وضع النقاط فوق الحروف فى مسالة علاقة الدين بالدولة /ابوبكر القاضى

وضع النقاط فوق الحروف فى مسالة علاقة الدين بالدولة /ابوبكر القاضى


09-29-2014, 01:25 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1411950333&rn=1


Post: #1
Title: وضع النقاط فوق الحروف فى مسالة علاقة الدين بالدولة /ابوبكر القاضى
Author: ابوبكر القاضى
Date: 09-29-2014, 01:25 AM
Parent: #0

.

+ فى قراءة رؤية الامام الصادق حول فك الاشتباك الدينى العلمانى .

++ الاصلاح الدينى اللازم للاصلاح السياسى .

+++ فى تاصيل ان وحدة الشعب السودانى ، ووحدة الوطن مقدمة على تطبيق الشريعة

++++ الاقتصاد الاسلامى الطفيلى :

فى هذا المقال سوف ابنى على مقال فكرى تأصيلى كتبه الامام الصادق المهدى وعنوانه ( فك الاشتباك الدينى العلمانى ) ، وتم نشره على الشبكة العنكبوتية فى حوالى and#1636; سبتمبر and#1634;and#1632;and#1633;and#1636;، و انى اتعمد البناء على رؤية الامام الصادق حول هذا الموضوع الشائك ، وذلك عملا بنص صريح فى اتفاق باريس - تحت عنوان / الحريات والتحول الديمقراطى ينص على ان الاطراف سوف تستمر فى الحوار بشان مسالة علاقة الدين بالدولة التى جرى بحثها ولكنها لم تحسم ، ولاعطى المهتمين بهذا الملف فى الشارع السودانى رسالة بوجود قواسم مشتركة كبيرة بين اطراف مجموعة اتفاق باريس ، وبالقطع لا ادعى اننى فى هذا المقال اعبر عن راى الجبهة الثورية ولكن الرسالة التى اود توصيلها هى ان مسالة ( علاقة الدين بالدولة ) والدينى والعلمانى ، هذه الامور هى موضع حوار علنى شفاف ومكشوف ، وانها مقدور عليها ، ويمكن تجاوز هذه الاشكالية اذا خرجنا من نفق الغلو والتشدد الطالبانى الذى بداه نظام مايو فى عهد اللوثة حسب عبارات استاذنا الجليل د منصور خالد ، ومرورا بعهد الانقاذ الذى اخذ باكثر الاراء الفقهية تطرفا ، وتسبب فى تقسيم البلاد والعباد ، حتى اصبح ( الاسلام نفسه فى السودان هو المشكلة) .

فى قراءة رؤية الامام فى فك الاشتباك الدينى العلمانى :

بتاريخ and#1636; سبتمبر and#1634;and#1632;and#1633;and#1636; نشر السيد الامام الصادق المهدى مقالا فكريا بعنوان ( فك الاشتباك الدينى العلمانى) ، لغرض الحوار والبناء التراكمى اقتبس منه المقتطف التالى :
( فى الاطار السياسي هناك شعاران : شعار يقول به دعاة المرجعية الاسلامية ، ان الاسلام دين ودولة ، وشعار العلمانية المخففة الذى يقول : الدين لله والوطن للجميع .
شعار الاسلام دين ودولة يجب ان يراجع لان الدين من الثوابت ، والدولة من المتحركات اى العادات ، والمساواة بينهما تمنع حركة المجتمع واستيعاب المستجدات. الصحيح فى هذا المجال ان يقال : الاسلام دين ومقاصد اجتماعية ، ان الاسلام محمول عقدى وثقافى مطلوب لالهام الجماعة وحفظ تماسكها ، والاسلام يفعل ذلك مع الاعتراف بالحقوق الدينية والمدنية لغير المسلمين .) انتهى الاقتباس .

الاصلاح الدينى اللازم لتحقيق الاصلاح السياسي :

