كاتب آخر للإيجار.. محمد وقيع الله!! (2)/شوقى عثمان ابراهيم

كاتب آخر للإيجار.. محمد وقيع الله!! (2)/شوقى عثمان ابراهيم


12-25-2013, 00:31 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1387927892&rn=1


Post: #1
Title: كاتب آخر للإيجار.. محمد وقيع الله!! (2)/شوقى عثمان ابراهيم
Author: شوقى عثمان ابراهيم
Date: 12-25-2013, 00:31 AM
Parent: #0

كاتب آخر للإيجار.. محمد وقيع الله!! (2)

(ما الذي يجمع فهمي هويدي ومحمد وقيع الله؟ الجواب: الفهلوة والتأليب!! نصح محمد وقيع الله دكتور غازي صلاح الدين ألا ينشئ حزبا كما ذكرنا في المقالة الأولى، هذه المقالة النصيحة كانت بعنوان: "هل ينسق حزب غازي صلاح الدين مع الجبهة الثورية؟!". بينما فهمي هويدي يستفسر إيران بمقالة يدعي الناصح والشفقة بمقالة عنوانها: هل يفاجئنا تفاهم "إيران" وإسرائيل" في العام الجديد؟" في هذا الضرب أو النسق من المقالات "المصنوعة" يعتبر "العنوان" هو العنصر الأهم، بينما جسم المقالة حشو لا معنى له ملحقا بالعنوان).

في هذا الجزء الثاني من مقالنا نشير إلى قضية التفسير التوحيدي، وبالأصح التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، كما حبذه صاحب المنهج الشهيد محمد باقر الصدر.. والشهيد هو من أسس منهج التفسير الموضوعي (التوحيدي) للقرآن الكريم عام 1979م، بسلسلة من المحاضرات جُمعت بعد استشهاده في كتاب تحت مسمى: المدرسة القرآنية. الدكتور حسن الترابي، نسب لنفسه منهج التفسير التوحيدي دون ذكر اسم الشهيد الصدر!! فهاذ الكتاب القنبلة، المدرسة القرآنية، وغيره من كتب الشهيد، هي التي فرشت الأرضية للجمهورية الإيرانية الإسلامية لكي تقوم بنهضتها العلمية الحالية. وهذا يفسر اهتمام الدكتور حسن الترابي بهذا المنهج بعد فشل تجربته الإسلامية في السودان. فالتفسير الموضوعي (التوحيدي) يقابله التفسير التجزيئي. ويفسر الشهيد العلاقة بينهما، ويقرر ليس أن يلغي الأول الثاني.

وبما أننا لن نستطيع سرد محتويات الكتاب الثري من كافة زواياه ولكننا نحاول أن نلقي قليل من الضوء على بعض آراء الشهيد في هذا الكتاب الهام.

ولتقريب أفكار الشهيد، نشرح أولا لفظة "الصالحات"، ونسأل القارئ الكريم ماذا تعني "الصالحات" أي ماذا يعني "العمل الصالح". إذ لا يذكر الله تعالى "المؤمنين" وإلا قرن إلى الإيمان العمل الصالح (الذين آمنوا وعملوا الصالحات). فهل الصالحات محصورة في الصدقة للفقراء، وكأن يتكفل أحدهم بتكلفة عملية جراحية لفقير، أو إعالة يتيم الخ؟ هذا هو غالب التصور الذي قبع في أّذهاننا جميع المسلمين لقرون!! وهو تصور محدود!! بل قاصر. ولكن الشهيد الصدر فسر "العمل الصالح" تفسيرا علميا، تفسيرا عقلانيا وتاريخانيا، حين فسر القوانين المحركة للتاريخ تفسيرا قرآنيا لم يسبقه إليه أحد، إذ وسع من مفهوم "عمل الصالحات"، وقرن سنن الله كيف تعمل على الكل المؤمن والكافر، المسلم والمسيحي – لا فرق، ولهذا تفوق الغربيون المسيحيون على المسلمين. لقد شمل تفسيره المنهجي التوحيدي فهم سنن الله وكيفية التعامل معها، والاستفادة منها لتطوير المسلمين والإنسانية سواء على كافة الأوجه. فالإنتاج الفكري والعملي البشري والتصاعدي من اختراعات – هو في سياق واحد لسنن الله- وذخيرة صالحة لمعرفة الله. ويدخل في ذلك فريدريك هيجل وكارل ماركس!!

