فقه السترة والتحلل وإزالة الغبش بقلم هارون الشريف جبير – الرياض

فقه السترة والتحلل وإزالة الغبش بقلم هارون الشريف جبير – الرياض


05-29-2014, 04:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1401376847&rn=0


Post: #1
Title: فقه السترة والتحلل وإزالة الغبش بقلم هارون الشريف جبير – الرياض
Author: هارون الشريف جبير
Date: 05-29-2014, 04:20 PM

* بقلم هارون الشريف جبير – الرياض [email protected]
الحراك السياسي الواسع الذي انتظم ساحتنا السياسية بدءاً بخطاب السيد / رئيس الجمهورية , الشهير والذي عرف اصطلاحاً بخطاب "الوثبة" والذي ألقى بحجر كبير في بركة السودان الراكدة وأسس للقاء المائدة المستديرة المحضور بنسبة عالية من مختلف القوى السياسية والحزبية والنخب الفكرية والإعلامية والأكاديمية وغيرها , مروراً بملتقى أم جرس الأول والثاني , وصولاً إلى حسم القرار بالتفاوض مع قطاع الشمال وتقديم ضمانات إلى حملة السلاح من جبهة ثورية وحركات دارفورية متمردة لحضور الحوار المرتقب بهدف الوصول إلى ثوابت ومرتكزات وطنية يتراضى عليها الجميع وتقود إلى التراضي الوطني المفضي إلى بسط الحريات والديموقراطية وإلى صياغة دستور دائم للبلاد يعالج قضايا التداول السلمي للسلطة والهوية والإقتصاد والسياسة الخارجية وغيرها من مطلوبات المرحلة , معالجة جذرية .
فإن المراقب لهذا الحراك السياسي المحموم يلحظ حراكاً من نوع آخر لا يقل أهمية أو ينقص في حجمه عن الحراك السياسي المتواصل الآن , ويتمثل في تحريك ملفات فساد كبرى طفت على سطح الأحداث بشكل ظاهر ومثير , وهي قضايا فساد مالي وإداري ومحسوبية واستغلال نفوذ طالت سهامها دستوريين ومسئولين كبار كقضية ملف فساد شركة الأقطان السودانية وما اعتراها من تلاعب كبير ونهب للمليارات واستغلال نفوذ , الأمر الذي حدا بوزير العدل "الهمام" مولانا محمد بشارة دوسة يجأر بالشكوى في داخل قبة البرلمان جراء ضغوط مورست عليه من قبل نافذين تهدف إلى وقف التحقيق في هذا الملف وعدم تمريره إلى القضاء , وقضية الفساد الكبير والأرقام المليارية المنهوبة واختلاسات الأراضي بموجب تزوير توقيع الوالي من قبل الطاقم الإداري لمكتب والي ولاية الخرطــــــــــوم د./ عبدالرحمن الخضر والذي قيل أنه صعق أو يكاد ، من هول الصدمة والمفاجأة , ثم قضية اختلاسات الأراضي في ولاية الخرطوم وغيرها .
فمهما يكن من أمر فإن طرق ملفات الفساد الذي ضرب بأطنابه كثير من المؤسسات الهيئات في هذا التوقيت تحديداً , من شأنه أن يسهم في إنجاح الحوار المرتقب ويسهم كذلك بقدر معقول في إصحاح مسار الخدمة المدنية وقد يعيد بعضاً من الثقة المفقودة لدى المواطن في مؤسساته ويخلق جوا من الثقة لدى المستثمرين الاجانب, ولا نعتقد أنه يخصم من رصيد الحزب الحاكم "المؤتمر الوطني" إن لم يضف إليه , إذا ما اتسم بالجدية المطلوبة والحسم اللازم وبدرجة عالية من الشفافية والنزاهة وليس مجرد تكتيك مرحلي بغرض تمييع مواقف وتحييد أخرى لتجاوز مرحلة بعينها .
بيد أن أغرب ما في الأمر هو الصمت الإعلامي الرسمي إزاء هذه القضايا, كقضية الفساد التي تهم المواطن بالدرجة الأولى , وترك الأمر ليتم تناوله في فضاء الإعلام الإسفيري , ولن يكون ذلك بأي حال في مصلحة الحكومة أو الحزب الحاكم , ولا نحسب أن معالجة قضايا الفساد هذه تتم بالصورة المطلوبة ما لم تتوفر شروط محددة وياتي في مقدمتها :
أولاً : إطلاق يد العدالة وتمكين وزارة العدل من التحقيق في جميع تهم الفساد وشبهات الثراء الحرام وتقديم المتهمين إلى القضاء ليقول كلمته النهائية .
ثانياً : وقف التعامل مع المفسدين الذين أجرموا في حق الوطن والمواطن وذهبوا بأمواله اعتماداعلى إجتهادات فقهية مبتدعة "كفقه" التحلل من المال الحرام , والذي بموجبه تبرأ ساحة المجرم ويخلى سبيله حتى لو كان سارقاً , وإلغاء بدعة ما يسمى بفقه "السترة" والذي يقود الى نظام التسويات كتسوية جزء من المال المسروق ومن ثم يغلق ملف القضية نهائيا من دون الاشارة الى الناهب او السارق وهو مخالف للشرع بموجب حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة المخزومية بقوله (ص) (والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها) ,أو ما يعرف بفقه "إزالة الغبش " والعهدة على ذمة الرواة كمنح مسئول تنفيذي كبير في هيئة أو مسئول على إحدى المحليات الحق في جمع أموال من المواطنين أو فرض رسوم إضافية بغرض إزالة الغبش عن نفسه ليظهر بالمظهر اللائق به كمسئول - أي بمظهر "المنعم" , وغيرها من الإجتهادات التي لا اصل لها في الشرع الحنيف ولا يعرف لها سند من الكتاب والسنة , ولاتستند الى قاعدة فقهية في الاسلام وإن قضية التحلل من الحرام تأتي فقط فيما يتصل بالتعاملات الربوية .
ثالثاً : ضرورة المحاكمات العلنية لأولئك الذين استباحوا المال العام بالباطل , ليكون رادع لكل من تسول له نفسه التلاعب بالمال العام ونهبه في المستقبل .
رابعاً : تمليك المواطنين ووسائل الإعلام الحقائق كاملة فيما يتعلق بهكذا قضايا كقضية حاويات المخدرات التي تم القبض عليها في ميناء سواكن , وماذا يضير لوتم الكشف عن أسماء المتهمين في هذه القضية ؟ ولندع القضاء يبريء ساحتهم إن كانوا أبرياء . وتبقى معرفة الحقيقة امر مهم للغاية مهما اتخذ من اجراءات صارمة وضرورية تظل الطمأنينة مفقودة لدى المواطن من دون الإدراك الكامل لملابسات وتفاصيل هذه القضايا وماتم بشأنها من اجراءات
ختاماً :
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتحرى أخطائه وسط المواطنين في المدينة ويستحلف الثقاة عماذا يقول الناس عن عمر ؟ مخافة لربه وتفادياً للخطأ والظلم .
وفي عصرنا الحديث , كان المهاتما غاندي حينما هم بوضع دستور دائم للهند ,كان يكثر من مجالسة الفقراء والإلتقاء بالبسطاء وعامة الناس من شعبه حتى اختار من بينهم من وضع الدستور الهندي الحالي الذي جعل الهند من أكبر وأعرق وأميز الديمقراطيات في العالم .
أليست الحكمة هي ضالة المؤمن؟
* عضو رابطة الإعلاميين السودانيين - الرياض