استغلال الدين في الدعاية الانتخابية

استغلال الدين في الدعاية الانتخابية


03-23-2010, 08:58 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=64&msg=1282279379&rn=8


Post: #1
Title: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: السر بابو
Date: 03-23-2010, 08:58 PM
Parent: #0

استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
بقلم: تاج السر عثمان
مرة أخري تطل الاسطوانة المشروخة برأسها والتي تتعلق باستغلال الدين في السياسة من أجل تحقيق كسب انتخابي زائل، من اجل مصالح دنيوية زائلة، فتطل علينا مايسمي بهيئة علماء السودان في ندوتها الأخيرة علي اختلاف الآراء فيها، فمنهم من قائل: ( الانتخابات اسفاف ومضيعة للزمن)، ( والانتخابات في ظل التنافس الديمقراطي تعتبر باطلة وكفر)، أما عبد الحي يوسف فيقول: ( التصويت للعلمانيين ذنب لايغتفر)، أما محمد سيداحمد حاج فقد اورد ( صوّت للذي يأكل المليونين، فهو أفضل من الذي يأكل ال 50 مليون)، كما دعي محمد عثمان صالح الي ( التصويت للذي يحكم الشريعة).
فأي من هؤلاء نصدق؟ بعد عشرين عاما من تجربة نظام الانقاذ الذي بدأ بالفصل التعسفي حتي بلغ عدد المفصولين حوالي 400 ألف من العمل ، واعتقل وعّّذب الالاف من المعتقلين السياسيين، ودعي لحرب جهادية باسم الدين كان ضحاياها الالاف، وبعد ذلك وقع اتفاقات في نيفاشا والشرق وابوجا، ليتضح خطل تلك الدعاوي وازهاق تلك الارواح بلا طائل، وخاصة ان البلاد كانت قد وصلت الي اتفاق الميرغني – قرنق، وان بشائر السلام كانت علي الابواب قبل أن يجهضها الانقلاب وتزداد المشكلة تعقيدا والتي تهدد حاليا بانفصال الجنوب، ما رأي هؤلاء في ذلك؟ وما رأيهم في قتلي حرب دارفور والذين تقدرهم الامم المتحدة ب 300 الف، اضافة لضحايا النزوح والتشريد؟؟ .، كما تفشي الفساد وانتشر الفقر الذي اصبح يشكل 95%، ورفعت الانقاذ يدها عن التعليم والصحة، وتهدد بفصل الاطباء المضربين، وارهابهم وتهديدهم بالقتل من قبل جماعات الهوس الديني وتكفيرهم واستخدام اجهزة الدولة الاعلامية ضدهم، والاعتداء علي طبيبة، ومحاصرة الشرطة لميزهم لا لشئ الا لأنهم طالبوا بحقوق مشروعة ونفذوا اضرابا مشروعا كفله لهم قانون النقابات لعام 2009م، وما علاقة ذلك بالدين؟ وما علاقة الائمة الذين يصعدون منابر الجوامع ليطالبوا بعدم التصويت للمرشحين من غير مرشحي المؤتمر الوطني باعتبارهم كفار وملحدين وعلمانيين،بالدين؟ وما رأيهم في كل تلك المآسي التي تحدث في البلاد؟، واين قولتهم للحق في وجه سلطان جائر؟.
وتأتي مهزلة بابكر حنين في برنامج منبر سونا الذي تبثه قناة النيل الأزرق للمرشحين لرئاسة الجمهورية، والذي يعتبر برنامج لمحاكمة الأحزاب السياسية وتشوية صورة المرشحين امام البشير، لتؤكد استغلال الدين في الحملة الانتخابية، من خلال الترصد وسبق الاصرار بالسؤال عن صلاة الاستاذ محمد ابراهيم نقد والتي لاعلاقة لها بالبرنامج الانتخابي للمرشح موضوع الحلقة وليس مطلوبا من المرشح أن يجيب عليه، ليتم استغلال الاجابة، بما اوردته صحيفة الاهرام( الاثنين: 23/3/2010م)، بان احد المواطنين رفع دعوي ضده ب(المجاهرة بالمعصية)، علما بانه ليس معروفا عن الاستاذ نقد المجاهرة بالمعصية طيلة عمله بالحياة السياسية لأكثر خمسين عاما، فلم يصعد لمنبر ليطالب الناس بترك الشعائر الدينية، وان برنامج الحزب الشيوعي السوداني المجاز في المؤتمر الخامس يدعو الي احترام معتقدات الناس وعدم الاستهانة بها، ويرفض استغلال الدين لخدمة مصالح دنيوية اقتصادية وسياسية. ولكن الواضح من تلك الدعوي هي كسب دعائي انتخابي رخيص.
لقد اكدت تجربة الشعب السوداني أن استغلال الدين في السياسة تجارة بائرة وخاسرة، وتمت هزيمة تلك الدعاوي منذ مؤامرة معهد المعلمين العالي 1965م، وحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ومحكمة الردة للاستاذ محمود محمد طه عام 1968م، ومؤامرة الدستور عام 1968م بهدف مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية، وحتي تجربة قوانين سبتمبر 1983م والتي كانت من اكثر الفترات حالكة السواد في تاريخ السودان، وتم تكفير واعدام الاستاذ محمود محمد طه، وحتي قيام دولة الانقاذ الدينية والتي وجدت مقاومة واسعة من الشعب السوداني، اضافة الي ماتوصلت اليه الحركة السياسية المعارضة في ميثاق اسمرا عام 1995م حول( فصل الدين عن السياسة)، حتي تم توقيع اتفاقية نيفاشا نتيجة للضغوط الداخلية والخارجية والتي فتحت الطريق لمواصلة النضال من اجل التحول الديمقراطي، وبعد اتفاقية نيفاشا هزمت الحركة السياسية والفكرية السودانية حملات التكفير من قبل ما يسمي بعلماء السودان والمهوسين دينيا للناشطين من الصحفيين والكتاب، وتكفير الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم وتكفير السيد الصادق المهدي ود. حسن الترابي وياسر عرمان، والهجوم علي معرض الكتاب المسيحي وتكفير ما يسمي ب(الرابطة الشرعية للعلماء) للحزب الشيوعي، وسوف تتم هزيمة الحملة الحالية ضد الاستاذ نقد.
ان قضية الساعة هي توفير المناخ الملائم لقيام انتخابات حرة نزيهة بتوفير مطلوباتها التي تتلخص في: بسط الحريات والغاء قانون الأمن، واعادة النظر في التجاوزات في الاحصاء السكاني والسجل الانتخابي ومفوضية انتخابات مستقلة ومحايدة، وفرص متساوية للمرشحين في أجهزة الاعلام، ورفض استغلال المؤتمر الوطني للاعلام كما في برنامج بابكر حنين المفضوح، والحل الشامل والعادل لقضية دارفور. فبالاضافة لتحالف قوي جوبا( عدا المؤتمر الشعبي) اقتنعت دوائر عالمية واسعة بأن قيام انتخابات مشوهة وجزئية سوف تعيد البلاد لمربع الحرب وانفصال الجنوب وربما دارفور والشرق، فلماذا اصرار المؤتمر الوطني علي ذلك ان لم يكن فعلا قد زوّر الاحصاء السكاني والسجل الانتخابي؟، وأن تاجيل الانتخابات تعني مراجعة ذلك التزوير الذي لن يكسبه شرعية، بل سوف يؤدي الي دمار البلاد، وعلي سبيل المثال: اشأر مركز كارتر الي عدم توفير مطلوبات الانتخابات والي استحالة قيامها في ابريل 2010م فنيا وموضوعيا، كما أشار تقرير مركز الأزمات الأخير، الي ان الانتخابات الحرة النزيهة تؤدي الي الاستقرار والوحدة الجاذبة، وانه اذا تمت في المناخ الحالي، فان الجنوبيين سوف يختاروا الانفصال، وبالتالي يجب التفكير في قضايا مابعد الاستفتاء حتي لاتعود البلاد لمربع الحرب، وان فشل الانتخابات تعني فشل الاستفتاء، اضافة الي ضرورة الحل الشامل والعادل لقضية دارفور.
اذن هناك مطالب موضوعية تحتم تأجيل الانتخابات ويجب دراستها، لا التهديد بطرد المنظمات التي تطالب بتاجيل الانتخابات وقطع الأنف واليد والعنق( تصريح الرئيس البشير: الصحافة بتاريخ: 23/3/ 2010م)، علما بأن هذا الحديث علي الهواء وعلي مرأي ومسمع من الرأي العام العالمي!!!، وفي العدد نفسه نجد تصريحا عقلانيا من النائب الأول سلفاكير يطالب مؤسسة الرئاسة ببحث مذكرة المعارضة حول تأجيل الانتخابات( الصحافة:23/3/2010م).
فالبلاد تمر الآن بمنعطف خطير لايفيد فيه استغلال الدين والارهاب باسم الدين، والاصرار علي السير في قيام انتخابات غير متوفرة مطلوباتها تعيد انتاج الأزمة بشكل اوسع من الماضي وتؤدي الي تمزيق وحدة البلاد.

