أخطأت الميدان، وصَحّ عثمان ميرغني: السودنة الدامية بقلم عبد الله علي إبراهيم

أخطأت الميدان، وصَحّ عثمان ميرغني: السودنة الدامية بقلم عبد الله علي إبراهيم


01-06-2015, 06:06 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1420564015&rn=0


Post: #1
Title: أخطأت الميدان، وصَحّ عثمان ميرغني: السودنة الدامية بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 01-06-2015, 06:06 PM

حمل مقال بغير توقيع في جريدة "الميدان" (6 يناير 2015) على الأستاذ عثمان ميرغني لأنه ذكر في مسلسله "من ضيع السودان؟" في جريدة التيار أن السودنة كانت من وراء إضطرابات 1955 كما سماها التقرير الحكومي الشهير عنها (1956). وأكبر مظاهر هذه "الإضطرابات" المعروفة هي إضراب عمال مصانع أنزارا لقطن مشروع الزاندي، وتمرد الفرقة الجنوبية المأساوي في توريت في أغسطس ،1955 واحتجاجات نواب برلمانيين من الجنوب. وقال الكاتب إن ذلك غير صحيح بل فتش عن غرض عثمان من وراء ما قال ووصفه ب" الغرض الجاهل." وألمح إلى عقائد عثمان الشابة وغير الشابة في الحركة الإسلامية التي هي أم الأسباب في ضياع السودان.
لي مآخذ كثيرة وقديمة على تعاطي عثمان للتاريخ. ومع احترامي لغيرة كاتب الميدان على المعاني النضالية الوطنية التي لا يقيم لها عثمان وزناً، إلا أن عثمان أصاب في نسبة "تمرد" 1955 إلى السودنة وأخطأت الميدان. فنظر كاتبها لتكذيب عثمان في كتب تاريخية جيدة للمؤرخين فدوى عبد الرحمن وفيصل عبد الرحمن اللذين لم يذكرا السودنة حسب قوله في عرضهما لتلك الواقعة. والأدنى للصواب أن ينظر في تقرير الحكومة عن تلك الوقائع لأن فدوى وفيصل ربما لم يهتما بهذا الجانب من السودنة في الواقعة. ولو نظر الكاتب حيث ينبغي أولاً لوجد أن تقرير لجنة التحقيق في حوداث الجنوب في 1955 لم يجامل في تحميل حظ الجنوب المبخوس من السودنة وزراً كبيراً فيها. وكنت نظرت في مقالي "حركة وطنية أم حركات وطنية: تاريخ ما ما أهمله تاريخ جنوب السودان" (نشر بصور مختلفة وسيصدر في سلسلتي "كاتب الشونة" عن دار المصورات) وعرضت للمسألة. وجاء عرضي لها في سياق المقارنة بين وطنية الخريجين ووطنية الطبقة العاملة. ففي الوقت الذي تكالبت وطنية الخريجين على غنائم الوظيفة الإنجليزية كان اتحاد العمال يدبج المذكرات يطلب من مجلس الوزراء مساواة الأجور بين الشمال والجنوب لإزالة الظلم الواقع على الجنوبيين لأجورهم المبخوسة قياساً بالشماليين. وهو المطلب الذي حمله النائب الشيوعي حسن الطاهر زروق إلى البرلمان فسخر السيد بابكر عوض الله رئيس البرلمان، من هوانه من مطلب. وأنقل أدناه فقرات من مقالي لبيان أن السودنة كانت العثرة الكبرى الأولى في بناء الوطن المتآخي وهي جريرة يتغاضى عنها كثيرون ولعا بزعامة الزمن الجميل. وما ظننت أنه سيعلق بالشيوعيين شيء منه لأنهم كانوا الوطنية ذات الخيال المفارق لوطنية الخريجين لبناء السودان:
