استجمامٌ قبل عيد الأضحى بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

استجمامٌ قبل عيد الأضحى بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


09-20-2015, 04:18 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1442762284&rn=0


Post: #1
Title: استجمامٌ قبل عيد الأضحى بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
Author: مصطفى يوسف اللداوي
Date: 09-20-2015, 04:18 PM

04:18 PM Sep, 20 2015
سودانيز اون لاين
مصطفى يوسف اللداوي-فلسطين
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



أليس من حقنا ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك أن نرتاح ونستجم، وأن نسترخي وننام، وأن نستبدل ثياب العمل بأخرى، فضفاضةً مريحة، زاهيةً جميلة، رسميةً أو عادية، فنأخذ قسطاً من الراحة من عناء الحياة وما نواجه، ومن كد العمل وشقاء الشغل، ومن سيل المشاكل، وهجوم التحديات، وغول الطلبات، وقائمة الاحتياجات، ومستجدات الأطفال والطلاب، ومتطلبات النساء والأزواج، وسلم الأسعار الذي لا يتوقف عن الارتفاع والصعود، ولا يعرف أبداً التراجع أو الهبوط، فلا يرحم ولا يتعاطف، إذ يشمل كل شئ، ولا يستثني الخدمات ولا الضروريات، فضلاً عن الكماليات، في جدولةٍ دائمة، حاضرةٍ لا تغيب، يحسن المسؤولون وصفها، ويكثر المستفيدون من صرفها، في الوقت الذي تجمد فيه الرواتب ولا تزيد، وتقل فيه فرص العمل وتتضاءل آفاق الوظائف، وتضيق البلاد على أهلها، ويحرم سكانها من فيض نعمها وسابغ خيراتها.

أليس من حقنا أن نرتاح من ملاحقات أصحاب الحقوق، وتهديدات الدولة ومؤسساتها، بإهمال المهمشين، واستثناء المناطق البعيدة، وقطع التيار الكهربائي، أو فصل الهاتف، والكف عن جمع القمامة، أو تسليك شبكات المجاري، أو تعبيد الطرقات وإنارة الشوارع، أو الامتناع عن تقديم الخدمات التي لا تقدم، وأن نطمئن إلى أننا لسنا بحاجةٍ إلى بذل جهودٍ ونفقاتٍ إضافية، لإصلاح شبكة المجاري، وأنابيب المياه، وخطوط الكهرباء، ودلف البيوت، ورطوبة الجدران، وهجوم الحشرات، وغزو الجرذان، وانتشار الأوبئة والأمراض، رغم أن الضرائب من أجلها تفرض وتجبى، والرسوم تحدد وتتعدد وتدفع، إلا أن شيئاً من الخدمات التي فرضت من أجلها لا تؤدى ولا تقدم.

ألسنا بحاجةٍ إلى فترة هدوء، نريح بها أجسادنا، ونهدئ نفوسنا، ونختلي بها مع أنفسنا، نراجع ما مضى، ونحاسب أنفسنا على ما أسلفنا وأخطأنا، ونعاتب ذواتنا إن قصرنا وتأخرنا، ونخطط لما سيلي من مستقبلنا، لنا أو لأجيالنا، وفق قدراتنا أو أملاً في غدٍ أفضل لأولادنا، اعتماداً على وعودٍ لا نملك إلا أن نصدقها، أو نأمل فيها، علها تصدق يوماً، وتخيب آمالنا وتتحقق، إذ أن لأجسادنا علينا حقاً يجب أن نؤديه، وعيوننا التي أصابها الذبول، وأحاطتها هالاتٌ من السواد، من حقها أن تعود نضرة، وأن تشرق وتبهج من جديد، وأن يعود إليها بريقها القديم، الذي لازمها مراحل الطفولة والصبا.

