التميز العنصري والجهوي في السودان حالة دراسية بقلم :تاور ميرغني علي

التميز العنصري والجهوي في السودان حالة دراسية بقلم :تاور ميرغني علي


12-14-2013, 00:37 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1386977847&rn=1


Post: #1
Title: التميز العنصري والجهوي في السودان حالة دراسية بقلم :تاور ميرغني علي
Author: تاور ميرغني علي
Date: 12-14-2013, 00:37 AM
Parent: #0

التميز العنصري والجهوي في السودان
حالة دراسية
بقلم :تاور ميرغني علي
مقدمة الدراسة
السودان بلد مترامي الأطراف، ومتنوع الثقافات والأعراق والجنسيات والقبائل، فهو إمبراطورية من حيث الأجناس والأعراق واللغات والثقافات والعادات والتقاليد، ولكنه ظل إمبراطورية لا تكشف عن هويتها وتفتقر للبنية التحتية إلى وقت قريب، حيث كانت المواصلات تقوم على الدواب والمراكب النيلية البدائية ثم السكك الحديدية والنقل النهري إلى عهد حكومة الاستقلال.
تشكلت دولة السودان الحديثة ، من ثلاثة كيانات ، كان لكل كيان شخصيته وتاريخه وتكوينه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الخاص، وظلت هذه الاجناس كلا في موطنه يحكم نفسة بما ورثه من اجداده حتي برزت أول سلطنة وهي سلطنة الفونج التي برزت في حدود عام1504م ثم سلطنة الفور وهناك الكثير من السلطنات التي اغفلها التاريخ حتي يومنا هذا ولم يذكره التاريخ الرسمي للسودان الحديث وهذا دليل واضح وفاضح لهوية الدولة السودانية،عاش السودان لمدة ثلاثمائة عام(1504- 1821م )وتمثلت عاصمتها السياسية والاقتصادية والإدارية في سنار، بينما حمل ملوك العبدلات في قري أعباء حركة الفكر والدعوة والثقافة ، كما قامت سلطنة الفور في دارفور ما بعد(1600 إلى 1874م)، كما ظلت قبائل جنوب السودان وجبال النوبة والانقسنا والتي كانت بها سلطنات غفلها التاريخ الحديث في شبه استقلال ذاتي حتى عام 1839م ، تمّ دمج هذه الكيانات الثلاث ، في كيان واحد ، أطلق عليه اسم السودان المصري في عهد الخديوي إسماعيل باشا بعد دمج دارفور في عام 1874م ، وبذلك برزت الدولة السودانية قبل بروز الأمة أو الهوية الموحدة (خميرة) قبل ان تتلاقح هذه الثقافات وقبل ان يلتئم روابط النسيج الاجتماعي والثقافي بينها، وأن هذا الدمج ظل شكليا وصوريا نسبة لعدم استمرارية التجربة وانقطاعها بالحروب في فترة المهدية، ثم انفصال دارفور حتى عام 1916م ، ثم قوانين المناطق المقفولة حتى 1948م ، ثم انعدام البنية الاتصالية والتواصلية واللغة المشتركة والهوية ليست وليدة لحظة تاريخية معينة ، وإنما تتشكل في ظل الضرورة التاريخية وببطء، وأن تراكم الخبرات والتجارب على مصفاة العقل الجمعي للجماعة ، يؤدي إلى نضج خياراتها وميولها ونسقها القيمي والأخلاقي فيما يسمى بالهوية. ولذلك فإن الهوية ليست جامدة ولكنها متجددة . ولكنها كذلك ليست مستحدثة أو مصنوعة، بمعنى أنه لا يمكن صناعتها كما يحدث الآن في السودان بين يوم وليلة نتيجة لبرنامج سياسي أو دعاية حزبية أو أطماع حاكم.
إن استتباب أي مجتمع بشري مؤمناً أو كافراً او ملحدا او لادينيا لا بد فيه من قوانين سياسية يسلِّم بها الناس وينقادون إليها، ولابد فيه من العدل بينهم.
والسياسة بحسب واضعها إن فرضت من حكماء القوم سميت سياسة عقلية بشرية، وإن فرضها الله تعالى فهي السياسة دينية نافعة في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
والسياسات العقلية بنفيها لشرع الله، وعدم ارتباطها بأي تصور تتجاوز مقاصدها الدنيوية، تنتزع منها أخص صفات السياسة العادلة من عدة جوانب وهي:-
أنها موضوعه على الجور لا رتباطها بالأهواء والمصالح العاجلة.
