قرأت قصة هلال زاهر نسمات الخريف و الجنجويد ، احسست بان هلال هذا في قصصه يحرض علي قبائل موجودة في كردفان و دار فور منذ مئات السنين . وهذه القبائل عاملت والده المرحوم زاهر عندما كان يعمل في ديارها بكل اريحية و احترام . في اواخر خمسينات القرن الماضي كان زاهر الساداتي يعمل في ديار الذين اليوم يحيك ضدهم هلال القصص و يرميهم بكل ما هو قبيح في قصصه الخيالية و يتجرا حتي بتسميتهم المتوحشين . كان زاهر الساداتي مديد العمر و كان يحضر يوميا للنادي الذي يعج بأبناء القبائل التي يرميها هلال اليوم بالتوحش و في ذاك النادي كان زاهر يجد الاحترام و التبجيل و لهذا هو مواظب بالحضور يوميا و لا يغيب عن النادي وعلي ما اذكر انه ذكر لنا انه من قبيلة البرتي و قبل فترة قرأت مقال جاء فيه ان عائلة زاهر الساداتي التي تشمل المرحومة خالدة زاهر الطبيبة المشهورة انهم من قبيلة الفور و حسب معرفتي بغرب السودان ان اسم الساداتي غير مستوطن فيه . ارض كردفان و دار فور شهدت التعايش السلمي فيها في زمن الاستعمار و الفترة من عام 1956 الي 1989 و الاحداث النشاز التي حدثت في هذه الفترة تعد بسيطة جدا اذا ما قورنت بما يجري في غرب السودان في فترة حكم الاخوان المسلمين الذي وصل به السوء ان فصل جنوب السودان و تنازل عن اطراف السودان و انتشرت فيه معسكرات النازحين اجبارا البائسة وصار فيه التعليم تجاري و العلاج بالخياري و الفساد سمة من سمات النظام و علامة من علاماته التجارية . قدم هلال لقصته بالحديث عن الخريف المنعش الذي ينشط خلايا البدن و يبهج النفس و سار علي هذا النهج الي ان وصل الي انه كان هناك صبي و صبية جمعتهما الجيرة و رباط من احاسيس الحب النبيلة الصبي اسمه بلال و الصبية اسمها زينب و من قول بلال لزينب ( تمنيت ان انظم من حبيبات المطر عقودا زاهية تزين عنقك الجميل........ و اغوص في ماء البحر لأحمل من اللؤلؤ ما اكسو به ذراعيك و اود ان اصيح ........ بريدك يا زينب بحبك يا زينب ) و هذا كلام لا خلاف عليه مع العلم انه لا يوجد بحر في كردفان و دار فور يمكن يغوص فيه بلال لاستخراج اللؤلؤ . لكن فجأة ظهر لنا هدف هلال الذي يرمي اليه من حكيه هو دعم جماعته وشيطنة قبائل لا اظن معرفتها تغيب عنه . يظهر لنا هذا في قوله في يوم الجمعة و الناس يتأهبوا للذهاب الي الصلاة في الجامع اقتحمت البلدة شياطين مردة راكبين الجمال والخيول قتلوا جميع اهل البلدة و عملوا من الموبقات ما يبكي الارض و السماء و ما عليهما و قتلوا العشيقين و العاشق بلال حاول ان يحمي عشيقته رافعا عكازه عاليا و صاح فيه احد الغزاة المتوحشين ( هاي المكنوس فك البنية ) و اطلق عليه رصاصة اردته قتيلا و اطلق علي زينب رصاصة وقعت مضرجة بدمائها فوق جسد بلال و اطلق عليها المتوحش رصاصة ثانية و ثالثة و فاضت روحها ، ما دام المتوحش اساسا طالب بلال بفك البنية و بلال بعد ان مات من المؤكد انه فك البنية و حدثنا هلال عن ما يوحي بان زينب كانت نضرة وجميلة و حدثنا ايضا ان المتوحشين يقتلون الرجال و الصبيان و النساء العجائز و يأسرون الفتيات و الصبايا و النساء صغيرات السن و يفعلون بهم الفاحشة لماذا قتلت زينب و هي بضة و نضرة . جاء في حكي هلال الخيالي بأنه لم يبق في البلدة التي هاجمها المتوحشون إلا صبي واحد اصيب و كان في وسط جثث الاموات و عن طريقة وصلت احداث المأساة الي هلال زاهر و لا يناورني ادني شك ان ما حكي ( بضم ال ح ) من خيال هلال زاهر برواسب قديمة و مدفوعا بهوسه بأنه يساهم في دعم ما ينتمي اليهم او متأثر بما يدور حوله من جماعات لها تاريخ عداوات قديمة دفعتهم للتعاون مع الغزاة لهزيمة حكومة الخليفة عبد الله التعايشي التي سندها القبائل التي يصفها هلال بالمتوحشين . من كلمة هاي المكنوس و الجمال و الخيول نستطيع ان نحدد القبائل التي تحدث عنها هلال . هل فكر هلال وتمعن في الاسباب التي جعلت بعض العرب في كردفان ودار فور يدخلون مع جيرانهم و اخوانهم الذين عاشوا معهم لمئات السنوات في حروب و نزاعات و يتعاونوا مع حكومة الاخوان المسلمين . بعض الجماعات المتمردة احضرت السلاح من الخارج و نهبت جمال و ابقار العرب وقتلت ابناءهم و منعتهم من التحرك في الاراضي التي كانوا يرعوا فيها و البعض ادعي ان العرب اجانب جاءوا حديثا من النيجر وتشاد ويجب طردهم و لا يزال المحامي المثقف عبد الواحد محمد نور في فرنسي يطالب بطرد العرب من حواكيره و البعض يقول العرب متجولون و المتجول لا ارض له و بين ايدينا حكاية ابيي الغريبة . و هل يجوز لنا ان ندين تعاون العرب السيارة مع نظام الاخوان المسلمين و نغمض اعيننا عن تعاون التجاني ادم طاهر و ابراهيم سليمان و احمد هارون و عثمان كبر مع نظام الرجل الواحد . جبريل حسن احمد