صورة عمر البشير في (الحمام) عبد المنعم سليمان

صورة عمر البشير في (الحمام) عبد المنعم سليمان


04-21-2014, 04:51 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1398095480&rn=0


Post: #1
Title: صورة عمر البشير في (الحمام) عبد المنعم سليمان
Author: عبد المنعم سليمان(بيجو)
Date: 04-21-2014, 04:51 PM

ليس كل ما يخرج من نظام الإنقاذ الحاكم في بلادنا يجلب الهم والغم والكدر، وأشهد للنظام أنه الأكثر إمتاعاً وترويحاً للنفس في الشأن السياسي بين نظرائه من الأنظمة الاستبدادية الأخرى في كل دول العالم ، فلا يمر أسبوع أو شهر حتى يخرج لنا بسبقٍ كوميدي يجعلنا نتقلب على أقفيتنا فرط الضحك.

ومواصلة لفواصل المؤانسة والمتعة التي يقدمها (المهراجا الكبير) للترويح عن شعبه، أصدر الأسبوع الماضي قراراً (جمهورياً) فكهاً يُضحك الثكلى أمام جنازة عزيز لديها . وحتى لا نظلم المشير ونقف ضد الحوار (الوطني) فإن التفسير الوحيد لإصدار القرار الجمهوري المضحك هذا ، (قرار تنظيم الأنشطة الحزبية) ، هو أن وحي هذا القرار قد تنزل عليه وهو في (الحمام) ، تماماً كما حدث للعالم اليوناني أرخميدس وهو يأتي بنظرية (الطفو) ، الأمر الذي جعله يخرج عارياً إلى الشارع وهو يصيح : (وجدتها وجدتها). فعمر البشير ومنذ اكتشافه (الحمامي) الأخير للديمقراطية ، ظل يخرج عارياً على الملأ دون أن يجد من يقول له أن كشفه لعورته وحده كفيل بتوضيح شكل (ديمقراطيته) التي ينادي بها !

ومكمن الهزل والضحك في القرار أنه ولأول مرة في التاريخ تُسن قوانين غير ديمقراطية لبناء نظام ديمقراطي ، وحتى نساهم في تعميم حالة الحبور والسرور على الشعب كله ، سنورد خطفاً بعض الفقرات من القرار الجمهوري كما هو دون أدنى تعليق : المادة 3- (1) لا يكون لأىٍ من الأحزاب السياسية الحق في عقد اجتماعات عامة وندوات ولقاءات داخل دُورها أو مقارها دون الحصول على موافقة مسبقة من السلطة المختصة. وحتى (تفطس) ضحكاً سأباغتك بمادة أخرى . والمادة الإنقاذية الفضفاضة والمُعتادة : 5 أ - يجب ألا يتضمن الخطاب الإعلامي للأحزاب السياسية أي تحريض أو إساءة على أساس الجنس أو الدين أو المهنة أو الإعاقة أو إثارة النعرات القبليِّة التي تمس وحدة البلاد وتماسك نسيجها الإجتماعي.

القرار مليئ بالكوميديا ، فليس المادتين أعلاه وحدهما سيجعلناك تسقط مغشياً عليك جراء لطف ومفارقات نكات الديمقراطية الجديدة ، بل المسرحية برمتها ممتعة ورائعة ، حتى أن حلقومي كاد ينفجر وأسناني كادت تسقط عندما وصلت إلى البندين ( 1- 1) ، القاضيين بعدم وضع الملصقات أو المطبوعات واللافتات المكتوبة على الأماكن الخاصة التي يملكها الأشخاص أو الشركات أو الجمعيات دون أخذ موافقة أصحابها ، والبند 2- عدم وضع الملصقات والمطبوعات في الأماكن الأمنية والعسكرية والعربات الحكومية.

فأين يا ترى ستضع الأحزاب إعلاناتها في بلد حولوا نصفه سوقاً لهم ، وأحالوا النصف الآخر ثكنات عسكرية لحماية السوق ! أصدقك القول عزيزي القارئ : أنني كنت أبحث في خاتمة القرار عن عبارة : ( يوجد عشاء كما توجد مواصلات بعد العرض) .

هذه مسخرة من مساخر عمر البشير التي أصبحت أتعامل معها كما تعامل الشاعر أبونواس مع مساخر الخليفة المأمون ، الذي تحكي القصة القديمة عن أنه نظم احتفال بمجلسة لقصيدة نظمها ، وجمع لها حاشيته ليستمعوا إليها ، وصادف أن الشاعر أبونواس كان حاضراً في المجلس ، ولما انتهى الخليفة من إلقاء قصيدته ، التفت إلى الشاعر النحرير ، وسأله : ما رأيك في قصيدتي البليغة ؟ ردّ أبونواس قائلاً : لم أشتم أي رائحة للبلاغة في هذه القصيدة يا أمير المؤمنين ، فغضب الخليفة من خذلان الرجل له أمام حاشيته ، ونادى على أحد حراسه وهمس له بأن يحبسه في (الأسطبل) مع الحمير.

حُبس أبي نواس في (الأسطبل) شهراً كاملاً ، لم يسمع فيه سوى النهيق ، إلى أن أمر الخليفة بالإفراج عنه ، وعاد إلى المجلس من جديد ، وما أن دخل حتى وجده جالساً يلقي قصيدة أخرى ، وقبل أن ينتهي الخليفة من قصيدته ، قام أبونواس وهم بالخروج من المجلس ، فلحظه الخليفه ، وسأله : إلى أين ؟ فأجابه : إلى (الأسطبل) يا أمير المؤمنين .

وإذا كانت بداية الحياة السياسية الديمقراطية ستكون بمثل هذه القرارات ، فالأفضل لقادة أحزابنا الذهاب إلى (الزريبة) بمحض إرادتهم ، فالعيش مع الحمير وسماع نهيقها أفضل من العيش مع هذا الرجل الذي لا يعي معنى الديمقراطية ولا يريد ان يتعلم.

وهنا دعوني اقترح على صديقي القيادي (الشعبي) كمال عمر الذي أراه هذه الأيام في قمة ألقه ولمعانه ، وهو يبشر بالحوار (الوطني) ، بأن يقوم بجمع خطابات وقرارات المشير البشير راعي الحوار وطباعتها في كتاب توضع على غلافه صورة البشير وهو في حالة إستحمام ، واقترح ان يكون عنوانه : ( نهاية الأرب في قلة الأدب).