هذا لا يحدث إلا في الأدغال أو في السودان! بقلم عثمان محمد حسن

هذا لا يحدث إلا في الأدغال أو في السودان! بقلم عثمان محمد حسن


09-29-2015, 09:22 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1443558144&rn=1


Post: #1
Title: هذا لا يحدث إلا في الأدغال أو في السودان! بقلم عثمان محمد حسن
Author: عثمان محمد حسن
Date: 09-29-2015, 09:22 PM
Parent: #0

08:22 PM Sep, 29 2015
سودانيز اون لاين
عثمان محمد حسن-الخرطوم-السودان
مكتبتى فى سودانيزاونلاين








( اللعب) و اللامبالاة بالأشياء يستمتع بتسيب (القانون) و ( اللوائح) في الواقع السوداني اليومي.. فيسرح بلا وجل داخل أقسام الشرطة.. و السوق.. و المكاتب.. و لا يلتفت لرجال الدين الذين يلهون معه في حله و ترحاله، لكنهم ( يتشددون) حين يظهرون على شاشات التلفاز..

فارقني الضحك منذ مدة معتبرة.. لكنه عاد يتسربل الدموع و أنا أقرأ خبر ملازم الشرطة الذي اعتقل وكيل نائب عام، أول ايام عيد الاضحى، و بالقانون! و أطلت من عمق الزمن صورة البروفيسير الهندي البريطاني /باراساد، أستاذ علم الرياضيات الاقتصادية ( Econometric s) بكلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم، و هو يحدثنا عن سبب سَوقِه مع ( قطيع) الأساتذة إلى مجزرة الأساتذة الشهيرة بالجامعة في سبعينيات القرن المنصرم.. إذ قال:-
“I am an amateur economist, but a lawyer by nature. A lawyer cannot live in a jungle because jungles have no law!”
أي: " أنا اقتصادي مبتدئ، و لكني محامٍ بالفطرة، و ليس بإمكان المحامي العيش في الأدغال لأن الأدغال لا يحكمها القانون!"
لقد رددت هذه الجملة ( الحكمة) في مواقف كثيرة.. و هاهي تثبت، مرة أخرى، أن قانون الغابة هو المسيطر على السودان منذ زمن..

فقد أبلغ أحد المحامين وكيل النيابة بأن ثمة أسرة سودانية بسيطة تحت الحراسة بالقسم الجنوبي بأم درمان بأمر من السيد (العقيد) رئيس القسم.. و قد فتح العقيد ( بلاغات) جنائية فى مواجهة الأسرةالمكونة من ام و 3 بنات و 5 من الأولاد. و قد طلب وكيل النيابة من رئيس القسم تسليمه التحري- المفترض أن يكون قد قام باعداده سلفاً. و بعد أن رفض رئيس القسم تقديم التحري، بدعوى أنه لم يتم التحري مع الأسرة حتى لحظة الطلب، و أنه سوف يقوم بالتحري و إرساله في اليوم التالي لوكيل النيابة، و تظل الأسرة في الحراسة يوم العيد،!

قام الوكيل، وفق واجبه، بالتحقيق والتمحيص مع اﻻسرة من داخل الحراسة لمعرفة حقيقة اﻻمر. و طلب بعدها من المساعد ( الصول) احضار بلاغ هذه اﻻسرة ليتولى تقييمه بنفسه. فذكر المساعد بان هنالك ( العديد) من البلاغات فى مواجهة هذه اﻻسرة بناءً على ( تعليمات) صادرة من السيد العقيد.. وبعد هذه اﻻفادة طلب الوكيل من المساعد احضار ( كافة) البلاغات المتعلقة بهذه اﻻسرة، و من ثم قام باصدار قرار اﻻفراج عن اﻻسرة ( المحبوسة).. وعند شروع الوكيل فى الخروج من القسم طلب منه الملازم الدخول لمكتب الضابط . فدخل الوكيل المكتب حيث دار نقاش بينه وبين الملازم حول قانونية إحدى المواد.. ثم طلب الملازم من الوكيل ابراز بطاقة النيابة فأفاده بأنه ﻻ يحمل البطاقة حينها و أن بالإمكان مهاتفة العميد بوصفه الرجل اﻻول فى المحلية لتأكيد هوية الوكيل.. و رغم كل ما تم، اﻻ ان الملازم امر الشرطة بفتح دعوى جنائية ضد الوكيل. و من ثم اصدر تعليمات بالقبض علي الوكيل، مع أن القانون ( يمنع) القبض على اي وكيل نيابة؟

