أبناء النوبة بين المطرقة والسندان

نحن مجموعة من ابناء جبال النوبه نزحنا مع غيرنا من ابناء المنطقة الي المدن الكبيرة في الشمال لا سيما الخرطوم و قد ظللنا تاريخيا نمارس من المهن و الاشغال المهينة منها كالتنظيف و نقل بقايا الناس الي ان استقر بنا المقام بمنطقة السجانة بالخرطوم منذ عام 1946م و اعتبر الحاكم الانجليزي انذاك ان هذه المساكن عبارة عن عنابر تخص عمال و زارة الصحة حماية لهم من المشكلات الامنية المتعلقة في قطاع الطرق (الرباطة ) الذين كانوا يعترضون طريق العمال من مساكنهم ألي مكان عملهم.
بعد مرور فترة زمنية طويلة كانت هناك شكاوي تقدم ضدنا من قبل سكان الاحياء المجاورة باعتبار ان سكنا نحن ابناء جبال النوبه لا تليق بهذه المنطقة باعتبار صناعتنا للخمور البلدية والفوضي و الفساد الذي نعيشه في الخرطوم العاصمة علي حسب دعاواهم ، و علي ذلك استندت قوات النظام علي هذه الافتراءات لتشن حملاتها علي سكان منطقة السجانة (ابناء النوبه) ففي منتصف عام 1993م داهمت مجموعة من شرطة النظام العام تدعمها بعض الافراد من وزارة الصحة ، المنطقة و سلمونا انذارات مكتوبة باخلاء هذه المنازل خلال شهرين من تاريخ تسلم الانذارات دون سابق انذار او تسوية لاوضاع المهجرين علي اقل تقدير دون النظر لارتباط مصالح الناس بهذه المنطقة من ارتباطات تعليمية ووظيفية علي الرغم من تسوية الامر مع سكان منطقة الانقاذ الحالية (العشش سابق! ا) . و بعد ان توالت الضغوط علينا باخلاء المنطقة توجهنا لوزير الاسكان الدكتور شرف الدين بانقا بمذكرة عمل هذه المشكلة فامر الوزير بتكوين لجنة ثلاثية مكونه من مدير عام الاراضي و اخر من وزارة الاسكان و ثالثهم امر سكان الحي وتوصلت اللجنة الي حقيقة ان المنطقة ليست لديها سجلات بمكتب الاراضي و ليست لها علاقة بمكتب الصحة . و لكن لسؤ الطالع احيل الوزير المعني الي التقاعد و ضاع مجهود اللجنة الثلاثية هباءً و ما انفكت الانتهاكات تمارس ضدنا باشكال مختلفة تزعزع استقرار السكان و تضفي غشاوة سوداء يستعصي معها قرارة مستقبلهم و مستقبل اطفالهم لا سيما و هم قد هجروا قراهم من ازمان بعيدة بسبب الحروب الاهلية و ممارسات انتهاك حقوق الانسان بالمنطقة فاصبحوا كالمستجيرين بالرمضاء من النار.
اخيرا، نرفع صوتنا عليا مخاطبين اصحاب القرار و منظات المجتمع بالنظر الي هذا الموضوع من واقع مسئوليتهم الاخلاقية تجاه اولئك السكان المغلوب علي امرهم ، و نخص بالمناشدة رابطة ابناء جبال النوبه العالمية و كل ابناء جبال النوبه المنتشرين في اصقاع العالم ان يهبوا لنجدة اخوانهم الذين اجتمعت عليهم المصائب البشرية و الطبيعية.
ابوالقاسم عبدالرحمن داؤد
القاهره