الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آدم ومحمد جلال هاشم والعفيف)!

الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آدم ومحمد جلال هاشم والعفيف)!


07-24-2018, 09:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1532463607&rn=0


Post: #1
Title: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آدم ومحمد جلال هاشم والعفيف)!
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-24-2018, 09:20 PM

هذا البوست الجديد متفرع من بوست "دولة اللا هوية" بالجوار.. جاء بحكم الضرورة وطلب البعض منا، الذين قدروا أن رؤى الهامش والمركز وجب أن يفرد لها حيز إضافي.. ما هي هذه الرؤى المعنية؟.. وهل فيها حل رؤيوي للأزمة الوطنية المزمنة، نعم، لا، أم العكس؟!.

وهناك المزيد على هامش نظريات الهامش والمركز. هنا الحلقة الثانية المتحدثة عن الهامش والمركز كرؤى سياسية "آيديولوجية".. في المداخلة المقبلة.

ملاحظة إستباقية: الحلقة طويلة نسبياً حوالي 3700 كلمة.. الزول الما مهتم او ما عنده وقت للقصة دي ممكن يسلم علينا بس ويمشي ونحن سعداء ولو ما سلم علينا سكت ساكت لا لوم عليه.. وهذه تحية له مقدماً. . المشاركة من قراية العنوان بس لا إعتبار لها لأنها ضياع زمن ليس إلا.. دا عن تجربة عامة مثالة!.. طابت أيامكم.

----
التعديل: لا شيء مهم.. بكتب مباشرة ومرات من الموبايل فبتكون الأخطاء الإملائية كثيرة فبحاول أصلحها من باب وضوح الرؤية لا حرصاً على اللغة!

Post: #2
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (لمسة في عظم الأزم
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-24-2018, 09:21 PM
Parent: #1


دولة اللا هوية 2-4 (نقد للمركزية الهويوية ولنظريات الهامش والمركز)!

نظرة في أفكار أبكر آدم إسماعيل والباقر العفيف ومحمد جلال هاشم والمركز والهامش!.


مقدمة:

هذه الحلقة الثانية للنظر في ما أعنيه بدولة اللا هوية في مواجهة دولة الهوية...
نحن لم نصل بعد إلى وعي مشترك بالدولة الحديثة والمعاصرة. نحن في حسباني مانزال في مرحلة متأخرة وهي مرحلة دولة الهوية.

وقلنا في الحلقة السابقة أن دولة الهوية هي الدولة التاريخية .. دولة الهوية بمعنى أن يكون فيها عرق واحد سائد ودين واحد سائد وتاريخ واحد ويكون عندها أسرة حاكمة واحدة أو اتحاد أسر حاكمة أو جماعة عرقية واحدة.

هذه دولتنا الآن وهي الدولة التي لا نريد من المفترض.. هي دولة الماضي دولة التاريخ.. فاشلة بشهادة الواقع الماثل.. نحن نريد دولة اللاهوية "المواطنة" وليس من المفترض أن نجرب المجرب أي أن ننادي بدولة هوية بديلة إذن نحن نراوح مكاننا من التاريخ ولن تشفع لنا المبررات مادمنا أننا أخترنا دولة الكهوف من جديد!. هذا الكلام عفوي ومباشر في قروب الواتساب دا.. قروب دولة اللا هوية.. عشان نركز مع بعض في حوارنا المباشر دا.

يتحدث الناس وكما نقرأ في الكتب والأكاديميات أن الغرب قد فصل الدين عن السياسة: أصبحوا دول علمانية أي فصلوا الدين عن الدولة ولذا نعرف أن ذلك النظام السياسي الحديث في سلم التطور البشري أدى إلى نهضة الغرب في المجمل وإستمرار سيطرته ليس على الكرة الارضية فحسب بل الكون البعيد مثال القمر والمريخ وهناك سفن ذهبت ابعد في الفضاء وكل يوم نسمع اختراع جديد.. ونحن نزحف إلى الوراء للبحث عن شيء ضاع منا في التاريخ السحيق إسمه "الهوية"!.

هنا نقطة مهمة وذلك أن كانت عناصر الهوية الإجتماعية في الدين والعرق والتاريخ المشترك فنحن لكي ننهض نحتاج أن نفصل عناصر الهوية كلها عن الدولة لكي نحقق التوازن الإجتماعي ويتبعه الاستقرار ثم الحضارة.

وليس تجربة الغرب وحدها تقول بذلك بل الأمم الأخرى الحديثة!.

العلمانية وحدها ليست كافية في حالتنا.. العلمانية التي قد تعادل في التلطيف " الدولة المدنية" ليست كافية لأننا نحن في التاريخ ابعد من لحظة اوروبا حينما أخذت بالعلمانية حلاً لأزمة الدين والسياسية التاريخية.. ذلك صالح في لحظة التطور الغربية وحدها.. نحن لسنا بعد!.

إذ أن الدولة العلمانية عندنا تستطيع أن تكون عسكرية وعرقية وتاريخية فقط غير دينية والدولة المدنية تستطيع أن تكون عرقية وتاريخية ودينية فقط غير عسكرية.

وكما ذكرت سابقا أن التطور في أوروبا تم بطريقة مختلفة عننا.. يعني عندنا إلى الآن دائرة التطور لم تكتمل.. وإلى الآن مجتمعاتنا مقسمة على أسس عشائرية وقبلية وعلى أسس الدم.. مسألة العرق في أوروبا انتهت ولذلك لم يتحدثوا عن دولة اللا هوية العرقية أو/ التاريخية وإنما كان تبقت لهم مشكلة الدين في الأساس تلك اللحظة التاريخية.. ما عندهم مشكلة عرق ولا تاريخ.. حسموها قبل ذلك بكثير وعلى اساسها توزعت اوروبا في الدول التي نراها الآن.. وبالتالي هم ركزوا أكتر فيما يناسب لحظتهم التاريخية وتراضو على العلمانية "فصل الدين عن الدولة" كآخر عبقة في تحقق دولة اللا هوية وقد حدث.. لذا كلمة علمانية زائفة ومضللة في حالتنا.. الصحيح أن نقول دولة اللا هوية "فصل الدين والعرق والتاريخ عن الدولة" لا الدين وحدة ذلك ليس الحل وحده!.

إذا فصلنا الدين عن الدولة ستظل غير مفصولة عن العرق وهو أشد كما التاريخ "الحضارات القديمة" والرشح التاريخي القديم.. العرق أشد في التماسك ومعظم مجتمعاتنا التي نراها في الحركة اليومية منقسمة على أسس تاريخية وعرقية (قبلية وعشائرية) تنفي بعضها البعض وتحقق مصالحها بناء على التلاحم الذي تصنعه بالهوية العرقية.. هذا نشهده كل يوم في المنابر.. أنت شايقي وداك جعلي ودا فوراوي وداك هدندوي وهنا بطحاني وهناك زغاوي إلخ.

وعندنا حركات مسلحة وحركات ثورية ومتمردة ومليشيات (كلنا نعلم) من قبائل وبيوتات محددة.. تصنع الحرب وتتفاوض عشان السلام.

وعندنا حكومة المؤتمر الوطني ومليشياتها المعلنة (حميدتي مثال وموسى هلال سابقا) وداخلها تيارات قبلية مختلفة وبنسمع الناس تتحدث عن قبائل محددة سواء كانت من الوسط النيلي أو من الشرق أو من الغرب، أظنه معلوم.
ودي مجرد أمثلة "حية".

فلحظتنا التاريخية مختلفة عن الغرب وبالتالي مشكلتنا ما بس فصل الدين عن الدولة وإنما فصل العرق عن الدولة وكمان فصل التاريخ عن الدولة كما قلنا سابقا.
وتلك إذن دولة اللا هوية التي نعني.. دولة المواطنة.

وإذا أردتم فهمي بشكل أفضل اسمعوا لطفاً الحلقة السابقة والثلاثة حلقات الأخرى (هم أربعة من هذه السلسلة) .

فبالتالي بدولة اللاهوية نعني دولة اتحاد الهويات جميعا.. دولة تقف على مسافة واحدة من كل الهويات. ومن حق الهويات كلها الجماعية والذاتية أن تعبر عن نفسها حسب الدستور وحسب القانون.

طيب واحد قال في قروب الواتساب اللغة أليست هوية ؟ والدولة لازم يكون عندها لغة؟.

طبعا صحيح الدولة لازم يكون عندها لغة وطقس وبيئة مكتسبة وأشياء تأتي بها الطبيعة.. يعني الطقس والمناخ سواء كان صحراوي أو ممطر فهذا ليس خيار الناس، شيء عليهم التأقلم معه.

فإذا كانت تلك الطبيعة وعليك التأقلم معها كذلك اللغة كحاجة اجتماعية.
فهناك تطورات في التاريخ عليك التأقلم معها فتبحث عن اللغة المناسبة للتواصل بين الناس والتي تحقق الازدهار الاقتصادي والتي تربطك مع العالم احسن.. حاجة عملية؟.

ما هي أفضل لغة تحقق ذلك؟.. بعض الأفارقة اختاروا اللغة الانجليزية وبعضهم اختاروا لغاتهم المحلية وآخرين اختاروا لغات أخرى كالأسبانية التي مثلاً أختارها كثير من الهنود الحمر وهم ليسوا أسبان.

فاللغة كما قال أحد الكتاب هي غنيمة حرب.. وهي في الحقيقة غنيمة تاريخ. فاللغة الرسمية التي تستخدمها قد تكون لغة جماعة محددة زي بعض انواع الرقيص والزي الجلابية مثلاً فهي خاصة بجماعة محددة في التاريخ القريب أو البعيد في السودان.

لكن اختيارك للغة واختيارك لرمز محدد زي الجلابية على سبيل المثال من المفترض أن لا يعطي جماعة محددة تميز على الجماعات الأخرى .. تبنينا اللغة ولكن لم نتبناكم أنتم أيها السادة الفلانيين فأنتم مثلكم وبقية خلق السودان متساوون في الواجبات كما الحقوق.
وقضايا الأحوال الشخصية والمدنية ممكن تتحل عبر تعدد الخيارات القانونية مثلاً في حالات الميراث والزواج والطلاق إلخ.

ذكرت أنني سآخذ نماذج ضدية لابين بشكل افضل وجهة نظري في القضية.. وذكرت إسماء محددة عندها إجتهادات كثيرة مختلفة في مضمار الهوية ودولة الهوية. وهم: أبكر آدم إسماعيل والباقر العفيف ومحمد جلال هاشم.

..
باختصار سألخص لكم فكرة كل زول من الناس ديل.
هؤلاء الثلاثة نماذج يقولون بدعوى متشابهة من وجهة نظري .. مختلفة فقط في شكلها الخارجي.

وفحوى هذه الدعوى أنو حل مشكلتنا كسودانيين يكون بمعرفتنا لانتمائنا الحقيقي التاريخي والعرقي والجغرافي.
وهذا الانتماء يكون لأفريقيا أي الأفريقانية يعني نحنا نعرف أنفسنا كقوم سودانيين سود وعلى هذا الأساس نقبل بعض ونتمازج مع بعض ونعرف نفسنا للآخرين كعرق أفريقي وقوم سود أصيلين وهذه منطقتهم (ممكن معانا شوية ناس مهاجرين) ومن يقول بغير ذلك فهو زول مستَلب أو زول من الجماعة العروبي إسلامية المسيطرة على السلطة والثروة والتي لها مصلحة في إستمرارية الدولة العروبية البغيضة القائمة ولا تريد الدولة الزنجية الافريقية الصحيحة!.

تلك هي الدعوى مجملاً باختصار شديد جدا طبعاً وقد يكون مخلاً فأرجو ملء الفراغات معي فمعظمكم سمع أو قرأ عن هذه الشخصيات الثلاثة المجتهدة والمثابرة والذين اتخذتهم كنموذج أمامنا كضد لدعوة دولة الللاهوية. والتي من وجهة نظرنا أو في زعمنا أو ادعائنا هي دولة العصر ودولة المستقبل والدولة التي من المفترض أن ننتمي لها ولا نرجع أنفسنا إلى الوراء كرد فعل.. ما أريد قوله أن دعاوى دولة الهوية هي دعاوى رد فعل لدولة الهوية التاريخية القائمة الآن منذ العام 1821 في السودان وهي دولة غير صالحة ويجب أن تذهب وستذهب لأن التاريخ ماشي في الاتجاه دا حسب تصوري.. لكن بديلها ليس مثلها!.

طيب قلنا باختصار أن محتوى الدعاوى الثلاث واحد لكنها مختلفة في المقدار فحسب.
نأخذ دعوى الباقر العفيف أولاً والذي لديه ورقة عنوانها: قوم سود ذو ثقافة بيضاء:
وهو يعني بذلك - والورقة واضحة من عنوانها - أن هناك قوم سود تخلوا عن ثقافتهم السوداء الأصيلة وتبنوا ثقافة بيضاء لا تمثلهم.

ويمكن أن نذهب بخيالنا أكثر إلى أن هناك جماعة فرضت هذه الثقافة على الناس وسيطرت بها على السلطة والثروة.. هذه دعوى الباقر العفيف.. أما دعوى محمد جلال هاشم أنو نحن يحب أن نؤسس دولتنا على ويعينا بذاتنا كأفارقة سود وهو يكرر هذا الكلام وهذا رأيه المحترم جدا.. لكن السؤال هنا: ما الحاجة لأن نعرف أنفسنا لأنفسنا؟!.

ونحن فعلا ممكن نكون أفارقة أو جزء كبير جدا مننا أفارقة بالمعنى الجغرافي والعرقي، نوبيين أو كوشيين حسب فهم الدكتور الأستاذ محمد جلال هاشم.

هذه دعوته وأنو في الحقيقة نحن سود البشرة والدليل من التاريخ حسب قوله أن مروي وكوش والسودان وأثيوبيا كلها أسماء للسودان بمعنى الناس السود.. ومعني هذا الكلام وجب أن لا ندعي بأننا عرب أو شركس أو ألبان إنما نحن سود ونعيش سود ونقبل سوادنا عشان نتصالح مع نفسنا. وقال بالنص أن: البنات يفترض أن لا يفسخوا جسمهم عشان يبقوا بيض وهذا استلاب وجزء من الضياع الذي نعيشه.
قال: أننا سود ولكن نظن أننا عرب والعرب بيض ( العرب أصلا ليسوا بيض).. وبالتالي بناتنا حسب هذا الاستلاب بيحاولو يفتحوا لونهم ليحاكوا المثال الموجود في خيال المجتمع عن الجمال.
تلك باختصار شديد جدا الدعوة الثانية دعوة الدكتور محمد جلال هاشم... سنأتي لمناقشتها بعد شوية مع الدعاوي الأخرى.

أما دعوة أبكر آدم إسماعيل فهي نفسها لكن بطريقة أخرى مفصلة أكثر قد تكون أو قل أكثر نسقاً أيديولوجيا!.

ودعواه تقول بأن السودان فعلا أسود ويجب على السودانيين أن يتعرفوا على نفسهم الحقيقية ولا يهربوا منها وأضاف شيء زيادة وهو شيء مهم فيما معناه أن الإستمرارية المادية للسيطرة تتبعها سيطرة رمزية شاملة.. ومن هنا تتركب دعوى الهامش والمركز. وضمنه أن المركز بجغرافي وليس سياسي فحسب.. سأشرح هذه النقطة.. فهو يتصور أنه يوجد مركز جغرافي سياسي.. يعني في جماعة محددة مهيمنة على السلطة والثروة وهذه الجماعة لها نفس ثقافة جماعة محددة موجودة في الوسط النيلي (هم المنتمون للعرق العربي أو المستعربين) . ولو عندي أن كان هناك جماعة مسيطرة ليس بالضرورة أن هذه الجماعة تمثل فعلا العرب أو المسلمين ولا تمثل السودان ولا الوسط النيلي.. هذه وجهة نظر عاجلة ونذهب إلى الامام.

المركز جغرافي بمعنى عرقي وموجود في مكان محدد وحتى لو كنت أنت كفرد عندك خيارات مضادة لجماعتك التي حددها ابكر وترى أن هذا المركز لا يمثلك ولست راضٍ عنه وحتى لو كنت معارض وموجود في سجن كوبر الآن ما دمت موجودا في الوسط النيلي فيزيائياً (داخل الحظيرة) إذن أنت مستفيد من السلطة رمزيا وماديا لأنك من الجماعة العرقية التي تنتمي إلى دم وثقافة هذه الجماعة وبالتالي في كل الأحوال أنت مستفيد وبالتالي أنت جلابي .. وإنو الناس الزي دا في النهاية مهما كانوا هم مستفيدين عملياً ورمزياً وبالتالي هم مع النظام دا كله في النهاية ولا يسعون إلى تغييره بشكل كامل.

و إنما الناس الذين من المفترض أن يسعوا لتغييره بشكل شامل هم الناس اللذين خارجه فعلا عرقيا وفِي الدم وفي الممارسة وهم الأفارقة وناس الهامش. وهم يعرفون أنفسهم ومن المفترض أن يشكلوا الدولة من جديد.. هذا من فهمي لأبكر آدم إسماعيل.. لكن كيف؟. والإجابة متقمصاً رأي أبكر من جديد: بأن تتشكل الدولة بالوعي بالذات العرقية والثقافية يعني تكون دولة أفريقية ضد الدولة العربية القائمة والتي هي عرقية أيضا.

أنا هنا أحاول تلخيص الدعوى الاساسية التي تلمستها من كتابات وندوات ومحاضرات في الإنترنت لأبكر وهو زميل وصديق ايضاً بالمعنى الحرفي للكلمتين.
ولأبكر طبعاً كتابات كتيرة.. وهذا التلخيص أرجو ألا يكون مخلا ولكنه يشير إلى الدعوى الأساسية لصديقي أبكر آدم إسماعيل فيما يتعلق بمنتهى جدلية المركز والهامش.. هذه هي الدعاوي الثلاثة وسأرد عليها وأقول رأيي الذي يختلف، أظنه يختلف كثيراً!.

نمشي أولاً إلى دكتور الباقر العفيف الذي يقول بأننا قوم سود ذو ثقافة بيضاء، شجبا لثقافة هؤلاء الناس التي تتناقض مع واقعهم وهذا ما يفترضه هو.. أنا أتصور أن الثقافة ما عندها لون وأن القوم السود ممكن تكون ثقافتهم بيضاء، فلا مانع قانوني ولا أخلاقي ولا أدبي يمنع قوم سود زي الفحمة من أن يكون عندهم ثقافة بيضاااااااااء زي الحليب من وجهة نظري لا مانع.

والمفروض يحدث العكس بأن نحترم القوم السود أصحاب الثقافة السوداء ونحترم ثقافتهم فهم ارتضوا ذلك لأنفسهم وهذا جميل جدا على الأقل حق.

وإذا فِي قوم جنبهم سود وثقافتهم بيضاء هذا أيضا محترم فهذه ثقافتك أنت ولَك أن تتثقف بما تشاء.

ولا مانع من وجود قوم بيض ثقافتهم بيضاء أو وجود قوم بيض ثقافتهم سوداء ودا حاصل في السودان بالمناسبة.

يعني في ناس ألبان وشركس تبنوا الثقافة السودانية أكثر من السودانيين السود.. ففي الحقيقة هناك في السودان قوم بيض تبنوا ثقافة سوداء وهي ثقافة جماعات أفريقية موجودة في السودان أو زول أسود اللون إذا تكلمنا بنفس منطق دكتور الباقر العفيف.

حقوق الإنسان تتطلب أن نحترم خياراته الشخصية وخيارات الجماعة أيضا.

يعني لو أراد سوداني عادي أن يتصرف زي الخواجات يرقص بطريقتهم ويغني بطريقتهم ويأكل بالشوكة والسكين فأنا أعتقد أن هذا حقه.. يعني ويلبس البنطلون القميص وكلنا بنعمل كدا وهو لَبْس غربي ما كان موجود في السودان أدخله الإنجليز زي ما أدخلوا قيم أخرى أنتجت أنواع من جديدة من الهوية تحدثنا عنها سابقا وقلنا أن الهوية خمس مستويات وهي العرق والتشكيلات المكونة من بنيات الغيب ومن ضمنها الطرق الصوفية وايضاً البنيات الموضوعية والعقلانية التي نشأت حديثا زي المنظمات والنقابات والاتحادات هذه كلها أماكن للانتماء الهووي وقلنا أن الهوية تبنى على المصلحة المجردة ثم تصبح رمزية لتتواصل وهذا موضوع طويل سنشرحه لاحقا.

نرجع للباقر العفيف فقصة أن تشتم ثقافة زول وتقول بأنه أسود اصلي وثقافته تافهه يعني بيضاء ليست ثقافته.. فهذا أيضا إقصاء ودي حاجة في ظني ما كويسة.

مفروض نخلي الناس ليقولوا ما يريدون فإذا أراد أحدهم أن يقول أنه عربي فله ذلك وإذا أراد أحدهم القول بأنه أفريقي زنجي أصيل وله ثقافته فنحترمها ونحترمه .. زول قال إنّو عربي حقا أو زيفا فهذا حقه إلا إذا ضرك يعني عمل حاجة ضد القانون وعندها يتحاكم بالقانون.

قضايا العنصرية الفجة "معلومة" وحلها في القانون والوعي بحقوق الإنسان والسعي إلى تحقيق دولة المواطنة.

حالة الإستقرار في مصلحة الجميع.. أنت لن تصنع حضارة بلا وفاق شامل.. التجارب البشرية ماثلة أمامنا.

ليس من الحكمة أن تغالط الناس في هوياتهم وهذا لا ينفع أصلا.. يعني إذا أردنا من خلال مهاجمة هويات الناس التذكير بهوية واحدة وعلى أساسها يتم التلاحم وعمل انسجام في المجتمع ودولة وطنية حديثة. فهذا لن يحدث بهذه الطريقة والأدلة العملية أمامنا كتيرة وواضحة وضوح الشمس.

فدولة جنوب السودان فيها عرقية واحدة ودين واحد غالب ولا أحد يدعي أنه عربي ورغم ذلك في اللحظة التي أخذ فيها الجنوب استقلاله قبل ست سنوات فقط من الآن .. حصلت حرب عرقية هكذا أسمتها الأمم المتحدة وهذا ليس كلامي أنا طبعاً.
يعني قالوا بأن هناك تطهير عرقي بين أهلنا الجميلين الدينكا والنوير تحديدا (عرقي!). هذه الكلمة مهماً جداً "عرقي"!.
وعندنا أمثلة كثيرة جدا أن الهوية الواحدة لم تكن حلا أبدا يعني الصوماليين ما فيهم مسيحي واحد ربما ولا عندهم دعوات مميزة تقول بعرق عربي وكلهم عارفين إنّو كلهم أفارقة ولديهم لغة واحدة مشتركة ولديهم تاريخ مشترك ورغم ذلك الصومال تشتت واصبحت اسوأ امثلة العالم في عدم الإستقرار السياسي بجانب جنوب السودان الذي أنفصل عن السودان الأب الذي نفسه مثال أمام العالم لعدم الإستقرار السياسي!.

أمثلة زيادة: هناك الكنغو عندهم دين واحد ولا أحد هناك يقول بأنه عربي أو آسيوي أو لاتيني.

ولكن الكنغو لم تستقر خلال ال 60 سنة السابقة مثلنا تماماً.
وهناك الليبيريين وهم الزنوج الذين أخذهم البيض في يوم من الأيام كرقيق إلى أمريكا ثم ثاروا وعادوا إلى جذورهم وعملوا دولة إسمها ليبيريا.

وعملوا نظام يشبه النظام الأمريكي ولكنه سرعان ما انهار ولغاية الآن هم بيذبحوا بعض رغم أنهم دين واحد وعرقية واحدة وتاريخ واحد وتاريخ مظالم مشتركة واحدة .. تلك هوية واحدة من كل النواحي لكن الهوية الواحدة لم تصنع سلام.

وفي المقابل الهويات المتعددة ليست سببا في الحرب ونرى الهويات المتعددة في الهند وهي دولة ديمقراطية عظيمة كبيرة وفِي ماليزيا وفِي أمريكا وفِي كندا إلخ.

هذه الدول أساسا عملت صيغة لا هويوية للعيش المشترك ولا يوجد هوية واحدة سائدة فالدولة محايدة وهي دولة لا هوية.

تلك كانت محاولة لتبيان خلافنا مع رؤية الباقر العفيف ونمشي للبقية.

دعوة محمد جلال هاشم قريبة من الدعوى السابقة بأننا مفترض نعي بأصولنا كسودانيين سود وإلى آخر الدعوة
هذا لا يعني شيء ولا يقدم أي حل فأنت في النهاية تريد القول بأن الدولة عرق واحد.. ما كل الناس ممكن فاهمين دا أظنه مجرد رشح آيديولوجي.. في ناس عندهم إدعاء آخر باطل ولا صالح هو فهمهم!.. كيف ستقنع هؤلاء الناس؟.. فهم لن يسلمو بذلك إلا بالقوة.. وهذا غير ممكن أظنه وغير مفيد أصلا في شي.. فمثلاً لا أظن يمكنك إقناع زول فوراوي بأنه كوشي ولو حدثت معجزة حتى الكوشيين نفسهم وقل النوبيين سينادونه الفوراوي المتنبب على وزن مستعرب.

يعني هذه القصة معقدة جدا وهي لا تتعلق بك وحدك بل بك وبالاخر.

وبالتالي هي قصة معقدة ولا يجب أن تغالط الآخر في هويته بل أن تتصالح مع هويته وتعمل نظام يجبره على احترام هويتك المختلفة عنه.. نظام يجعلنا كلنا نحترم هويات بعض الذاتية والجزئية داخل الإطار الكلي الدستوري وتكون الهوية الكبيرة "الجامعة" هي الدستور وصيغة العيش السلمي المشترك.

ما بتمشي لي زول تقول له أنت أسود وما عربي والعرب بحتقروك وبقولو فيك كلام فارغ.

فللعرب أو الهنود أو الروس أو الالمان النازيين أن يقولوا ما يريدون.. المفترض لا يهمنا.

فَلَو اجتمع عرب مكة والمدينة المنورة في سقيفة بني ساعدة من جديد وقرروا بالإجماع أن: عرب السودان ليسوا بعرب فهم أيضا ليسوا عرب بل جايين من بخارست في واحدة من المصادر الموثقة.. قصدي دا كلام اي كلام!.

والسوريين سريانيين وأرمن واللبنانيين فينيقيين يعني ما عرب. والفلسطينين ما عرب وفلسطين موجودة قبل أن يخلق العرب أو يسموا بهذا الاسم. والعراقيين اكراد وفرس وآشوريين وبابليين والمغرب العربي كله بربر وطوارق وجبهة بلساريو. والليبيين معروفين من زمن الفراعنة ما عرب وإنما هم ليبيين وكان عندهم حروب مع الفراعنة والكوشيين في التاريخ البعيد معلومة.

هنا لا يوجد دفاع عن مفهوم عرب أو افارقة او أتراك إلخ بل العكس أنا اقول أن لا فائدة عملية من هكذا تصنيف من الأساس.

وطبعا السودان فيه مجموعات محلية معروفة منذ عشرات الآلاف من السنين زي البجا والنوبيين الكوشيين ونوبة الجبال والفور والزغاوة والأنقسنا والقبائل النيلية (راجع الحلقة الرابعة) وكلها قبائل أصيلة جدا وقديمة جدا ولكن السودان جاؤوه عرب وشركس وألبان وفولان وهوسة وأحباش ومجر وإغريق وشاميين والآن يأتيه صينيون وفلبينيون فهذه الأرض مثل الآن كانت متحركة بشكل مستمر وما في صفاء عرقي وما في أفارقة بس ولا اي شيء بس!.

إذن قصة تغالط زول إنك ما عربي واقتنع بأنك أسود وما تفتح لونك الأسمر ما عندها معني ولا تفيد في شيء. لأن تلك خيارات شخصية وإجتماعية بحتة وليست قانونية أو عامة إنها من حقوق الإنسان!.

وبالمناسبة في دول الآن تناقش شرعنة الإنتحار عبر الطبيب وليس الموت الرحيم فقط وهذا إشارة إلى المغالاة في إحترام خيارات الفرد الحر في العالم الذي سبقنا إلى دحض الهوية في المستوى الرسمي لأنها ضد خيارات الفرد!.

أولا تفتيح البشرة موجود في العالم كله في الهند وفِي البرازيل وفِي أمريكا معظم الناس السمر بحاولو تفتيح لونهم وهذا ما فعله مايكل جاكسون في أمريكا.

يعني ليس بناتنا وحدهن.. والعربيات أصلا سمر يعني اليمنيين والعرب الأصليين أيضا يستعملون كريمات تبييض بشرة بكثرة، شوف النت ستجد هذه الحقيقة.

دي مسألة عالمية عندها علاقة بالعولمة والأزمة الكونية التي صنعها الرجل الأبيض ومقاييس الجمال التي وضعها لنا جميعا وجعلها كونية.. ما قصة عرب وأفارقة، وما العرب أو المستعربين إلا ضحية لذلك، مثل كل العالمين.

ويحدثنا التاريخ بجلاء أن أهل السودان الحقيقين في يوم من الأيام كانوا يرحبون بالناس من كل مكان.. عرب شركس ألبان وأحباش إلخ منتهى الترحاب. كانو فاتحين البلد زي اللوتري الأمريكية الآن للغاشي والماشي.. لاسبابهم الذكية والحتمية!.

كان في مساحات كبيرة ومياه وهم أرادوا أن يزدهر الاقتصاد يعني التاريخ ما كان فيه الإقصاء الذي نشهده الآن.. دا له علاقة بالعصر الحديث والحرب الباردة.. أعني صعود سؤال الهوية محور أساسي للصراع.

أنا مازلت مع محمد جلال هاشم .. وكما قلت سؤال الهوية هو ليس المشكلة وليس الحل وإنما هو سؤال خارج التاريخ وهو سؤال لا موضوع أصلا .. جاء اكثر حدة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي بشكل حاد لأنو زمان الناس كانت متكتلة على أسس إنسانية وأسس طبقية وكان الشعار الجبار يا عمال العالم اتحدوا وأن العالم منقسم إلى شرق وغرب وكان الغرب الليبرالي ممثل في منطقتنا في الخليج والشرق الاشتراكي ممثل في حزام وقد قسمت المنطقة في السابق إلى أربعة أحزمة.. خط الخليج (السعودية/الامارات/عمان/قطر/البحرين/الكويت وأضفنا لهم الأردن وإسرائيل للأسباب التي قلنا بها.. ودا الخط السلفي (إسلاموي/عبري/رأسمالي/غربي) والخط العروبي الليبرالي في المغرب العربي (تونس/الجزائر/المغرب/موريتانيا) تبع فرنسا في المجمل جل الوقت .. والخط العروبي الإشتراكي (العراق/سوريا/لبنان/فلسطين/مصر/السودان/ليبيا/واليمن) وخط أفريقيا (جل أفريقيا وراء الصحراء) أيضاً إشتراكية (بان أفريكانزم) متحالفة جل الوقت من الخط العروبي الإشتراكي تحت بند التحرر من الإستعمار الغربي الرأسمالي.

وشرحنا كيف أن الحرب الباردة شكلت خيال العالم وشكلت الثورات الحالية بتاعة الربيع العربي فكل الدول التي حصل فيها الربيع وتفككت تسليحها روسي لو نلاحظ (الخط العروبي الإشتراكي).. وسأوضح علاقة هذا بسؤال الهوية وعلاقته بما فعلته الليبرالية في تفتيت الكلية الاشتراكية القائمة على الإنسانية وَيَا عمال العالم اتحدوا كشعار كلي جماعي وشمولي (هنا لسنا مع أو ضد الإشتراكية دا مجرد توضيح).

كانت الليبرالية تعمل على ايقاظ البنيات التفصيلية مثل القبائل والطوائف ومن هنا برز سؤال الهوية بشكل أكثر حدة (بداية بالثمانينيات من القرن الماضي وحتى الآن) طبعاً بالإضافة إلى عوامل أخرى بدورها مهمة.

وشرحنا لما حصلت الثورات العربية في الدول الجيوشها مسلحة تسليح روسي فقط، ما عدا تونس التي عولجت مشكلتها على وجهة السرعة.. لكن مصر فيها مشكلة حتى الآن "مظهرها الأخوان والجيش" والعراق انقسم وليبيا تتقسم والسودان انقسم بالفعل وقابل للمزيد واليمن تتقسم والتي هي تبع الخط الاشتراكي وتسليحها أيضا روسي.. لأن أعظم تجارة العالم في السلاح وليس البترول!. هذا جزء من الصورة الكلية.

نمشي في النهاية لصديقي أبكر آدم إسماعيل ولو بإختصار إذن نأتي له لاحقاً لأهميته.. وكلامه صحيح جداً مية المية بس في التاريخ السحيق ليس هذا العصر!.

فهو يقول أن السلطة ليست مجرد مصالح إقتصادية وآنية ملموسة وإنما هي رمزية أيضا .. يعني أن الجماعة ذات الثقافة والهوية المسيطرة فإن الفرد منها البعيد أو المضاد للجماعة المسيطرة إفتراضاً أيضا سيستفيد من التعليم والتجربة الحياتية ما دام موجودا في محيط السلطة الملموسة وليس مثل الأخرين خارج هذا الإطار الثقافي والتاريخي والعرقي للجماعة الحاكمة.. هذا تصوري لفهم أبكر.. أو هذه دعواه وهذا الكلام صحيح جدا مية المية كما قلنا.

لكنه ينطبق على الدولة التاريخية الموجودة حاليا والتي من المفترض لا نريدها.. فنحن لا نريد استبدال دولة عرقية بدولة عرقية أخرى لأنو اذا جاءت دولة عرقية ستكون ضد العرق الثاني والذي يرمز له الآن بالعروبية والإسلاموية وربما آخرين.. هي بالضبط الدعوة كدا.. ونحن من المفترض لا نريد دولة كهذه.

إذن سنكون في حالة إستقطاب سلبي أبدي كما هو الحال الآن!.

لا نريد دولة تقصي أيا منا، لا نريد دولة عندها رمز جماعة محددة نريد دولة ملكا لكل الناس.. ما في جماعة عرقية مركزية محددة يعني لا نريد دولة أفريقانية ولا نريد دولة عروبية ولا نريد دولة مصبوغة بصبغة أي هوية من الهويات السائدة في الموقع الجغرافي.

