فهم مغلوط لمعنى التفضيل ظلموا المرأة بسببه بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان

فهم مغلوط لمعنى التفضيل ظلموا المرأة بسببه بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان


06-24-2015, 10:08 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1435136926&rn=0


Post: #1
Title: فهم مغلوط لمعنى التفضيل ظلموا المرأة بسببه بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان
Author: الريح عبد القادر محمد عثمان
Date: 06-24-2015, 10:08 AM

ثمة رجال كثيرون من بيننا تجد الواحد منهم، لكونه ذكرا، متأكداً من أنه أفضل من أخته المرأة.
وهذه من أشد الكوارث في سوء الفهم للدين وللقرآن.
ومرد هذا الفهم المغلوط كِبْرُ في النفس لا تبلغه ولن تبلغه.
لقد فهم هؤلاء، اغترارا، أن الدين يفضلهم على المرأة.
ألا فليعلموا أن النفس المتواضعة لا تفهم التفضيل هذا الفهم، وتأبى أن تترفع على الآخرين وتزدريهم لأي سبب، مهما كان ذلك السبب، حتى لو كان الدين والعقيدة، ناهيك عن الأسباب البائسة الهالكة من جنسٍ وجنسبة ونوع ولون بشرة ومال ومنصب وخلاف ذلك من أمور الدنيا التي لا يقيم لها الله وزنا.
هذا النوع من الفهم لا نجد له مسوغاً إذا استندنا إلى الأساس الذي يقوم عليه الدين، وما أساس الدين إلا التواضع والمذلة لرب العباد والإسلام له.
أيها الناس، إن معيار الفضل بين الناس عند صاحب الأفضال، يوم تفض الأختام عن الأعمال، وتوزن الذرات بالقسط أما الكبير المتعال. اما إذا أحسسنا في دنيانا هذه بأن لنا فضلاً وقدراً على الناس، فكيف نطمع أن يكون لنا فضل وقدر من الله يوم القيامة؟
والطريف أن هذا الفهم لا نجد له من السوابق ألا ما جادت به تخيلات الشعراء:
ولو كان النساء كمن فقدنا *** لفُضِّلتِ النساءُ على الرجالِ
نفهم من قول الشاعر هذا أن الرجال أفضل من النساء! ولكنْ عزاؤنا أننا نُهينا أن نكون من الغاويين فنتبع خيالات الشعراء، وإن كانوا بصيتِ المتنبئ.
ولعل من مصادر هذا الفهم المغلوط فهم مغلوط آخر لسجود الملائكة يوم خلق آدم.
إن الملائكة سجدوا لله لخلقه آدم، ولم يسجدوا لشخص آدم.
اللام في قوله تعالى "اسجدوا لآدم" هي لام الخصوص والشأن وليس لام المباشرة.
لام المباشرة هي التي نجدها في قوله تعالى: "قال الذين كفروا للذين آمنوا: أنحن صددناكم"، ففي هذه الآية خاطب الكفار المؤمنين خطاباً مباشرا.
أما لام الخصوص والشأن فنجدها في قوله تعالى: "قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِين"، فاللام في عبارة قال الذين كفروا للحق، ليست لام الخطاب المباشر، بل المقصود قالوا بخصوص الحق أو بشأنه أنه سحر مبين.
واستعمال لام الخصوص أو الشأن شائع في القرآن القرآن في مقابل لام المباشرة، فلا حاجة للمزيد من الشواهد.
وهنا أيضاً فهم شاعر آخر معنى السجود فهماً خاطئاً فمجّد الشيطان في قصيدة له مشهورة لأنه "قال لا في وجه من قالوا نعم"، وما درى الشاعر المسكين، الآخر، أن الشيطان إنما قال لا رافضاً السجود لخالقه وليس لآدم.
نعود لإخواننا الذين يظنون ظناً آثماً أن الرجل منهم أفضل من المرأة، لنسأل أحدهم - لماذا أنت أفضل من أختك المرأة؟ فإن قال أنا أفضل بالقوامة والحكم والولاية، فقل له إن القوامة والحكم والولاية تكليف ومسؤولية وابتلاء واختبار لك، وليس تشريفاً لك، فإما تنجح فيها فتنال الثواب وإما أن تفشل فتنال العقاب. وإنْ أخذنا بمنطق التفضيل بالقوامة والحكم والولاية فسوف يكون معنى ذلك أن الملوك والروؤساء، كلهم، أفضل من غيرهم من المساكين والفقراء المحكومين؛ وبالتالي يصبح فرعون، فرعون موسى وغيره من فراعنة الزمن الغابر والزمن الحاضر، أفضل من بني قومه ومواطنيه طُراً؛ وإنْ قال إنه أفضل من المرأة بالميراث، إذ له مثل حظ الأنثيين، فقل له إذن فأنت أفضل بالمال، وبالتالي فكل من زاد عليك في المال أفضل منك مطلقاً؛ وإنْ قال إنه أفضل بالقوة الجسدية، فقل له إن الثيران والحميران والبغال أقوى من بنى البشر، فما رأيك؟ وإن قال إنه أفضل بالشهادة لأن شهادته تعدل مثلي شهادة المرأة، فقل له إن الشهادة، شأنها القوامة والولاية والحكم، مسؤوليةٌ وابتلاء ومحك، فكيف تفتخر بها؟ ثم إن المرأة تشهد في مجالات لا تشهد فيها أنت، فكيف تبرر ذلك؟
إن اعتقاد بعض الرجال، أو الكثيرين منهم للأسف، بفضلهم على المرأة كبرٌ وعجبُ وتزكية للنفس، والله لا يحب كل مختال فخور، فالفخر كله حرام، بلا استثناء، لأنه كِبر، والكبر، لمن لا يعلم، هو الشرك الأكبر.
باختصار: أيما رجل اعتقد أنه أفضل من المرأة، أو من أي شخص، فقد تكبر، وذرة من التكبر تودي بصاحبها إلى النار، والكبرياء رداء الله والعظمة إزاره ومن نازعه فيهما قصمه لا يبالي..
وأخيراً، هناك فهم قاصر للغة العربية: عبارة "فضّل الله عبداً من عباده" معناها رزقه وأعطاه ما لم يعط عباده الآخرين، وليس المقصود التفضيل المطلق (وهذا معنى تفضيل بني إسرائيل). وعندما يقول المولى عز وجل في سورة الإسراء: "ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض" فالمعنى المقصود أنه أعطى كل واحد من النبيين ما لم يعطه للآخرين، والدليل على ذلك أن تتمة الآية هو "وآتينا داؤود زبورا"، فالله أعطى الزبور لداؤود والتوراة لموسى والإنجيل لعيسى والقرآن لمحمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام. إذن فالفعل "فضّل" معناه: أعطى أحداً دون الآخرين، وليس معناه التفضيل المطلق. ونسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا ويهدينا سواء السبيل، ويرزقنا التواضع، فالتواضع هو الشفاء لنفوسنا العليلة. .