أنها تفتقد الرابطة الحيوية بين أمر الدنيا والآخرة.
أنها لا يمكن أن تأتي بالعدل المطلق، فقد يكون فيها العدل نسبياً.
عدم العدل والاخذ باسباب العدل في الحكم هي سياسة غوغائية لا تنسجم مع اطروحات التعاليم السياسية وهذا النهج هو ما ابتدعته الحركة الاسلامية في السودان واعتبرته منهجا للاسلام السياسي حاولت تصديره معلبا للدول الاسلامية لكن بارت هذه السلعة المعلبة عند التعبئة لان السلعة اثبت فسادها قبل التصدير.
لقد ثبت بما لا يقبل الشك أن حركة أو ظاهرة الأخوان المسلمين التي نشأت في مصر والتي تمت برعاية بريطانية سعودية بمدينة الاسماعيلية المصرية منذ عام 1922م. والتي أفرج السعودين في العام الماضي عن صورة نادرة لحسن البنا منحنيا يقبل يد الملك عبد العزيز آل سعود!! بينما ضرب في السابق جدار من حديد كأن لم يكون لهذه الحركة المصرية أية علاقة بالسعودية!! حتى دار الوثاق البريطانية تغلق ملف حسن البنا ولا تسمح بفتحه، وهذه النقطة ذات دلالة كبيرة. وعموما، يدار تنظيم الأخوان المسلمين في مصر بأسلوب ماسوني، يستحيل على أي عضو فيه مهما علا منصبه فهم كيف يدار. وإذا تركنا التاريخ جانبا، وتمعنا في مضمون أدبيات الأخوان المسلمين، تصيبني الدهشة أن بعض أو كثير من المفكرين السودانيين يمدحون البنا أو يترحمون عليه وكأنه ظاهرة فكرية ضخمة. وقد يكون هذا من قبل المجاراة، أو إرسال إشارة ما، ولكن حسن البنا، وخذ معه أسماء كبيرة مثل سيد قطب ومحمد قطب، هم بالسذاجة الفكرية الغثة حيت لا تستطيع أن تتم لهم كتابا. فقد حاولنا فهم افكارهم من خلال كتبهم الموجودة بمكتبات القاهرة لكن مجرد الفهم له مشقة كبيرة في تفهم ما المقصود من كتاب بهذا الحجم اللهم الا من قبيل الترف واللاسترسال في الكتابة بدون منهج متدرج أوبتعبير ادق آخر أكثر مباشرة هو ان الأخوان المسلمين والحركة الاسلامية التنظيم الدولي لم يؤلفوا أية شيء كخارطة طريق تميزهم في تناول التراث الإسلامي أو كأن يقدموا منهجية تعيد قراءة وفهم التاريخ الإسلامي أو كأن يحدثوا مصالحة ما بين الماضي والحاضر. كل المحللين والباحثين الذين هم أفضل مني علما، يضعون الأخوان المسلمين في التصنيف الإسلامي في خانة( السلفية الوهابية).
وهنا يجب أن نحذر من كلمة سلفيين. لأن جميع المسلمين سلفيون بالفطرة الاسلامية ما دام انهم يأخذون الأصول في العقيدة من أبي الحسن الأشعري وفي الفروع من أبي حنيفة، ومالك، والشافعي وبن حنبل، أما التصوف فيأخذونه من الجنيد البغدادي!! فأول شيوخ المذاهب السنية ولد عام 80 هـ وتوفى عام 150 هجرية. ولعلك تسأل ما الشيء الذي كان ما قبل عام 80هـ؟ هل بدأ الإسلام من عام 80هـ؟ ستجد أن مدرسة أهل البيت النبوية في المدينة المنورة هي التي غرزت الدين. إجمالا نقول، إضافة للكتاب والسنة النبوية، يأخذ المسلمون دينهم عبر رواية الصحابة والتابعين فما الجديد الذي كان سيضيفة الاخوان المسلمين اذ كان الرسول يقول في الصلاة وهي عماد الدين وقال رسول الله(صلوا كما رأيتموني اصلي).
حالة السودان
لم يكن معروفا لدي السودانيين الاصليون في السودان انهم ارقاء في يد سادة خطيرين ينفذون خطة محكمة لابعادهم عن اوطانهم الاصلية وهي اوطان الاجداد والذين ورثوها ابا عن جد منذ ان عرف هذا السودان بالسودان علي لسان العرب الفاتحين في (652م 31هجرية) منذ ان غزا جيش عبدالله ابن ابي السرح دنقلا ووقع مع ملكها تلك الاتفاقية المجحفة في حق النوبة بشمال السودان وهي معاهدة اقرب الي الاستسلام سميت بالمواددة تارة وبالبقط تارة أخري وهي من طرف واحد فقط وهي التي فتحت الطريق الي الاسترقاق والعبودية في السودان وقسم الناس الي سادة وعبيد في مجتمع بسيط لم يفهم معني الحياة المتحضرة والمتمدنة ثم تلاه الفاتحين والطائفين بخلاوي القران وحملات الدعاة الاسلاميين وحفظة القرآن (الكتاتيب).