أليس من حقنا أن نأخذ إجازةً بلا همومٍ وأحزانٍ، وبلا أوجاعٍ وآلام، فنتفرغ خلالها لبيوتنا وأسرنا، ونجلس مع أطفالنا، ونبر أمهاتنا وآبائنا، ونصل أرحامنا، ونزور جيراننا ومعارفنا، نخرج ونلعب، ونجري ونلهو، ونسعد بصحبة أطفالنا وصغارنا، ونسائنا وبناتنا، ونأخذ معنا حاجياتنا وطعامنا، علنا نتخلص من هموم الحياة التي لا تتوقف، وصعاب العيش التي لا تنتهي، التي تلاحقنا كالكابوس، وتلازمنا كالظل، وتقضي علينا وتنتشر بيننا كالطاعون.

أليس من حقنا مثل غيرنا من البشر أن نأخذ إجازة، ونخطط لرحلة، ونسافر بعيداً إلى مناطق مجهولةٍ لا نعرفها، نسمع عنها ونتمنى زيارتها، ونحلم أن نتجول فيها ونستكشفها، ونأخذ في معالمها صوراً تذكارية لنا، ونترك فيها بعضاً من آمالنا وأحلامنا، ونقول لغيرنا إن عدنا ورجعنا، أننا كنا هناك، ومررنا في تلك البقاع، أم أن السياحة والزيارة حكراً على غيرنا، ومقصورةً على سوانا، فلا يحق لنا أن نستمتع بجمال بلادنا، ولا بالطبيعة الخلابة التي من الله بنا علينا، والاستمتاع بالآثار الباقية التي تؤكد أن التاريخ كان لنا، وأن الحكم كان بأيدينا، وأن العالم كله كان يدين لنا، ويخضع لحكمنا، ويقدم الولاء والعطاء لنا.

يقولون لي أنت حالم أو مخمور، أو جاهلٌ غير بصير، أو أنك كاتبٌ غرٌ صغير، ولست بالحقائق عليمٌ أو خبير، كأنك تعيش في عالمٍ آخر، وبلادٍ غير بلادنا، فهي ليست المدينة الفاضلة، ولا بلاد المن والسلوى، ولا هي أرض الحليب والعسل، ففي أرضنا لا مكان للسمر ولا للسهر، وليس فيها ساحةٌ للعب واللهو، ولا حديقةً فيها للتنزه أو استنشاق الهواء النقي، وليس فيها متسعٌ من الوقت للرحلة، ولا وفرة في المال للتسوق، ولا فائض في الصحة للعب والجري، ولا تقدير لحاجات الطفل وضروريات المرأة، ولا احترام لخصوصية أو قدسية لملكية، ولا محرمات في الأمكنة أو الأزمنة، ولا حصانة للأشخاص أو القيم.

في بلادنا لا توجد ضماناتٌ للحريات، ولا رعاية للحقوق، ولا صيانة للنصوص والحدود، ولا سمو للدساتير أو نزاهة في القضاء، ولا حق للمطالبة بالتغيير، أو السؤال للتحسين والتطوير، إنما يكفيك في هذه البلاد أن تعيش فيها قبل أن تموت، تأكل ما يكفي للعيش، وتنام على شقٍ من الأرض يكفي لتقلب الجسد، تعمل لتأكل، أو تتسول لتعيش، وأن يكون لك في بلادك حق الاعتقال مكفول، وحق الإهانة والتعذيب مضمون، فلا يحرمك مسؤول من حق زيارة السجون نزيلاً، أو الحلول في أقبية التحقيق معذباً، فهذه ميزة نبز بها المواطنين في الغرب، ونباهي أنها فقط موجودة في بلادنا، وغير متوفرة لدى غيرنا، ولا يحق لغير مواطنينا التمتع بها، أو الحصول عليها، فهي خدمةً خاصة بالعرب والمسلمين وأتباع العالم الثالث كله.

