الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (12) التداعيات الاقتصادية والكلفة المالية بقلم د. مصطفى يوسف الل

الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (12) التداعيات الاقتصادية والكلفة المالية بقلم د. مصطفى يوسف الل


10-22-2015, 00:55 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1445471736&rn=0


Post: #1
Title: الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (12) التداعيات الاقتصادية والكلفة المالية بقلم د. مصطفى يوسف الل
Author: مصطفى يوسف اللداوي
Date: 10-22-2015, 00:55 AM

11:55 PM Oct, 22 2015
سودانيز اون لاين
مصطفى يوسف اللداوي-فلسطين
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



انتفاضة القدس أو الانتفاضة الفلسطينية بصورةٍ عامة، كانت بالنسبة للإسرائيليين وربما لغيرهم أيضاً في الداخل والإقليم والجوار، هاجساً يقلقهم، وكابوساً يلاحقهم، وقد كانوا يسابقون الزمن، ويتحايلون على الأحداث لئلا تقع أو تنفجر، لأنهم كانوا يعلمون تداعياتها، ويعرفون نتائجها، وانعكاساتها على استقرار كيانهم وأمنهم وعلاقاتهم الخارجية، وصورتهم الإعلامية، وترابطهم الداخلي، وأنشطتهم البينية التي يلزمها الأمن والهدوء والاستقرار وطمأنينة النفس وراحة البال، ولكنهم رغم خوفهم وتحسبهم، ما كانوا يحاولون تجنبها عملياً، ولا الابتعاد عن أسبابها والقضاء على عواملها جدياً، بل كانوا بممارساتهم العدوانية القاسية المتعمدة سبباً في تفجيرها في وقتها أو تبكيرها عن أوانها.

انتفاضة القدس التي انفجرت داميةً، واتخذت السكين وسيلةً وسلاحاً وأداةً، بما فيها من رعبٍ وخوفٍ سيطر على المستوطنين والجنود معاً، وطافت وانتقلت إلى كل أرجاء فلسطين، قد ألقت بظلالها القاسية والمباشرة على الحياة الاقتصادية الإسرائيلية، وأثرت بشكلٍ أو بآخر على مختلف المرافق الخاصة والعامة، وكان لها آثارها السلبية الملموسة والمعدودة والمحسوبة، التي انعكست بصورة مباشرة على المؤسسات والمرافق والخدمات، وعلى المدخولات والنفقات، وقد أصابت بعض المرافق بالشلل الكلي، وأخرى تعطلت جزئياً، وكلاهما مع توالي الأيام يغرق وتتعمق مأساته أكثر، الأمر الذي سيجعل معافاة الاقتصاد الإسرائيلي صعبة أو متأخرة.

فقد ذكرت الصحف الإسرائيلية أن الأيام العشرة الأولى من الانتفاضة قد تسببت في صدمة الأسواق المالية الإسرائيلية، وتركتها في حالة ذهول وتخبطٍ، وأدت إلى انهيار ملحوظ في أسهم الشركات الكبرى، وقد تستمر هذه التداعيات وتتفاقم في حال استمرار الأحداث، مما سيضر الحكومة ووزارة المالية الإسرائيلية إلى تخصيص ميزانياتٍ إضافية إلى جهاز الشرطة العام، وإلى قيادة الأركان ووزارة الدفاع، التي ستكون مضطرة لاستدعاء الاحتياط، بالإضافة إلى وزارة الداخلية والأمن الداخلي، وحالة الاستنفار القصوى التي تعيشها الأجهزة الأمنية، الأمر الذي سيرهق ميزانية الدولة، وسيرفع من حالة مديونتها الداخلية والخارجية، وحاجتها إلى المساعدات الدولية، لحقن ميزانيتها، وستكون هذه الميزانيات الإضافية على حساب فعالية وحيوية المرافق الاقتصادية الأخرى، حيث يتوقع أن يتراجع مستوى الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى تراجع دخل الحكومة، وفي حال حصولها على مساعداتٍ أو قروض، فإنها ستكون مضطرة لتحويلها إلى جهاز الشرطة والجيش، ليتمكنا من مواجهة الأحداث المتصاعدة.

ونقلت الإذاعة العبرية عن مسؤول كبير في وزارة المالية الإسرائيلية قوله إن "الانتفاضة أدت إلى زيادة تكلفة المصاريف الأمنية والعسكرية بشكلٍ كبيرٍ، سيما في ظل استدعاء الآلاف من الجنود للخدمة في القدس وأرجاء الضفة الغربية، إلى جانب الحاجة إلى شراء الكثير من العتاد والتجهيزات العسكرية والأمنية اللازمة للعمل العسكري والأمني والاستخباري".

