الانتخابات البريطانية وهزيمة الليبراليين : الأسباب والنتائج بقلم عادل عبد العاطي

الانتخابات البريطانية وهزيمة الليبراليين : الأسباب والنتائج بقلم عادل عبد العاطي


05-11-2015, 05:40 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1431362436&rn=0


Post: #1
Title: الانتخابات البريطانية وهزيمة الليبراليين : الأسباب والنتائج بقلم عادل عبد العاطي
Author: عادل عبد العاطي
Date: 05-11-2015, 05:40 PM

05:40 PM May, 11 2015
سودانيز اون لاين
عادل عبد العاطي-
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



جاءت نتيجة الانتخابات البريطانية والتي جرت يوم الخميس 7 مايو 2015 بفوز المحافظين والقوميين الاسكتلنديين وهزيمة الاحزاب الاخرى ؛ حيث حصل حزب المحافظين بقيادة دافيد كاميرون على 331 مقعدا في مجلس العموم بنسبة 51% من مقاعد البرلمان وحصل حزب العمال بقيادة اد ميلبراند على 232 مقعدا بنسبة 36% والحزب القومي الاسكتلندي بقيادة نيكولا ستورغيون على 51 مقعدا بنسبة 9% وحزب الديمقراطيين الاحرار بقيادة نك كليغ على 8 مقاعد بنسبة 1% والحزب الديمقراطي الوحدوي ( من ايرلندا الشمالية) بقيادة بيتر روبينسون على 8 مقاعد بنسبة 1% .
وفي حين حقق المحافظون فوزا غير متوقعا واصبح بامكانهم تشكيل الحكومة منفردين؛ فقد حظي حلفائهم في الحكومة السابقة وهم حزب الديمقراطيون الأحرار او الليبراليون بهزيمة ساحقة حيث تراجعوا عن وزنهم السابق في الانتخابات السابقة والتي كانوا قد حصلوا فيها على 23% من الاصوات و56 نائبا في مجلس العموم. وقد اعتبر المحللون وقتها تلك النتيجة فوزا باهرا لليبراليين وعبرت عن اتجاه التغيير في الحياة السياسية البريطانية المهيمن عليها من قبل حزبي المحافظين والعمال. الا ان هزيمتهم في هذا العام قد كانت مخزية. حيث خسر عدد من قياداتهم مثل داني الكساندر وزير الخزانة ونورمان بيكر وزير الدولة بوزارة الداخلية وفينس كابل وزير الدولة للبيزنس والابتكار والمقدرات وسيمون هوغس نائب رئيس الحزب سابقا وزير الدولة للعدل والحريات وعضو البرلمان منذ 1983 ( كان لي الشرف ان التقيه في بوتسوانا في دورة تدريبية عن التقنيات الانتخابية)
ويرجع البعض هزيمة الليبراليين في المملكة المتحدة في الانتخابات الحالية بسبب تحالفهم غير الشعبي مع المحافظين وكسرهم لوعود انتخابية. حيث كان حزب الديمقراطيون الاحرار قد وعدوا في حملته الانتخابية لعام 2011 بالا يؤيدوا ابدا فرض رسوم أضافية على الطلبة/ وكان هذا واحدا من مطالب الحزب الاساسية وحظى بتاييد الطلبة بسبب ذلك. ولكن عندما دخل الحكومة كشريك اصغر مع المحافظين استجاب لضغطهم ووافق على فرض الرسوم وكانت هذه خيانة لوعوده الانتخابية. كذلك كان عدد كبير من ناخبيه معترض على دخولهم الائتلاف الحاكم مع المحافظين وكانوا يرون ان يتحالف الليبراليون مع حزب العمال أو يبقى في المعارضة. كذلك ساهمت الحرب التي شنها مردوخ و المجمعات الاعلامية على الليبراللين ونك كليغ في تشويه صورتهم حيث دخل الليبراليون وتحديدا زعيمهم كمبل في حرب ضد الاحتكارات الاعلامية خرجوا منها خاسرين.
جدير بالذكر ان حزب الديمقراطيين الاحرار قد تكون في عام 1988 من اندماج حزبين هما الحزب الاشتراكي الديمقراطي وهو حزب منقسم عن حزب العمال، ومن الحزب الليبرالي . وقد تاسس الحزب كحزب ليبرالي اجتماعي ، محاولا جمع قيم السوق الحر واحترام الحريات الفردية مع قيم العدالة الاجتماعية. اي انه كان خليطا من اليمين واليسار. لكن يبدو ان اشتداد الصراع السياسي ومرونة المحافظين فيما يتعلق بالحريات الشخصية قد بعثرت قاعدة الحزب لمكوناتها الاولى، فذهب اليمينيون منهم لدعم حزب المحافظين الذي اصبح اكثر اعتدالا او قل اكثر ليبرالية في مجال الحريات الشخصية مع تمسكه بالسوق الحر، بينما ذهب اليساريون منهم لحزب العمال او الحزب القومي الاسكتلندي الذي جذب قاعدة الحزب في اسكتلندا بصورة مزدوجة: بطرحه اليساري اولا وبمغازلته لمشاعرهم القومية ثانيا.

