفع لنكتب عن الراحل مندق رحمه الله رحمة واسعة ،إلتحق بمدرسة عبري الوسطى في عام 1963م إلا أنه لم يكملها لظروف خاصة وسافر إلى عطبرة بحثاً عن عمل في السكة حديد إلا أن ابن عمته محي الدين برهان مدير شئون الخدمة بالسكة حديد نصحه بالالتحاق بالسنة الرابعة وإلتحاق بمدرسة عطبرة الأهلية الوسطى وتخرج منها ولكنه للظروف المادية التحق بوظيفة إدارية بهيئة الصحة العالمية بالخرطوم ثم عمل بالادارة العامة للكهرباء والمياه وتقدم الى المعهد الفني لدراسة الخط العربي ونجح وتم قبوله بالتعليم المسائي حتى تخرج منه بدبلوم الخط العربي وهو من الأوائل في هذا المجال.سافر عام 1977م الى السعودية عبر مصر وعمل بمؤسسة دلة – القسم الطبي في عام 1980م وفي شركة المركز الطبي السعودي ثم مستشفى الهلال الأخضر في عام 1981م ثم مؤسسة المراعاة رجع مرة اخرى الى مستشفى الهلال الأخضر وعمل حتى سفره النهائي إلى أرض الوطن عام 2008م وتقديراً لدوره الفاعل في المجتمع النوبي، نظمت الجمعيات الخيرية والمجتمع المدني إحتفالية كبرى وبحضور غير مسبوق وكرمته صاي جزيرة خليل فرح وأغنية عزة في هواك تهز القاعة أثناء كلمة صاي من عباس حسن محمد علي .ومن ثم عاد إلى البلد مباشرة لأرتباطه الشديد بأرض الجدود وبدأ في الزراعة من جديد وكان حريصاً على التواصل مع أهل البلد وتشجيع الشباب بالعودة إلى الجذور والاستقرار بالبلد.. إنتهى كلامه. وفي يوم الثلاثاء 11/9/2012 م توفي إثر وفاة من كان يعزه الشاب نيازي سري بصيلي رئيس نادي فركة الرياضي شقيق نديم (أبو شروق) وكانت الفاجعة الكبرى والحزن العميق برحيلهما وبرحيله أحدث فراغاً كبيراً حتى اليوم يَصعبُ مِلئه وترك المنطقة بأثرها في حالة من اليتم، بكاه جبل ميمى كما بكاه جبل عبري بكت فركة الجريحة وحين بكت فركة بكت السكوت وعم البكاء حلفا المحس ودنقلا ولكن جزيرة صاي إهتزت وكادت أن تغرق أما أنا شخصياً يا عزيزي مندق سوف لا أنساك حتى لو نسى الآخرون مع مرور الزمن رحمك الله راحمة واسعة آمين يا رب. آمين يا رب آمين يا رب آمين يارب من مذكرات : عباس حسن محمد علي طه - مقيم بالرياض - جوال 0544676864