لقد استوقفني كثيراً ما كتبه أحد أعضاء مجموعة السائحون واسمه علي عثمان عن الحركة الشعبية وقادته وما وجده من صورة مختلفة عن تلكم المطبوعة في ذاكرتهم كحالة نمطية بسبب ما رؤج لهم آلة الحرب الدينية ، وذكرياته عن معارك الميل 40 والميل 72 إبان حملات الجهاد والاستشهاد التي ذهبوا لها في جنوب السودان كضحايا للإعلام الضلالي للجبهة الإسلامية انذاك فكان في مخيلتهم انهم سيقاتلون مجرد اوباش كفرة و عملاء قد عمدوا على تدنيس ارض الإسلام فيجب قتالهم بلا رحمة ، لأنهم في خاتمة جهادهم مؤعودون بالجنة وزيجات الشهداء بالحور العين ، لكن خاب ظنهم فوجدوا في الجانب الآخر رجال الجيش الشعبي مقاتلون أشداء يتقنون فنون وتكتيكات الحرب الحديثة يضبطهم عقيدة قتالية تحترم فيه شرف الجندية إكرام الموتى والاحتفاظ بالاسرى ، وهاهم شباب السائحون اليوم يشهدون بكل شجاعة لخصال أعدائهم في الأمس القريب بساحات الوغي .. والحركة الشعبية ترد لهم التحية بأحسن منها وتبذل قصارى جهدها لإنجاح مسعاهم للإفراج عن أسرى الحرب في الجنوب الجديد لولا تعنت أهل النظام في الخرطوم لكن جهودهم تبقى محل تقدير .. لذلك ستظل معاني الحرب والاقتتال بين السودانيين تأخذ أبعاد شتى سنرويها للأجيال المقبلة لأن الحروب المدونة في سجلات التاريخ حملت إلينا الكثير من الفظايع وغيبت فيها العقول ، ويقال أن ألزعيم النازي ادولف هتلر وفي سعيه لابتلاع اروبا قد قاد حروب الرايخ الثالث باعتماده على ثلاثة أشخاص وهم ...جوزيف جوبلز أسطورة التضليل في مجال الحرب النفسية وموسس الدعاية السياسية بلونها الرمادي وعمل على تحطيم الخصوم من الجانب الآخر ، والشخص الثاني هو هيرمان غورنغ موسس البوليس السري أو الجستابو ومهندس معسكرات العمل والاعتقال القسري لليهود ، ومن أقواله الشهيرة في تقبل الشعوب لقرارات الحرب حيث يقول غورنغ ..فإن عامة الناس لا يريدون الحرب لا في روسيا ولا انجلترا أو حتى في ألمانيا وهذا مفهوم ولكن بعد كل شي فإن قادة البلاد هم من يحددون السياسة ودائماً ما كان جر الشعوب لها أمر بسيطاً سواء كان النظام ديمقراطي أو دكتاتوري فاشي أيا كانت الشعوب لها صوت أم بلا حرية دائماً ما يمكن قيادتهم نحو إتجاهات القادة وهذا سهل جداً كل ما عليك فعله هو أن تقول لهم أنهم يتعرضون للهجوم وتهاجم دعاة السلام بقلة وطنيتهم وتعريضهم البلاد للخطر ، انتهى أقوال غورنغ الذي تجرع السم بزنزانته قبل يوم واحد من تنفيذ حكم الاعدام ضده بعد محاكمات نورمبؤرج بيد الحلفاء ، وناتي للشخص الثالث وهو هينريك هيملر منفذ خطة الحل الأخير وهي تعني الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين في معسكرات الإعتقال النازية ، وإذا عدنا لإجراء مقارنة بسيطة سنجد الكثير من أوجه الشبه ما بين النظامين النازي والإنقاذ في نسختها الأولى بعد يونيو 1989 م فكان الرائد يؤنس محمود جوبلز السودان وحامل مشاعل الحرب وخطاب التوجيه المعنوي والكراهية لشيطنة الأعداء من قادة الحركة الشعبية واغتيال شخصياتهم إعلاميا ،ً و بسبب دعايته الملوثة ذهبت كثير من الأرواح البرية من شباب المشروع الحضاري مغشوشون بفرية بركات السماء التى تتنزل عليهم بل وتقف معهم ملائكة الرحمن مصطافين لقتال قرنق وجنوده ، ثم تلاه الرائد شمس الدين فتى الثورة المدلل وقد عاث في الجنوب فساداً وافسادة ، ومعتقلات البيت الأبيض بجوبا لم تباريح مخيلة ضحاياه ، ثم اكمل الإنقاذ مسلسل جرائمه الشنيعة بأحمد هارون الذي أدخل مفردات المسح والكسح وقتل الأسرى علانية في قاموس الحرب الأهلية بين أبناء الوطن الواحد ولازالت نيرانها تستعر لتحصد الأخضر واليابس ، وخاتمة قولنا ستظل الحركة الشعبية تمد يدها بيضاء لكل من يراجع مواقفه السابقة من قوى الإسلام السياسي ويمتلك الجرأة والشجاع لقول الحقيقة رغم مرارتها كما ابتدر البعض من قادة السائحون ونثمن موقفهم هذا لأننا نعتقد بأن عليهم أن يكونوا في الجانب الصحيح من التاريخ لان الإختلاف هي في الروى وفلسفة مدارس فكرية ومواقف ناتجة عن تراكم لممارسات وايدلوجيات سياسية اضرت بقضية الوطن والمواطنة وتركت جرحاً عميقاً لدي البعض منا و يجب أن تضمد بدفع فواتير إستحقاقات السلام ورد الحقوق ونصرة المظلومين في سائر أرجاء الوطن .