حنتوب الجميلة الطيب على السلاوي الحلقة الخاتمة (10-10)

حنتوب الجميلة الطيب على السلاوي الحلقة الخاتمة (10-10)


12-25-2013, 07:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1387953861&rn=0


Post: #1
Title: حنتوب الجميلة الطيب على السلاوي الحلقة الخاتمة (10-10)
Author: الطيب على السلاوي
Date: 12-25-2013, 07:44 AM

كان الأربعاء الثاني من فبراير 1949 هو يومي الأول بحنتوب الثانوية. لم أحضر للمدرسة ليلة ذلك اليوم كما ينبغي لطرف طاريء. فجيئتها صباح اليوم نفسه. وبعد الإجراءت اندفعت إلى فصل أولى كولمبس وفي ثوان قليلة كنت بداخله. حدقت في وجوه رفاق الدرب في شئ من الارتباك بادئ الأمر وفي التو والحين لاحقتنى عبارات الترحاب من هنا وهناك من بعض جوانب الفصل. تفحصت تلك الوجوه المستبشرة فوقع نظري على بعض الوجوه الصديقة لنفر كريم من رفاق دربى في المدرسة الأهلية الوسطى وآخرين ممن التقيتهم أبان أيام أدائنا الامتحان قبل أسابيع قليلة من أبناء ودمدني ممن كانوا في مدرستها الأميرية . كانوا عائدين لتوهم من ميدان الرياضة حيث قضوا الحصة الأولى. وقبل ان نتمكن من إكمال تبادل التحايا مع من كانت لى معهم زمالة أو معرفة سابقة، بدأت رنة جرس المدرسة في تمام الثامنة، وانفتح باب الفصل ودلف إلى داخله المعلم الذى سبق أن التقيناه داخل ذات القاعة مراقبا للممتحنين اثناء العديد من فترات الامتحانات في شهر ديسمبر المنصرم: هاشم أفندي ضيف الله. دخل الصف متأبطا حزمة من الكتب الإنجليزية ووضعها على تربيزة المعلم واستدار نحو الطلاب الذين سارع كل منهم للجلوس في الموقع الذي كان قد اختاره لنفسه. ووجدت نفسي قريباً من موقع خال في الصف الأول على مقربة من تربيزة المعلم جلست عليه أحدق في وجه الأستاذ. استرجعت في ذهني نبرات صوته وهو يعلن تصويب بعض الأخطاء المطبعية في أوراق أسئلة امتحانيّ الحساب والجغرافيا قبل شهرين من الزمان. ظل هو لثوان يتفرس وجوه الطلاب قبل سماعنا ذات النبرات الصوتية في لغة انجليزية رصينة. وكان في هذه المرة مرحباً ومتمنياً لنا عاماً دراسياً ناجحاً، ومعرفاً بنفسه، وبأنه سيقوم بتدريسنا الجانب اللغوي من منهج مادة اللغة الإنجليرية بالمشاركة مع معلم بريطاني يدعى المستر "غوردون". وسيتولى غردون تدريسنا الجانب الأدبي من المنهج. ثم طلب من كل طالب التقدم حسب موقع جلوسه لتناول واحد من تلك الكتب وفق الترتيب الذي كانت عليه فوق التربيزة . فقد كانت الكتب خليطا من الجديد والمستعمل من قبل. وبدأ الرفاق يتناولون الكتب واحداً تلو الآخر إلى أن جاء دور طالب ذي حظ عاثر سولت له نفسه أن يبدل كتاباً قديماً بآخر جديد. وربما لم يكن يظن أن الأستاذ يراقبه بعين فاحصة. فكان درساً قاسيا تلقاه ذلك الطالب المسكين في بداية يومه الأولوفي سخرية لاذعه ممزوجة بالمنطق والموضوعيه. وقد ثبت لنا على مر الأيام أنها كانت سمة من سمات وطرائق تعامل هاشم أفندي ضيف الله مع الطلاب عندما تبدر منهم تصرفات تجافي منطق المعقول والمقبول مما هو متوقع ممن هم في تلك السن.
في واقع الأمر كانت تلك الحصة منعطفاً هاماً في مسار تعاملنا مع أستاذ الأجيال إلى أن غادرنا في نهاية النصف الأول من ذلك العام الدراسي إلى بريطانيا في بعثة دراسية امتدت لثلاثة أعوام. وعاد بعدها إلى حنتوب ونحن على أعتاب نهايات عامنا الأخير في ذلك الصرح الشامخ. حاز كل منا على نسخة من ذلك الكتاب السابع من سلسلة "مايكل ويست" التي - عبر أجزائها الستة الأولى - نجح إلى حد كبير معلمونا في المرحلة الوسطى في سعيهم لإكسابنا قدرا عظيماً من المهارات الأساسية من اللغة الإنجليرية مما مكننا من مواصلة الدراسة في المرحلتين الثانوية والجامعيه في سهولة ويسر؛ فلهم التحية والإجلال. احتوى الكتاب على قصة واحدة باسم " ديد مانز روك". وذلك على عكس ما كانت تحتويه الأجزاء الستة الأولى من السلسلة من مواضيع وقصص متعددة ومختلفة زماناً ومكاناً. وما أن فرغنا من قراءة تلك القصة فرادى وجماعات جاءنا الأستاذ بكتاب آخر من ذات السلسلة يحتوى على قصة باسم " ذي فيكر اوف ويكفيلد". فرغنا من الاستمتاع بقراءتها قبيل انتهاء الفصل الدراسي الأول في نهاية شهر مايو من ذلك العام. وإلى جانب قراءة الكتابين تولى هاشم أفندي ضيف الله تدريبنا على التعبير شفاهة وتحريراً. أما المستر غوردون فقد تولانا بقراءة وتلخيص وتحليل أحداث قصص وروايات قصيره مثل" ذي انفيزيبل مان" ورواية "مخلب القرد" وأخريات ضاعت أسماؤها عني في غياهب السنين الستين الماضية.
وفي النصف الثاني من العام في أغسطس حل المستر ت. م. كوين القادم لتوه إلى السودان مكان هاشم أفندي ضيف الله . ومما تجدر الإشارة إليه أن المستر كوين رافق مجموعتنا أثناء ما تبقى من ذلك العام الدراسي وظل يتابع تدريس مجموعتنا خلال السنوات الثلاث التي تلت في سعى دؤوب لترسيخ ما اكتسبناه من مهارات اللغة الإنجليرية عبر السنين، إلى جانب إعدادنا لخوض امتحان ورقتي اللغة الإنجليرية وآدابها للحصول على شهادة كيمبريدج في نهاية المرحلة الثانوية . بذل الرجل جهداً مقدرا خاصة في عامنا الأخير للوصول إلى بر النجاح بأكبر عدد من الحائزين على درجة النجاح في اللغة الإنجليرية التى كانت جواز المرور للحصول على تلك الشهادة . الحديث عن المستر كوين يطول و سياتى تفصيلا عند التعرض للشعب المختلفة ومن كان فيها من كوكبة المعلمين الأفذاذ .
وهنا أقف لألتقط أنفاس الذكريات في فصول قادمة بإذن الله.