قلتَ لنا أنك ستكتب بعيداً عن السياسة، وستنأى بنفسك وبنا عنها، وأنك لن تخوض معنا في غمارها، ولن تحدثنا عن حروبها وويلاتها، وأنك ستأخذنا إلى واحةٍ فيها نستريح من وعثاء السياسة، وكآبة السياسيين، وسوء منقلب الحكام والمسؤولين، ولكنك خدعتنا وأخذتنا إلى مستنقع السياسة، ووحل العاملين فيها، ووكر المتآمرين علينا، فأوجعتنا بآمالك، وآلمتنا بأحلامك، وآيستنا من أوضاعنا، وأقلقتنا على مستقبلنا، وأكدت لنا أن السياسة معنا ومن حولنا، وأنها من فوقنا ومن تحت أقدامنا، لا تتركنا وشأننا، ولا تقبل أن تكون معنا وفي خدمتنا، وإنما تتآمر علينا، وتعمل ضدنا، وتتعامل مع عدونا علينا لتبقى وتدوم، وإلا فإنها تزول وتروح، فبقاؤها به منوطٌ، وعليه قائم.

بيروت في 20/9/2015

https://http://http://www.facebook.com/moustafa.elleddawiwww.facebook.com/moustafa.elleddawi

mailto:[email protected]@gmail.com

أحدث المقالات



  • إضاءات في تاريخ تنظيم وحدة المزارعين بمشروع الجزيرة والمناقل بقلم د. عادل علي وداعة 09-19-15, 08:29 PM, مقالات سودانيزاونلاين
  • سيادة السودان (ثمناً) لأخطاء البشير..! بقلم د. فيصل عوض حسن 09-19-15, 08:25 PM, د. فيصل عوض حسن
  • تروبادور المغنى شعر نعيم حافظ 09-19-15, 08:23 PM, نعيم حافظ
  • القبلية و العنصرية في تعيين الاساتذة و العاملين بجامعة الجنينة بقلم د. عمر يس 09-19-15, 07:07 PM, د. عمر يس
  • فبركات (الأغلبية الصامتة) وتنفيذ أجندة (فرِّق .. تسُد) بقلم عاطف نواى 09-19-15, 07:04 PM, عاطف نواى
  • أزمات السودان -2- بقلم محمد ناجي الأصم 09-19-15, 06:59 PM, محمد ناجي الأصم
  • نكتة جديدة لنج (سوداني ينتحر بسبب نكتة بايخة)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-19-15, 06:53 PM, فيصل الدابي المحامي
  • الدولة الفلسطينية وحكومة عموم فلسطين.. مراجعات بقلم سميح خلف 09-19-15, 06:52 PM, سميح خلف
  • القنبلة والقرار بقلم د. فايز أبو شمالة 09-19-15, 06:50 PM, فايز أبو شمالة
  • تغريدة (مظلوم ) على تويتر يمكن ان تغير العالم ؟!! بقلم ابوبكر القاضى 09-19-15, 06:00 PM, ابوبكر القاضى
  • صورة الإسلام في الغرب...؟؟؟ بقلم خليل محمد سليمان 09-19-15, 05:56 PM, خليل محمد سليمان
  • المبادئ الثابتة لنظام الحكم وتنظيم المجتمع : (1 ) بقلم عمر حيمري 09-19-15, 05:54 PM, عمر حيمري
  • السودان: فرص مناهضة العودة مجدداً للبند الرابع بمجلس حقوق الانسان بقلم مهندس/ الفاضل سعيد سنهوري 09-19-15, 05:52 PM, الفاضل سعيد سنهوري
  • بروف حميدة [رائع] ود. أحمد قاسم [فاشل] بقلم جمال السراج 09-19-15, 05:49 PM, جمال السراج
  • قصة التلميذ أحمد السودانيّ الأمريكيّ.. قراءة مختلفة بقلم د. حسين حسن حسين 09-19-15, 04:36 PM, حسين حسن حسين
  • لقاء غندور.. بقلم عثمان ميرغني 09-19-15, 04:30 PM, عثمان ميرغني
  • في بيتنا أجنبي .!! بقلم عبد الباقى الظافر 09-19-15, 04:27 PM, عبدالباقي الظافر
