هذا هو الدرس.. من برلين! هاشم كرار

لا، لا تشيد جدارا فاصلا بينك وبين نفسك، ولا بينك وبين الآخرين.
لو شيدته، كن شجاعا.. إملا حلقومك بالهتاف، وأحمل معولك.. اهدم ولا تبالي، وإعبر منفتحا بعقلك وقلبك وضميرك وخيالك، إلى الآخر.. إلى عالمه، والذي هو-دون أدنى شك- جزءا اصيلا، من عالمك أنت!
من قال إن جدار برلين، هو ألعن جدار في التاريخ، لا يعرف الجدران.. ولا يعرف التاريخ!
أوباما، الرئيس الامريكي، لم يتورط في مثل هذا الجهل. قال عن اللحظة التي هدم فيها الألمان الشرقيون جدار برلين، إنها اللحظة التي لن ينساها، مدى الحياة.
تلك اللحظة عمرها الآن، ربع قرن.
لو أن أحدا من الصحفيين، سأل اوباما: ماهو ألعن جدار في التاريخ يامستر باراك، لكان الأخير ابتسم، وقال: "طبعا.. الجدار الذي بينك وبين الآخر".. ولكانت الإجابة، خاطئة، بكل المقاييس!
أوباما، ماكان ليمكن ان يكون أول رئيس أسود، في البيت الأبيض، لولا ان الأمريكيين الشجعان، أسقط كل واحد منهم في نفسه- أولا- جدار الكراهية، والفصل العنصري إزاء الآخر، ولولا أن أيا منهم، تعلم شئيا من تعاليم مارتن لوثر كينغ، وجسد بهذا التعاليم- على الأرض- حلم ذلك الرجل الذي مزقت طلقة بيضاء حلقومه، وهو على شرفة هوتيل في ممفيس!
نفسك أنت، منقسمة إلى نفسين بجدار.. منقسمة إلى أنفس بجدران..
حطم جدران نفسك، جدارا من وراء جدار..
الحرية، دائما وراء الجدران.. ووراء الجدران الوحدة: وحدة الذات.. والوحدة مع الآخر.. ومع العالم.
آفة هذا العالم، انه منقسم إلى " فسطاطين" بتعبير الشيخ صاحب السبابة التي لوّحت، والوجه الطويل.. آفته أنه منقسم إلى " أخيار وأشرار" بتعبير جورج بوش الصغير، ولن يستطيع هذا العالم ان ينازل هذه الآفة، وينتصر عليها، إلا باسقاط هذا الإنقسام المريع، الذي هو الآن وراء كل هذه الكراهية، والثأرات، والحروب، والدم.. والفرار!
الألمان الشرقيون الشجعان، أسقطوا الجدار.. كسبوا الحرية، والوحدة.. وكسبوا بهذا "الإسقاط" أنفسهم..
لنتعلم من تجربة إسقاط جدار برلين- حجرا من وراء حجر- لنسقط في أنفسنا كل أحجار النفس الإمارة بالإنقسام!
ذلك هو أول الدروس من برلين.. ياسادتي!
يومذاك سينفتح هذا العالم على الحرية، والوحدة.. لا فسطاطين، ولا من أخيار وأشرار!