دعوة لانتخاب معتمدي المحليات نحو تعزيز مرحلة التحول الديمقراطي

دعوة لانتخاب معتمدي المحليات نحو تعزيز مرحلة التحول الديمقراطي


04-13-2014, 04:58 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1397404723&rn=0


Post: #1
Title: دعوة لانتخاب معتمدي المحليات نحو تعزيز مرحلة التحول الديمقراطي
Author: مختار أحمد مصطفي
Date: 04-13-2014, 04:58 PM

بسم الله الرحمن الرحيم


بروفسير مختار أحمد مصطفى

حفزني لكتابة هذا المقال خطاب مفتوح إلى السيد والي الخرطوم سوده الأستاذ مؤمن الغالي في عموده شمس المشارق (آخر لحظة 31 مارس 2014م) لسببين: أولهما تعضيده بل اشادته بالشباب الذي بادر بدافع وطني وحس تكافلي عظيمين بالمشاركة بمسؤولية ونكران ذات لمساعدة المتضررين بالسيول والأمطار في السنة الفائتة وهزتني جملته: "...وماذا لو كانوا شيوعيين..."، لأن عبارته هذه تنم عن فهم سليم للديمقراطية، حيث قبول الآخر هو محور الديمقراطية، و ثانيهما اشارته لنص فقرتين من تقرير المراجع القومي لولاية الخرطوم، ثم دعوته للوالي لأتخاذ اجراءات قانونية ضد محليتي الخرطوم وكرري لعدم تقديم مايثبت توزيعهما لمواد إغاثة للمستحقين من المتضررين، وعدم إرجاع محلية كرري لمبلغ 500 (خمسمائة) ألف جنية متبقية لوزارة المالية والاقتصاد الوطني.

موسم الأمطار على الأبواب جعلها الله أمطار خير وبركة. ولأن السودان يقع في نطاق الأراضي الجافة فهو يتسم بتباين مناخي شديد خاصة في معدلات الأمطار وتوزيعها مما يجعل التنبؤ بأمطار هذا العام شاقاً، فقد تكون أكثر من المتوسط السوي (Normal) أو أقل منه بقليل أو كثير. وقياساً على تجاربنا في السنوات الماضية فقد تتعرض بعض الولايات لكارثة السيول والفيضانات التي تلحق أضراراً كبيرة بالمساكن والممتلكات وربما أرواح شريحة الهامش التي تعيش في مجاري السيول على أطراف المدن الكبيرة، الخرطوم مثالاً. وربما تسبب كارثة السيول والفيضانات كارثة انتشار بعض الأوبئة البيئية. و قد تتعرض بعض الولايات للجفاف (Drought) الذي قد يحدث فجوة غذائية في بعض ولايات الهامش ويسبب المجاعات فالنزوح (المويلح مثالاً). لقد ابتلانا الله في بعض المواسم بهذه الكوارث الموسمية، غير أنها تدريجية نتيجة لاسباب طبيعية و لأنشطة الإنسان غير الرشيدة، وهي مقدور عليها حينما تكون الدولة والإداراة االمعنية لها القدرات اللازمة و جادة و مستعدة وجاهزة وتمتلك الوعي و الإرادة اللازمتين لمجابهة الكوارث. ونحمد الله فقد حما الله السودان من الكوارث الطبيعية المفاجأة، مثل الزلازل والانفجارات البركانية و"السونامي" (Tsunami) وهلمجرا، التي تجتاح كل القارات سنوياً؛ لأن مثل هذه الكوارث لا تستطيع الدول الفقيرة عامة والسودان خاصة مكافحتها ودرء آثارها لضعف بنياتها التحتية وقدراتها المادية والبشرية.

في السنوات السابقة بذلت الدولة ما وسعها الله لمجابهة السيول والفيضانات ولكن اثبتت التجربة أنها غير كافية لضعف الإرادة والإدارة و المعرفة العلمية والآلية و عدم الجدية و عدم اشراك المجتمعات المحلية في وضع الحلول وتنفيذها. ففي كل عام تبدأ المحليات بعد فوات الأوان بحفر بعض المصارف و الخيران المغلقة فتتحول عند نزول الأمطار إلى برك راكدة و بيئة صالحة لنمو "الانفولس" وإنتشار الملاريا، وقد اختلطت هذه المياه الراكدة في بعض المناطق بمياه الصرف الصحي فتسببت في مزيد من الأوبئة. و لقد تكررت كوارث السيول و الفيضانات في بعض السنوات و معها تكررت الخسائر في البنيات التحتية وقليل من الأرواح البشرية والماشية، و كالعادة تقف الولايات عاجزة عن مجابهتها ودرء معظم آثارها. وعند إعلان الحكومة للكارثة، ترد بعض مواد الإغاثة من المنظمات المحلية والإقليمية والعالمية والدول الشقيقة والمنظمات المحلية وتتكرر مأساة ظهور بعض مواد الإغاثة في الأسواق و يشتكي المتضررون مر الشكوى لطوب الأرض لعدم استلامهم للعون المرتجى ولكن دون جدوى لأن الفساد اصبح سرطاناً ينخر في عظم الدولة.

