الخنــــادق والمــــآرب !!

الخنــــادق والمــــآرب !!


01-31-2015, 06:26 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1422682017&rn=0


Post: #1
Title: الخنــــادق والمــــآرب !!
Author: عمر عيسى محمد أحمد
Date: 01-31-2015, 06:26 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

الخنـــــادق والمــــــآرب !!

تتفاوت الأواني وتتباين المحتويات .. وتلك الخنادق التي تجمع الناس في شأن من الشئون .. والبعض ينتمي لخندق من الخنادق خالصاَ لوجه الله .. يعمل مخلصاَ ونيته بطهارة الملائكة .. يحمل ذلك الولاء الصادق الذي لا يشوبه الرياء .. والبعض ينتمي لخندق من الخنادق وهو ذلك الماهر الماكر الذي يستغل الولاء .. والبعض ينتمي لخندق من الخنادق لمجرد الإرث من الأجداد والآباء .. فخلايا الخنادق لا تخلو من النوايا في أنفس تحمل المقاصد والمآرب .. وتلك المقاصد قد تكون خيراَ وقد تكون شراَ .. فهي لا تخلو من الفضائل كما لا تخلو من الشرور وموبقات الالتواء .. تتفاوت كأصابع الكف لا تتساوى في الطول والعرض والمواقع والمهام .. ولكن للخنادق شروطها وأخلاقياتها .. فالخنادق حين تختص بأمور الدنيا فهي جدل قد يقبل الانفلات ومجاراة الأهواء .. وحينها تقبل المقولة : ( أن الطيور على أشكالها تقع ) .. كما تقبل المقولة : ( أن ساحات الأسواق هي مرتع المجانين والعقلاء ) .. ولكن المحك الأعظم حين يتعلق الأمر بخنادق العقيدة السماوية السامية النبيلة .. تلك الخنادق المقدسة التي تعني قمة النقاء والصفاء .. وهي تفترض أن تكون أطهر الخنادق في عالم الإنسان .. والذي ينتمي إليها يجب أن يخلص النية لله رب العالمين .. ويبتغي الثواب والأجر بالانتماء .. ويجتهد حين يجتهد صادقاَ مخلصاَ لإعلاء رسالة التوحيد .. يعمل ليلاَ ونهاراَ لفرض ونشر رسالة الدين والعقيدة في الأرض .. ويتمسك بتعاليم العقيدة نصاَ وروحاَ دون تهاون أو إفراط .. ولا تجوز في ساحاتها مظاهر النفاق والرياء .. كما لا تتسامح الناس في ساحاتها مع كل من يمارس سراَ أو مجاهراَ موبقاً من موبقات المعاصي والأدران .. فهي منابر خالصة لتلك الصفوة الطاهرة النبيلة التي تلتزم بنهج السماء .. ومع ذلك نجد في هذا العصر العجيب من يتخذ خنادق العقيدة سلماَ لتحقيق مآرب المكر والدهاء .. فنجد هؤلاء المتاجرين الذين يبيعون ويشترون نفاقـاَ باسم الدين .. الشعارات المرفوعة منهم للملأ تظهر الصلاح والإصلاح والتقى والعفاف .. أما الأفعال والأحوال المرصودة عنهم فتؤكد الفساد والمفسدة .. كما تؤكد العداوة والحرب على العقيدة آناء الليل وأطراف النهار .. فهؤلاء يراوغون ليستخدموا الدين الحنيف كالغطاء الواقي عند اللزوم .. فإذا أشتد الوغى وتكالب عليهم الأعداء يحتمون بالعقيدة تحت شعار الجهاد في سبيل الله .. ثم إذا تلاشت المخاطر نسوا الله ونسوا سيرة الجهاد في سبيل الله والاستشهاد .. كما تجري في المجتمعات أحوال الفساد والمفسدة كالنار في الهشيم .. ولا نرى ذلك الحرص الشديد في إرساء تعاليم الدين الحنيف في حياة الناس .. وعند ذلك يكتشف الناس أن الدين مجرد واجهة تفتقد خلفها المحتويات .. وليس له ذلك الأثر المطلوب الذي يعني الإمطار بالخيرات والاتقاء من الشرور .. إنما هو ذلك المسمى ( الدين ) الذي يشكل مجرد ديباجة ويافطة ترفع عند اللزوم .. ذلك السلاح الذي يستخدم حين يلزم الأمر لكسب التعاطف من المسلمين .. أما خلاف ذلك فلا نجد للدين والعقيدة أثراَ حين يكتوي الناس من الأحوال وقسوة الحياة .. يبكي الجائعون من شدة الجوع وويلات الغلاء والمعاناة فلا آثار لرحمة الدين .. كما لا نجد َللدين أثراَ حين يشتكي الشاكون والباكون والمرضى من ويلات الأوجاع والآلام .. ولا نجد للدين أثراَ حين يطالب الناس بمحاربة الفساد والمفسدين .. ولا نجد للدين أثراَ حين يطالب الناس بوقف حالات الخطف والسلب والنهب جهاراَ ونهاراَ .. ولا نجد للدين أثراَ حين يطالب الناس بكبت مظاهر الإجرام التي تفشت في المجتمعات .. ولا نجد للدين أثراَ حين ينادي الناس بالعفاف ويطالب بوقف حالات هتك الأعراض والاعتداء البدني والجنسي على الأطفال والنساء .. وكل تلك الموبقات تجري في ظلال الخدعة باسم الدين والعقيدة .. فلو كان الدين حقاَ يتمثل بأحكامه وإرشاداته وتعاليمه العادلة لما تفشت تلك الموبقات في المجتمعات .. والذي يتاجر باسم الدين فإنما يرتكب جرماَ عظيماَ لا يغتفر .. وهو الذي يتهاون ويتلاعب بعقيدة المسلمين .. وقد لا يبالي كثيراَ ويظن أن الوقفة صغيرة وهي كبيرة من الكبائر .. فالصغيرة حين تحتقر في الدنيا تصبح تلك الكبيرة المهلكة في الآخرة .. وتلك الهامات تتعالى حين تنادي بالدين والعقيدة .. ثم فجأة تتهاوى وتنهار حين تتجلى الحقيقة ويتأكد التمثيل والرياء .. حيث الإدعاء بالصلاح والتقوى في لحظات المحك .. والنداء بالجهاد في سبيل الله عندما تدق أجراس المخاطر .. ثم الابتعاد فراراَ عن حمى الدين عندما تنجلي المصائب !!.
.
.