Post: #2
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: عاطف مكاوى
Date: 03-23-2010, 09:09 PM
Parent: #1

Quote:
ان قضية الساعة هي توفير المناخ الملائم لقيام انتخابات حرة نزيهة بتوفير مطلوباتها التي تتلخص في: بسط الحريات والغاء قانون الأمن، واعادة النظر في التجاوزات في الاحصاء السكاني والسجل الانتخابي ومفوضية انتخابات مستقلة ومحايدة، وفرص متساوية للمرشحين في أجهزة الاعلام، ورفض استغلال المؤتمر الوطني للاعلام كما في برنامج بابكر حنين المفضوح، والحل الشامل والعادل لقضية دارفور. فبالاضافة لتحالف قوي جوبا( عدا المؤتمر الشعبي) اقتنعت دوائر عالمية واسعة بأن قيام انتخابات مشوهة وجزئية سوف تعيد البلاد لمربع الحرب وانفصال الجنوب وربما دارفور والشرق، فلماذا اصرار المؤتمر الوطني علي ذلك ان لم يكن فعلا قد زوّر الاحصاء السكاني والسجل الانتخابي؟، وأن تاجيل الانتخابات تعني مراجعة ذلك التزوير الذي لن يكسبه شرعية، بل سوف يؤدي الي دمار البلاد، وعلي سبيل المثال: اشأر مركز كارتر الي عدم توفير مطلوبات الانتخابات والي استحالة قيامها في ابريل 2010م فنيا وموضوعيا، كما أشار تقرير مركز الأزمات الأخير، الي ان الانتخابات الحرة النزيهة تؤدي الي الاستقرار والوحدة الجاذبة، وانه اذا تمت في المناخ الحالي، فان الجنوبيين سوف يختاروا الانفصال، وبالتالي يجب التفكير في قضايا مابعد الاستفتاء حتي لاتعود البلاد لمربع الحرب، وان فشل الانتخابات تعني فشل الاستفتاء، اضافة الي ضرورة الحل الشامل والعادل لقضية دارفور.


تحاياتي تاج السر

وبوست ضربة البداية موفقا جدا

اذ أنه تناول قضية الساعة التي ان لم يتم التعامل معها بمسئولية .............. فالطوفان قادم لا محالة.

Post: #3
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: محمد مكى محمد
Date: 03-23-2010, 10:15 PM
Parent: #2

.

Post: #4
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: خالد العبيد
Date: 03-24-2010, 04:12 AM
Parent: #3

سلام يا السر
وتحياتي
تجار الدين لن يتخلوا عن استغلال الدين في عملهم السياسي
يجب فضحهم ومحاصرتهم ومحاربتهم
جماهير شعبنا كل يوم يزداد وعيها

Post: #5
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: dardiri satti
Date: 03-24-2010, 08:32 AM
Parent: #4

ورحم الله الجواهري




نامي جياع الشعب نامي حرســتك آلهـة الطــــعام
نامي فـإن لم تشــبعــي من يقظــة فمن المــــنام
نامي على زبد الوعــــوديداف في عســل الكــــلام
نامي تزرك عرائس الـــــــــأحلام في جنح الظــلام
تتنوري قرص الرغــــــــــيف كدورة البدر التمـام
وتَرَيْ زرائبك الــفسا ح مبلَّطات بالـرخــــــام
نامي تصحي! نِعمَ نـــو مُ المرء في الكُرَبِ الجـسام
نامي على حُمَةِ القــنا نامي على حد الحســام
نامي إلى يوم النشــــو ر ويوم يؤذن بالقــيام
نامي على المستنفعـــا ت تمـوج باللجج الطـــوامي
زخــارة بشــــذا الأقـــــــاحِ يمده نفح الخــزام
نامي على نغم البعـــو ض كـأنه سجـع الحمــامِ
نامي علـى هـذي الطبيـــــعة لم تُحَــلَّ به "ميامي"
نامي فقد أضفى "الـعـــر اء" عليك أثواب الغـرام
نامي على حلم الحَـــــــوَا صِـدِ عـاريات للحـزام
متراقصـات والســـــــياط تجِدُّ عـــزفـاً بارتـزام
وتغـــازلي والناعِمــات الــزاحفـاتِ من الهــوام
نامي على مهــد الأذى وتوســدي خــد الـرَّغـــــام
واستفـرشــي صــم الحصــى وتلحـفي ظــل الغمــام
نامي فقد انهى "مًجــــــيعً الشعب" أيام الصــيام
نامي فقــد غنى "إلـــــه الحرب" ألحان السـلام!!

نامـــي جيـــاع الشعـب نامـي فالفجـــــــر آذن بانصـــرام
والشمــس لن تؤذيك بعـــــــــــــــــد بما تَوهَّـــج من ضـرام
والنور لـن" يُعمي !" جفـــــوناً قـــد جُُبِِْلــْن على الظـــــلام
نامي كعهـــدك بالكــــرى وبلطـــفه من عهـــــد "حام"
نامي...غدٌ يسقــــــــيك من عسـل وخمـر ألـــــــف جام
أجـــر الذليل، وبــــرد أفـــــــئدة ‘لى العليــــا ظـــــــوامي
نامـــي ، وســـيري في منـــــامك ما اســتطعت إلى الأمام
نامــــي عـــلى تلك العــظـــــات الغًــــر من ذاك الإمـــام
يوصــيك ألا تطمـعـــــــي من مـــال ربِّكِ فـي حـطــــــام
يوصـــيك أن تدعـــي المباهــــج واللــــــــذائذ للئـــــــام
وتعـــــــــوضي عن كل ذ لك بالســـجـــــود وبالقــــــيام
نامـــي على الخطب الطوال من الغطارفةالعظام !!!
نامي يُســــاقَــــط رزقــك المــــوعــود فوقــك بانتظـــــام
نامي عـلـى تلــك المبــا هــج لـم تدع سهمــاً لــرام
لم تُبـــــــقِِ من "نُقْـــلٍٍ" يســــرك لم تجئه.....ومن إدام
بنت البيـــــوت وفجــــرت جُرَْْدَ الصحــارى والمــوامي



- ونواصل –


تحياتي

Post: #6
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: بدر الدين اسحاق احمد
Date: 03-24-2010, 01:56 PM
Parent: #5

الديــن ياتــو ؟


استغلالــو كيــف ؟


ماهيــة الديــن عنــد كاتب البوســت ؟


هــل الديــن زاتــو مكون ثقافـــى / ايمانــى تنبثق منـــه تصورات للحياة كلها؟




_____

دون تصفيـق ..

Post: #7
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: انس عمر
Date: 03-24-2010, 02:59 PM
Parent: #6

UP

Post: #8
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: السر بابو
Date: 03-24-2010, 04:56 PM
Parent: #7

شكرا عاطف مكاوي ومحمد مكي محمد وخالد العبيد.
اتفق مع خالد ان وعي الجماهير في تنامي واصبح لاينطلي عليها استغلال الدين.
كما اشكر درديري ساتي علي هذه الابيات الرائعات من شعر الجواهري الرصين.
اما لبدرالدين اسحاق فأقول: استغلال الدين واضح من سياق المقال،ولايحتاج لشرح وتوضيح،
والشكر لأنس عمر.

