(2) المعتزلة، رواد العقل في تاريخ الاسلام بقلم كامل سيد احمد

(2) المعتزلة، رواد العقل في تاريخ الاسلام بقلم كامل سيد احمد


05-06-2015, 11:37 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1430951822&rn=0


Post: #1
Title: (2) المعتزلة، رواد العقل في تاريخ الاسلام بقلم كامل سيد احمد
Author: كامل سيد احمد
Date: 05-06-2015, 11:37 PM

11:37 PM May, 07 2015
سودانيز اون لاين
كامل سيد احمد-لنكلن-المملكة المتحدة
مكتبتى فى سودانيزاونلاين



# (٢) المعتزلة، رواد العقل في تاريخ الاسلام
نشأة الفكر الاعتزالي:

حلقة (٢)

كانت نشأة الفِكْر الاعتزالي ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقائدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية، وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفات اليونانية والهندية، والعقائد اليهودية والنصرانية بعد انتشار الاسلام ودخول أُمم كانت متقدمة فكرياً وثقافياً علي العرب في الفكر والحضارة. دخلت هذه الأُمم الاسلام وهم يحملون ذخائر من العلوم، والفكر والحضارة لم تكن متاحة للبدو الذين تنزل عليهم الاسلام.

كان العرب شعباً بدوياً أُمياً متفرقين إلي قبائل متحاربة، وَحَدَّ بينهم وجمعهم الإسلام ثم غزا بهم الشعوب المتاخمة لجزيرتهم لا يحملون سوي سيوفهم وشهادة أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، ومعهما يقينٌ لا يتزعزع بأنهم الأعلون الغالبون، وأن الجهاد مكتوب عليهم، وخيارهم في جهادهم إما النصر أو الشهادة، وفي الحالين هم الفائزون بالجنة. كان من جراء ذلك التغيير ثم الإيمان برسالتهم أن دَوَّخ العرب أٰمم الأرض، ودكوا الحصون والقلاع، وهزموا الجيوش وبنوا لأنفسهم أمبراطورية عظمي إمتدت إلي أجزاء من آسيا، واوروبا وأفريقيا.

قبل بروز المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء كان هناك جدل ديني فكري واسع، بدأ بمقولات جدلية كانت هي الأسس الأولى للفكر المعتزلي، على أن هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في نفي الصفات عن الله إلى أصول يهودية فلسفية؛ فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان، وبدوّرِه أخذها أبان عن طالوت الذي أخذها عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي. وقيل أيضًا: أن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية قد أدت إلى تشكيكه في دينه، وابتداعه لنفي الصفات, كما أن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تُعدُّ موردًا من موارد الفكر الاعتزالي؛ إذ أنه كان يقول بالأصلح، ويقول بنفي الصفات الأزلية وحرية الإرادة الإنسانية.

برزت المعتزلة بعد ذلك كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الذي كان تلميذًا للحسن البصري، وذلك عندما دخل رجل على الحسن البصري فقال له: "يا إمام الدين، لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفِّرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم، ووعيدية الخوارج وجماعة أُخري، يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل (أي العبادات)، على مذهبهم ليس ركنًا من الإيمان، ولا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة هذه الأمة (المرجئة هم من يقولون إنه لا حساب ولا حكم ولا عقاب في هذه الدنيا، وكل شئ مُرجأٌ الي يوم القيامة) ، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادًا؟"، فتفكر الحسن البصري في ذلك وقبل أن يجيب بادر تلميذه النجيب واصل بن عطاء الي إجابة السائل، وقال: " أنا لا أقول أن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقًا ولا كافر مطلقًا، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا هو بالمؤمن ولا هو بالكافر"،

قال واصل ذلك ثم قام فاعتزل حلقة الحسن البصري إلى أسطوانة (عمود) من أسطوانات المسجد، يقرر ما أجاب على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: "اعتزل عنا واصل"؛ فسمي واصلٌ وأصحابه بالمعتزلة. ولأجل هذا سمَّاهم المسلمون معتزلة لاعتزالهم قول أساتذتهم، وقول الأمة بأسرها.

كان سبب سؤال ذلك السائل للحسن البصري أنه لم يكن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام خوضٌ في هذه المسائل ولا كان فيها نقاش في صدر الإسلام، وإنما حدث ذلك في أواخر عصر متأخِّري الصحابة والتابعين. وأول حدوثه كان في مسألة القَدَرِ وفي الاستطاعة، وكان ذلك من ثلاث نفر، هم : معبد الجُهنَيّ، وغيلان الدمشقي والجَعد بن درهم.
كما هو متوقع، أنكر الصحابة خوض البعض في إمور لم يخض فيها النبي ولا خاض فيها الخلفاء الراشدون إو كبار المهاجرين وقدامي الأنصار، وتبرأ متأخَرو الصحابة مثل عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله وأبو هريرة مما قال به هؤلاء الثلاثة وخاضوا فيه، وتواصَوا وأوصَوا أخلافهم أن لا يسلموا عليهم، ولا يصلّوا على جنائزهم، ولا يعودوا مَرضاهم. حملهم على ذلك ما ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم من ذم القدرية، غير أننا يجب إن لا ننسي أن هؤلاء الثلاثة من الصحابة لم يكونوا قد اطلعوا علي ما قرأه واطلع عليه معبد وغيلان والجعد من الاراء الفكرية والفلسفية، وأن ثلاثتهم تكلموا في حرية اختيار الانسان لأفعاله، ولم يقولوا بفكر القدرية.
كان علماء التابعين في ذلك العصر مع أكثر الأمة يقولون: (( إن صاحب الكبيرة من أمة الإسلام مؤمن؛ لما فيه من معرفته بالرسل والكتب المنزلة من الله تعالى، ولمعرفته بأن ما جاء من عند الله حق، ولكنه فاسق بكبيرته، وفسقه لا ينفي عنه اسم الإيمان والإسلام ))، وعلى هذا القول مضى سلف الأمة من الصحابة وأعلام التابعين.

مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
  • (٣) المعتزلة، رواد العقل في تاريخ الاسلام بقلم كامل سيد احمد 05-06-15, 11:34 PM, كامل سيد احمد
  • (١) المعتزلة، رواد العقل في تاريخ الاسلام بقلم كامل سيد احمد 05-06-15, 03:30 PM, كامل سيد احمد
  • وفاة شاعر أفريقيا: محمد مفتاح رجب الفيتوري بقلم كامل سيد احمد 04-27-15, 08:47 PM, كامل سيد احمد
  • هذا التعدي علي المال العام الذي أصبح سمة مسؤولينا أي علاقة له بالدين يا من تَدَّعون الدين ؟ 02-25-15, 04:13 PM, كامل سيد احمد
  • الانتفاضات العربية: أين يقف شعب السودان من ثورته الثالثة؟ بقلم كامل سيد احمد 02-19-15, 04:47 AM, كامل سيد احمد