  • إستراتيجي (قال) !! بقلم صلاح الدين عووضة 09-19-15, 04:22 PM, صلاح الدين عووضة
  • المسجد الأقصى في زمن الهوان ! بقلم الطيب مصطفى 09-19-15, 04:21 PM, الطيب مصطفى
  • الاعتماد علي المجتمع الدولي وحده دافع لبقاء النظام بقلم صلاح شعيب 09-19-15, 07:08 AM, صلاح شعيب
  • آخر نكتة (العودة النهائية للمغتربين السودانيين)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-19-15, 07:05 AM, فيصل الدابي المحامي
  • هرجٌ ومرج فى " التحرير" حول التغيير المنشــــود بقلم فيصل عبد الرحمن السُحــــــيني 09-19-15, 07:04 AM, فيصل عبدالرحمن السحيني
  • قامة المفوضية القومية لحقوق الإنسان :وقيامتنا!! بقلم حيدر احمد خيرالله 09-19-15, 07:01 AM, حيدر احمد خيرالله
  • سوداني يرفض 500,000 ريال سعودي وسودانية تطالب بها! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-19-15, 07:00 AM, فيصل الدابي المحامي
  • الأقصى يسلط الأضواء على دور المغرب بقلم بقلم نقولا ناصر* 09-19-15, 06:58 AM, نقولا ناصر
  • إلى أين تقود الجبهة الثورية جماهيرها !!.. بقلم عبدالغني بريش فيوف 09-19-15, 06:56 AM, عبدالغني بريش فيوف
  • الحوار النوبي النوبي ضرورة تقتضية المشهد السياسي لراهن3/3 بقلم صديق منصور الناير 09-19-15, 03:32 AM, صديق منصور الناير
  • رسالة كندا حمى الإنتخابات الكندية !!! بقلم بدرالدين حسن علي 09-19-15, 03:28 AM, بدرالدين حسن علي
  • لا مساومة فى القضايا المصيرية .. بقلم عادل شالوكا 09-19-15, 03:26 AM, عادل شالوكا
  • هل يصبح أحمد محمد صانع الساعة ذو الأصول السودانية أول رئيس أمريكي مسلم؟؟ بقلم د/ محمد حسن فرج الله 09-19-15, 03:23 AM, محمد حسن فرج الله
  • ضمانات أبوجا لعمر البشير تظـل وهمية بقلم مصعب المشرّف 09-19-15, 01:37 AM, مصعب المشـرّف
  • السودان. حكومة ظالمة وفاسدة والشعب صابر والمستقبل مجهول, بقلم محمد نور عودو 09-19-15, 01:33 AM, محمد نور عودو
  • عمر .. و العجوز اليهودى .. ؟؟ بقلم حمد مدنى 09-19-15, 01:31 AM, حمد مدنى
  • المهدية السابقة والحالية بقلم الفاضل عباس محمد علي 09-19-15, 01:28 AM, الفاضل عباس محمد علي
  • الحوار النوبى .. النوبى !!! خيار عقلى ومثالى وأستراتيجى بقلم الاستاذ. سليم عبد الرحمن دكين-لندن- 09-19-15, 01:26 AM, سليم عبد الرحمن دكين
  • النوبيون يتحدون الصعاب بقلم أحمد دهب 09-19-15, 00:49 AM, أحمد دهب
  • علي عثمان طه و نافع علي نافع و صلاح قوش بقلم جبريل حسن احمد 09-19-15, 00:46 AM, جبريل حسن احمد
  • الحركات المسلحة بين الوعي وثقافة الاعتراض بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 09-19-15, 00:45 AM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
  • الهوية السودانية والتحديات التربوية في دول المهجر بقلم نورالدين مدني 09-19-15, 00:43 AM, نور الدين مدني
  • الخروج من المأزق بقلم كمال الهِدي 09-19-15, 00:42 AM, كمال الهدي