صرخ: " أنا غلباااااااان!".. و استشهد! بقلم عثمان محمد حسن

صرخ: " أنا غلباااااااان!".. و استشهد! بقلم عثمان محمد حسن


08-10-2015, 07:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1439231906&rn=0


Post: #1
Title: صرخ: " أنا غلباااااااان!".. و استشهد! بقلم عثمان محمد حسن
Author: عثمان محمد حسن
Date: 08-10-2015, 07:38 PM

07:38 PM Aug, 10 2015
سودانيز اون لاين
عثمان محمد حسن-الخرطوم-السودان
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



قال أنه اشترى قطعة أرض في المناطق الطرفية بمبلغ مليونين و نصف المليون جنيه قبل عقدين من الزمن.. و لم يأبه لتسجيل القطعة إلى أن نبهه أحد أبنائه أن يفعل.. حين ذهب للتسجيل، طلبت منه تسجيلات الأراضي أن يدفع مبلغ 26 مليون جنيه ( رسوم مقدم مدفوع) و مبلغ 13 مليون ( رسوم تسوية مبيعات).. ثم أردف: " أنا غلباااااااااااااان! و لم يتساءل عن ماذا يقصدون ب( مقدم مدفوع)... و لا عن أي مبيعات هي تلك التي يتوجب أن يدفع من أجلها صاغراً؟ فقط، أُغمي عليه داخل بيته و هو يروي لأبنائه ما حدث له في التسجيلات..

ماذا يريد النظام من الغلابى.. لقد أنهك قواهم البدنية و النفسية.. و لم يترك لهم أملاً في العيش الكريم.. و لا بصيص أمل في الحياة.. بل و لم يتبق للنظام إلا أن يطالبنا- نحن المضغوطين بالجبايات- بدفع دمغة تسمى دمغة دعم الميزان التجاري.. و دمغة أخرى لدعم المديونية البالغة ما يقارب الخمسين مليار.. و المزيد المزيد من المغات و الرسوم.. و أتذكر دمغة دفعتها لمحكمة العمل بالخرطوم أسموها دمغة الدفاع عن الوطن.. و بعد الدفع تساءلتُ:- أين الوطن؟

نحن ندفع و هم يأكلون ما ندفع.. و يلبسون ما يسرقون من الدفعيات.. و يستمتعون بالفارهات.. و الفلل و أربع زوجات، زوجة في كل فلة، و فلة خامسة فيها " حاجات تانية حامياني!"

يللا.. خلينا في الوجع!

إن كنت أحد القادمين لتوِّك من الماضي.. من ستينيات و سبعينيات القرن المنصرم.. و حملت أوراقك إلى إحدى الدوائر الحكومية طالباً خدمة ما الآن، متوقعاً بساطة المعاملات، و في ذهنك صورة مكتب فيه رجال و نساء يأخذون أجر عمل أدُّوه بأريحية.. فأنت واهم جداً، لأنك سوف تُفاجأ عند مكتب الاستقبال بوجه عبوس يبعث بتوقعاتك إلى دائرة اللامتوقع.. و من ثم يرسلك إلى الداخل- في تضجر- حيث تواجهك موجات من اللا مبالاة متصلة الحلقات.. و تنتظرك لوائح متخمة ببنود متفرعة الفقرات الصادمة.. و لا تكاد تفتح الموضوع حتى تصوب الأقلام أرقامَ رسومٍ يتوجب عليك دفعها قبل أن تدلي بأي شيئ عن مبتغاك.. و إن تأخرت في الدفع اليوم، لا تندهش إن أتيت في اليوم التالي و أفادوك بأن مبلغ الرسوم قد ارتفع في غياب المنطق.. منطق الأشياء.. و كل ما في المكتب ظل كما كان في اليوم السابق.. فالوجه العبوس لم يتغير.. و لا جديد اعترى اللامبالاة.. و ( الجرجرة) لا تزال تتواصل كما كانت من قبل..

يطل عليك الخسران و الأمل الخائب.. و يدحرك الأفق المسدود.. و أثناء ذلك يدخل جلباب ناصع البياض، متلفح بشال مزركش.. و عمامة تسخر بمصانع النسيج التي توقفت عن الدوران.. و يسبق ذلك كله عطر نفاذ و هاتف ذكي يفاخر بوجوده في زفة الأهميات المنبعثة من لحية ( متنفذة) جداً جداً.. و ببساطة تتحرك الأوراق بين الطاولات.. و تتحرك الأضابير بحثاً عن ورقة لازمة لإتمام الإجراءات.. تأتي الورقة.. يطبعها المدير شخصياً و يختمها.. و يخرج ( المتنفذ) بالبساطة نفسها و على سيماه علامات إنسان يعيش في دولة الرعاية العظمى.. حياة لن يقترب منها ملَكُ الموت..