حركة العدل والمساواة السودانية كما افهمها ليست تجمعا عقائديا ، وليست واجهة عسكرية لحزب المؤتمر الشعبى ، ( كما كان على عثمان ونافع يقولان ) ، وانما هى (مؤسسة وطنية سودانية ) معنية بالسودان القديم كله شاملا الجنوب الذى انفصل لعجز الشمال عن تحقيق الوحدة الجاذبة ، وكذلك حركة التحرير الكبرى فى ملف دارفور ، كما افهمها ليست حركة عقائدية ، وليست واجهة او جناح عسكرى للحزب الشيوعى ، كما يزعم بعض اهل المركز ، وانما هى حركات وطنية سودانية ، باختصار ، ان القاسم المشترك الاعظم بين الاطراف المكونة للجبهة الثورية هو هدف العبور بالسودان من ( دولة العقيدة الاسلامية الجهادية ) الى دولة ( المواطنة ) التى يتساوى فيها السودانيون من نملى الى كاودا والى الفاشر وحلفا ، من منظور ومرجعية ( المواطنة ) ، وهذا هو جوهر اتفاق باريس . اعتقد ان الدولة السودانية كانت حقل التجربة لمشروع حسن البنا الاخوانى ، خاصة فى نسخة سيد قطب الجهادية المطورة بواسطة ايمن الظواهرى ، لتتحول الى سلفية جهادية .
عندما اجتمعنا فى لندن فى and#1634;and#1633; اكتوبر and#1634;and#1632;and#1633;and#1632; فى اطار الجبهة الوطنية العريضة ، وكلفت برئاسة اللجنة السياسية ، احدى اللجان الفرعية للجان المؤتمر ، تناولت اللجنة السياسية مسالة علاقة الدين بالدولة ، وانقسمت الاراء داخل اللجنة السياسية ، فريق ينادى بالعلمانية وحدها ودون غيرها ، وفريق يدعو الى الدولة المدنية ، ولم تتمكن لجنتنا الفرعية من حسم هذه القضية الشائكة ، لذلك قررت احالة مسالة ( علاقة الدين بالدولة) الى الجلسة المشتركة بالمؤتمر التى تضم كافة اعضاء المؤتمر التاسيسي ، وبعد حوار مستفيض فى المؤتمر تنازل ( دعاة العلمانية) ، وقبلوا ( بالدولة المدنية) ، فى لفتة ديمقراطية تاريخية ، وانا اتذكرهم فردا فردا ، لانهم قدموا درسا رائعا فى التسامح والمرونة من اجل ان نبنى وطنا يسعنا جميعا رغم اختلاف الواننا ولغاتنا ، وخلفياتنا الثقافية . والنتيجة التى اود الوصول اليها هى ان الناس فى الشارع السودان اصابها غبن كبير من التطبيق الانقلابى الاستبدادى للسلام التمكينى فى السودان ، لذا يرى البعض ان الحل فى العلمانية بشكل صريح وبدون اى دغمسة ، وتجربتنا فى الجبهة العريضة حول هذا الملف تدل على اننا سنتفق ، وسننجح فى ادارة التنوع والتباين فى وجهات النظر.

وشاهدنا من الخلفية اعلاه ان اصل بالتحليل والقراءة الى النتائج التالية :-

and#1633;- قناعتنا فى حركة العدل والمساواة ان ( العلمانية) يمكن ان تكون سلعة جيدة لو انك تسوق نفسك للمجتمع الدولى ، ولكن الامر يختلف عندما تسوق نفسك للشعب السودانى ، بعد قترة انتقالية قصيرة مدتها عامان ، فى منافسة حرة مع ( تجار الدين) من عصابة المؤتمر الوطنى ، الذين يشهد لهم العالم كله بانهم ( دولة فاسدة ) ، و ( دولة فاشلة ) ، وتبرات من تجربتهم كل دول الربيع الاسلامى . من الخطا السياسي الفادح ان تعطى خصمك كرتا رابحا ، ليوظفه ضدك ، ان اهلنا فى الهامش متدينون وطيبون ، فمن الخطا السياسي ان نضع حاجز ( العلمانية ) بيننا وبينهم .
and#1634;- بدلا من نترك الدين ( كرصيد للاخوان المسلمين) ، و ( كسلاح ) فى ايديهم يستخدمونه ضدنا باعتبارنا ( علمانيين ) ، فالافضل هو ان ننزع منهم كرت الدين ، بالتوجه نحو ( الاصلاح الدينى) ، و قديما قيل : ( لا يوجد اصلاح سياسي بدون اصلاح دينى ) ، والاصلاح الدينى الذى اقصده ليس بالضرورة ان يكون فى شكل قضايا فلسفية صفوية ، وانما اعنى به اخراج المجتمع السودانى من حالة الغو ، والتطرف فى تطبيق نظام مايو ثم الانقاذ للشريعة فى السودان ، الى الاعتدال والوسطية ، وذلك بتدشين رؤى ( ما بعد عهد الاخوان المسلمين وثبوت فشل مشروع حسن البنا ) ، وحتى لا يكون كلامنا نظريا فى الهواء ، فانى ساقوم بوضع النقاط فوق الحروف ، وذلك بتقديم نماذج عملية للاصلاح الدينى المبنى على الرؤية المقاصدية التى اشار اليها السيد الامام الصادق فى مقاله المنوه عنه اعلاه :