Post: #9
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: BAKTASH
Date: 03-24-2010, 08:24 PM

فوق

Post: #10
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: السر بابو
Date: 03-24-2010, 08:52 PM
Parent: #9

خطل دعاوي تكفير الحزب الشيوعي
بقلم: تاج السر عثمان
منذ تأسيسه في أغسطس 1946م، كان الحزب الشيوعي السوداني يهتدي بالماركسية كمنهج ويسترشد بها لاكتشاف خصائص المجتمع السوداني علي أساس العلم والمعرفة، وظل الحزب يضع الاعتبار الكافي لتقاليد شعبنا الأصيلة وموروثاته الثورية ويعمل علي تنميتها وتطويرها كرصيد لعمله وعلاقته بالجماهير، مناضلا في الوقت نفسه ضد الموروثات البالية التي ترتبط بالتخلف والجهل والخرافة، وفي هذا الاطار يناضل الحزب ضد المحاولات السلفية التي تطرح الاسلام كعقيدة تحبذ العنف والارهاب والاستبداد والفوارق الطبقية وتعادي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويسعي الحزب لوضع الاسلام دينا يعادي القهر الطبقي والعرقي ويدعو للتحضر والتقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
ورغم ان الحزب الشيوعي يتمسك بالماركسية كمنهج وكمكون من مكونات الثقافة العلمية المعاصرة، الا ان الحزب ليس اتحادا او ناديا فلسفيا او ملتقي لمجموعة ملحدين او علمانيين، بل هو اتحاد اختياري لمناضلين علي أساس برنامج ودستور يهدف الي تجديد المجتمع السوداني بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية، استنادا الي خصائص وتقاليد وظروف السودان، وبالتالي، فان الالحاد ليس شرطا من شروط عضوية الحزب. هذا فضلا عن أن صراع الحزب ليس ضد العقيدة والايمان لمصلحة الالحاد، ولكنه صراع دنيوي سياسي اجتماعي ضد استغلال الدين والسلطة السياسية لخدمة المصالح الاجتماعية للمستغلين ودعاة التخلف. ومن هذا المدخل كانت رؤية الحزب الشيوعي للدين.
فالقوي اليمينية منذ الاستقلال وحتي نظام الانقاذ الحالي، كانت تستخدم الدين كغطاء ايديولوجي لتمويه مصالحها وبرامجها. أما الحزب الشيوعي والقوي الديمقراطية المستنيرة كانت تستلهم قيّم الاسلام لشحذ همم شعبنا من أجل تحرره واستقلاله، فالدين مكون أساسي في هويّة وسيكولوجية شعبنا، والحزب الشيوعي يحترم الاسلام كعقيدة مستقرة في وجدان شعبنا في الشمال، مثلما تشكل المسيحة وكريم المعتقدات وجدان شعبنا في الجنوب وجبال النوبا.
وبعد فشل مؤامرة حل الحزب الشيوعي السوداني عام 1965م، تم المؤتمر الرابع للحزب في اكتوبر 1967م، وصدر التقرير السياسي بعنوان(الماركسية وقضايا الثورة السودانية) والذي جاء فيه: ( أصبح لزاما علي حزبنا أن ينمي خطه الدعائي حول قضية الدين الاسلامي وعلاقته بحركة النقدم الاجتماعي، لقد جرت محاولات من قبل بعض أعضاء حزبنا في هذا المضمار، ولكنها محاولات متقطعة وينقصها التوفر علي الدراسة العميقة والالمام بعلم الفلسفة من جوانبه المختلفة، ولاتشكل خطا دعائيا ثابتا لحزبنا، ولاتقتصر أهمية الخط الدعائي العميق علي مايثار من قبل أجهزة الدعاية الرجعية، بل يتعدي ذلك لجعل الدين الاسلامي عاملا يخدم المصالح الأساسية لجماهير الشعب، لااداة في يد المستغلين)( ص 169).
وقبل ذلك أشارت وثيقة اصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير 1963م الي ( يحذر الحزب من التصرفات الفوضوية التي تسئ الي معتقدات الجماهير الدينية، لأن مثل هذا المسلك يساعد الدوائر المعادية للحزب ولقضية الشيوعيين).
كما جاء في برنامج الحزب المجاز في المؤتمر الخامس يناير 2009م ( يبحث الحزب الشيوعي عن أصل استلاب انسان بلادنا وعذاباته في عمق الصراع السياسي والاجتماعي حول علاقات الانتاج الاجتماعية، ويتخذ هذا الصراع في الوقت الراهن، مثلما يتخذ منذ عقود طوال شكل ومضمون المواجهة بين مشروعين متوازيين تماما: مشروع الدولة الدينية من جهة والذي تقف وراءه وتدعمه القوي الظلامية التي تتخذ من الدين دثارا ودرعا ايديولوجيا لتحقيق مصالحها الاقتصادية السياسية الدنيوية الضيّقة، ومشروع الدولة المدنية الديمقراطية من جهة اخري، الذي ترفع لواءه قوي الاستنارة والعقلانية السياسية التي تتطلع الي نظام يراعي خصائص التعدد والتنوع اللذين تتميز بهما أمتنا، بما يصون وحدتها الوطنية، واستقلال بلادنا، وسلامة أراضيه)( ص 122 من كتاب وثائق المؤتمر الخامس يناير 2009م).
كما جاء في التقرير السياسي المجاز في المؤتمر الخامس حول تجربة الاسلام السياسي:
(ان تجربة الاسلام السياسي في السودان طيلة مايزيد عن 40 عاما تشير الي أن القوي التي تستخدمه ليس هدفها تحقيق ماتدعو اليه قيّم الاسلام وانما تحقيق أغراضها الضيّقة الشريرة، وأمامنا تجربة مابعد ثورة اكتوبر 1964م، ثم التجربة المتكاملة تحت سلطة 25 مايو حتي نهايتها، ثم تجربة الجبهة الاسلامية).
يواصل التقرير السياسي ويقول( وليست المشكلة في الدين(أي دين)، وانما في الدين عندما يصبح سياسة، كما يقول طه حسين. ان اي دولة دينية، ايا كان دينها، تتحول بالضرورة الي ديكتاتورية، ذلك ان الخلافات في أحكام الأديان مهما صغرت تتضخم وتقود الي التكفير والي صراعات دموية. والطريق الرأسمالي لايفرق في ضحاياه بين مسلم وغير مسلم، فالمحصلة النهائية لحصيلة مجتمع الرأسمالية الطفيلية منذ 30 يونيو 1989م لم تميّز بين السودانيين علي أساس ديني، وانما علي أساس اجتماعي وسياسي وأكثر من 90% من السودانيين، هم الان تحت خط الفقر)( ص 69).
وفي مواجهة التضليل باسم الدين كسلاح فكري ضد الحزب الشيوعي والحركة الديمقراطية المستنيرة كتب الشهيد عبد الخالق محجوب في وثيقة حول البرنامج يونيو 1971م:
( توفر الثورة الديمقراطية حرية العقيدة وممارستها لجميع سكان بلادنا وذلك بناءا علي الحقائق التالية:
- ان تصور الانسان لتكامل نفسه ووحدتها ولمستقبل الانسانية أمور تنبع من اقتناع الانسان نفسه، ولايمكن لأي قوة أن تفرض عليه ارادتها في هذا المضمار.
- غض النظر عن الاختلاف في العقيدة الدينية أو الاتفاق حولها، فان الطبقات تتخذ مكانها وموقعها من الثورة الاجتماعية وفقا لمصالحها ، وبحكم مواكبتها لحركة التاريخ أو تخليها عنه، ان الانسان الاجتماعي هو الذي يحدد ذلك الموقف ولاتحدده العقيدة الدينية.
- يرفض النظام الوطني الديمقراطي استغلال الدين من اجل مصالح الطبقات الرجعية في البلاد والتي تسعي الي اعادة العلاقات الانتاجية القديمة، وهي بهذا انما تسخر الدين من اجل استغلال الانسان وسلبه من انسانيته)( ص 37- 38 ).
كما جاء في دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، ديسمبر 1978م ( كان لزاما علي حزبنا الايكتفي لتحديد موقفه المبدئي من قضية الدستور الاسلامي، بل العمل علي الارتقاء بالصراع الي رحاب أوسع في مجال الفلسفة والعلوم الاجتماعية وشئون الحكم والدولة والحياة وكشف المنطلقات الايديولوجية لدعاة الدستور الاسلامي وهذا ماتسعي لمنعه القوي اليمينية التي تحاول حصر الصراع في الحيز السياسي المباشر، ( أي الدستور الاسلامي)، والحيلولة دون اعمال العقل والذهن في قضايا العصر وفي مجالات البحث واستخدام المنهج العلمي في الجدل والاقناع).
تواصل الدورة وتقول:
( أوضح الحزب ان محور الصراع بين الحركة الديمقراطية الثورية وبين قوي اليمين ليس الاسلام او الالحاد، بل الديمقراطية أو الديكتاتورية،العدالة أو الظلم الاجتماعي، أي جوهر الصراع ( دستور يقنن مكتسبات الشعب في الاستقلال الوطني والحريات الديمقراطية والحقوق الأساسية أم دستور يقنن ديكتاتورية الطبقات والفئات الحاكمة وتسلب الشعب السوداني ثمار نضاله).
هكذا تناول الحزب الشيوعي الدين، فلم يكن هدف الحزب الدين، ولكن كان ومازال: ضد استغلال الدين من اجل خدمة مصالح دنيوية وطبقية ضيّقة وقهر واذلال واستعباد الانسان وضد الدولة الدينية التي تكرّس القهر والفساد باسم الدين وتهدد وحدة البلاد.