يقول الشهيد الصدر في كتابه المدرسة القرآنية في شرح نظريته التفسيرية في تطبيق التفسير التوحيدي:

(هذه الآية الكريمة «يا أيّها الإنسان إنّك كادِحٌ إلى‏ََ رَبّكَ كدحاً فملاقيه» تتحدّث عن حقيقة قائمة، عن واقع موضوعي ثابت، فهي ليست بصدد أن تدعو الناس إلى‏ََ أن يسيروا في طريق اللََّه سبحانه وتعالى، ليست بصدد الطلب والتحريك كما هو الحال في آيات أخرى‏ََ في مقامات وسياقات قرآنية أخرى‏ََ.

الآية الكريمة لا تقول: يا أيها الناس تعالوا إلى‏ََ سبيل اللََّه، توبوا إلى‏ََ اللََّه، بل تقول: «يا أيّها الإنسان إنّك كادِحٌ إلى‏ََ ربّك كدحاً فملاقيه». لغةُ الآيةِ لغةُ التحدّث عن واقع ثابت وحقيقة قائمة، وهي أنّ كل سير وكل تقدّم للإنسان في مسيرته التاريخية الطويلة الأمد فهو تقدّم نحو اللََّه سبحانه وتعالى‏ََ وسير نحو اللََّه سبحانه وتعالى‏ََ، حتى‏ََ تلك الجماعات التي تمسّكت بالمثل المنخفضة وبالآلهة المصطنعة واستطاعت أن تحقّق لها سيراً ضمن خطوة على‏ََ هذا الطريق الطويل، حتى‏ََ هذه الجماعات التي يسمّيها القرآن بالمشركين حتى‏ََ هؤلاء هم يسيرون هذه الخطوة نحو اللََّه، هذا التقدّم بقدر فاعليته وبقدر زخمه هو اقتراب نحو اللََّه سبحانه وتعالى‏ََ، لكن فرق بين تقدّم مسؤول وتقدّم غير مسؤول على‏ََ ما يأتي شرحه إن شاء اللََّه).
ونقول نحن، وبالمقابل نسبة إلى قول الشهيد أعلاه، ارتأى الذين يفسرون القرآن تفسيرا تجزيئيا، آية آية، بل أيضا تفسيرا سطحيا، وسلبيا passively أي حين يكتفي هؤلاء المفسرون باستقبال دلالة الآية الواحدة اللفظية دون سؤال القرآن كله في موضوع من الموضوعات الحياتية أو المعيشية، يعتقد هؤلاء أن الله قد يغير حالهم من فقر إلى غنى ومن ضعف إلى قوة، بكثرة الركوع والتلاوة، وبشعارات الله أكبر، ورزقكم في السماء (نعم الله هو الرازق ولكن طبقا لسننه!)، وهكذا حول هؤلاء موضوع الدين وغاياته إلى هلوسة وشعارات وطقوس ومظاهر شكلية الخ طبقا لفهمهم الخاطئ التجزيئي لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد:11.

فظاهر المعنى لهذه الآية الشرطية قد يشير إلى أن الله قد "يتدخل" لكي "يغير" الحال (كما يظن كمال رزق وعبد الحي يوسف) طبقا لكثرة الركوع والصلاة.