وكان لعدم اخلاص المحافظين دور اخر في هزيمة الليبراليين حيث وقف المحافظون ضد اقتراح الليبراليين لاصلاح النظام الانتخابي والذي يعطي امتيازات للاحزاب الكبيبرة والأقليمية على حساب الصغيرة؛ واوصى المحافظون ناخبيهم برفض الاصلاح الذي واحدا من شعارات الليبراليين الرئيسية؛ مما أدى لاسقاطه. واليوم فان نتيجة الانتخابات الحالية تعكس ازمة هذا النظام الانتخابي ؛ حيث حظي حزب استقلال المملكة المتحدة بحوالي اربعة ملايين صوت ومقعد برلماني واحد ؛ وحظي الحزب الليبرالي بحوالي مليونان ونصف صوت و8 مقاعد برلمانية؛ بينما حظى الحزب القومي الاسكلتلندي بمليون ونصف مليون صوت و56 مقعدا برلمانيا بينما حصل الحزب الديمقراطيون الوحدوي على اقل من 200 الف صوت و8 مقاعد .
وفوق النظام الانتخابي المعقد والظالم الذي اعطى المحافظون 51% من مقاعد البرلمان في ظل 37% من الاصوات ؛ فان فوز المحافظين (شريك الليبراليين السابق في الحكم ) يرجع لنجاحهم في ادارة الاقتصاد البريطاني واخراجه من الازمة. ورغم ان هذا جهد مشترك لهم مع الليبراليين الا انهم افلحوا في تسويقه وكأنه جهدهم الخاص ونجاحهم الخاص. وكما تعلم فان حزب الديمقراطيين الاحرار هو حزب ليبرالي اجتماعي وهو اقرب لليسار وقاعدته اقرب لليسار منها لليمين، لذلك فقد كانوا يتوقعوا تحالفه مع حزب العمال لا المحافظين. الان في هذه الانتخابات عاقبوا قيادة الحزب وصوتوا اما للحزب القومي الاسكتلندي او لحزب العمال، اما اليمنيين من قواعدهم فقد صوتوا للمحافظين مباشرة
ويعتبر من اسباب هزيمة الليبراليين ايضا الشعبية الكاسحة التي حصل عليها الحزب القومي الاسكتلندي والذي سحب اصواتا ضخمة من العمال والليبراليين في اسكتلندا. وكذلك ضعف الليبراليين في مواجهة عنجهية المحافظسن ولاعلان زعيمهم استمرار التحالف معهم حتى بعد اسقاطهم للاصلاح الانتخابي؛ بدلا ان يعلن عن استعداده للتحالف مع حزب العمال والحزب القومي الاسكتلندي مثلا او خروجه من التحالف المحافظ – الليبرالي الى المعارضة.
وقد استقال نك كليغ من رئاسة حزب الدينمقراطيين الاحرار؛ واصفا التصويت ضدهم انه تصويت " عقابي" . وكذلك إستقال رئيس حزب العمال اد ميلبراند والذي خسر حزبه 24 مقعدا في مجلس العموم. ونفس الشي فعله نيغيل فاراج والذي حصل حزبه (حزب استقلال المملكة المتحدة على مقعد واحد فقط رغم تصويت حوالي اربعة ملايين ناخب له مما يعد انتصارا بحساب الاصوات. وتعكس هذه الاستقالات نضج الديمقراطية البريطانية ومسؤولية الزعماء عن فشلهم؛ وهو أمر نفتقده في السودان حيث يظل الزعيم زعيما لحزبه حتى الموت ومهما تعرض الحزب للهزيمة. من ناحية اخرى فقد اعلن كل من حزب العمال وحزب الخضر وحزب استقلال المملكة المتحدة انهم سينخرطون اسوه بالليبراليين في حملة لاصلاح النظام الانتخابي، ولكن من المحتمل ان يعطلهم حزب المحافظين باغلبيته المريحة في مجلس العموم عن انجاز ذلك.