Post: #11
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: السر بابو
Date: 03-24-2010, 08:56 PM
Parent: #10

خطل دعاوي تكفير الحزب الشيوعي (2)
بقلم: تاج السر عثمان
أشرنا في الحلقة السابقة الي أن صراع الحزب الشيوعي ليس ضد العقيدة والايمان لمصلحة الالحاد ولكنه صراع ضد استغلال الدين لخدمة مصالح طبقية ودنيوية ضّيقة وضد الدولة الدينية التي تكرس القهر والفساد باسم الدين واذلال واستعباد الانسان ومصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية من خلال التكفير، كما تؤدي الي تمزيق وحدة البلاد.
والواقع ان الدين يلعب دورا مهما في حياة الناس الاجتماعية ويشكل جزءا من تكوينهم الثقافي والنفسي وهو ظاهرة معقدة وسلاح ذو حدين: فيمكن ان تسنخدمه الطبقات المستغلة (بكسر الغين) كسلاح ايديولوجي لتكريس هيمنتها السياسية والاقتصادية والايديولوجية في المجتمع، ويمكن ايضا ان يكون اداة للتحرر من الظلم والاستعباد والصراع من اجل العدالة الاجتماعية وتكريس قيّم الديمقراطية والتسامح واحترام الرأي والرأي الاخر.
فالدين نشأ مع وعي الانسان البدائي ومن خلال دهشته وتطلعه لتكوين رؤية عامة للعالم ومعارف موسوعيه عنه ولتلبية احتياجاته الروحية والنفسية يقول ماركس في مقاله( نقد فلسفة الحق عند هيغل): (الدين هو النظرية العامة لهذا العالم، هو مجموعة معارفه الموسوعية، هو منطقه الذي ياخذ شكلا شعبيا هو موضوع اعتزازه الروحي هو حماسه، هو قصاصه الأخلاقي).
لم ينظر ماركس للدين بطريقة مجردة ، ولم يكن هدفه نقد الدين، ولكنه نظر اليه في علاقته بالصراع الاجتماعي، و حلل حركات الاصلاح الديني والدور الذي لعبته في تقدم المجتمع مثل:( البروتستنتية) التي ارتبطت بصراع الطبقة البورجوازية الناهضة من اجل التحرر من جمود وظلمات الاقطاع في العصور الوسطي ومن أجل سيادة قيّم الديمقراطية الليبرالية وحقوق الانسان وسيادة حكم القانون والاقتصاد الحر مع بزوغ فجر المجتمع الرأسمالي.
كما اهتم ماركس بنقد الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي كرّست الفقر والبؤس وتعاسة الانسان، منذ ان اعلن في مؤلفه مع انجلز (الايديولوجية الالمانية) الانتقال من (نقد السماء) الي (نقد الأرض)، وفي مؤلفه:
( موضوعات عن فورباخ) الذي أشار فيه الي ( كل ما قام به الفلاسفة هو تفسير العالم بطرق مختلفة، بيد ان القضية هي تغييره)(موضوعة رقم 11)، اذن ماركس اهتم بنقد المجتمع الرأسمالي من اجل تغييره، وهذا ما أثار عليه حقد الطبقة البوجوازية التي استخدمت كل الأسلحة للهجوم علي ماركس بما في ذلك سلاح الدين.
علي ان أعداء الماركسية عكسوا بشكل مشوه وانتقائي رؤية الماركسية للدين، واختزلوا كل موقفها في العبارة المشهورة ( الدين أفيون الشعوب)، نلك العبارة التي انتزعت من سياقها قسرا وعلي طريقة (لاتقربوا الصلاة..)، فماركس أشار الي ان الدين يلعب دورا مزدوجا: فهو يتمتع من جهة بمضمون احتجاجي ثوري او كما أسماه ماركس( زفرة المخلوق المضطهد)، و(القلب في عالم بلا قلب)، و (الروح في أوضاع خلت من الروح)، ومن جهة ثانية له مضمون تخديري او تعويض وهمي عن عالم واقعي مرير، وخاصة عندما تستخدمه الطبقات المستغلة(بكسر الغين) كتبرير للظلم والقهر الاجتماعي أو الدعوة للاستسلام للظلم والاستغلال والاضطهاد مقابل (صكوك غفران) للتعويض في العالم الاخر كما كانت تفعل الكنيسة في العصور الوسطي الظلامية، وكما فعل نظام الانقاذ في بدايته أثناء حرب الجنوب التي حولها الي دينية، في حفلات(عرس الشهيد) التي تضمن الطريق للجنة، والذي وصفهم د. الترابي بعد المفاصلة مع نظام الانقاذ بانهم غير شهداء!!!.
كما انتقد انجلز الاراء التي تقلل من الظاهرة الدينية يقول انجلز في مقاله(برونو باور والمسيحية الأولي) ردا علي الذين يستهزءون بالظاهرة الدينية( بأن ظاهرة سيطرت خلال 1800 عام علي عقول البشرية المتحضرة وجعلت الامبراطور قسطنطين، ذا المطامح اللامحدودة يعتنق المسيحية ويوسع علي أساسها امبراطوريته، لايمكن ان تكون نسيجا من الأوهام والعبث يضعه الدجالون).
كما أشار انجلز الي أن (الايديولوجية الدينية لعبت دور الراية الفكرية لعدد من الحركات الاجتماعية للرقيق والفلاحين ولفئات أخري كانت ثورية من حيث مضمونها الاجتماعي، ولم يكن الوعي الديني سوي شكلها الخارجي المرهون بمستوي التطور، وبالمقابل لعبت هذه الايديولوجية دور الراية الفكرية لقوي مالكي الرقيق والاقطاعيين ولقوي الرأسمالية في ظروف تاريخية)( انجلز: فورباخ ونهاية الفلسفة الالمانية الكلاسيكية).
علي أن نظرة الماركسية للدين كانت تتطور حتي وصلت مرحلة النضج والنظر الواقعي للدين يقول ماركس( ان الالحاد قد عاش وقته، انه تعبير سلبي لايعني شيئا بالنسبة للاشتراكيين الأصلاء، ان المعني لديهم ليس هو انكار الاله، وانما تحرير الانسان).
ويواصل ماركس ويقول(الالحاد لامعني له لأنه انكار للاله بلا مبررات، اللهم الا اذا كان الهدف ان يحل الانسان محله).
يواصل ماركس ويقول( الاشتراكية ليست في حاجة الي مثل هذه الشطحات التجريدية الجوفاء والمضاربة علي الاله).
