حرامي يسوق قطر داخل جامع الشجرة

حرامي يسوق قطر داخل جامع الشجرة


05-11-2014, 07:51 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1399791096&rn=0


Post: #1
Title: حرامي يسوق قطر داخل جامع الشجرة
Author: محبوب حبيب راضي
Date: 05-11-2014, 07:51 AM

في يده قفه كبيره مليئه بخيرات الحقل، وعلى ظهره شنطه معلقه كالتي يلبسها أولاد الخواجات، وقف سالم وصوت المؤذن يتداخل مع صوته، في مدخل باب المنزل منادياً :

" يا خال كيف حالك ! "

أجبته : " ماشي الحال ! "

قال سالم مستعجلاً :

" أمسك يا خال القفه دي؛ أركِّع وأرجع ليك ! "

ناديته بلهفه :

" يا سالم أقيف ! أوعك ! "

وتوقف سالم في مكانه متسمراً متسآلاً:

" في شنو يا خال ؟ الحاصل شنو ؟ "

قلت له وأنا قد وصلت لحيث يقف، وأمسكت بيده:

" ماشي وين ؟ "

أجاب :

" ماشي الجامع أصلي العصر."

قلت له:

" الجامع ده ياسالم فيه حرامي ! "

وإنفجر سالم ضاحكاً حتى كاد أن يسقط على وجهه !

وقال بعد أن إلتقط أنفاسه:

" إنت يا خال لسه من زمن سرقوا مركوبك جلد النمر (الفاشر) داك، وحلفت تاني ما تمشي تصلي في الجامع."

قلت له : " يا ولد ! أسمع كلامي ده الماشي أقوله ليك ده ؛ القصة ما موضوع مركوب جلد نمر ولا أصله. الموضوع أكبر بي كتير !! "

إلتفت سالم وبدا عليه التركيز و أرهف السمع، وتسآل:

" سمح ! الموضوع شنو يا خال؟ "

قلت له :

" الجامع ده من يوم جاء فيهو المؤذن ده الإسمه (مجاهد) ده ، ما معروف جأنا من وين؛ ووقت سألناه يوم جاب ليهو شجرة شكلها قطع قلب شفع الحلة، ولصقها في بطن الجامع !! "

قال: " كان سايق قطر ! "

" أهه من يوم داك، أصبح هناك حرامي بيسرق الناس ذاتم يا سالم؛ مش بس الله يعزك ؛ المراكيب ! ومن سنة جاء المؤذن ، أي واحد من أولاد الحلة أو من رجالها يمشى يصلى في الجامع، تاني ما رجع لي يوم الليلة، لحد ما الرجال في الحلة كملوا كلهم ! وما فضل إلا المؤذن، يأَّذِنْ براهُ ..!!"

لم يصدق سالم إذنيه، وبدت عليه علامات الاندهاش والحيرة وإنعقد لسانه عن الكلام، لانه لم يسمع مني مزاحاً من قبل أبداً، أبداً ! وسألني:

" لكن يا خال كيف الكلام ده ؟ والناس ديل بيمشوا وين ؟ "

وأنا أُحِكم على قبضة يده وأسحبه الى الداخل، قلت له :

" سأشرح لك القصة بإختصار شديد جداً جداً.. أسمع يا سالم ..

فيهم وآحدين شافوهم ناس خالتك سعاد- لما مشوا الخرطوم، بعد زواج زهرة بتها- لابسين ليهم بِدل شكلها عجيب، وحلفت سعاد إنها أول مره تشوف بِدل بالشكل ده ! طبعاً انت عارف خالتك سعاد طول اليوم حاضنة التلفزيون ومن مسلسل لي مسلسل، شي مصري، وشئ أمريكي، وشيتاً تاني كتر كده ماني خابره، المهم قالت : جنس اللبس داك ما شافت مثله قبل ده. وراكبين ليهم عربات سوداء ، فحم الكماين بس ! ، ووكتين يركبوا جواتا لا زول يشوفهم ولا كأنهم موجودين في الدنيا دي، زي التقول ساكيهم زول ، ولا سارقين لهم سريقه وخايفين الناس يشوفوهم ويعرفوهم.

