الثورة السلوكية ... لإنقاذ وطن يرزح في الذل أحمد يوسف حمد النيل

الثورة السلوكية ... لإنقاذ وطن يرزح في الذل أحمد يوسف حمد النيل


02-27-2014, 10:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1393535317&rn=0


Post: #1
Title: الثورة السلوكية ... لإنقاذ وطن يرزح في الذل أحمد يوسف حمد النيل
Author: أحمد يوسف حمد النيل
Date: 02-27-2014, 10:08 PM

الثورة السلوكية ... لإنقاذ وطن يرزح في الذل



أحمد يوسف حمد النيل



الفرق ما بين الكرامة و الذل خيط ٌ رفيع , أن تكون متعلم أو أكاديمي أو مثقف , و لكنك تهتم بالسفسطة و الجدل , تعرف أين مكان "الوجع" ثم تهمله لشيء في نفسك. أو لمصلحة ذاتية. هكذا خارطة السودان التاريخية و الحاضرة. كثير من الأحيان تعمل الأجيال ضد مصالح الوطن , و هي تظن انها تعمل لأجل الوطن. تريد التطور و لكن شيء خفي يمنعها. السلوك النظري المثالي و التقليدي يجعل الأجيال تعيد نفسها فتقتل رغبات أجيال أخرى ... فهذه هي علة السودان المزمنة في العصر الحديث.

تمرُ حياة البشر بعصور و دهور , فيها يتغير السلوك و التفكير , حسب مؤثرات العصر. لقد تخلت اليابان عن مثالياتها في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي , من حيث متانة المادة المصنعة في عالم السيارات و الأجهزة و الأدوات و غيرها , و باعت كل سمعتها لشركات في دول مختلفة , حسبما اقتضت الحاجة الاقتصادية , و ذلك بسبب الثورة الاقتصادية و الصناعية الحديثة , التي أصبحت تؤمن بجدوى العامل الاقتصادي ثم الشكل و القوة , فهذا سلوك واقعي و ليس طبقي أو نخبوي.

أما نحن في السودان , فنحتاج أن نغير سلوكنا الاقتصادي و نوعية التفكير. و لكن لكي نفعل ذلك نحتاج لتربية سلوكية مبكرة , تُطبق في البيت و المدرسة و العمل و المجتمع. فبزوال السلوك العقيم تزول الآلام و الأوجاع. سوداننا الحبيب تغيب فيه مناهج التطبيق السلوكي و التربوي و الاقتصادي العملي في المدارس و المؤسسات التربوية و الجمعيات الزراعية و الصناعية و الانتاجية. و عكس ذلك يتم التركيز على المكتسبات السياسية والأكاديمية بمنظورها النظري , و هذا حسب ما أرى سبب الإخفاق في كل نواحي الحياة. فسلوك المجموعات الحزبية و السياسية في السودان "كلٌ يغني على ليلاه" تعدد في الأفكار و ثقافة الخلاف و إحجام عن ثقافة العمل و التطبيق.

الطبقات المثقفة تقتتل من أجل امتلاك الوطن و موارده و مصادر الانتاج. و يكون نصيب المجتمع الفاقة و الفُرجة. مثل هذه السياسات و السلوكيات العقيمة تقدر على الانسان السوداني رزقه. فيهجر الوطن أصحاب الطموح و النجاح , و يبقى العاطلون كزبد البحر يجترون الذكريات و يعيدون استنساخ التاريخ بمآلاته. فلا يستطيعون الفكاك من دائرة التقليد. و يبقى العيب ما بقي السلوك. و يستدير الانسان السوداني حروبه منذ سنين في مثاليات كطواحين الهواء , و يموت الناس بسبب الجوع.

ان الذل الذي يرزح فيه السودان , نتاج طبيعي لسلوك متوارث , لذا تأخرت الثورة الناضجة كاملة الأركان. في كثير من الأحيان يغشانا احساس بالإحباط من الثورات السياسية المصنوعة في السودان عبر التاريخ. نسبة لفشلها في ما آلت اليه , فشكل الثورات السودانية السابقة مقبولة و جذابة , و لها شغف في النفس و الروح , و لكن لها آثار سلبية في العمل و التطبيق , تعتبر صلب الموضوع. الثورة القادمة تحتاج الى جرأة و هذه أسباب تأخر الثورة السياسية , عدم اقتناع الناس بنتائج الثورات السابقة. فالحل في تفجير أركان الانسان السوداني قبل تفجير الشعارات و المشروعات و الأراضي الزراعية. فالهروب نحو المستثمر الخارجي هو البحث عن مستثمر طموح و متطلع و مواكب للعالم الخارجي , يجب الاهتمام بالثورة السلوكية لدى المزارع و المنتج و الصانع و قبل كل ذلك المتعلم. السياسيون في السودان يصنعون الفشل لأنهم من أوكلت اليهم مقاليد البلاد. فقادوا البلاد بذهنية تقليدية تركن للتاريخ و تخاف من رسم الحاضر و المستقبل. فإصرار السياسيون على بقائهم في الحكم سنين طويلة سلوك مشين يتشبث به الأبناء فلا يظهرون نتاج جيلهم و يدورون في رحى السياسة المثقوبة. فالحل في تربوية التعامل السلوكي و الحضري و السياسي و الاقتصادي , فالذي يعترف بالخطأ هو أعظم معلم و الذي يكابر بالإثم هو أعظم جاهل. و من نتائج الجدلية السياسية في السودان عبر الاستقراء و القياس و الدراسات و المشاهدة , انه لا سبيل للنجاح مطلقاً , فستدور هذه الرحى المثقوبة ما شاء الله لها أن تدور , و الثورة السياسية طفل خديج و أمل كاذب , و تقويم السلوك التطبيقي من أجل العمل و الترقية سوف ينقذ الوطن و يرفع مكانة الانسان السوداني الى مراقي الكرامة و الابتعاد عن مراقد الذل الدائمة.