وهناك رسالة ماركس المشهورة الموجهه للبابا بمناسبة رفضه الدخول في الحلف (المقدس) وانضوائه تحت لوائه حين اتخذوا منه (شرطة روحية) في خدمتهم (والدين منهم براء) هنأ ماركس البابا علي موقفه الذي (ينطلق عن ايمان ووجدان ديني أصيل وعميق).
كما هاجم ماركس فورباخ حين وصفه (بأنه جعل من الوجدان والروح الدينية شيئا راكدا جامدا لاقدرة له علي التغيير).
وهناك تقويم ماركس مع انجلز لموقف رجل الدين(مانزر) في حرب الفلاحين وثنائه علي (دوره الخلاق الواعي كرجل دين مصلح).
أما الاشتراكي سان سيمون فقد كان يقول( ليس هدف العلم وراثة الدين، ولاهدف الدين ايقاف العلم، وانما تجمعهما أرضية الوفاق والحوار لأن كليهما لازم وضروري لتحرير واسعاد الانسان).
( للمزيد من التفاصيل راجع: غارودي (المرونة الفكرية عند ماركس) ضمن ( د. رشدي فكار: تأملات اسلامية في قضايا الانسان والمجتمع، مكتبة وهبة القاهرة 1980م، ص 12).
وعندما تم تأسيس عصبة الشيوعيين بعد صدور البيان الشيوعي 1848م ، كان هناك راي ماركس: أن لايكون الالحاد شرطا من شروط العضوية، ان يكون التنظيم مفتوحا بغض النظر عن المعتقدات الدينية والفلسفية، وتم قبول هذا الرأي، وتم تضمين ذلك في النظام الأساسي للعصبة.
اما لينين فقد أشار الي ان (الحزب يقبل عضوية الكاهن طالما قبل بالبرنامج والنظام الداخلي).
وفي جدل أنجلز مع دوهرينغ( الاستاذ الجامعي الاشتراكي الالماني) في مؤلفه( انتي دوهرينغ) أشار انجلز الي خطأ جعل الالحاد سياسة رسمية للدولة في المجتمع الاشتراكي، وطرح حرية الضمير والمعتقد باعتبار أن الدولة للجميع غض النظر عن المنطلقات الفلسفية والدينية، وان المسائل التي تتعلق بحرية الضمير والمعتقد لايمكن حلها باجراءات ادارية وترك كل شئ للتطور الطبيعي.
ونلاحظ ان ستالين في روسيا وقع في خطأ (دوهرينغ) الذي لاعلاقة له بالماركسية عندما جعل من الالحاد سياسة رسمية للدولة، وكان ذلك من اخطاء التجربة الاشتراكية السوفيتية، اذا كان المبدأ هو فصل الكنيسة عن الدولة أو فصل الدين عن الدولة، فهذا لايبرر أن تتحول الدولة الي كنيسة معادلة تنشر الالحاد، لأنها في نهاية الأمر دولة للجميع، غض النظر عن منطلقاتهم الدينية والفكرية والفلسفية، وهم سواء في الحقوق والواجبات. وهذا الخطأ ايضا وقع فيه نظام الانقاذ عندما فرض دولة دينية ومناهج تعليمية حسب تصور ايديولوجي ضيّق لشريحة الجبهة القومية الاسلامية، وكانت الحصيلة تمزق وفرقة وشتات وقمع ونهب وفقر وجوع واملاق واثراء فاحش لشريحة من الطفيلية الاسلامية الحاكمة كما اوضحنا في مقال سابق حول( تجربة الاسلام السياسي في السودان).
واذا أخذنا مثالا لدور الدين في المجتمع السوداني، نلاحظ انه لعب دورا مهما منذ الديانات الوثنية في ممالك السودان القديم، والمسيحية والاسلام في السودان الوسيط: فقامت المدن حول المعابد والمراكز الدينية وتطورت اللغة المكتوبة علي يد الكهنة، كما تراكمت ثروات ضخمة لدي المؤسسة الدينية بحكم ارتباطها بالسلطة السياسية، وكان لها أراضيها المعفية من الخراج، اضافة لما يصلها من هدايا وزكاة...، كما تطور الفن المعماري( بناء الاهرامات والكنائس والمساجد) وتطور الفن التشكيلي، وكانت المعابد والكنائس والخلاوي أماكن آمنة يحفظ فيها الناس اموالهم ووثائقهم النادرة، كما ارتبط الدفاع عن الوطن ضد الغزاة بالدفاع عن العقيدة الدينية.
هذا اضافة لدور الدين في الحياة الاجتماعية مثل: نشيد الصليب في ممالك النوبة المسيحية الذي جاء فيه: الصليب (قوة للضعفاء)، و(ارواء الجفاف)، و( حصن المناضلين)، و( شقيق الفقراء)، و( طبيب المرضي)، و( كساء العريان)،..الخ.
وفي السلطنة الزرقاء أو سلطنة الفونج، لعب الشيوخ دورا مهما في اعادة التوازن الاجتماعي حيث كانت تتجمع الفوائض من الغذاء والكساء لدي الشيوخ الذين بدورهم يوزعونها علي الفقراء والمساكين، وكان الشيوخ يلعبون دورا كبيرا في حماية الفقراء والمساكين من تسلط الحكام حيث كان يقبل الحكام شفاعة الشيوخ. وكان الدين يسهم في اعادة انتاج النظام الاجتماعي القائم..
وفي الثورة المهدية لعب الدين دورا مزدوجا: فمن جانب كانت ايديولوجية المهدي المنتظر التي كانت المحرك لنهوض الجماهير للثورة، وكان هناك رجال الدين المرتبطين بجهاز الدولة التركي ووظفوا الدين لخدمة النظام الحاكم، والذين وصفهم الامام المهدي ب(علماء السوء).
واستمر هذا الوضع في فترة الحكم الاستعماري والوطني: القوي اليمينية تستخدم الدين كغطاء لبرامجها المعادية للجماهير والقوي الديمقراطية تري في الدين اداة للتغيير الاجتماعي، واستمر هذا الوضع حتي نظام الانقاذ الحالي الذي استغل الدين لخدمة مصالح الشريحة الطفيلية الاسلاموية الحاكمة وكغطاء ايديولوجي للثراء الطفيلي والفساد والنهب والقمع وتكريس الفقر والتفاوت الطبقي، حتي اصبحت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر 95%.
وخلاصة القول: أن نقد الماركسية لم يكن موجها للدين في حد ذاته، بل كان النقد موجها لاستغلال الدين لخدمة مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية وطبقية دنيوية ضيّقة تكرّس الاستغلال والفساد واستلاب وقهر الانسان.

