مقطع فديو فاجع.. ومشَّاهِد مُقزِزِة تعكس، واقع مهزوم ومأزوم ورِذِل بثها مقطع فيديو يصور جماعة من اللأهالي تقوم بممارسة تعذيب شاب، متهم بأنه حرامي (لص) منازل .. في عام الرمادة وزمن القحط.. إنتشر في مواقع التواصل الإجتماعي السوداني المقطع السادي.. يُجسد واقع ما أتى به (هؤلاء) الذين أتو.. وما وصلنا إليه والمُستدعى من غياهب ظُلماتنا الجاهلية الغاب.. وقبحنا القابع في عقلنا المغيب.. وإدعائنا الكاذب، فقد نحجوا الطغاة.. فقدحوا زناد الفِتنة؛ ونفخوا كير الحروب وزكوا تفشي الفقر، أفشوا الفاقة.. فحصدنا الوِبال.. المشهد المؤذي لشاب في مقتبل العمر يبدوا أنه قبض عليه متهماً بسرقة منزلية فتم عقابه بالجلد بالسوط بمحاكمة غابية همجية خارج القانون، ثم وياللهول والعار تم ملأ (دُبّرِه) بالشطة حتي الموت.. المنظر مرعب وهو يترجى الرحمة ولكن لا رحيم.. وسكرة الإنتقام والتشفي السادي.
صّمتنا عاّر.. فرجتنا شنّار .. عدم تفاعلنا جُبن.. وعدم إحساسنا بإنسانية الإنسان جريمة.. هذه جريمة كاملة الأركان نُفذت بعقل جمعي سادي وغبي لا بد من عقاب.. وعقاب رادع.. خاصة وقد أوردت الأخبار موت الشاب.. قتل عمد مع سبق الإصرار.. فكان الخبر.
((لقّي شاب مّصرعه بعد تعّرضه لِلتعذيب عند القبض عليه متلبساً بالسّرقة، متأثرا بإصاباته في إحدى قُرى ولاية الجزيرة، وكانت الشُّرطة قد أسّعفت الشاب في حالة صحية سيئة بعد أن تعرض للتعذيب بـ(الشطة) إلى مستشفى سوبا الجامعي، وقال مصدر إن الأطباء قاموا بإجراء الإسعافات اللازمة للشاب بيد أنه تُوفي بعد يومين في المستشفى، وتم تحويل جثمانه للمشرحة للكشف عليه بوساطة الطب الشرعي لتحديد أسباب وفاته، وعدلت النيابة التُهمة من تسبيب الأذى الجسيم إلى القتل العمد وباشرت الشرطة تحرياتها للقبض على المتورطين في القضية))" الراكوبة 1/نوفمبر 2015"
أخذ القانون باليد جريمة .. و للأسف سنّه بعض منسوبِي الشرطة والأجهزة الأمنية، ومن رتب رفيعة.. فتفشت ثقافة العنف والتعذيب (كجن كلكي لابس عسكري) وعمت القرى والحضر.. عبر بعض منتسِبيها.
فسابقة القبض على وكيل النيابه (المناوب).. وإيداعه الحراسة (قِفل) في إيام عيد الأضحى المنصرِم مازلت أصداها تعبئة المكان.. لغرابتها وشذوذها.. وذلك أثناء أداءه لواجبه؛ و مازالت حاضرة في الذاكرة.
إذا كان هذا سلوك(البوليس).. ومع وكيل نيابه!؟ و من رتب رفيعة ماذا يفعل المواطن العادي البسيط وغمار خلق الله.
علماً بأن قصة وكيل النيابة(المناوب)وضابط الشرطة، لها صلة وثيقة بإستغلال السُلطة وأخذ القانون باليد من قبل ضابط الشرطة المعني.. وأوردها هنا حتى لا ننسى فالذكرى ناقوس يدق في عالم الحكمة والتيقظ والإحساس.
الرواية.. أبطالها الشخصية الأولى، ضابط شرطة.. برتبة عقيد (عصام الدين أحمد) الملقب (بباتيستا).. تيمناً فيما يبدوا بدكتاتور كوبا قبل الثورة.."فولغينسيو باتيستا" لقساوته، وتسلطه، وبطشه، وظلم من يوقعه حظه العاثر في طريقه.. أو بالمصارع الشهير.. لا أدري بمن شُبه.. الشاهد أنه رئس قسم شرطة أمدرمان – جنوب (الجنوبي).. والشخصية الثانية يجسدها.. ومولانا وكيل النيابة المناوب.. وأسرة بسيطة الحال أوقعها حظها العاثر في طريق "باتيستا" ضابط البوليس العقيد المذكور وقصدها مُستغلاً سلطاته بشكل سافر.