ورغما عن فوز المحافظين الا انهم سيواجهون بوضع صعب في اسكتلندا والتي لم يفوزوا فيها ولا بمقعد واحد. وسيشكل فوز الحزب القومي الاسكتلندي دافعا جديدا لقيادة هذا الحزب للمطالبة باستقلال اقليمهم. كما ان الدعم الكبير الذي حصل عليه حزب استقلال المملكة المتحدة المعادي للاتحاد الاوروبي رغم عدم انعكاسه في مقاعد برلمانية، سيجعل حكومة المحافظين اكثر سلبية تجاه الاتحاد الاوروبي وربما تنظم استفتاء شعبيا في قضية مستقبل بريطانيا في ذلك الاتحاد، وخصوصا بعد هزيمة الديمقراطيين الاحرار الذين كانوا من اكثر المؤيدين لبقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي وزيادة دورها فيه.
وتبدو خسارة الليبراليين مؤلمة ليس فقط لأنه حزب صديق لحزبنا الديمقراطي الليبرالي؛ ولكن لأنه كان يشكل صمام أمان امام حزب المحافظين. فقد عارض الليبراليون فرض المزيد من التقشف في الميزانية و الاستقطاعات في الخدمات، وساهموا في تخفيف الضرائب على ذوي الدخل المحدود. كما كان هذا الحزب من اكثر الاحزاب المناصرة للاجانب وحقوقهم في بريطانيا؛ وكان يتمتع بسياسة خارجية منسجمة مع مبادئه ويقف مع التجارة المنصفة مع افريقيا وضد الحروب التوسعية وضد التبعية البريطانية العمياء للولايات المتحدة. الا ان قيادته مسؤولة عن هذه الخسارة الشنيعة عندما حنثت ببعض وعودها تجاه الناخبين، وسيحتاج الحزب لزمن طويل حتى يكسب ثقة الناخبين من جديد.
عادل عبد العاطي
رئيس المكتب التنفيذي المكلف
الحزب الديمقراطي الليبرالي
http://ldps.orghttp://ldps.org


مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب

  • مرشح رئاسي موحد لهزيمة المؤتمر الوطني (1 من5)لماذا يجب على قوى المعارضة الديمقراطية خوض الانتخابات 08-22-14, 05:12 PM, عادل عبد العاطي
  • الحركة الليبرالية السودانية : ما هي ولماذا تأطرت ؟ 07-04-14, 01:27 PM, عادل عبد العاطي
  • وآسفي عليك يا ميادة سوار الدهب (2 من 10)/عادل عبد العاطي 05-25-14, 11:13 AM, عادل عبد العاطي
  • و آسفي عليك يا ميادة سوار الدهب (1 من 10) الحلقة الاولى : مشاهد خاطفة من المنظر المؤسف 05-24-14, 10:58 AM, عادل عبد العاطي
  • إستقلال دارفور 04-05-14, 05:13 PM, عادل عبد العاطي