Post: #12
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: خالد العبيد
Date: 03-25-2010, 00:01 AM
Parent: #11

سلام يا استاذ السر
بدرالدين الدين ده كوز ساي!
جنو انبثاق واندياح
خليو

Post: #13
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: السر بابو
Date: 03-25-2010, 09:36 PM
Parent: #12

خصائص وسمات الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية
بقلم : تاج السر عثمان
قال المسيح عليه السلام يوما لانصاره :
(( احذروا الأنبياء الكذبة !! )) قالوا : (( كيف نعرفهم ؟؟ )) قال : (( بثمارهم تعرفونهم )) . بعد عشرين عاما عرف الشعب السوداني ثمار سياسات الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي جردته من مكتسباته التاريخية في مجانية التعليم والخدمات الصحية وافقرته حتى اصبح حوالي 94 % من سكان السودان فقراء ( التقرير الإستراتيجي 1997 م )) .
نتابع في هذا الدراسة سمات وخصائص الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي مكن لها انقلاب الجبهة الإسلامية في 30 يونيو 1989 م في الأرض ، وموقعها في خريطة الرأسمالية السودانية ، وكيف استغلت الشعارات الإسلامية كغطاء أيديولوجي وجواز مرور للدخول في نادى الرأسمالية السودانية .
من أين أتى هؤلاء ؟
تساءل المرحوم الروائي السوداني الطيب صالح بعد الحصاد المر لسياسات الجبهة الإسلامية: من أين أتي هؤلاء ؟ ونحاول الإجابة على هذا السؤال في البحث عن البنية الاقتصادية _ الاجتماعية التي أفرزت هذا التنظيم.
معروف انه عندما استقل السودان في أول يناير 1956 م ورث بنية اقتصادية _ اجتماعية كانت تحمل كل مؤشرات التخلف مثل : اقتصاد متوجه خارجيا ، بمعنى أنه كان يلبى حاجات بريطانيا من سلعة القطن الذي كان يشكل 60 % من عائد الصادر ، وسيطرة بريطانيا على التجارة الخارجية للسودان ، هذا إضافة لتصدير الفائض الاقتصادي اللازم لتنمية البلاد للخارج ، وكانت الصناعة تشكل 9 % من إجمالي الناتج القومي ، كما أجهض المستعمر أي محاولة من جانب الرأسمالية السودانية الناشئة لاقامة صناعة وطنية وذلك لان المستعمر كان يريد السودان سوقا لتصريف منتجاته الصناعية ، وكانت الصناعة تستوعب 3 % من القوى العاملة في البلاد .
كان القطاع التقليدي يساهم ب56.4 % من إجمالي الناتج القومي ، كما كان حوالي 90 % من سكان السودان مرتبطين بالقطاع التقليدي ( رعاة ، مزارعين ، .. )
وكانت نسبة الأمية 86.5 % ، كما كان هدف التعليم هو تلبية احتياجات المستعمر لتحريك دولاب الدولة من موظفين وفنيين وعمال .
هذا إضافة لنمط التنمية الاستعماري غير المتوازن بين أقاليم السودان المختلفة .
هذا إضافة إلى أن ظروف القمع التي كانت تعيشها الحركة الوطنية لم تساعد في بناء حياة حزبية ديمقراطية معافاة ، وحركة ثقافية تفجر مكنون الموروث المحلى وتتفاعل أخذا وعطاءا مع الثقافة العالمية .
وعندما نشأ تنظيم الأخوان المسلمين في السودان كان متأثرا بهذا الواقع والذي كانت الحركة الوطنية بتياراتها المختلفة تقاومه .
يقول د . الترابي عن عهد التكوين ( 1949 _ 1955 م ) : ( وفى ثنايا هذه الظروف وفى وسط الطلاب نشأت الحركة من عناصر تائبة إلى الدين من بعد ما غشت بعضهم غاشية الشيوعية ، واستفزت بعضهم أطروحتها السافرة في تحدى الدين عقيدة وخلقا ، واثارت آخرين غلبة التصورات والأنماط الحياتية التي فرضها التعليم النظامي الذي كان يسوسه الإنجليز ، فنبتت النواة الأولى في صميم البنية الطلابية بجامعة الخرطوم وفروعها في المدارس الثانوية ، ولم تتخرج تلك الثلة المسلمة من الطلاب إلا نحو 1955 م )
( د . حسن الترابي : الحركة الإسلامية في السودان ، ص 26 )
واضح من أعلاه طفيلية النشأة، ورد الفعل على الشيوعية ، هذا فضلا عن انه عندما نشأ ت (الحركة السودانية للتحرر الوطني) في أغسطس 1946 م ( الحزب الشيوعي فيما بعد ) لم تكن تحديا للدين عقيدة وخلقا ، ولكنها طرحت شعارات الجلاء وحق تقرير المصير للشعب السوداني ، واسهمت في إدخال الوعي ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، في بناء الحركة النقابية واتحادات الشباب والنساء وحركة المزارعين واتحادات الطلاب ، كما طرحت ضرورة تجديد البلاد بإنجاز النهضة الوطنية الديمقراطية بإنجاز الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي .
على أن البنية الاقتصادية _ الاجتماعية التي كان القطاع التقليدي يساهم فيها بنسبة 56.4 % ، وحوالي 90 % من سكان البلاد مرتبطين بالقطاع التقليدي ، وكل ما يعنى ذلك من تفاوت في التطور الاقتصادي والاجتماعي والنفسي بين أقاليم السودان المختلفة ، هي التي شكلت التربة الخصبة ولازالت لتوالد وتكاثر تنظيمات التطرف الديني .
العوامل المساعدة في التوالد والنمو :
كانت ديكتاتورية الفريق عبود ( 1958 _ 1964 م ) من العوامل المساعدة في نمو وانتشار حركة الأخوان المسلمين ، وقد استفادت الحركة إلى أقصى حد من القمع الذي وجهته الديكتاتورية للقوى الشيوعية والديمقراطية والمستنيرة ، وظلت حركة الأخوان المسلمين تعمل تحت اسم الواجهات الدينية ، إضافة للواجهات الثقافية في الأندية ، هذا إضافة لظروف الديكتاتورية وما يصاحبها من جدب في الفكر والثقافة من جراء مصادرة حق التعبير والنشر . وقد وصف د . الترابي هذه الفترة بأنها ( مرحلة بركة ونمو للحركة الطلابية حتى أصبحت من كبريات الاتجاهات الطلابية ) ( د . الترابي: المرجع السابق ص 30 )
فالأخوان كما أشار د. الترابي كانوا في حالة كمون في فترة ديكتاتورية عبود ، بل انهم أيدوا انقلاب 17 نوفمبر 1958 م ووصفوه بثورة الجيش كما جاء في كلمة صحيفة ( الأخوان المسلمين ) الصادرة بتاريخ أول ديسمبر 1958 م .
وبعد ثورة اكتو بر 1964 م تحالف الأخوان المسلمون مع حزبي الأمة والوطني الاتحادي ونفذوا مؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ، وبذلك تم تقويض الدستور والنظام الديمقراطي واستقلال القضاء ، كما كانوا وراء محكمة الردة للأستاذ محمود محمد طه ، ووراء الدستور الإسلامي الرئاسي الذي كان الهدف من ورائه إقامة ديكتاتورية مدنية باسم الإسلام مما يؤدى إلى تقويض الديمقراطية وينسف وحدة البلاد .
وكان ذلك هو المناخ الذي كان سائدا والذي أدى لانقلاب 25 مايو 1969 م .
وبعد انقلاب 25 مايو، استفاد الأخوان المسلمون من تلك الفترة ولاسيما بعد ضرب وقمع الشيوعيين في يوليو 1971 م حيث سيطروا على اتحاد طلاب جامعة الخرطوم بعد إلغاء دستور التمثيل النسبي وإدخال دستور الحر المباشر.
كما استفاد الأخوان المسلمون من المصالحة الوطنية مع نظام نميرى في عام 1977 م وقامت منظمات مثل : منظمة الدعوة الإسلامية ، الوكالة الإسلامية للإغاثة ، جمعية رائدات النهضة ، جمعية شباب البناء ، جمعية الإصلاح والمواساة ، مؤسسة دان فوديو الخيرية ... الخ . كما أقاموا مؤسسات تعليمية مثل : إنشاء المركز الإسلامي الأفريقي ، وكلية القران الكريم ، وعدد من المدارس الابتدائية ورياض الأطفال التابعة لمنظمة الدعوة الإسلامية ( لمواجهة التعليم الكنسي والتجاري ) .
ثم بعد ذلك اقتحموا السوق والتجارة ، وهاجر بعضهم لبلاد الخليج بعد انقلاب مايو 1969 م حتى توسعوا في العمل التجاري ، كما انشأوا المصارف الإسلامية ( بنك فيصل الإسلامي ، التضامن الإسلامي ) ، كما انشأوا عددا من شركات التأمين والمؤسسات التجارية والعقارية مما خلق بديلا للمصارف الربوية حسب ما كانوا يزعمون . ( انظر : الأمين محمد احمد : الحركة الإسلامية في السودان : السلبيات والإيجابيات ) .
ومعلوم أن النشاط الطفيلي اصبح هو الغالب في فترة مايو وتراجعت الرأسمالية الوطنية التي كانت تعمل في ميداني الإنتاج الصناعي والزراعي نتيجة لارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج ، وأزمة الوقود والطاقة وانخفاض قيمة الجنية السوداني .... الخ. ، وبالتالي سيطر النشاط الطفيلي على مختلف اوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية وظهرت فئات السماسرة التي تعيش على العمولات ، ووكلاء البنوك الأجنبية والشركات الأجنبية وروؤس الأموال البترولية وشركات النهب والفساد مثل شركة تراياد التي تحالفت مع مجموعة القصر ( نميرى ، بهاء الدين .... الخ )