إن مهمة مجابهة الكوارث ودرء آثارها تقع على عاتق الدولة برمتها و مؤسساتها واللجان المتخصصة ذات الصلة. لذلك لا بد من وضع استراتيجية قومية واضحة وخطة عمل تطبق سنوياً حسب التنبؤات للقيام بهذه المهمة. و من أهم الخطوات: دعم الإدارات والهيئات المناط بها مجابهة الكوارث: الدفاع المدني وإدارة الكوارث و الإنذار المبكر، وتشجيع المنظمات القاعدية والتطوعية. كما يجب الاستفادة من تحليل البيانات والمعلومات وتجارب السنوات السابقة لتحديد المناطق االمهددة بالكوارث، وعمل الاحتياطات اللازمة وإشراك المنظمات الطوعية في المجال و مجتمعات المنطقة المهددة في دراسة وتحليل تجارب السنوات السابقة لوضع خطط العمل. وإشراك الخبراء المحليين و العمل على إجراء البحوث في المجالات ذات الصلة. كما يلزم نشر ثقافة الكوارث و تنظيم برامج توعية و دورات تدريبية للقطاعات المختلفة والمجتمعات المحلية.

إن مجابهة المشاكل اليومية و الموسمية تقع على عاتق الولايات. و أنا لاأدري بتفاصيل نظام الحكم المحلي الجالي. غير أني أرى أن يتم تقديم كل الخدمات الضرورية و معالجة معظم المشاكل اليومية المتعلقة بحياة المجتمع المحلي مثل تركيب امدادات الماء والكهرباء أو اصلاح الأعطاب فيها، و توزيع الأراضي، وإزالة النفايات والأنقاض و إزالة أو التصدي للمخاطر والكوارث الموسمية مثل الفيضانات والجفاف والمجاعات، وتوزيع مواد الاغاثات، وهلمجرا عبر المحليات التي يتوقع أن تكون الأكثر التصاقاً بمجتمعاتها. كما يتوقع من المحليات السماع لشكوي كل شرائج مجتمع المحلية الذين ارتبطتت أعمالهم فيها مثل شرائح الوافدين للمحلية لارتباط أعمالهم في الأسواق. بهذه الطريقة تصبح المحلية لصيقة بالمجتمع. عندها فقط يمكن أن يسدد المجتمع المحلي الرسوم والعوائد عن طيب خاطر و يكون مستعداً للتعاون مع المحلية في تنميتها وتطويرها. و لأن معتمد المحلية هو الشخص المسؤول مباشرة عن الأشراف على تنفيذ هذه المهام من الأوقع أن يتم انتخابه بوساطة مجتمع المحلية وليس تعينه بوساطة الوالي لأنه في الحالة الأخيرة سوف يعمل على إرضاء الوالي أو حزبه وليس مجتمع المحلية. إلى ذلك أعتقد أن تعزيز الديمقراطية يتطلب انتخاب معتمد المحلية واللجان المساعدة له بآلية تؤمن حرية مشاركة كل الأحزاب المسجلة والمستقلين. بهذه الطريقة سيكون الفوز في انتخابات المحلية مؤشراً و تقييماً موضوعيا لأداء الاحزاب في خدمة المجتمع.

و هنا تحضرني تجربة حزب الرفاه الذي تأسس في 19 يوليو 1983م، و تمكن من دخول انتخابات رؤساء البلديات لأول مرة في 25 مارس 1984م، وحصل على رئاسة بلديتين فقط من مجموع 69. لقد ورث رؤساء بلديات الرفاه المنتخبين تركة من الفساد والرشوة والمحسوبية، لذلك تصدوا لها و عملوا على تأمين الارتباط والالتحام الوثيق مع مجتمعات البلديات بحل مشاكلهم اليومية. نتيجة لهذا التوجه زادت ثقة الشعب التركي في هذا الحزب، بينما ضعفت في غيرها. لذلك في انتخابات مارس 1989م حصل الحزب على رئاسة 40 بلدية (المركز الرابع). و في كل مرة ينزل فيها الحزب تزيد نسبة فوزه أكثر من 100% من المرة التي سبقتها. فلقد مثل الأداء النزيه و الشفاف والأمين لممثلي الحزب في رئاسة البلديات والمدن الكبرى الأساس الذي جعله الحزب الأول بين الأحزاب التركية.

لذلك اأدعوا لإدخال بند في الدستور المرتقب خاص بإجراء انتخابات لمعتمدي المحليات و لجانه المساعدة في الأحياء، على أن يتم ذلك قبل انتخابات ولاة الولايات أوالأفضل حكام الأقاليم و رئيس الجمهورية. بهذا الإجراء تنداح دائرة مشاركة للشعب السوداني وتعزز مرحلة التحول الديمقراطي. و الحزب الذي يكون أداؤه متميزاً في المحليات هو الذي سينال دعم الشعب وتفويضه لحكم البلاد. حيث أن انتخابات المحليات ستكون المؤشر العلمي والموضوعي لمستوى أداء الأحزاب في خدمة الشعب. وبهذا نكون في طريقنا لتعزيز بناء وطن ديمقراطي:
البنحلم بيهو يوماتي
وطن شامخ
وطن عاتي
وطن خيّر ديمقراطي
وطن مالك زمام أمرو
ومتوهج لهب جمرو
حبنبنيهو
البنحلم بيهو يوماتي
وطن حدادي مدادي
مابنبيهو فرادي
ولا بالضجة في الرادي
ولا بالخطب الحماسية
رحمة الله على الأستاذ محجوب شريف الشاعر المفخرة بقدر ما حمل من هموم وهواجس الشعب السوداني العظيم وبذل و اعطى لتحقيق حلم الديمقراطية التي عمل لها وتغنى بهاا.