(في الوقت الذي خلع العمال "ماهية شماليتهم"، أي الأجر الزائد الذي يحصلون عليه لأنهم من شمال البلاد، كانت صفوة المؤتمر تتكالب على أسلاب الاستعمار حارمة الجنوبيين منها بغلظة. فصارت السودنة، وهي برنامج سوداني جامع لإحلال موظفين سودانيين محل الموظفين الإنجليز الراحلين، إلى مجرد "شمألة" بفضل حكومة الوطنيين الخريجين. فلم يحظ الجنوبيون بغير ست وظائف من جملة 743 وظيفة خلت بزوال الاستعمار. وفٌجع الجنوبيون في السودنة التي كانوا خشوا طويلاً أن يفتئت الشماليون عليهم فيها خشية تمسكوا بها بالإنجليز كي لايعجلوا الرحيل ليخلص لهم "جنوبة" إقليمهم تحت سمعهم وبصرهم. وعزا تقرير التحقيق في إضطرابات الجنوب، أغسطس 1955 (1956) تلك المواجهات إلى تظلم الجنوبيين من حيف السودنة. وهي اضطرابات "تمردت" فيها الفرقة الجنوبية بالولاية الإستوائية وقتلت 255 مدنياً شمالياً بينهم 16 إمرأة و20 طفلاً. فقد حز في الجنوبيين أن يقلب لهم الحزب الوطني الاتحادي، الحزب الحاكم، ظهر المجن ويتنكر لوعوده المسرفة عن فرصهم الطيبة في السودنة الموعودة.
وكان عذر الحزب الشمالي في "غزو" الجنوب استئثاراً بالسودنة أقبح من الذنب. فقد أكد إسماعيل الأزهري، زعيم الحزب وقائد حركة الخريجين وأول رئيس وزراء للسودان، أنه ليس من جنوبي تأهل آنذاك ليشغل وظيفة أعلى من مساعد لمفتش المركز. غير أن تقرير التحقيق في إضطرابات 1955 كشف عن نباهة سياسية غراء بقوله إن المؤهلات، وهي الاختبار لنيل حظوظ السودنة الذي سقط فيه الحنوبيون كما زعموا، كان ينبغي أن يترك جانباً. وبدلاً عن ذلك كان على الحكومة أن تعلى الاعتبارات السياسة على المهنية الضيقة.
وكان أول من صَدَع بظلامة السودنة عياناً هو السيد بولين إلير، عضو جمعية رفاه الموظفين الجنوبيين سابقاً والوزير بدولة الحكم الذاتي في 1954 عن الحزب الوطني الاتحادي الحاكم. فقد اشتكى جهاراً أن الشماليين تقاطروا على الجنوب بالبواخر والطائرات لشغل وظائف الإدارة العليا بما يشبه الغزو. ولم تعجب حزبه صراحته فتجنبه. وكتب محرر بالصحف يطلب إبعاد بولين من الوزارة بجريرة كراهيته للشماليين ولما صدر عنه علانية من أنه "سيجنوب"وزارته، وزارة الثروة الحيوانية، بدلاً عن سودنتها. وزاد بولين الطين بلة، في نظر الصحافي، بقوله إنه سيضرب بالمؤهلات عرض الحائط متى ما جَنوَبها. وأتخذ الصحفي من استخفاف بولين المزعوم بالشهادات مدخلاً للقول إنه من أين لبولين توقير دلائل التأهيل وهو الذي صار وزيراً ولم يكن قبلها سوى مساعد مأمور في أسفل الدرج. وختم قائلاً لقد لبس بولين حذاء أكبر من مقاسه وأفترى. ولم ينقض وقت حتى أُرغم بولين على إصدار بيان أكد فيه على ولائه للحزب الوطني الاتحادي والحكومة. ويعتقد مصدر خبر بولين والوطني الاتحادي أن له سياقاً آخرا عن خلاف في الحزب ولكن تلك قصة أخرى.
ظلت السودنة وجعاً مثاوراً يؤجج الحرب الأهلية في السودان التي تقودها جماعات البرجوازية الصغيرة لأعراق وإثنيات الهامش. وهي مثاورة أضرت بعلائق الشمال والجنوب إضراراً فات على موظف بريطاني هو ب جي دي ريتشارد مفتش التجارة في السودان خلال فترة الحكم الذاتي (1954-1956). قال ريتشارد إن السودنة، رغم أنها تمت بعجلة خطرة، إلا أنه لم تترتب عليها نتائج خطرة. فالجنوبيون كان أول من احتج بوضوح على "شمألة" السودنة. وجرت محاولتان لرد مظلمة الصفوة الجنوبية في 1972 بعد إتفاقية أديس ابابا وفي 2005 بعد اتفاقية نيفاشا. وصارت السودنة تعرف باسم آخر هو "قسمة الثروة والسلطة". ويطلبها على وقتنا هذا برجوازية دارفور الصغيرة وإثنيات أخرى.
