الأسرى في المفهوم الأمني الإسرائيلي 1/2 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

الأسرى في المفهوم الأمني الإسرائيلي 1/2 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي


05-15-2015, 09:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1431721265&rn=0


Post: #1
Title: الأسرى في المفهوم الأمني الإسرائيلي 1/2 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
Author: مصطفى يوسف اللداوي
Date: 05-15-2015, 09:21 PM

09:21 PM May, 15 2015
سودانيز اون لاين
مصطفى يوسف اللداوي-فلسطين
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



استقر في "العقل الإسرائيلي" أن الوسيلة الأفضل والأكثر ضمانة لتحقيق أمن كيانهم واستقراره هي قتل الآخر، أو استرقاقه بنزع حريته، وحبس نفسه، وتقييد إرادته، وتغييبه أو نفيه، وإهانته وإهدار كرامته، وحرمانه من كثيرٍ من حقوقه، ليغدو عبداً ذليلاً ضعيفاً خانعاً تابعاً لهم، منفذاً لسياستهم، وغير قادرٍ على مواجهتهم أو مقاومتهم أو الاعتراض عليهم، وبذا يتحقق جزءٌ هامٌ من استراتيجيتهم الأمنية.
لما كان قتل الأسرى متعذراً، وإن كان ينفذ ولكن ليس على نطاقٍ واسع، وسيلةً صعبة، وتشريعاً له نتائج سلبية، وآثارٌ وتداعياتٌ خطيرة، فقد لجأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى السجن والاعتقال طويل الأمد، والتعذيب الشديد وهدر الكرامة والإساءة إلى المعتقلين لضمان عدم قيامهم بتهديد أمنها، فكان التعذيب المفضي إلى الموت أحياناً هو الوسيلة الأنجع لدى "الإسرائيليين" لضمان أمنهم، والحصول على معلوماتٍ تقيهم الأخطار، ذلك أنهم يعتبرون أن المعتقلين هم القطاع الأكبر والأهم والأقرب إليهم، والأيسر بالنسبة لهم، للحصول على المعلومات، ويرون أنهم يملكون دوماً معلوماتٍ جديدة وحساسة، يحصلون عليها بطرقٍ مختلفة، وهي تؤثر على أمنهم تأثيراً مباشراً.
لهذا فقد وسعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من دائرة الاعتقال، حتى فاق عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية على مدى سنوات الاحتلال أكثر من مليون معتقلاً، بعضهم أعتقل أكثر من مرة، وقد منحت السلطات العسكرية لقادة وضباط المناطق بالإضافة إلى الجنود والدوريات حق الاعتقال، دون الاستناد إلى حوادث معينة تجيز الاعتقال وتسمح به، إذ أن بعض الجنود يعتقلون أشخاصاً بسبب أشكالهم، أو رداً على كلامهم، أو غضباً من اجاباتهم، أو دون أي أسبابٍ تذكر، بل كانت قوانينهم استنسابية، وتشريعاتهم آنية، تخضع للمصلحة وتنشأ في ذات اللحظة، وتعطي العسكريين كامل الحق في اتخاذ وتنفيذ القرارات.
لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي فوجئت أن الاعتقال لا يضعف نفس الفلسطيني، ولا يفت في عضده، ولا يوهن عزمه، ولا يقلل من فعله، ولا يدفعه نحو الخوف أو الجبن، بل إن الفلسطينيين يتباهون باعتقالهم، ويرفعون الرأس عالياً في سجونهم، بدليل أن بعضهم يعتقل مراتٍ عديدة، ولا يتوب ولا يندم وفق الفهم الإسرائيلي، ولا يتعلم الأخ من أخيه ولا من قريبه، ولا يتعظ من جاره وصديقه، بل تزيد منافساتهم، وتتضاعف جهودهم، وتكثر عملياتهم، وهو ما يغيظ الإسرائيليين ويزعجهم، فهم يريدون أن يقتلوا عند الفلسطينيين المقولة العربية الشهيرة "أن السجن للرجال"، ليتمكنوا من خلال سجنهم من تحقيق مآربهم، والوصول إلى غاياتهم، وهي غاياتٌ دنيئة، لكن الوصول إليها غدا بالنسبة لهم أمراً صعباً أو مستحيلاً.
