*رياض أطفال في حي بئيس ليس بها دورات مياه صحية لا تخلو لافتاتها من مفردة (العالمية).. *شركات غير معروفة (محلياً) أضاف أصحابها - بجرأة يحسدون عليها - إلى اسمائها كلمة (عالمية).. *فريق موغل في (المحلية)- وبلا بطولات خارجية - يغني له أنصاره (حيوا الفريق العالمي).. *مهرجانات سياحة وتسوق لا أجانب فيها - ومطربها البعيو - تُطلق عليها صفة (العالمية).. *مهرجان البركل الذي شهد على فشله الجبل والنيل والنخيل - وشارلي بونيه - سُمي (العالمي).. *جامعة لم يرد اسمها ضمن الـ(500) الأفضل في العالم مُلحقٌ باسمها مفردة (العالمية).. *موسيقي مجهول عربياً وإفريقياً يعجبه أن يُقال عنه (ناقل موسيقانا لرحاب العالمية).. *(غناية دلوكة) تصرح عبر الصحف - دون أن ترمش - بأنها تريد أن تتخطى المحلية نحو (العالمية).. *ونستلف هنا لسان عادل إمام لنتساءل بدهشة (إيه حكاية العالمية اللي ماشية في البلد اليومين دول؟).. *والغريب في الأمر أن موجة العالمية هذه تنداح مع انكماش معالم بلادنا من خريطة العالم .. *وأعني الخريطة المتعلقة بالسلم والأمن والاستقرار والشفافية والديمقراطية و(السمعة).. *فنحن صرنا الآن- كما توقيتنا الزمني (المشاتر) - خارج الشبكة العالمية .. *الشيء الوحيد الذي نظهر فيه (عالمياً) - وبجدارة - هو تقارير منظمة الشفافية العالمية عن الفساد .. *فهل النزوع نحو اكتساب صفة (عالمي) هذه هو حالة نفسية تعويضية مجالها دراسات علم النفس؟.. *هل هي تداعيات لشعارات (أمريكا روسيا) و(نسود العالم) و(ومشروعنا الحضاري سينداح خارجياً)؟.. *هل هو تفاقم مرضي لحالة (تضخم الذات السودانية) التي كان يجسدها - بسخرية - مسلسل (طاش ما طاش)؟.. *هل هو شيء أشبه بجنون العظمة الذي يجعل الشخص يتخيل أنه نابليون بونابارت ؟!.. *ولعل أطرف تمظهر لـ(موضة) العالمية هذه - التي اجتاحتنا - هو ما أرجأناه لخواتيم كلمتنا اليوم .. *فقد فوجئت بكشك لبيع النشوق مكتوب عليه بخط مائل (محلات فلان للعماري العالمي).. *وصاحبه لا يدري بالطبع أن (العالم) لا يعرف شيئاً اسمه (سعوط العطرون).. *وكاتب هذه السطور قرر - منذ اللحظة - تغيير اسم زاويته ليتماشى مع توجه البلد الحضاري.. *فهي اسمها - اعتباراً من الغد - (المنطق العالمي!!).