يعني نحن لا نريد دولة العرق الواحد ولا نريد دولة الدين الواحد ولا نريد دولة التاريخ الواحد ولا نريد دولة الأسرة الواحدة ولا اتحاد الأسر أو اتحاد الطوائف أو اتحاد القبائل المحددة يحكم أو يسود في المجتمع.

ولا نريد دولة مساومة تاريخية كما قال أبكر وآخرين أنها من الخيارات المحتملة ولا نريد دولة محاصصة عرقية أو طائفية أو إشتراكية أو لبرالية دي كلها آيديولوجيات أو هويات وربما هناك المزيد.

كله وجب أن يكون مرفوضاً لأنننا جربانه وجربه غيرنا وفشل الجميع.. ماذا نريد إذن من المفترض؟!:

نريد دولة العيش السلمي المشترك.. دولة العقد الاجتماعي دولة اللاهوية عرقية واللاهوية عقائدية واللاهوية تاريخية.. دولة تقف على مسافة واحدة من كل الهويات.. دولة المواطنة.. نريد دولة العيش السلمي المشترك.

نحنا عندنا إطروحة جديدة قابلة للإعتقاد فيها كما قابلة للنقد والتطوير والتكميل وهي "دولة اللا هوية".

كانت تلك هي الحلقة الثانية في الدفاع عن دولة اللا هوية .. من تسجيل صوتي مباشر في الواتساب ببعض التصرف.. ونواصل.. ما تزال هناك حلقتان لتكتمل الصورة المرجوة.. إلى لقاء.. طابت ايامكم.


محمد جمال الدين

Post: #3
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (لمسة في عظم الأزم
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-25-2018, 02:57 AM
Parent: #2

العلمانية وحدها ليست كافية في حالتنا.. العلمانية التي قد تعادل في التلطيف " الدولة المدنية" ليست كافية لأننا نحن في التاريخ ابعد من لحظة اوروبا حينما أخذت بالعلمانية حلاً لأزمة الدين والسياسية التاريخية.. ذلك صالح في لحظة التطور الغربية وحدها.. نحن لسنا بعد!.

إذ أن الدولة العلمانية عندنا تستطيع أن تكون عسكرية وعرقية وتاريخية فقط غير دينية والدولة المدنية تستطيع أن تكون عرقية وتاريخية ودينية فقط غير عسكرية.

---
دا جزء من التصور!

Post: #4
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 07-27-2018, 11:22 AM
Parent: #1



محمد سلامات
وشكرا على الجهد الفكري المميز ..

سأناقش لاحقا هنا فكرة حصر العلمانية في عملية الفصل ما بين الدين والدولة والذي اعتبره مفهوم جنيني للعلمانية التي ظلت تنمو مفاهيميا وعمليا منذ تلك النشاة الاولى في اوروبا ..

صلة الكلام ده بي كلامك حتكون -لو نجحت في اقامة الحجة- اكساب الحديث عن دولة المواطنة (اللا هوية) القيمة بتاعت المنجز الكبير للعلمانية في التطور البشري

Post: #5
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-27-2018, 05:43 PM
Parent: #4

أهلا محمد المشرف وسعادة بمشاركاتك التي لا بد أنها جادة ومفيدة.دا كلام تمام

Quote: محمد سلاماتوشكرا على الجهد الفكري المميز .. سأناقش لاحقا هنا فكرة حصر العلمانية في عملية الفصل ما بين الدين والدولة والذي اعتبره مفهوم جنيني للعلمانية التي ظلت تنمو مفاهيميا وعمليا منذ تلك النشاة الاولى في اوروبا .. صلة الكلام ده بي كلامك حتكون -لو نجحت في اقامة الحجة- اكساب الحديث عن دولة المواطنة (اللا هوية) القيمة بتاعت المنجز الكبير للعلمانية في التطور البشري
.


العلمانية "فصل الدين عن الدولة" ماذا عن القبايل والطوائف؟!

التعريف الرسمي والأكاديمي للعلمانية شبه مطلق "الإجماع": يعني فصل الدين عن السياسة أو/و الدولة وبالدين يعنون جميع الإعتقادات الغيبية (غير الموضوعية).. وحفظاً للجهد والوقت لا أشعرنا في حاجة للمراجع وضرب الأمثلة إذ هذه واحدة من أكثر القضايا التي نوقشت في التاريخ الحديث!.

وتستطيع العلمانية أن تكون منهاج حياة للأفراد والجماعات بمعنى التحلي بالعلم والموضوعية "العقلانية" في جميع الممكن من افعال وأقوال الفرد الحر.. وهذه إضافة نوعية جديدة فوق الفكرة الأساسية.

وقلنا مرة أن العلمانية وحدها ليست كافية في حالتنا (لأن العرق يستطيع أن يحتكر الدولة "القبائل والعشائر تصنع وتفض الدولة") .. إذ مثلاً العلمانية التي قد تعادل في التلطيف " الدولة المدنية" في مرة من المرات ليست كافية في حالتنا لأننا نحن في التاريخ ابعد من لحظة اوروبا حينما أخذت بالعلمانية حلاً لأزمة الدين والسياسية التاريخية إذ آنها (القرن الثامن عشر نضوج الدولة الوطنية) سبق لأوروبا أن عالجت بطريقتها الخاصة مشكلة تدخل العرق والتاريخ في السياسة (مشكلة الهويات العرقية والتاريخية) وتبقى لها الدين فحلت مشكلته جذرياً عبر العلمانية لذا هم لا يقولون دولة اللا هوية في المعنى بل الدولة العلمانية "دولة المواطنة" المساواة في الحقوق والواجبات بغض النظر عن العرق والتاريخ والدين.. ذلك صالح في لحظة التطور الغربية وحدها حسب هذا التصور.. نحن نحتاج أن نفعل ذلك والمزيد.. لسا مشوار طويل.

إذ أن الدولة العلمانية عندنا تستطيع أن تكون عسكرية وعرقية وتاريخية فقط غير دينية "كلياً أو جزئيا" والدولة المدنية تستطيع أن تكون عرقية وتاريخية ودينية فقط غير عسكرية "كلياً أو جزئيا" (يحدث في أرض الواقع).

وهذه أيضاً دولة فاشلة دولة جماعة محددة من كلية المجتمع (دولة الهوية، دولة ما قبل المواطنة) فإما أنها تحتكر وتهدر موارد المجتمع أو تهدر كرامة الفرد أو تفعلهما معاً .. كما نرى في الواقع.. الأمثلة كثيرة.. تقريباً كل دول أفريقيا والشرق الأوسط.. ستجد دول كثيرة تفصل الدين عن السياسة والدولة كلياً أو جزئياً لكن ذلك لم يحل أزمة السلطة في هذه المجتمعات إلا عبر القمع المادي أو المعنوي لأن هناك شيء أخطر من الدين وجب فصله أيضاً.. هذه المرحلة لم تصل إليها أي دولة مشرقية غير تونس وهذه الأيام فقط أو بحاول ألقى مثال بغرض التبيان!.

----
ذلك يجيء على هامش الحديث هذه الايام عن دولة اللا هوية.. دولة اللا هوية محاولة جديدة مني لرؤية الأزمة من جذرها أو هي تصوراتي.. وكوني أزعم أنها مجرد رؤية إجتماعية لذا احرص على توصيلها إلى كل الممكن من المهتمين المفترضين.


محمد جمال الدين
ونواصل.. أمسيات طيبة

---
لا شي مهم في التعديل فقط إصلاحات لغوية وإملائية وهيهات!

Post: #6
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-27-2018, 09:39 PM
Parent: #5


هذا البوست يستند على بوست دولة اللا هوية
http://sudaneseonline.com/board/499/msg/1528642618.html

Post: #7
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: هاشم الحسن
Date: 07-27-2018, 10:21 PM
Parent: #6

تحية طيبة استاذ محمد جمال الدين،
وجزيل الشكر على هذا الجهد الفكري المتفوق روحا والمنماز وطنية ..
ولأنني من متابعي بوستاتك، بالقراءة ما استطعت،
فشكرا مرة أخرى على هذه الخطة الجديدة، التي اخترت لعرض
هذه التفاكير العميقة والهامة جدا،
بطريقة ستجعلها، أو ربما، أسهل مقروئية وأدعى للمتابعة..

في هذا؛ تلخيصك لهموم هذه المفاكرة المفتوحة، تقول:
Quote: نريد دولة العيش السلمي المشترك.. دولة العقد الاجتماعي
دولة اللاهوية عرقية واللاهوية عقائدية واللاهوية تاريخية..
دولة تقف على مسافة واحدة من كل الهويات.. دولة المواطنة..
نريد دولة العيش السلمي المشترك.
مما جعلني أتساءل آملا: هل تواصلت هذه التفاكير، أم بعدها لم تتصل،
إلى أي توصيف دستوري وقانوني وإداري بعينه، لتتهيكل به مثل هذه الإرادة
الراغبة في تجاوز الهويات ـ على تعددها ـ ونحو الدولة الحلم؟
وكذا؛ كيف بمكن لمثل هذه الدولة أن تدير وتسيطر على احتمالات ورادة ـ في أي مستقبل منظور ـ لأن
تستغل وتستخدم أي من هذه الهويّات في السيطرة على الدولة؟

شكري وأكيد تقديري..

Post: #8
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 07-28-2018, 12:21 PM
Parent: #5

محمد جمال الدين
تحية طيبة


اتمنى ان يكون موقفي من بداية النقاش والمسك الجوهري لمفهوم العلمانية في دولة اللا هوية (دولة المواطنة) .. اتمنى ان يكون في السياق الصحيح للاضافة والبناء وفي البال اننا نشهد بواكير تيار فلسفي/سياسي في السودان قد يشكل محصلة او مخاض فكري عظيم لتجربة انسانية شديدة القسوة جرت احداثها في ذلك الوطن الحزين.

أما بعد

قلت , واتفق تماما, يا عزيزي:


Quote: وتستطيع العلمانية أن تكون منهاج حياة للأفراد والجماعات بمعنى التحلي بالعلم والموضوعية "العقلانية" في جميع الممكن من افعال وأقوال الفرد الحر.. وهذه إضافة نوعية جديدة فوق الفكرة الأساسية.


واتجاوز هنا مسالة المراجع والاكاديميا نحو الاعتبارات الفلسفية والتي ارجحها كثيرا في هذا المقام .. ولذلك ادهشني استطرادك التالي


Quote: ذلك صالح في لحظة التطور الغربية وحدها حسب هذا التصور.. نحن نحتاج أن نفعل ذلك والمزيد.. لسا مشوار طويل.

إذ أن الدولة العلمانية عندنا تستطيع أن تكون عسكرية وعرقية وتاريخية فقط غير دينية "كلياً أو جزئيا" والدولة المدنية تستطيع أن تكون عرقية وتاريخية ودينية فقط غير عسكرية "كلياً أو جزئيا" (يحدث في أرض الواقع).



ابتدر قولي باقتباسات عن عادل ضاهر موجود في مقدمة كتابه الموسوم ب (الاسس الفلسفية للعلمانية) ..
وحول هذه المسالة بالتحديد اذ يقول

Quote: الاعتبارات التي تجعل الموقف العلماني مسوغا, من الوجهة العقلية, هي اعمق بكثير من الاعتبارات التأريخية والسوسيولوجية


نعم هكذا يا عزيزي محمد جمال الدين .. ولكن لماذا؟!

يضيف عادل ضاهر
واختصر في النقل

Quote: الاعتبارات الفلسفية (لا الاكاديمية / من عندي انا محمد حيدر) شي اعمق من القول بفصل الدين عن الدولة .. ان العلمانية موقف شامل ومتماسك من طبيعة الدين وطبيعة العقل وطبيعة القيم وطبيعة السياسة


اذن, وبالرغم من قولك ان العلمانية باستطاعتها ان تكون منهج حياة الخ, الا انك سرعان ما تعود لقصرها في ديباجتها الاكاديمية ( فصل الدين عن الدولة )

اقول قصرها لان الاستلهام الصحيح لتطور التاريخ الطبيعي لمفهوم (علمانية) يتجاوز بكثير ظروف النشاة والتكوين والتأريخ الاوروبي .. دوما ما انظر للعلمانية كمنجز بشري عام .. تتاخر بعض التجارب الانسانية عن ادراكه ولكنها اذ تدركة فانها لا تدركه في مراحلة الجنينية وانما كما هو عليه الآن ..

تاسيسا على ذلك اقول ان الدولة العلمانية, وطالما انها لا تقتصر على الموقف من طبيعة الدين, فهي, وبالضرورة المفاهيمية, لا يمكن ان تفضي لدولة عسكرية او لدولة تمييز عنصري او لدولة جهوية على نحو ما .. ذلك ينافي حقيقة كونها -اي العلمانية- موقف شامل من طبيعة العقل القيم والسياسة.

اعود لأوكد التالي: للتأسيس الصحيح لدولة اللاهوية (دولة المواطنة) لا يمكننا التخفيف من طبيعة المفهوم الشامل للعلمانية ... التخفيف من قبيل ما تفضلت به من القول بان العلمانية ليست كافية من ناحية مفاهيمية لتأسيس (دولة المواطنة)..

ولو حفرنا قليلا في طبيعة الدولة الحالية في السودان .. فان مجرد الفصل بين الدين والدولة سيلغي الكثير من مظاهر التوجات الهوياتية في السودان .. لماذا؟!

لان الدين في الحالة السودانية مرتبط ارتباط عضوي بالهوية وبحيث يتعذر الفصل بينهما ..

الا انني اعود وارتكز على ان العلمانية صحيحة (العلمانية الشاملة) بغض النظر عن اخطأء وعلل الذي يقابلها من المفاهيم


كن بخير

Post: #9
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 07-28-2018, 12:41 PM
Parent: #1



سأجتهد قليلا في طباعة التالي من كتاب (الاسس الفلسفية للعلمانية) كاضافة لاعلاه بغرض الاستدلال اللاحق لو توفر زمن قريب

.....

ان الفهم السائد للعلمانية في اوساطنا المثقفة وغيرها, المؤمنة بالعلمانية والمناهضة لها, هو فهم يقوم على تعريف العلمانية بالاغراض التي استهدفت تحقيقها الحركات العلممانية في الغرب. اذ لا ينظر الى العلمانية من منظور كونها, وفي المقام الاول, موقفا من الانسان والقيم والدين. ولا من منظور كونها موقفا ابستمولوجيا, اي موقفا من طبيعة المعرفة المعرفة العملية ومن طبيعة علاقتها بالمعرفة الدينية



فلأن هذا الموقف لا يتجاوز فهم العلمانية من خلال الاغراض التي قامت الحركات العلمانية في الغرب لتحقيقها, تصبح القضية الجوهرية التي تثيرها العلمانية عندهم, من هذا المنظور, هي قضية تحديد وضبط العلاقة بين السلطة الزمنية والسلطة الدينية

Post: #10
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-28-2018, 08:41 PM
Parent: #9

محمد المشرف.. مساء الخير

إذا أمكن إتفاقنا جدلاً على أن هناك خط أفقي إسمه "علمانية" طوله عشرة سنتمترات ويبدأ بالنقطة أ وينتهي في النقطة ب فإن أي نقطة محددة من هذا الخطة علمانية في موقع مختلف كل مرة من أ وب. أقول بذلك لأن العلمانية في اصلها الإصطلاحي منذ تطبيقها في أرض الواقع بفصل الكنيسة عن الدولة (والدين في إطلاقه) ظلت مفهوماً نظرياً واحدأً محدداً (حسب زعمي) يجد معناه في فصل الدين عن الدولة ولم يحدث أن تحورت رأسياً لتعني أيضاً فصل الأعراق (القبائل والعشائر والطوائف "بدورها كيانات موروثة عبر الدم") عن الدولة.. أرجو أن أكون مفهوماً!. وإلا سأشرح من جديد وآسف للإقتضاب.

ذلك المعنى الأصيل والواضح في أسه تمدد إلى المجتمع المدني في الدرجة الثانية اي لاحقاً.. وهي إن لم تطبق في الدرجة الأولى "الدولة" أظنه يستحيل تطبيقها في المجتمع بحكم المستحيل.. يعني ما ممكن الدولة تكون دينية والمجتمع علماني!.

وأما حديث محمد ضاهر هنا:
Quote:

ان الفهم السائد للعلمانية في اوساطنا المثقفة وغيرها, المؤمنة بالعلمانية والمناهضة لها, هو فهم يقوم على تعريف العلمانية بالاغراض التي استهدفت تحقيقها الحركات العلممانية في الغرب. اذ لا ينظر الى العلمانية من منظور كونها, وفي المقام الاول, موقفا من الانسان والقيم والدين. ولا من منظور كونها موقفا ابستمولوجيا, اي موقفا من طبيعة المعرفة المعرفة العملية ومن طبيعة علاقتها بالمعرفة الدينيةفلأن هذا الموقف لا يتجاوز فهم العلمانية من خلال الاغراض التي قامت الحركات العلمانية في الغرب لتحقيقها, تصبح القضية الجوهرية التي تثيرها العلمانية عندهم, من هذا المنظور, هي قضية تحديد وضبط العلاقة بين السلطة الزمنية والسلطة الدينية
فهو جيد وممتاز بس في الدرجة الثانية التي تستحيل دون الأولى أو قل تتعثر!. يبقى نكون عمليين ونتحدث عن فصل الدين عن السلطة الزمنية كأولوية عملية وملحة ولا ننسى الثانية.وتقول:
Quote: ولو حفرنا قليلا في طبيعة الدولة الحالية في السودان .. فان مجرد الفصل بين الدين والدولة سيلغي الكثير من مظاهر التوجات الهوياتية في السودان .. لماذا؟! لان الدين في الحالة السودانية مرتبط ارتباط عضوي بالهوية وبحيث يتعذر الفصل بينهما .. الا انني اعود وارتكز على ان العلمانية صحيحة (العلمانية الشاملة) بغض النظر عن اخطأء وعلل الذي يقابلها من المفاهيم


أتفق معاك أن فصل الدين عن الدولة خطوة ضرورية بمعنى علمنة السلطة الزمنية لكن هذا ليس ضامنا لكيفية توجهات السلطة العرقية والتاريخية وفي كيفية تصريفها شئون الدولة.. لبنان علمانية ومصر إلى حد كبير والمغرب "المملكة" والمانيا أيام هتلر علمانية (العرق الآري) وروسيا الشوعية علمانية والصين وطبعاً أمريكا وفرنسا وإسرائيل (دي مجرد أمثلة صغيرة).

أو هو تصوري طبعاً.. ونسمع رأيك لما تلقى الوقت.. كن بخير

Post: #11
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-28-2018, 09:02 PM
Parent: #10


أقول بهذا الجزم:
Quote: ذلك المعنى الأصيل والواضح في أسه تمدد إلى المجتمع المدني في الدرجة الثانية اي لاحقاً.. وهي إن لم تطبق في الدرجة الأولى "الدولة" أظنه يستحيل تطبيقها في المجتمع بحكم المستحيل.. يعني ما ممكن الدولة تكون دينية والمجتمع علماني!.


لإعتقادي أنه لا توجد مسافة فعلية فاصلة بين الدولة والمجتمع!.

Post: #12
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 07-28-2018, 09:14 PM
Parent: #10



لبنان مثلا

وفق تصوري ان لبنان ليس علمانيا ولو كان المقياس هو المقياس القاصر بتاع فصل الدين عن الدولة ..

الدين محرك رئيسي للسياسة في لبنان وبالضرورة الدولة..

في الواقع لبنان نموذج او حالة صالحة جدا لما اقول به ..

فالعلمانية كموقف متكامل من طبيعة السياسة والعقل والدين لا تترك فراغات مخيقة في البنيان العلماني للدولة من قبيل تسرب المقولات الدينية او الوعي الديني للمؤسسات الوطنية, بل وتقسمها كما (المرارة) ..

في الواقع هذا ما اخشاه من تخفيف مفهوم العلمانية ..
وبلغة اخرى لا ارى اكتمالا لمشروع دولة المواطنة الا باكتمال مفاهيمي للعلمانية الشاملة واضيف بان كل مسوغاتك التي سقتها هنا ما هي الا موقف علماني ذا طبيعة عقلية وسياسية متجاوزة المفهوم الجنيني للعلمانية .. واعني التحرر من سطوة التصورات الدينية والاجتماعية الفاسدة على الدولة


لي باكر يا محمد

Post: #13
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-29-2018, 00:49 AM
Parent: #12

هاشم الحسين.. تحيات

Quote: مما جعلني أتساءل آملا: هل تواصلت هذه التفاكير، أم بعدها لم تتصل،
إلى أي توصيف دستوري وقانوني وإداري بعينه، لتتهيكل به مثل هذه الإرادة
الراغبة في تجاوز الهويات ـ على تعددها ـ ونحو الدولة الحلم؟
وكذا؛ كيف بمكن لمثل هذه الدولة أن تدير وتسيطر على احتمالات ورادة ـ في أي مستقبل منظور ـ لأن
تستغل وتستخدم أي من هذه الهويّات في السيطرة على الدولة؟


ما شفت مداخلتك المهمة دي إلا هسا وإلا حاولت معها أولا.. الوقت الآن متأخر عندي.. إذن ربما غداً.. صباحك خير ونور

Post: #14
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد جمال الدين
Date: 07-30-2018, 06:54 PM
Parent: #13

أهلا محمد المشرف

Quote:
لبنان مثلا

وفق تصوري ان لبنان ليس علمانيا ولو كان المقياس هو المقياس القاصر بتاع فصل الدين عن الدولة ..

الدين محرك رئيسي للسياسة في لبنان وبالضرورة الدولة..

في الواقع لبنان نموذج او حالة صالحة جدا لما اقول به ..

فالعلمانية كموقف متكامل من طبيعة السياسة والعقل والدين لا تترك فراغات مخيقة في البنيان العلماني للدولة من قبيل تسرب المقولات الدينية او الوعي الديني للمؤسسات الوطنية, بل وتقسمها كما (المرارة) ..

في الواقع هذا ما اخشاه من تخفيف مفهوم العلمانية ..
وبلغة اخرى لا ارى اكتمالا لمشروع دولة المواطنة الا باكتمال مفاهيمي للعلمانية الشاملة واضيف بان كل مسوغاتك التي سقتها هنا ما هي الا موقف علماني ذا طبيعة عقلية وسياسية متجاوزة المفهوم الجنيني للعلمانية .. واعني التحرر من سطوة التصورات الدينية والاجتماعية الفاسدة على الدولة


لي باكر يا محمد


لبنان لا تعمل اي نظام ديني كمحدد للقانون بل القانون علماني (ما عدا جدل الأحوال الشخصية والزواج المدني) لكن ما يحدث في لبنان محاصصة بين الأعراق والطوائف (الكوتة في البرلمان والسلطة التنفيذية). يعني دولة هوية لهذا فهي غير مستقرة.. برغم أن ما عندهم مشكلة دين على مستوى القانون لكن الهويات الدينية والعرقية ممثلة وفق خطة مسبقة مفصلة في الدستور.. فمثلاً الرئيس الماروني لا يطبق المارونية في مستوى الدولة زفق دستور 1926 وإنما هو ماروني جاء وفق الدستور ليكون رئيس لبنان وفق الحصص المتفق عليها في الدستور (عدل وفق إتفاقية الطائف سنة 1989).. ذلك مثال لدولة الهوية التي تستطيع أن تكون مدنية وعلمانية وعرقية وطائفية (الطائفة تقوم على الوراثة فهي تكتل يقوم بدوره على اساس العشيرة ولو منشأها ديني) تمثيل الطوائف في لبنان لا يعني فرض رؤاها الدينية على الدولة.. إنها فقط محاصصة طائفية وعرقية وفق الدستور.

أما كلامك حول شمول العلمانية للمجتمع أيضاً فهذا خيار الناس لان الأفراد في كمال الدولة العلمانية من حقهم أن يكونو دينيين وسلفيين عديل ومنقبين أو وفق القانون.. لذا أقول أن العلمانية على مستوى الدولة حتمية للإستقرار السياسي والإقتصادي ذلك معطوفاً على الحفاظ على حرية وكرامة الإنسان. غير أننا قلنا أن العلمانية وحدها ليست كافية في حالتنا كون مجتمعنا مركب بطريقة مختلفة عن أروبا الغربية حينما اخذت بالعلمانية وحدها حلاً لأزمة الدين والسياسة.. إذ مجتمعنا ينبني بطريقة مختلفة عن أوروبا الغربية .. يقوم على بنيات الغيب كالطرق الصوفية والبنيات العرقية (القبائل والعشائر) والبنيات المدنية الحديثة "ضعيفة" كما هو الواقع.. ولذلك أرى أنه لا بد أن يتم مراعاة ذلك في التأسيس السياسي للبلاد وإلا أي ديمقراطية لن تستقر وستبقى أزمة السلطة قائمة إلى أمد غير معلوم.


Post: #15
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-01-2018, 02:30 AM
Parent: #14

لنفكر معا!

Post: #16
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-01-2018, 06:23 AM
Parent: #15



نتجاوز اختلاف الرؤية حول شمول وقصور العلمانية ونثبته

هذه ملاحظة مهولة يا محمد .. وهي امام اعيننا طوال الواقت ولم نراها

Quote: رحنا كيف أن الحرب الباردة شكلت خيال العالم وشكلت الثورات الحالية بتاعة الربيع العربي فكل الدول التي حصل فيها الربيع وتفككت تسليحها روسي لو نلاحظ (الخط العروبي الإشتراكي).. وسأوضح علاقة هذا بسؤال الهوية وعلاقته بما فعلته الليبرالية في تفتيت الكلية الاشتراكية القائمة على الإنسانية وَيَا عمال العالم اتحدوا كشعار كلي جماعي وشمولي (هنا لسنا مع أو ضد الإشتراكية دا مجرد توضيح).


هاشم ده زول مهول برضو ..
مافي زول بقعدني اقراهو كما هاشم

Post: #17
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: عبدالحفيظ ابوسن
Date: 08-01-2018, 07:39 AM
Parent: #16

متابع كتلميذ نجيب

Post: #18
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-01-2018, 06:38 PM
Parent: #17

عبد الحفيظ أو سن
Quote: متابع كتلميذ نجيب

التواضع النجيب. . كلنا في الفصل سوا على وزن: في الهوا سوا :).


Post: #19
Title: Re: الهوية والهامش والمركز!
Author: Sinnary
Date: 08-01-2018, 10:54 PM
Parent: #18

شكرا يا محمد. على هذه الكتابة المحفزة للنقاش وسعيد بعودتك انت وهاشم للمنبر ففي وجودكم قطع شك ترقية لوعينا. لدي استدراكات عديدة على ما قرأت ِ سأعود بها بعد أن أكمل قراءة. البوست.
للجميع الحب والسلام والتحية

Post: #20
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Ahmed Mahmoud
Date: 08-02-2018, 02:03 AM
Parent: #1

تحية أخ محمد جمال. لقد قرأت هذه الورقة من قبل فترة و أري فيها جوانب عديدة ايجابية وبالذات فيما يتعلق بدور بعض المثقفين و الذين يحاولون وضع حدود معينة للهوية وفق رؤية جبرية لا تليق بمضامين الهوية و تشكيلاتها..

Post: #21
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-03-2018, 03:00 AM
Parent: #1

أخي الكريم/ محمد جمال
سعيد أنا بوجودك في البورد وفتحك هذه النوافذ المتعددة للحوار. حقيقة لم أقرأ ما أشرت إليه من حلقات سبقت هذه الورقة وحتماً سأفعل. وأسمح لي بتوسيع النقاش حول هذه الورقة التي تنتقد فيها ما سميته بالمركزية الهويوية، داعياً لدولة اللاهوية، وهي دعوى مع طابعها التجريدي إلا أنها غاية نبيلة، وهي في الحقيقة أشبه عندى بدعاوى نهاية التاريخ، تلك الدعاوي التي لم تصيب أياً منها، بسبب أن نهاية التاريخ تعني نهاية الإنسان، أو بمعنىً ثانٍ نهاية التاريخ الإنساني وبداية التاريخ الطبيعي حيث يتحول الإنسان إلى ظاهرة طبيعية. تدعو في ورقتك يا محمد إلى دولة اللاهوية على أنها الدولة اللاتاريخية (التي يكتمل عندها التاريخ) فتختفى فيها الأواليات التاريخية والعرقية والدينية، لأنها فشلت جميعها، ولهذا وصفت أنا دولة اللاهوية بالتجريدية أو النظرية لأنها تأتي عبر القفز بالزانة من واقع فشل نقيضها أو ما قبلها، وأكيد نحن متشوقون للتعرفعلى ميكانزم هذه القفزة أو هذا التطور. عندما طرح هيجل من قبل تصوره للدولة البروسية بحسبانها نهاية التاريخ رسم جدل تطور الروح المطلق متتبعاً مروره من الإمبراطوريات القديمة السومرية والصينية للفارسية ثم الإغريقية فالرومانية حتى تكتمل العقلانية (الروح المطلق في الدولة البروسية) في حالة من العلمنة المسيحبة التي تحول الإنسان من إنتسابه الروسي إلى الطبيعة إلى إنتساب للتاريخ ورغم وضوح مساره في الوصول لدولة لا هويات إلا إنها فشلت في كونها نهاية التطور السياسي الإنساني. ومن بعده نظر ماركس لنفس الحالة ثم أتى فوكوياما بعد ليمط المحطات الجدلية الهيجلية عبر ثلاثية جديدة تنتهي بإنتصار الليبرالية في نسختها الحالية كنهاية للتاريخ السياسي الإنساني وحتماً ستلقى المصير نفسه. لكن التنظير لدولة نهاية التاريخ السياسي في بلد زي السودان لا زالت الغالبية من سكانه ترتبط ببنى تقليدية أبوية عرقية رعوية تتركز في كل أريافه وهوامشه مع بنية حداثية شائهة ومستتبعة تعيش تناقضات وصراعات بين أنماطها وتجلياتها الإجتماعية والسياسية (القوى الإجتماعية والسياسية الحديثة والتقليدية داخل المدن بتنظيماتها و منابر العمل العام المتعددة التي تنشط حولها) ما أود أن اقوله هنا هو أن التجارب الغربية التي جردت العرق والدين من سلطانهما أنجزت ذلك ضمن مسارات تاريخية مشهودة، ربما ناقشناها بتفصيل أوسع لاحقاً، لكن يمكننا أن نقول بإختصار إنها انتهت من الدولة الدينية إلى الدولة العلمانية عبر إنتصارات حركة العلوم التي حولت الطبيعة وبالبرهان المخسومة لحيز رياضي لا نهائي تحكمه القوانين ( ديكارت وجاليليو) موجهة ضربة قاضية للفرضية الدينية التي كانت تصور الكون كحيز متناهي حدوده السموات والأرض وتحكمه الإرادة الإلهية (ما العواصف والزلازل والبراكين إلا إشارات على غضب الله الذي يسير أمر الطبيعة) وهكذا بدأت تلك الشعوب تدريجياً تتشكك في أمر حكم الله في أمور الطبيعة، وتنصت لصوت الحركة العلمية والتي انتهت هكذا تدريجياً إلى العلمانية، إنطلاقاً من فتوحات كوبرنيكوس ونيوتن حتى فيزياء ماكس بلانك ونيل بور الذين أدت كشوفاتهم إلى تأسيس عالم مركزه الإنسان وليس الآلهة، تتناغم هذه الطفرات العلمية مع ظهور الذات العاقلة في الكوجيتو (أنا أفكر إذن أنا موجود) محولة الإنسان من تابع وأداة تحت رحمة الطبيعة إلى سيد لها وللكون: هكذا أصبحت هذه الشعوب جاهزة لتنصت لميكاقيللي وهوبز وروسو ولوك وستيورت مل وكانط وكونت وفرويد وولامارك ودارون وماكس فيبر ثم ماركس ودوركهايم ودارون، فيؤسس كانط لدولة القانون وحقوق الإنسان مشترطاً لها توفر الشعب الناضج فكرياً لإستيعابها وتسييرها، ثم يتفكر لوك في الطبيعة البشرية فينظّر للعقد الإجتماعي على قاعدة الطبيعة البشرية التي تفترض في إنسانها العقلانية فالحرية، ثم تنطلق شعارات الثورات لا سيما قي فرنسا، داعية لعزل الدين عن الدولة، وإن إنتكست ألمانيا وتأخرت في بلوغ حداثتها بعد الدرس القاسي التي تلقنته. هذه الحركة التاريخية قامت بشكل أساسي على تطور متواصل وقوي لنمط الإنتاج الرأسمالي ليدك حصون البنى الإجتماعية التقليدية والفيودالية ولتتم هذه التحولات بشكل متراتب وسلس من العمق والسطح معاً، فأين هي مساراتنا نخو دولة اللاهوية والخالية من مقاومة القوى ذات المصالح العرقية ية والطبقية
استدراكي الثاني والمهم جداً يمكنني إختزاله أو إختصاره في عبارة صغيرة تقول ‘بأنك لا تستطيع دخول الجامعة إذا لم تخلص دراسة المرحلة الإبتدائية‘ وهذا للأسف ما فعلته تجربة الليبرالية الإمريكية الراهنة والتي في رحلتها المستمرة نحو التجويد، فقد وصلت لما تسميه اليوم بالليبرالية المحايدة لونياً، أي التي تتساوى فيها الأعراق جميعاً فللأبيض مثل حق الأسود مثل حق الملوّن، ضمن تصور تتجاوز به تاريخ الفصل والممارسات العنصرية. لكن كيف للسياسة العامة أن تتعامى عن حقائق الأنتولوجيا الإجتماعية. هذه الأنتولوجيا تقول بأنك مالم تحل مشكلات الحالة الإجتماعية السابقة لا يمكن أن تنتقل لطور أعلى. انت في مجتمع تتغلغل فيه العنصرية وبشكل مؤسس في كل تفاصيل النشاط الإنساني. مجتمع ينقسم لأعراق ذات حظوة، وأعراق مستبعدة وبشكل جماعي من كل حظوة ، وفرص نجاحها جد ضعيفة في كل موقع يتنافس فيه أعضاء المجموعتان. لذا عندما يمر الواحد منا بالمرافق الحكومية والخاصة في الفجر الباكر يرى العمال والعاملات السود وحدهم هنالك حيث وظائفهم هي عمال نظافة في كل المرافق لتهيئتها لأصحاب الحظوة ذووا الياقات البيضاء. هذه هي المواقع التي تخصص لهم في دولة الحياد والمساواة ويمكنك أيضاً أن تشهدهم في الميديا تحت قبضة البوليس في جرائم السرقات الخفيفة وبيع المخدرات وحوادث العنف في الشوارع فغالب وهنا تتعامل معهم الدولة المحايدة لونياً كأفراد مارقين على حدود القانون ويجب أن ينالوا عواقب فعلهم لأنها دولة العدالة والمساواة حيث تتساوى فيها الأعراق والالوان أمام القانون، بينما لو نسينا لبرهة الحياد اللوني وأخذنا الأعراق والهويات في الإعتبار لإنتبهنا لأس المشكلة والتي الجاني فيها هو دولة الحياد هذه وليس الأفراد المقبوض عليهم. الدولة التي فشلت في حل مشاكل إستبعاد هؤلاء الأفراد ولو فعلت لما عرفت هذه الشبيبة دروب الفشل. الفشل الذي ولدوا فوجدوه مسجلاً في شهادات ميلادهم، ذلك الميلاد الذي لم يختاروا ظروفه ولا تفاصيله. كيف نفكر في الإنتقال إلى طور دولة الليبرالية محايدة الألوان أو دولة اللاهويات ونحن لم ننجز رصف الطريق المؤدي لها، لم ننجز التمييزات الإيجابية والترتيبات الإقتصادية التي تمكننا منخلق و إدراك حالة من المساواة تنطلق بعدها كل الفئات الإجتماعية والأعراق من منصات متساوية للتنافس على سبل الحياة الكريمة. في دولة الحياد اللوني أو حياد الهويات وإنطلاقاً من الحالة الراهنة، اي بدون معالجة خلل الحالة السابقة لطور دولة اللاهويات فأن كل ما سنفعله هو تهيئة القانون لإستعماله لمزيد من الإخضاع لأعضاء هذه المحموعات للقبول بالظلم وإعادة إنتاج دونيتهم. إن التعبير العميق للبروفيسور الراحل دريك ‘بأن العنصرية في كل المجتمعات حالة غائرة عميقاً قي اللاشعور ولا يمكن أن يتغير ذلك السيكولوجي وتلكم الثقافة لكن وجب النضال ضده من الحياة وإلى الممات‘ تعبير يوصف حقيقة أحوالنا الراهنةو لن تعالج ذلك لا ليبرالية حياد لوني ولا دولة لا هويات. أنا وكوني شمالي يا محمد جمال كنت وحتى بعد ان تخرجت من الجامعة وأنجزت بعض الدراسات العليا أنفي عن نفسي تماماً انني عنصري ولا أرى أن هنالك مشكلة عنصرية حقيقية بالسودان أنتجتها مؤسسات وممارسات من العنف الهيكلي والقهر المتواصل حتى صارت أم المشاكل. ولتأكيد ما أوردته في الورقة أقول لك لو سألت ألف رجل في الجزيرة أو الشمالية هل هنالك مشكلة عنصرية حقيقية في السودان ؟ وهل تعتبر نفسك عنصري ؟ لأجابوك بنسبة أقرب للمائة في المائة لا لا توجد وأنا لست بعنصري وربما ذكر لك أحدهم من الدلائل كيف أن صديقه الشخصي من الفور أو الهوسا أنه يرى أنهم أحسن ناس، وهذا ليس لأن الإنسان النيلي سيئ فقد يكون شهماً كريماً وصادقاً لكنه لا يعيش الإستبعاد ولا الإستصغار. النيلي لا يعرف الكثير عن معاناة من تقع عليه ممارسة العنصرية لأنه لا يحتاج أن يعرف، وإلا ماذا سيخسر من عدم معرفته؟ كم شمالي مثلاً عاش في الكمبو أو معسكرات اللجوء؟ لكن لو سألت شخص من الأنقسنا أو الزغاوة عن هل هنالك عنصرية في السودان وهل تعرضت انت شخصياً لمواقف عنصرية لكانت الإجابة بالإجماع نعم وبإستمرار أتعرض للإستصغار والدونية. هنالك مثل إنجليزي يقول بإنك لن تحس بألمي حتى تلبس حذائي. لذا عندما يحدثنا أبكر أدم اسماعيل أو دينق عن العنصرية يجب أن ننصت لهم ونشكرهم لأنهم يفتحون أفق وعينا وخيالنا لما لم نكن ندركه، وهذه ليست دعوة لموافقتهم في كل ما يقولون أو عدم نقدهم . لكن في نفس الوقت يجب أن نفهم يا محمد حقيقة ومعنى أننا أهل حظوة ولو بإستخدام المنطق الصوري ، بمعنى إن كان هنالك من أستصغر فهنالك من استعلي، من هو تحتك إجتماعياً أو إقتصادياً فانت فوقه وهذه هي الحظوة عينها لأن الإستصغار يقع على الإنسان من الإنسان درى أو لم يدري لأن معظم هذه المواقف مصدرها اللاشعور. إن خل مشاكلنا يا محمد جمال لا يمكن أن يتخطى إزالة كافة أشكال ومؤسسات ونتائج العنصرية كأولوية يجب أن تسبق تأسيس دولة اللاهوية أو أي دولة أخرى، فالعنصرية هي مؤسسة كلنا مشاركين فيها و بأشكال لانلتفت لها و لا يمكن تصورها ، تتملى في نظام القوى غير المتكافئة، الحياة غير المتكافئة، الحقوق غير المتكافئة. هنالك في السودان مجموعات تيسرت لأفرادها وحتى الفقراء منهم ظروف محفزة للتعليم والتطور مقابل مجموعات أخرى توضع أمامها العقبات ويسمع أفرادها على الدوام ما يحبط طموحهم في تحقيق درجة من المواطنة الحقيقية في وطنهم وأختم قولي بقوله medicine runs in families أو كما قال.