تقف اليوم الشعوب التي تعتنق الإسلام الذي صاغ بإعجاز فى القرن السابع الميلادي 632م روح القبيلة العربية دينا*(وهى اليوم في الجغرافيا والتاريخ والمصالح أمم وشعوب وليست جسدا أو قلبا واحدا –التركى المصرى والسودانى-السعودى واليمنى-الكويتى-العراقي والإيراني-بنجلادش وباكستان-التشادى والليبى-الشيعي النصيرى والسنى فى سوريا- الدرزي والشيعي والسني في لبنان–الزيدي والأثني عشري والوهابي في اليمن والسعودية وإيران-) والدول الاسلامية غير العربية (اندونيسيا – نيجيريا – ماليزيا – البانيا) فهي اما مالكية او شافعية او حنبلية او حنيفية) وتأخذها من الكتاب والسنة، تقف كل هذه الشعوب في صراط الأعراف الفاصل بين وجودها والعدم، بين أن تكون أو لا تكون. وأصبحت على موعد لا تخلفه مع الأزمات الدورية والمآزق. وإذا كان ثمة اتساق في استجابة هذه الشعوب تجاه ما يعرض لها من تحديات وما يجابهها من معضلات، فذالك هو الاضطراب والتراجع والتشتت العقلي والوجداني ومغالطة النفس للوقائع والحقائق واتهام المختلف بالتواطؤ مع الغرب حينا والصهيونية والماسونية على إطفاء نور الإسلام والدفع بالتي هي أعنف وبالإرهاب وسيلة للمناظرة والتحاور الأمر الذي يدفع بسؤال حارق ومفزع أن يقفز أمام البصر والبصيرة متشكلا بكل الصور التي لا تفرح ولا تدعو إلى الاطمئنان، إن ثوابت الإسلام ليست تراثا إذ هي جوهر البناء الاعتقادي للمسلم ليأتي هؤلاء منحدرين من اصول لا يعلمها اهل السودان الاصليون ليعلمونا الاسلام علي سجيتهم فاخفقوا شر اخفاق، فرداً أو جماعة دون اعتبار للثقافات والأقطار والنظم الاقتصادية والطبقات الاجتماعية في الماضي والحاضر والمستقبل وادخلوا السودان في دوامات ومواجهات مع دولا لم تكن يوما بينها عداوة ومجتمع دولي لم نكن نختلف معه يوما ودخل السودان لاول مرة في التاريخ جيوشا أممية اراضيه(اليوناميد)(والقوة الافريقية) بأفعال هؤلاء الاخوان وفرقوا أهل السودان الي أمم وملل وطوائف وقبائل وسحنات وأولاد البلد واولاد البحر وأولاد الغرب (الغرابة) والنوبة والجنوبيون المقصود منها (فرق تسد) السياسة الاستعمارية القديمة فالاستعمار جاء الي السودان بثوب التيار والحركة الاسلامية وهي مخالفة صريحة للاية الكريمة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (13) سورة الحجرات. ان السودان هو اقرب مثال لهذه الاية الكريمة، لكن باسم هذا الوليد غير الشرعي للاسلام السياسي (الانقاذ) دخلت الحركة الاسلامية في دوامة السودان وعوامل تشكيل دولتة الداخلية وعلاقته الخارجية والثقافية والتاريخية في نشأتها ونشوتها وازدهارها وتدهورها وانهيارها ايضا في أطروحاتها التي طرحتها منذ بدايتها ولا نعلم الي اين يتجه بوصلة الاسلام السياسي في تبديل كراسي الحكم بكراسي اخري ،وهو يواجه أكبر تحدٍ يواجهه حركات الإسلام السياسي وهو يكمن في خوضها تجربة الحكم في إطار المشروع الديمقراطي المدني الوطني التعددي (الصوري) بغطاء دولي وانتخابات صورية، بدل مشروع الخلافة ووحدة الأمة وحاكمية الشريعة والمفاصلة مع النفوذ الاستعماري الثقافي والسياسي والاقتصادي في السودان مما يعني أن نجاح التجربة أو فشلها سيؤدي بالنتيجة إلى تكريس نظام لطالما رفضوه وحاربوه واعتبروه نقيضاً للمشروع الإسلامي الأصيل كما ورد في كتابات (المودودي) ابو الاسلام السياسي والداعي الاول لدولة الشريعة الاسلامية.

ونواصل في الدراسة