وفى هذه البحيرة الراكدة ، وفى أحضان الرأسمالية الطفيلية المايوية، نمت وتطورت الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية ، وكان التقدير أن للإخوان المسلمين حوالي 500 شركة من كبيرة وصغيرة في عام 1980 م ، وتصل حجم روؤس أموالهم لاكثر من 500 مليون دولار متداولة من بين هذه الشركات في الداخل . ( عصام الدين مرغني : الجيش السوداني والسياسة ، القاهرة 2002 م ، ص 225 )
الرأسمالية الطفيلية الإسلامية:
بعد انقلاب 30 يونيو 1989 م سيطرت الجبهة الإسلامية على الحكم ، وفى هذه الفترة هيمنت الفئات الغنية من عناصر الجبهة الإسلامية على مفاتيح الاقتصاد الوطني عن طريق البنوك الإسلامية وشركات التأمين والاستثمار الإسلامية وشركات الصادر والوارد والتوزيع والشركات المساهمة الكثيرة ، والمنظمات التي تلتحف ثوب الأعمال الخيرية مثل الشهيد ، السلام والتنمية ، .. الخ
وتجمعت لدى هذه الفئات ثروات ضخمة ، ومن المهم ونحن نحلل هذه الفئة أن نتناولها في تطورها التاريخي والتي أصبحت أحد روافد الرأسمالية السودانية التي تطورت خلال سنوات نميرى وترجع أصول اغلب قادتها أو أصحاب الثروات منها إلى خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمدارس الثانوية والذين أسسوا تنظيم الأخوان المسلمين في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي في جامعة الخرطوم والمدارس الثانوية وبقية المعاهد التعليمية .
وبعد التخرج عملوا في جهاز الدولة والخدمة المدنية والجيش ، وتم تشريد بعض أفرادها بعد انقلاب 25 مايو 1969 م ، وهاجر بعضهم إلى دول الخليج وولجوا ميدان العمل الاستثماري في التجارة وتجارة العملات ، كما كدسوا الأموال التي كانت تصلهم وهم فى المعارضة ، كما اشتركوا في أحداث الجزيرة أبا في مارس 1970 م ، وأحداث 2 يوليو 1976 م . كما هاجر بعضهم إلى أمريكا وبعض الدول الرأسمالية الغربية وتأهل بعضهم علميا في تلك البلدان ( ماجستير ، دكتوراه ، ... ) ، وعمل بعضهم في النشاط التجاري في يوغندا ، وبعض بلدان شرق إفريقيا واكتسبوا خبرات وتجارب في المهجر والعمل المعارض في الخارج .
وبعد المصالحة الوطنية 1977 م عادوا إلى السودان وشاركوا في مؤسسات وحكومات نظام نميرى ( مجلس الوزراء ، الاتحاد الاشتراكي ، مجلس الشعب ، ... الخ ) . كما توسعوا في ميدان العمل التجاري والاستثماري واسهموا في إدارة البنوك الإسلامية ومؤسسات الاستثمار الإسلامية . وتطوروا بعد ذلك في أحضان الرأسمالية الطفيلية المايوية التي قامت على نهب القطاع العام والتسبيح بحمد حكم الفرد الذي صادر الحريات والديمقراطية .
كما تغيرت أسماء تنظيم الجبهة الإسلامية تبعا لتطور الحياة السياسية ، واتخذ اسم الأخوان المسلمين في الخمسينيات من القرن الماضي ، وجبهة الميثاق الإسلامي بعد ثورة اكتوبر 1964 م ، الجبهة القومية الإسلامية منذ أواخر النظام المايوى وبعد انتفاضة مارس _ أبريل 1985 م ، المؤتمر الوطني بعد انقلاب 30 يونيو 1989 م والذي انقسم بعد الصراع الى شعبي ووطني، بعد المفاصلة عام 1999م.
وتطور تنظيم الجبهة الإسلامية من تنظيم رومانسي سلفى الى تنظيم واقعي ، واصبح يضم النساء والجنوبيين ويسعى الى استيعاب كل المجتمع في داخله ! ( د . الترابي : الحركة الإسلامية في السودان ، المرجع السابق ) كما تحول في شعاراته طبقا لظروف كل مرحلة وبهدف التأقلم السياسي ( فقه الضرورة ) ، واصبح للتنظيم مصالح رأسمالية وتجارية وطبقية ومؤسسات وبنوك وشركات وعقارات تشكل قاعدته الضخمة والتي مولت كل نشاطات التنظيم وصرفه الكبير خلال فترة الديمقراطية الثالثة ( الانتخابات ، شراء الأصوات ، الإرهاب ، الابتزاز ، صحافة الإثارة ، .... الخ ).
وكانت تلك المؤسسات هي وراء تزوير الانتخابات في عام 1986 م عن طريق الفساد والرشوة ، وخلق الأزمات الاقتصادية والأزمات فى المواد التموينية من اجل نسف استقرار النظام الديمقراطي ، وكانت وراء تخزين قوت الناس في مجاعة 83 / 1984 م ، وكانت وراء حملات ومواكب أمان السودان ، حتى تغلغلوا وسط الجيش باسم الإسلام ودعم القوات المسلحة خلال فترة الديمقراطية الثالثة ونفذوا انقلاب 30 يونيو 1989 م بواسطة تنظيمهم العسكري داخل الجيش وبالتنسيق مع مليشيات الجبهة القومية الإسلامية ، بعد تكوين الحكومة الموسعة والاقتراب من الحل السلمي لمشكلة الجنوب دفاعا عن مصالحهم الطبقية والاقتصادية الأنانية الضيقة ومؤسساتهم المالية ، وهذه المصالح هي التي حركت هذا التنظيم لتقويض الديمقراطية ، وفرض نظام شمولي فاشى ظلامى دفاعا عن تلك المصالح ولتنمية وتراكم ثرواتها على حساب الشرائح الرأسمالية الأخرى .
مصادر تراكم الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية:
يمكن تحديد بعض مصادر تراكم الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية في الآتي:
- نهب أصول القطاع العام عن طريق البيع آو الإيجار أو المنح بأسعار بخسة لأغنياء الجبهة الإسلامية أو لمنظماتها.
- التسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والإعفاء من الضرائب .
- الاعتداء على المال العام ، على سبيل المثال جاء في تقرير المراجع العام أن جملة حالات الاعتداء على المال العام في الأجهزة الاتحادية في الفترة من أول سبتمبر 2000 م الى نهاية أغسطس 2001 م ، بلغت 440 مليون دينار ( صحيفة الأيام 21 / 11 / 2001 م ) .
- المرتبات العالية لكادر الجبهة الإسلامية العسكري والمدني والذي كان يشغل وظائف قيادية في جهاز الدولة بعد اصبح التنظيم والدولة وجهين لعملة واحدة ، ذلك الكادر الذي يدير مصالح مؤسسات وشركات الجبهة الإسلامية ويوظف كل إمكانيات وقدرات الشعب السوداني وامواله لخدمة تلك المصالح ، والصرف المفتوح تحت البنود لهذا الكادر والإعفاء من الجمارك والصرف البذخى على مكاتب هذا الكادر .
- تكثيف جباية الضرائب والفساد ونهب موارد الدولة المالية والعائد من الضرائب والزكاة حتى اصبح ذلك حديث الناس .
- الأرباح الهائلة التي يحصل عليها تجار الجبهة الإسلامية من حرب الجنوب ( تجار الحرب ) : عطاءات ، أسلحة ، ملابس ، مواد تموينية ، .... الخ.
- بعد استخراج الذهب والبترول ، اصبح ذلك من أهم مصادر تراكم الرأسمالية الطفيلية الإسلامية .
_ تجارة العملة والسوق الأسود واحتكار قوت الناس والسلع الاستراتيجية .
_ الاستيلاء على شركات التوزيع الأساسية وتمليكها لتجار وشركات الجبهة الإسلامية .
_ الاستثمار في العقارات والمضاربة على الأراضي ، ومشاريع الزراعة الآلية والثروة الحيوانية والتوسع فى تصدير الثروة الحيوانية ، واستيلاء مؤسسات الجبهة الإسلامية على مؤسسات تسويق الماشية .
_ نهب أموال وعقارات المعارضين السياسيين ( الغنائم )
سمات وخصائص الرأسمالية الطفيلية الإسلامية:
يمكن تحديد ابرز السمات والخصائص في الآتي :
_ إنها فئة رأسمالية طفيلية ليس لها جذور عميقة في التربه السودانية .
_ لم تسهم في تطوير الاقتصاد السوداني وبرزت في فترة مايو وفى أحضان النظام الديكتاتوري الشمولي وتوسعت في ظل نظام الإنقاذ . وهذا يفسر لنا ضيق الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية بالديمقراطية وعدم ثقتها بنفسها وتكوين مؤسسات نيابية ونقابية بالتعيين والتزوير وقمع وتعذيب المعارضين السياسيين والتشريد للصالح العام ، وتأجيج نيران حرب الجنوب، وخرق العهود والمواثيق، والتفريط في سيادة البلاد .
_ إنها فئة راكمت ثرواتها بالنهب اقتصاديا والقمع سياسيا وتكثيف جباية الضرائب حتى فاقوا حكام العهد التركي في ذلك . ويتحدث الناس في مجالسهم عن فساد هذه الفئة ، وحياة الترف والبذخ التي تعيش فيها ، بينما تعيش الأغلبية العظمى من الشعب السوداني تحت حزام الفقر ، كما يتحدثون عن الصرف البذخى في السكن والأثاثات المستوردة وفى الأفراح والاتراح .
ومن الجانب الأخر تدهورت أوضاع الفئات الشعبية نتيجة للفقر والبؤس ، وانتشرت الدعارة والرشوة والفساد ، وغير ذلك من آثار وسياسات سلطة الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية .



Post: #14
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: السر بابو
Date: 03-26-2010, 09:25 AM
Parent: #13

الجذور التاريخية لبذور العلمانية في السودان
بقلم : تاج السر عثمان
أولا: العلمانية: المفهوم والمصطلح:
عند الحديث عن العلمانية يقفز الي الذهن ذلك التعبير عن الوضع الحضاري الذي ظهر في اوربا منذ عصر النهضة، ومازال هو الذي يميز موقف الغرب من شئون الدين والدنيا حتي يومنا هذا. وكما هو معلوم العلمانية هي اجتهاد في ميدان التنظيم السياسي للمجتمع والابقاء علي هذا الميدان بشريا تتصارع فيه برامج البشر ومصالحهم الاجتماعية والاقتصادية، وهذا الاجتهاد ضروري ومطلوب في الفكر الديني والانساني لمواجهة المعضلات والمشاكل الجديدة التي تطرحها الحياة المتغيرة والمتبدلة دوما.
من هذه الزاوية، العلمانية مكسب حققته البشرية في صراعها الطويل من اجل حرية البحث والابداع، واستخلاص التشريع من المصادر الدينية والعرفية والفكر الانساني، دون الانطلاق من حالة ذهنية تتسم بالجمود والتحجر، بدلا عن الواقع المتجدد والمتغير. من هذه الزاوية لاترتبط العلمانية بالغرب، بل اصبحت ملكا للبشرية مثل المنجزات الأخري في ميادين العلوم والاكتشافات التقنية الاخري.
ومعلوم أن اصل لفظ العلمانية في اللغة الانجليزية(Secular)، مشتق من كلمة لاتينية تعني القرن(Saeculum)، بمعني الزمانية. العلمانية، اذن ترتبط في اللغات الاجنبية بالامور الزمنية، اي بما يحدث في هذا العالم، وعلي هذه الارض(د. فؤاد زكريا: العلمانية ضرورة حضارية، قضايا فكرية العدد 8 ).
كما أن العلمانية لاتعني استبعاد الدين عن ميدان قيم الناس الروحية والاخلاقية، ولكنها تعني التمييز بين الدين والممارسات السياسية المتقلبة، باعتبار أن الممارسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية اجتهادات وممارسات بشر قابلة للتعديل والتطور.
ثانيا: ماذا عن التطور التاريخي للسودان؟
عندما قامت السلطنة الزرقاء أو دولة الفونج في سودان وادي النيل في الفترة(1504 – 1821م)، كانت اوربا قد قطعت شوطا منذ بداية عصر النهضة، واستطاعت أن تنفتح علي حضارات العالم وبعثت مكتسبات الحضارة اليونانية والرومانية وتمثل منجزات الحضارات الاسلامية والآسيوية، واستطاعت أن تكتشف وتطور وسائل تقنية جديدة مثل صناعة الطباعة(جوتنبرج)، وصناعة الورق، واكتشاف السلاح الناري، اختراع البوصلة، هذا اضافة لاتجاهها للخارج لنهب شعوب المستعمرات في الاراضي الجديدة والقديمة. هكذا بدأت الثورة التجارية والتراكم البدائي لرأس المال، الذي ادي الي تحسين الزراعة وتحقيق فائض من الانتاج الزراعي في انجلترا وفرنسا، مهد للثورة الصناعية وانتصار نمط الانتاج الرأسمالي، وقامت الثورة الفرنسية التي دكت حصون الاقطاع والجمود، وحل النظام العلماني محل الدولة الدينية والحكم بالحق الآلهي، وتم اعلان ميثاق حقوق الانسان.
عندما تم ذلك، كان التطور التاريخي فيما يختص بعلاقة الدين بالدولة يشق طريقه في سودان وادي النيل علي النحو التالي:
1- عرفت مملكة نبتة ومروي حكم الملوك الآلهة أو حكم الكهنة الذين ثار عليهم في مروي الملك اركماني عندما طالبه الكهنة بالقتل الطقسي حسب مشيئة الرب، ورفض ذلك وقتل الكهنة جميعهم في الهيكل المقدس، وغير في قوانين مملكة مروي. كان الكهنة يعينون ويعزلون الملوك ، أى ان الحكم كان دينيا مطلقا.
2- في ممالك النوبة المسيحية(550 – 1500م): نوباتيا، المقرة، علوة، حدث تطور في علاقة الدين بالدولة، حيث جمع ملوك النوبة بين وظيفة رجال الدين والسلطة الزمنية، فقد كان ملوك النوبة قساوسة وحكام في الوقت نفسه، أى جمعوا بين السلطة الدينية والزمنية.
3- في دولة الفونج أو السلطنة الزرقاء، حدث تطور جديد في علاقة الدين بالدولة بحكم طبيعة دولة الفونج، فلم يكن الملوك في سنار أو ماينوب عنهم في قري والحلفايا، رجال دين أو شيوخ. فقد كان الشيوخ مستقلين عن الملوك، أي حدث فصل بين السلطة الدينية والزمنية، فوظيفة التأثير الديني اصبح يمارسها الشيوخ، وتحررت الجماهير من عبادة الملوك الآلهة، بل كان لها الحق في عزلهم والانتفاضات والثورات ضدهم في بعض الاحيان، اضافة الي أن سلاطين الفونج ابتدعوا نظاما تشريعيا اعتمد علي الشريعة الاسلامية والاعراف المحلية. ولم تتبلور طبقة من رجال الدين مرتبطة نهائيا بجهاز الدولة، وتمارس تأثيرها الروحي الذي يخدم مصالح الحكام والدولة، هذا الدور كان يمارسه الحكام بشكل محدود عبر الفقهاء والاولياء، وكسب ودهم عن طريق اقطاع الاراضي لهم وغير ذلك، وعن طريقهم يمارسون تأثيرهم علي الجماهير ، ومن الجانب الآخر كانت الجماهير تؤثر علي السلاطين والملوك بواسطة العلماء والمتصوفة، باشكال مختلفة ومتفاوتة لدرء أو رفع الظلم عنها(الشفاعة) ، وكان هذا منطلقا من أن السلاطين كانوا يعتقدون في الاولياء، كما يعتقد الناس العاديون. علي أن الامور لم تسر في خط مستقيم في الفصل بين الدين والدولة في سلطنة الفونج ، فنجد بعض الحالات التي كان يجمع فيها شيوخ الطرق الدينية بين السلطتين الدينية والزمنية في مناطقهم في حالات ضعف قبضة السلطة المركزية مثل: حالة المجاذيب في الدامر، وحالة حسن ودحسونة، وهذه حالات خاصة من الحالة العامة التي كانت سائدة في السلطنة الزرقاء، وهي أن الدولة لم تكن دينية مطلقة يحكم فيها الملوك بالحق الآلهي.
وهذا هو التطور التاريخي لعلاقة الدين بالدولة، كما حدث في سودان وادي النيل ، والذي يمثل البذور الجنينية للحكم للحكم العلماني أو المدني والتي تم غرسها في فترة الفونج.
حدث هذا في اللحظة نفسها التي تحررت فيها أوربا من ظلام العصور الوسطي، ودخلت عصر النهضة والثورة الفرنسية والثورة الصناعية، التي ادت الي قيام حكم علماني، تم فيه فصل الدين عن الدولة، ولكن في كل بلد اخذت العلمانية شكلها الخاص المستمد من تعاليم المسيحية والتقاليد الوطنية لكل بلد ، كما أن العلمانية في اوربا لم تكن تعني استبعاد الدين، بل كانت تعني أن كل شئون الحكم بشرية يستنبطها الناس من واقعهم وظروفهم، ومن معتقداتهم الدينية والفكرية والاخلاقية، وهذا يتعارض مع الدولة الدينية (الثيوقراطية) التي تدعي أنها تحكم نيابة عن الله في الارض.
واذا جاز استخدام المصطلح المعاصرالعلمانية بهذا المعني، يمكن القول: ان فترة الفونج شهدت غرس بذور العلمانية أو الحكم المدني ، او شهدت المرحلة الانتقالية أو المخاض العسير الي الحكم المدني المستند الي اعراف ومعتقدات الناس.
ثم اتسعت دائرة المدنية أو العلمانية بعد ذلك في فترة الحكم التركي وفترة الحكم الانجليزي، والفترات اللاحقة رغم الانتكاسات المؤقتة، كما حدث في دولة المهدية والتي كانت دولة دينية، وتجربة تطبيق قوانين سبتمبر 1983م، وتجربة انقلاب الجبهة الاسلامية بعد انقلاب يونيو 1989م، رغم تلك الانتكاسات المؤقته الا أن تيار العلمانية أو الدولة المدنية الديمقراطية الكاسح سوف يشق طريقه، باعتبار هو الضمان لوحدة السودان من خلال تنوعه.

Post: #15
Title: Re: استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
Author: عاطف مكاوى
Date: 03-26-2010, 10:00 AM
Parent: #14

*