وقد سجلت دوائر الرصد الإسرائيلية انخفاضاً ملحوظاً في القطاع السياحي، حيث ألغيت مئات الرحلات، وألغيت آلاف الغرف الفندقية، خاصة تلك التي كانت مرتبطة بمدينة القدس وأماكنها الدينية، حيث لوحظ حالات إلغاء جماعية لرحلاتٍ وبرامج كانت معدة ومخطط لها قبل أشهر، ما أدى إلى إغلاق العديد من المكاتب السياحية وتعطيل الموظفين، وإلغاء التعاقدات الفنية والرياضية والثقافية، فضلاً عن توقف الخدمات المرافقة كالمطاعم والأماكن السياحية وشركات تأجير السيارات وغيرها.

يستطيع أي مراقبٍ أو متابع أن يلاحظ أن الحركة في الشوارع الإسرائيلية قد خفت كثيراً، وأن العديد من المحلات التجارية قد أغلقت أبوابها، وتراجع الإقبال على الأسواق العامة، وقل رواد المقاهي ومرتادو دور السينما والمسرح وأماكن الترفيه الأخرى، وأن الحافلات الإسرائيلية العامة قد باتت خالية من الركاب إلا قليلاً، خاصةً بعد عملية حرق عشرات الحافلات العامة وهي متوقفة في مرائبها، وهي إشاراتٌ واضحة على حالة الركود والانكماش التي يعيشها الاقتصاد الإسرائيلي.

لا تتوقف التداعيات السلبية لانتفاضة القدس على المرافق الاقتصادية المباشرة، بل امتدت آثارها لتطال قطاع التعليم، وخاصة التعليم الديني في مدينة القدس، حيث أغلقت عشرات المدارس، وغاب تلاميذها وطلابها عن مقاعد الدراسة، وبدأت بعض البلدات الإسرائيلية في تحديد ساعات الدراسة، ومتابعة حافلات نقل التلاميذ، في الوقت الذي اتخذت العائلات الإسرائيلية احتياطاتها الخاصة ومنعت أولادها من الذهاب إلى المدارس، خاصة تلك التي تتقاطع طرق الوصول إليها مع قرى وبلداتٍ فلسطينية.

وتري الخبيرة الاقتصادية الإسرائيلية إيليت نير أن الضرر الذي لحق بالأسواق الإسرائيلية نتيجة الانتفاضة، أكثر بكثير من تلك التي أصابها جراء الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ففي الحرب على غزة كان المواطن الإسرائيلي يثق في الجيش لحمايته وصد الاعتداء عنه، ومهاجمة المقاومين في أماكنهم، أما عمليات الطعن العامة، والدهس والصدم في الشوارع والطرقات، فهي تتصف بالفردية والفجائية، وليس فيها تنظيمٌ ولا إعداد مسبقٌ، ومنفذها كل فلسطيني يرغب ويقرر، ولا يوجد ضدها ضربة أمنية حاسمة ومميتة، الأمر الذي من شأنه أن يجعل من كل مواطنٍ إسرائيلي هدفاً متوقعاً وضحية ممكنة، ويبدو في وجهة نظرها أن بقعة الزيت آخذةٌ في الاتساع والتمدد.

لا أحد ينكر أن الاقتصاد الإسرائيلي مزدهر بالمقارنة مع دول المنطقة، ودول المركز الرأسمالي المتقدمة، وأنها تحقق نمواً اقتصادياً يصل إلى 5% سنوياً، ولكن الاقتصاد الإسرائيلي اقتصادٌ يوميٌ آنيٌ، يتأثر باللحظة، ويستجيب إلى المؤثرات والمعطيات الزمانية والمكانية، ولهذا فهو على الرغم من درجة النمو العالية نسبياً، فإنها قد تؤول فجأةٍ بطريقة الانكسار الحاد غير التدريجي إلى درجاتٍ دنيا، في حال استمرار الانتفاضة، وانعكاسها النفسي والمادي على المواطن الإسرائيلي.