ولكن طبقا للتفسير التوحيدي (الموضوعي) للشهيد الصدر، فإن واقع قوم ما لن يتغير إلا بشرطين، عبر سنن الله المعنوية وسنن الله المادية التي لا تتغير قط، وتنطبق هذه السنن على المسلم، والمسيحي واليهودي والكافر. وهذان الشرطان:

(1) بتغير (المحتوى المعنوي الداخلي للإنسان)،
(1) وأخذ الإنسان بسنن الله المادية (فك طلاسم قوانين الطبيعة، من كيمياء وفيزياء وطب، وإدارة واقتصاد وذرة...الخ).

فمثلا قبول الإنسان للظلم الممتد من الحكم السياسي وخنوعه وخضوعه له (المحتوى الداخلي)، وقبوله بما يترتب على الظلم من فساد وإفساد، كفيل بتدمير وإفقار أي مجتمع أو حضارة، لأنه مع الفساد لا تقوم قائمة لعلم فيزيائي أو اقتصاد (الاستفادة من السنن الطبيعية). فقوله تعالى الشرطي "إن الله لا يغير حتى" أو "أن يغير إذا" تعني أن السنن (القوانين المعنوية والمادية) التي أوجدها الله هي التي ستتحكم في النتيجة مسبقا، دون تدخله، فإذا طبقها الإنسان (المسلم والمسيحي والكافر) إيجابيا سيتغير حاله في الدنيا إلى الأفضل، وإن لم يطبقها إيجابيا فهو في الحضيض. فالإنسان حر تماما في مشيئته!! لا يغيب عن ذهن القارئ الكريم إن "العدل" مثلا هو أحد سنن الله المعنوية، أي هو قانون إلهي، فطرنا الله تعالى على حب العدل – وحذرنا من الظلم أو قبوله!! حتى عقل الإنسان الذي يميز ما بين القبح والجمال، يعتبر العدل جميلا والظلم قبيحا، والكرم جميلا والبخل قبيحا الخ.

بالرجوع إلى محمد وقيع الله الذي ينصح الدكتور غازي ألا ينشئ حزبا.. وبالرجوع إلى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، طبقا لأطروحة لشهيد محمد باقر الصدر (ومنهجه التوحيدي في التفسير)، "عمل الصالحات" تعني أي عمل صالح للمجتمع المسلم والإنساني، مثل عمل مخترع بارع، أو اقتصادي مجتهد مبدع مثل مهاتير محمد - هذا من الناحية المادية، أما السنن المعنوية فهي مثل العدل، والتمسك بالإنسانية، والتراحم، وعدم التهتك الأخلاقي، ورفض العنصرية، وعدم إشعال الحروب وسفك دماء المسلمين وغير المسلمين بشعارات إسلامية زائفة، وإشعال الفتن. وإدانة قتل الإنسان لأخيه الإنسان مطلقا إلا بالحق لأنه نظيرك في الخلق الخ.

إذن الحزب الجديد الذي أسسه الدكتور غازي، وأخوته الكرام، وطبقا للنظام الأساسي للحزب الجديد الذي قرأته بتمعن، بالمجموع هو عمل صالح يدخل في نطاق "عمل الصالحات". بينما الذي يفسد بإشعال الحروب بين أبناء البشر (أمريكا، اليهود!!)، ويؤجج النيران لكي يقتل السودانيون بعضهم البعض (بعض قيادات المؤتمر الوطني)، ومن يقتل المسيحيين (كما يفعل السلفيون الوهابيون)، ويقتل حتى الكافرين المسالمين باسم الدين، هم جميعا في نظر الله تعالى من المفسدين.

لذا نرى استنتاجا، أن سؤال وقيع الله للدكتور غازي: "هل ينسق حزب غازي صلاح الدين مع الجبهة الثورية؟" فضلا عن التأليب الضمني، يشير إلى أن صاحب السؤال لديه هوى كأن يظل واقع السودان السياسي الاجتماعي الممزق كما هو، آيلا نحو المزيد من التمزق، وكأن قدر السودانيين أن يحكمهم قلة منفردة، غير موهوبة تختبئ خلف لافتة أسمها المؤتمر الوطني، تتاجر بالدين، وتعمل على تمزيق السودان.

