حتى أنت يا مصطفى إدريس! بقلم: محمد وقيع الله (4)

حتى أنت يا مصطفى إدريس! بقلم: محمد وقيع الله (4)


01-23-2014, 05:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1390493315&rn=0


Post: #1
Title: حتى أنت يا مصطفى إدريس! بقلم: محمد وقيع الله (4)
Author: محمد وقيع الله
Date: 01-23-2014, 05:08 PM

الإدانات التي أصدرها البروفسور مصطفى إدريس على أصدقائه ورفاق دربه القدامى من الإنقاذيين هي إدانات قاتلة أو شبه قاتلة.
فقد أصبح القتل لدى الطبيب علاجا.
وهذه خلاصة إفادة الطب لديه بخصوص علاج أصدقائه القدامى هؤلاء.
فهو القائل إن المراجعات المطلوبة منهم:" أكبر بكثير من الحلقات التي يجريها الطاهر حسن التوم مع بعضهم بل هي أقرب في الشبه لتوبة بني اسرائيل (اقتلوا أنفسكم ...واخلوا الساحة لغيركم).
وملاحظ أنه قد أدمج مع نص الآية الشريفة، التي وردت في سورة البقرة، كلاما من عنده.
ولا شك أنه فعل ذلك بدون قصد!
لأن الكلام الذي قرنه بنص التنزيل العزيز يتعارض معه.
والذي يصدر أحكاما متناقضة مثل هذه لا شك أنه لا يعني ما يقول.
ولا شك أنه يصدر عن حالة انفعال نفسي حاد وغضب عارم يسيطر عليه ولا يسمح له بتبيُّن أحكام الصواب.
ولا يُلزمه بتعليل أحكامه بحيثيات مناسبة تبررها.
وتُشبه أحكام البروفسور العقابية العشوائية أحكامُه في فلسفة التاريخ.
فقد ضاهى حكم زملائه الإنقاذيين القدامى بحكم ملوك الطوائف في الأندلس!
فهو القائل:
" وقد حاولت أن أشبه حالهم بأمراء الأندلس في آخر عهدهم ولكني وجدت البون شاسعا، فالأندلسيون أقاموا حضارة دامت ثمانية قرون وعندما تنازعوا وفشلوا وذهبت ريحهم تركوا للبشرية رصيدا هائلا من المعارف والخبرات استفادت منها أوربا في نهضتها المعاصرة وعم نفعها كل البشر، أما الاسلاميون في السودان فقد دمروا السودان وتفرقت بهم السبل في ربع قرن من الزمان وأثاروا ضدهم أحقادا وخلقوا غبائن مع القريب والبعيد لا تحميهم من دفع ثمنها البنايات الشاهقة التي يتحصنون فيها ولا تخفف من وطأتها عليهم الأموال المودعة في البنوك الأجنبية ولا تشفع لهم عند الناس وعند الله صيحات التكبير التي تاجروا بها طويلا ".
فقد شبههم في هذا النص بحالة الأندلسيين في شقاقهم السياسي الذي صاحب أيام حضارتهم كلها وليس أيامهم الأخيرة كما قال.
وحجب البروفسور عن زملائه الإنقاذيين أي صفة إيجابية من صفات الأندلسيين الحضارية ومن إنجازاتهم العلمية.
وذلك مع أن أيام الأندلسيين امتدت تسعة قرون وليس ثمانية قرون كما قال!
ولمَّا يمتد الزمان بأيام الإنقاذيين لتكمل ربع قرن من الزمان.
فأي مقارنة غير عادلة هذه التي يُحكم طرفيها البروفسور العادل؟!
صحيح أن الشقاق السياسي بين حكام الدويلات الأندلسية، التي زادت على العشرين دويلة، كان الجانب السلبي الذي أودى بتلك الحضارة الباذخة، التي ثابرت على تألقها العلمي، بينما كان ينخر في عودها تجاذب أمرائها وتنابذهم وتنابزهم.
وهذا ما يدور الآن في دولة الإنقاذ التي يتعاورها أمراؤها السياسيون المتناحرون.
وكل منهم يحلم أن يرثها بعد أن رثَّ عودها.
وقد رأينا في تاريخ الأندلس كيف تكاثر أمراؤها المتشاكسون وطال نزاعهم المستعر.
وقد كان على رأسهم كل من بني الأفطس، وبني عامر، وبني عبَّاد، وبني الأغلب، وبني رزين، وبني مُرَين، وبني جَهْوَر، وبني الأحمر.
وعلى حالهم ومثالهم بتنا نرى تكاثر أمراء الإنقاذ المتنازعين.
وعلى رأسهم بنو الترابي، وبنو بناني، وبنو قوش، وبنو الطيب، وبنو غازي!
وقد رأينا في التاريخ الإسلامي السحيق كيف أدى تنازع أمراء الطوائف إلى سقوط حضارة الأندلس بيد النصارى في خاتمة المآل.
ولم تُجدِهم شيئا تدخلات المراقبين الغيورين الذين حاولوا إصلاح ذات بينهم.
فعندما يشبُّ أُوار الأطماع السياسية الضارية قلما يُجدي نصح ولو صدر من الإمام الغزالي.
والغريب أن أبا حامد، وهو الخبير بفلسفة التاريخ، وبالفلسفة كلها، وبكل علم نافع، قد تدخل فعلا في موضوع تشاكس أمراء الطوائف في الأندلس.
وكتب إلى الزعيم المغربي المرابطي المجاهد يوسف بن تاشَفين يأمره أن يفعل شيئا حاسما لإنقاذ الأندلسيين من أنفسهم ومن أعدائهم، حتى يواصلوا رسالة نشر الإسلام وحضارته في أوروبا.
ولكن كان نزاع أمراء الطوائف الأندلسيين حارقا وكان أقوى من أن يطفأ.
فقد انتهوا إلى حال تعاكس ما وصاهم به القرآن الحكيم من ضرورة التزام الذلة على المؤمنين والتزام العزة على الكافرين.
فأصبحوا يستهينون ببعضهم، ويقتلون بعضهم بعضا، ويستخزون أمام النصارى.
ويدفعون الجزية للملك النصراني ألفونسو السادس.
وهذا هو الحال الذي ربما حال إليه حال أمراء الطوائف الإنقاذيين.
وقد حسم كبيرهم الترابي أمره مبكرا، وأبدى استعداده لكي يكون حليفا لكل عدو للإسلام مبين.
وما زلنا نراه يتحالف منذ حين من الدهر مع حكومة دويلة الجنوب ورئيسها سلفا كير.
ونتوقع - وقد أومأنا إلى ذلك قبل حين - أن يتحالف بنو الطيب مع اليساريين الجنوبيين، من خصوم سلفا كير وأتباع رياك مشار.
وثمة مؤشرات قوية تبعث الريبة في حلف سيضم بني غازي مع الإيرانيين وواجهتهم العربية التي تدعى حزب الله.
وأما بنو قوش فنتنبأ لهم أن يتحالفوا مع المصريين.
وقد نسي هؤلاء جميعا - مع الأسف العميم - عبر التاريخ الأليم.
وأبوا إلا أن يكرروها برتابتها وكآبتها.
فالله تعالى المستعان على ما يصنعون.