المغرب ووحدة الجنوب - جنوب بقلم د. يوسف بن مئير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير

المغرب ووحدة الجنوب - جنوب بقلم د. يوسف بن مئير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير


01-09-2015, 06:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1420825133&rn=0


Post: #1
Title: المغرب ووحدة الجنوب - جنوب بقلم د. يوسف بن مئير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير
Author: يوسف بن مئيــر
Date: 01-09-2015, 06:38 PM


إنّ عهد جلالة الملك محمد السادس، عاهل المغرب، في عمليّة لإحاطته بإطار من الرّكائز التقدميّة والإنتاجيّة. ومن بين هذه الرّكائز أو الأعمدة مبادرة بارزة تركّز على بناء التعاون الجنوب – جنوب ما بين المغرب وجيرانه في القارة الإفريقيّة.

تنال حركة الجنوب – جنوب بالتأكيد زخما ً تحوّليّا ً منذ ثمانينات القرن الماضي عندما بدأت الدول النامية بالإستجابة للعلاقات التبعيّة الإستغلاليّة التي تشكلت سابقا ً مع الدول المتقدّمة.

بإمكان التجمعات الإقليميّة الجنوب – جنوبيّة، إن كانت تدار بشكل ٍ جيد وتكون لفائدة الكثيرين، أن تمكّن شعوب بلدانها من الإستفادة من الأسواق المفتوجة بدون التفكّك الإجتماعي الشديد الذي غالبا ً ما يكون نتيجة ذلك. فمع زيادة حجم أسواقه تطرأ زيادة في تنمية الإقتصاديات وزيادة في الكفاءة، الأمر الذي ينتج عنه انخفاض في الأسعار. فالتنافس الجديد يساعد في كسر الإحتكارات ويمارس ضغوطا ً على خفض الأسعار. أضف إلى ذلك، فإن خبرة تجمعات الجنوب – جنوب – شاملة تحفيز الإصلاحات والمعايير التنظيميّة الداخليّة – قد تُعتبر أيضا ً مرحلة تحوّليّة للتنافس الدولي.

والتجار الأحرار العالميّون الذين قد يعتبرون هذا الشكل من الإقليميّة بمثابة تحويل موارد بعيدا ً عن التعدديّة وكحمائيّة، عليهم أن يعلموا بأن وحدة الجنوب – جنوب تعزّز في الحقيقة نفسها كنموذج يتطلّع للخارج. ويرغب في كثير ٍ من الأحيان الإقليميّون والجهويّون في إزالة الحواجز التجاريّة في عمليّة متعددة المراحل تتضمّن، على سبيل المثال، الدروس المكتسبة من التداعيات الإقتصادية في أقاليم المكسيك الريفيّة تحت مظلة اتفاقية التجارة الحرّة الأمريكية الشماليّة (نافتــا.)

لقد أفادت بالتأكيد خبرة المكسيك القاسية هذه اتفاقية المغرب للتجارة الحرّة التي أبرمتها عام 2014 مع الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، تفتح المغرب منتجاتها الزراعية في مراحل لاحقة لكي تعطي وقتا ً أكثر لتعزيز التنمية البشريّة مع العائلات الفلاحيّة.

وهناك مفارقة مؤسفة تتمثّل في أنّ ملك المغرب الذي يُعتبر مساندا ً للإقليميّة فكريّا ً وعاطفيّا ً وبالأخصّ لاتحاد المغرب لبلدان شمال إفريقيا وهو موضوع أطروحة دكتوراة جلالته في عام 1993، غير أنه كان يُفترض ألاّ يتحقق هذا الطموح بسبب الصراع المستمرّ أربعة عقود حتّى الآن المحيط بالصحراء، وهي المنطقة التي تعتبر مقدّسة مثل فكرة السيادة الوطنيّة.

تُركت إبّان ذلك قضايا وجوديّة على قارعة الطريق، وبقيت التحديات الإقليميّة المشتركة، شاملة ً الهجرة والبيئة والأمن، بدون حلّ والفرص المتاحة للنموّ الزراعي الأخضر - التي بمقدورها تحويل مجتمعات من خلال الإستثمار في الجاليات المحليّة وغيرها من مبادرات التنمية البشريّة الرئيسيّة – لم تُحقّق.