صراحة الذي يجلس من خلف الستار هو حسن الترابي!! هو الذي يحكم السودان!! هو الملقن المسرحي!! هو الذي يقبل بهذا الواقع المرير المنحط على أنه ضرورة، لكي يثبت لنفسه أن نظريته في الدولة هي الأصح. فالترابي يهمه قبض الدولة في يده لا الدين، ويهمه إعادة هيكلتها، ولا يهمه الفساد في المرحلة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، يمكنه أن يضحي بجيل، جيلين أو ثلاثة. هكذا خيل له جنونه!! فهذا هو التفكير الإخواني في تحقيق الأهداف بالقوة، وكان أفراد المجتمع جزئيات في معادلة رياضية، فالمخلوع محمد مرسي يحمل نفس تفكير حسن الترابي حين يقول: "مفيش مانع أن احنا نضحى بشوية (ناس) علشان الباقى يعيش"!! وإذا بحثت تجد جذر هذه العبارة لدى حسن البنا، وسيد قطب ومصطفى مشهور!! والمخلوع مرسي ومرشده والذين حكموا مصر مؤخرا قطبيين. لذا في تقديري أن حسن الترابي، والذين يحكمون باسمه بالوكالة علنا أو خفية، يحتقرون الشعب السوداني!!

لذا لا نجد تفسيرا التشبث بالسلطة من قبل هذه الوجوه المعلومة للجميع، والمعدودة، منذ أربعة وعشرين عاما سوى أنها تعقلن أو تشرعن بقائها عبر ضوء أخضر من حسن الترابي، بل كثيرا ما تتعامى هذه الوجوه عن حقيقة مرة أن لا وجود لدولة مؤسسية سوى دولة افتراضية، ينخرها سوس الفساد حتى النخاع، ولا يلحظ وجودها إلا عند المواقف القمعية لجماهير الشعب السوداني الذي يصفونه بالحشرات تارة، وأخرى شذاذ الآفاق، والعبيد تارة أخرى، ويمتنون عليه أكلة الهوتدوق. فـ "الجماعة" أو "التنظيم" بقيادة الترابي هو الذي يقرر بقاء هذه الوجوه من عدمه. ونقصد بالتنظيم "التنظيم الخاص"، وربما نفس هذا "التنظيم الخاص" يتنكر تحت قناع المؤتمر الشعبي ويعمل في العلن بهذا الاسم!! هذه فرضية جائزة.

ونذكر رجل السعودية، أعضاء الجبهة الثورية هم سودانيون أولا وأخيرا، يجب جذبهم نحو الحوار السياسي، فالحرب لن تؤدي إلى شيء، ولن تبررها مصطلحات زائفة مثل العلمانية، أو لن يحل الإشكال السياسي السوداني بتعبيرات ممجوجة مثل "القوى السياسية الكاسرة" أو وصفهم بـ "محور خطير من محاور الشر الباغي" الخ، خاصة أن محمد وقيع الله الباحث (!) معجب بأسلوب "الحوار"، ولكن في مكان آخر، ولقد أدهشني فيما كتبه عن الداعية الوهابي محمد عبد الوهاب ووصفه بالمحاور!! وكتب في الداعية النجدي ما لم يكتب مالك في الخمر!! كله إطناب منحول من قبل وقيع الله ولم نجد شيئا يشير إلى بحث. هل كان ابن عبد الوهاب محاورا؟ أجزم أنه لا يعرف سوى السيف!! لعل البروفيسورة مضاوي الرشيد تجيب على هذا السؤال. حسب علمي وقراءتي أن الداعية محمد بن عبد الوهاب وسنده السياسي بن سعود ذبحا شعب الجزيرة وأهل الحرمين بخدعة التكفير!!

