العطـــش الرياضــي

العطـــش الرياضــي


09-11-2004, 03:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1094912418&rn=0


Post: #1
Title: العطـــش الرياضــي
Author: صلاح شكوكو
Date: 09-11-2004, 03:20 PM

العطـــش الرياضــي
( صلاح شكوكو )

مازالت كرة القدم تحتفظ ببريقها الأخاذ ، ولمعانها الساحر ، ومازال الجمهور السوداني بحسه المرهف الفنان يزداد حباً لها وعشقاً .. رغم نضوب سجلنا الرياضي من البطولات الإقليمية والدولية .. إلا ما عفا عليه الزمن .

ومازالت الذاكرة الرياضية لدينا تعيش على ذكرى محطة قديمة انتصرنا فيها ثم ولت .. و تفصلنا عنها أكثر من ثلاثة عقود ( تقريبا ) وكأن الساحة عندنا قد نضب معينها أو كأن الانتصارات قد تمردت علينا .

نعم اكثر من ثلاثين عاما مضت .. منذ أن فزنا بكأس أفريقيا .. و اكثر من ثلاثين عاما أيضا منذ إنشاء أول كلية التربية الرياضية في السودان .!!!! وكأن التاريخ قد أبى إلا أن يوثق للإخفاق الرياضي لدينا … ذلك أن أهل العلم الرياضي قد انزووا عن المشاركة في الحياة الرياضية وكأنهم ليسو معنيين بهذا الامر . وقد وجدوا أصلاً لذلك .

إننا لم نسمع عنهم حديثاً ولا قولاً ولا بحثاً الأ ما كان في الأرفف لديهم ، ولم نسمع لهم صوتا حول أسباب التدني الرياضي في بلادنا ولم نسمع رأيهم ولا حلولهم … بل لم نشهد منهم تفاعلاً حياً حقيقياً مع قضايانا الرياضية ومقتضيات الحــال .. وكأنهم ليسو من عالمنا ولا يعنيهم الأمر من بعيد او قريب .. لم نسمع كلمتهم حتى الآن ، ولم يذوبوا لنا الحد الفاصل بين النظرية والتطبيق وبين الجوانب الأكاديمية البحتة والممارسة الواقعية .

لماذا لم تخّرج لنا كلية التربية الرياضية حتى الآن مدرباً واحدا يشار إليه بالبنان .. ويجسد لنا على أرض الواقع مفهوما جديدا في التدريب والممارسة العلمية ؟؟؟ يستوعب العلم ويرسمه على أرض الواقع … وكأن هذه الكلية لا تخرج لنا إلا أرتالا من المدرسين في مادة الجمبـاز ( وليتــنا أفلحنــا حــتى في ذلك ) !!!

إن كنا نعاني خصــاما بين العلم والرياضة فكيف لنا أن نبحث عن بطولات خارجية ؟؟ وانتصارات حقيقية ؟؟ في غياب العلم والتحليل والرصد والمتابعة والتخطيط ؟؟؟ وما سبب هذا الخصام ؟؟ وهذا الطلاق البائن بين العلم والرياضة ؟؟؟ والى متى سنظل نحلم فقط ؟؟ وما الداعي أصلا لإنشـــاء مثل هذه الكليات المتخصصة إن لم تكن قادرة على القيــام بدور مؤثــر في الحيــاة العامــة ؟؟؟؟ والى متى يدرب عندنا انصاف المتعلمين ويدير طالب الشهرة والوجاهة والمال ويسجل من يسجل الشركات والمؤسسات ؟؟؟؟ الى متى سنظل نسند الأمر الى غير أهله ؟؟؟

فالرياضة في الدنيا كلها ما عادت تسّيرها العواطف والشعارات والأهواء ، وما عادت نشاطا هامشياً … بل أصبحت علماً يدرس في أرقى جامعات الدنيا ... علم له نظرياته وفنــونه الخاصــة .. بل أصبحت الدنيا كُلهــا ( عدا نحن ) تدرك أن البطولات لا تتأتى من خلال الأماني ودق الطبول ( وشحن اللاعبين بشعار النقطتين أو الكرعين ) ..

لابد من التخطيــط الواعي السليــم والإعــداد العلـمي المــدروس و إنشـاء قاعــدة عريضــة من الممارســة الرياضيــة الشعبيــة .. وبإنشـاء المـدارس السنيـة وتقويـة الرياضة المدرسيـة وإحياء التنافس الداخــلي وتكوين فريق لكل ولاية يدخل في منافسة حقيقية مع بقية الولايات .. واشاعة الممارسة على كل الصعد .. باعتبار أن هذه الوسائل هي السبل لتوسيع مواعين الإختيار للفرق القومية وباعتبار هذه المواعين هي التي تغــذي شريان الرياضـة وتممـدها بالزخـم الـلازم للاستمرار والعطـاء المتواصـل … وقتهـا قـد لا نحتـاج إلى استقـدام محترفـين باهتـين من الخـارج ..

لقــد أصبحــت الفــرق الرياضيــة يخطــط لها من مراحــل سنيــة مبكــرة ، تبــدأ من الثانيـة عشر استنــادا إلى معايير خاصــة متفــق عليهــا هــي :-

• الاستعداد الفطري والموهبـة الحية .
• الذكاء والاستجابـة العصبية الفاعلة.
• البنــيان الجسمــاني السليــم .
• الموهبة والاستعداد المهاري والحركي .
• قوة الشخصية والثقــة في النفـس .
• قابلية الشخص للتعلّــم والتطـور .

فهل يا ترى فكرنا في تطبيق هذه المعايير العالمية مرة على فرقنــا ؟؟؟؟ أم جئنا بأبوناتوله وابو القدح وعوج الدرب ,اعتبرناها أسماء رنانة ستغير شكل التاريخ وسنهزم بها ساحل العاج ؟؟؟ ..... نحن قوم قد درجنا على أن نلملــم أطرافنــا كلما نادى المنــادي .. أو كلمــا لاحت في الأفق بوادر مباراة معينة .. بلا برنامـــج واضـــحة ولا إحصائيات و لا معلومـات ولو عن الجهة التي سنقابلها ، و هكذا سنظـل ندور حـول مرابطتنا ، نتغــنى بالماضــي الذي اصبـح تاريخا لن يعــود .

إننا كلما جاءت مشاركة هللنا وكبرنا لها وإعتبارنا نقطة تحول جديدة نظل قبلها نحلم وعند أول نزال يزول الوهم الذي نعيشه وينكشف معيننا الخاوي ونزيد أحزان الأمة .. لقد فشلنا إخوتي أن نؤهل لاعبا واحدا ليمثلنا في عالم الإحتراف بقـوة .. لأن لاعبينا يعتبرون أن مجرد اللعب في المؤسسات غاية والسكون بعدها نهاية .. يرضــون باقل القليل والنذر اليسير .. اللآعب عندنا لا يثق بقدراته .. ولا يحترف لاعبونا الا إحترافا خجولاً .

أما جمهــورنا المرهــف الذي نسي طعم الانتصار فسيستلزم الأمر عليه الانتظار طويــلا ، متحمـلا هذا العطــش الرياضي .. وعليه فقــط أن يحلــم طالمــا بقي الحلــم متاحا للجميع … وعندما يصبــح الحلم منافسة فعليه ولها إتحادها الخاص وقتها عليه أن يقلع حتى عن الأحلام ، حتى لا نخسـر في منافســـة الأحـــلام .





صلاح محمد عبد الدائم
( شكوكو )
ابوظبي
[email protected]