الإسرائيليون يتخوفون من الأسرى والمعتقلين ويحتاطون منهم، إذ أن الشكل التي تتم فيه عملية الاعتقال، والحشود الضخمة من الجنود وقوات الجيش التي ترافق ضباط المخابرات الذين يقومون بتنفيذ عملية الاعتقال، والإجراءات الأمنية المشددة جداً التي تتخذها "القوات الإسرائيلية" حول وفي محيط منازل المقصودين بالاعتقال، إذ يطوقون محيط البيت حتى مسافاتٍ طويلة، فضلاً عن الطريقة التي يتعامل بها الجنود مع المعتقل المكبل بالقيود من الخلف، والمعصوبة عيونه، تدل على مدى الخوف الذي يسكنهم منه، وإن كان مكبلاً ومقيداً ومحاطاً بأعدادٍ كبيرة من الجنود والحراس، فهو يخيفهم وإن كان في الأغلال، ويرعبهم وإن كان خلف قضبانٍ حديدة، وجدرٍ اسمنتية، وأبوابٍ حديديةٍ سميكةٍ صدئة، ذات أقفالٍ ومفاتيح عديدة.
تكثف "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية" بعد اتمام الاعتقالات التي لا تتوقف، استجوابها وتحقيقها مع الأسرى والمعتقلين، القدامى والمستجدين، بحجة الحصول منهم على معلوماتٍ أمنية، وهي تصنف المعتقلين وتعرفهم، وتصف بعضهم بأنهم قنابل موقوتة، وذلك بالإشارة إلى حجم وخطورة المعلومات التي يمتلكونها، والتي في حال عدم الحصول عليها فإنها تعني تنفيذ عمليات عسكرية ضد مصالحهم، لكنها تستطيع من خلال التحقيق والحصول على معلوماتٍ من المعتقلين افشالها أو تطويقها والتخفيف من آثارها، ولهذا فهي تجيز استخدام القوة في التحقيق معهم، وتسمح قوانينها باستخدام وسائل التعذيب القاسية ضدهم، ومنها الهز العنيف الذي أقرته المحكمة العليا الإسرائيلية، وقد بررت ذلك لأجهزتها الأمنية، لأنها تسابق الزمن في التحقيق مع المعتقلين الخطرين لإحباط عملياتٍ إرهابية متوقعة.
كما تلجأ سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى اختطاف فلسطينيين ولبنانيين، وذلك بعد أعمال مراقبة ورصد دقيقة وطويلة، وعندما يصبح المختطفون بين أيدي أجهزة "المخابرات الإسرائيلية"، فإنها تجري معهم عملياتِ تحقيق قاسية وسريعة، وتستخدم ضدهم وسائل تعذيب خاصة جسدية ونفسية، لتتمكن من الحصول منهم بسرعة على المعلومات التي تريدها، قبل أن تطلق سراحهم أو تقرر الاحتفاظ بهم ومحاكمتهم.
"إسرائيل" ترى أن أمنها يقوم على استمرار عمليات الاعتقال، ومواصلة الاختطاف، وتكثيف عمليات التحقيق وتطويرها، لأن الأسرى بزعمهم بما يملكون من معلوماتٍ وأسرار، فإنهم يشكلون ركناً أساسياً من أركان المفهوم "الأمني الإسرائيلي"، وبغير هذه الوسيلة فإن استقرارهم الأمني يضطرب.
يندرج الاعتقال في "المفهوم الأمني الإسرائيلي" تحت مفهوم الإنذار المبكر، حيث تقوم "النظرية الأمنية الإسرائيلية" على ثلاثية " الردع والإنذار والحسم"، والاعتقال وفقاً لمفهومهم الأمني يندرج تحت فهم الإنذار المبكر، إذ أن من شأن الاعتقال أن يمكّن "المخابرات الإسرائيلية" من الحصول على معلوماتٍ مختلفة قد تساهم في توفير "الأمن الإسرائيلي المنشود"، أو تساعد في منع وقوع عملياتٍ عسكرية، حيث أن بعض أطراف الخلايا المتهمة بالتخطيط والإعداد قيد الأسر والاعتقال، وهو الأمر الذي ييسر على "المخابرات الإسرائيلية" الحصول على المزيد من المعلومات لإحباط أي عملياتٍ عسكرية أو أمنية محتملة.
يؤكد هذا الاتجاه قيام "مسؤولين أمنيين إسرائيليين" كبار، بمشاركة شخصياتٍ سياسية وأخرى لها علاقة باتخاذ "القرار الإسرائيلي"، بمتابعة أو الاشتراك في التحقيق مع الأسرى والمعتقلين، للتعرف منهم على حقيقة المواقف والنوايا، ودراسة الأبعاد والمخاطر والنتائج المحتملة، فضلاً عن التركيز على نوعية المعلومات التي يتطلعون إلى الحصول عليها، وقد شارك في بعضها وزراء "الدفاع الإسرائيليين"، ورؤساء أركان الجيش، وقادة وضباط عسكريون كبار، فضلاً عن مختصين في علم النفس والاجتماع وغيره.
مضت "الحكومات الإسرائيلية" في تطبيق هذه الرؤية الأمنية وطورتها، وساعدها على ذلك صمتُ المجتمع الدولي، وعجزه عن محاسبتها، أو منعها من ممارسة التعذيب ضد السكان المدنيين الفلسطينيين وغيرهم، ممن يصنفون بأنهم سكانٌ تحت الاحتلال، ويخضعون بموجب القانون الدولي إلى بنود اتفاقيات جنيف الدولية التي ترعاهم وتضمن سلامتهم، فضلاً عن القوانين والمعاهدات الدولية الأخرى التي تلحظ حقوق أسرى الحروب، ومعتقلي الشعوب الخاضعة للاحتلال.
يتبع ....

