والله لن يفلحوا بعدها أبدا! بقلم فيصل الدابي/المحامي

والله لن يفلحوا بعدها أبدا! بقلم فيصل الدابي/المحامي


02-10-2015, 06:12 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1423545172&rn=0


Post: #1
Title: والله لن يفلحوا بعدها أبدا! بقلم فيصل الدابي/المحامي
Author: فيصل الدابي المحامي
Date: 02-10-2015, 06:12 AM

05:12 AM Feb, 09 2015
سودانيز أون لاين
فيصل الدابي المحامي - الدوحة-قطر
مكتبتي في سودانيزاونلاين



وردت في الحكايات العربية القديمة أنه كان هناك رجل عالم شديد الزهد يدعى شريك وكان شريك يتجنب المهدي أمير المؤمنين خوفاً من فتنة السلطة والمال ، قرر الخليفة أن يستفيد من علم الرجل بأي وسيلة فنصب له كميناً محكماً ، طلب من شريك أن ينفذ واحداً من ثلاثة طلبات ، فإما أن يتولى رئاسة القضاء وإما أن يعلم أبناء المهدي في القصر وإما أن يتناول معه أكلة واحدة ، ذهب شريك إلى منزله وظل يفكر طوال الليل في الخيارات الثلاثة ، استبعد خيار تولي رئاسة القضاء خوفاً من فتنة السلطة، استبعد خيار تعليم أبناء الخليفة خوفاً من فتنة المال ، أخيراً استقر رأيه على الأكلة بعد أن قال في سره إنها مجرد أكلة واحدة ولن تحدث أي فرق، أعد طباخ المهدي رأس خروف ممسوح بالعسل ، وعندما كان شريك منهكماً في تناول الأكلة اللذيذة، همس الطباخ في أذن المهدي: والله لن يفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبدا! وقد كان فقد تولى شريك القضاء وعلم أبناء المهدي وأصبح مدمناً على أكلة رأس الخروف السلطانية!
بعض النساء من ذوات الأيدي الطاعمة يفهمن هذه الحكمة البطنية ولهذا يقلن دائماً: أقصر طريق إلى قلب الرجل يمر عبر معدته ، وعندما يقدمن للرجل ما لذ وطاب من الطعام والشراب المصحوب بالرومانسية يقع الرجل في فخ اللقمة الهنية ويرفع كل الاعلام البيضاء وتهمس المرأة لنفسها : والله لن يفلت مني بعدها أبدا! الامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت عرف هذه الحكمة البطنية أيضاً فقال: الجيوش تمشي على بطونها! فليس هناك انتصارات ولا بطولات بدون طعام كثير ، مشبع ومغذي ، ولذلك فإنه كان يفهم جيداً أن استراتيجية الطعام أهم من دبلوماسية الكلام وأن الطرف الذي يحقق الانتصارات هو من يملك الغذاء وكان يقول في سره لاعدائه المنهزمين: تمسكوا بكل الخزعبلات الأخرى بخلاف الطعام ولن تنتصروا بعدها أبداً!
منظمات الاغاثة الانسانية التابعة للدول الاستعمارية، تأتي لاغاثة المنكوبين الافارقة الذين شردتهم الحروب الأهلية فتزودهم بالقمح وتقول في سرها : والله لن يفلحوا بعده أبداً، وبمرور الأيام ينسى الأفارقة عاداتهم الغذائية القديمة ويضربون عن أكل الذرة والعصيدة ويدمنون أكل رغيف القمح والباسطة ويرتبطون ارتباطاً أبدياً بشحنات القمح الاستعمارية ويخربون اقتصادهم الوطني بأيديهم وبطونهم وهم لا يشعرون!
التدخلات الأجنبية المؤثرة في دول العالم الثالث هي تدخلات غذائية سافرة، فالدول الغربية الغنية تعرف جيداً أن تقديم المساعدات والهبات الغذائية هو أسرع طريقة لاستعمار حكومات العالم الثالث وضمان تبعيتها السياسية وهي وسيلة استعمارية شديدة الخبث والدهاء لأن ظاهرها إنساني وباطنها شيطاني فهذه الدول المانحة للطعام تدرك جيداً أن الدول والشعوب التي تتلقى الهبات والمساعدات الغذائية لن تفلح بعدها أبداً وستقع في شراك الاستعمار الغذائي الذي لا يكلف سوى شحن عدة سفن من القمح والزيت وهو استعمار أرخص بكثير من الاستعمار العسكري المباشر الذي يحتاج إلى جيوش وسلاح ويعرض المستعمرين لخسائر في العتاد والارواح! بعض أبناء العالم الثالث يهاجرون للدول الغربية ، يتجنسون بجنسياتها ، ينعمون بأمنها ويشبعون من طعامها ثم من هناك من مخابئهم الآمنة يتفرغون لمعارضة حكومات بلادهم السابقة ويحرضون الغرب على حصارها لاجبارها على تبني علمانية الغرب والانسلاخ من عقيدتها الدينية فيساهمون بذلك في محاصرة وتجويع أهلهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بينما يصنفهم الغربيون كخائنين لأوطانهم السابقة ويقولون عنهم: والله لن يفلحوا بعدها أبداً!
من المؤكد أن الوضع في السودان يسر كل أعداء السودان ويسيء لكل السودانيين، فقد تحول السودان إلى مكب لكل أنواع المساعدات الغذائية الأجنبية الصديقة وغير الصديقة ، وتداخلت وتقاطعت وتصارعت مصالح الدول المتفضلة على السودان والسودانيين وانقلبت الأوضاع راساً على عقب فبدلاً من أن يكون السودان سلة غذاء العالم كما كان يحلم السودانيون أصبح السودان سلة مساعدات العالم كما يتمنى أعداء السودان! أفيقوا يا كل السودانيين، عليكم بالحوار العادل لأنه السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل ، وعليكم بالسلام لأنه الطريق الوحيد لانتاج الطعام وامتلاك السيادة والاحترام، أما إذا أصر حكام السودان ومعارضيهم على الحرب وفتح أبواب البلاد لاستجداء المساعدات الغذائية المصحوبة بالاجندات الاستعمارية المتصارعة فوالله لن يفلحوا بعدها أبداً!

