عندما يتجرأ أحد تلاميذ الشيخ الترابي ممن لا أظن أنه يفقه في الدين أكثر مما يفقهه راعي الضأن في الخلاء ويقول: (صحيحا البخاري ومسلم وكل الأحاديث - منسوفة- عندي .. الضابط هو القرآن والعقل).. ويسكت الترابي وتصمت قيادات المؤتمر الشعبي ولا تعترض على هذا المتفيقه الذي يمسك بمعوله ليهدم إحدى أهم عرى الدين وينحر الترابي من الوريد إلى الوريد فإن الأمر يحتاج إلى أكثر من مقال. ذلك كان جزءاً من حوار أجرته إحدى الصحف مع أحدهم يدعى (السجاد) قال فيه ما لا أذكر أن أحداً قبله في السودان قد هرف به أو تفوّه. لن أعتب على الصحيفة الباحثة عن الإثارة التي يمكن أن تتوسل بها إلى القراء مهما كان مصدرها بالرغم من أنه كان الأولى بها أن تستفتي (التركي) بدلاً من (المتورك)، وتسأل الأصل الذي أتى بهذه الأقوال الفقهية لا (الفريع) أو المريد الذي يردد كالببغاء ما يصدر عن شيخه، ولكني أعتب على الشيخ إبراهيم السنوسي ود. محمد الأمين خليفة وبشير آدم رحمة أو كمال عمر ويوسف لبس وغيرهم.. أعتب عليهم مسائلاً: لماذا تسمحون لكل من هب ودب بأن يعبر عن أفكار (وفتاوى) شيخكم حتى لو كان لا يجيد التعبير عنها أو حتى لو كان تعبيره سيحدث بلبلة وتشويشاً في أفهام الناس بل ويقدح في شيخكم وفي حزبكم ويصيب منه مقتلاً (وهو ما ناقص)؟ هل تسمحون لكل أحد في حزبكم بغض النظر عن مؤهلاته ومنصبه بأن يتناول الشأن السياسي ويجيب على أسئلة الصحافيين حول مواقف الحزب السياسية أم إن هناك ناطقاً رسمياً أو مفوضاً هو المخول بأن يعبر عن رأي الحزب؟ إن كان ذلك ما يحدث في الشأن السياسي الأقل شأناً فكيف بأمور تتعلق بالعقيدة وبثوابت هذا الدين مما يحتاج إلى علم غزير بل إلى أن يتصدى لها شيخكم بنفسه باعتباره محيطاً بكل دقائق تلك القضايا التي أثارها ويستطيع أن يجيب على الأسئلة المحرجة التي قد تنشأ عن تلك الآراء المثيرة للجدل؟ لذلك فإني لأطلب منكم يا ناس الشعبي أن تحترموا مشاعر المسلمين وأن تصمتوا هؤلاء المتفيقهين السائرين بفقه الترابي وآرائه وأن يقتصر الصدع بهذه الأفكار والرؤى على الشيخ الترابي بنفسه. من عجائب ما قال به هذا المغرور في غفلة من التأثير السياسي لحديثه على حزبه وشيخه إن (الترابي نبي زمانه) ثم أردف ذلك بقوله (إن الترابي شخصية استثنائية لم تتكرر منذ صدر الإسلام)! دعونا نقفز ونتناسى الأزمات السياسية التي تسبب فيها الترابي منذ أن ولج ميادين العمل السياسي بما في ذلك الحاصل اليوم ودور الترابي في الحال التي وصل إليها السودان. نعم، دعونا نتحرك إلى المجال الآخر ألا وهو الفكر.. والله لو قال بذلك الزعم عن الترابي مفكر أو فقيه أو عالم عالمي في مستوى القرضاوي أو الغنوشي لاحترمته ولتفهّمته بعد سماع الحيثيات، لكن من يهرف بهذا القول أكاد أجزم أنه لا يعي أبعاد ومضامين ما يقول. تجاوز الرجل الأئمة الأربعة بكل جلالهم وعظمتهم التي حازت على إجماع الأمة وتجاوز كل من نافحوا عن بيضة هذا الدين ودافعوا عنه أو الذين نشروه في العالم منذ الراشد عمر بن عبد العزيز ولا أريد أن أحصي أو أُبين حتى لا أقع في محظور تجاهل أي من العظماء الفاتحين أو الفقهاء الربانيين بل إن هذا المسكين تجاوز ابن تيمية وابن القيم والشهداء الأئمة حسن البنا وسيد قطب وأحمد يس.. ليته لو قرأ فقط أحد كتب ابن القيم مثل (مدارج السالكين) الذي لن أقارن بينه وبين كل كتب الترابي مجتمعة. أعلم تحفظات الترابي على بعض الأحاديث الصحيحة، وهو في ذلك لا يختلف عن بعض سابقيه مثل الشيخ محمد الغزالي، لكني لا أدري والله هل صحيح ما ذكره عن الترابي أن (له رأي في كل الأحاديث)، فإن كان الأمر كذلك فلماذا أخذ الترابي بإمامة المرأة بالرغم من أن ذلك ورد في حديث (آحاد) واحد فقط تحدث عن إمامة إحدى الصحابيات لأهل بيتها بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أجيب وأواصل غدًا بإذن الله حول هذه الجزئية وحول بعض فتاوى الترابي التي كان الأولى أن يتصدى لعرضها من يحسن طرحها ويجيب على خباياها لا ذلك المغرور الذي كان يقول الشيء وضده في تناقض أزرى به وبشيخه.