جرى وصف السودنة، التي وقعت في 1954 وما بعده، بأنها تعبير عن تصعير خد شمالي وجشع. وربما صح أن نتعاطى مع هذا التحليل العرقي بشيء من التحليل الطبقي. فالشماليون ليسوا على قلب رجل واحد في مسألة السوية مع الجنوبيين وغيرهم من جماعات الهامش. وقد وضح هذا الاختلاف بين الشماليين في الجلسة الثانية والخمسين للبرلمان السوداني التي تقدم فيها حسن الطاهر زروق بمطلب مساواة أجور العمال في الشمال والجنوب كما مر. فخلافاً لوطنيّ مؤتمر الخريجين الذين تكالبوا على سقط السودنة نجد أن وطنية الطبقة العاملة، التي محورها اتحاد نقابات عمال السودان، قد خلعت عنها "أجر الشمألة". فمناداة الاتحاد بالأجر المتساوي مما يشف عن أريحية سياسية فريدة سمتها قياتري سبيفاك، الباحثة الهندية، ب "إطراح الإمتياز" (unlearn privilege) أي خلعه وكأنك لم تتعلمه من قبل أو تمرغت في نعمائه. واللمسة الشيوعية السودانية على الردة للأمية قصداً مما نبه له محمد المرتضى مصطفى، الخبير في علاقات العمل، الذي قرظ التقليد النقابي السوداني لأنه استكن تعليما سياسياً ذكياً. فالتقليد يعالج مسائل العمل من زاوية الاقتصاد السياسي.
عزا مارتن دالي فشل حوكمة الوطنيين السودانيين وقصورها دون الوفاء بالسوية في السودنة، ضمن اخفاقات أخرى في فترة التحول للدولة المستقلة، إلى الضغوط التي مورست على الحكومة من سياسيين حاذقين غير أنهم رجال دولة فطيرين. ولكن نهضت الدلائل بأن العاهة لم تقتصر على بؤس الكفاءة في إدارة الدولة. فالعاهة وظيفية وتربوبة، أي سياسية. فلم ينم مؤتمر الخريجين وعياً بالمسألة الجنوبية تخطى به وجوب إلحاق الجنوب بالسودان المستقل بعد تخليصه من براثن المستعمر الذي خطط ليفصله عن السودان. فالجنوب في نظر القوميين الخريجين "الثمرة المحرمة" كما جاء في عنوان كتاب أسود صدر عنهم في نقد سياسة الإنجليز حيال الجنوب).
إنتهى. دعونا نتعاطي عن محنتنا النازلة القاصمة بلا نزق وبلا سوء ظن مرضي. أميز ما سمعته قبل أيام قول أنشتين إنه لو كان لك ساعة لحل معضلة ما فأنفق 55 في تشخيصها و 5 دقائق في حلها. إننا نعكس هذه المعادلة الرياضية عكسأ يقلقل الرياضي المعروف في قبره.

مكتبة د.عبد الله علي ابراهيم














































محمود محمد طه

55 ألف سودانى يهجرون السودان فى 6 اشهر.


Sudanese Online Website is the Nation Memory

ناس المشروع الرسالي سرقوا محتويات دار المؤتمر السوداني


مجمع الفقه يدين القتل خلال احتجاجات السودان

سيدة السودان الاولى ماهى مهامها وانجازاتها


الكارثة وشيكة على السودان


جمهورية السودان الاتحادية ... العاصمة ابيي


جمهورية السودان الاتحادية ... العاصمة ابيي