بيروت في 14/5/2015
https://http://http://www.facebook.com/moustafa.elleddawiwww.facebook.com/moustafa.elleddawi
mailto:[email protected]@gmail.com


أحدث المقالات
  • جنتلمان الصحافة السودانية بقلم عبدالله علقم 05-15-15, 09:09 PM, عبدالله علقم
  • الحركة الإسلامية السودانية:بعد أن شيعها دكتور الأفندى لمثواها الأخير،ياتُرى أين سُتقَام سرادق العزاء 05-15-15, 02:22 PM, يوسف الطيب محمد توم
  • يا دكتور عبد الوهاب: الصقر إن وقع كتر البتابت عيب بقلم سعيد محمد عدنان – لندن 05-15-15, 02:10 PM, سعيد محمد عدنان
  • ظاهره الفراشه ورأس جبل الجليد ( دراسه تحليله لانتخابات ٢٠١٥) بقلم د. خالد السر البشير 05-15-15, 01:50 PM, خالد السر البشير
  • نكتة سودانية قوية جداً عن الفلس والمفلسين! بقلم فيصل الدابي/المحامي 05-15-15, 01:48 PM, فيصل الدابي المحامي
  • أبناء دارفور..(كشة)عنصّرية..وتصفيات جسَّدية..!! بقلم عبدالوهاب الأنصاري 05-15-15, 01:46 PM, عبد الوهاب الأنصاري
  • مراجعات لغواصات الأخوان المسلمين العدو المندس و الثورة المضادة في العمل السياسي السوداني 05-15-15, 01:39 PM, بدوي تاجو
  • الواقع الأبدي بقلم عماد البليك 05-15-15, 12:51 PM, عماد البليك
  • وقفات مع المحتفلين بليلة السابع والعشرين من شهر رجب كتبها : د.عارف عوض الركابي 05-15-15, 12:49 PM, عارف عوض الركابي
  • من هم الصوفية ؟ بقلم الكاتب الصحفى عثمان الطاهر المجمر طه / لندن 05-15-15, 12:42 PM, عثمان الطاهر المجمر طه
  • الذاكرة و السياسة علاقة مليئة بالجدل بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 05-15-15, 12:32 PM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
  • جمهورية الفلس الديمقراطية! بقلم مذكرات زول ساي/ فيصل الدابي/المحامي 05-15-15, 12:28 PM, فيصل الدابي المحامي
  • أنهض ياشعب ألآنقسنا والبرونو ! شعر نعيم حافظ 05-15-15, 04:58 AM, نعيم حافظ
  • حساب مفوضية حزب البشير للإنتخابات خُمس مُشكل. بقلم أمين محمَّد إبراهيم 05-15-15, 04:55 AM, أمين محمَد إبراهيم
  • هل بالإمكان محاسبة السلطات السعودية عن جرائمها في اليمن دوليا؟ بقلم جميل عودة/مركز آدم للدفاع عن الح 05-15-15, 04:49 AM, مقالات سودانيزاونلاين
  • مسادير فى رثاء عبدالله حماد ................................... بقلم سهيل احمد الارباب 05-15-15, 04:46 AM, سهيل احمد الارباب
  • الإقليم السني في العراق، حاجة أمريكية تركية خليجية بقلم حمد جاسم محمد/مركز الفرات للتنمية والدراسات 05-15-15, 04:41 AM, مقالات سودانيزاونلاين
  • شيوعي يا إسحاق!! بقلم صلاح الدين عووضة 05-15-15, 03:18 AM, صلاح الدين عووضة
  • المعاليا والرزيقات.. المأساة المنسية! بقلم الطيب مصطفى 05-15-15, 03:16 AM, الطيب مصطفى
  • الـ(بدون) الجُدد..!! بقلم عبدالباقي الظافر 05-15-15, 03:15 AM, عبدالباقي الظافر
  • مهمة شخصية جداً..!! بقلم عثمان ميرغني 05-15-15, 03:14 AM, عثمان ميرغني
  • هشاشة عظام ..!! بقلم الطاهر ساتي 05-15-15, 03:10 AM, الطاهر ساتي
  • هذا يكفيني ,, انا سوداني !!!! انا سوداني !! بقلم عبدالباقي شحتو علي ازرق 05-14-15, 10:16 PM, عبد الباقي شحتو علي ازرق
  • نحن والردى فى السودان الكليم! بقلم الفاضل محمد رفعت الدومي 05-14-15, 10:12 PM, محمد رفعت الدومي
  • نحن والردى فى السودان الكليم! بقلم الفاضل عباس محمد علي 05-14-15, 10:07 PM, الفاضل عباس محمد علي
  • درس مهم لقادتنا السياسيين من إنتخابات بريطانيا بقلم بابكر فيصل بابكر 05-14-15, 10:03 PM, بابكر فيصل بابكر