قالت؛ شفناهم جونا دقائق ومعاهم وآحدين رابطين في وشوشوم صوف عشر؛ نزّلوا لينا - شوالات سكر وصناديق مليانه ، شئ عنب ، وشي تفاح ، وكميثرا و حاجات تاني كده أسمها ذاتوا ما عرفتوا ، المهم !

قالت لي الطاهر النظيف ، ولدها الكبير، يا ولد هووي !! قوم شيل الحاجات الملوثة دي أرميها برَّا سريع...

وفعلاً طوالي النظيف ومعاه الباسل ، شالوها رموها في أقرب ( كوشه ) ؛ وشافوهم ناس الحلة من الشبابيك، وكتيرين منهم نزلوا وحضروا يبشروا لي زهرة.

إلا وآحدين من أكبر بيت قام قريب ده في الحي؛ خمسه طوابق؛ بعد الحفله خلصت !

حِلفت إنصاف ؛ قالت شافت ست البيت - نهاد - وآقفه في بلكونتها، ورسلت أولادها شالوا الحاجات الرميناها ، خَمّ من الكوشة....

أهه ، بعد سعاد رجعت وحدثتنا بي الشي الشافتوا ده !!.. قامن حبوباتك وباقي نسوان الحلة فوج، قصدوا الخرطوم. قالوا يلحقوا أولدهم المِن يوم دخلوا الجامع ده، أختفوا لا حس لا خبر !! ...

وآحدين أولادهم قالوا لهم ماتوا ، قالولهم شهداء.. وعرسوا ليهم حوريات بيوض تمام بنات – بحر ايجه - تاني عقبوا قالولهم راحوا فطايس ساكت ، تاني قالوا مفقودين !!

إلا الباسل قال لي ستهم أنو شاف ولدها قبل يومين، في فيديو مسجل في الانترنت، أسير في دارفور وقاعد محبوس في الأسر، ويناشد في الناس يساعدوه يرجع لي أهله..

لكن قال جماعته الكان معاهم نكروه .. وقالوا : إن أمره لا يعنيهم ، وطال ما إنه وقع في الاسر تاني ما بينفعهم في حاجة !

وستهم من يومها لي يوم الليلة ما نامت ! وسوزان بتها جات من النمسا، وجات وحيده وفضلت قاعدة مصنقرة جنبها ماسكه ليها الدرب بتاع الجلكوز وتهبب ليها.

إهه ! وواحدين غيرهم كتار مافي زول سأل فيهم ولا في زول عارف عنهم حاجة !

والحلة الكبيرة ده الشايفة قدامك دي ما فضل فيها رجال إلا أنا القدامك ده والحرامي داك ! ".

وهنا !! هب سالم وآقفاً ، وأخذ الابريق ، وتوضأ وصلى ركعتيه وودعنى بالاحضان وإنصرف وهو يقول :

" صدقني يا خال ستمتلئ الحلة رجال وسيذهب المؤذن في رحله عودة من حيث أتى ! ولن يعود بعدها ابدا الى قريتنا ، وسيعيش الرجال في هذه القرية من تاني ، وستصلي معهم إن شئت وأطمنئك ، ساعمل زمن إضافي لاشتري لك مركوب جلد نمر جديد وستبقي سوزان جوار ستهم وهي تعد الغداء لولدها العائد من الأسر، وهو يشفى بالنظرإليها وتطربه ضحكات سوزان ".

وكاد أن يخلع يدي ليأخذها معه وهو يشد عليها مودعاً.

وما هي إلا برةً منذ أن ودعني وغفوت قليلاً ؛...

و إذا بي أسمع صوته يتردد في كل مكان في الحلة ومعه أصوات صادحة متيقنة يصيح :

" أنا جيت يا خال وديل معاي، الرجال البشروا في عرس زهرة بت سعاد ! وحالفين مليون يمين، (مجاهد) إلا يرجع – كان فلت منهم – يسوق قطر ~ أكان يلقي قطر !! ".



محبوب حبيب راضي الزراديشتاني