عبد الخالق محجوب والترابي الجد بقلم عبد الله علي إبراهيم

عبد الخالق محجوب والترابي الجد بقلم عبد الله علي إبراهيم


03-06-2015, 05:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1425616185&rn=0


Post: #1
Title: عبد الخالق محجوب والترابي الجد بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 03-06-2015, 05:29 AM

04:29 AM Mar, 06 2015
سودانيز أون لاين
عبدالله علي إبراهيم - Missouri-USA
مكتبتي في سودانيزاونلاين



كنا في مجلس ما مع أستاذنا عبد الخالق محجوب في نحو عام 1968 لا أذكر أين أو حول ماذا. فاقترب أستاذنا مني وقال:
- وا مغصتي النصيحة قطعت مصاريني. عبارة قوية جداً.

واضح لي وقتها أن أستاذنا إنما كان يشير إلى مقال نشرته في نفس يوم المجلس أو نحوه استعنت فيه بهذه الكلمة المنسوبة إلى الشيخ حمد النحلان (1693-1704) الجد الأكبر للدكتور حسن الترابي. وقد أسفت دائماً لطريقة المحدثين في قراءة سيرة هذا الرجل المميز بسلبية على ضوء برمهم بحفيده الذي أشربهم كأس مر الهزائم حتى أذهلهم عن حقائقهم. فقد اتخذوا من زعم الجد المهدية (مرتين في مكة وسنار) تكأة للنيل من حفيده الداعية لدولة دينية. فقد صوروا "هوس" الحفيد الديني كعلة في شفرته الوراثية تدلت إليه من جده القديم. وقد ظلموا الجد ظلماً بيناً. وربما ظلموا الحفيد أيضاً إذا كان هذا هو محصلة تحليلهم لدعوته الدينية. فمثل هذا التحليل "قطيعة مجالس" وإضراب عن المعرفة قولاً واحداً.

ولا أعرف ترجمة في طول كتاب "طبقات ود ضيف الله"(الذي أحسن إليه بالتحقيق أستاذنا البروفسير يوسف فضل حسن) وعرضه تضاهي ترجمة النحلان درامية وعزيمة وفحولة . فمشهد تحوله المفاجيء من مسائل الفقة المتفننة إلى طلاقة الصوفية وخيالاتها ينتظر مخرجاً سينمائياً أو مسرحياً جهبذاً يدركه بحيل فنهما. فقد جاءه حواره صباحاً بمختصر خليل الجامع لفقه السادة المالكية يريد أن يأخذ عليه درس اليوم. فقلا له النحلان: "أنا وخليل اتفارقنا ليوم لقيامة". وبلغ من زهده في الدنيا أن سأل زوجته أن تقبل بالطلاق منه لأنه قد سُلِب لذائذ الدنيا وشهواتها. ورشّح لها أن تبني بعده بابن عمه الشاب الحدث الذي ما تزال في بوله بذور الذرية. ودخل النحلان خلوة من بعد ذلك. ورتبت زوجته لإخراجه من غاره. فحشدت خادمه الأثيرة وأبناءه وبناته الثلاث في كورس أحدق بالغار يرجونه الخروج من معتزله. فما أفلحوا. وقد أدب جسده على طريق الصوفية فعاش بالكفاف حتى هزل جسده وهذا مصدر تسميته ب "النحلان".