Post: #22
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-03-2018, 05:22 AM
Parent: #21

تحيات طيبات للكرام محمد جمال الدين والمشرف وبأحمد محمود وأبو سن، وأخيرا بسناري الطوّل غاب ورجع جاب..
يا مشرف أخجلتني بتقريظك الكريم جدا، وشرفتي بصبرك عليّ وعلى قليل حيلتي قبل أن أشرف بتوصيفك الكريم.
وأيضا، فقد حملتني مسؤولية وعبئا جسيما أن يقرأ أمثالك، ممن نقرأ لهم من كل بد، ما يكتب أمثالي رهن الانقطاع..
أقول ليك شنو عاد؟ جزاك الله خيرا يا شيخنا، ويجوز لك التثنية والتثليث والتربيع وكذا التحلل:)!🤭

قرأت من قول محمد جمال عن تساؤلات المشرف عن العلمانية، الآتي:
Quote: غير أننا قلنا أن العلمانية وحدها ليست كافية في حالتنا كون مجتمعنا مركب بطريقة مختلفة عن أروبا الغربية حينما اخذت بالعلمانية وحدها حلاً لأزمة الدين والسياسة.. إذ مجتمعنا ينبني بطريقة مختلفة عن أوروبا الغربية .. يقوم على بنيات الغيب كالطرق الصوفية والبنيات العرقية (القبائل والعشائر) والبنيات المدنية الحديثة "ضعيفة" كما هو الواقع.. ولذلك أرى أنه لا بد أن يتم مراعاة ذلك في التأسيس السياسي للبلاد وإلا أي ديمقراطية لن تستقر وستبقى أزمة السلطة قائمة إلى أمد غير معلوم.
ولكن، ربما، تساوقا مع مداخلة سناري الأخيرة، فالذي لفت نظري من المقتبس هو قول م. جمال بـ(ضرورة مراعاة بنيات المجتمع قبْلِيَّة الوجود) ـ وكل أمثلته وغيرها، مما يندرج أو يتواشج بمفهوم وتشكيل الهوية ـ وهو القول الذي بدا لي معه، وكأن الدرب السوداني إلى (دولة اللاهوية) هكذا على إطلاقها، ليس ولن يكون أقل صعوبة ووعثاء من الدرب نحو دولة دولة "العلمانية الجزئية" ناهيك عن دولة "العلمانية الشاملة"، لو استخدمنا اصطلاحي الدكتور عبدالوهاب المسيري!

ولكنه أراحني قليلا ما وجدت في مقولة (تساؤل) سناري المقتبسة تاليا،
Quote: كيف نفكر في الإنتقال إلى طور دولة الليبرالية محايدة الألوان أو دولة اللاهويات ونحن لم ننجز رصف الطريق المؤدي لها، لم ننجز التمييزات الإيجابية والترتيبات الإقتصادية التي تمكننا من خلق و إدراك حالة من المساواة تنطلق بعدها كل الفئات الإجتماعية والأعراق من منصات متساوية للتنافس على سبل الحياة الكريمة في دولة الحياد اللوني أو حياد الهويات وإنطلاقاً من الحالة الراهنة. اي بدون معالجة خلل الحالة السابقة لطور دولة اللاهويات، فأن كل ما سنفعله هو تهيئة القانون لإستعماله لمزيد من الإخضاع لأعضاء هذه المجموعات للقبول بالظلم وإعادة إنتاج دونيتهم.
ما قد يتصل حميما بسؤاليّ أعلاه ـ بانتظار عودة محمد جمال ـ جريا على نفس المنوال السناري، ويمكن أن يؤخذا بالتعليق في نفس المداولة..
وها هما سؤاليّ أدناه، وأرجو أن يكونا عمليين وأن تسهم الإجابة عليهما، أيان وسيان تأتي، في تجسيد الحلم بالدولة المنشودة:-
*هل توصلنا بعد إلى أي توصيف دستوري وقانوني وإداري بعينه، لتتهيكل به مثل هذه الإرادة الراغبة في تجاوز الهويات ـ على تعددها الواقعي ـ ونحو الدولة الحلم؟
*وكذا؛ كيف بمكن لمثل هذه الدولة أن تدير وتسيطر على احتمالات ورادة ـ في أي مستقبل منظور ـ لأن تستغل وتستخدم أي من هذه الهويّات في السيطرة على الدولة؟

فهاكها يا عزيزنا محمد جمال، كل عصافير الحوار بمرمى حجر واحد..

Post: #23
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-03-2018, 07:36 AM
Parent: #1


قرأت باهتمام مداخلتي سناري وهاشم.


عندما ننظر في مقولات ابكر آدم اسماعيل ومحمد جلال هاشم والباقر ..فنحن بذلك لا ننفي الاشكاليات التي تم طرحها وانما نناقش طريقة التفكير فيها ومن ثم مآلات هذا التفكير (مخرجاته)

وعندما نطرح البديل الموضوعي (من وجهة نظرنا بالتأكيد) فانما نطرحه قائما على ذات الخلفية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية

دولة اللاهوية وكل الاطر النظرية للدولة لا تعمل وفقا لنظرية (المفتاح والقفل) .. وبحيث يكون المفتاح هنا هو الاطار النظري الذي يجب سمكرته جيدا ليدور بسهولة في قفل (الدولة) لينفتح بسهولة وانتهى الموضوع

العلاقة الجدلية بين النظرية والتطبيق تعتمد كثيرا على فعالية وحيوية النظرية .. تلك الحيوية المفقودة مثلا في الثورة البلشفية والكلام يطول هنا ولكن ما نقوله ان القدرة على التطبيق خصيصة كامنة في الفكرة وقادرة على الحراك والانفتاح, وقادرة على استيعاب كل التناقضات وهضمها والتعامل معها بدون الخروج من الاطار النظري ..

خذ مفهوم العنصرية في المجتمع السوداني ..
ولن اتوقف عند نقاش طبيعة هذه العنصرية داخل وخارج وجودها ومسافتها من السلطة في السودان .. نعم فهناك عنصرية ضارية جدا تقف بعيدا عن السلطة ولا ينقصها سوى الاقتراب من السلطة او الاستحواذ عليها لتفعيل فعلها السلطوي في المجتمع


بعيدا عن ذلك ..
اعتقد أن الاطار النظري لمفهوم دولة اللا هوية (مقابل دولة الهوية الافريقانية والعروبية) قادر تماما ويتمتع بحيوية فائقة في التعامل مع العنصرية (الموجودة جوانا كلنا) .. على الاقل يمنع عنها وقود السلطة ويتيح للثقافات المختلفة الصراع داخل اطار كونها صراعات ثقافية تتناضح في مواعين مجتمعية خالصة بعيدا عن السلطة.


Post: #24
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-03-2018, 07:58 AM
Parent: #1

Quote: *هل توصلنا بعد إلى أي توصيف دستوري وقانوني وإداري بعينه، لتتهيكل به مثل هذه الإرادة الراغبة في تجاوز الهويات ـ على تعددها الواقعي ـ ونحو الدولة الحلم؟

*وكذا؛ كيف بمكن لمثل هذه الدولة أن تدير وتسيطر على احتمالات ورادة ـ في أي مستقبل منظور ـ لأن تستغل وتستخدم أي من هذه الهويّات في السيطرة على الدولة؟


لذلك يا هاشم كنت حريصا على مفهوم العلمانية وقدرتو على الأخذ بزمام الدولة السودانية

لو نظرنا للبناء الدستوري والقانوني للدولة الحالية.. فاننا بالتاكيد توصيفا لدولة اللاهوية اذا ما استبعدنا (البهار الديني) .. بمعنى آخر يا هاشم لن نجد نصوص ااو قوانين تحدد هوية الدولة

ده نموذج لي كلامي ..
دستور 2005 الاانتقالي ..
الفصل الاول


دستور جمهورية السودان الانتقالى لسنة 2005
الباب الأول
الدولة والدستور والمبادئ الموجهة
الفصل الأول
الدولة والدستور
طبيعة الدولة
1ـ (1) جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة، وهى دولة ديمقراطية لا مركزية تتعدد فيها الثقافات واللغات وتتعايش فيها العناصر والأعراق والأديان.
(2) تلتزم الدولة باحترام وترقية الكرامة الإنسانية، وتُؤسس على العدالة والمساواة والارتقاء بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتتيح التعددية الحزبية.
(3) السودان وطن واحد جامع تكون فيه الأديان والثقافات مصدر قوة وتوافق وإلهام.
السيادة
2ـ السيادة للشعب وتُمارسها الدولة طبقاً لنصوص هذا الدستور والقانون دون إخلال بذاتية جنوب السودان والولايات.
حاكمية الدستور القومي الانتقالي
3ـ الدستور القومي الانتقالي هو القانون الأعلى للبلاد، ويتوافق معه الدستور الانتقالي لجنوب السودان ودساتير الولايات وجميع القوانين.
المبادئ الأساسية للدستور
4ـ يُؤسس هذا الدستور على المبادئ التالية ويسترشد بها:ـ
(أ ) تُؤسس وحدة السودان على الإرادة الحُرة لشعبه وسيادة حكم القانون والحكم الديمقراطي اللامركزي والمساءلة والمساواة والاحترام والعدالة،
(ب) الأديان والمعتقدات والتقاليد والأعراف هي مصدر القوة المعنوية والإلهام للشعب السوداني،
(ج) التنوع الثقافي والاجتماعي للشعب السوداني هو أساس التماسك القومي، ولا يجوز استغلاله لإحداث الفرقة،
(د ) تُستمد سلطة الحكم وصلاحياته من سيادة الشعب وإرادته التي تُمارس عن طريق الاستفتاء والانتخابات الحُرة المباشرة والدورية التي تُجرى في اقتراع سري عام لمن بلغ السن التي يحددها القانون.
مصادر التشريع
5ـ (1) تكون الشـريعة الإسلامية والإجماع مصدراً للتشـريعات التي تُسن على المستوي القومي وتُطبق على ولايات شمال السودان.
(2) يكون التوافق الشعبي وقيم وأعراف الشعب السوداني وتقاليده ومعتقداته الدينية التي تأخذ في الاعتبار التنوع في السودان، مصدراً للتشريعات التي تُسن على المستوي القومي، وتُطبق على جنوب السودان أو ولاياته.
(3) في حالة وجود تشريع قومي معمول به حالياً, أو قد يُسن، ويكون مصدره دينياً أو عُرفياً، يجوز للولاية، وفقاً للمادة 26(1) (أ) في حالة جنوب السودان، التي لا يعتنق غالب سكانها ذلك الدين أو لا يمارسون ذلك العرف أن:ـ
( أ ) تسن تشريعاً يسمح بممارسات أو ينشئ مؤسسات في تلك الولاية تلائم دين سكان الولاية وأعرافهم، أو
(ب) تحيل التشريع إلي مجلس الولايات لإجازته بوساطة ثُلثي جميع الممثلين في ذلك المجلس أو يبتدر إجراءات لسن تشريع قومي تنشأ بموجبه المؤسسات البديلة الملائمة.
الحقوق الدينية
6ـ تحترم الدولة الحقوق الدينية التالية:ـ
(أ ) العبادة والتجمع وفقاً لشعائر أي دين أو معتقد، وإنشاء أماكن لتلك الأغراض والمحافظة عليها،
(ب) إنشاء وصون المؤسسات الخيرية والإنسانية المناسبة،
(ج) تملك وحيازة الأموال الثابتة والمنقولة وصنع وحيازة واستعمال الأدوات والمواد اللازمة المتعلقة بطقوس أو عادات أي دين أو معتقد،
(د ) كتابة وإصدار وتوزيع المطبوعات الدينية،
(هـ) تدريس الدين أو المعتقد في الأماكن المناسبة لهذه الأغراض،

(و) استقطاب واستلام المساهمات المالية الطوعية أو أي مساهمات أخري من الأفراد أو المؤسسات الخاصة أو العامة,
(ز) تدريب أو تعيين أو انتخاب أو استخلاف الزعماء الدينيين المناسبين حسبما تتطلبه مقتضيات ومعايير أي دين أو معتقد،
(ح) مراعاة العطلات والأعياد والمناسبات وفقاً للعقائد الدينية،
(ط) الاتصال بالأفراد والجماعات فيما يتعلق بأمور الدين والعقيدة على المستويين المحلي والعالمي.
المواطنة والجنسية
7ـ (1) تكون المواطنة أساس الحقوق المتساوية والواجبات لكل السودانيين.
(2) لكل مولود من أم أو أب سوداني حق لا ينتقص في التمتع بالجنسية والمواطنة السودانية.
(3) ينظم القانون المواطنة والتجنس، ولا يجوز نزع الجنسية عمن اكتسبها بالتجنس إلا بقانون.
(4) يجوز لأي سوداني أن يكتسب جنسية بلد آخر حسبما ينظمه القانون.
اللغة
8ـ (1) جميع الُلغات الأصلية السودانية لغُات قومية يجب احترامها وتطويرها وترقيتها.
(2) العربية هي اللغة القومية الأوسع انتشاراً في السودان.
(3) تكون العربية، باعتبارها لغُة رئيسية على الصعيد القومي، والإنجليزية، اللغتين الرسميتين لأعمال الحكومة القومية ولغتي التدريس في التعليم العالي.
(4) يجوز لأي هيئة تشريعية دون مستوى الحكم القومي أن تجعل من أي لغة قومية أخرى، لغة عمل رسمية في نطاقها وذلك إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية.
(5) لا يجوز التمييز ضد استعمال أي من اللغتين العربية أو الإنجليزية في أي مستوى من مستويات الحكم أو في أي مرحلة من مراحل التعليم.
الشعارات الوطنية
9ـ يحدد القانون العلم الوطني والشعار الوطني والنشيد الوطني والخاتم العام والأوسمة والأعياد والمناسبات الوطنية للدولة.



Post: #25
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kabar
Date: 08-04-2018, 07:50 AM
Parent: #24



صديقي الجميل..محمد جمال حامد..!
زغت ، أنا ، يا صاحب..وتلك الزوغة حتى نفتح المجال لصحاب واصدقاء الصدق والجمال والشفافية ..ليقرأوا مشروعك وفكرتك هنا..!..حتى لا يكون منلوج يا محمد جمال..حتى لا يكون منلوج يا صاحب فيه الذات تحدث ذاتها..!
التحية لصديقنا سناري ، صديقنا هاشم الحسن..والأسئلة دوما تقود لأسئلة اخرى..!
سناري وضع الأمور في نصابها (انت محظوظ يا محمد جمال حينما يناقشك ويسألك امثال حبيبنا سناري..!!)..
ذكرت لك من قبل ، لاتهمني فكرة استاذنا دكتور الباقر العفيف..ولكن تهمني اكثر فكرة محمد جلال هاشم وابكر ادم اسماعيل..واشرت من قبل لنتاج/ثمار افكار هاشم وابكر التي قادتنا لدستور نيفاشا 2005 (شكرا لمحمد حيدر المشرف الذي جاب النصوص بضبانتها لكي نتذكر..عسى ولعل..!!)
فكرة استاذنا الباقر العفيف ، عندي هي فكرة شو (نظام نلحق السوق وكده) بينما فكرة هاشم/ابكر هي اعمق كثيرا يا صديقي ..فلماذا الخلط والدغمسة..؟..
لماذا يا محمد جمال تربط بين هذى الأقوال المختلفة والمتفرقة؟؟؟
ولماذا ، وانت المعاصر لهم (جلال/ابكر) يأتي من يقرأهم بصدق اكثر منك ؟ (اشارة لمداخلة حبيبنا دكتور سناري)؟..
الخطأ المنهجي/ الفكري في قراءتك لمشروع مثل مشروع ابكر ادم..انك يا صاحب مثلك مثل اهل الصوالينية الأمدرمانية المركزية تقرأ الأشياء بتحيز غير برئ وتريد ان تفرض قراءتك على الناس باعتبارها القراءة الصحيحة..!!
فكرة (دولة المساومة التاريخية) يا محمد جمال ، مطلقا لم تكن دولة سيادة هوية افريقانية على هوية اسلاموعروبية..ابكر ادم اسماعيل لم يسعى قط لمبادلة مركزية الإسلاموعروبية بمركزية افريقية.. أي مركزية مضادة عنصرية ..وانما الرجل دعا لمساومة تاريخية ، نقطة يتفق فيها الفرقاء (عروبية ضد افريقانية ) الى نقطة تعادل ومساواة سواء ، يقدم فيها الجميع تنازلات من اجل اقامة دولة تحترم الجميع..!!.فهل هذا فهمك لفكرة ابكر ادم اسماعيل..؟؟؟
اقرأ يا صديقي محمد جمال ، ملحوظات حبيبينا سناري بصدق وشفافية..الفكرة يا محمد مش نفتخر بانو اصحابنا زغاوة ولا فور ولا فلاتو ولا شوايقة ولا جعليين ولا دناقلة ولا غيرهم..عشان ننفى عن ذاتنا شبهة العنصرية..!!
ابكر ادم اسماعيل ، عندو سفر صغير الحجم يا محمد جمال ، اسمو (الهوية والديموقراطية) فيهو افصاح اكتر من ما ذكره سناري في استدراكه العابر..!!
هو استدراك مهم للقراءة والتفسير..تفسير ظواهر المجتمع السوداني..!
للدنيا والزمان ، لعناية احبابنا دكتور ماجد سناري و صديقينا احمد محمود..عملت مع صاحبنا محمد جمال ..نظام دفعة وراي ، وحققنا بعض من ملامح مشروع ما..ولازلنا نحلم بانه مشروع يمكن ان يخرج امسودان من ورطاتها العديدة..!
المحنة يا سناري ، انو ناس كبر ممكن تغالط محمد جمال (مغالطة الذات لذاتها..!!)
وفي نفس الوقت مستعدة تجيب شواهد الواقع اليومي..زول في سنار ..وظيفتو مسئول في المؤتمر الوطني..افريقي يسب افريقي تاني ، ثم احداث الحمرا في ولاية القضارف ، فجأة ناس عاملة فيها عرب و بتنازع الهوسا ، وبكل طفاسة بتقول خلونا نطرد جراد غرب افريقيا..!!
هذا هو السودان يا محمد جمال الذي تدعو فيه لنهاية التاريخ ..الفكرة التى صاغها حبيبنا سناري ، بدقة عجيبة..!!
كبر


Post: #26
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-05-2018, 11:51 AM
Parent: #25

تحياتي،
شكرا با مشرف على إضافة الفصل الأول من دستور 2005 الانتقالي..
سيسَهِّل لهذا الحوار أن يتم عن وعلى بينة.. وإلى حين عودة..

اليوم وجدت هذا المقال للدكتور عبدالوهاب الأفندي غي بوست أضافه الأستاذ زهير في المنير واصله من صحيفة العربي الجديد
وهو بعنوان "أبعاد الخيانة في الظاهرة الطائفية" وفيه مقتبسات واستنتاحات عن دراسة للدكتور عزمي بشارة عن وبعنوان "الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة"..
أطنه مقالا مناسبا لمبحث البوست وسيلقي بضوء على قضاياه وعلى بعض تجليات وأشكال الهويات التي بمكن توقعها..
أرجو الا يمانع صاحب الخيط م. جمال في إضافتي لمقتبس طويل من المقال.. ولو رأيت رأيا في إضافتي يا محمد، قله، فالتعديل سهل..

ولمقاربة موضوعات البوست عن الهوية/العنصرية/دولة اللاهوية الخ، فما عليك إلا أن تستبدل كلمة طائفة/طائفية الواردة في المقتبس
بواحدة أخرى مثل؛ قبيلة قبلية/جهة جهوية/عنصر عنصرية/هوية هويات/عصبية عصبيات/الخ المناسب، أو حتى تتركها كما هي فهي أيضا تناسب..
وكذلك أن تستبدل كلمات كعرب عربي/عراق عراقي/سوريا سوري إلخ بسودان وسوداني..

Quote:
https://www.alaraby.co.uk/opinion/2018/8/3/%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81%D9%8A%D8%A9-1https://www.alaraby.co.uk/opinion/2018/8/3/%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%...%D9%81%D9%8A%D8%A9-1
"الطائفية تقوم على جملةٍ من الخيانات للإخوة في الوطن، وقبل ذلك وكله للطائفة نفسها"


دراسةٍ نشرها أخيرا المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بعنوان: "الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة"، لعلها من أهم ما نشر في هذا الموضوع في السنوات الأخيرة. ويفند المؤلف، الدكتور عزمي بشارة، المقولة السائدة من أن الطائفية هي استرجاع لظاهرة تاريخية سادت قرونا في أشكال مختلفة في المنطقة، لأن أهم ما يميّز الطائفية المستحدثة هو قيامها على أساس كيانٍ متخيّل عابرٍ للمسافات والأزمان. ولا علاقة مباشرة للطائفية بالطائفة التقليدية، المشكلة من مجموعة متعايشة جغرافياً، ومرتبطة بتجربة تاريخية وشعائرية مشتركة، فالطوائف بهذا المعنى موجودةٌ في معظم التاريخ البشري، ولا تمثل بالضرورة ظاهرةً طائفية، فقد كانت الطوائف في الماضي مثل الأسر والعشائر، كياناتٍ تضامنية طبيعية، تتشارك في العقائد والشعائر، لكنها كانت تتعايش وتختلط وتتزاوج، وتتبادل المنافع مع بقية الطوائف. أما في تجلياتها الحديثة، فإن الطائفية، باعتبارها التعصّب لهويةٍ مفترضةٍ متصارعةٍ مع هوياتٍ أخرى، هي التي تصنع الطائفة، وليس العكس. وفي إطار هذه الجماعة المتخيّلة، لا يعيش الفرد في الجماعة كما هو الحال في الطائفة التقليدية، "بل تعيش الجماعة فيه" وتسكنه.
ولعل من أهم خصائص الطائفية التي يلفت بشارة النظر إليها، الفراغ الأخلاقي الذي يمثل جوهر وجودها. ذلك أن الطائفة التقليدية (أكانت كيانياً دينياً، أم جماعة حرفية، أم تجمعاً سكنياً، إلخ) تتشكل حول فضائل وقيم تميّز أهل المذهب أو أهل الحرفة وتوحّدهم، وتكون أساس الانتماء وموضوعه. أما في الطائفيّة المركّبة حول هوية متخيّلة، فإن الانتماء لا يقوم على قيم مشتركة، بل يكون هو البديل عن القيم والفضائل. وهكذا يصبح تصنيف "معنا أو ضدنا" هو البديل عن تصنيف الخير والشرير، أو الحسن والقبيح. بل قد يستعاض بالتعصّب للطائفة عن التديّن نفسه، فلا يكون أداء الواجبات الدينية شرطاً ما دام الشخص متعصباً للطائفة، كهوية وانتماء يميّزه عن "الآخر" المصنّف عدواً. ومهما ارتكب من هو معنا من الكبائر، فلا تعتبر مآخذ عليه، بل ينصر ظالماً أو مظلوماً. وبالعكس، فإن فضائل الآخر لا تشفع له، ويجرم بسبب هويته. وبهذا، لا تهمل الأخلاق فقط، بل يكون نقيضها هو أساس التقييم. ويتبع هذا التمييز لصالح من هو معنا، والظلم ضد من هو "معهم"، ويصبح التحاسد والتباغض، والصراع على المصالح هو الأساس. ويتحوّل كل ما يخدم مصلحة الطائفة (بحسب هذا التعريف الهلامي المنفصل عند التديّن وعن الأخلاق) إلى خير، مهما كان شرّاً وخبثاً، بينما يكون كل ما يخدم الآخرين شرّاً محضاً، حتى لو كانت فيه مصلحة عامة.
وقد نتجت الطائفية في إطار الدولة الحديثة، وظهور المشاعر القومية، وتزامن ذلك مع التدخل الاستعماري، ما أدّى إلى فرزٍ جديدٍ اكتسبت فيه بعض الهويات صورة جديدة. وفي هذا المساق، اكتسبت بعض الصراعات، مثل الصراعات بين الفلاحين ومالكي الأراضي (كما في لبنان)، طابعاً طائفياً تحت تأثير قياداتٍ دينيةٍ وسياسية. كذلك فإن إسباغ القوى الاستعمارية "الحماية" على "أقلياتٍ" بعينها، أكسب هوياتٍ بعينها أهميةً جديدةً على حساب هوياتٍ أخرى. وأحدث هذا بدوره وعياً أكبر بهذه الهويات، وجعل أصحابها يعتدّون بها، بينما أثار هذا حفيظة آخرين، أصبحوا في الطرف الخاسر. وأدى هذا بدوره إلى صراعاتٍ، وحتى مذابح، بين الجيران وأهل الحي، وأوجد فرزاً جغرافياً لم يكن موجوداً، عزّز بدوره التمايز والاختلاف.
وفي إطار الدولة الحديثة بعد الاستقلال، ساهمت الصراعات حول السلطة في تجييش المشاعر الطائفية. وكانت المفارقة أن قادة سياسيين (في العراق وسورية مثلاً)، وصلوا إلى السلطة عبر أحزاب قومية علمانية، أعطتهم الفرصة تحديداً لأنها لم تستصحب الطائفية، وما كانوا بانتمائهم إلى "أقلياتٍ" ليصلوا إلى السلطة لولاها. ولكن ما أن تسنّم هؤلاء سدّة السلطة، حتى دخلوا في صراعاتٍ مع أقرانهم، فاستدعوا السند الطائفي والقبلي والعشائري، وحشدوا الأقرباء والمحاسيب في أهم مواقع السلطة، في مقابل إقصاء الآخرين. وهكذا كرّسوا التمييز والاستقطاب من أجل البقاء في السلطة. وقد أدّى هذا إلى التفاف أفراد "الطائفة" المعنية حولهم، لعدة أسباب، منها فخرهم بأنهم أصبحوا الآن الطبقة الحاكمة، و"السادة"، بعد أن كانوا في الهامش. وثانيها، أن النهج الإجرامي الذي اتبع لاستدامة السلطة ورّطهم في كبائر وجرائم ضد إخوانهم في الوطن، فأصبحوا يعيشون في رعبٍ دائمٍ من الانتقام إذا هم فقدوا السلطة. وقد ظلت القيادت تلعب على هذين الوترين، فتذكّرهم بما هم فيه من نعمٍ بسبب السلطة، وتخوّفهم بما ينتظرهم من مصير مظلم إذا زال النظام.

فإذا كانت المكاسب لا توزّع إلا على أساس الانتماء الطائفي، بغض النظر عن الفضائل والكفاءة والقدرة، فإنك لن تجد نصيباً ما لم تعلن ولاءك للطائفة، وتتقرّب من زعامتها ورموزها وبالقدر نفسه، فإنه إذا وقعت الواقعة وتعرّضت الطائفة للفتك، فإنه لن يشفع لك كونك رافضاً الطائفية ومتبرئاً منها. وقد شهدنا هذا في لبنان إبّان حروبها، وفي العراق فيما بعد، ثم سورية اليوم.
هذه بعض الاستنتاجات المهمة في الدراسة المذكورة، وهي حافلة بكثير غيرها. ولعلها تذكّرنا بأن الصهيونية المعاصرة هي أحد أبرز تجليات الطائفية بهذا المعنى، حيث حوّلت الهوية الدينية اليهودية إلى قبلية مستحدثة، علاقتها بالدين هامشية على أفضل تقدير، فقد كان معظم قادة الصهيونية المعاصرة من الملاحدة، وما زال التوتر بينهم وبين المتديّنين التقليديين حادّاً إلا أن الطائفية هي خيانةٌ بمعنى آخر، لقيامها على جملةٍ من الخيانات للإخوة في الوطن، وقبل ذلك وكله للطائفة نفسها، ففي الحالات السورية والعراقية التي أشير إليها، صعد القادة إلى السلطة تحت راية حزبٍ لا طائفي، كما وضحت الدراسة، استأمنهم على السلطة لثقته في وفائهم لشعارات الحزب وقيمه، لكنهم خانوا الحزب والأمة، ثم خانوا الوطن. وأخيراً خانوا الطائفة التي اصطنعوها بطانةً، فدجّنوها أولاً باستخدام القبضة الحديدية ضد كل منافس أو متقاعس داخل الطائفة، حتى لا يهدّد سلطة القائد الطائفي الأوحد. وعليه، أصبحت الطائفة رهينة بدورها، وأصبح الانتماء الطائفي مفروضاً وإجبارياً، ولم يعد ولاء للطائفة الأسيرة، بل للزّعيم الأوحد الذي أصبح هو الطائفة. إذن، الطائفية، في مبتدأها ومنتهاها، خيانة لكل القيم وكل الولاءات، بما فيها الولاء الطائفي المزعوم الذي يصبح سجناً. أما مستقبلها فلا يبدو مبشّراً، بعد أن حملت أوزار المستبد الغاشم، وكسبت لعنات الخلق أجمعين.
الحالة العربية بحق بحاجةٍ إلى تأمل عميق، يستخدم الأدوات العلمية، من دون تغييب الالتزام الأخلاقي تجاه الأمة، فبحسب مقولة شيلدون وولن، إن الهم بالشأن العام هو التزام طبيعي للمفكر والمنظّر السياسي، مثلما أن الهم بصحة المريض هو من أوجب واجبات الطبيب، ولا معنى في الحالين لعلمٍ لا يوجه لتلك المهمة الأساس.

