مراسلون من (بيت الكلاوي) بقلم/ محمد قسم الله محمد إبراهيم

مراسلون من (بيت الكلاوي) بقلم/ محمد قسم الله محمد إبراهيم


06-27-2014, 06:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1403846593&rn=0


Post: #1
Title: مراسلون من (بيت الكلاوي) بقلم/ محمد قسم الله محمد إبراهيم
Author: محمد قسم الله محمد إبراهيم
Date: 06-27-2014, 06:23 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

[email protected]
حينما يعبر القادم للدويم النيل الأبيض على ظهر البنطون (قبل زمن الكوبري) وفي الطريق إلي قلب المدينة العريقة يمر عبر شارع أسلفتي تجد علي يمينه ويساره سوق (المراتب) ويستوقفك (كشك) من الزنك مكتوب عليه مكتبة ابو السرة لصاحبها الشيخ محمود شيخ المراسلين الصحفيين الذي يحرص علي التزيؤ بالجلباب ويعتمر العمامة التي تُضفي عليه شيئاً من المهابة، كنا صغاراً نُرافق والدي الذي كان يعمل مديراً تنفيذياً لمديرية النيل الأبيض في حدود الولاية الآن بكل زخمها وواليها ووزرائها ومحلياتها ومعتمديها كان يديرها مدير تنفيذي ومحافظ واحد علي ظهور البكاسي بلا لاندكروزرات ولا حراسات ولا يحزنون وذلك حديث آخر، المهم كنا نرافق والدي إلي حيث المكتبة الصغيرة وصاحبها الكبير ونشتري منها الكتب والمجلات حين لا نجد مبتغانا في مكتبة الثقافة الوطنية لصاحبها غانم محمد أفندي تلك المكتبة الفخيمة التي كانت تتوسط سوق الدويم ذاخرة بنفائس الكتب.
هنالك رأيتُ الشيخ محمود المراسل الصحفي وانطبع اسمه ورسمه في ذاكرة طفل صغير كان يلمح الإسم يعلو دوماً أخبار النيل الأبيض والدويم خصوصاً في صحف الخرطوم ولستُ في مقام التوثيق للرجل فله كسبُه الذي تحفظه ذاكرة الناس والتاريخ. ولا يُذكر الشيخ محمود في الدويم إلا ويُذكر معه كفاحاً المراسل الدؤوب محمد عبد الماجد ذلك الذي حمل علي عاتقه أعباء الرسالة الإعلامية للدويم في السياسة والرياضة والفن والثقافة والمناشط التربوية فهو كما أتذكره كان دائم التطواف علي ظهر دراجته الهوائية يرتدي(جلابية وطاقية) ويمضي سحابة يومه بين الميدان جنوب المستشفي ويتابع تدريبات الشاطئ والأشبال والوطن الدويم وتجده في سوق المدينة ومدارسها ومجالسها ومحافظتها يتابع كل صغيرة وكبيرة وتجده في صفحات صحافة الخرطوم وعالم الرياضة.
خدمات جليلة وكبيرة قدمها محمد عبد الماجد في عكس أنشطة الدويم بمهنية عالية وفي صمت وصبر جميل، عشرات السنوات ونحن نقرأ لمحمد عبد الماجد تقارير أخبارية مهنية جداً دون تطويل مُمل ولا اختصار مُخل، تقارير محمد عبد الماجد يجب أن تتخذها كليات الإعلام نماذج للصياغة الخبرية المهنية.عشرات السنوات والناس يقرأون ويسمعون تقارير محمد عبد الماجد في الصحافة والإذاعة لكن لم نسمع تكريماً له يستحقه علي رؤوس الأشهاد.
من المراسلين الذين حظوا بشهرة واسعة كذلك وأسبقية في العمل الصحفي مراسل عطبرة عوض الله دبورة ومراسل مدني المعُتَّق حامد محمد حامد الذي لا نزال نراه في كامل هندامه واناقته يجوب المدينة كل صباح ويرسل مشاركاته الرصينة لصحف الخرطوم وهو رجل يحترم نفسه ويحترم مهنته أقول هذا عن معرفة بما أقول عن حامد محمد حامد متعه الله بالصحة والعافية.
من المراسلين الذين أنفقوا سنوات في خدمة الإعلام وخدمة بلداتهم الصغيرة ووطنهم الكبير الصادق عبد الساوي في كوستي الذي يحرص علي عكس وجه مدينته وعرف الناس عبره كوستي، وفي سنار هنالك خليفة الصافي الذي يستحق التكريم من كل فرد في سنار لدوره الرائد في الخدمة الصحفية التي اختطها بكفاءة في مشواره الوضئ. أما في كسلا فلا ينسي الناس الهرم الكبير عبد الجليل محمد عبد الجليل الذي قدم عصارة خبرته للصحافة والإذاعة في نقل أخبار المدينة لسنوات طويلة حتي ارتبط اسمه بمدينة كسلا.
الشاهد أنّ كل هؤلاء المراسلين قدموا خدمات جليلة لمناطقهم وساهموا بقدر وافر في بناء النسيج الوطني للسودان حين جعلوا الناس يتشاركون المعرفة ويتفاعلون مع الأخبار التي ينقلونها عن مواقعهم وأقاليمهم. والشئ الذي يجمع هؤلاء المراسلين الكبار هو تاريخهم الطويل في الإعلام ومهنية وخبرة طويلة صقلتها الأيام في أصعب الظروف فهم لم يكونوا يبحثون عن جاه ولا سلطان بقدر ما خدموا القضية الإعلامية المجردة من كل غرض وإلا ماكان محمد عبد الماجد يجوب شوارع الدويم في (عجلة فونكس) ولا كان حامد محمد حامد يمشي (كداري) في (زقاقات) مدني رغم ثقل السنوات. والأهم الجدير بالإشارة إنهم لم يكونوا طرفاً في صراع ولا سعوا لاستقطابات كرستها المصالح الخاصة وقعت فريستها بعض الصحف بفعل بعض المراسلين هنا وهناك، بل كانوا ينقلون أخبارهم بكل حيادية وموضوعية.
إنني أدعو في هذا المقال لأن تقود صحيفة التيار مبادرة لتكريم هؤلاء المراسلين الرواد الذين أنفقوا سنوات طويلة في خدمة الصحافة والإعلام وأن تكون هذه المبادرة تحت إشراف المجلس القومي للصحافة والمطبوعات وبمشاركة من جميع الدور الصحفية والناشرين حتي لا تكون جوائز الصحافة التي يمنحها مجلس الصحافة موسمية لا تنظر للخبرات التراكمية لهؤلاء العمالقة الذين تشهد لهم أعمالهم، وبالضرورة إشتراك منظمات المجتمع المدني في ابتدار هذا التكريم عرفاناً بالحراك المجتمعي الإيجابي الذي أسهم فيه بقدر وافر هذا الجيل الرائد من المراسلين.
حريٌّ بكل الصحف وكل وسائل الإعلام أن تتداعي لتكريم هذا الرهط من قدامي المراسلين الصحفيين الذين أرسوا ورعوا الخدمة الصحيفة عبر سنوات طويلة فما من صحيفة ولا ناشر إلا وعليه كيل بعير لهؤلاء الرواد من المراسلين الإقليميين الذين عملوا طويلاً خلف ظل القمر.