ذلك جزء من القصة التي أضحكتني حتى سالت الدموع، و أنا أقرأها في جريدة ( حريات) الإليكترونية.. و مع أنها رواية من طرف واحد.. إلا أن المجتمع السوداني صدقها و أنا معه في تصديقها.. فالحادثة ليست أولى حوادث خروج ( بعض) رجال الشرطة عن النص الذي يرسم العلاقة بين النيابة و الشرطة في ميادين العدالة.. فقد سبقت الحادثة حوادث أخرى تزاحم فيها الكثير من التعسف و استغلال السلطة ضد المواطنين و تجاوزات أخرى متراكمة.. وقائمة طويلة من اعتقالات غير قانونية ( بالقانون)!

الشرطة، في غير بلادنا، ( تحميك) و تعينك، ما استطاعت، على عدم ارتكاب أي جنحة أو جريمة أنت مقبل على ارتكابها دون قصد.. لكن ( بعض) رجال الشرطة ( هاهنا) يدفعونك دفعاً لارتكاب ما يدخلك في مواجهة مع القانون..
مشاكل أسرية بسيطة يتدخل فيها الشرطي ( البطل) مشهراً مسدس ( السلطة) في وجوه الجيران.. و يستعرض ( البطل) عضلاته أحياناً ، في يوم عقد قران ما، بزخاتٍ من الطلقات في الهواء.. و كم أصابت طلقات ( استعراض القوة) تلك بعض الضحايا في مقتل..

ربما كانت الأسرة ( المحبوسة) إحدى ضحايا تنافسٍ شرسٍ أو خصومة مع أسرة العقيد دافعها المكانة الاجتماعية بالحي- كما ذاك التنافس الذي كان بين آل عمرو بن كلثوم و آل عمرو بن هند- و الحساسيات التي غالباً ما تنشأ بسببها بين بعض الأسر.. خاصة تلك التي وجدت نفسها ( فجأة) في أعلى قمم السلطة و النعمة.. و مستجد النعمة رهين دائم لمتلازمة ( شوفوني أنا الأقوى من الجميع)!..
قد تمر الحادثة مرور غيرها من حوادث الخروج عن النص في كل المناشط الاقتصادية و القانونية و المالية و هلمجرا بالسودان عامة.. لكنها تؤشر إلى مرحلة الخطر الذي وصله ( تطبيق) القانون في السودان.. و ( المزاج) المتحكم في التعامل مع نصوصه..
إن القيم و الأخلاق تدهورا بسرعة خرافية.. و قد قدر الله لي أن أشهد ما هو أفظع من أي فعل فظيع يذبح القانون.. و هل أفظع من أن تعتلي الرشاوي مسرح ( القانون) " من غير هدوم!".. و بجرأة لا تُجارى...!؟
لقد شهدت ذلك.. و كان حال المرتشي و الراشي كما الحال بين بائع و مشترٍ.. لا إحساس بخطأ أو خطيئة بدت عليهما.. و كأن ( كل شيئ هادئ في الجبهة الغربية)! و حين يصبح الفساد و الظلم ( عادة) في المجتمع، فقل:- مع السلامة يا ناس!
و سمعت أحد المعارف و هو يتحدث، بفخر ملؤه ( براءة) شديدة، عن مبلغ دفعه لجهة عدلية كي تخفي ملف قضية رفعت ضده.. و سمعت مثل حديثه أحاديث كثيرة.. و رأيت الكثير.. و عذبني الألم على مصير البلد ( الواقع) في بيئة لا تبشر بالاشراق.. بلد خربانة من كبارا..!