وعندما تتطيّف المجتمعات، لا يصبح الانتماء الطائفي خياراً، بل هو مفروضٌ لا فكاك منه.


Post: #27
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-05-2018, 12:54 PM
Parent: #26

تمام هاشم.. عندك كامل الحرية في التصرف في هذا البوست.. لسا ما قريت الكلام لكن من مقدمتك لا بد أنه إضافة إلى الأمام.

شوية وارجع اقرأ ولو عندي شي جديد ح اضيفه. . تحيات شباب وشكرا لجهدكم وواصلو

Post: #28
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-06-2018, 01:10 PM
Parent: #27

هنا كما بقية البوستات التلاتة بالجوار 1- دولة اللا هوية 2- السودان200 و3- بوست الأوهام.. احسبها ذات جوهر واحد وهو الاعتقاد في أن حياتنا العامة في السودان غير مؤسسة على العلمي فقبل اي شيء اخر واجبنا أن نسعى لذلك وهناك مقترحات جاهزة بهذا الصدد وقابلة للتطوير والتكميل "مشروع السودان200"!.

Post: #29
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-08-2018, 05:38 PM
Parent: #28

لسا كمان ح نشتغل شوية على البوست دا .. كما مراجعة آراء المشاركين.. لهم التحية

Post: #30
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-08-2018, 09:50 PM
Parent: #1


دولة المساومة التأريخية عند ابكر آدم اسماعيل!!
حبذا لو وجدنا اضاءة اكثر يا كبر.
سابحث عن (الهوية والديمقراطية) .. او ذلك السفر الصغير والمهم

حقبتان تاريخيتان عند د. أبكر
حقبة التاسيس للخلافة الاموية (أو هيمنة الثقافة العربية على الدين الاسلامي) .. وحقبة هيمنة الثقافة العربية في (او على) السودان

كلتاهما افرزتا ذات التقسيم الطبقي وكالآتي

1- السادة (القرشيون والعرب عامة في الحقبة الاموية) و (القبائل العربية في السودان)
2- الموالي (المسلمون من غير العرب في االحقبة الاموية) و (القبائل النوبية في السودان)
3- العبيد

يشير ابكر آدم اسماعيل للطبقة الاخيرة بتعبير (السكان الاصليون) .. ولعل ذلك يكون لتاثر د. أبكر آدم بصراعات على شاكلة الصراع الذي دارت احداثه في امريكا الشمالية .. ربما؟!

ادوات الهيمنة عند ابكر هي ادوات ثقافية تكتسب فعالية اكبر بالبعد السلطوي فتعيد انتاج نفسها وتكتسب طغيانا ذاتيا. هذا الكلام مهم عند ابكر آدم اسماعيل اذ يكشف العلاقة بين السلطة والثقافة وبحيث لا يمكن الفصل بينهما, وبالتالي لا يمكن, وعلى سبيل المثال, وانت ابن الثقافة العربية ان تكون خصما على السلطة (لا تهم, مثلا, مرات اعتقالك وتعذيبك وربما قتلك وانت في خضم صراعك مع السلطة)

لكي تتحرر من حبال الشر هذه (والكلام من عندي) فيجب عليك محاربة الثقافة العربية ,, لا يوجد طريق آخر .. وحتى ذلك لن يكون شفيعا لك وانت ابن هذه الثقافة و (وين حنهرب من مصيرنا)

مثل هذه الادانات المتعسفة لا تفتح آفاقا (لدولة المساومة التأريخية) .. فجذر الصراع ثقافي, وهناك في حلبة الصراع ثقافة مهيمنة ومرتبطة الى حد كبير بالمقدس, بل هي عين وجوهر المقدس باعتبار ان الثقافة العربية هزمت الاسلام وبحيث لم يتبق من الاسلام شيء الا بعض العبادات والطقوس .. فكيف يتم التعامل مع هذه الثقافة في دولة مساومة تاريخية؟!!

ما اقوله ان النموذج .. كل النموذج خاطيء .. ساعود

Post: #31
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-08-2018, 11:47 PM
Parent: #30

الشكر لكل رواد البوست ومفترعه محمد جمال

ليس لي باع كبير او صغير في مثل بوستات بهذا التناول ولكن اثارتني

مداخلة سناري بان الشمالي -النيلي لايحس باوجاع الاخرين خارج حزام

الحظوة النيلية ، وظللت لفترة طويلة لا افهم هذه الحظوة ، ماطبيعتها ، ولماذا

لم احسها انا مثلا ابن الشمال النيلي وكمان امدرماني وذكر ومريخابي وكنت شيوعي

وشايقي واعتبر نفسي مثقف هههه وين الحظوة دي ؟ وانا احد غمار الناس في الشوارع

الكالحة وكالح مثلهم واعاني مثلهم ومحروم من كل المناصب والامتيازات الخ

هل يعقل ان هناك حظوة عظيمة تعيش في داخلي وانا غبيان عنها واعيش كل هذا

القلق ، ورونا هي مكانا وين ، مكانا وين ؟!

المهم ، نتفق ، تجاوزا اننا ابناء الشمال النيلي نعيش حظوة هكذا جميعا لفاية مانلقاها ....

اها نجي للحتة دي :

Quote: فهو يقول أن السلطة ليست مجرد مصالح إقتصادية وآنية ملموسة وإنما هي رمزية أيضا .. يعني أن الجماعة ذات الثقافة والهوية المسيطرة فإن الفرد منها البعيد أو المضاد للجماعة المسيطرة إفتراضاً أيضا سيستفيد من التعليم والتجربة الحياتية ما دام موجودا في محيط السلطة الملموسة وليس مثل الأخرين خارج هذا الإطار الثقافي والتاريخي والعرقي للجماعة الحاكمة.. هذا تصوري لفهم أبكر.. أو هذه دعواه وهذا الكلام صحيح جدا مية المية كما قلنا.


هل هذا كلام ابكر ادم اسماعيل الذي صادقناه بسبب قصيدة بائعة المريسة مهيرا

لا اظن ذلك !

الكلام دا ، فيهو ريحة ميشيل فوكو وبيير بورديو

وانا عاكف علي قراءتهم منذ فترة ، لغاية ماستوعب كلامهم دا بقدر اقول بغم !

https://journals.openedition.org/insaniyat/8643https://journals.openedition.org/insaniyat/8643

حاليا بس انا مع سناري انو الناس ديل استغرقوا وقت طويل في المفاكرة والانتاج الذهني

العاصف لمفكريهم وواضح كان في جمهور مثقف ومتابع ومتفاعل وبنهم وفيد باك شديد

في اطار حرية وديمقراطية لن يفرطوا فيها ابدا لانها علمتهم كيف يطورون عقولهم


ــــــــــــــ

غايتو مسالة سلطة الخطاب دي عايزة جكة طويلة جدا

Post: #32
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-09-2018, 08:20 AM
Parent: #1

لتحرير النقاش؛

لملمت هنا بعض من الأراء/الأقوال الهامة؛ من كلام صاحب الطرح م. جمال، ومن التي أضافها الأكارم المتداخلون.. وهي الأقوال التي أعتبرها مفتاحية، أو فقط ليتقدم الحوار عبرها.. وأعتقد أنه لا يجب أن يتم تجاوزها بغيرما نظر فيها يحررها من أي سوء فهم، ومما يحيطها من ظلال الكلام الآخر..

كتب م. جمال:
(ماذا نريد إذن أو ما المفترض؟!: نريد دولة العيش السلمي المشترك.. دولة العقد الاجتماعي دولة اللاهوية عرقية، واللاهوية عقائدية، واللاهوية تاريخية.. دولة تقف على مسافة واحدة من كل الهويات.. دولة المواطنة.. نريد دولة العيش السلمي المشترك..)
وفهمت أنا من ذلك؛ أن هذه (دولة اللا...) لا تدعو لتذويب الهويات/تجاهلها/قسرها/انكارها/إلخ.. بل هي دولة بهوية ابتدائية جامعة هي الهوية القانونية للدول الطبيعية.. ولكنها لا تتبنى أو تنحاز أو تقمع أي من الهويات المتعددة بداخلها، وتقف على مسافة واحدة من جميع تلك الهويات..
ومؤكدا لهذا الفهم، فلمرة أخرى كتب م. جمال:
(مجتمعنا ينبني بطريقة مختلفة عن أوروبا الغربية .. يقوم على بنيات الغيب كالطرق الصوفية والبنيات العرقية (القبائل والعشائر) والبنيات المدنية الحديثة "ضعيفة" كما هو الواقع.. ولذلك أرى أنه لا بد أن يتم مراعاة ذلك في التأسيس السياسي للبلاد وإلا أي ديمقراطية لن تستقر وستبقى أزمة السلطة قائمة إلى أمد غير معلوم.)
ويلاحظ أن كل أمثلته هي مما يتواشج قريبا بمفهوم وتشكل الهويات، فهي إذن وبالضرورة مما سيندرج مباشرة كاعتراف بهذا التعدد الهويوي.. وبالتالي فلا شيء سيعضد أي فهم عن أقواله إنها تسعى في إلغاء وإنكار وتذويب وإنكار الهويات.
وقريبا من فهمي لكلام م.جمال أعلاه، هو ما كتبه المشرف:

كتب المشرف:
(اعتقد أن الاطار النظري لمفهوم دولة اللا هوية (مقابل دولة الهوية الافريقانية والعروبية) قادر تماما ويتمتع بحيوية فائقة في التعامل مع العنصرية (الموجودة جوانا كلنا) .. على الاقل يمنع عنها وقود السلطة ويتيح للثقافات المختلفة الصراع داخل اطار كونها صراعات ثقافية تتناضح في مواعين مجتمعية خالصة بعيدا عن السلطة.)
وهو يتسق مع الأقوال السابقة عن معنى "اللاهوية".. ليست التي تتعالى على الهويات بالتذويب أو بالتجاوز أو الإنكار، بل التى تتعالى عليها بالاعتراف والإقرار ثم عدم الإنحياز إلا للهوية القانونية للدولة.
ولغاية الآن، فقد بدا وكأنما هنالك اتفاق على الفكرة والمفهوم، وعلى أن هذه الدولة (الحلم) هي دولة لتستوعب جميع هويات الواقع الاجتماعي فيها، ولتعمل على اتاحة الفرصة للجميع، وبأكبر قدر من المساواة والعدالة في توفير الفرص، ولتعبر كل هوية عن نفسها بقدر المتاح الدستوري المنصف والذي إنما هو المحك الحقيقي للفكرة، وبما يتسع ماعونه ويضيق..
هذا التوافق هو ما دفعني للتساؤلات التالية كخطوة نحو الوقائع، ظننتها ستذهب بنا أبعد، ولو قليلا، عن الأفكار التجريدية نحو تطبيقاتها الدستورية والقانونية والإدارية.. كتبت متسائلا..

كتب هاشم:
(هل توصلنا بعد إلى أي توصيف دستوري وقانوني وإداري بعينه، لتتهيكل به مثل هذه الإرادة الراغبة في تجاوز الهويات ـ على تعددها الواقعي ـ ونحو الدولة الحلم؟
وكذا؛ كيف يمكن لمثل هذه الدولة أن تدير وتسيطر على احتمالات ورادة ـ في أي مستقبل منظور ـ لأن تستغل وتستخدم أي من هذه الهويّات في السيطرة على الدولة؟)

ولكن، يبدو أن اتفاقنا أعلاه عن مفهوم (دولة اللاهوية) لم، وليس ضروريا بعد، يصبح اجماعا أو حتى قريبا من ذلك.. وهو ماسيتضح من قراءة ما كتبه سناري وكبر..

كتب سناري ملاحظاته مطولا، وأيده كبر، مطالبا بقراءة تلك الملحوظات بصدق وشفافية؛ كتب يستنكر، ما وصفه بالدعوة لنهاية التاريخ طي هذه الدعوة لدولة اللاهوية:
(لكن التنظير لدولة نهاية التاريخ السياسي في بلد زي السودان لا زالت الغالبية من سكانه ترتبط ببنى تقليدية أبوية عرقية رعوية تتركز في كل أريافه وهوامشه مع بنية حداثية شائهة ومستتبعة تعيش تناقضات وصراعات بين أنماطها وتجلياتها الإجتماعية والسياسية (القوى الإجتماعية والسياسية الحديثة والتقليدية داخل المدن بتنظيماتها و منابر العمل العام المتعددة التي تنشط حولها) ما أود أن اقوله هنا هو أن التجارب الغربية التي جردت العرق والدين من سلطانهما أنجزت ذلك ضمن مسارات تاريخية مشهودة، ربما ناقشناها بتفصيل أوسع لاحقاً،)
واتصل كلام سناري بما يعني: أن الوقت لا يزال مبكرا لمثل هذه الدعوات، والتي لم تثبت صحتها على أية حال، لا فلسفيا ولا في ضمن حركة التاريخ المعروفة. وإنها أيضا تنطوى على إنكار للوقائع الاجتماعية في البلد وبالذت لحقيقة تفشي العنصرية ..
حتى لو اتفقت مع ذلك من أقوال سناري، أو غالبها، فسيعود إليك السؤال، هل هذه الدعوة لدولة اللاهوية هي فعلا كما قال سناري: دعوة لنهاية التاريخ على حد مثالها؟ أم إنها، وعلى عكس كلامه، دعوة للاستفادة من التجارب التاريخية الماضية والراهنة، ولتمهيد أرضية سلمية من الدولة ودستورها لتتفاعل فوقها الهويات المتعددة؟ أو كما كتب كبر: لتوفير (نقطة يتفق فيها الفرقاء (عروبية ضد افريقانية) الى نقطة تعادل ومساواة سواء ، يقدم فيها الجميع تنازلات من اجل اقامة دولة تحترم الجميع..!) وهو ما ورد في سياق شرحه لأطروحة أبكر آدم اسماعيل.. الذي سيقودنا ذكره إلى محور جديد من محاور تحرير النقاش..



Post: #33
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-09-2018, 11:17 AM
Parent: #32

http://hekmah.org/%D8%A7%D9%86%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AB-%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84/http://hekmah.org/%D8%A7%D9%86%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AB-%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%82%D8%B...%D8%B1-%D8%A7%D9%84/
عن شارلز تايلر... وهو مصدر لــ ومفتاح إلى مفاهيم الهامش والمركز..
Quote: انبعاث ظاهرة الهويات: قراءة في منظور المفكِّر الكندي تشارلز تايلور – حسام الدين علي مجيد
ربَّما يخفى على الكثيرين أنَّ الأستاذ الدكتور تشارلز تايلور ( Charles Taylor)، الفرانكوفوني المولود في العام 1931 في مدينة مونتريال بمقاطعة كيبِك، هو واحدٌ من أبرز مُفكِّري السياسة المعاصرين. ويصنَّف من حيث فكرهِ السياسي بكونهِ من الليبراليين اليساريين ومن أبرز واضعي النظرية المجتمعاتية Communitarianism. يعمل حالياً أستاذاً لفلسفة القانون بجامعة إيلنوي الأميركية. تلقَّى تعليمهُ في جامعة ماك جيل (McGill) الكندية، ثم أتَّم دراساتهُ العليا في جامعة أُكسفورد العريقة، وذلك قبل أنْ يعود أدراجَهُ إلى جامعة ماك جيل مرَّةً أُخرى ولكن كي يُدرِّسَ فيها الفلسفة السياسية. وفي رصيده سلسلة من الدراسات المؤثرة في ميدان العلوم السياسية بعامة وعلم الإجتماع السياسي بخاصة، فضلاً على قرابة عشرة كتب ولعلَ من أهمها كتابهُ الموسوم «ينابيع الأنا: تكوين الهوية الحديثة» الصادر في العام 1989، وكذلك كتابهُ الأخير والموسوم «عصر العَلمنة» الصادر سنة 2007. منح تايلور في العام 2007 جائزة تيمبيلتون (Templeton Prize) عن مجمل أعمالهِ. وفي العام 2008 حاز على جائزة كيوتو والمعروفة بتسمية «نوبل اليابان».
بادئ ذي بدء نجد أنَّ تايلور في تفسيره لظاهرة إنبعاث الهويات الثقافية عالمياً يُشدِّدُ على فكرة الحاجة الى سياسة الاعتراف Recognition Policy. فهذه السياسة ترتبط بصورة وثيقة بمبادئ و سياسة أقدم عهداً وأوسع انتشاراً وهي المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الموارد الاقتصادية. ومن المؤكد أنَّ مطلب إعادة توزيع الموارد لم يكنْ قط مجرد قضية اقتصادية بل ضمَّ ايضاً بين ثناياه برنامجاً ثقافياً سواءً بصورة صريحة أو ضمنية. فالإشتراكية على سبيل المثال لم تقتصر طروحاتها على توفير ظروف وفرص اقتصادية أفضل للفقراء والمحرومين، بل اشتملت كذلك على خلق ثقافة جديدة وأشكال جديدة من العلاقات الاجتماعية. وبالتالي فإنَّ دعوة المجتمعاتيين وبخاصة تايلور إلى سياسة الاعتراف قد تبدو أحياناً معنيةً حصرياً بقضية الهوية والتباين الثقافي، ولكن أنصارها يُدرِكون في الوقت نفسه بأنَّ هذه القضية لا يمكن فصلها عن الأنساق والهياكل الاقتصادية والسياسية. والسبب في ذلك يتمثل في «أنَّ تقييم الهويات يتم بالإستناد إلى مكانة المنتَمين إليها في هيكلية السلطة، وأنَّ إعادة تقييم تلك الهويات يقتضي إحداث تغييرات في هيكلية السلطة عينها».
عليهِ، ليست حيادية الدولة هي السبيل الوحيد للتعامل مع التنوع الثقافي، بل هناك سُبُلٌ أخرى بديلة ولعَلَّ من أبرزها سياسة الاعتراف العام بالأقليات الثقافية. وهي تعني إعادة توزيع الموارد الاقتصادية والسلطة السياسية لصالح الأقليات وليس لصالح الأكثرية المهيمنة. ومن ثم، تغدو سياسة الاعتراف إقراراً من لدن الدولة – الأمة بوجود الاختلافات والتباينات الثقافية وعلى نحوٍ رسمي. وتتخذ هذه السياسة في الأدبيات الغربية المعاصرة تسمياتٍ عدّة، مثل «سياسة التباين» و»سياسة الهوية».
والى جانب إعادة توزيع الموارد والسلطة، نجد أنَّ المجتمعاتيين يذهبون بعامة الى كون سياسة الاعتراف تشتمل على الإقرار بحقيقة كون الاستيعاب assimilation والتنوع diversity ليسا بِمقَصورَين على مجتمعٍ أو منطقة بعينها دون غيرها، وهما كذلك ليسا متعاديَين بالضرورة. بل إنهما دائماً ما كانا متواجدَين على نحوٍ متزامن بين شتّى الجماعات وبمستويات متفاوتة. وسواءٌ ما إذا بقيت الثقافات الفرعية على حالها أم تقاربتْ مع بعضها البعض تدريجياً عبر الاندماج في الثقافة المهيمنة، فإنَّ التباينات الثقافية ما بين الجماعات ستستمر دائماً في الوجود. وحتى إذا ما ازداد عدد الجماعات المتباينة ثقافياً فإنها لن تُشكِّلَ مصدرَ تهديدٍ للثقافة المهيمنة.

يُعَّدُ تايلور أولَ مَنْ تطرق إلى مفهوم «سياسة الاعتراف العام» في مقالتهِ التي حملت ذات الاسم ونشرت عام 1994. إذ أنَّهُ يرى كون سياسة الاعتراف تعني من جهة الاعتراف بالهوية المميِّزة لكلِّ فرد ومن كِلا الجنسَين، إلا أنَّ الاعتراف في هذه الحالة إنما يركز على المستوى الفردي، ويتمثل في الإقرار بالكرامة المتساوية equal dignity على النحو الذي يشمل الجميع، بحيث يحظى كافة الأفراد بمجموعة موحدة من الحقوق والحريات والامتيازات وبصورة متساوية. بيد أنَّ ما تميَّز بهِ طرح تايلور قد تجسد في تركيزهِ على المستوى الجماعي للإعتراف، أي بمعنى الإقرار بالتباينات ما بين الجماعات وخصوصيات كل منها بصورة رسمية. وذلك لأنَّ من الضروري الاعتراف بالهوية المميزة لهذا الفرد أو تلك الجماعة حتى يتم بذلك تمييزها عن هوية فردٍ آخر أو جماعةٍ أخرى. «فالقضية الجوهرية هنا تتجسد في كون هذا التمايز والخصوصية أمرٌ قد تم تجاهلُهُ واخفاؤهُ، ثم سُعِيَ في استيعابهِ بواسطة الهوية المهيمنة أو هوية الأكثريةmajority identity». ومن ثمَّ يغدو بروز النزعة القومية والأثنية لدى الأقليات أمراً لا يمكن الحؤول دون قيامهِ إذا واجهت الجماعة المتمركزة إقليمياً ما يمكن أنْ تفهمَهُ على أنَّهُ هيمنة أو اضطهادٌ مُمارَسٌ تجاهها من قبل جماعةٍ أخرى. ونتيجة لذلك فقد نجَمتْ لدى الأقليات الحاجة إلى الاعتراف بخصوصياتها وتباينها فيما بينها من جانب، وبينها وبين الأكثرية المهيمنة ثقافياً من جانبٍ آخر.]/blue]
وتقوم فكرة الحاجة الإنسانية الى الإعتراف على فكرةٍ مفادها، «أنَّ هوياتنا يتم تشكيلها إلى حدٍ ما بالاعتراف Recognition أو بعدم الاعتراف، وغالباً ما تتشكل بفعل سوء اعتراف الآخرين. ولذلك فإنَّ شخصاً أو جماعةً ما ستعاني من ضررٍ حقيقي وتشويهٍ خطير إذا ما الناس أو المجتمع المحيط بهم كوَّنَ صورة مُختَزِلة او مُهينة أو مُزدَرية عنهم ونَقَلها إليهم في ذات الوقت. وتبعاً لذلك، فمن الممكن حينئذٍ أنْ يتسبَّبَ عدم الاعتراف أو سوء الاعتراف في أذىً نفسي، فيتخذ شكلاً من أشكال الاضطهاد وذلك بجعل المرء حَبيس نمطٍ زائف ومشوَّه ومُختزل عن الذات Self»، ومثال ذلك لديهِ حالة السود والسكان الأصليين في الولايات المتحدة.
فالجماعات عموماً تكون ضحية الاضطهاد، وذلك حين تجد بأنَّ تقاليدها وممارساتها تتعرض للتلاشي والزوال كلما تكيًّفتْ تلك الجماعات مع الكيان الثقافي والكيان السياسي للأكثرية المهيمنة. مما يدفع ذلك بكلٍّ منها إلى أنْ ترى نفسها من زاوية كونها ضحيةً من ضحايا الإمبريالية الثقافية cultural imperialism. وفي ذات الوقت يتم العمل على « قولبة أوتنميط « الجماعة، بحيث تقوم الأكثرية المهيمنة نفسها بالإشارة إليها بصفة الغَيرية، أي ذلك «الآخر the other». وبهذا فإنَّ الإمبريالية الثقافية تشتمل على إضفاء الصفة الشمولية على تجربة وثقافة الجماعة المهيمنة وما أنشأتهُ من مؤسسات، وعلى النحو الذي تدفع هذه الثقافة لِتكون مثالاً تحتذي به الأقليات الثقافية.
تأسيساً على ذلك، « فإنَّ سوء الاعتراف لا ينطوي على الافتقار للاحترام المطلوب فحسب، بل ومن الممكن أيضا ان يتسبَّبَ في إحداث جَرحٍ بليغ grievous wound، بحيث يجعل ضحاياهُ أسرى كراهيةٍ شديدة للذات self. ومن ثمَّ يُمسي الإعتراف المطلوب ليس مجرد مجاملة نَدينٌ بها إلى هذه الجماعة أو تلك، بل هي حاجة إنسانية ضرورية لإستمرارية الوجود» وفقاً لتعبير تايلور. وبناءً عليهِ، فان تايلور يتفق مع الديمقراطيين الإجتماعيين في أوروبا من حيث تقاسم فكرة أنَّ الإكراه أو الاضطهاد يتسبب في إحداث «أذىً نفسي» و»جرح بليغ» لدى الأقليات، بحكم ما ينطوي عليه الإكراه من إذلالٍ جماعي، بيد أنَّ الذي يتميز به تايلور هو تأكيده على كيفية تبلور الهوية ذاتها بفعل سوء الاعتراف بها، وبالشكل الذي يجعل من معاناة الأقلية جزءً لا يمكن فَصلهُ عن هويتها.
ومن آياتِ ذلك، تشديد تشارلز تايلور على وجود صلة رابطة ما بين الهوية والاعتراف، وتتمثل تلك الصلة في الخاصية التي يتسم بها نمط حياة الإنسان بعينهِ «وهي خاصيته التحاورية dialogical character. إذ بموجبها فإنَّنا نكون كائناتٍ بشرية حقَّاً وقادرين على إدراك ذواتنا، وبالتالي يغدو في مقدرونا تحديد هويتنا …. ولنتأمل في ما نَعنيهِ بالهوية، إنَّها تعني مَنْ نكون، فهي المكان الذي نَنْتَسِبُ إليه. إنها تجسد بحق الخبرات والتجارب السابقة التي تُضفي معنىً على أذواقنا ورغباتنا وخياراتنا و مَطامِحِنا ….. ومن ثمَّ فإنَّ إدراكي للهوية التي أحملها لا يعني بأنَّني قد حققتهُ في حالٍ من العُزلة، بل يعني أنَّني قد جَعلتُ الهوية موضوعاً للحوار مع الآخرين ….. وبذلك فإنَّ هويتي تعتمد إلى حدٍ كبير على علاقاتي التحاورية مع الآخرين».
في ضوء ذلك، فإنَّ تكَّون الهوية وبروزها إنَّما يتم وفقاً لآليةٍ واحدة وهي التحاور والتفاعل مع الآخرين. فالتحاور هو الذي يَقود إلى تعيين ملامح التماثل والتباين ما بين الهويات سواءً على صعيد الأفراد أم على صعيد الجماعات. ذلك لكون الفرد لا يستشعر تباينهُ وخصوصيتهُ إلا من خلال تفاعلهِ مع أقرانهِ. وكذلك الحال مع الجماعات، فهي إنما تُدرِكُ خصوصياتها الثقافية عبر التفاعل مع الجماعات الأخرى سلباً كان ذلك أم إيجابا، وهي تُريدُ من خلال هذا التحاور نيل الاعتراف بها بوصفها جماعة متميزة عن الجماعات المحيطة بها.
يُضيفُ تايلور إلى ذلك، فكرة أنَّ سياسة الاعتراف ترتبط بذلك التغيرَين الرئيسَين الذَين أصابا هيكلية المجتمع الغربي وتراتُبهِ الاجتماعي منذ أواخر القرن الثامن عشر:
يدور أولهما حول التحول من تبني الشرف honor إلى تبني الكرامة dignity. حيث أنَّ النظام الاجتماعي القديم الذي ساد أوربا قبيل الثورة الفرنسية عام 1789 كان مستنداً إلى مفهوم الشرف، أي أنَّهُ قامَ على أساس عدم المساواة بين الأفراد لِكونِ الناس متفاوتون في الشرف والمكانة، والذي تمثل في الامتيازات الطبقية التي حظي بها النبلاء والإقطاعيين دون عامة الناس. وبذلك فإنَّ التغيير الأول الذي أصاب جوهر هذا النظام قد تجسد في زوال تلك الامتيازات الطبقية، أي اللامساواة في الحقوق والواجبات، وحلول مفهوم الكرامة محله. أي بمعنى قيام المساواة ما بين كافة المواطنين بإعتبارهم بشراً في المقام الأول. « فقد برزت إلى الوجود سياسة العمومية politics ofuniversalism، وهي السياسة التي تشدد على فكرة الكرامة المتساوية لعموم المواطنين. ويتمثل جوهر هذه السياسية في تحقيق المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات. إذ يُستهدف منها الحؤول دون وجود مواطنين من الدرجة الأولى ومواطنين من الدرجة الثانية مهما كانت التكاليف.
أما التغيير الثاني، من منظور تايلور، فقد تجسد في تطور الفكرة الحديثة عن الهوية، مما أدى إلى ظهور سياسة التباين politics ofdifference، وهي تعني الإقرار بوجود الهوية المميزة لهذا الفرد أو تلك الجماعة بحيث يتم بموجب ذلك تمييزها عن هوية أي فرد آخر أو أية جماعة أخرى. فالقضية الرئيسية ضمن التغيير الثاني إنما تتمثل في كون خصوصية الجماعة قد جرى تجاهلها وتهميشها، ثم شُرِعَ في استيعابها بواسطة هوية مهيمنة وهي هوية الأكثرية». فالجماعات المهيمنة تميل إلى ترسيخ سيطرتها من خلال غرس صورة الدونية في أذهان الخاضعين لهذه السيطرة، ومثال هذه الجماعات الخاضعة كل من السود والهنود الأميركيين والشعوب المستعمَرة بصورة عامة «ومن ثم تغدو المهمة الأولى لدى هذه الجماعات هي وجوب القيام بتطهير ذواتها من تلك الهوية المفروضة عليها والهدّامة… ولكي يتحقق الإعتراف بخصوصية «الأخر» عملياً ينبغي بالدولة ضمان الحقوق والحريات الأساسية للفرد والجماعة معًا وعلى قدم المساواة، بحيث يتم فيها الأخذ بالاعتبار ما لَحِقَ بتلك الجماعات المحرومة من ظلمٍ تاريخي.
مما يشيرُ ذلك بعبارةٍ أُخرى الى كون الانقسامات الجوهرية في المجتمعات المعاصرة لا تعكس التفاوت الطبقي وحسب بل تعكس ايضاً التفاوتات العرقية والاثنية والجنسية. بحيث يتزامن وجود هذين النوعَين من التفاوتات إلى حد ما. وأما المواطنون مِمَنْ يعانون جرّاء هذه التفاوتات المتزامنة فنجدهم لا يعيشون في ظل الشعور بالحرمان فحسب وإنما يترافق ذلك ايضاً مع شعورهم بإزدراء أنفسهم sense ofdisrespect. وبغية إعادة التوازن الاجتماعي والسياسي إلى المجتمعات المعاصرة، ينبغي احترام تلك الجماعات المهمّشة اقتصادياً وثقافياً. والسبيل الأمثل لإحترامها هو بمعالجة ما تعانيهِ من ضعف وقِّلة الحيلة على الصعيدين الجماعي والفردي. أي من خلال النهوض بالظروف التي تخلق الاحترام. ويعني ذلك، التعامل مع أسباب الضعف الجماعي ومعالجتها. «ذلك أنَّ الجماعات القوية هي التي تفرض احترامها على غيرها دون أنْ تُطالِبَ غيرها بإبداءِ الاحترام لها».
ويلاحظ مما تقدم ذكرهُ، أنَّ سياسة الاعتراف شأنها من شأن مبدأ المساواة وفكرة حيادية الدولة فهي جميعاً تنبعث من مِشكاةٍ واحدة والمتمثلة في ذات المرء Self. بيد أنَّ الآراء ذوات الصلة بسياسة الاعتراف خصوصاً والهوية الثقافية عموماً تتعامل مع هذه الذاتSelf بوصفها جزءً من ذاتٍ الجماعة وكينونتها. بمعنى أنَّها تنظر إلى الفرد بإعتبارهِ عضواً في جماعة، لأنَّ الفرد أصلاً تتكون صورتهُ عن ذاتهِ من خلال إنتمائهِ الثقافي. ولهذا السبب ركز تشارلز تايلور على وجوب قيام أعضاء الجماعات المهمَّشة بالتخلص من الصور السلبية عن ذواتهم والتي اكتسبوها بتأثير الأكثرية المهيمنة. وكذلك توجيه العناية صوب الظروف المادية التي تتسبَّب في إضعاف هذه الجماعات وشعورها بازدراء الذات. فالفرد إنْ لم تكنْ لديهِ صورة ايجابية عن ذاتهِ لا يمكنهُ تدشين حياتهِ الطبيعية، ولا أنْ يعطي لِحياتهِ شكلَ الحياة السعيدة، ولا أنْ يمنح قيمةً أخلاقية لأفعالهِ إزاء «الآخر».
وفي نفس هذا السياق، يؤكد الليبراليين المجتمعاتيين بعامة فكرةَ أنَّ الاعتراف هو الذي يُكوِّنُ الهوية.ً فعلى حّد تعبير إيمانوئيل رينوEmmanuel Renault، «إذا كانت الحاجة للاعتراف بِقيمَتي الخاصة لا تنفصل عن ما أتمثل به وفق هويتي الشخصية، فحينئذ ينبغي أنْ يكون الاعتراف المجتمعي بالهوية معدوداً من بين الحاجات الأساسية للأنا». وبذلك يشير إيمانوئيل رينو إلى فكرة أنَّنا إذا أدركنا كون الثقافة في جزءٍ كبيرٍ منها هي نتاجٌ إنساني، وأنَّ الإنسان بذاتهِ وفي جزءٍ كبيرٍ من كيانهِ هو نتاجٌ ثقافي، عندئذ يكون في مَقدورنا تفسيرَ سبب هذه الحاجة إلى الاعتراف بالهوية على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي. فالفرد والجماعة يَحكمُهما نزعة البقاء والحفاظ على الذات. وهذه النزعة يمكن إشباعها فقط بواسطة الاعتراف بهوية حاملها، و إلا ستغدو هذه الهوية في حالٍ من الاهتياج والسعي المكثف للحفاظ على الخصوصية والتمايز بفعل سوء الاعتراف بها، أي نتيجة اضطهادها وتهميشها بعبارةٍ أكثر وضوحاً.
د. حسام الدين علي مجيد، قسم السياسة بجامعة صلاح الدين – أربيل

Post: #34
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-09-2018, 11:57 AM
Parent: #33

ولتحرير قضايا الحوار، أيضا:-

كتب كبر:
(ابكر ادم اسماعيل لم يسعى قط لمبادلة مركزية الإسلاموعروبية بمركزية افريقية.. أي مركزية مضادة عنصرية ..وانما الرجل دعا لمساومة تاريخية ، نقطة يتفق فيها الفرقاء (عروبية ضد افريقانية ) الى نقطة تعادل ومساواة سواء، يقدم فيها الجميع تنازلات من اجل اقامة دولة تحترم الجميع..!)


