محمد محمد خير و السيد الصادق و السحاسيح

محمد محمد خير و السيد الصادق و السحاسيح


04-14-2004, 00:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1081899748&rn=0


Post: #1
Title: محمد محمد خير و السيد الصادق و السحاسيح
Author: هلال زاهر الساداتي-مصر
Date: 04-14-2004, 00:42 AM

المقال الطريف للكاتب الصحفي محمد محمد خير و الذي عقب فيه علي عبارة جاءت علي لسان السيد الصادق المهدي في مقابلة أجرتها معه صحيفة الأيام و بعيدا عن السياسة و دروبها الشائكة , ولاعطاء ما لله لله وما لقيصر لقيصر , وبداية فإنني لست منتميا لحزب أو طائفة و لا اطمع في منصب أو أن أتقرب زلفى إلى أي مخلوق . فالحق أن أبناء بيت المهدي نشأوا و تعلموا جنبا لجنب مع أبناء الشعب و خالطوهم رغم عيشتهم المرفهة و سكناهم المنيفة , و أنا شاهد علي ذلك , فقد تلقيت تعليمي في مدرسة الأحفاد الوسطي بامدرمان مع السيد المرحوم يحي عبد الرحمن المهدي عم السيد الصادق و الذي كان يسبقني بعام دراسي واحد , و كان شقيقي المرحوم انور زاهر معه في فصل واحد , وكذلك كان معنا في نفس المدرسة السيد احمد عبد الرحمن المهدي عم السيد الصادق المهدي , كما أنني درست بعد ذلك شقيقي السيد الصادق محمد و صلاح في المدرسة نفسها , و بالمناسبة فقد تلقي كل أبناء المهدي دراستهم بمدارس الأحفاد حتى المرحلة المتوسطة , و كذلك تلقي أبناء الأنصار الدراسة بها و تحضرني حادثة ذات مغزى بليغ , فقد كان صديق عمري محمد حسين محمد و هو الآن بالسعودية – أطال الله عمره –كان في نفس الصف الدراسي مع السيد يحي و نشب شجار بينهما , فما كان من محمد إلا أن جرح يحي بموسى حلاقة في يده و أسال دمه , و كان أن قامت المدرسة ولم تقعد إدارة و مدرسين و تلاميذ و فراشين لذلك الأمر الجلل , و الاعتداء الآثم !! وفي نفس عصر اليوم قرع أحدهم باب منزل محمد حسين , ولما خرج محمد وجد إحدى سيارات دائرة المهدي و سائقها , ولما علم السائق انه محمد اخبره بان (سيدي) السيد عبد الرحمن يدعوه لتناول الشاي في السراية مع السيد يحي في الغد و انه سيحضر بالعربة ليصحبه إلى هناك … و اخبرني صديقي انه كان بين مصدق و مكذب و أن الخوف و القلق ركباه وبات ينتظر الغد بصبر نافد و في الخامسة مساء في الغد حضر السائق و أوصله إلى السراية بامدرمان و استقبله السيد يحي مرحبا و اقتاده إلى الحديقة حيث كانت هناك مائدة منصوبة عليها أدوات الشاي و أنواع الكيك و الجاتوه و الفاكهة , وجلس صاحبي مذهولا ولم تمضي دقائق إلا و ظهر السيد عبد الرحمن المهدي بطوله الفارع و هيبته الطاغية و طلعته السمحة , و سلم علي محمد بقوله ( ازيك – طيبون ) , و هذه كانت تحيته لكل من يلقاه , وحتى و هو في سيارته في الشارع العام والتي تسير ببطء شديد كان يلتفت جانبا إلى الواقفين بالشارع و يحييهم بقوله (ازيكم – طيبون) , وقال لصديقي فيما قال إن يحي أخوك و اصلح بينهما , و منذ ذلك اليوم صارا صديقين حميمين . و لذلك لا عجب أن تفوه السيد الصادق بكلمة (سحاسيح)

و مفردها (سحسوح) – و إن فات زمانها – لأن لكل مقام مقال , وهذه الكلمة الشعبية قيلت في موضعها , و لست مواكبا مفردات لغة شباب اليوم لأعرف المقابل لهذه الكلمة الآن ..

أما الأمر الثاني في مقال الأستاذ محمد محمد خير عن عم صديقه الورع في روما و إطلاقه (وحوحته) لدي مرأى الحسناء الإيطالية , فقد تداعت إلى ذاكرتي و واقعتين , أحدهما عندما كنت في شبابي اعمل معلما لفترة مع شركة أرامكو في السعودية , و كانت طائرة الشركة تقلنا نحن العاملين بالشركة من الظهران إلى اسمرة في عطلتنا السنوية , و من هناك نستقل طائرة أخرى إلى الخرطوم , ونحن في الجو وقعت الطائرة في مطب هوائي و صارت تتأرجح و تعلو وتنخفض , فأخذ أحد الراكبين يسب الدين للطيار و الطيارة و المطبات الهوائية , ونهره وزجره رجل كبير يبدو في أواخر الخمسينات من العمر و تزين وجهه لحية مستديرة كثة قائلا (يا ولدي استغفر , انحنا بين السما و الواطة .. ما تخلي ربنا يغضب علينا و الطيارة تقع بينا ) .. ووصلنا اسمرة بسلام قبل منتصف النهار تقريبا , و في المغرب و نحن خارجين من الفندق شاهدنا منظرا عجبا , فقد رأينا العم الملتحي الزاجر و هو بدون لحية فقد حلقها , و كان يضع يديه علي كتف شابين و هو سكران (طينة) , و يضع قدم و يرفع الأخرى و هو يقول (تآتي..تآتي)

مثل الطفل الذي يتعلم المشي ..

و الحادثة الثانية هي عندما كنت مدرسا بمدرسة الأحفاد الوسطي الكائنة بشارع العرضة بامدرمان كانت لدي دراجة لتنقلاتي – لم نعرف الدروس الخصوصية يومئذ ولم نقتني العربات – و كان زميلي و صديقي شيخ محمد – رغم فارق السن – رجلا طيبا خفيف الظل حلو المعشر , وكان يدرس اللغة العربية بعد تقاعده بالمعاش , وكنت بعد انتهاء اليوم الدراسي أسير معه راجلا إلى أن ابلغه منزله في حي العباسية و من هناك استقل دراجتي إلى منزلنا بالموردة , وكان انتهاء اليوم الدراسي يتزامن مع انتهاء الدراسة في مدارس البنات , فكانت ارتال الطالبات يسرن في الشارع إلى منازلهن , وكان شيخ محمد يلكزني قائلا ( يا هلال شوف لي ديك ) أو (يا هلال عاين لي ديك ) و ذلك عندما يسترعي انتباهه بنتا جميلة .. و أرى أننا كلنا نعجب بالجمال في أي صورة كان بشرا أو زهرة أو منظرا و لكن الحياء أو العرف الاجتماعي يكبح جماح إبداء إعجابنا علنا و بخاصة إذا تعلق الأمر بالأنثى أو إذا كان المرء في سن تفرض عليه الوقار . و لكن الشعراء يصرحون بما يشعرون و هم في كل واد يهيمون , فالشاعر ود الرضي وقد بلغ الثمانين يقول في حسنائه :

أعاين فيه و اضحك و امشي و اجيه راجع

أما الشاعر الآخر فقد آثر السلامة و كبت إعجابه و اكتفي بقوله يا قلبي المكتول كمد ..


هلال زاهر الساداتي

[email protected]