أحدث المقالات

  • وآفته من الفهم السقيم ..!! كتبها د.عارف عوض الركابي 06-23-15, 01:08 AM, عارف عوض الركابي
  • خيارات الحقيقة والمصالحة - هل تصلح للحالة السياسية السودانية الراهنة؟ بقلم د. عيسي حمودة 06-23-15, 01:06 AM, عيسي حمودة
  • طلب ادراج التعليم في ولاية شمال كرفان في نفير نهضة وتنمية الولاية بقلم ايليا أرومي كوكو 06-23-15, 01:00 AM, ايليا أرومي كوكو
  • وحل الجهوية.. بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 06-23-15, 00:58 AM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • يجب على الولايات المتحدة أن تكفّ عن تمكين إسرائيل بقلم أ.د. ألون بن مئيـــــــــــــــــــر 06-23-15, 00:56 AM, ألون بن مئير
  • لا نريد حكومة تنظيمات فلسطينية بقلم د. فايز أبو شمالة 06-23-15, 00:53 AM, فايز أبو شمالة
  • ماهر جعوان /يكتب/ جنة بلا ثمن 06-23-15, 00:52 AM, ماهر إبراهيم جعوان
  • مبروك لجنوب السودان وعقبال لشمال السودان بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-23-15, 00:28 AM, فيصل الدابي المحامي
  • الرسوم الدراسية الباهظة لماذا؟ بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 06-23-15, 00:26 AM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • الافارقه .. أنصر أخاك بقلم / طه أحمد أبوالقاسم 06-23-15, 00:23 AM, طه أحمد ابوالقاسم
  • المحكمة الجنائية الدولية : أحداث جنوب أفريقيا ووهم العدالة بقلم محمود محمد ياسين 06-23-15, 00:21 AM, محمود محمد ياسين
  • نأكل مما (نقلع) أو حكاية الزعيم والتلفزيون والكهرباء ! بقلم أحمد الملك 06-23-15, 00:19 AM, أحمد الملك
  • من أجل أبنائنا وبناتنا وبهم/ن ومعهم/ن بقلم نورالدين مدني 06-22-15, 11:42 PM, نور الدين مدني
  • السمات المشتركة بين السودانيين ما قبل كوش الألف الرابع ق م - 1 حضارات السودان المبكرة في الألف الرا 06-22-15, 11:40 PM, احمد الياس حسين
  • في الوطن البديل لماذا لن نترك الأثر بقلم طه تبن 06-22-15, 11:37 PM, طه تبن
  • الإسلاميون يقولون والواقع يكذّب !! بقلم حيدر احمد خيرالله 06-22-15, 11:32 PM, حيدر احمد خيرالله
  • نحو حساسية (1976): درب العشق ساهل ودرب الوصال صعبان بقلم عبد الله علي إبراهيم 06-22-15, 11:31 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • نكتة سودانية جديدة لنج (صايم تحت التمرين) بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-22-15, 10:08 PM, فيصل الدابي المحامي
  • جداريات رمضانية (4) بقلم عماد البليك 06-22-15, 10:04 PM, عماد البليك
  • مجلس وزراء مصغر..!! بقلم عبدالباقي الظافر 06-22-15, 10:02 PM, عبدالباقي الظافر