فيصل الدابي/المحامي


مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
  • سقوط الرئيس! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-02-15, 06:08 PM, فيصل الدابي المحامي
  • اخيب رجل في العالم! بقلم فيصل الدابي/ المحامي 06-02-15, 03:52 PM, فيصل الدابي المحامي
  • أفضل شرطي في العالم! بقلم فيصل الدابي/ المحامي 06-02-15, 01:45 PM, فيصل الدابي المحامي
  • لماذا لا يشارك الشماليون في المصارعة النوبية السودانية؟! بقلم فيصل الدابي/المحامي 31-01-15, 03:52 PM, فيصل الدابي المحامي
  • فتح بلاغ ضد طفل عمره ثمانية أعوام! بقلم فيصل الدابي/ المحامي 31-01-15, 07:37 AM, فيصل الدابي المحامي
  • انتهاء مراسم العزاء بحفل زفاف! بقلم فيصل الدابي/المحامي 31-01-15, 07:31 AM, فيصل الدابي المحامي
  • شابة سودانية تتحول لشاب سوداني! بقلم فيصل الدابي/ المحامي 24-01-15, 04:14 PM, فيصل الدابي المحامي
  • يوميات في غوانتاناموا! بقلم فيصل الدابي/ المحامي 23-01-15, 01:27 PM, فيصل الدابي المحامي
  • أنـا لسـت شـارلي! بقلم فيصل الدابي/المحامي 14-01-15, 02:55 PM, فيصل الدابي المحامي
  • خيانة في ليلة الدخلة! بقلم فيصل الدابي/المحامي 12-01-15, 05:08 PM, فيصل الدابي المحامي
  • (قبضة مصرية وفك بيرق سوداني)! مـذكـرات زول ســاي! بقلم فيصل الدابي/المحامي/الدوحة/قطر 10-01-15, 05:51 AM, فيصل الدابي المحامي
  • (عندما أصبحت رئيساً)! مـذكـرات زول ســاي! بقلم فيصل الدابي/المحامي/الدوحة/قطر 09-01-15, 04:55 PM, فيصل الدابي المحامي
  • (عشاق الظلام)!!مذكرات زول ساي بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-01-15, 01:38 PM, فيصل الدابي المحامي
  • مـذكـرات زول ســاي! (عيفونة ، شطة بي ليمونة)! بقلم فيصل الدابي/المحامي/الدوحة/قطر 06-01-15, 03:55 PM, فيصل الدابي المحامي
  • ذكـريـات زول ســاي! (حنكشة أولاد الأقاليم!) بقلم فيصل الدابي/المحامي/الدوحة/قطر 05-01-15, 02:16 PM, فيصل الدابي المحامي
  • مذكــرات زول ســاي! (شتائم سودانية)! بقلم فيصل الدابي المحامي 04-01-15, 09:52 AM, فيصل الدابي المحامي
  • مذكرات زول ساي! (السودانيون يحيرون قوقل)! بقلم فيصل الدابي المحامي 03-01-15, 02:32 PM, فيصل الدابي المحامي
  • ادينا واحد راس سنة بالبيض والطماطم وصلحوا! بقلم فيصل الدابي/المحامي 31-12-14, 02:04 PM, فيصل الدابي المحامي
  • هـل هـو رجـل أم إمــرأة؟! بقلم فيصل الدابي/ المحامي 31-12-14, 12:49 PM, فيصل الدابي المحامي
  • يا ليـتني كنـت تلفـازاً! بقلم فيصل الدابي/ المحامي 27-12-14, 06:19 AM, فيصل الدابي المحامي
  • أبو ماجدة! (قصة قصيرة) بقلم فيصل الدابي 20-12-14, 02:44 PM, فيصل الدابي المحامي