لا ينبغي أن نقلل من حجم وأثر الانعكاسات السلبية على بنية الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة الانتفاضة المباركة، فأثرها يتجاوز الأرقام والإحصائيات، ومستوى النمو ودرجة الركود، إلى انعدام الثقة في الكيان ومستقبله، والإحساس فيه بالغربة والخوف، وفقدان الثقة في جيشه ومؤسساته الأمنية، وفرار المستثمر الأجنبي، وهروب رأس المال المحلي، ونزوع المواطنين إلى السكينة والهدوء، والكف عن البيع والشراء، والامتناع عن دفع الضرائب وأداء المستحقات، وغير ذلك مما تنتجه النفس المحطمة، والروح اليائسة، والأفق المسدود.



بيروت في 22/10/2015

https://http://http://www.facebook.com/moustafa.elleddawiwww.facebook.com/moustafa.elleddawi

mailto:[email protected]@gmail.com
أحدث المقالات

  • قط الدولة الذي صار كلباً بقلم د. فايز أبو شمالة
  • التحليل الصحيح للغزو الروسي لسورية بقلم موفق السباعي
  • متى يعقد مؤتمر الحوار الوطنى القادم ؟ بقلم عمر الشريف
  • والحقول إشتعلت .... قمحاً ووعداً وتمني بقلم صلاح الباشا
  • قبل فوات الأوان بقلم أ.د. ألون بن مئيـر
  • يمنعون أكلها في البلد ويصدرونها ليأكلها الآخرون!! بقلم فيصل الدابي/المحامي
  • على رصيف بقلم مأمون أحمد مصطفى
  • ثورات السودان والمحللون الطغاة! بقلم هاشم كرار
  • هل هناك حوجة لمحاسبة الذين أرتكبوا جرائم أنسانية لأقرار مصالحة وطنية شاملة في السودان؟
  • فوائد حزب النور الداعشىن بقلم رفيق رسمى
  • سيرا على نهج المرسلين بقلم ماهر إبراهيم جعوان
  • السيد وزير الإعلام نخالفك الرأي بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
  • الحوش الكبير !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • الشكلة بين الهلال والاتحاد (الغلبا راجلا تأدب حماتا)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي
  • بين اللقاء التحضيري وانشقاق الجبهة الثورية بقلم الطيب مصطفى
  • نهج أعوج ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • استفتاء دارفور.. هل هو مؤشر لأزمة جديدة؟! بقلم البراق النذير الوراق
  • لا يعرفون معنى الحوار..!! بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • اكتوبر جمال نشيد وخيبة شعب بقلم فيصل سعد
  • إستعادة الشعب السوداني لهيبته وكرامته بقلم عائشة حسين شريف
  • وعاد الليبرال بقوة وبإنجاز خرافي بقلم بدرالدين حسن علي
  • ملالي ايران والصهاينة صنوان في الارهاب بقلم د. حسن طوالبه
  • ما شأن قواتنا المسلحة بعاصفة الحزم! بقلم عبد الماجد بوب
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (11) خليل الرحمن لعنةٌ على العدوان بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
  • موسيقي توحد الوجدان الافريقي بشيكاغو يوم السبت
  • سفراء الاتحاد الأوروبي يدعوا لمزيد من الدعم للنازحين في ولاية النيل الأزرق
  • احمد حسين ادم و الحاج وراق فى ندوة بالجامعة الامريكية بالقاهرة بعنوان الازمة السودانية التحديات و خي
  • بيان مهم من مجلس التنسيق الأعلى لحزب الأمة القومي
  • ندوة بالامريكية عن أساس تواجد اللاجئين بمصر
  • سفير جنوب السودان في القاهرة : الحملات الأمنية المصرية لا تستهدف الجنوبيين
  • آلية لمعالجة ديون روسيا على السودان
  • بيان من الحزب الديموقراطي الليبرالي بمناسبة ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة
  • استدعاء وزراء الدفاع والداخلية والخارجية للبرلمان بشأن التمدد الإثيوبي في الفشقة
  • بيان اعتراف بالدكتور جبريل إبراهيم رئيساً للجبهة الثورية السودانية
  • الحزب الوطني الاتحادي يهنئ الشعب السوداني بذكري اكتوبر الاخضر ويدعو الاتحاديين الي مؤتمر( لم الشمل)
  • بيان من التجمع الوطني للدبلوماسيين السودانيين في الذكرى الحادية والخمسين لثورة إكتوبر المجيدة
  • الجبهة الوطنية العريضة الذكرى الـ (51) لثورة إكتوبر المجيدة
  • بيان من رئيس حركة/ جيش تحرير السودان حول الذكري ال 51 لثورة إكتوبر المجيدة
  • تعميم صحفى من حركة العدل والمساواة السودانية حول الوضع الراهن السياسى فى السودان