أعتقد أن كلام كبر عن أطروحة أبكر هو صحيح في إجماله ولكن ليس في كل تفاصيله وخاصة في حدث له من بعد وجراء تبني هذه الأطروحة في الأطر الحزبية سياسيا والأطر الثورية سياسيا وتثوريا، فبذلك خضعت مقولاته عن المساومة التاريخية، في نفسها، إلى أشكال متسلسلة من القهر بواسطة “الخطاب السلطوى للثورة ومن سلطة الخطاب الثوري” وكأنما أرادت المفارقات أن تؤكد صحة ما تبناه من أطروحتي “بيير بورديو” عن سلطة الخطاب و”شارلز تايلور” عن الهويات الثقافية.. مفارقة ليست مرحة .. شرحه: كما حدث مع مفهوم “السودان الجديد” حين تم الدفع به في البروباقندا والتعبئة، إلى أقصى حدود الزخك الأقصائي للآخر الهويوي المفترض عدوا، فكذا ما حدث مع مقولات أبكر آدم اسمعيل وم.ج.أ هاشم.. ولا يزال أغلبية من معتقدي (منهج التحليل الثقافي)، وهو المسمى المعروف لأطروحتي السيدين، لا يزالون مستغرقين في مثل هذا الجهد التعبوي المتطرف الساعي في إلغاء أي هويات أخرى في البلد أو إنكارها، ولدرجة أنستهم أي ذكر لفكرة ومعنى مفهوم “المساومة التاريخية” المنبعث أصلا من أفكار الأستاذ تشارلز تايلور الكويبكي الكندي.. في هذا التطرف سيندرج أيضا الكثير من أقوال وكتابات أبكر آدم اسمعيل التي تأثرت بانغماسه المباشر في الفعل السياسي والثوري لدرجة صار هو ذاته أحد قامعي خطابه الثقافي بالخطاب التعبوي.. ومن قراءة حديثة لـ م.ج.أ هاشم فقد لاحظت لجهده الكبير في استعادة مفهومهما نفسه، من براثن الخطاب الثورـ هويوي المتطرف.. أنظر مثلا هذه الفقرة الافتتاحية من مقال له باسم (ما بين منهج التحليل الثقافي والأيديولوجيا وتحرير النفوس) كتب فيه الآتي: ("توجد هناك ثقافات عربية وثقافات إسلامية عدة في اماكن عديدة في العالم، منها مناطق عديدة أيضا في السودان. هذه الثقافات لديها ما تلتقي فيه، وما تختلف فيه، ومع هذا تبقى في حالها كثقافات عربية وإسلامية. الثقافات تنتقد. ولكن لا تدان، دع عنك أن تحارب. وكذلك الشعوب تنتقد، ولكن لا تدان. فمن أدان شعبه، فقد أهلية الانتماء لهذا الشعب. وعليه لا يجوز الوقوع في الالتباس والنظر إلى ما نقوله على أنه معاداة لأي من الثقافتين العربية أو الإسلامية، هذا بينما نعيش جميعا تحت ظلال هاتين الثقافتين، مستصحبين في ذلك ثقافاتنا الأفريقية ومعتقداتنا الاخرى.") وهذا الطويل المذدوح كالعادة، فهو الرابط لمقال (ما بين منهج التحليل الثقافي والأيديولوجيا وتحرير النفوس) في مدونة (سرسود) الإسفيرية..
http://sarsud.jogspace.net/2017/09/15/%d9%85%d8%a7-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%85%d9%86%d9%87%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d9%84%d9%8a%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%8a%d8%af%d9%8a%d9%88%d9%84/http://sarsud.jogspace.net/2017/09/15/%d9%85%d8%a7-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%85%d9%86%d9%87%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d9%84%d9%8a%d9%84-%d...f%d9%8a%d9%88%d9%84/

وأما للتأكد مما أشرت له عن الاصطراع السلطوي على مؤدى الخطاب نفسه، وهو الصراع الذي لم يسلم من المعاناة أو الاستسلام تحت وطأته، حتى أصل المفاهيم، وبل منظري الخطاب انفسهم، فأنظر لما في هذا الرابط.. http://nubatimes.com/articles-1491.html

وما سبق من تعليق على تعليق كبر، فهو أيضا محاولة مني لفهم وفض الالتباسات التي اتصلت بما يصلنا من هذا الخطاب، وعن التطلعات الفكرية والتبديات السياسوية لمنهج التحليل الثقافي.. وهي الالتباسات التي أظنها تسببت فيما يبدو واضحا من قلق وشكوك وتساؤلات في الكلام التالي للمشرف؛ وقد قسمته في ثلاث جمل لونتها بألوان مختلفة لأن فيها ثلاث مقولات..



وكتب المشرف:
(١) ادوات الهيمنة عند ابكر هي ادوات ثقافية تكتسب فعالية اكبر بالبعد السلطوي فتعيد انتاج نفسها وتكتسب طغيانا ذاتيا. هذا الكلام مهم عند ابكر آدم اسماعيل اذ يكشف العلاقة بين السلطة والثقافة وبحيث لا يمكن الفصل بينهما,
(٢) وبالتالي لا يمكن، وعلى سبيل المثال، وانت ابن الثقافة العربية ان تكون خصما على السلطة (لا تهم، مثلا، مرات اعتقالك وتعذيبك وربما قتلك وانت في خضم صراعك مع السلطة) .. لكي تتحرر من حبال الشر هذه (والكلام من عندي) فيجب عليك محاربة الثقافة العربية ,, لا يوجد طريق آخر .. وحتى ذلك لن يكون شفيعا لك وانت ابن هذه الثقافة و (وين حنهرب من مصيرنا)
(٣) مثل هذه الادانات المتعسفة لا تفتح آفاقا (لدولة المساومة التأريخية) .. فجذر الصراع ثقافي، وهناك في حلبة الصراع ثقافة مهيمنة ومرتبطة الى حد كبير بالمقدس، بل هي عين وجوهر المقدس باعتبار ان الثقافة العربية هزمت الاسلام وبحيث لم يتبق من الاسلام شيء الا بعض العبادات والطقوس .. فكيف يتم التعامل مع هذه الثقافة في دولة مساومة تاريخية؟!!


فالكلام بالأزرق، حول أدوات الهيمنة كما يحللها أبكر آدم اسمعيل ومن سبقه، فمتفق على صحتة نسبته وعلى صحته في أصله ما قبل التسييس.. والكلام بالبني، فهذا هو أثر المصادرة والتأويل القامع للخطاب الأصل من قبل السياسي التعبوي! وأما الكلام بالأحمر، فنتيجة منطقية للذهاب بهذا المخطاب المختطف إلى أقصى احتمالاته الاقصائية النافية للآخر، والسؤال بآخر الكلام، عن معنى المساومة وكيف سيكون التعامل مع الآخر في ظل هذا الخطاب الإقصائي، يبدوا سؤالا منطقيا جدا..


وكتب عبدالطيف متسائلا:
(هل هذا كلام ابكر ادم اسماعيل ؟ لا اظن ذلك ! الكلام دا ، فيهو ريحة ميشيل فوكو وبيير بورديو ..)

ولأنها سهلة، وفيها وعد من عبداللطيف بالتوسع،
فنعم هذا كلام أبكر آدم اسمعيل يا عبداللطيف ومعه في ذلك م. ج. أ. هاشم،
وفعلا، فأصوله ولابد فمن عند بيير بورديو عن ميشيل فوكو بتعديل،
ومن عند شارلز تايلور أيضا الملخصة أفكاره في المقال المقتبس أعلاه..

وهنا عن سلطة الخطاب/خطاب السلطة/ بيير بورديو...
Quote: ان القاعدة النظرية التي ستشكل منهج تحليل الخطاب عند بوردية :هي انه ( لا تحكم لغة السلطة وتأمر ـ كما يقول ـ إلا بمساعدة من تحكمهم، أي بفضل مساهمة الآليات الاجتماعية القادرة على تحقيق ذلك التواطؤ الذي يقوم على الجهالة، والذي هو مصدر كل سلطة)40. لذا يدعو إلى ما يسميه "تداولية اجتماعية une pragmatique sociologique" ومضمونها انه مادامت اللغة لا تتضمن في ذاتها سلطة، وان كانت تتضمن في ذاتها وفي منطقها الداخلي ما يؤدي إلى تجاوزات السلطة الذي هو البرهان الخاطئ أو القياس الخاطئ le paralogisme، أي القدرة على التضليل وهو ما ينسب إلى السفسطائيين كما ذهب إلى ذلك أفلاطون، السوفسطائيون الذين استفادوا من إمكانية أن اللغة قادرة على أن لا تقول شيئا وان تقول اللامعنى أو أن توجد في الكلمات وبواسطة الكلمات ما لا يوجد في الواقع. نعم للغة هذه الإمكانية ولكن، وباستثناء هذه الإمكانية، فان للغة وجودا اجتماعيا، وسلطتها مستمدة من ذلك الوجود، وحتى اللغة السوفسطائية مستمدة من قوة السوفسطائيين ،كما بين ذلك مرة أخرى أفلاطون.
https://journals.openedition.org/insaniyat/8643https://journals.openedition.org/insaniyat/8643

وعن التباسات الخطاب والسلطة:
Quote: فان دايك: التباسات الخطاب والسلطة
https://www.alaraby.co.uk/supplements/2015/2/8/%D9%81%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9https://www.alaraby.co.uk/supplements/2015/2/8/%D9%81%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-...B3%D9%84%D8%B7%D8%A9
عيسى عودة برهومة
(أكاديمي وكاتب أردني)
8 فبراير 2015

برزت دراسات الخطاب discourse في المقاربات اللسانية في النصف الأول من القرن المنصرم، ومعها لمعت اسماء بيسونس، وزيليج هاريس، وبول ريكور، وأصحاب الاتجاه النقدي الثقافي وخطاب ما بعد الكولونيالية؛ كمشيل فوكو، وإدوارد سعيد، وهومي بابا، وآنيا لومبا. ثم ما لبث مفهوم "الخطاب" ان اكتسى حمولة معقَّدة من المعارف والرؤى حتى غدا مفهوماً مركباً، مخاتلاً، يتفلَّت على مألوف التحديد والتعيين، كما هي اللغة مرواغة، مخاتلة، تختزن قدرة على التمويه، والتزيين، وتغيير آراء المتلقين؛ فتمتلك المعنى وتحتكر سلطة الخطاب طوعاً أو كرهاً. على ذلك تتبدى العلاقة بين اللغة والخطاب علاقة التأثر والتأثر المتبادلَين، وتتراصف الحدود بين تجاذبات السلطة والهيمنة بين أقنومَي الخطاب اللغة، فيسعى كل منهما إلى صناعة وعي بديل، وممارسة إمكانياته الجوانيّة في التوجيه وتعديل القناعات.

وفي سياق هذا الانشغال يقيم توين فان دايك، احد اشهر باحثي دراسات الخطاب ومفكريه في عالم اليوم، مقارباته البحثية حول الخطاب والسلطة، ناقدا إساءة استعمال السلطة كما تتجلى في الخطاب، ومدركا أن المعرفة التي لا تحركها غايات نبيلة هي معرفة ناقصة، فنلحظه في مقالاته العشر التي أثّثت كتابه هذا يصدر عن وعي بأن الخطاب يتعالق مع السلطة، ولا مندوحة من نقاش المفهومين بمنأى عن الهيمنة والسيطرة، لأن الخطاب طريقة نظر إلى العالم، تنظيماً أو تمثيلاً للتجربة - الأيديولوجيا في المعنى الطبيعي. فمن يملك الخطاب ويوجهه يخلق المعنى ويبتدع الحقيقة ولو كانت ملتبسة غير شفافة، وفان دايك يشاكل فوكو في مفهومه للخطاب بأنه ينطوي على منطق داخلي وارتباطات مؤسسية، فالخطاب ليس ناتجاً بالضرورة من ذات فردية يعبر عنها أو يحمل معناها أو يميل إليها، بل قد يكون خطاب مؤسسة أو فترة زمنية أو فرع معرفي ما. والخطاب أيضاً عملية عقلية منظمة مُتَّسِقة منطقياً، أو عملية مركبة من سلسلة العمليات العقلية الجزئية أو تعبير عن الفكر بواسطة سلسلة من الألفاظ والقضايا التي يرتبط بعضها ببعض، ولم يعد الخطاب طريقة للتعبير أو حديثاً متساوقاً، أو مجموعة عمليات فكرية مترابطة، أو تحليلاً لذات واعية تتأمل وتعرف وتعبِّر فحسب، وإنما أصبح إمكاناً وشرط وجود ونظاماً، وأصبح حقلاً تتمفصل فيه الذوات، ومجموعة علاقات تجد فيها مرتكزاً له.

عمل فان دايك على تفكيك الخطاب في مقالاته العشر من خلال الاستراتيجيات التي اتكأت عليها هذه الخطابات، وإن تنوَّعت هذه الاستراتيجيات فقد تكوكبت حول بؤرة مركزية هي أن الخطاب لا يُحلَّل بوصفه لفظاً مستقلاً بذاته فحسب، بل بوصفه تفاعلاً موقفياً وممارسة اجتماعية أيضاً، وأن السيطرة على الخطاب العام هي سيطرة على العقل العام. فمقالاته: الخطاب والهيمنة، وبنى الخطاب وبنى السلطة، وتحليل الخطاب النقدي، والخطاب والعنصرية، والخطاب وإنكار العنصرية، والخطاب السياسي والإدراك السياسي، والبلاغة الحربية للحليف الصغير، والخطاب والتلاعب، والسياق في الخطاب البرلماني، هذه المقالات مجتمعة ينظها خيط شفيف هو أن العلاقة بين الخطاب والسلطة علاقة بنيويّة، فينتمي توظيف اللغة والخطاب والتفاعل اللفظي والتواصل إلى المستوى الجزئي للنظام الاجتماعي في حين تنتنمي السلطة والهيمنة وعدم المساواة بين الفئات أو المجموعات الاجتماعية إلى المستوى الكلي للتحليل. ولا يقف فان دايك من القضايا التي عرضها موقف المحايد، بل ينخرط ويدافع عن مصالح الفئات المهمّشة والأقليات في المجتمع؛ فالحياد خيانة لقيم العلم ولدور المثقف الطليعي في الحياة. ولعل ما يميِّز كتاب الخطاب والسلطة أيضاً أنه ينحاز إلى عِلميّة منهجيّة صارمة، فيفيد من مناهج كثيرة مستندة إلى الملاحظة والتحليل والاستراتيجيات المتنوعة، ويوسع من مدارات بياناته ودراستها وتقويمها، ويختبر فرضياته؛ ليصل إلى نظرية معرفيّة شاملة في فهم الخطاب النقدي.

ولا يتوانى فان دايك عن أن يجهر بالقول في قضايا تكتنفها الحساسيّة في البيئة الغربية، فتراه يُعمِل مبضعه في نقد المركزية الغربية، ويسمها بأنها تُقدِّم النفس إيجاباً وتقدم الآخرين سلباً، فالخطابات المختارة في كتاب الخطاب والسلطة تفيض بهذه الاستراتيجيات المركزية في تجميل الذات وتحقير الآخر، لأنها تصدر عن عقلية تبريرية تتلاعب في الخطاب للوصول إلى مآربها في الهيمنة على عقول المتلقين والفئات المستهدفة من الخطاب، فيلجأ أصحاب الخطاب إلى خُدع وتكتيكات استراتيجية عبر بلاغة وحبْك لخطاب جدلي يتلاعب في الألفاظ ويجترح استدلالات مموَّهة، وغيرها من الآليات والإمكانات التي تختزلها هذه الخطابات؛ وصولاً إلى توجيه الحقيقة نحو مسرب محدد يتطلع إليه مُنتِج الخطاب.

وتكمن أهمية دراسات الخطاب في البيئة العلمية في أنها تعمل على إيجاد معرفة لا تنحاز إلى فئة دون أخرى، بل تعمل على تظهير العلاقات التي تنظم قوى المجتمع، فتنهض على ترسيم ميثاق يبسط العدالة والمساواة بين الأمم والشعوب، معرفة لا تقوم على أساس السيطرة والهيمنة بل قاعدتها التساكن الثقافي، والمساواة والعدالة، والأخذ بيد الأقليات والمضطهَدين والمهمَّشين؛ لأن هؤلاء بشر يستحقون الرعاية والرَّخاء.

Post: #35
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-09-2018, 12:24 PM
Parent: #34

شكرا هاشم.. تلخيص ممتاز وأسئلة جديدة أمامنا لا بد أن نقف عندها.

Post: #36
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-09-2018, 07:37 PM
Parent: #35

سلامٌ قولٌ من عبد غشيم
يا عبلطيف بالمناسبة الثقافة السودانية، المولود الشرعي للخطاب الإسلاموعروبي، بتغرّق مستهلكيها في بحور الأبسي (Apathy)، وبتجي مداخلتك دي كتأمين غير متوقع على حالة الأبسي هذه كما على جوهر حجاج أخونا أبكر آدم إسماعيل فانت( ود شايقية، بيسكن العاصمة المثلثة، واصل في تعليمه بسلالة حتى المرحلة الجامعية وربما فوقها، ثم إنضم لنخب الإنهمام الثقافي، ومش كدا بس بل إنضم لحزب الطليعة التقدمية الأول في العالم (الحزب الشيوعي)، وواصل تطور وعيه بالنهل من حقول الفلسفة بما في ذلك تجلياتها بعد الحداثية ولكنه رغم ذلك لا يحس بحظوة ناس الوسط والشمال (وفي ترجمة أخرى المركز) على غيرهم من أهل الهامش)... وتتساءل متعجباً من قولنا: وين الحظـــــــــــــــــــوة دي؟ فانت كما تقول كادح كالح من غمار الناس هايم في الشوارع الكالحة (وطبعاً الشوارع الكالحة دي شوارع الخرطوم وأمدرمان (محل الرئيس بينوم والطيارة بتقوم) تعرف يا صديقي قبل عدة سنوات قعدنا نحن تلاتة فلادلفيّون مع أرْكو مَنِّي مِناوِي (تأمل في الإسم) الكان زاير للمدينة نتونس ونسة ذات شجون فوصف نفسه بإنه محظوظ جداً لأنه أحد 3 واصلوا تعليمهم بعد الإبتدائية من 30 والسبب إنهم وهو طفلٌ غضٌ غرير كان عليه أن يمشي كل صباح عدة كيلومترات ليصل للمدرسة وما كانت تلك مشكلة كبيرة فطبيعة الحياة هناك هكذا ولكن عندما دخل الفصل تم جلدهم جميعاً لأنهم لا يعرفون من العربية إلا كلمتي السلام عليكم ولكن كانت قوانين المدرسة تقول أن من ينطق بكلمة غير عربية في الفصل (يرطن) يُجلد. كان تعلم العربية المدرسية بنحوها وصرفها، بعجرها وجرّها في حد ذاته هم كبير أمام هؤلاء الأطفال. أما مبنى المدرسة، معداتها ووسائلها فحدث ولا حرج، أما تأهيل معلميها فحدّث ولا حرج، أما الإهانات اليومية التي يتلقاها الطلاب الغر الميامين من معلميهم من شاكلة نهم لا يصلحون إلا للرعي فحدّث ولا حرج، أما أين يذهبون بعد إنقضاء ساعات المدرسة فحدث ولا حرج، ليس للبيت كما كنا نفعل يا صديقي بل لأعمال تشق على كبارناهنا وعنها فحدّث ولا حرج، كيف وأين يذاكرون دروسهم وهل من معين فحدث ولا حرج. المشكلة يا صديقي نحن أولاد الوسط والشمال ركز الخطاب الرسمي في كل مؤسسات المعرفة والثقافة الإبتدائية والثانوية (المنزل، المدرسة، المسرح، المكتبة والحزب السياسي) على فتح أعيننا على مآسي أطفال الحجارة وغمض أعيننا عن مشاكل ناس مِنّي وعيال المجموعات المستبعدة لغوياً وجيوسياسياً. وحتى التلاتة الذين كان رزقهم أو حظهم أن يستمروا في التعليم في بقاع كالحة أخرى لم يصل أحدهم ببص حظه للعاصمة حتى يستقبل بترنيمات البرلمة معهود (شنطة حديد برلوم جديد) وهاك يا تنكيت وتبكيت من كل أصناف الإذلال والمهانة.

Post: #37
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-09-2018, 08:13 PM
Parent: #36

سناري، كبر، عبد اللطيف وأحمد محمود.. هاشم وود المشرف سلامناهم زمان وسطو على البوست أو كما نحب وكما يجب.. هسا السلام ليكم والإعتذار على التأخير.. والبوست بقى كبير بيكم ولازم الواحد يقراكم بشويش و يقول العندو بشويش.. مساهمات مفيدة وباعثة للتأمل.. ح أبد بمداخلات سناري وكبر كونهما هنا يشتركان الرؤية حسب فهمي "المداخلة المقبلة".

Post: #38
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-09-2018, 08:39 PM
Parent: #37

كتب كبر:
Quote: (ابكر ادم اسماعيل لم يسعى قط لمبادلة مركزية الإسلاموعروبية بمركزية افريقية.. أي مركزية مضادة عنصرية ..وانما الرجل دعا لمساومة تاريخية ، نقطة يتفق فيها الفرقاء (عروبية ضد افريقانية ) الى نقطة تعادل ومساواة سواء، يقدم فيها الجميع تنازلات من اجل اقامة دولة تحترم الجميع..!)


تحيات كبر وسعادة بمشاركتك التفاكر معنا.. افهم ذلك.. إن كان هذا رأي أبكر آدم إسماعيل كما محمد جلال هاشم.. هو بعض فهمي لهما وإلا فإنه فهمك انت لفهمهما وهذا بدوره جدير بالرد والإعتبار.

لكن في تصوري دولة المساومة التاريخية بهذا المعنى هي دولة هوية طبعا. أي دولة محاصصة عرقية أو طائفية لا فرق.. هذه الدولة جربت ولم تنجح واقرب مثال لبنان.. والسودان منوع أكثر بكثير من لبنان.. فالسودان لا ينقسم بوضوح لأفارقة وعرب بل الواقع أشد تعقيداً .. وتنوعه ليس عرقي فحسب بل أيضاً عقائدي (طوائف وطرق وكنائس وكجور) وتنوعه أكثر من ذلك مدني (البنيات المدنية الحديثة) كالنقابات والإتحادات والجمعيات الطوعية إلخ وتنوعه أيديولوجي ومذهبي (ماركسي/بعثي/وهابي/جمهوري إلخ).. كمان في درجة رأسية في التنوع أي التنوع في النوع فالتجليات الإجتماعية القائمة على العرقي (القبائل والعشائر) ذات سمات بنيوية مختلفة عن بعضها البعض وكذا التجليات الغيبية والمدنية والآيديولوجية.

هذه المحاصصة هذه المرة أظنها مستحيلة.. لا توجد أطراف بنيوية واضحة تحدث معها المساومة التاريخية المتحدث عنها.. عملياً غير ممكن.وبهذه العجالة أمشي لكلام سناري (العنصرية والإقصاء في ظل الدولة القائمة) وأرجع أقول لكبر لماذا نقول بدولة اللا هوية (المداخلة المقبلة).

Post: #39
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد أبوالعزائم أبوالريش
Date: 08-09-2018, 09:47 PM
Parent: #38


متابعة ورفع للبوست

Post: #40
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-09-2018, 09:53 PM
Parent: #38

وقبل أجي لسناري عشان عندي تصور أن الدولة الحالية دي دولة قديمة تاريخية دولة هوية.. التوصيف الذي قلته تعمل به جميع الدول القائمة على الهوية فقط بدرجات محتلفة.. هذه من المفترض دولة التاريخ.. إنتهت صلاحتها من حيث النوع.. وقبل أن نأتي على ذلك وعلى العنصرية والإقصاء المنظم وننظر معاً من جديد في ذلك الخلل المشهود في علاجه الممكن.. رأيت أن آتي بالحلقة الأولى من دولة اللا هوية لأن فيها محاولة للتعرف على الهويات الإجتماعية في أرض الواقع.. حاجة أظن بتدينا صورة لرؤية التنوع وبالتالي ربما تتسع الرؤية!.. ثم نرجع للنقطة:


Quote: دولة اللا هوية 1-4 (نقد للمركزية الهويوية ولنظريات الهامش والمركز)!

وفي هذه الحلقة الاولى تركيز على تعريف الهوية "ماهيتها، تعددها المحتمل ومستوياتها الجزئية والكلية".

سأعمل عدة حلقات قصيرة أوضح فيها وجهة نظري لما أعنيه بدولة اللا هوية وهو مصطلح من عندي يعبر عن دولة غير منحازة لأي هوية من الهويات الاجتماعية الموجودة في الرقعة الجغرافية أي أن جهاز الدولة "إدارة وقانون" يقف على مسافة واحدة من جميع الهويات أي كانت.

وأن صيغة الدستور أو صيغة العيش السلمي المشترك هي هوية الناس الجامعة.. دولة لا تتبع مذهب محدد ولا عرق محدد ولا تاريخ محدد.. سأشرح هذا التصور تفصيلياً وكيف يكون في ذلك الحل للأزمة الوطنية التي طال أمدها وتمثلت في الإقصاء والإقصاء المضاد الذي نرى نتيجته في الإنقلابات العسكرية والحروب الأهلية وحالة اللا إستقرار القائمة والتردي الإقتصادي والثقافي والأكاديمي والأخلاقي.

ففي إطار دولة اللا هوية يمارس الناس هوياتهم الاجتماعية والذاتية كما شاءوا دون نفي أو إقصاء بما يحقق الإستقرار وبناء الحضارة لشعوب السودان. هذا باختصار شديد ما أعنيه بدولة اللاهوية.

وأنا أعرف أن المسألة محتاجة شرح أكثر.. وهذه التسجيلات الجديدة في الواتساب شرح إضافي كما محاولة للرد على الأسئلة الجديدة التي وصلتني:
على سبيل المثال سؤال: كيف دولة تكون ما عندها هوية و من أين سنأتي باللغة الرسمية؟!.
والأسئلة الأخرى المتعلقة بالدين والعرق والتاريخ.. والاحوال المدنية كالزواج والطلاق والميراث.

ساحاول الإجابة على كل هذه الأسئلة الحلقة دي والحلقات الأربعة الجاية وأكون سعيد بأن تتابعوا معاي وتشاور مع بعض حول الفكرة. وهناك اربع حلقات اخرى من هذه السلسلة.

فنحنا أظن كلنا نعلم أننا أمام أزمة وطنية شاملة في بلدنا ومزمنة وعلينا أن نفكر بهدوء وبتجرد وبأمانة مع الذات وأن نحاول نكون مبدعين بقدر تحدي الازمة الكبيرة.

وأيضا سأحاول التعرض لتيارات أو افكار أشخاص قياديين في منحى المناهج الثقافية أي الاتجاه الآخر أعني التحليل الثقافي الذي يرفع من شأن الهوية ليجعلها هي وحدها مركزاً جوهرياً للأزمة المعنية ومنها ينطلق الحل أي بتحديد هوية الدولة الديمغرافية والتاريخية وذلك بالرجوع للأصول العرقية والثقافية/التاريخية نكون عبرنا بالسودان إلى مرحلة الحداثة او هذا ما تصوره تلك المنهجية التي نختلف معها في تصورها للنتائج وعندنا ادلة مادية على ذلك وليس ظرفية فحسب!.

وهناك قيادات يشتغلون على الهوية كحل بهمة وممكن ناخد منهم أمثلة زي د. أبكر آدم إسماعيل ود. محمد جلال هاشم و د. الباقر العفيف.. سأخذ هؤلاء الثلاثة كنماذج للمدافعين والداعين لدولة الهوية ولديهم رؤى مكتوبة وحوارات جارية في وسائل التواصل الاجتماعي حول مركزية الهوية ونحن سنناقش تلك الرؤى. وهذا لمزيد من الإيضاح عشان أقدر أبين وجهة نظري ويقال بضدها تعرف الأشياء. فهم يقولون الهوية وأنا أقول اللا هوية وكل له حجته!.

وأعتبر أن الهوية ليست المشكلة كما الهوية ليست الحل والقضية قضية مختلفة جدا عن مسألة الهوية وإنما الهوية نفسها تستخدم كمجرد بنزين أو زيت للنار وللحرب، مجرد وسيلة من الوسائل للإستقطاب السياسي لجلب المنافع او دفع الضرر الحقيقي أو المتخيل عن الجماعة السياسية المحددة سواءاً خارج أو في إطار الجماعة الحاكمة وهو بالضبط ما يحدث الآن في ارض الواقع.. دولة الهوية القائمة الآن في صدام متبادل مع جماعات هويوية مضادة في أطراف السودان الأربعة وفي وسطه!.

هذه الحلقة ستكون مجرد مقدمة للمزيد من الشرح للفكرة التي أعرف أنها ليست سهلة التأطير.
وكي نمضي إلى الأمام أعني بدولة اللاهوية دولة تقف على مسافة واحدة من جميع الأعراق.. دولة تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان الممكنة ودولة تقف على مسافة واحدة من تاريخ الناس الذي يدعونه حقا أو زيفا لا يهم. دع الناس وشانهم في هوياتهم الذاتية!.

في ناس بقولو نحن جزورنا في كوش هذا طبعاً من حقهم وناس بقولو نحن فونج ناس بقولو نحن فور وناس بقولو نحن عرب وناس شركس وألبان إن وجودو فهو من حقهم شوية أو كتار ما مهم.. الناس ترجع نفسها أو تعرف نفسها زي الواقع أو كما ترى نفسها في أي مرجعية أي كانت هذا حق إجتماعي يتعدد والدولة حاجة واحدة للجميع من المفترض.

لماذا هذا مهم.. لأن الدولة مفترض تكون محايدة تجاه عقائد وأعراق وتاريخ الجاماعات كلها وتقف على مسافة واحدة من جميع الهويات الممكنة في الرقعة الجغرافية من اجل حفظ التوازن الضروري للسلام الإجتماعي و الإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي.

أي أن الدولة تقف على مسافة واحدة من جميع هويات الناس .. سنشرح بدقة قدر الإمكان كيف أن الهوية ليست مشكلة ولست حل ودولة اللا هوية هي الحل..لماذا؟
وما هي هذه الدولة المشروع التي نعني؟ وما اختلافها عن الدولة المدنية أو العلمانية أو الأنماط الأخرى والنظم السياسية الممكنة؟.

سنناقش هذا بهدوء وسنفكر سويا وسنصبر على بعض.. و الكلام دا ليس له علاقة بمشروع السودان 200 الذي أنا مبادر فيه مع المبادرين الكلام دا طبعاً للناس المطلعة ومتابعة.. أنا أتحدث من وجهة نظري كشخص ولا أمثل أي جهة أو أي مشروع.. ومشروعنا غير سياسي وغير أيديولوجي وكلامي هذا غير سياسي وغير أيدولوجي لكنه في السياسة وفي الأزمة لكن ما منطلق من وجهة نظر محددة يعني حزبية أو أيديولوجية أو سياسية وإنما أمثل نفسي فقط هذه مجرد وجهة نظر.

أولا قبل كل شيء يجب أن نعرف الهوية نفسها يعني من ناحية الاصطلاح واللغة.. ماذا تعني الهوية؟.

وهنا تظهر مشكلة مفهومية من إملاء صراع الواقع المأوزم لأن هناك أناس كترين فاكرين أن الهوية هي مجرد العرق والبعض يتناسى الدين كون الواقع يقول أن المسلمين قد يتكتلو كما هو الواقع على أسس عرقية لحظة الأزمات والحرب أو جلب المصالح دون كثير إعتبار لعقيدتهم المشتركة، هذا يحدث الآن.

لكن في الحقيقة الدين بإطلاقة ليس الإسلام وحده إحدى محددات الهوية الإجتماعية ولا يوجد كثير جدل أكاديمي في هذا المعنى. كما أن التاريخ أيضاً من محددات الهوية الإجتماعية "الحضارات القديمة مثال". هذه الأشياء الثلاثة العرق والدين والتاريخ المحدد المشترك يإرثه وحجاويه واساطيره التي تشكل مخيال الناس يكون هوية في مرة من المرات وفي زمان من الأزمان.. وعند كثير من الناس هذه الثلاث عناصر هي المحددات الأساسية للهوية.. هذا الكلام صحيح طبعا .. لكنه ليس كافي هناك ايضاً تجليات أخرى للهوية منها المدنية الحديثة والتيارات المذهبية التي نتجت عنها فالماركسية واللبرالية اصبحتا هوية للبعض وهذا على سبيل المثال.. كل هذا سنقف عليه الآن وفي الحلقات المقبلة.

المسألة في تقديري معقدة اكثر مما تبدو في السطح!.

أولاً من حيث اللغة فالهوية مشتقة من كلمة "هو".. في السعودية مثلاً في الدوائر الرسمية قد يقال لك اخرج هويتك أي بطاقتك الشخصية يعني من أنت؟..
ومثلا عندما تسمع أن هذا هو محمد عثمان الميرغني فيخطر في بالك فورا رجل لابس جلابية وعمة ولديه طريقة دينية اسمها الميرغنية وإلى أخره.. وهو من وين ثم يأتي التاريخ.. فنحن هنا نتعرف على هوية الشخص وهي مركبة من حاجات جسمانية وحاجات مظهرية وحاجات فكرية وحاجات روحية "عقدية".. هوية الشخص نفسه.