أحدث المقالات

  • جامعة الفاشر والسقوط نحو الهاوية (7) بقلم د/ موس الدوم 09-29-15, 08:14 PM, مقالات سودانيزاونلاين
  • أطباؤنا نجوم .... بقلم علي يس الكنزي / جنيف سويسرا 09-29-15, 08:13 PM, علي الكنزي
  • فسبازيان اللبناني بقلم محمد رفعت الدومي 09-29-15, 08:11 PM, محمد رفعت الدومي
  • خروج ( دمحيت ) المكسب والخُسارة بقلم محمد رمضان 09-29-15, 08:07 PM, محمد رمضان
  • إعادة.. مع سبق الإصرار! بقلم هاشم كرار 09-29-15, 06:34 PM, هاشم كرار
  • الأغلبية الصامِتة : تسَاقُط الأجنحَة بقلم عاطف نواى 09-29-15, 06:28 PM, عاطف نواى
  • الحوار: أضحكي يا ركابي خمشي م فاضي!! بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 09-29-15, 06:21 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • العيد الجاب الناس .... جابنا بقلم صلاح الباشا 09-29-15, 06:15 PM, صلاح الباشا
  • امة بحاجة لعبد الناصر من جديد.. بقلم سميح خلف 09-29-15, 06:13 PM, سميح خلف
  • لابد من الحوار وإن أختلفنا ... بقلم عبدالله ادم كافي 09-29-15, 03:50 PM, عبدالله ادم كافي
  • القانون: المرحلة تتطلب تفعيل أسلحة نضال جديدة. بقلم مهندس/ الفاضل سعيد سنهوري. 09-29-15, 03:43 PM, الفاضل سعيد سنهوري
  • (المَغَابين).. حكايات النُّكران والكُفران. بقلم محمد قسم الله محمد إبراهيم 09-29-15, 03:41 PM, محمد قسم الله محمد إبراهيم
  • الكاردينال يريد هزيمة الهلال؟! بقلم كمال الهِدي 09-29-15, 03:39 PM, كمال الهدي
  • ما قبل وما بعد الكارثة الســوريّة بقلم ألون بن مئير 09-29-15, 03:37 PM, ألون بن مئير
  • قبل.. تعليب الشعب السوداني!! بقلم عثمان ميرغني 09-29-15, 02:34 PM, عثمان ميرغني
  • لا تكن خروفاً !! بقلم صلاح الدين عووضة 09-29-15, 02:29 PM, صلاح الدين عووضة
  • حضرنا ولم نجدكم..!! بقلم عبد الباقى الظافر 09-29-15, 02:27 PM, عبدالباقي الظافر
  • ديل أهلي (2) بقلم الطيب مصطفى 09-29-15, 02:25 PM, الطيب مصطفى
  • الهيئة العامة للجهل ..!! بقلم الطاهر ساتي 09-29-15, 02:22 PM, الطاهر ساتي
  • جرثومة الخلافات وسط السودانيين بقلم صلاح شعيب 09-29-15, 06:14 AM, صلاح شعيب
  • جوان ستيرلنغ ذات المائة عام 80 عاما تطارد الجنسية الكندية بقلم بدرالدين حسن علي 09-29-15, 06:10 AM, بدرالدين حسن علي
  • لماذا لاتستعرضون أحوال شعبکم؟ بقلم هناء العطار 09-29-15, 05:39 AM, مقالات سودانيزاونلاين
  • مشكلة الحج !! بقلم د. عمر القراي 09-29-15, 05:30 AM, عمر القراي
  • بقرار تاريخي : المحكمة حسمت وزارة الاوقاف!!(1/3) بقلم حيدر احمد خيرالله 09-29-15, 05:27 AM, حيدر احمد خيرالله
  • الصادق المهدي يسلط الضوء علي كواليس اعدام ضباط حركة رمضان بقلم محمد فضل علي..كندا 09-29-15, 05:26 AM, محمد فضل علي
  • الطريق للسلام والديمقراطية والعدالة والتنمية بقلم نورالدين مدني 09-29-15, 05:22 AM, نور الدين مدني