*هنالك عبارات تكاد تكون حكراً لدول عالمنا الثالث الشمولي.. *هي حق حصري لها لا تنازعها فيه بلدان العالم الأول الديمقراطي.. *ومن العبارات هذه المتداولة بكثرة (وناقشا القضايا المشتركة بين البلدين).. *وعبارة (إن صحة الرئيس على أحسن حال ولا أساس للشائعات المغرضة).. *وعبارة (الوطن يمر بمنعطف حرج يستدعي وحدة الصف ولم الشمل ووحدة الكلمة).. *وعبارة (هنالك وفرة في السلعة الفلانية تكفي حاجة البلاد لعدة أشهر).. *ثم العبارة الشهيرة (ونحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين).. *عبارات يتداولها الشموليون- عاماً بعد عام- وكأنها نصوص مقدسة.. *ومن كثرة تكرارها هذا فقدت مفعولها بين الناس وما عادت تستوقفهم.. *بل إن عكس ما ترمي إليه العبارات هذه هو ما صار يرسخ في أذهانهم.. *فإن قيل- مثلاً- أن الرئيس بصحة جيدة علموا فوراً أنه (راقد رز).. *وإن قيل نحتفظ بحق الرد تذكروا قول الشاعر (أبشر بطول سلامة).. *وإن قيل هناك وفرة في سلعةٍ ما هُرعوا إليها قبل أن تصير (ذكرى).. *وإن قيل ناقشا القضايا المشتركة أدركوا أنها تخص معارضي النظامين.. *إنها عبارات أشبه بفيلم معاد -لأكثر من مرة- حفظ الناس أحداثه عن ظهر قلب.. *والفيلم المكرر يفقد قدرته على إحداث (الدهشة) في نفوس المشاهدين.. *خصوصاً إن كان فيلماً مملاً سخيفاً سمجاً مثل أفلام ثقيل الظل أحمد مظهر.. *وسبب كلمتنا هذه دراسة تتحدث عن تمييز الدول المتحضرة عن المتخلفة.. *وهي لا تُعنى هنا بالنواحي العسكرية وإنما السلوك الحضاري (الرسمي).. *ومفردة (رسمي) يندرج تحتها كل ما يعبر عن توجهات النظام القائم.. *سواء عبر القنوات التنفيذية أو الإعلامية أو القاعدية أو الدبلوماسية.. *وعجبت من (التعقيد) الذي لازم الدراسة بهدف إعانة المرء على التمييز.. *ثم من تجاهل حقيقة أن العالم الشمولي هو خارج دائرة التحضر أصلاً.. *وأن العالم الديمقراطي هو المتحضر وفقاً لأسس الدراسة المذكورة.. *فالأمر في غاية البساطة ولا يحتاج إلى كل (اللولوات) الكثيرة هذه.. *فقط تجول بين القنوات الفضائية (الرسمية) وأنت مستلقٍ على فراشك.. *فإن سمعت أيَّاً من العبارات أعلاه فاعلم أنك إزاء دولة متخلفة بامتياز.. *سيما التي تقول (وناقشا القضايا المشتركة !!).