لقد وضح لي أن محمد وقيع الله يكتب مقالات مطولة (تتمسح بأهداب البحوث) لنظام آل سعود وحشمه بنغمة معينة تروق لهم، وتمجد رموزهم، لكي تُفتح له أبواب الرزق والشهرة. ولم يتحصل محمد وقيع الله على جائزة نايف بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية صدفة، فهو قد تصعد للماجستير والدكتوراه في جامعة المسيسبي بالولايات المتحدة الأمريكية على نفقة الحكومة السعودية. وربما يعمل بوظيفة داعية إسلامي لحكومة المملكة السعودية.

لهذا السبب –الارتباط بجهة أجنبية- عبرت وثيقة التأسيس للحزب الجديد "حركة الإصلاح الآن" عن هذه النقطة والكثير المهم، مثل قولها:

(..وأزمات السودان قد تعدت إلى علاقاته الخارجية، حتى أصبح دولة تلقٍ لا دولة مبادرة، بينما موقعه وتاريخه، كلاهما، يؤهلانه ليقود المبادرات الإقليمية التي تشكل علاقات المنطقة ونظمها لتخدم المصالح المشتركة للشعوب والدول).

لو كانت المملكة السعودية تدعم شعب السودان وشعوب المنطقة تتقوى وتحافظ على استقلالها الوطني لغفرنا لبعض السودانيين إعجابهم بهذا النظام، ولكن الإشكالية في النظام السعودي، إنه نظام متخلف، قمعي دموي، يضطهد شعب الحرمين ويسرق ماله، ويصدر الإرهاب، ويستهدف العقيدة الأشعرية لتحل محلها عقيدة بن تيمية الحشوية، ولا يتورع من تكفير وتقتيل علماء أهل السنة والجماعة -الذي يفهمون الوهابية الخبيثة في العمق- مثل الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي. كتب الكاتب الأردني اسلام الرواشدة، التالي:

لا نقاش في حقيقة أن النظام السعودي هو الداعم والممول للأعمال الإرهابية الدموية التي تقوم بها عصابات إجرامية في ساحات بالمنطقة، كسوريا والعراق ولبنان [واليمن]، فالنظام السعودي الذي ارتهن منذ نشأته للاستعمار والصهيونية يشن عدوانا حاقدا على شعوب هذه الدول، متباهيا برسو عطاء تدمير الأمة وإشغالها وتفكيك جيوشها عليه. وللعلاقات المتقدمة بين هذا النظام وإسرائيل دلالاتها وخطورتها، تؤكد الدور الإرهابي التخريبي الذي تضطلع به القيادة السعودي.

وكلما اشتد حصار الفشل على هذه القيادة، سارعت مدفوعة بأحقادها وأوهامها إلى تصعيد عدوانها البربري الإرهابي الذي كان يحصد المئات يوميا في ساحات التفجير الذي تعيث فيها عصابات الإرهاب الممولة سعوديا فسادا وتقتيلا وتخريبا.

ما تقوم به السعودية وتنفذه من مخططات إجرامية لصالح أمريكا وإسرائيل هي حرب تدميرية بالنيابة تقوم به العائلة الحاكمة ضد شعوب الأمة وجيوشها ومقدراتها، دون أن تحسب حسابا للأمة وغضبها، وللتاريخ الذي يحتضن صفحات سوداء مقيتة لهذه العائلة، التي بلغت في عنادها حد الكفر، بعد أن تحولت إلى أداة في يد الصهيونية.

إن دعم العصابات الإرهابية وتجنيد المرتزقة ومدها بالسلاح من جانب السعودية، إعلان حرب على شعوب الأمة، حرب لن يحصد حكام السعودية منها إلا الفشل والخزي، وسترتد عليها مخططاتها الشيطانية الخبيثة التي لم تعد تحتمل، بل ستفتح الباب أمام ردات فعل ومواقف عنيفة وعملية ضد النظام السعودي الذي يتوهم بأنه سيقود الأمة ويقرر بشأنها، دون أن يدرك بأن جرائمه هذه، وما يسفكه من دماء في سوريا والعراق ولبنان ستزيد من حدة مأزقه وفشله، وسيجد نفسه يوما وليس ببعيد ضحية هذه السياسة الإرهابية الدموية التي تمارسها في عدوانية وحقد ويأس.