القصة كما ترويهاالأسافير.. كانت قبل عيد الأضحي المنصرم بأسبوعين وأثناء حملات الشُرطة على مروجي الخمور البلدية بمنطقة (بانت غرب - بأمدرمان).. حينها أمر العقيد (باتيستا) بحرق..(راكوبة قش) سيدة متهمة بترويج الخمور البلدية ..!!؟ "هكذا حُكم"
(الراكوبة) تقع على قطعة أرض فضاء مجاورة لمنزل أسـرة يشهد لها الجميع بحُسن الخُلق والسلوك .. فتقدم شاب وهو أحد أفراد الأسرة طالباً" بكل أدب وإحترام من (العقيد) "باتيستا"..أن لا يتم الحرق بجوار منزلهم لأنهم سيتضررون من الدخان و من مُخلفات الحريق وأن بينهم مرضى وكبار سِن .. مقترحاً" إزالة (الراكوبة) أو حرقها بعيداً" عن منزلهم .. جاء رد العقيد "باتيستا" بألفاظا" نابيه وسب وشتم وصلف أشتهر به قائلاً: " للشاب (بحرقها جوه بيتكم وكان ما عاجبك بحرقك أنت زاتك معاها)..!؟
ثم قام بالأعتداء بالضرب على الشاب بعصا كان يحملها .. قبل أن يضرم عسكر العقيد (باتيستا) النار على (الراكوبة) رغم أنف الجميع ..
تقدم (الشاب) المُعتّدى عليه ببلاغ جنائي ضد العقيد للجهات العُليا بشرطة ولاية الخرطوم .. والتي وجهت بالتحري وأخذ أقوال الشاب بقسم شرطة(المهندسين).. وبالفعل وفي يوم الثلاثاء (قبل وقفة العيد بيوم) أتصل المُتحري بقسم المهندسين طالباً" من الشاب الحُضور يوم الغد (الأربعاء).. لأخذ أقواله(يوم الوقفة).. علم (باتيستا) بأمر تّحرِيك البلاغ ضده بقسم شُرطة(المهندسين)
فأراد الحيلولة دون أتمام ذلك .. مستغلاً سلطاته لعرقلة تعطيل سير الإجراءات القضائية ضده.. وبالفعل في نهار الأربعاء (الوقفة) ..وفي خطوة إستباقيه مفاجئة وأرهابيه.. أمر عسكره بالقبض وأحضار الشاب وجميع أفراد أسرته إليه.
حيث قامت قوة من أفراد شرطة القسم الجنوبي ـ أمدرمان بمداهمة منزل أسرة الشاب والأعتداء عليهم بالضرب نساء و رجال وشباب ضرب أدى لأصابات مُتفرقه بين أفراد الأسرة المنكوبة بتجريدة "باتيستا".. منها كسر بأصبع الأم .. وهي سيدة كبيرة في السن .. ثم تم أقتيادهم جميعاً وأيداعهم (حراسة) القسم الجنوبي أمدرمان..!!؟
لم يتوقف الأمر هنا ..!! علم أحد جيران الأسرة بالواقعة.. فذهب للقسم الجنوبي مُستفسرا".. قيل له(ديل موضوعهم عند (العقيد).. توجه(الجار) بالسؤال للعقيد "باتيستا" .. عن تهمة و جرم أفراد هذه الأسرة وماهي بلاغاتهم.. وسبب أيداعهم الحراسة ولماذا تم ضربهم بهذه الوحشية جاء رد العقيد بأن أمر عسكره بحبس (الجار) نفسه..!!؟ ليرتفع عدد المحبوسين لـ 10 أشخاص .. (الأم + 3 بنات + 5 أولاد +الجار)
قضت الأسرة وجارهم.. يوم(الوقفة) وليلة وصباح العيد في (الحراسة).. بأمر العقيد (عصام الدين أحمد الصافى) - "باتيستا" ظلما" وأستبدادا" .. مارس خلالها العقيد وعسكره الترهيب والتهديد والقمع على هذه الأسرة المغلوب على أمرها .. حتى أن (الأم) طلبت الوضوء لأداء الصلاة فرد عليها العقيد (ماف ليك صلاة .. وتصلي ليه زاتو))أيضاً لم يتوقف الأمر عند هذا السقف.