اما الهوية في المصطلح فهي ليست مفردة وغير مسطحة وإنما هي عدة مستويات وأعماق.. وإذا لم نعي بهذا الحقيقة سنكون في ضلال دائم عندما نتحدث عن الهوية وسنكون ماسورين بالمعنى السطحي الذي نتج عن الأزمة ونحصر الهوية في "العرق".
فالهوية بالإضافة إلى انها متعددة في كل دولة وفي كل مجتمع وفي كل لحظة من التاريخ ايضاً هي متحركة ومتغيرة ومتبدلة.

ونحن في السودان من حيث تجليات الهوية نختلف عن العالم بحكم الخصوصية الإجتماعية التي نتجت عبر الزمان في الجغرافيا.. أي هناك خصوصية زمكانية.

وارى أن هناك خمسة تجليات للهوية في السودان لكن في هولندا مثلاً "والغرب كله" لا يوجد هذا العدد لأنو هولندا ما فيها هوية عرقية (واحد ناقص).

ما في زول بقول أنا قبيلتي شنو وما في زول بيتحدث عن دمه أنا شايقي وأنا هدندوي وانا فوراوي وأنا زغاوي وأنا جعلي وأنا محسي.. مافي كلام زي دا.. يعني الهوية العرقية ما عادت موجودة، أختفت من التاريخ وحلت محلها التجليات المدنية في إطار الدولة والمجتمع.

الهوية العرقية نفسها بتتجلى على أسس سياسية عندنا هذا لا يحدث في أوروبا كثيراً ليس القاعدة لأن الهوية العرقية نفسها في إطار الدولة المحددة غير فاعلة وأصبحت القبيلة مجرد فلكلور لا تراه إلا في الفنون الشعبية.

نحنا العكس أولا عندنا الهوية العرقية هي الاعلى.. عندنا العرق يتمظهر في شكل عشائر وقبائل ينتمي إليها الأفراد والأسر الممتدة.. يعني الكتير منا الآن بمشي اشرب الشاي مع حبوبته كلما حانت المناسبة وأرسل ليها قروش وأتعامل معها والحبوبة أخوها وأختها وقد يكون عندها ود خالها وبت عمها مثلاً.. هنا نرى الأسرة النووية ثم الأسرة المتددة والأسر الممتدة من ذات الدم تشكل العشيرة سواء كانت مسمية أو غير مسمية ولكنها موجودة في الواقع ومكونة من ناس بتبادلو المنافع والمصالح والذكريات المشتركة والمصير المشترك في الموت والأفراح والأتراح. في اوربا التكتل على اساس الدم بينتهي عند الاسرة الننوية ومن عمر 18 سنة أي زول بتوكل ويغادر ليكون فرد حر في المجتمع المدني لا علاقة له باسرة ممتدة بالتالي هناك ينقطع خط وشائج التماسك على اساس وشائج الدم ولذا أختفت العشائر والقبائل في التاريخ السحيق وحلت محلها البنيات المجتمعية المدنية الحديثة ودولة المواطنة العصرية.

عندنا مازل حتى الآن التجلي جسداني من وشائج الدم فاعل إذ يحصل تجلي ينتمي إليه الفرد وتكون هذه هويته.. يقول أحدهم أنا عليابي وأنا عمرابي وغيرها من تفاصيل الشايقية والهدندوة والزغاوة وبيوتات مختلفة ولا حصر لها في السودان كل السودان تلك مجرد امثلة للتوضيح.. هنالك هوية جسدانية مبنية على وشائج الدم وهي الهوية رقم واحد عندنا في السودان والغالبة.

وبعض الناس تتحدث عن أنها هي المشكلة والتي على أساسها قامت الحرب وما زالت وعلى أساسها هناك تعالي عرقي وعنصرية متبادلة في البلد وكلها مسائل معروفة.. أنا أحاول أن أعرف أنماط وأشكال وأعماق الهوية وأحاول أن اعدد تمظهراتها لنتحقق في المستقبل من موقعها الفعلي من الصراع!.

التجلي الثاني للهوية في السودان ومنتشر وملموس ونراه في اليومي هو التجلي الغيبي أو التجلي الروحاني وأمثلته كثيرة من المعتقدات المختلفة حتى الكجور عنده تجلي ناهيك عن المسيحية الكلاسيكية الموجودة أيضا في السودان لكن أعظم تجلي نشهده كل يوم هو تجلي الطرق الصوفية يعني الناس عدنا تتكتل على أسس روحانية وتتشكل من هنا هوية فيصبح الزول قادري شاذلي برهاني وعلى أساسها يتعرف الناس على بعضهم - فالهوية هي المميزات التي تضعها أنت لنفسك وعلى أساسها يحددك الآخرون يعني يعرفونك على أساسها-
فالنكات مثلاً تظهر أن هناك مجموعة من الناس متهورين وآخرين سذج حسب التنميطات الموجودة وهذه أمثلة لشكلها الحاد..
نرجع للهوية الأولى الجسدانية لوهلة ونواصل .. التجليات العشائرية لا تأتي من الفراغ إذ لديها هدف مركب وهو: البقاء والأمن والمعاش والرفاهية.. ففي يوم من الأيام ما كانت في دولة.
وحتى عندما تشكلت الدولة الحديثة عندنا جاءت ناقصة يعني ليست دولة مواطنة اي ليست دولة كل الناس حقاً بل دولة هوية في الاساس، هذه الدولة فاشلة!.

نحن الآن نتحدث في الهوية بمعناها الإصطلاحي.. التكتلات على اساس الهوية تحقق للناس مصالح متعلقة ببقائهم وأمنهم ومعاشهم ورفاهيتهم.. ولذلك يتنافس الناس على الموارد وعلى الأرض وعلى المكاسب الرمزية مستخدمين هويتاهم ككتلة لوحدتهم في مواجهة الطبيعة والآخر.

يعني في حالة هجوم وحش أو قبيلة على قبيلة أخرى يقوم الفرسان بحماية جماعتهم وكسب الغنائم المادية والرمزية لها.
وفي حالة صبت مطرة بعملو نفير لبناء البيوت مثلاً وكذا يتشاركون الطعام والسكن والترفيه.. وهذه هي الأسباب العملية لوجود تجليات جسدانية قديمة كعشائر وقبائل.. وأحيانا أعمالها وفوائدها ومصالحها تكون خفية ومعقدة لا ترى بطريقة جلية لكنها هناك.

وأحيانا تكون واضحة بالذات في العشائر المتماسكة الصغيرة حيث يتعايشون مع بعضهم وينجزون أعمالهم مع بعضهم البعض.. مثلأ الجاليات السودانية في دول الخليج معظمها يقوم على القبلي والعشائري ثم المناطقي/الجهوي ونرى ذلك في الجمعيات الخرية والبيوتات العامة التي يستأجرونها كي تكون متاحة للجماعة كإستراحة عامة. هذا مثال للتجلي الجسداني للهوية ولمحة لأسبابه.. وهذا التجلي عنده نظم وقيم راسخة في العقل الباطن للجماعة عشان الناس تتماسك على اسس قوية وإلا ستتشت الجماعة وتتبدل هويتها إلى المدنية مثلاً في المدن الكبيرة ويضيع رويداً رويداً الشعور بالإنتماء للجماعة الجسدانية لان الهدف أمكن تحقيقه بصورة أخرى قد تكون أنجع واشمل!.

التجلي الثاني للهوية كما قلت هو الروحاني وهذا أيضا لديه قيم مثل الزهد والورع وإلى أخر قيم التصوف المعروفة وعنده بالضبط مثل التجلي العرقي أهدافه العملية والنفسية والروحية.. وعندي محاولة دراسة عن سيكولوجية الزول السوداني يمكنكم الإطلاع عليها إذا أردتم معرفة المزيد أو إن شتئم.

نمشي للتجلي الثالث والذي أسميه التجلي العقلاني الواعي بذاته (الحر) وهو واحد من تجليات الهوية وهو التجلي المدني الحديث والذي جاء وافداً في العهد القريب يعني بعد أن أتى الإنجليز إلى السودان وأدخلوا المدنية فأصبح الناس يتكتلون على أسس مدنية.
يعني يعملو نقابات واتحادات كالنقابات المهنية فيكون الفرد منتمي للنقابة وعضو فيها ويدفع إشتراك لأنو في مصالح محددة مادية ومعنوية.. وهذه أيضا هوية عندها قيم وتبنى على مصالح مادية محددة مثل بقية الهويات.. هذه ثلاث أشكال كبيرة للهوية.. وهناك مستوى رابع وآخر خامس.

ثم الهوية الشخصية للفرد "الذاتية" في المستوى الرابع للهوية.. وهي هوية الشخص نفسه.. فالفرد لديه ذوقه الخاص هناك أشياء يفضلها من مأكل ومشرب وعطور وروائح.. وعنده ذوقه الخاص في الموسيقى مثلاً.. وعنده أفكار محددة تختلف عن الأخرين وعنده طريقة محددة للبس ونظام الحياة يعني ما في زول بيشبه الآخر 100%.. إذن كل زول عنده هوية وهو يشعر بها وعلى أساسها يتعرف الناس عليه.. ثم يختار الفرد أن ينتمي أو لا ينتمي إلى بقية الهويات الاخرى الجماعية التي نتحدث عنها
في ناس هويتهم هي الذاتية فقط وهم من وجهة نظري أرقى ناس في تراتبية التحضر التكنلوجي الكوني.. يعني هو ما عندو هوية عرقية قصدي دا ما موضوعه وما عنده هوية غيبية وما عنده انتماء لجماعة ولا يعرف نفسه بها وقد لا يشعر بالإنتماء للدولة نفسها كهوية قانونية أي النوع الخامس من انماط الهوية، سنشرح ذلك بإستفاضة لاحقاً.

طبعا الهوية والإنتماء الهويوي أمر مباح وأنا لا أشجب الناس العندهم هوية والهوية مسألة ضرورية جدا وتبني على مصالح محددة آنية أو تاريخية يعني مسألة معقدة جدا ولا يمكن شرحها في عجالة وإنما حالة قد تتكون عبر مئات السنين لتحافظ على مصالح الناس المادية والرمزية في الإطار المحدد والذي لا يوجد فيه دولة مواطنة راسخة فيتكتل الناس كما قلنا على أساس الهوية ليحققوا مصالحهم المادية والمعنوية في مواجهة الطبيعة والآخر.. هكذا كان التاريخ ونحن ما نزال نعيش في التاريخ لكن نامل في الخطو إلى الامام!.

هذه تعتبر كل الهويات الجزئية في السودان.. وأقول جزئية لأن الهوية الكلية "المستوى الخامس والأخير" من المفترض أن تكون هي الدولة أي صيغة العيش السلمي المشترك وهي نفسها هوية!.

زي ما الناس داخل الجغرافيا المحددة بيتعرفو على بعض بتفاصيل هوياتهم الذاتية والجزئية والشخصية (القبيلة والطائفة مثال).. الدولة عبر الأمم بتتعرف أيضا بهويتها والتي من المفترض أن لا تكون عرق أو دين أو تاريخ إنما هي صيغتها القانونية هي دستورها. يعني اسمها جمهورية السودان الديمقراطية يعني هي جمهورية وهي ديمقراطية وهذه هويتها التي يعرفها الناس كعنوان كبير عند الامم الأخرى.. ولا أحد من المفترض يهتم إذا ما كانت هذه الدولة أفريقية أو عربية أو زنجية او اي شيء.. دي ما شغلة الشعوب التانية.. ومن المفترض أن لا تكون شغلة الدولة نفسها.. لأنه من المفترض أن تكون الدولة هي اتحاد الهويات كلها.. وإذا حاولت أي هوية ادعاء أنها الأغلبية أو الأقوى أوحاولت فرض نفسها أو فرض صبغتها على الدولة.. هذا يعني أن هناك هوية واحدة جزئية من المحتمل اضطهدت أوأقصت أو همشت بعض أو جميع الهويات الأخرى وهذا ما يحدث في الحقيقة (الإقصاء والإقصاء المضاد) وهو سبب الأزمة لا الهوية كحق من حقوق الإنسان والجماعة وهي حق مثلها والرغيف لكن لا اكثر أي لا قداسة!.

فيأتي أناس ينادون بعرق محدد أو ينادون بأيديولوجيا محددة في السودان اشتراكية في زمن نميري أو إسلامية الآن أو ينادون بالليبرالية.. كلها هويات.. هويات إما يفرضونها على مستوى الدولة عبر العنف أو يحاربون الدولة بالسلاح للإستيلاء على الدولة كمرجعيات هويوية.
هؤلاء الناس لا يمثلون الهويات كلها.. لا الهويات العرقية ولا الهويات العقائدية ولا الهويات المدنية مثل الاتحادات والنقابات والتي كانت دائما في صراع مع الدولة .

فالنقابات تولت الدولة قل (الحكومة) بعد سقوط عبود وقادت الدولة في المرحلة الانتقالية.. فالتجليات الحديثة تصادمت مع الدولة وبعض العشائر والقبائل والاعراق في صدام وحرب مع الدولة الآن وليس الأعراق أو الطوائف فقط فقط بل أيضاً الهويات الحديثة في الحقيقة الهويات الحديثة (المدنية) هي أول المتضررين من دولة الهوية القائمة وأول من حاربها ولو بطرق مختلفة عن الأعراق.. كما أن الأفراد في صدام مع الدولة وعندك مثلاً قانون النظام العام في السودان وعندك مؤخراً قضية الشابة ويني وغيرها الكثير أمثلة ساطعة لأن دولة الهوية تتعارض بالضرورة مع هويات الناس الخاصة وتحاول مصادرة حتى أذواق الناس الخاصة في الملبس والمشرب وأدوات الترفيه وفي العقيدة وطريقة العبادة وإلخ!.

لأن الدولة دولة هوية واحدة ومذهب واحد وحزب واحد وقيادة سياسية واحدة فقط متعددة في الشكل لا الجوهر.. ذلك نتيجة للأزمة.. أزمة الدولة التاريخية القديمة التي ما تزال تعيش في القرن الواحد وعشرين.. غير ممكن إلا عبر العسف.. وهذا ما يقول به الواقع بجلاء.

هذا الدولة كانت كل الوقت كذلك منذ تأسيس السودان الحديث عام 1821.... لماذا؟ لأن هذا هو حال الدولة التاريخية والدولة في السودان قديمة.. أصلا نحن ورثنا الدولة الاستعمارية وسرنا على نفس نمط الدولة القديمة.. يعني ما تم تحديث أو بت في الدولة ولم يحدث أن تجمعت كل الهويات الموجودة في البلد سواء جسدانية أو روحية أو مدنية لتشكيل الدولة وفق صيغة وفاقية للعيش السلمي المشترك.. وهذا المفترض يحدث لكن ليس بعد لهذا نحن في صدام وتشتت وتنافر.. يعني أول ما الانتخابات.. أول شيء الناس يفترض تأسس صيغة للعيش المشترك.

لا يوجد أي دولة في الدنيا تأسست بانتخابات ديمقراطية حقاً أو مزيفة.. الدولة في التاريخ تتأسس عبر العسف المادي بالقوة يعني أو عبر الوفاق الشامل وهذا هو التاريخ ثم يتحقق الوفاق أو لا يتحقق وعلى اساس ذلك تستمر أو نتفض الدولة وتتلاشى اذ العسف وحده ليس كافياً لإستمرار الدولة. ففي حالة أي إختلال لميزان القوة المسيطر ربما نتهار الدولة ولذا أنقسم الجنوب وذهب لحاله لأن دولة الهوية التي لا تحترم حتى هويات الأفراد لا تحترم طبعاً هويات الجماعات المخالفة لها في الهوية.. شيء طبيعي!.

قلنا أولا صيغة العيش السلمي المشترك.. مثلا ألمانيا تأسست عبر الوفاق والإمارات العربية المتحدة أصبحت متحدة عبر الوفاق بس لكن المملكة العربية السعودية تأسست عبر العسف المادي ثم بعدها جاء الوفاق ودائماً هناك صراع في الدول التي تتأسس اولا عبر العسف ما لم يحدث تجديد وتطوير مستمر لحالة الوفاق المتفق عليها.. في النهاية لازم يكون في وفاق هو الضمان الوحيد لإستمرار الحضارة.

كل الدول الناجحة في العالم في العالم تأسست على الوفاق واسطع مثال هو البعبع الكوني الكبير: أمريكا.

الوفاق يعني أن يتفق الناس أن تنتظم كل الهويات الممكنة للاتفاق على صيغة لاهووية يعني صيغة ما فيها هوية زول محدد أو جهة محددة إنما صيغة عيش سلمي مشترك.. وهذه هي الدولة الحديثة التي أعني والتي حصلت في أوروبا أولا ثم إنتشرت في العالم لكن نحن لسنا بعد.. لذلك عندنا مشكلة دولة ومشكلة سلام إجتماعي.

إذ ما يوجد لدينا الآن هو دولة هوية ما كويسة ولا نريدها ولا نريد استبدالها بدولة عرقية أخرى فإذا كانت هذه الدولة دولة عروبية/إسلاموية (البعض يقول بذلك) فهذه دولة فاشلة في الوقت الحاضر.. فاشلة في صناعة السلام والإستقرار وفاشلة في الحفاظ على الرقعة الجغرافية أي فاشله في الجوهر. وهي إن كانت عروبية إسلاموية لكنها لا تمثل العرب والمسلمين في السودان أو أي منهما لا يوجد اي دليل على ذلك وإنما العكس وإنها دولة آيديولوجية بجدارة تمثل فقط الجماعة المذهبية المحددة التي تسطو عليها كل مرة عبر القوة العسكرية.. وهذا ما يقول به الواقع الماثل وتجليات صراعه.

لا ننسى اننا نحن هنا نتحدث عن المستوى الأخير والشامل للهوية (الخامس) وهي هوية الدولة. وقلنا بالأسباب سابقاً لماذا يجب أن تكون هذه الدولة محايدة تجاه الهويات.

يعني الدولة ذاتها تكون بلا هوية ولا يوجد تناقض هنا مع الوضع في الإعتبار الموافقة على تمسك المجتمع بتعدد هوياته والأفراد ايضاً. يعني الدولة نفسها غير منتمية لواحدة من الهويات وغير متبنية أو داعمة بشكل غير عادل لواحدة من الهويات الاجتماعية الموجودة في الرقعة الجغرافية.. إنما دولة قائمة على صيغة العيش السلمي المشترك أو الدستور الذي يتيح للجميع أن يمارسوا حاجاتهم بالتساوي.. على مستوى الجماعات بأن تتصرف كما تريد ولَك الحرية لأن تكون ما تريد عربي أو أفريقي أو قادري أو برهاني أو في نقابة الأطباء أو غيره.. أنت مرحب بك ومقبول.

وانت كفرد أيضاً عندك هويتك إن كنت تريد التصرف على انك شخص عندك هويتك وذوقك المختلف: تلبس كما تشاء وترقص كما تشاء وتغني كما تشاء وتعبد الله كما تشاء وفق الدستور.. حتى على المستوى الشخصي تكون هويتك محترمة في دولة اللا هوية دولة المشروع دولة المستقبل.. ناهيك عن هويات الآخرين كالعشائر والقبائل.. فمن أراد القول بأنه أفريقي خالص وفق فهمه وتقديره لا نغالطه من المفترض فمرحبا به ولَه دور يؤديه في المجتمع والدولة من منطلق ثقافته الافريقية التي يعتقد فهي محترمة.. وإن كنت تريد القول بأن أصولك تركية فعندك مساهمتك الخاصة.. وإن كنت تريد القول بأنك عربي أصلي وجدك هو النبي صلى الله عليه وسلم فلك ذلك.. إذ نحن من المفترض لا نستطيع التأكد من هذا الشيء فقد لا نستطيع تكذيبك ولا تصديقك بل لا يحق لنا ذلك من المفترض فكل شخص له حرية ادعاء ما يريد. لكن لا تطالبنا بأن نبوث يدك وإلا جلدتنا، هذا خطأ مفترض وفق الدستور اللا هويوي (هذا مجرد مثال مطلق).. تلك هي الدولة التي تقف على مسافة واحدة من كل الهويات..هذه ببساطة دولة اللاهوية.

قد يقول البعض أن بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا دول عندها هوية وهذا كلام غير صحيح.. أولا التطور في أوروبا حصل بشكل مختلف عن التطور عندنا.. لأن التطور عندنا لم يكتمل.. أوروبا قامت في الحقيقة على الهوية في الماضي (شيء طبيعي ذلك الزمان مافيش غير كدا).

لأن كما قلنا الدولة في التاريخ كانت لازم تقوم على الهوية ولا يعرف الإنسان غير ذلك والنَّاس على دين ملوكهم ولا توجد طريقة أخرى.. حيث كانت الدولة ملكا لعرق واحد وبقية الأعراق مضطهدة.. أو تكون الدولة لدين واحد وبقية الأديان مضطهدة.. أو الدولة تكون ذات تاريخ واحد مشترك وبقية الناس الذين يقولون بأن لدينا حضارات أخرى مضطهدين.. أو تكون الدولة ملك لأسرة واحدة وبقية الأسر تعمل وفق فهم وخطة هذه الأسرة. كدا في التاريخ وفِي أوروبا كانت كذلك ثم طورت ذاتها إلى واقع جديد انتج مبادئ الثورة الفرنسة ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لاول مرة في تاريخ البشرية.

لكن نحن دولتنا ما زالت تاريخية وهذه الدولة التي لا نريد لانها غير مناسبة ولا صالحة للحظة التاريخية الراهنة من تطور البشرية.

ما حدث في أوروبا أن هذه الدول كانت قائمة بذات النهج التاريخي الذي نتحدث عنه هنا ثم حصل لها تطور داخلي نوعي على أساس حق المواطنة للجميع والتساوي في الحقوق والواجبات إذ حدود معظم الدول الأوربية ما زالت قائمة بذات الجغرافيا القديمة ولكن الهويات كلها تمثلت على مستوى الدولة وأصبحت الدولة دولة المواطنة لا الهوية.

ولكي يحدث ذلك كانت هناك وعي مشترك بالمصلحة المشتركة من جميع الأطراف يعني أن الطبقة الحاكمة القديمة تنازلت كلية وبشكل حاسم عن هويتها في مستوى الدولة وتنازلت عن الحكم.. الحكم المباشر لمصلحة بقية التيارات والمذاهب.. فصارت الدولة ما عندها هوية محددة غير صيغة العيش السلمي المشترك.. وبالتالي يستطيع أي لاجىء الحصول على الجنسية المحددة في خمس سنوات ويستطيع أن يترشح في الإنتخابات ويدخل البرلمان بأصوات البيض من اهل البلد وفق الدستور (دا مجرد مثال روتيني يحدث كل يوم في الواقع).

إذ الدولة (الدولة لا المجتمع) ليس لها هوية عقدية أو عرقية أو تاريخية متبناء على مستوى القانون .. في هولندا مثلاً الدولة غير مسيحية وغير عرقية وليست ملكا للهولنديين المفترض أصيلين وحدهم بل ملك كل هولندي ولا يهم خلفيته العقائدئة ولا العرقية ولا التاريخية ولا اللونية.. أنت إنسان هولندي مساو في الحقوق والواجبات مع الجميع في دولة بلا هوية دولة تحترم هويات الناس الجماعية والفردانية وتقف على مسافة واحدة من الناس ومذاهبهم في إطارها الجغرافي.

نتحدث هنا دائماً عن الدولة لا المجتمع وما يميزه من ثقافات وفلكلور والوان وخلفيات منوعة تعطي صبغة عامة مشتركة أو مميزة للمجتمع المحدد عن المجتمعات الاخرى. دا شيء آخر مختلف.. نحن هنا نتحدث عن الصيغة القانونية الكلية للعيش السلمي المشترك = الدولة.

دا كان تسجيل صوتي 1 من 4 في قروب دولة اللا هوية في الواتساب.. ومن باب محاولة البيان سأخد في الحلقة المقبلة في الإعتبار الأراء الهويوية لأبكر آدم إسماعيل و محمد جلال هاشم والباقر العفيق أو كما وعدنا.. وإلى لقاء.

Post: #41
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-09-2018, 09:59 PM
Parent: #1

نهاية التاريخ, نهاية الصراع !!

الفكرة مستفزة جدا يا هاشم و .. شاحذة للاذهان

في تصوري ان الصراع بتجدد باشكال جديدة اكثر أنسنة مما قبلها .. وحتى التحول لهذه الاشكال من الصراعات بمثابة حلم عصي علينا في "ام سودان" ولكن ..

هناك فرق كبير بين الدعوة لدولة (اللاءات) وبين الوصول اليها .. وفرق كبير (تاني) بين الوصول والتحقق التام .. ولمن نصل للتحقق التام ده شنو البمنعنا من الحديث عن "نهاية التاريخ"... المافي شنو؟!





ما اود قوله ان الحديث عن بعد الشقة بيننا و "نهاية التاريخ" لا يقدح في صلاحية وواقعية الفكرة على الاطلاق, يثقلها بالاعباء والتحديات ولكن لا ينفيها (سي سي سناري) ..





هناك تركة ثقيلة من المظالم المتعددة .. وهناك واقع رديء جدا .. ومثل هذه الاشياء لا يمكن القفز عليها Period ..

دوما ما يدور الحديث عن عدم الوعي بالمآسي الانسانية الكبيرة بسبب اي طرح مختلف عن الافكار العنيفة المنفعلة بالازمة والفاعلة بالازمة والنابعة من التفكير داخل صندوق الازمة, بينما لو عاش اي محمد احمد مناوي (مواطن سوداني) في مدينة كبيرة في السودان لما قطع كل تلك الاميال .. ولكن وبالمقابل تزداد الحظوظ بالاقتراب من المركز .. (لابد من وجود مركز في نهاية المطاف) .. ولكن هل كان المركز مركزا ثقافيا محضا ؟! .. لو قلت تلت التلاتة كم في الموضوع ده فانت متهم بعدم الوعي بالمأساة .. شفت كيف؟! اوعك تخلف رجلك وتتنطع بحقيقة ان المركز لم يكن ثقافيا محضا .. ولا اثنيا محضا .. ولا جهويا محضا .. ولا جمع الثلاثة بصورة محضة .. فالافكار المختلفة محظورة عليك تماما بجريرة لاوعيك وصوالينيتك الفاخرة .. اما لو كنت من امدرمان فموضوعك مستحمي (جابت ليها حناكيش عديل كده) !!

ترى اين من المفترض أن يحبس (الحناكيش) حينما ينهمك الكبار في التفكير حول الوطن؟!

حاجتين علط يا هاشم ..
التكييف الاثني (بصورة حصرية) للصراع .. وترتيب المستقبل بناء على التكييف الاثني للصراع ..
طبعا انت ملاحظ انو الاثنية هنا اثنية ثقافية لو جاز التعبير ..
عشان كده ما بقول اثني .. بقول ليك ثقافي و(اسمعي يا جارة)

Post: #42
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-09-2018, 10:28 PM
Parent: #41


إنهيار المعسكر الإشتراكي أهم أسباب صعود موجة الهوية!

في الحرب الباردة تكمن أعظم أسرار التحولات السريعة المؤلمة الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا!.
السبب بسيط ولكن كثير من الناس قد لا يأبه به لاننا مغيبون في التفاصيل كما أن الناس في العادة تبحث أولاً عن الحلول العاجلة للأزمات في حل عن فهم الأسباب وهذا ربما خطأ!.
والسبب في جملة واحدة هو " الحرب الباردة بين المعسكرين الإشتراكي والرأسمالي".
ما الحرب الباردة وما نتيجتها؟
الحرب الباردة طبعا بين المعسكرين الشرقي والغربي التي إنتهت إجرائياً عام 1989 بإنهيار الإتحاد السوفيتي، وكان على أساسها يتقسم العالم في محورين متناحرين لمدة نصف قرن وأكثر: معسكر إشتراكي روسي وآخر رأسمالي أمريكي غربي.
وكذلك تقسم الأقليم الذي نعيش به أيضاً على ذلك الأساس ولو بدرجات مختلفة لكن الصبغة الأساسية لا بد أن تكون غالبة.
خطوط الصراع في المنطقة:
الخط الأول: رأسمالي، أمريكي، سلفي (عنده العروبة عرق وليست أيدولوجيا، الآيدولوجية هي الدين الإسلامي )
يضم: دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية الوهابية مع إضافة الأردن لتشابهها في النظام السياسي والاجتماعي والتاريخ والانتماء كما إسرائيل مشابهة (إسرائيل أيضاً سلفية، سلفية يهودية كما رأسمالية/أمريكية). وهذا الخط يتميز الآن بالتماسك النسبي.
ملاحظة استباقية: هنا لا توجد أحكام قيمية مجانية أو تخيلية وإنما محاولة موضوعية و محايدة لقراءة الواقع!.
الخط الثاني: إشتراكي عروبي (العروبة آيديولوجيا وليست عرق هنا، آيدلوجيا ذات محتويات إشتراكية علمانية):
ويضم: العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر والسودان وليبيا واليمن.
وهذا الخط يعاني الآن من التفكك بالرغم من تقدمه في مستوى كفاءة الإنسان "الفرد" في مجاله!.
ارجو هنا ان تتذكرو معي التفاصيل التالية:
العراق "البعث العربي الإشتراكي" وسوريا "البعث العربي الإشتراكي" ولبنان "علمانية/إشتراكية" وفلسطين (جذور منظمة فتح إشتراكية عروبية وابو الثورة الفلسطينية جورج حبش ماركسي لينيني" ومصر "ثورة 1952 عروبية إشتراكية إستمرت حتى 2011 وعادت من جديد في عهد السيسي في ظرف تاريخي جديد مختلف" ليبيا "الجماهيرية العربية الإشتراكية العظمى" والسودان "ذات نزعة إشتراكية وكان الحزب الحاكم في عهد نميري إسمه الإتحاد الإشتراكي" مع إضافة اليمن إلى هذا الخط فهي ذات نزعة إشتراكية معادية كل الوقت للخط الاول.
الخط الثالث: المغرب العربي "لبرالي في المجمل تحت الرعاية الفرنسية" مع تمايز ات محددة. يتميز الآن بالتماسك النسبي.
الخط الرابع: مجمل أفريقيا "تحرري/إشتراكي/بان أفركان متحالف مع الخط الثاني "العروبي الإشتراكي" انظر مبادئ الثورة المصرية والإجتماعات واللقاءات التي تمت بين قيادات البان أفركانزم وجمال عبد الناصر مثلاً. وتجد في السودان حتى الآن معهد بإسم القائد الأفريقي الإشتراكي المعروف لومامبا."
الخطان الأول والثاني كانا في صدام وعداء مفرط خفي ومعلن كل الوقت ضد بعضهما البعض وحتى بعد إنتهاء الحرب الباردة. الآن بعد إنقضاء عقدين من الزمان ما زال أثر الحرب الباردة يفعل فعله لأن هناك خطة مسبقة بعيدة الأمد جارية التنفيذ. تلك الخطة عندها مبرراتها السياسية والأخلاقية وميزانيتها المرصودة سلفاً بغرض تحييد أو هزيمة الطرف الآخر.
وإن أنتهت الحرب الباردة فالصراع على السيطرة في الأقليم الشرق أوسطي كما أفريقيا ما زال قائماً لان هناك أهداف ودوافع مادية وموضوعية حتمية وما زال ذات الطرفان أمريكا وروسيا يحاولان بشتى السبل الممكنة إعادة تشكيل المنطقة بما يكسبهما أكبر قدر ممكن من المصالح الإقتصادية مع مرعاة أثر اللاعب الجديد القوي "الصين".
والنتيجة أن الإشتراكية العروبية التي كانت تعمل على الوحدة عبر العنف في البلد الواحد والوحدة عبر التفاوض مع الدول الأخرى بينما كانت تعمل الرأسمالية الأمريكية على تصحية النزعات التفصيلية "الدينية والطائفية والعرقية والتاريخية" بهدف تفكيك حزام الدول الإشتراكية وهو أيضا من صميم الوعي اللبرالي الرأسمالي “التنوع” وليست مؤامرة سياسية فحسب.
وقد حققت الخطة الأمريكية غايتها على الوجه الأكمل عبر وكلائها في الخط الأول السلفي الرأسمالي وهم (الخليج/الأردن/إسرائيل) بينما أضطر الإتحاد السوفيتي الجديد بقيادة بوتين في حلمه إلى إستعادة أمجاد الحرب الباردة للمجيء بجيشه للمنطقة لحماية إحدى أهم حلفائه "سوريا". ومصر ليست بعيدة عن العين كونها في إنسجام تاريخي مع الحليف الروسي ولا بد أن نذكر هنا السد العالي وعدد من المشروعات الإقتصادية الحيوية في مصر وأن الجيش المصري حتى الآن وبعد أكثر من ثلاثين عاما من إتفاقية كامب ديفد ما زال تسليحه روسيا.
الرأسمالية الغربية نجحت في تصحية النزعات التفصيلية في الكتلة الواحدة "الدولة" مما قاد إلى سؤال الهوية "من أنا، من نحن، من أنتم من هم" في الخط الثاني "العروبي/الإشتراكي".
في الماضي كانت الإشتراكية والعروبة هي الآيدولوجيا المعبرة عن أحلام وأشواق وآمال غالبية الناس في التحرر والإستقرار والوحدة والرفاهية "انظر الشعوب الواقعة تحت الخط الثاني".
تراجع الإشتراكية والخطوط الفاعلة التي تمثلها هو السبب الجوهري في تفكك معظم دول الخط الثاني والخطة عمرها هو عمر الحرب الباردة!.
إعادة تشكيل المنطقة من جديد أمر حتمي ولا بد أن يحدث نسبة لإنتهاء الحرب الباردة وتراجع الوعي الإشتراكي. كون الناس ربما شعروا في الحقيقة أو الوهم أن مصالحهم الذاتية تتحقق بشكل أفضل "من وجهة نظرهم" عبر الإندغام مع هوياتهم الخاصة في حل عن أي آيدولوجيا كلية أو دولة يرونها تضطهد حقوقهم المادية والمعنوية.. لقد هزمت أو تلاشت الدعوات الكلية الجامعة المتكأة على الإشتراكية/العروبية وأصبح فراغ الهوية الكلية سيد الأفق!.
وأرى أنه كي نستطيع الخروج من المأزق التاريخي لا بد من البحث عن صيغة جديدة للدولة لا تتكئ على هوية كلية مثل العروبة أو الإسلام ولا هوية جزئية كالقبيلة أو الطائفة!.
بل لا هوية كلية ولا جزئية (لا هوية) وإنما فقط عقد إجتماعي يقوم على رعاية المصلحة المادية والمعنوية للناس وفيما بينهم والكل له هويته الخاصة كما يشاء في حيزه الجغرافي "الدولة"، وكحق أصيل مثله والطعام لكن لا أكثر من ذلك، أي لا قداسة للهوية.!.
أرجو هنا أن ألفت الإنتباه من جديد إلى رأيي الخاص الذي طال ما كررته لمن يقرأني من الناس أن (فصل الدين عن الدولة) يظل مفهوماً قاصرأً والأصح عندي فصل الدولة عن الهوية.
إذ أن الفهم العلماني السائد عن "فصل الدين عن الدولة أو السياسة أو كليهما" مضلل في السياق التاريخي لمجتمعاتنا الشرقية والصحيح فصل الدولة عن الهويات كلها لا الدين وحده. فصل الدولة عن الدين والعرق والتاريخ.
مفهوم فصل الدين عن الدولة صحيح في مرحلة التطور الغربية فقط بحيث ان دولة المواطنة في الغرب متحققة بالفعل في عين الوجود على أسس محسومة تجاه العرق حينما صعد سؤال الدين. إذ كانت دولة لا عرقية ولا تاريخية دولة عقد اجتماعي: دولة المواطنة في حيزها الجغرافي والإداري ولو قامت في البدء على عرق واحد، لا يهم!. اما نحن في الشرق فما نزال نعيش عهد الدولة التاريخية ذات الدين الواحد والعرق الواحد والتاريخ الواحد بل الأسرة الواحدة المالكة/الحاكمة فقط بدرجات مختلفة بين دولة وأخرى لكن الامر واحد.
الآن نرى باعيننا مثلا في سوريا ومصر والإمارات أن الدين مفصول عن الدولة إلى حدود معقولة لكن العلة قائمة!.
كون الدولة في كل من الحالات المذكورة غير مفصولة عن العرق (سوريا العربية، جمهورية مصر العربية والامارات العربية المتحدة على سبيل المثال).
أيضا أي دعوة بإرجاع الدولة الي عرق أو جهة محددة "الأفريقانية او النوبية/الفرعونية مثلا" كله وجب أن يكون مرفوضاً مثله والمرجعية الدينية. الدولة وجب أن تكون مفصولة عن العرق والا فإن النتيجة ذاتها تكون مثل الدولة الدينية منحازة إلى نخبة العرق المحدد فعليا ورمزيا.
كما وجب أيضا فصل الدولة عن التاريخ (مافيش مفترض حاجة اسمها مصر عربية او السودان كوشي/نوبي/أفريقي/إسلامي أو عربي أو مصر فرعونية مثلا، كله خطأ).
الدولة وجب أن تكون محايدة تماماً تجاه الدين والعرق والتاريخ وتلك هي العناصر الأولية للهوية المطلقة.
الدولة العصرية التي تستطيع أن تسعنا جميعا في سلام بكل تنوعنا المحتمل في المقدار والنوع وجب أن تكون "دولة اللا هوية". دولة محايدة عن الهويات المجتمعية دولة المواطنة دولة العقد الاجتماعي دولة العيش السلمي المشترك فحسب.
والناس تمارس هوياتها الذاتية في الفضاء الاجتماعي كما تشاء وفي حرية تامة.
ربما كان ذلك خياراً غير مفكر به من الأغلبية وصعباً عند البعض وربما يبدو معقداً حين النظر إليه أول وهلة لكنه عندي هو حتمية الواقع المشبع بالألم والدم كون الناس في زمن اللا عدالة تستخدم هوياتها الخاصة في حربها مع هوية الدولة المهترئة!.

