الفرصة الاخيرة امام النخبةالسودانية تعليق علي تعليق الاستاذ طه النعمان

الفرصة الاخيرة امام النخبةالسودانية تعليق علي تعليق الاستاذ طه النعمان


06-30-2014, 11:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1404125612&rn=0


Post: #1
Title: الفرصة الاخيرة امام النخبةالسودانية تعليق علي تعليق الاستاذ طه النعمان
Author: عبد العزيز الصاوي
Date: 06-30-2014, 11:53 AM

عبد العزيز حسين الصاوي
الكتَاب بلا قراء لاقيمة لهم.. فأذا حسب صاحب هذه السطور نفسه ضمن هؤلاء، يكتسب انتاجه قيمة حقيقية عندما يجتذب اهتماما من قارئ مثل الاستاذ طه النعمان، قارئ نوعي لانه قارئ- كاتب في الوقت نفسه. هكذا ينفتح مجال لحوار منتج بين المثقفين السودانيين. يتعلق الامر في هذه الحالة بمقال للاستاذ النعمان يوم 31 مارس 2014 حول مقالي بعنوان " الفرصة الاخيرة امام النخبة السودانية: بعض الافكار " كان قد نشر في جريدة الرأي العام يوم 25 مارس، اعتبره فيه : " دعوة لحوار جديد ابعد من الحوارات والجدل المعتاد ( ... ) هدفه تخطي الانقسامات والتعصبات الايديولوجية (... ) بين (علمانيين ) و( اسلاميين ) ويسار ويمين " يتبادلون الاتهامات حول المسئولية عن اجهاض الديموقراطيه. في عموميته هذا الهدف يتسيد الساحة العامة منذ سنوات عديدة ويشتد الالحاح عليه كلما استحكمت حلقات الازمة، بينما التحاور مع الاسئلة والاستفهامات والاعتراضات التي يثيرها هذا النموذج لدي الاستاذ النعمان قد تستخرج منه مايضفي شيئا من الجدة علي الدعوة هذه المره.
بناء علي حزمة الملاحظات والاحداث التاريخية المفصلية ( ضد الاستعمار التركي والبريطاني من اجل اجل حرية الوطن وضد دكتاتورتي نوفمبر 58 ومايو 69 من أجل حرية الشعب ) يعترض الاستاذ النعمان علي فكرة المقال الجوهرية ومؤداها "افتقاد المجتمع السوداني للخبرة الديموقراطية " .الشاهد ان الدلالة المستخلصة من هذه الاحداث صحيحه ولكنها تتصل بجانب واحد من مفهوم الديموقراطية وهو الحريه إذ انها الشرط الجوهري لتطبيقها، بينما ينهض عجزنا عن تـأسيس ديموقراطية قابلة للحياة طوال تاريخنا القديم والاحدث بعد نيلنا الحريه دليلا علي حاجتنا الي البحث عن تفسير لهذه الظاهرة. مساهمة صاحب المقال في هذا المجال نابعة من المقارنة بالتجربة الاوروبية، تنقيبا عن هذا التفسير وليس احتذاء بها إذ حاول تقديم رؤية حول المسار السوداني الخاص نحو توفير ثقافة/ خبرة الديموقراطية كأساس وحيد لاستدامتها بالتعليم والمجتمع المدني. يضيق المجال هنا عن الاسهاب ويمكن لمن يشاء الرجوع الي كتابيه في هذا الخصوص.
مايمكن قوله علي سبيل التحاور المختصر مع مقومات هذا الاعتراض إن مصدر الخلاف هو التباين بيننا حول مفهوم الديموقراطية الذي يجد اساسه الفلسفي في مبدأ مركزية الفرد مقابل الجماعه. نتيجة مخاض استمر قرونا في ما ماسمي عصر التنوير ( الثورة الصناعية وظهور الطبقة الوسطي، الاصلاح الديني وتيارات التنوير الفلسفية والفكرية ) تطورت كينونة الانسان الاوروبي كعقل قادر علي تقرير أموره بدرجة عالية من الاستقلال عن انتماءاته الموروثة، مشكلة القاعدة المتينة لنجاح الديموقراطية فكرة ونظاما. هذه مرحلة لم نشهدها.. وصلنا رذاذ من إفرازات بعديها التنويري والديموقراطي مع الاحتلال البريطاني، اهمها نشوء فئات اجتماعية- ثقافية حديثة التكوين شكلت خميرة تحرير عقل الفرد السوداني وتفكيك العلاقات الموروثة، ولكنها لم تلبث ان تبددت نتيجة لهشاشة جذورها في البيئة المحلية ثم استنزاف الشموليات المتوالية للقليل المتحقق.
لدينا، كما ورد في مقال الاستاذ النعمان تراث ديموقراطي ولكن بالمعني العام الكلمه، يمكن استيحاؤه لاقامة أشكال انتقالية علي طريقة اللويا جيرقا في افغانستان وربما الصيغة المطبقة الان في الصومال . إزاء اي اعتراضات ممكنة علي المقارنة بهذين البلدين ترد حقيقة ان مايميزنا ايجابيا عنهما اضحي في ذمة التاريخ مع استشراء مظاهر التدهور نحو الفهم الضيق غير الحميد ، حتي لانقول الخبيث ، للانتماءات القبيلة والاثنية الذي تغلغل حتي في الاوساط الحضريه. علي ان التمظهرات الحميدة المعهودة لهذه الانتماءات قبل زمان الانهيارات الحالي الذي انحدر بنا من فشل الدولة الي فشل المجتمع، لم تكن مجالا لممارسات ديموقراطية بالمعني المعروف للكلمه لكونها تقوم علي الفرد- القبيلة وليس الفرد- المواطن، فهي متاحة في القبيلة المعينة للمنتمين اليها فقط.