والمتنفذون في الرياض، الذين يقودون بلدهم إلى الهاوية، ونبذتهم الأمة، هم يحفرون بأيديهم قبر هذا النظام الدموي المعادي للعروبة والإسلام، رغم ادعاءاته وأباطيله، وتشدقه بحرصه على شوب الأمة والمتباكي على حقوق أبنائها والمنادي بالديمقراطية، وهو الذي يمارس أبشع السياسات القمعية التي فاقت كل تصور ضد أبناء نجد والحجاز.

هذا الوضع الصعب الذي تعيشه الأمة وانشغالها بما يدور في ساحاتها وما تتعرض له شعوبها من إرهاب دموي، دفع بالقضايا المصيرية والمركزية إلى خارج سلم الأولويات، وضع خطير نجم عن الدور الذي يقوم به حكام السعودية لصالح أعداء الأمة، والأحقاد التي تعتمل في صدورهم ضد الأمة والعروبة وسماحة دينها، والسعودية التي تشن حربا إرهابية في سوريا والعراق ولبنان [واليمن]، فقدت وزنها وتأثيرها وهيبتها، وباتت خارجة على إرادة الأمة، وهذا الخروج يستدعي القصاص السريع قبل أن تستفحل شرور هذه العائلة التي لم تعد مقبولة في الشارع العربي. انتهى هنا!!

نقول جازمين، في الوقت الذي لم تعد هذه العائلة مقبولة في الشارع العربي، تكسب الجمهورية الإسلامية الإيرانية المزيد من تعاطف الشارع العربي. لا شك أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم الاستقلال الوطني للشعوب العربية عامة والتي في خط المواجهة خاصة حين تدعم خط المقاومة المشهور - الدولة السورية، وحزب الله، والجبهة الشعبية، والقيادة العامة، والجبهة الديمقراطية الخ، كذلك دعمت حماس. فمثلا عرضت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسليح الجيش اللبناني مجانا ورفض الطابور الخامس السعودي (سعدو الحريري وشركاه السنيورة وفتفت الخ) حرصا على سلامة إسرائيل!! كلا من باريس وواشنطون ترفضان تسليح الجيش اللبناني وتمنعه!! وبالرغم أن دعم إيران لحزب الله مفتوح، بل ومشهور، لم نسمع شكوى في لبنان أن إيران تتدخل في تفاصيل السياسة اللبنانية مثلما تفعل السعودية في لبنان لصالح الأمريكي والإسرائيلي!! فالمقاومة الإسلامية اللبنانية التي هزمت إسرائيل في 2006م لا تحتاج لوصي خارجي، لأن العقل الذي يهزم إسرائيل لا يمكن أن يكون بعقلية العميل!! فعلاقة حزب الله بسورية وبإيران هي ندية تجمعهم علاقة شراكة إستراتيجية.

كتب الكاتب أحمد فاخر، اليساري عضو الأمانة العامة لحركة اليسار الاجتماعي الأردني مقالة جيدة نأخذ منها التالي، قال:

(إن تبسيط الصراع الإقليمي بتصويره صراعاً بين السُّنّة والشيعة، يهدف، على رغم مظاهره الإجرامية البشعة، إلى طمس أساس الصراع الحقيقي والقائم على البحث عن حق هذه الشعوب في الاستقلال الوطني، وإبراز دورها السياسي وحل مشاكلها الاقتصادية المتفاقمة نتيجة للسيطرة الاستعمارية وتحالف البترودولار الخليجي مع الإمبريالية العالمية. وأي خوض لهذا الصراع خارج هذا الإطار، سيغذي الكثير من المشاكل الأخرى المتفرعة.