ولكي ينحل ويتحلل التناقض الفظ القائم في ارض الواقع لا بد أن تقوم الدولة على مبدأ "اللا هوية" في الخط الثاني "الخط الإشتراكي تاريخياً" كون الخط الأول ما يزال على المستوى السياسي والآيديولوجي متماسك إلى حد معقول ولو موقت على أسس الدولة التاريخية ذات الهوية الواحدة وهي بعد دولة لا مستقبل لها، وأتوقع أنها ستقتفي كقسرية تاريخية أثر الملكيات الأوروبية الغربية أي انها ستتحول عاجلاً أم آجلاً إلى ملكيات دستورية إن نفدت من الموت الذي قد تحتمه لحظة التشكل الجديدة !.

محمد جمال الدين (* مقالة قديمة)


Post: #43
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: Sinnary
Date: 08-10-2018, 01:29 AM
Parent: #42

أستاذنا هاشم تحية وتقدير مستحقين
كتبت أنا في العبارات الأولى من مداخلتي مشيداً بفكرة دولة اللاهوية مؤكداً أنها وبرغم طابعها التجريدي إلا أنها غاية نبيلة، ولكن حاججت في أننا نحتاج قبل التفكير في دولة تقف على مسافة واحدة من جميع الهويات أن نرجع البصر كَرَّتيْن لنرى كيف سينقلب إلينا هذا البصر خاسئاً وحسير من واقع المظالم التاريخية التي تنسف أي فكرة عن دايرة مركزها على نفس المسافة من أي ننقطة على محيطها، فسيرى من يجيل البصر مليّاً أن بالمحيط مفارقات عجيبة ومظالم تراكمت على مرّ السنون على مجموعات بعينها من السودانيين حُرمت من حقوقها المشروعة في الحياة الكريمة والإستهام المعلن والعادل على الفرص المتوفرة بالبلاد. وهذا ما يرغّب عنه تايلور ويزيد في العبّار والعبارة منوهاً إلى ضرورة الإعتراف بمشاكل الهوية بادئٍ ذي بدء قبل طرح أي تصورات لدولة محايدة أو أحادية، أي العمل على الاعتراف ب وتسوية المظالم التاريخية في أي بلد، المظالم البيّنة على كل المستويات والمتجلية في الكيفية التي تدار بها المصالح وتؤسس عليها الهياكل الإقتصادية والسياسية، ثم المغانم المرجوة من وراء كل ذلك. ويقف تايلور مع الدعوة لإعادة تقييم الهويات (طبعاً عِوضاً عن شطبها) مشيراً إلى ميراث القسمة الطيزى للسلطة في كل الدول وهذا ما لم تسلم منه حتى أوروبا عند التأسيس للدولة الوطنية الحديثة ففيها، قد عملت مخطوطات تاريخ الوطنيين على التخفي من نظر التميزات المحلية التي قد تهدد مشروع خلق دولة اللاهوية الحديثة، ومقابل اللاهوية هنا هو الهوية الأحادية (العربية أو السودانوية عندنا) والألمانية أو البريطانية أو أو أو ألخ كما في ويلز، إسكتلندا، إيرلندا، الباسك، بفاريا والجنوب الإمريكي حتى لا تكتشف هذه المناطق أنه قد تمت التغطية على تمايزها أثناء تأسيس الدولة الوطنية المحايدة هويوياً. بل أن هنالك ما هو أفدح من ذلك نكتشف أنه حدث بعد ذلك حينما نكتشف أن هؤلاء الحداثيون الغربيون كانوا ملتزمين بالنظر إلى أنفسهم وبالتالي قيمهم كأنها نهاية التاريخ وذلك بدافع التغطية وبشكل نهائي على هذه المظالم. لكننا نشهد بعد أكثر من قرن في إسكتلندا والباسك وغيرها نزعة تحت وطنية تتثور وتدعو للإنفصال عن الدولة دولة الحداثة الوطنية. يا هاشم دولة اللاهوية في هذه المرحلة هي دولة التغطية على التمايزات المحلية وما أنتجته من مظالم ومواقع وضيعة لأعضاء تلك المجتمعات المستبعدة من أي حظ و المميزة سلبياً، مما يستدعي وقبل كل شئ إحداث تغييرات هيكلية في السلطة الراهنة ( قبل تأسيس دولة المسافة واحدة من جميع الهويات) يقول تايلور «أنَّ تقييم الهويات يتم بالإستناد إلى مكانة المنتَمين إليها في هيكلية السلطة، وأنَّ إعادة تقييم تلك الهويات يقتضي إحداث تغييرات في هيكلية السلطة عينها». أنا أتفق مع محمد جمال بأنه يجب مراعاة خصوصية واقعنا في التأسيس السياسي للمستقبل، لكن من سيؤسس هذا المستقبل وكيف؟ إذ لا مشاريع نظرية قادرة على أن تنمو في الهواء ثم تسقط على الأرض فتحولها إلى جنة عدن ودولة ونهاية مظالم. هل تعولون في تأسيس هذه الدولة على هذه الأحزاب السودانية التي شاخت وترهلت ثم بدأت في التضعضع يوماً بعد يوم، وهي مغيبة بفعل تلطيش وإختراقات أمن النظام وسيافيه من جهة، ومن الجهة الأخرى بفعل منازعاتها الثانوية التي عمتها طول الوقت عن الإنتباه لإنجاز الأولويات الوطنية الديمقراطية وغيرها من القضايا أساسية (دستور دايم وحماية الديمقراطية)، فأغرقوها بفعل فاعل في منازعات ثانوية تعميها عن فرص تحولها لأحزاب حقيقية وحديثة، لتبقى أحزاباً بلا أي رؤية حقيقة لا لحاضر ولا مستقبل، أحزاب بلا جاذبية للشباب وسط الإنقلابات العميقة في وسائل وتقنية التواصلات اولتي إستقطبت الشباب في منابر ليس لهذه الأحزاب حظ فيها ولا أي رؤية استراتيجية للتواجد الفاعل فيها، زد على ذلك تأثير المطاردات والإعتقالات والتشريد والسجون التي أشرت إليها والتي منعت أي فرص تطور حقيقي لهذه الأحزاب أو تنفيذ لأي برامج تفكر فيها. أمّا الأحزاب الطائفية الكاردينالية (ذات الزعامات العقائدية غير قابلة للجرح فيها) وهي زعامات تتذبذب بإستمرار في مواقفها ومواقعها وسط مشهد الموت البطيء لقواعدها التاريخية وقواعدها الجيوسياسية التي تؤتى من أطرافها أمام أعينها، ولا يبقى لها سوى إدعاء الصمود مرة والإنكسار مرة أخرى فقبول مشاركة منتسبيها بصفة حزبية أو فردية أو إنقسامية في برلمانات مشهدية ديكورية تزين فضاء الممارسة الديمقراطية المختالة والمختلة، أو التنعّم بمواقع حكومية تشريفية، ولكن لا هذي و لا تلك توفر أي فرص مادية لهذه الأحزاب لتطوير بناها التنظيمية أو حمايتها من الانقسامات المحتومة مما يشل أي فاعلية تنظيمية توفر فرص لمخاطبة الناس لا سيما الشباب وإستقطابهم فتتجدد بهم حياتها. أم هي دعوى لتجاوز كل هذه الأشكال السياسية الغامقة (الأيدلوجية الراديكالية) أو الباهتة (التقليدية) منها ثم محاولة تسعي لتأسيس أحزاب جديدة بمهام جديدة، وهذا أمر يحتاج لقرن من الزمان إن لم يكن قرون لا يستطيع أي حراك ضمنها التمرد على جبر التاريخ ومصادفات أو إملاءات المستقبل. ثم من هم الفاعلون الإجتماعيون الذين يتقدمون هذا الحراك وأية أهلية تأمن شروط فعاليتهم؟ لا سيما حين تلوح الفرص التاريخية في كل منعطف خصب تلوح فيه فرص جديدة لأشياء جديدة. من ناحية ثالثة يجب أن لا ننسى أن النخب المثقفة والمهمومة بأمر التغيير لا تزيد عن ال5% من تعداد السكان واكثر من 70% من السودانيين غارقين حتى إذنيهم في الاعتقادات وولاءاتهم الدينية والطائفية، ومن الصعب التواصل معهم بأمر الوعي الذي يغسلهم من الأوهام والأساطير التي يسكنون فيها، فما هي فرص العمل معهم وفيهم؟ ومن يدعم هذا العمل؟ كل هذه وغيرها أسئلة تحتاج لإجابات. أما عن سؤالك هل الدعوة لدولة اللاهوية هي دعوى لنهاية التاريخ؟ فإجابتي: بلى! هي عندي كذلك، إذ هي حسب ما كتبه محمد جمال عنها أنها الدولة التي تتجاوز كل ما سبقها من أطوار ولا طور أعلى تأمل في الوصول له ولا دياليكتيك تتحرك على مساراته، أي على مسارات التناقضات كي تنتج أطواراً وبنى إجتماعية أرقى. ما كتبته أنا و أمّن عليه بشكل أو آخر المقال الذي أوردته عن حسام الدين علي مجيد عن تايلور يركز على وجود مشكلات راهنة تنتج من تغول هوية على غيرها، ومن سيادة خطاب يكرس التمايز والتفاضل في المجتمع بتكريسه لمعايير إجتماعية تحكم هذا التفاضل ( الفصيح في العربي أفضل من البِكسّرو أوالرطاني، والمطهّر أفضل من الأغلف والألوان الفاتحة أفضل من الداكنة، فمن لا ينطق العربية بفصاحة يتم الإستهزاء به ، وتمتلئ جُعبات المنكتاتية بالتندر بأبكر وأدروب وأبُّو وكيف أنهم يتحدثون بطريقة مضحكة (مع إنهم بلغاتهم الأم يتحدثون بفصاحة إن كانت تلكم لغات تجد الإحترام عند غير أهلها) هل سمعت من قبل بلفظة (الروس) التي أطلقت على أفراد بعض سكان الهامش (الجغرافي أو الاجتماعي) وتلك النكتة البذيئة التي تربط مواطنة السوداني بنطقه العربي السليم لمفردة الحيصاحيصا عندما إنتشرت إشاعة أن النميري ينوي تهجير الفلاتة لنيجيريا. هذه هي القيم التي أتحدث عن إفراغها من كل أدواتها وأشعارها وحدودها المقدسة. أنظر لما يحدث الآن في منطقة القضارف من صراعات تتأسس على التمايز في الهوية وإفرازاته في أدوات التواصل الاجتماعي وكذلك الضرر الذي لحق بالهوسا هنالك) لا يمكن أن ننكر يا أخوة أنه تاريخ السودان شهد تعرض فئات بعينها وفقاً لمعايير التمايز المذكورة للتمييز العنصري بل حتى الإسترقاق وكانت ظاهرة السرارى موجودة بالسودان حتى وقت قريب. إذن لا أجد مناحة من أن أكرر أنه لا بد قبل التفكير في التأسيس لدولة اللاهويات من عدمها الإعتراف بهذه المظالم التاريخية وتأسيس الدولة التي تستعدلها كضرورة أولى. وحتى أكون أكثر صراحة فأنا فكرتي تقول بحذف مفهوم عروبة السودان والإعتراف بتنوعه العرقي وإعتبار اللغة العربية أداة ثقافية مثلها مثل بقية اللغات، وليست هوية، ثم إعادة تقسيم الثروة وإتاحة فرص تعليم وصحة وعمل لمن همشوا بقدر أكبر مما يتوفر للمركز حتى تستعاد العدالة الإجتماعية. أنا لا أتحدث عن سلخ أي جماعة عن هويتها ولكن أرى أن رؤية محمد جمال بأن عروبة السودان لا تخدش لا حياء ولا مصلحة أي فئة أخرى هي دعوى إشكالية وأن الهوية العربية في فضاء الثقافة السوداني بالشكل الراهن أدّى لخلق واقع إشكالي يستولد إشكالياته على نطاق الحقوق الثقافية في البلد، وبالتالي فإن رؤيتي لحل الإشكال (دون قمع أي ثقافة بما في ذلك الثقافة العربية) أن نتعامل مع العربية لغة وثقافة تعامل أداتي وليس هوياتي أو قيمي .فعندما تصبح هيمنة هوية معينة في أي دولة أمراً واقعاً، لا يوفر ذلك محلاًّ لإختيارات الأفراد أو أي جماعة ترغب أن تتحرر من إرتباطاتها بإختيارات هذه الهوية، لذا فوجهة نظري الخاصة في الأمر هو رفضي لأن تكون للعربية في السودان أي قيمة إلزامية للأفــــــــــــــــــــــــــــــــراد، ذلك إنطلاقاً من عالم نعيش فيه وأصبحت فيه الحرية هي أسمى القيم الإنسانية. لا يجب أن تكون هنالك محددات قيمية مفروضة على أي إنسان. أنا أتحدث عن الثقافة في صفتها الأداتية، و أهدف لأن أحرر الإختيارات الفردية من أي إرتباطات ثقافية مجتمعية سابقة عليها أو ملزمة لأي فرد (تعليم أولاده في مدارس إبتدائية تدرس بالعربية أو لغة الهوسا) مع توفير الخيارات المرتبطة بالأصول الثقافية للإنسان القاطن في المنطقة الجغرافية المعنية. لكن هذا الفهم الأداتي يتطلب أول ما يتطلب إفراغ الثقافة الرسمية من محتوياتها القيمية والأيدلوجية (بما في ذلك الأحزاب المنتفعة بها) أي كل ما تتوسل به لفرض هيمنتها على المجتمع. وقبل دولة اللاهوية أدعو دولة تهتم بإعادة النظر في كل قضايا المواطنة المختلة وأي قيم تتنافي وقيم المواطنة الحرة، ومن هنا تأتي دعوتي إلى تغيير يركز على ضرورة إفراغ الثقافة العربية من محتوياتها القيمية والأيدلوجية (بما في ذلك الأحزاب المنتفعة بها، مثل المؤتمر الوطني، حزب الأمة والإتحادي الديمقراطي والبعث) أي كل ما تتوسل به لفرض هيمنتها على المجتمع عبر إجراءات دستورية وقانونية يمكن مراقبتها وحراستها أوالتعديل فيها إذا ما إستدعت الحاجة لذلك. هذه هي المناورة الممكنة والتي تسعى من خلال تجميد قيم الثقافة العربية ثم قراءتها قراءة أداتية تؤدي إلى إتاحة الفرصة لظهور الثقافات المكبوتة في المجتمع، وهكذا يتمكن كل المواطنين من إختيار ما يليهم أو يناسبهم من ثقافات. وفقط في هذه الحالة من أراد أن يفارق ثقافته الأصلية، أو ينسلخ عنها (النوبية أو البجاوية ألخ..) والإنتماء للثقافة العربية المكتسبة فله قانونياً حق المغادرة. هذه الفكرة ترمي لإعادة الحق لجميع الثقافات في المجتمع لتتمكن من عرض ذاتها كخيار متساو مع الثقافة العربية السائدة وله الحق على التنافس على قلوب وعقول المواطنين دون أي إكراه أو إشتراط. هكذا ينجو أي مواطن ويتحرر من ورطة الثقافة الواحدة الجبرية وينجو من أي حالة للإكراه الثقافي أو إلزامية الثقافة العربية لكل المواطنين. وبالتالي لن يصبح إنتمائي لأي ثقافي جبري ولا إرادي وستنتفي المحاذير التي تمنع أي مواطن من نقد أو الإنسلاخ من أي ثقافة دون الخوف من التعرض للسجن أو الجلد بحجة إنتهاك محاذير الثقافة الرسمية وقوانين البلاد التي سنت وفق مصالحها ومصالح أحزابها. أتمنى أن يلتفت الجميع إلى أن التاريخ السياسي والإجتماعي العالمي يتقدم دوماً موفراً إستحقاقات يتم إنجازها بعد طول إنتظار لجماعات نالت ما نالت في الماضي من أشكال الظلم الاجتماعي. لقد أصبحت معه فكرة الحقوق الثقافية ضرورة لا مناحة منها. وإستمرار اللامبالاة إزاء المشاكل الهويتاية لم يعد محتملاً أو مقبولاً. نحن في حاجة لنظام يجرد هذه المظالم التاريخية جرداً أميناً ثم يقرر في شأن ما يراه مناسباً من تعويضات لمن وقعت عليهم هذه المظالم في شكل التمييزات الإيجابية في الدراسة والعمل وتوزيع مشاريع البنى التحتية حتى يتم الدمج الحقيقي لكل مواطن في الوطن وفي الخير العام. وأنا أرى أنه قد تحدث مثل هذه التشريعات تحديات سياسية وتواجه برفض بعض الفئات الإجتماعية لكن ذلك لن يصل لمرحلة تهديد الوحدة الوطنية كما يحدث الآن من مطالبات لم تجد غير السلاح ودعاوي التهديد بالإنفصال، وعلى العكس أرى أن خطوة الإعترافات والإعتذارات المشفوعة بسن تشريعات قانونية تحمي التعددية الثقافية والعرقية تنتج على المدى طويلاً مجتمعات معافية تقوم وحدتها على الحقوق لا على تعسف فئة على غيرها. فالفرد الخالي من الغبن والراض بما توفره الدولة من فضاء واسع لممارسة حريته في إختياراته الثقافية هو فرد يحيا حياة جيدة ويساهم إيجابياً في تنمية مجتمعه. فالإعتراف بالتعددية الثقافية في دولتنا أعتبرها لازمة من لوازم الإعتراف بالتعددية السياسية والاجتماعية ودولة اللاهويات، لأنها ستشكل حماية بالقانون لحقوق الأقليات والثقافات المضطهدة التي ترى في تمتعها بالتعبير عن إنتماءاتها شرط أساسي من شروط مواطنتها وإحترامها، بعد أن كنا ولزمن طال نمارس إحتقار هذه المواطنة وأشكال تعبيرها.. دعوتي لتحويل اللغة لمجرد أداة محايدة ثقافياً أكرم للديمقراطية والوحدة الوطنية إدراكاً لتعاملنا مع الحرية الفردية كشرط من شروط العقد الإجتماعي الذي بسببه يعترف الناس بشرعية حكومة ما واجبها توفير العدل والخير المشترك بين كافة مكونات الدولة الإجتماعية بوقف حرمان بعض الجماعات من نصيبها في كعكة الثروة والسلطة السياسية والكف عن الهواجس الزائفة عن خطر مثل هذه الإجراءات التي تهدف إلى تأسيس جديد للمجتمع تقوم فيه الحقوق على قاعدة المساواة والعدالة القانونية والإجتماعية لا إمتيازاتهم الثقافية أو العرقية أو الدينية. على العموم أنا إتحدث عن تصوري لفض النزاع حول مشكلة الهوية وحديثي عن إفراغ الثقافة العربية من محتوياتها القيمية والآيدلوجية ينتهي إلى لزومية توفير المناخ لهذه القوانين المأمولة والمعنية بتوفير الحرية لأفراد المجتمع للإرتباط بثقافاتهم الأصلية (النوبة، البجا، الزغاوة، الهوسا، الأنقسنا ألخ) والمقصود بتوفير المناخ هو حلهم من الإرتباط القسري والولاء القسري للثقافة العربية وقيمها وأقصد هنا بالقيم الثقافية العناصرالأساسية في كل ثقافة إبتداءً بخطابها الذي يحدد أساليب الحياة المقبولة ضمن هذه الثقافة من مباديء مادية وروحية فيها ويتم عبر أدوات منها المناهج التعليمية ووسائل الإعلام إشاعة المنظور المرتبط بهذه الثقافة على إنه هو القيم المقبولة في المجتمع، دون حتى الإشارة إلى أن هذه المقبولية محصورة في إطار هذه الثقافة دون غيرها، تحدد الثقافة عبر أدواتها وأبنيتها الطيب والكعب، المقبول والمحرم، التافه والمهم، الجيد والمكروه، الجميل والقبيح ألخ.. وفي غالب الأحيان يتم تعيين هذه القيم والوعي الإجتماعي الجمعي الناتج عنها بشكل يخدم فئات بعينها في المجتمع هم حراس هذه الثقافة ومن يرسمون فيها القيم بشروط ترسخ مصالحهم هم دون غيرهم فيما يعرف بإرادة القوة. ثم يجب أن تنسجم كل الحقوق والواجبات والميول للأفراد في المجتمع بما يمليه خطاب الثقافة المعينة (ما يعرفه سدنة الثقافة العربية بالإصول) وبالتالي يصبح جميع السودانيين سابحون في بحرٍ قيميٍّ موضوعي مفروض عليهم عوضاً على إتاحة الفرصة لهم لوضع تصورهم القيمي الخاص بهم أو إختيار ما يعبِّر حقيقة عن إصولهم. فالثقافة العربية للبجاوي مثلاً قيمة إلزامية خارجية فرضت عليه وليست خيار داخلي (ذاتي). التصور الذي سودته هو أن تتحول الثقافة أي ثقافة إلى أداة تواصل في إطارها العام بعد تحييد قيمها ونزعها من درجة الإلزام إلى درجة الخيار. ويتحول السودانيون لأفراد أحرار متساوون في الحقوق والواجبات. عندما تحدثت عن إفراغ الثقافة من قيمها ذلك لأن هذه المحتويات القيمية والسياسية هي ما يخول لها الهيمنة على جميع السكان، من رغب فيها، ومن رغب عنها. إفراغ الثقافة العربية من قيمها لا يمكن أن يتم إلا عبر إعادة قراءة الثقافة العربية فإزالة كل القوانين التي تكرس أفضلية لها على غيرها من الثقافات الموجودة وصياغة قوانين جديدة تسمح للأفراد إختيار ما يناسبهم من ثقافات تتاح لها فرص عادلة لتنمية خصائصها بحيث توفر لأفرادها كل الإحتياجات الضرورية للتطور. تجميد هذه القيم هي المرحلة الأولى التي تعقبها تحرر من يريد أن يتحرر من هيمنة قيمها وفك التجميد لمن يختار البقاء في كنفها. هكذا تتحول كل الثقافات لإمكانات متاحة للأفراد وتتنافس على إقناعهم بالإنتماء إليها. إفراغ الثقافة العربية من محتوياتها القيمية لا يعني وقف التعامل باللغة العربية ولكن تبقى اللغة كأداة للتواصل بين من يرغبون في التواصل بها. المهم أنه سيبقى للثقافة العربية عندها قيمة داخلية فقط لمن يختارون البقاء في عالمها دون أي إلزامي خارجي أو قيمة تسلطية.

Post: #44
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-10-2018, 01:50 AM
Parent: #43

لا توجد نهاية تاريخ بل دولة اللا الهوية نتاج لتحول المجتمع إلى المدنية ولو ببطء فهذا لا يهم هناك التحول السريع للمناشط الاقتصادية إلى أنماط جديدة حديثة ومعظمها مرتبط بشكل عضوي بالسوق العالمي والرأسمالية العالمية .. هذا التحول التاريخي يقتضي شكل جديد لعلاقة الفرد والجماعة بالدولة.

Post: #45
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: Sinnary
Date: 08-10-2018, 03:25 AM
Parent: #44

أنا أقول بدولة نهاية تاريخ إنطلاقاً من قولك بلا تاريخية الدولة المبتغاة أخ محمد جمال أم هي دولة تاريخية؟

Post: #46
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: Kabar
Date: 08-10-2018, 06:28 AM
Parent: #45


كتب محمد حيدر المشرف:
Quote:
دولة المساومة التأريخية عند ابكر آدم اسماعيل!!
حبذا لو وجدنا اضاءة اكثر يا كبر.


السؤال يا صديقي الذي يحتاج مزيدا من البحث والحفر: هل الفكر مسألة ثابتة ام متحركة ومتطورة؟..

اقول بهذا السؤال ، لأن كلامك وكلام صديقنا محمد جمال جعلني اعيد الحسابات تجاه ابكر ادم ، ففكرته المركزية (كما فهتمتها) جدلية المركز والهامش هي فكرة متطورة ، يعني نظام مشروع مفتوح كل مرة تحدث فيه اضافة ، فابكر حينما كتب مقالته 1999 (المشروع كفكرة متطورة سبق ذلك التاريخ ) قال باقوال مهمة مركزية ، نتجت عنها حادثتين: الأولى التنبوء بانفصال الجنوب ، والثانية دستور نيفاشا (كاساس للتسوية/المساومة التاريخية ، وهو دستور يشكل نواة جيدة لحسم الصراع في السودان وذلك التوافق على احترام التنوع وحسن ادارته..)..!

في سنة 1999 كتب ابكر ادم عن المآلات المحتملة وافاق الحلول..وقال:

Quote:

المآلات المحتملة وآفاق الحلول:
كما ذكرنا، أن جدلية المركز والهامش، هذه الوضعية التاريخية المأزومة قد وصلت أزمتها (في السودان) إلى قمة تجلياتها بتفشي الحروب الأهلية. ومنهجياً، ليس بمقدورها إعادة إنتاج نفسها واستمرارها مرة أخرى، وتبقى مآلاتها في الاحتمالات التالية:
1ـ قيام الثورة: وذلك بتشكل كتلة تاريخية Historical Mass عبر تحالف الكيانات المهمشة مع قوى الوعي والتقدم في (المركز) للإطاحة بهذه الوضعية التاريخية التي باتت تضر بغالبية الناس في السودان بمن فيهم السواد الأعظم من أبناء المركز أنفسهم. وبالتالي تأسيس الأوضاع بشروط جديدة تستند على حقيقة التعددية وتلتزم بتوجهات العدالة والمساواة والتعايش السلمي، والارتفاع بقضية الهوية المشتركة ـ هوية الدولة ـ من الظرفية إلى التاريخ (أي لكل هويته والدولة للجميع) حتى يحكم التاريخ في مسألة (الذاتية السودانية) جيلا بعد جيل. أو؛
2ـ التسوية التاريخية: إن لم يتيسر قيام كتلة تاريخية ناضجة وقادرة على إنجاز فعل الثورة لأي أسباب أو تداخلات أخرى، فتبقى المسألة مرهونة بمقدار التنازلات التي يمكن أن تقدمها النخبة الإسلاموعربية (يمينها ويسارها) واستعداد قوى الوعي والمهمشين للتضحية للاتفاق على برنامج حد أدنى مثل (ميثاق أسمرا للقضايا المصيرية) والالتزام به مما قد يؤدي ـ على المدى الطويل ـ إلى التحولات الضرورية، وإنجاز ما كان يمكن أن ينجزه فعل الثورة. أو؛
3ـ الانهيار: فإذا استمرت المساومات السياسية التي لا تعنى بجوهر المشكلة، واستمر العجز عن تشكيل كتلة تاريخية ناضجة (وعيا وقوة) وعجزت المركزية عن تقدير الواقع حق قدره وأصرت على مشروعها، فيبقى احتمال الانهيار على شاكلة الصوملة أو تفتت الدولة السودانية إلى أقاليم متحاربة. ولا تستبعد التدخلات الخارجية كنتيجة طبيعية لذلك. وقد يكون انفصال الجنوب البداية لهذا الانهيار، وربما ساعد ذلك في إعادة الإنتاج للأزمة في السودان الشمالي واستمرار الوضعية فيه إلى حين اكتمال نهوض قوميات الأخرى والدخول في مأزق جديد. مع احتمال نشوء نفس الأزمة في الجنوب إن لم يستفد الجنوبيون من الدرس التاريخي.



في الخيار الأول ، خيار الثورة ، فكرة الكتلة التأريخية ، ابكر لم يحصرها فقط في قوى الهامش ، وانما قال تحالف القوى المهمشة مع قوى الوعي التقدم في (المركز)..وهذا تحالف اليسار السوداني في مفهومه العريض..أي لم يحصر الأمر في خلق قوى عنصرية مضادة ، وانما تحالف سوداني يشمل جميع اهل السودان خارج مظلة الإسلاموعروبية..
اذا لم يحدث خلق تلك القوى السودانية (الكتلة التاريخية: الهامش + قوى الوعي والتقدم في المركز) فاننا سنذهب الى الخيار الثاني ، خيار التسوية التاريخية بين الإسلاموعروبية وغيرها وذلك لتأسيس دولة المواطنة التي تحترم التنوع والجميع..هذه الخطوة ابكر اشار بان نموذجها الأمثل ميثاق اسمرا للقضايا المصيرية..وهي الفكرة التي انجبت دستور نيفاشا الذي فشلنا في احفاظ عليه..!
الخيار الثالث ، هو خيار الإنهيار ، والذي اشار (نبوءة) ابكر بان بدايته ستكون انفصال الجنوب..وهذا الكلام يا المشرف يفهم منه بان ابكر ضد انفصال أي جزء من السودان وضد فرض مركزية مضادة ، لذلك اندهش ابكر لما يحدث في الجنوب ، ولكنه واصل في اتجاه اخر ، اتجاه الحفاظ الى السودان ، وان دعت الضرورة لعودة الوحدة بين البلدين..!
المقالة التي ظهرت في سنة 1999 تطورت ليخرج منها كتاب (الجدلية) وكتاب (الهوية والديموقراطية)..!

صحيح ابكر ادم اسماعيل ، من ضمن خياراتها ، اختار الإنضمام (تكتيكيا/مرحليا) لمنظومة تقاتل حكومة الخرطوم ، ولكن هنا يجب ان يحدث الفرز بين الفكري واليومي المرحلي المحكوم بظروف وخيارات قد تضر بالفكري اكثر مما تفيده..!
لذلك قلت لصديقنا محمد جمال انه من الصعب الربط بين مشروعي جلال هاشم/ابكر ادم اسماعيل ومشروع الباقر العفيف ، لأن فكرة الباقر هي وصفية ولم تقدم حلول واكتفت بعرض الأعراض ، بينما المشروع الأول (هاشم/ابكر) قدم حلول واقعية نتاجها نيفاشا ودستورها ، ولكن حدثت الأخطاء في التطبيق..!

لو تيسر لك الإطلاع على كتاب (الهوية والديموقراطية/ابكر ادم اسماعيل) سوف تلاحظ ظلال فكرة المقال الأساسي (جدلية المركز والهامش) وفيه ابكر تعرض لنقاط حقيقية وواقعية..مثل توزيع الخطة الأسكانية في الحاج يوسف مثلا (فكرة الأسر الكبيرة والصغيرة) ، فكرة سوق العمل في السودان ، فكرة الإعلام..ولو راجعت الواقع يا محمد المشرف ستلاحظ في السودان الآن ما يفوق العشرة قنوات تلفزيونية ولن تجد فيها وجهة واحدة من النيل الأزرق او جبال النوبة او غيرها..ناهيك عن فكرة النفي البيولوجي التي يصرخ بها امريكي متكلم في هذه الأيام ..!