قابلت الترابي عام 1969 لأتحرى منه مناشيء دعوته الإسلامية. فوجدته حسن الاطلاع على سيرة جده وله نظرات قيمة في تفسيرها. فهو غير معني بمهدية الجد إلا في سياق حركته كناشط إسلامي متميز في عصره العصيب. فقد أشفق على المسلمين من ظلم دولة سنار التي اضطربت دائماً واحتربت نتيجة لصراع عظمائها وما جره من ويلات على غمار الناس. وقد توقفت أنا دائماً عند ضروب الأتاوات المفروضة على مزارعي ذلك الزمان. فمتى قرأت وثيقة من وثائق تمليك الأرض عند الفونج رأيت قائمة العوائد المسرفة المقررة على المزارع. واسترعت انتباهي فيها دائماً أتاوة اسمها "سِبلَة". وهي في اعتقادي عين قولنا "ما عليك سبلة عليّ " أي مطلب أو التزام. وقد بقي المصطلح في "ذاكرة اللغة" كما يسميها الدكتور عبد الله الطيب. فقد قال إننا نقول "مِتَفِح" للصبوح نائر الوجه تشبيهاً له بالتفاح بينما أرضنا لا تثمر هذه الفاكهة. فتشبيهنا لبهاء الطلعة بالتفاح ضرب من ذاكرة اللغة.
خرج النحلان من وعثاء الفقه إلى الصوفية (بما فيها زعم المهدية) كحالة من الحركية السياسية. فمن رأي الترابي الحفيد أن جده ناشط سياسي. فالدين عنده قوة في طلب التغيير والحق. وقال في حجته على ذلك إنه اُشُتهر عن جده النحلان الترابي قول الناس عنه "واقع علي ود الترابي". وروى ما جاء في كتاب الطبقات من أن جده كانت تأوي إليه الناس المُرَوعة في عصر الفتن الفونجية وطموح صفوتها المدجج للاستئثار بالحكم. وكان يؤمنهم من خوف ويطعمهم من جوع. ولذا قالوا إنهم "وقَّاع" عليه طالبين جيرته وحمايته. وفي غير ناحية الدين يطلق السودانيون على مثل هذا الرجل "الكاب" في عربيتهم يصفونه كغطاء لهم من الأذى.
ولم تقف مجازات عامة المسلمين عن فداء النحلان الترابي عند هذا الحد. فقد وصفوه أيضاً ب "شائب الصوفية أب سماً فائر". وهذا في معنى أنه غضوب في الحق. ومعلوم أن من بين "فقراء" عصر الفونج، صفوة زمانهم، من ساءهم طغيان الحكام والرجال من حولهم فغضبوا غاية الغضب للحق. فأمتنعوا عن أخذ عطايا الحكام أو القدوم إلى بلدهم أو بلاطهم. فالمروي عن الشيخ خوجلي أبو الجاز أنه كان يزود المتظلم من حاكم دهري بطينة تكون معه متى عرض على الحاكم الظالم تفزعه وتنجيه. ولا يصحبه إلى الحاكم ولكنه يعده أنه متى جاءه فسيريه نجوم القائلة. وهذا كثير في الطبقات عن صفوة الفونج إلا أن النحلان الترابي كان أمة وحده.
أزعجني من زملائي المحدثين (والله نسال أن يهديهم إلى حداثة كريمة) أنهم "طَبَلوا" الترابي في تاريخ جده النحلان. فجعلوا منه "حامل تقليد" كما نقول في علم الفلكلور. بمعنى أنه مقيد إليه كالحمير تحمل أسفارا لا يملك منه فكاكاً ولا يعيد استنهاضه بتغيير. أما الترابي الحفيد

مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب

  • البرجوازية الصغيرة: ونهج عبد الخالق محجوب (3-3) بقلم عبد الله علي إبراهيم 03-01-15, 05:47 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • البرجوازية الصغيرة: نهج عبد الخالق محجوب (2-3) بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-26-15, 04:41 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • البرجوازية الصغيرة-الصفوة: نهج عبد الخالق محجوب بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-24-15, 09:53 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • 4-العقل الرعوي: لولا براعة الشبل بندر (4-4) بقلم عبدالله علي إبراهيم 02-22-15, 06:31 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها (3-4) بقلم عبدالله علي إبراهيم 02-21-15, 00:07 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها (2-4) بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-18-15, 07:41 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها (1-4) بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-17-15, 00:40 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • المسلمون كأسنان المشط: قالها ماركس (2-2) بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-14-15, 04:21 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • زيارة كارل ماركس المغربي العثماني للجزائر (1-2) بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-12-15, 02:13 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • محمود محمد طه: طوبى للغرباء (الحلقة الخاتمة) بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-08-15, 05:53 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • محمود محمد طه: طوبى للغرباء 3-4 بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-06-15, 04:11 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • محمود محمد طه: طوبى للغرباء (2-4) بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-03-15, 09:25 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • محمود محمد طه: طوبى للغرباء 1-4 بقلم عبد الله علي إبراهيم 02-01-15, 08:55 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • سعودي دراج: الذكرى الجميلة لو تعرف معناها بقلم عبد الله علي إبراهيم 01-31-15, 00:48 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • في تذكر 18 يناير محكمة طه في 1985 : أخذت القانون بيدها للثأر بقلم عبد الله علي إبراهيم 01-22-15, 04:58 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • في تذكر 18 يناير ما هوية قضاة محنة الأستاذ طه (1985): قضاة شرعيون أم كيزان؟ بقلم عبد الله علي إبراه 01-21-15, 00:04 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • محمود عبد العزيز الحوت: ما قبل الربيع السوداني بقلم عبد الله علي إبراهيم 01-19-15, 07:20 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • إسلام السودان وعربه: عرض لكتاب (الأخيرة) (العرب والسودان، 1967) بقلم عبد الله على إبراهيم 01-17-15, 05:43 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • إسلام السودان وعربه: عرض لكتاب (7) (العرب والسودان، 1967) بقلم عبد الله على إبراهيم 01-15-15, 06:48 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • إسلام السودان وعربه: عرض لكتاب (6) (العرب والسودان، 1967) بقلم عبد الله على إبراهيم 01-14-15, 06:18 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • إسلام السودان وعربه: عرض لكتاب (5-6) (العرب والسودان، 1967) بقلم عبد الله على إبراهيم 01-13-15, 01:05 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • في تذكر 18 يناير الجمهوريون: حقول الاستتابة 1985 بقلم عبد الله علي إبراهيم 01-11-15, 10:30 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • إسلام السودان وعربه: عرض لكتاب (4-6) (العرب والسودان، 1967) بقلم عبد الله على إبراهيم 01-10-15, 05:53 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • في تذكر 18 يناير: طه في وحشة طريق الآلام (1974-1982) بقلم عبد الله علي إبراهيم 01-08-15, 05:56 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • إسلام السودان وعربه: عرض لكتاب (3-6) (العرب والسودان، 1967) بقلم عبد الله على إبراهيم 01-07-15, 05:00 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • أخطأت الميدان، وصَحّ عثمان ميرغني: السودنة الدامية بقلم عبد الله علي إبراهيم 01-06-15, 05:06 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • بين رزق وبابو: يوم انحلت أمريكا من فرط الشقاق بقلم عبد الله علي إبراهيم 01-05-15, 06:58 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • إسلام السودان وعربه: عرض لكتاب (العرب والسودان، 1967) بقلم عبد الله على إبراهيم 01-05-15, 04:59 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • في تذكر 18 يناير : دراما محاكم الجمهوريين وقضاة الشرع بقلم عبد الله علي إبراهيم 01-04-15, 06:53 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • إسلام السودان وعربه: في مناسبة مرور 57 عاماً على صدور العرب والسودان(1967)للدكتور يوسف فضل حسن 1-6 01-03-15, 08:19 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • اليوم نلعن أبو خاش راية استقلالنا بقلم عبد الله علي إبراهيم 12-30-14, 03:46 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • تثقيف الغيرة على الحبيب المصطفى بقلم عبد الله علي إبراهيم 12-28-14, 01:58 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • جيل الفراشات الشيوعي: قريب الله الأنصاري بقلم عبد الله علي إبراهيم 12-26-14, 05:49 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • صه يا كنار: سيوبر وطنية بقلم عبد الله علي إبراهيم 12-23-14, 11:18 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • عثمان ميرغني: استقلال بتاع الساعة كم! بقلم عبد الله علي إبراهيم 12-21-14, 03:32 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • الاستقلال: موت الأمل، موت الحلم بقلم عبد الله على إبراهيم 12-18-14, 04:08 PM, عبدالله علي إبراهيم
  • وادي الشايقية ووطن الجعليين: هبوط إضطراري عبد الله علي إبراهيم 05-11-14, 06:23 AM, عبدالله علي إبراهيم