إن الإسلام السياسي السنّي رجعي في أساسه، وإذ يؤجج الصراع الطائفي فإنه يدفع عن نفسه تهمة الارتباط بأعداء شعوب المنطقة والتي لم يعد يخجل من إظهار التحامه العميق بهم، وبالتالي يعرف أنه يخوض صراعه الأخير. ومن هنا يمكن معرفة سبب وحشيته وانعدام عقلانيته).

ولقد أصاب الكاتب الهدف!!

وهذا ما كنت أشير إليه دائما. إذ لا حاجة إلى التذكير أن الكاتب أحمد فاخر يساري سني المذهب، ولكنه فهم في العمق ماذا تعني الشيعة تاريخيا. كررت كثيرا، من يرغب من السودانيين أن يخوض في السياسة لابد أن يفهم الظاهرة الشيعية قديما وحديثا، وإلا لن يفهم ما يدور في السودان أو في الإقليم. وأخص التحذير من ترهات البعثيين الصداميين والسلفيين.

وبتتبع سيرة الكاتب المناضل اليساري أحمد فاخر، نلاحظ أن هنالك أفقا سياسيا يساريا جديدا أخذ يتبلور في الشام (العراق، سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين) تحت عناوين هي لشيء واحد: الدول المشرقية، المشرقية، التحالف المشرقي، شعوب الدول المشرقية، النضال المشرقي، اليسار المشرقي، الخيار المشرقي الخ. وأكثر المساهمين في هذا التوجه عصبة اليسار الأردني، ومن ضمنهم اليساري الكاتب الأردني المميز ناهض حتر.

لقد تبلورت هذه الرؤية "الشامية" أثر الصدمة البربرية التي فعلتها دولة قطر والسعودية وتركيا في تمزيق سورية، وفي بادئ الأمر أعتقد يساريو الشام أن القضية السورية قضية داخلية، لكنهم سرعان ما لاحظوا تلك الاهتزازات التي أصابت كل من فلسطين، والأردن، ولبنان، والعراق على أثر الهزة السورية!! مما أسقط الحدود الجغرافية المحفورة في وعي اليساري الشامي. لذا أكتشف اليسار الماركسي ليس فقط عروبته بعد غربة، بل أيضا وحدته الوجودية متجاوزا الحدود التي رسمتها سايكس بيكو، فكان مصطلح "المشرقي، المشرقية" عنوانا جامعا لهذه الرؤية الجديدة المولودة من رحم المعاناة السورية. هنالك معركة شرسة تدور حول مفهوم "المشرقية" يعمل ضدها اليساري سابقا حازم صاغية بصحيفة الحياة اللندنية، الذي أشترته قطعا وتدفع له السعودية، بينما أجمع اليساريون المشرقيون أن قضيتهم الأولى الأساسية محاربة الوهابية والفكر الوهابي وإسقاط النظام السعودي وتحرير مكة والمدينة، وقد وصفوه كونه أبشع من النازية والفاشستية!! ودخلت في هذه المعركة قضية حب فيروز للسيد حسن نصر الله، وأبنها الشيوعي الموسيقي العبقري زياد الرحباني، ولمتابعة هذه المعركة:
التحالف المشرقي: معاً ضد الوهابيّة
http://www.al-akhbar.com/node/195519
المشرقية العربية والتغيير في السعودية
http://www.al-akhbar.com/node/195178