( اولا ) : فى تاصيل ان الوحدة الوطنية ، ووحدة الشعب السودانى مقدمة على تطبيق الشريعة :

قال تعالى فى سورة طه :
( قال يا هارون ما منعك اذ رايتهم ضلوا (and#1641;and#1634;) الا تتبعن افعصيت امرى (and#1641;and#1635;) قال يا ابن ام لا تاخذ بلحيتى ولا براسي انى خشيت ان تقول فرقت بين بنى اسرائيل ولم ترقب قولى (and#1641;and#1636;) .) صدق الله العظيم .
هذه الآيات تخلص الى ان وحدة شعب بنى اسائيل مقدمة على اقامة الدين والشريعة الموسوية ، وقد تخلص الفقه الاسلامى منذ زمن. بعيد من ثقل (اسباب النزول) ، وخلص الى المبدا القائل ( العبرة بعموم النص لا بخصوص السبب) ، فالقراءة المقاصدية لهذه الايات القرآنية العظيمة هى ان وحدة الشعب السودانى اهم من اقامة الشريعة ، ولعل اتفاقية الميرغنى غرنق نوفمبر and#1633;and#1641;and#1640;and#1640; التى وافق فيها الميرغنى عل تجميد الشريعة النميرية قد استلهمت هذه الروح المقاصدية ، وشاهدنا ان اهل الانقاذ قد فشلوا فى استلهام الروح المقاصدية للقرآن حين قسموا السودان الى جنوب وشمال (على اساس دينى ) ، ورفضوا حتى استثناء ولاية الخرطوم من تطبيق الشريعة التى لم يقيموها فى انفسهم ، وجعلوا الاسلام نفسه ( هو المشكلة ) .

( ثانيا) فى جعل حقوق الانسان ، وقيم التسامح وحقوق المراة فى المساواة من الاولويات الضرورية القصوى من مقاصد الشريعة :

المشروع المقاصدى يعنى ببساطة ان نضع الدستور ، ونشرع القوانين ، استنادا الى ( مقاصد الشريعة ) ، على ( روح الشريعة ، وروح القانون) ، وليس على اساس ( نصوص الشريعة) المستمدة من تطبيقات دولة المدينة ، او الدولة الاموية او العباسية فى صدر الاسلام ، وذلك لان مقاصد الشريعة المرتبطة ( بالدولة) مسالة ( متحركة) كما ورد فى كلام السيد الامام .
واضح ان المشروع النهضوى العربى الاسلامى لعصر ( مابعد الاخوان المسلمين وفشل مشروع حسن البنا) سينطلق من المشروع المقاصدى التراكمى الذى اصل له الامام الجوينى ، والعز بن عبدالسلام والغزالى ، وابن رشد الحفيد الذى طبق المقاصد على العبادات ، وتجلى ذلك فى ورعته ( بداية المجتهد ونهاية المقتصد) .
مشروع المقاصد فى عصرنا الحديث برز من خلال اطروحات محمد بن عاشور ، ومدرسة المنار فى مصر على يدى جمال الدين الافغانى ومحمد عبده ، وقد ساهم كل هؤلاء الاجلاء فى التعريف بمشروع المقاصد الذى تبلور بشكل منهجى لدى الشاطبي فى الموافقات ، والمقصود بها الموافقة بين المذهب المالكى / مذهب اهل الاندلس والمغرب العربى ومذهب اهل المدينة ، وبين المذهب الحنفى ، وابوحنيفة هو امام العقل ، وهو الامام الاكبر ، والحنفية هو مذهب الخلافة العثمانية ، وهو المذهب الذى استند اليه برقيبة فى سن قوانين الاحوال الشخصية ، والتى تصنف بانها اعظم قوانين للاحوال الشخصية فى العالمين العربى والاسلامى ، والخلفية (الحنفية) لكل من تركيا ، والعلمانية فى عهد برقيبة هى التى جعلت التطبيقات الاسلامية فى تركيا / اردغان ، وتونس / الغنوشى مسالة مختلفة عن التطبيق الاسلامى الطالبانى فى السودان .
فاذا كان الامام الشاطبي قد قسم مقاصد الشريعة الى ( ضرورية ، وحاجية ، وتحسينية) ، ومع مراعاة ان ( فقه الدولة كله من المتحركات ) ، فان الفهم المقاصدى للشريعة يقتضى ان نجعل قضايا ( حقوق الانسان ( كما هى فى المواثيق والعهود الدولية التى صادق عليها السودان ) واحترام التنوع ، وقيم التسامح ، وحقوق المراة ، واستقلال القضاء ، وقيم العدل والمساواة ... الخ) .. نجعلها - الان / فى زماننا هذا / عصر مابعد فشل مشروع حسن البنا - من (ضروريات مقاصد الشريعة) ، لان مقاصد الشريعة اتت لتكريم الانسان ( ولقد كرمنا بني ادم - الاية and#1639;and#1632; سورة الاسراء) فاذا نظرنا الى ( حق المتهم فى الدفاع) ، سنجد ان هذا الحق (متغير)، بتغير الزمان والمكان ، ففى دولة المدينة لم يكن من حق المتهم ( التقاضى على مرحلتين) ، بل كان مسموحا ( اكراه المتهم ليعترف كرها) ، وقد افتى امام المدينة / الامام مالك بجواز ضرب المتهم الى ان يعترف ، وقد كان هذا الفقه مقبولا فى وقته ، ولكنه الان / يتعارض مع روح الشريعة ، ونصوص القوانين التى صاغها انسان هذا الزمان من قيم عصره المستمدة من المواثيق والعهود الدولية المنظمة لحقوق الانسان.
اخلص من كل ما تقدم هنا اعلاه ، الى ان اتفاق باريس فى مجمله وبما يهدف اليه من بناء دولة المواطنه ، وبما نص عليه تحت بند الحريات والتحول الديمقراطى يضع الاساس ( لروح الدستور ) المستمد من روح الشريعة ومقاصدها / المتحركة ، وهذا الفهم يقودنا الى ضرورة الغاء كافة القوانين المقيدة للحريات ، والردة ، وبنطلون لبنة ، هذه القوانين المخالفة لنصوص المواثيق الدولية المنظمة لحقوق الانسان والتى صادقت عليها حكومة السودان منذ تاريخ الاستقلال، وسن قوانين ( تجرم اتهام الاخرين بالردة) كما جرى فى التجربة التونسية التى اشاد بها السيد الامام فى مقاله الفكرى موضوع الحوار ، والغاء التشريعات الجنائية التى تحط بكرامةالانسان السودانى مثل جلد المراة والرجل ، والعودة الى قانون عقوبات and#1633;and#1641;and#1639;and#1636; باعتباره قانون سودانى مجرب ، او صياغة اى قانون اخر مبنى على حقوق الانسان (كما هى فى المواثيق).

