الحادي عشر من نوفمبر في كندا بقلم : بدرالدين حسن علي

الحادي عشر من نوفمبر في كندا بقلم : بدرالدين حسن علي


11-12-2013, 08:06 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1384239989&rn=0


Post: #1
Title: الحادي عشر من نوفمبر في كندا بقلم : بدرالدين حسن علي
Author: بدرالدين حسن علي
Date: 11-12-2013, 08:06 AM

الحادي عشر من نوفمبر في كندا

زهرة الخشخاش ليس لتمجيد الحرب بل لتأمل أهوال الحرب

متى تكون زهور الآراك مدخلنا لإيقاف الحروب العبثية

بقلم : بدرالدين حسن علي


إحتفل الكنديون يوم أمس الحادي عشر من نوفمبر بذكرى إيقاف

الحرب ، ليس الكنديون وحدهم يحتفلون ،بل كل شعوب العالم من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، ومن أقصى الغرب إلى أقصى الشرق إحتفلوا بالذكرى التاريخية عندما إنتهت وبصورة رسمية الحرب العالمية الأولى بتوقيع إتفاق فرساي 1919 .

منذ الصباح الباكر من يوم أمس جلست مع مجموعة من الكنديين " المكسرين " كي أرى كيف يحتفلون ، وجميعهم في سن " 50- 60 " يتحدثون الإنكليزية بطلاقة لم تمنعني من متابعة حديثهم الصادق عن ذكريات الحربين العالميتين وملايين الضحايا الذين سقطوا في أوروبا وكل العالم في حروب عقيمة راح ضحيتها أبرياء كتبوا بدمائهم النقية تاريخا جديدا لكل العالم ، جلست بينهم حزينا لا أقوى على التعبير ، إقتربت مني سيدة كندية في السبعين تسألني لماذا أنت حزين هكذا ؟ قلت لها : أنتم تحتفلون بإيقاف الحرب وشعبي يشهد كل يوم حربا مدمرة تقتل آلاف الأبرياء ، أطفال وشيوخ ليس معهم قطرة ماء .

قالت لي من أين أنت ؟ قلت لها بحسرة شديدة : من السودان ، قالت : حدثني عن الحرب عندكم , أصدقكم القول رغم غباء السؤال حدثتها ، فبكت !!!

الحادي عشر من نوفمبر من كل سنة هو يوم الذكرى في كندا وسائر دول الكومنولث، وفي أوروبا، وفي الولايات المتحدة أيضاً حيث يُعرف بيوم قدامى المحاربين ، هو في الأساس يوم لاستذكار تضحيات الجنود في الحرب العالمية الأولى، فعند الساعة الحادية عشرة من اليوم الحادي عشر في الشهر الحادي عشر توقفت رسمياً الأعمال القتالية بين الجيوش المتحاربة في ساحات القتال ، وفي الساعة الحادية عشر من نفس اليوم جاءني إتصال من السودان يؤكد ما قاله عمر البشير في خطاب جماهيري بمدينة الأبيض أن هذا العام 2013 سوف يشهد نهاية الحرب في غرب السودان ، وهو نفس ما ظل يقوله كل عام ، وقال نائبه نافع علي نافع أن القوات المسلحة السودانية تعتزم شن حملة عسكرية كبرى خلال الأيام المقبلة في دار فور لحسم الحرب نهائيا ، وهو أيضا نفس ما ظل يقوله منذ عام 1989 .

في الحادي عشر من نوفمبر كل سنة يتذكر الكنديون جنودهم الذين قُتلوا أو أصيبوا في تلك الحرب كما في الحروب التالية التي شاركت فيها كندا، أي في الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية وحرب أفغانستان، فيضعون على صدورهم زهرة خشخاش حمراء يقف أحد الكنديين أو أحد الأطفال في أشهر السوبرماركات يحمل بعض زهور الخشخاش الحمراء للتبرع ، وفي كل يوم 11 نوفمبر آخذ زهرة خشخاش والصقها في صدري وأحس أني " بني آدم " ولكني كنت أريدها زهرة سودانية خالصة كي أهديها لجندي سوداني يحارب من أجل الوطن .

قالت لي يوم 11 نوفمبر هو ليس لتمجيد الحرب بل يوم للتأمل في أهوال الحرب وتضحياتها ، وزهور الخشخاش الحمراء هي لمواجهة الزهور البيضاء ، لكل من تألم بسبب خسارة فعلية خلال الحرب .

وقالت لم يكن اللفتنانت كولونيل الكندي جون ماكراي (John McCrae) من دعاة الحرب ، وهذا الطبيب والشاعر كتب قصيدته الشهيرة “في سهول فلاندر” (In Flanders Fields) بعد أن أشرف على جنازة صديقه العزيز ألكسيس هيلمر الذي قُتل في معركة إيبر الثانية في منطقة فلاندر في بلجيكا خلال الحرب العالمية الأولى وكان في الثانية والعشرين من عمره ، وفي القصيدة إشارة إلى زهور الخشخاش في سهول فلاندر. زهور الخشخاش الحمراء، لا البيضاء، هي التي تنمو في ميادين القتال هناك ، وللذين قاتلوا، لم يكن للون هذه الزهور المشرق من مضمون سياسي ، هو لون دماء رفاقهم الذين سقطوا ، وسرح خيالي مع عشرات القصائد الشعرية التي طالعتها في مترو الأنفاق الكندي وجميعها تتحدث عن السلام !!!

و قال لي شاب آخر زهرة الخشخاش تذكرنا أيضاً بالجنود الكنديين الذين سقطوا في أفغانستان وهاييتي وقبرص والشرق الأوسط وسواها من المناطق ، تذكرنا بأن جنوداً كنديين يستمرون في الخدمة والتضحية .

وقرأت أن هذه الزهرة هي أكثر من مجرد رمز ، فالسنة الماضية جمعت حملة زهرة الخشخاش السنوية التي تقوم بها الرابطة الملكية الكندية 14 مليون دولار، ووضع الزهرة على صدورهم 18 مليون كندي. ويُستخدم المبلغ المذكور لمساعدة قدامى المحاربين وأسرهم في تغطية بعض من احتياجاتهم الأساسية، كطبابة الأسنان والنظارات الطبية ونفقات السكن والغذاء.

ارتداء زهرة الخشخاش الحمراء هو وسيلة يكرم بها أكثر من 110 آلاف رجل وامرأة قُتلوا في الخارج وهم يحاربون باسم كندا ، والسودان وميراثه السوداني الغنائي والأدبي القصصي والروائي وحب الناس فيه للزهور يمكن أن يفعل العجب ، يكفي فقط لو اهتممنا بزهور الآراك ؟؟؟؟