و تنكفئ أنت على صباحك المتحالف مع الأسى.. فتقرر بينك و بين الألم:- " ما فيش فايدة!" و تجرجر أقدامك إلى بيتك لتدفن رأسك تحت الوسادة هرباً من الواقع المُعاش.. وقعاً مفروضاً عليك و على أمثالك..

يحدث هذا يومياً.. و تزداد الجبايات بلا منطق يقنعك بدفع المبلغ ( المرسوم) و فوقه المبلغ ( المعلوم) بنفس صاغرة.. و إن حاولت البحث عن المنطق.. تكون أنت ( مأسورة) مخرومة.. فالمنطق قد حمل كل أدواته و هاجر مع معظم الطيبين و المبدعين و الخبراء و الكفاءت و كل الهاربين في مواسم الهجرة إلى المجهول.. رعباً من جحيم ( التمكين)..

ثمة موظف ترك الخدمة و هو من ( العفِيفِين).. تركها و هاجر إلى الخليج.. جمع بعض المال و عاد إلى السودان.. إشترى قطعة أرض بمليوني و نصف مليون جنيه.. و بناها- جزئياً- بحوالي مليونين جنيه في عام 1994.. و حاول أن يستثمر ما تبقى له من مال مكتسب من المهجر.. لكن نهج ( التمكين) وضع أمامه عوائق و سدود في كل الخطوط.. و استمر يأكل من المال المدخر للاستثمار.. إلى أن وجد نفسه على قائمة ( المُتَعَفِفِين) في زمن الانكسار الحالي بعد أن طلبوا منه دفع مبلغ يناهز الأربعين مليون جنيهاً.. رسوم تسجيل قطعة أرض اشتراها بمليوني جنيه و نصف..

صرخ أخونا صرخة عادل إمام: " أنا غلباااااااااااااان!"..

و استشهد!






أحدث المقالات


  • الحركة الشعبية وقبائل التماس في الاتجاه الصحيح بقلم عبدالباقي شحتو علي 08-10-15, 04:30 PM, عبد الباقي شحتو علي ازرق
  • مُستنْقعْ التوحُش والبربريّة والسلُوك القذِرْ معلُومات أوليّة عن المُتهمِ بقلم حماد وادى سند الكرتى 08-10-15, 04:26 PM, حماد سند الكرتى
  • رداً على بيان لوردات الحرب !!! قتلة نساء واطفال النوبة بقلم الاستاذ. سليم عبد الرحمن دكي-لندن-بريط 08-10-15, 04:22 PM, سليم عبد الرحمن دكين
  • اوسلو وفئة البدون في فلسطين بقلم سميح خلف 08-10-15, 04:18 PM, سميح خلف
  • المتسع و المضيق بقلم بدوي تاجو 08-10-15, 04:16 PM, بدوي تاجو
  • الى متى نحن موعودون بالمزيد من المعاناة ؟ بقلم د. عمر بادي 08-10-15, 02:56 PM, د. عمر بادي
  • السيد عبد الرحمن لم يخطئ في الاتصال باسرائل بقلم شوقي بدرى 08-10-15, 02:54 PM, شوقي بدرى
  • أضواء على مطار الخرطوم الجديد2 بقلم محجوب أبوعنجة أبوراس 08-10-15, 02:53 PM, محجوب أبوعنجة أبوراس
  • العمل من الحبة (قبة)..!! بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 08-10-15, 02:50 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • مصطفى سرى وعدم الإنضباط المهنى عادل شالوكا 08-10-15, 02:49 PM, عادل شالوكا
  • ولن أكون ماركسياً في المرة القادمة بقلم عبد الله علي إبراهيم 08-10-15, 06:14 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • صدقا هل الحضارة الإسلامية حضارة نقلية أم مبتدِّعة ؟(1) بقلم محمد علي طه الملك 08-10-15, 06:09 AM, محمد علي طه الملك
  • يا أبناء عد الفرسان اتحدوا وأعيدوا الطريق الى داخل مدينتكم وسوقها بقلم عبد الله أبو أحمد 08-10-15, 06:07 AM, مقالات سودانيزاونلاين
  • مناشدة من الحركة الشعبية لتحرير السودان للأهل الجموعية والهواوير وكل زعماء القبائل بقلم مبارك أردول 08-10-15, 06:05 AM, مبارك عبدالرحمن أردول
  • كتاب جديد بقلم أبكر محمد أبوالبشر مانشستر، المملكة المتحدة 08-09-15, 11:31 PM, مقالات سودانيزاونلاين
  • عندما تبخر الحلم المصري في قناة جونقلي.. بقلم خليل محمد سليمان 08-09-15, 11:29 PM, خليل محمد سليمان
  • للإسهام في بناء مستقبل أفضل بقلم نورالدين مدني 08-09-15, 11:27 PM, نور الدين مدني
  • الحضور المسيحي في المغرب الكبير (ج1) و(ج2) بقلم عزالدّين عناية∗ 08-09-15, 11:25 PM, عزالدّين عناية