( ثالثا ) الاقتصاد الاسلامى الطفيلى :
اذا كان مشروع حسن البنا الاخوانى قد وجد قبولا فى تركيا على يدى اردغان وعبدالله غول ، فقد حدث هذا القبول بسبب النجاح الاقتصادى الهائل الذى حققه اردغان ، وهو نجاح لم يؤسسه اردغان على الطفيلية الاقتصادية ، والمرابحة ، والسمسرة بقوت الشعب التركى ، وانما بالشفافية ، والنزاهة والامانة ، والانتاج الحقيقى ، وليس النشاط الطفيلى كما فعل اهل الانقاذ ، افسد خلق الله فى الارض ، باسم الاسلام . لم تطور البنوك الاسلامية فى السودان تجربتها ، منذ تدشينها حوالى عام and#1633;and#1641;and#1640;and#1632; ، لم تخرج عن صيغها الثلاثة المعروفة ، ولكنها توسعت فى ( صيغة المرابحة ) ، وتمويل السيارات الفارهة للاغنياء . باختصار ، لايحتاج الانسان ليقدم حيثيات لاقناع الشارع السودانى بفشل تجربة الانقاذ فى الاقتصاد وادارة موارد البلاد ، وسرقة عائدات النفط السودانى حينما كان الجنوب جزءا من الوطن السودانى الكبير . ملف الاقتصاد السودانى يحتاج الى مؤتمر اقتصادى كما هو مقرر ، قطعا ان اول توصية سيخرج بها هذا المؤتمر الاقتصادى هى الغاء احتكار الاقتصاد الاسلامى الفاشل ، والسماح للبنوك التجارية التى تعمل بالفائدة اليسيرة المعلومة ( الخالية من اى استغلال او الاضعاف المضاعفة كما جاء فى اسباب منع الربا.) ، وتجدر الاشارة الى ان هذه البنوك التجارية تعمل فى السعودية ودول الخليج وتركيا الاسلامية ، ومصر وتونس دول الربيع الاسلامى ، الامر الذى يكشف ان منعها من العمل فى السودان بلد التنوع لا يعدو ان يكون غلوا وتطرفا فى تطبيق الشريعة ، وقلة فقه .

ابوبكر القاضى / عتيق
ويلز