بالعودة إلى وقيع الله!! لا نفهم "تحفظات" محمد وقيع الله على الحزب الجديد (الإصلاح الآن!)، وإدعاؤه الكاذب ممارسة "مسؤلياته" تجاه هذا الحدث الكبير، وإبداء "نصائحه" العرجاء إلا من منظور دفاعه اللاواعي عن عقيدته السلفية الوهابية، ولكونه أحد خدم الخط السلفي الوهابي الصحراوي النجدي الذي يفترس الجميع!! وما انزعاجه إلا لكون الساحة السودانية تتوقع من الحزب الجديد أن "يسودن الفكر الإسلامي"، أي إسلام ينطلق من تربة السودان وليس من التربة النجدية، سودان فاعل وليس مفعولا به، وكأن يصبح السودان دولة مبادرة وليس دولة متلقية. ومن المتوقع من الحزب الجديد أن ينشئ مركزا للدراسات الإسلامية والسياسية يعمل من أجل البحوث الحقيقية، يؤسس لمراجعة حقيقية شاملة خلافا للمعهود، حين حولت المملكة السعودية لعقود طويلة الشريحة العربية المتعلمة بفضل أسلوب الإجارة والإكرامية والمقطوعية إلى عرضحالجية. من الشخصيات النشطة إسلاميا والتي تأطرت أو وطنت نفسها في الدائرة الوهابية السعودية حسن البنا، الأخوان سيد ومحمد قطب، حسن الهضيبي، عباس محمود العقاد، وأحمد أمين، وخالد محمد خالد، ومصطفى محمود، ومحمد حامد الفقي، ومحمد رشيد رضا، ومحمد عمارة، وأمين الريحاني، وحافظ وهبة، ومحمد التميمي، وعبد الجليل التميمي الخ.

أما قول محمد وقيع الله أن الحزب الجديد يسعى للسلطة، فلم لا.. فأي حزب سياسي يسعى للسلطة، ولكن طبقا لمشيئة الشعب السوداني، فالشعب السوداني هو الذي يمتلك الشرعية يمنحها لمن يشاء وينزعها ممن يشاء عبر صناديق الانتخاب بدون تزييف من قبل الدكتور نافع كما هو متوقع في المرحلة القادمة، أما أن يدعي هذه الشرعية بضعة من الناس، حكرا لهم، وقد تمترسوا بالدين أو الموروث الطائفي، يجب أن يرفضه الشعب السوداني. فأي مشروع يعمد إلى الالتفاف على شرعية الشعب السوداني مصيره الفشل.. وهنا نخاطب ونحذر "بالذات" شخص الدكتور حسن الترابي!!

الدكتور غازي صلاح الدين ورفاقه حريصون على أن تتبلور موجهات الحزب الجديد تبعا لمساهمة كافة مؤسسيه بشكل جماعي وبأسلوب ديمقراطي حر، لذا فالحزب الجديد ليس حزب دكتور غازي بالمعنى الذي يحاول أن يروج له محمد وقيع الله، فالحزب الجديد مفتوح لكل السودانيين، دون استثناء، حتى إنه لم يرفع الراية الإسلامية الجوفاء التي أصبحت عنوانا للمتاجرة بالدين. في إطار هذا الحزب الجديد سيكون للفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي وللفكر الديني الحقيقي حظا كبيرا، ستكون هنالك تجربة سودانية وطنية خالصة، وقد تتم مراجعات كثيرة للعديد من المصطلحات السياسية والدينية.

هذه أهم ما نتوقعه من هذا الحزب الجديد – إذ لا للشعارات الجوفاء!! ولا لتوظيف الدين لمآرب ومكاسب شخصية!! ويدرك أصحاب الحزب الجديد ذلك، لا معنى لحزب جديد إذا كان الحزب الجديد استنساخا لتجربة الدكتور حسن الترابي أو الأخوان المسلمين – أو المؤتمر الوطني!!

شوقي إبراهيم عثمان

ملحوظة: لو لديك وقتا لتضيعه قليلا مع ترهات محمد وقيع الله فأدخل هنا:
الشيخ محمد عبد الوهاب محاورا
http://albayan.co.uk/article.aspx?id=2361
أفق آخر للشيخ محمد رضا
http://albayan.co.uk/MGZarticle.aspx?ID=3057