ففي صباح أول أيام العيد .. حضر محامي ممثلا" عن الأسـرة .. يستفسر عن سبب القبض عليهم.. فرفض العقيد "باتيستا" التعامل مع المحامي ورد عليه (حاجزهم ساى بدون سبب ومافي إجراء والداير تعملو أعملو).. المحامي هذا هو الناجي الوحيد من الحبس من بين كل من أقترب من هذه المظلمة..!!؟
وكيل النيابة كبو حراسة.. في (القِفل) يا ما في الحبس مظاليم..!!..
من المفارقات المضحكة المبكية.. التي لا تحدث إلا في سودان (الكيزان).. لم ينج من الحبس حتى وكيل النيابة المناوب .. حينما حضر للقسم(أول أيام العيد) وطلب أوراق بلاغات الأسرة وفقاً لسلطاته المعروفة التي تعرفها (أي خالة تمارس مهنتها.. بيع الشاي أمام أي قسم شرطة أو محكمة أونيابة أو عمارة محامين).. ليجدها بلاغات (كيدية) وفارغة وغير قانونية .. فأمر بأطلاق سراحهم جميعاً".. وبالفعل فقد تم أطلاق سراح جميع أفراد الأسرة، ما عدا جارهم الشهم الذي ظل بالحبس قبل أن يخرج بالضمانة ظهر الجمعة (ثاني أيام العيد).
إنتقام "باتيستا".. "باتيستا" لايرحم.. على وزن أفلام كابوي الستينيات والسبعينيات.. (دجانقو لا يرحم).. سارتانا لا يرحم..
أمر أطلاق سراح أفراد الأسرة أغضب (العقيد) "باتيستا"..فأمر الملازم المناوب بالقسم تحت إمرته بالقبض على وكيل النيابه نفسه وإيداعه الحبس (حراسة).!!؟
متذرعاً.. بأن وكيل النيابة لا يحمل بطاقة تثبت شخصيته حينها .. رغم أنه يعرف وكيل النيابة بحكم تردده على القِسم لأداء مهّامه وفقاً للقانون.. لكنه أتخذ عدم وجود البطاقة ذريعه للنيل من وكيل النيابة أنتقاماً لذاته" منه لأفِراجه عن أفراد الأسرة المنكوبة.
ثم توالت بعدها الأحداث التي تعرفونها.. بتقدم وكيل النيابة بمظلمة لوزير العدل الذي أمر بأتخاذ الأجراءات الرسَمية ضد العقيد و المُلازم .. فتم رفع الحصانة عنهما وأخضاعهما للتحقيق .. وإيقافهما عن العمل حتى أكتمال التحقيقات.. والمحاكمة والقضية مازالت قيد النظر..!!؟ "رغم أن الكثيرين يعرفون أنه سيتم غمرها كغيرها من الكثير من المخالفات الجسام وحتي الجرائم التي يرتكبها منتفذين "
الأسرة المظلومة تقدمت ببلاغات رسمية للجهات العدلية ضد العقيد (عصام الدين أحمد الصافى - باتيستا).. مشفوعة بالمستندات وأرانيك 8 العلاجية والشــهود .. نحجم عن أيراد تفاصيلها، وتكيفها كونها تحت الأجراء.
السؤال أو الاسئلة التي تطرح نفسها بقوة..؟؟
وزير العدل.. الذي حرك الأجراءات ضد العقيد والملازم هل سينتصر لوكيل النيابة فقط .. تاركاً" هذه الأسرة تتجرع كاس الظلم لوحدها أم تشملها مظلة العدل ؟
إذا كانت بعض ضباط الشرطة وبرتب رفيعة يفترض أنهم تلقوا تدريب كافي.. وتعليم شروطي وقانوني شافي.. ونالوا دورات تدريبية وافية .. تمكنهم على الأقل من أداء واجباتهم عملهم الخدمي .. يأخذون القانون برتبهم التي تحلي أكتافهم، وبسلطاتهم وسطوتهم يدسون على الضعفاء وظلمهم يقع على الأبرياء..!! ماذا ياترى سيفعل البسطاء في ظل غياب الدولة وإهتراء مظلة القانون.. يا للعار .. إنها الشطة والموت.. وأخذ القانون بالضراع.. في ظل صراع النيابة والشرطة.