واقتراح المغرب المقدّم لمجلس الأمن الدّولي بشأن استصدار قرار ينصّ على حكم ذاتي لإقليم الصحراء الغربيّة ضمن سيادة مغربيّة يعرض في الواقع إطارا ً بمرونة عالية وبالكاد يمكن للمرء أن يتصوّر أنّ بإمكان المغرب تجاوزه. وقد يمثّل استمرار هذا الصّراع مثالا ً كلاسيكيّا ً لعدم قدرة فصل المواقف عن المصالح.

ونتيجة الإقتراح المقدّم من الجانب المغربي، فإن الكرة الآن في ملعب البوليزاريو لوصف كيفيّة تصوّرهم لترتيب ٍ تنظيميّ لحكومة تدعم رخاء وازدهار الشعب وتقدّر عما إذا بإمكان الحكم الذاتي تبنّي هذا الترتيب ضمن إطار السيادة المغربيّة. قد يستنتجوا بعد تحليل ٍ دقيق بأن اقتراح المغرب يمكنهم من نظام حكم ٍ يلبّي مصالحهم ومصالح الشعب الإقتصاديّة والسياسيّة والحضاريّة والبيئيّة.

وعلى أية حال، يتضمّن اقتراح السّلام الذي عرضه المغرب ثلاثة أفكار قد يساعد تطبيقها على توحيد البلدان الجنوبيّة وتمكينها من تلبية احتياجاتها الإنسانيّة.

لامركزيّة اتخاذ القرار والإدارة من المستوى المركزي إلى المستوى الإقليمي ثمّ إلى المستويات البلديّة والقرويّة تمثّل أقوى أشكال حلّ الصراع. ومثالا ً على ذلك، فاللآمركزيّة قد تكون مفتاح إنقاذ مستقبل العراق كدولة قوميّة، وقد كانت أيضا ً في الماضي العامل الرئيسي الذي مكّن من تأسيس الولايات المتحدة. وأوكرانيا تبني نظام حكمها المستقبلي على اللآمركزيّة ويمكن القول بأن تطبيقها في تصاعد في جميع أنحاء العالم.

والحكم الوطني الذي يدعم عملية اتخاذ القرارات من قبل أفراد المجتمع المحلي فيما يتعلّق بمستقبلهم التنمويّ يلعب دورا ً مزدوجا ً كتدبير وقائي للصراع.

وأخيرا ً، فإن تعزيز تفويض السلطة للمجتمع يشكّل قوّة وطنيّة موحّدة حيث يتشجّع الناس لمتابعة وتحقيق المصالح التي قرّروها بأنفسهم.

والمغرب كغيره من الأمم يناضل لتنفيذ ُمُثله. وما حققته المملكة بدون أدنى شكّ هو التبنّي المتين والمتماسك لموقف ٍ يعزّز التنمية المستديمة التي يحركها ويقودها النهج التشاركي الديمقراطي، واللآمركزيّة والتشاركيات الجنوب – جنوب، هذا في حين أنه يحتضن أيضا ً في نفس الوقت العلاقات الدوليّة.

والدّرس المكتسب من الخبرة المغربيّة هو أنّ تمكين وحدة الجنوب – جنوب يتطلّب ثلاثة أشياء هي: رئيس دولة صريح بشكل إيجابي وميّال للعمل بهذا الخصوص، وتبنّي نظام الآمركزيّة – وكلاهما كترتيب لحلّ الصراع ولتعزيز التنمية – وقدرة الناس على التعايش والتعاون معا ً بحريّة.

ليس هناك شروط أوليّة أخرى ضروريّة لتعزيز التجمعات الإقليميّة والأمم والمجتمعات التي تعتمد على نفسها. ومع وجود هذه في مكانها الصحيح، ستشكل علاقات جديدة مستقلّة، ووسائل الإعتماد على الذات التي تساعد على تحقيق الهدف.


د. يوسف بن مئير رئيس مؤسسة الأطلس الكبير.

مكتبة د. علي حمد ابراهيم