في معرض ملاحظاته علي المقال يتساءل الاستاذ النعمان ايضا عن الكيفية او الالية التي تحقق التفاعل المنتج بين الاسلاميين والعلمانيين الاصلاحيين- الديموقراطيين، خميرة الديموقراطية كثقافة، التي يعتبرها المقال الوسيلة الوحيدة لإحداث اختراق في حاجز عدم الثقة بين المجموعتين الذي شل ويشل دور النخبة السودانية القيادي في تأسيس الديموقراطية المستدامة. ملخص فكرة الالية هو تنظيم سلسلة جلسات مغلقة بين ممثلين لهاتين المجموعتين بهدف تأمين مساحة تصارح متبادل كأجراء ضروري لبناء الثقة ثم التفاعل توافقا وخلافا،نظرا لاستحالة توفره في فضاء مفتوح. هذه ضربة البداية في مسيرة طويلة وصعبه ولكنها اكيدة النجاح. وبالمقارنة للحجم الكبير للهدف المنشود، إذ لايقل عن تفكيك ازمة الديموقراطية المزمنة المستعصية علي الجميع حتي الان، تبدو الالية ضئيلة وبسيطه ولكن يمكن تشبيهها بالثغرة الصغيرة في جدار خزان لاتلبث ان تتوسع بسرعة مضطردة مع تزايد الادراك لدي المثقفين والناشطين الفكريين والسياسيين النوعيين لسلامة الاتجاه، او علي الاقل لكونه ارتيادا لطريق لم يطرق من قبل، مفجرة حراكا فعالا وحيوية بالغة .. الي جانب ضالتها وبساطتها غير المقنعة من الوهلة الاولي، تعاني الالية ايضا من صدورها عن فرد مجرد من اي وزن معتبر سواء بسبب عدم أنتمائه الي جماعة من اي نوع او تواضع موقعه في الساحة الفكرية رغم الاشارات المشجعة من حين لاخر، مثل التعليق موضع هذه الملاحظات.
في هذا السياق يرد التوضيح التالي : ترشيح مقالي ل " الحركة الوطنية للتغيير " كمنصة تصلح لاطلاق الفكرة للنقاش لايعود الي خبرة داخلية فيها رغم تجاوبي مع فكرة الحركة في خطوطها الرئيسية ، وإنما الي قناعة ترسبت من متابعة الانتاج الفكري والسياسي لقياداتها من ( الاسلاميين )، وكذلك مواقفهم الفعلية تجاه تجربة الانقاذ، تشير الي انقطاع معرفي وعملي عن الحركة الاسلامية في صيغتها الكلاسيكية مما يفرزهم بوضوح عن الاسلاميين التقليديين. وهي رؤية قد تختلف قليلا او كثيرا عن التصورات التي حدت بمثقفين علمانيين اخرين أعلي كعبا مني، الواثق كمير ( يناير 2013 ، الكرة في ملعب الرئيس : تفكك الدولة السودانية ) ياسر عرمان ( تصريح حول إمكانية التعامل مع الاصلاحيين ) الحاج وراق ( دراسة حول الاستراتيجية السياسية ) لقبول فكرة تعامل ما مع الاسلاميين، وأثارت، مع ذلك، حولي بعض اللغط بما يعكس اهتماما لااستحقه. فضلا عن ذلك هناك نماذج يفيض بها تاريخ التحولات الديموقراطية في العالم الثالث افريقيا وعربيا وامريكيا لاتينيا واوروبيا شرقيا حول تنازلات إزاء شخصيات واطراف بقيت جزء لايتجزأ من انظمة لاتقل بشاعة عن نظام الانقاذ وحتي بعد سقوط النظام المعني. وعلي اية حال فان في المقال إشارة الي امكانية تبني فكرة الالية من قبل اي شخص او جهة اخري وتخطر في ذهني هنا ثلاث من هيئات المجتمع المدني " الديموقراطية اولا " و " قراءات من اجل الديموقراطيه" و " مركز الخاتم عدلان " سبق لها ان نظمت لقاء فكريا في نيروبي خلال سبتمبر الماضي كان منتجا من اكثر من ناحية اهمها ترطيب الجو بين مجموعة من العلمانيين والاسلاميين..
إضافة لاحقة
تأخر نشر هذا التعليق الذي كان قد أعد قبل فترة حتي الان في انتظار نشره في جريدة اخر لحظه وكان قد ارسل بعنوان الاستاذ النعمان الالكتروني. لعلها فرصة ان اضيف هنا مقترحا يتعلق بالتنفيذ العملي وهو ترشيح الاستاذين محجوب محمد صالح والطيب زين العابدين لتولي مسئولية قيادة هذا العمل من حيث التخطيط والتنفيذ سواء بالصيغة المطروحة في المقال او اي صيغة اخري تخدم نفس الهدف ( ترشيح الشخصيات الممثلة للطيفين العلماني والاسلامي الاصلاحيين وربما شخصيات من خارجهما، واجندة الحوار الخ .. الخ ..) علما بأن الاستاذين بينهما علاقة عمل في مجال التوعية حول الدستور