خلاصة الأمر ، ابكر وجلال يتحدثان عن واقع حقيقي ، وقدما تصور لتجاوز هذا الواقع المأزوم..عبر فكرة دولة التنوع واحترام الجميع..!

ويظل السؤال لمحمد جمال هل فكرة وضعية التسوية/المساومة هي دعوة لدولة عنصرية مضادة؟..ارجو ان ارى شواهد على هذا المزعم..

الخطأ الذي وقع فيه ابكر ادم ، في اعتقادي ، هو انصياعه للرأي العام ومحاولة الدفاع في كل سانحة ومحاولة التأكيد للناس بان مشكلة ابكر ليس هي شاكوش عاطفي..هذا الأمر اثر كثيرا على اداء ابكر لدرجة انه جعل من الأمر مسلمة تحتاج الضحد وفات عليها ان هذا جزء من بروباقندا الخصوم..!!

فكرة دولة بلا هوية فكرة رومانسية وبعيدة للغاية ، والمدخل اليها هو دولة التنوع واحترام الجميع التي ينادي بها كل من محمد جلال هاشم وابكر ادم اسماعيل والتي راينا ثمارها في دستور نيفاشا وهو دستور لن يستطيع احد تجاوزه لو اراد دولة سودانية متماسكة..!


كبر









Post: #47
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: Kabar
Date: 08-10-2018, 07:01 AM
Parent: #46

sorry

Post: #48
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: Kabar
Date: 08-10-2018, 07:03 AM
Parent: #47




كتب عبد اللطيف:
Quote:
المهم ، نتفق ، تجاوزا اننا ابناء الشمال النيلي نعيش حظوة هكذا جميعا لفاية مانلقاها ....



وكتب:

Quote:

هل هذا كلام ابكر ادم اسماعيل الذي صادقناه بسبب قصيدة بائعة المريسة مهيرا

لا اظن ذلك !

الكلام دا ، فيهو ريحة ميشيل فوكو وبيير بورديو



عبد اللطيف ..حبابك يا صديقي

المقتبس الذي تحدثت عنه هو تصور صديقنا محمد جمال لكلام ابكر ادم اسماعيل..وكلام ابكر موجود وممكن الإطلاع عليه مباشرة ومحاكمته..اتفق معك ابكر لم يضع التصور بهذه الطريقة..!
الحظوة لم تقتصر على ابناء وبنات الشمال النيلي ، وانما نال من ثمارها اخرون..
فكرة رمزية السلطة يا صديقي ، ليس فقط الحكم وطريقة توزيع الثروة ، وانما هي مسألة مفاهمية تهم أي يساري حايم في السودان..
مثلا..في فكرة ابكر ادم اسماعيل المركزية افراد مثل داوؤد بولاد وخليل ابراهيم (ابناء الحركة الإسلامية) وغيرهم من كافة نواحي اقاليم السودان هؤلاء مركز يا عبد اللطيف ، لأنهم اعادة انتاج لفكرة الهيمنة التي تتمدد في البلد الإسمها السودان..لذلك حينما تظهر ظواهر مثل الدفاع الشعبي ، المراحيل ، الجنجويد وغيرها فهؤلاء مركز(بتلقى فيهم ناس من كل السحنات السودانية) ، في نفس الوقت اليسار (شيوعيين ، مؤتمر سوداني ، بعثيين..الخ) هؤلاء هامش مفاهيمي لأنهم خرجوا وتمردوا عن فكرة اعادة انتاج الهيمنة (هيمنة الإسلاموعروبية/الحركة الإسلامية والطائفية)..هذه هي رمزية السلطة ، ولها ادواتها من السيطرة على الدولة لغاية السيطرة على الدين وفرضه بصورة محددة..لذلك ابكر ادم يستغرب لناس الدين الإسلامي مواطني الدرجة الثانية (دينيا) ممن ينتظر منهم تجويد اسلامهم وفي نفس الوقت يدفعون الثمن الباهظ لتحقيق الرضا والمساواة المطلوبة..ويدافعون بايديهم واسنانهم من اجل استمرار هيمنة الإسلاموعروبية (ايدولوجيا)..!
نعم ابكر تاثر بافكار فوكو (علاقات السلطة) ، بيير بورديو، سمير امين ، غرامشي..واكثر جورج لوكاش..وحاول توطين تلك المناهج في مقاربات الواقع السوداني..!


كبر

Post: #49
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: Kabar
Date: 08-10-2018, 07:18 AM
Parent: #48


محمد جمال..حبابك يا صديقي
يبدو اننا نرسل المداخلات في نفس الوقت..
في ردي على صديقنا محمد المشرف ، قمت بنقل كلام ابكر ادم مباشرة عن فكرة الكتلة التاريخية والتسوية (المساومة) والإنهيار وهي احتمالات ابكر لقراءته للواقع في سنة 1999..
التسوية هي دولة التنوع وحسن ادارته ، وهي تستوعب كل تعقيدات الواقع السوداني ، وثمارها دستور نيفاشا الذي فشلنا في تطبيقه على ارض الواقع ، وبعد ذهاب الجنوب ، في مؤتمر الحوار الوطني الناس نادت بنفس المبادئ ، يعني نقاط لا يمكن تجاوزها بسهولة..
الدولة الحالية في السودان هي دولة المحاصصة بكل معانيها وتعتبر (عندي) ردة كبيرة عن دستور نيفاشا ، فالأمر يا صديقي لا يتعلق بالتصورات النظرية الجميلة بقدرما هو يتعلق بفكرة انسان السودان، اخلاقه وارادته لإحداث التسوية..!
وساعود لاحقا كن ربنا هون..
كتر خيرك والأصدقاء هنا..
كبر

Post: #50
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-10-2018, 07:37 AM
Parent: #49

سناري
Quote: أنا أقول بدولة نهاية تاريخ إنطلاقاً من قولك بلا تاريخية الدولة المبتغاة أخ محمد جمال أم هي دولة تاريخية؟


لم أقل ذلك.. بكلمة تاريخية اعني الدولة المنقرضة.

Post: #51
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-10-2018, 08:05 AM
Parent: #50

Quote: محمد جمال..حبابك يا صديقييبدو اننا نرسل المداخلات في نفس الوقت..في ردي على صديقنا محمد المشرف ، قمت بنقل كلام ابكر ادم مباشرة عن فكرة الكتلة التاريخية والتسوية (المساومة) والإنهيار وهي احتمالات ابكر لقراءته للواقع في سنة 1999..التسوية هي دولة التنوع وحسن ادارته ، وهي تستوعب كل تعقيدات الواقع السوداني ، وثمارها دستور نيفاشا الذي فشلنا في تطبيقه على ارض الواقع ، وبعد ذهاب الجنوب ، في مؤتمر الحوار الوطني الناس نادت بنفس المبادئ ، يعني نقاط لا يمكن تجاوزها بسهولة..الدولة الحالية في السودان هي دولة المحاصصة بكل معانيها وتعتبر (عندي) ردة كبيرة عن دستور نيفاشا ، فالأمر يا صديقي لا يتعلق بالتصورات النظرية الجميلة بقدرما هو يتعلق بفكرة انسان السودان، اخلاقه وارادته لإحداث التسوية..!وساعود لاحقا كن ربنا هون..كتر خيرك والأصدقاء هنا..



كبرأهلا كبر من جديد

نحن نتحدث دوما عن مرحلتين مرحلة منقرضة فاسدة فاشلة وهي دولة الهوية القائمة الان (تحليل أبكر صحيح أو معقول أو منطقي في معظمه وبل فيه تصوير جيد لما جرى ويجري في دولة الهوية الآديولوجية القائمة منذ أمد بعيد) وهذا قلناه في المقالة الاساسية اعلاه ولكن في المرحلة الجديدة دولة المشروع هناك تصور مختلف وهنا يأتي الاختلاف مع تلك الفكرة.. هذا الكلام مشروح أيضا في المقالة الأولى كما في مداخلة جديدة أعلاه (دولة اللا هوية حلقة 1 ). . لذا نحن نتفق مع ابكر في كثير من المقدمات ونختلف في النتيجة.دستور نيفاشا مصنع عالميا عبر مساومة عرقية وجهوية (الجنوب "دينكا ونوير وشلك" مع حكومة الخرطوم المعلومة) لكنه فشل لان المساومة المعنية هنا فاشلة لانها سعت إلى ترقيع دولة الهوية القائمة ولم تعمل على إرساء دعائم نظام دولة حديثة حقا. مساومة يعني شنو؟.. السؤال مفتوح .. شوية وارجع

Post: #52
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-10-2018, 08:16 AM
Parent: #1



شكرا كبر ..
وكما ذكرت لصديقنا هاشم في مكان آخر انني وبسبب مداخلة كبر اعدت قراءة جدلية المركز والهامش, قراءة جديدة في دفاتر الصراع, الطبعة التانية 2015 ,, (مصدر ذلك يا عزيزي انني فشلت تماما في الموائمة بين مواقف كبر الفكرية كما اعرفها في المنبر وتلك المداخلة !! (قد اكون مخطئا بطبيعة الحال)

وضعية د, أبكر آدم اسماعيل كمفكر ثوري في خضم الصراع المسلح, وضعية جديرة بالاحترام يا كبر, ولكنها, ومع حقيقة كونها ملهمة لاحد اطراف الصراع المسلح, تكتسب طبيعة العقيدة الفكرية.. الامر الذي يخرج بها من الاطار المعرفي للاطار السياسي الايدلوجي

لذلك من الصعب جدا النظر لفكر ابكر آدم اسماعيل بمعزل عن ذلك .. لاسيما وانا اقرأ في طبعة ثانية صدرت في 2015.

تمرحلات د. أبكر الفكرية مسألة جديرة بالنظر ولكن مركزية الجدلية (اعني جدلية المركز والهامش) مركزية راسخة في خضم صراع مسلح ومن العسير جدا الانفلات من حقل جاذبيتها.

Post: #53
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Deng
Date: 08-10-2018, 09:18 AM
Parent: #52

It is very ironic

دعاة الدولة العربية بالامس صاروا اليوم دعاة الى ما يسمى ب "دولة اللا هوية"!

هههههههه

Post: #54
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-10-2018, 09:20 AM
Parent: #1

شكرا سناري على هذه الكتابة الكريمة في أعلاه، وعلى القول الواضح جدا لدرجة يكاد أن يكون ملخصا معبرا جدا عن كثير من الخطابات التي كانت ستود لو تقوله ولكنها لم تقدر أن تقول بهذا الوضوح.. وهو بالتأكيد سيحتاج مني إلى إعادة قرآءة فيه ولعودات..
ولكن الآن، فعلى عجالة، ولتكن فرصة لإثبات بعض القناعات والمنطلقات الأساسية بالنسبة لي:
أولا، يا أستاذي السناري، إنني أثق في جودة تفاكيرك وفي قراءتك، ولهذا فقد أشرت ملحا إلى قولك عن أطروحة م. جمال عن (دولة اللاهوية)، وإنها دعوة لنهاية التاريخ.. فهذا تعارض كبير للمفاهيم الأساسية.. وقد كان يجب أن تتحرر مثل هذه المفاهيم من أي سوء فهم محتمل.. خاصة وإنني وحقا ومنذ البداية، لم أفهم من الأطروحة سوى إنها دعوة إلى دولة لا تدّعي أو تتبنى انتماء هويويا بعينه، ولا تنحاز لأي شكل/خطاب هويوي ضد أشكال/خطابات أخرى.. هكذا ببساطة.. وهذا هو ما جعلني ومنذ البداية أيضا، أتداخل متسائلا عن تأطيرها (دولة اللاهوية) الدستوري والقانوني والإداري!! هذا هو فهمي عمّا كتبه الأخ م. جمال ولا يغيره إنني قد وجدت الأطروحة لا تزال بغير تفصيل لأطرها القانونية..

ثم كتب م. جمال
Quote: الدولة وجب أن تكون محايدة تماماً تجاه الدين والعرق و”التاريخ” وتلك هي العناصر الأولية للهوية المطلقة. الدولة العصرية التي تستطيع أن تسعنا جميعا في سلام، بكل تنوعنا المحتمل في المقدار والنوع، وجب أن تكون "دولة اللا هوية". دولة محايدة عن الهويات المجتمعية، دولة المواطنة، دولة العقد الاجتماعي، دولة العيش السلمي المشترك فحسب.
مع اعتقادي أيضا؛ بأن حياد هذه الدولة تجاه التاريخ (اللاتاريخية) كما في سياق قول م. جمال، انما يعني تخليها عن أي ارتباط تاريخي للدولة بأي هوية غلبت عليها قبلا، أو تبنتها عبر التاريخ..

مثل قراءتي هذه قد ربما تبدو حسنة النية لمن لديه موقف مغاير لأطرحة جمال، ولكنها كذلك ليست قراءة بدون شواهد قوية.. ولما كنت ظننت أن قراءتك له قد أملاها قدر ليس بالقليل من الشك المنهجي ولا أقول سوء الظن، فلم يعد إذن سوى أن تتحرر المفاهيم بينكما، عبر نقاش يفضّ هذا الاشتباك بين ما تعنيه أنت بقولك (إنها دولة لا تاريخية/مثالية/نهاية تاريخ) وقول م. جمال بأنه
Quote: (لا توجد نهاية تاريخ بل دولة اللاهوية نتاج لتحول المجتمع إلى المدنية ولو ببطء)
وهو الذي يسانَده، لمرة أخرى، فهم وقول م. المشرف:
Quote: (هناك فرق كبير بين الدعوة لدولة (اللاءات) وبين الوصول اليها .. وفرق كبير (تاني) بين الوصول والتحقق التام.. إن الحديث عن بعد الشقة بيننا و"نهاية التاريخ" لا يقدح في صلاحية وواقعية الفكرة على الاطلاق، يثقلها بالاعباء والتحديات ولكن لا ينفيها)
وأما من جانبي، فشخصيا لا أؤمن بنهاية التاريخ.. ولا بأي حالة من الاستقرار الجدلي المثالي أو الأمثل، وبالتالي لا أعتقد في أي حالة أخيرة ونهائية لحراكات الاجتماع البشري التي أعتقد أنه لن يتوقف تفاعلها الجدلي مع التحديات الموضوعية للوجود، وحتى ينتهي وجود الكائن البشري ذاته!!

ونقطة ثانية؛ تجدر الإشارة إليها هنا وسريعا؛ وهي اعتقادي بفعالية (منهج التحليل الثقافي) في تناول قضايا الأقليات وعلاقتها بالكلية الوطنية، وفي تفكيك أشكال الصراع الثقافي الخفية أو المعقدة، وفي تحليل صراعات وعلاقات الهوية، وفي مقدرته على كشف خبايا الخطابات التي تكتنف هذه القضايا وتحرِّكها، وفي تحليله لعلاقات الخطاب بالسلطة ولآليات عملهما ولتفاعلاتهما مع الخطابات الأخرى.. إلخ إلخ.. ولكن، فهذه هي حدود هذا المنهج؛ في التحليل والكشف والتشخيص والعرض للنظر العام.. وبناء على ذلك، يأتي حقه، بناء على النتائج، في المناداة بضرورة الاعتراف بالآخر الهويوي ولإعتبار مطالبه في العدالة والكرامة.. هذه هي حدود هذا المنهج، التي وبالضرورة، ستقصر عن اكتناه وتحليل شتى أطياف الجدل والاصطراع البشري الأخرى التي قد تنتج عن أسباب مغايرة مادية اقتصادية مثلا، أو لضرورات استراتيجية مثلا، قد تخص هذا المجتمع/الدولة أو تلك.. وايضا، فمن البداهة، أن ليس في مهمات المنهج أن “ينفرد” بتقديم مقترحات عملانية أو سياسية “تضار” بها هويات أخرى، وبالأخص لأن ذلك سيتضاد مع مقتضى وأواليات هذا المنهج ذاته، والتي منطلقها هو الإقرار بالتعدد وبضرورة الاعترافات المتبادلة.. ومن هنا، بهذا القدر من التواضع على مفهوم الاعتراف، فقد جاءت فكرة “المساومة التاريخية” أو (سياسة الاعتراف العام والإقرار بالكرامة المتساوية) كما في المقال عن تايلور..

Post: #55
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-10-2018, 09:27 AM
Parent: #1

في الفقرات أدناه سأناقش بعض ما جاء في مداخلة بأعلاه لكبر؛

في أعتقادي أن أزمة سوء الظن التي ما فتئت تحيط بمشروع أبكر آدم اسمعيل الفكري المؤسِّس، والهام جدا “جدلية المركز والهامش”، ليست بسبب من أدائه الأدبي، وبالذات الفكري المتميز حقا، ولا عن أمور تتعلق بشخصه (كالقصة المرحة/الخبيثة عن الشاكوش ورده عليها كما أشار كبر).. ولا بسبب أيضا من معظم تفاكيره الصائبة التي في المقال/الكتاب.. ولكنها أزمة سوء ظن بحقيقة موقفه السياسي ومن المآلات التي اقترحها في ورقته.. وهو سوء الظن الذي نتج عن الاندغام الذي حدث بين (١) مقترحه الأول بالذات من ثلاثة المآلات المحتملة لجدلية المركز والهامش، والذي اقترح فيه قيام الثورة عبر كتلة تاريخية (أيا ما تتكون منهم)، للإطاحة “بهذه الوضعية التاريخية” المأزومة.. وبين (٢) اختياره الإنضمام لمنظومة ظلت تقاتل (حكومة الخرطوم/المركز/الجلابة/الشماليين/مندوكورو/قبائل محددة.. إلخ) أو غيره، لافرق من حيث أن هذه المفاهيم لم ولا تكاد تنفرز خارجا عن مداولات بعض المثقفين وليس كلهم) ..

إن انضمام أبكر لمنظومة الحرب مع منظمة لم يكد خطابها الجديد، أو بعده لم ينجح، في تجاوز حقيقة أن حربها قد نشأت وتستمر عن وعي قومي ظل يتكامل مغايرا، ومعلنا للتضاد الهويوي بل والقومي، مع غالب الوعي القومي العام شمالا.. وأنها كمظومة تاريخية، فليس بالضرورة انطلقت وتنطلق عن خطاب فكري وتعبوي يفرق بين تلك المسميات للعدو كما يحاول أبكر وم.ج.أ هاشم مثلا.. ف
هنا إذن، ومن هكذا الانحيازات والتبني الصريح للخيار الأول فقط من ضمن المآلات التي توقعتها الورقة، فقد حدث ما أسماه كبر بالضرر الفكري، أو ما قلت أنا إنه سوء الظن بالأطروحة وبصاحبها، بما داخلتها عديد الالتباسات الخطابية التي ليست بعمق الفكرة في الأطروحة، ولا تشترك مع أصولها ولا في هدفها، أو كما قلت سابقا، التباسات دفعت وفرضت على م.ج.أ. هاشم بعض الوقفات والمراجعات والتأكيدات على أصل الفكرة.. وبالتالي فقد تضاءلت فرص الأستفادة من صحة التحليل في الأطروحة (جدل المركز والهامش) وما كشفت عنه صحيحا من طبيعة وآليات الصراع.. بالمناسبة، توقع انفصال الجنوب ليس كشفا لمن كان يتابع نمو الحس القومي جنوبا حتى منذ ما قبل الاستقلال!!

هذا هو الأمر عندي، تداخل السياسي المباشر المستعجل والمتحول، مع الفكري المستمر والأكثر ثباتا.. وإلا.. فإن فهمي لأطروحة محمد جمال عن دولة (اللاهوية) ودعواه فيها، إنها لا تختلف كثيرا أو قليلا عن مقولة أبكر آدم اسماعيل التالية.. والغريب إنها الجملة الثانية من ضمن الفقرة عن الاحتمال الأول في احتمالات المآلات، ثم ضاع معناها وجدواها في خضم الخيارات السياسية/العسكرية.. كتب أبكر: (تأسيس الأوضاع بشروط جديدة تستند على حقيقة التعددية وتلتزم بتوجهات العدالة والمساواة والتعايش السلمي، والارتفاع بقضية الهوية المشتركة ـ هوية الدولة ـ من الظرفية إلى التاريخ (أي لكل هويته والدولة للجميع) حتى يحكم التاريخ في مسألة (الذاتية السودانية) جيلا بعد جيل.)..
ولكن.. للتوصل إلى مثل هذه الدولة فلابد من عودة إلى خيار المساومة التاريخية ليس كما في التعميم (المسيَّس) كما قاله أبكر هكذا:(المسألة مرهونة بمقدار التنازلات التي يمكن أن تقدمها النخبة الإسلاموعربية (يمينها ويسارها) واستعداد قوى الوعي والمهمشين للتضحية للاتفاق على برنامج حد أدنى مثل (ميثاق أسمرا للقضايا المصيرية) والالتزام به مما قد يؤدي ـ على المدى الطويل ـ إلى التحولات الضرورية، وإنجاز ما كان يمكن أن ينجزه فعل الثورة.)
عمليا؛ فمثل هذه التنازلات لا يمكن حتى تصورها في المدى القريب إلا عبر، بل ليس بغير، المساومات الدستورية والقانونية والأدارية التي تبعد الدولة عن كل الانحيازات الهويوية المسبقة.. وبالتفاوض على وإقرار السياسات المؤطرة دستوريا كمثل سياسات الحكم اللامركزي الموسع، واجراءات التمييز الإيجابي، وجعل الانتخابات بقانون التمثيل النسبي مثلا.. وبالتعديل في سياسات التعليم لتراعي الخصوصيات والحقوق الثقافية واللغوية لمن يشاء، وفي تفعيل قوانين الفرص المتكافئة للجميع في الدولة.. كلها خطوات نحو دولة اللاهوية أو دولة دولة (لكل هويته والدولة للجميع)..


Post: #56
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-10-2018, 11:44 AM
Parent: #55

شكرا هاشم وكبر

موقف دينق هنا يشرح بوضوح وضعية نحاول جاهدين شرحها ..
واعتقد ان موقف دينق أكثر واقعية تجاه اطروحة المركز والهامش

بالنسبة لي دينق هناك مشروعية تاريخية للصراع المسلح بخلفية الاقصاء والتهميش على مستوى السلطة والثروة بالاضافة (او بناء على) التمييز العرقي والاثني وأخيرا الثقافي كما جاءت به قريحة م ج هاشم والباقر وابكر آدم اسماعيل في فترة لاحقة من الصراع المسلح.. واعتقد ان التكييف الثقافي للصراع في السودان وفر غطاء فكري ممتاز واضفى شيء من الجلال الفلسفي على محركات الصراع المسلح... والعلاقة متبادلة هنا .. فتاريخ الصراع المسلح اسبغ رمزية ثورية لمخرجات التحليل الثقافي وبحيث يسهل جدا دمغ الناس بالرجعية والعروبية والاسلاموية بمجرد نقدهم لرؤى التحليل الثقافي (سأقول بالاسفل ان كتيب جدلية المركز والهامش عاد بمثابة احد اناجيل الحركات الثورية المسلحة في الجنوب والغرب)

ما كان ابكر يريد به ذلك او ان مشروعه الفكري قيد الاكتمال والتطور بعد (موقف كبر) .. هذه مسألة اخرى تماما لا ولن تكتسب ذلك الزخم الكبير لما ترسخ عميقا في ارضية الواقع.

الثابت في الامر ان ذلك الكتاب بمثابة احد اناجيل الحركات المسلحة في السودان على المستوى الفكري .. وهناك مفارقات كثيرة هنا .. فالكتيب بتقييمي المتواضع لا يخلو من "الشعبوية" ما يكفي, حتى, للسيطرة على تفكير ابناء الحركة الاسلامية في دارفور ممن هم الآن في صفوف المعارضة السياسية والمسلحة.. انا لا انفي الجهد المعرفي ولكني اقول بوجود التحيزات الفكرية والاعتبارات الاثنية الضيقة وعندي الكثير من الشواهد في الكتاب ومنها سكوت ادوات التحليل الثقافي عندما يتعلق الامر بابناء القبائل العربية من الرعاة في دارفور الذين يلصق بهم ابكر آدم ديباجة هامش المركز (وضعية حهوية بامتياز لا علاقة لها بمنهج التحليل المعتمد في الكتاب مع العلم بان تقييمي الشخصي انهم نموذج مكتمل واكثر محافظة على الثقافة العربية في انماط العيش والتفكير والعلاقات العشائرية وضروب الفن المختلفة وموضوعاته .. وليس ذلك قدحا على الاطلاق كما هو واضح) ..

بالعودة لموقف دينق هنا فهو مفسر بصورة واضحة .. ما قاله ابكر ادم اسماعيل هو عين الحقيقة فلا تمارسوا الالتفافات يا (جلابة = عروبيون) .. الكلام بلسان الحال هنا وبحسب تقييمي الشخصي وقد اكون مخطئا ولكن ابكر ادم اسماعيل قال كده حينما ادعى ان "الجلابة" هم من اقاموا دولة القومية العربية في السودان .. التجار من قبائل الوسط والشمال العربية هم من اقاموا صرح القومية العربية في السودان عبر مكنيزمات التعميم والاختزال في الفترة التركية .. كان ذلك صحيحا او غير ذلك ولكن فكرة الربط بين الجلابة والقوميون العرب عندها جذرها التحليلي الثقافي في الكتاب.

يقول ابكر في صفحة 194
واذا استحضرنا قوانين النسق .. خاصة قانونا التناسق الداخلي وقدرته على التوسع والامتداد, فاننا نستطيع ان نتصور ونفهم ان هؤلاء الجلابة هم الذين اسسوا ما يمكن ان نسمية "القومية العربية" في السودان مقابل الوضع القبلي الانعزالي الذي كان سائدا وهذه "القومية العربية" هي تحديدا مدلول (الخطاب الرسمي) .. الخطاب الذي يتكلم عن (القومية السودانية) وهو في جوهره يقصد (القومية العربية)


هل لاحظتم الربط هنا واشارات دينق لكل الذين يتحدثون عن القومية السودانية باعتبارهم يتحدثون في الواقع عن (القومية العربية) بالالتفاف ؟!!

ثم انظروا لما اتحدث عنو في الفرق بين المحتوى البنيوي والمحتوى الدلالي .. او البعد التأويلي الممكن في النص والذي يتجاوز معلومة او ادعاء ان الجلابة هم من اقاموا دولة القومية العربية .. ليكون الاستنباط الابدي والمستمر من ذلك النص ان متى وأين ما تحدث الجلابة عن (القومية السودانية) فانهم يتحدثون في الواقع عن (القومية العربية)

Post: #57
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-10-2018, 04:23 PM
Parent: #56

العروبو/لإسلاموية والأفريقية والمركز والهامش "ما الفرق؟" وتوجد ملاحظات هامة ختامه!

نظريات الهامش والمركز كما لخصها مرة محمد جلال هاشم، إذ يقول: (مفهوم التهميش
خلفية المصطلح
نشير إلى أن إدخال مصطلحي "المركز" و"الهامش"، الذي تولّد داخل أروقة الفكر الماركسي المحدث بعيد منتصف القرن العشرين، وذلك في تحليل أوجه الصراع الثقافي والسلطوي في السودان بدأت عام 1968م، عندما استخدم علي مزروعي [1971] المصطلحين في معالجته النقدية للصراع الثقافي بين مستعربي السودان وما شاكله من دول ذات شعوب مستعربة أسماها الهامش (السودان، الصومال، موريتانيا، جيبوتي)، وبين العرب العاربة الذين أسماهم المركز. في عام 1986م قام كاتب هذه السطور في الإصدارة الشعبية الأولى لكتابه منهج التحليل الثقافي بتوطين هذه المصطلحين في تحليله للصراع الثقافي في السودان بالنظر إليه على أنه بين مركز إسلاموعروبي وهامش أفريقي؛ وقد استصحب مع مصطلحي "المركز" و"الهامش" مصطلحي "الوسط" و"الأطراف"، ليركن بعدها في الطبعات الثلاث اللاحقة (1988؛ 1996؛ و1999) إلى مصطلحي "المركز" و"الهامش". بعد ذلك قام عبد الغفار محمد أحمد [1988]، متبنّياً رؤية علي مزروعي بخصوص الحزام الهامشي للدول العربية ، بمعالجة قضايا الصفوة والطبقة المثقفة في هذه الدول الهامشية من حيث تحامل رصيفاتها في باقي الدول العربية العاربة عليها. كما استخدم منصور خالد (1993) مصطلح "المركز" دون "الهامش" بمحمولات جغرافية ديموغرافية ("أهل الحضر والريف"؛ "المركز والتّخوم"). فيما بعد تمّ تكريس هذا المصطلح عبر كتاب أبّكر آدم إسماعيل جدلية المركز والهامش [1997] بأجزائه الثلاثة. ذلك المقطع من محمد جلال هاشم (2005 سودانفورأول).

وعندي أن أهم جزئية سائدة كمعطى نهائي في رؤى الهامش والمركز هي ملخص محمد جلال هاشم الوارد أعلاه وما دونه لم يحقق الإنتشار أي لا أثر له إلا على الورق: (في عام 1986م قام كاتب هذه السطور في الإصدارة الشعبية الأولى لكتابه منهج التحليل الثقافي بتوطين هذه المصطلحين في تحليله للصراع الثقافي في السودان بالنظر إليه على أنه بين مركز إسلاموعروبي وهامش أفريقي؛ وقد استصحب مع مصطلحي "المركز" و"الهامش" مصطلحي "الوسط" و"الأطراف"، ليركن بعدها في الطبعات الثلاث اللاحقة (1988؛ 1996؛ و1999) إلى مصطلحي "المركز" و"الهامش") محمد جلال هاشم.

هذه الثنائية النظرية تتضمن بعدين في واحد 1- العروبو/إسلاموية 2- الأفريقية .. والعروبو/إسلاموية يمكن إستبدالها بالمركز والأفريقية يمكن إستبدالها بالهامش.

أي أن المركز "مركز إسلاموعروبي" أي عرقي وآيديولوجي في ذات الأوان" وهامش أفريقي أي عرقي فحسب في مقابل الآيديلوجيا العرقية القائمة وهنا سرعان ما يتم إستراك أن المقابلة فيها مشكلة كون البنية الواقعية (العرق الأفريقي هذه المرة أو الجماعة الثقافية لا يهم) لا يصلح منطقياً وعملياً مقابلتها بصورة ذهنية هي "الآيديولوجيا" مادام إستعصى لوهلة مقابلتها مفهومياً بالعرق العربي صراحة (عرب وافارقة كأعراق). عند هذه اللحظة تتم محاولة جعل "العربو/إسلاموية" سلطة آيديولوجية مركزية حاكمة ومتحكمة في مقابل هامش (اين ذهبت كلمة افريقي هنا؟).. لا حوجة لها هذه المرة لان تجريد "العروبية والإسلاموية" من العرق يقتضي حدث جديد هو تجريد الأفرقانية بدورها من صفة العرق لتصبح آيديولوجيا مقابل آيديولوجيا. ولكن في الحقيقة يظل الرشح العرقي ينز من تحت الغطاء كل مرة والسبب أن الفكرة مبنية من حيث الجوهر على تضاد ثنائية الأعراق وإلا ستسقط الفكرة كلها كونها قائمة على دعوة مهمة أن هناك (مظالم تاريخية) وعند هذه النقطة أنت تحتاج أن تحاكم جماعة فيزيائية لا أفكار وإلا لكانت الإشتراكية والعدالة الإجتماعية كافية لتعادل العروبو/إسلاومية ولا يكون إذن حوجة لذكر العرب والأفارقة في هذه الحالة.

ولذا كثيراً ما يختلط عند هذه الرؤية: التاريخ بالراهن والسلطة الزمنية بسمات المجتمع القيمية والعنصرية الآنثروبولوجية القديمة المتجددة بالنزاعات السياسية اليومية وتاريخ الرق والإستعمار والتبعية بالمكاسب السياسية الآنية.. لأن الرؤية في جوهرها ملتبسة وفق هذا التصور.

سأواصل لاحقاً شرح هذه النقطة التي أراها جديرة بالإعتبار. ولكن قبل أن اذهب واعود.. عندي ملاحظات أراها هامة حيال هذا النقاش المفيد والممتع بالنسبة لي إذ لا أستطيع أن اتحدث بلسان الآخرين.

هنا ملاحظات أراها هامة لموضعة النقاش العملي (غير الاكاديمي الجامد) في مجاراه الصحيح الذي نستطيع أن نخرج منه معاً بنيجة تلامس الواقع المعاش لا التهيئات الذهنية أو الرغائبية وبالتالي الأمل في المساهمة ولو بقطرة في تقارب الرؤي في حل الازمة السودانية المزمنة.

كلنا نتفق أن هناك أزمة معلومة طويلة الامد يعاني منها السواد الأعظم في المركز والأرياف:
1- أزمة الدولة "السياسة والإدارة والقانون" و2- ازمة المجتمع الذي يقوم على بنيات تاريخية بالية وهي واقع "العشيرة والقبيلة والطائفة الكلاسيكية والإقصاء والإقصاء المضاد والعنصرية الآنثروبولوجية والأخرى المنظمة".. و3- مظالم التاريخ (الرق والإستعمار وسوء توزيع موارد البلاد) إضافة إلى 4- التداخلات السلبية للاقليم والعالم في تغذية حالة اللا إستقرار في السودان الحالي. (طبعاً هذا تلخيص عاجل وفق تصوري الخاص).

هذا البوست لا يتحدث عن آراء د. ابكر أسماعيل أو محمد جلال هاشم أو الباقر العفيف حصرياً بل تم أخذ ملخص لرؤاهم حول ماهية المركز والهامش والعروبية والأفريقانية لذلك نحن ننقاش الفكرة الكلية لا الامثلة مفردة "هذا كثير" وإلا سنحتاج أن نفتح بوستات جديدة.

أهم مافي هذا البوست من وجهة نظري هو النظر في ماهية الهوية نفسها ثم دولة اللا هوية. الهوية ليست العرق والآيديولوجيا كما تحصرها الكثير من الكتابات وتفعل أيضاً قراءات الهامش والمركز التي نحن بصددها.. هناك إغفال للتنوع الهويوي الروحاني والمدني إلخ لمصلحة إتساق الرؤية نظرياً (راجع الحلقة الأولى من دولة اللا هوية اعلاه، لا أعني أفتتاحية البوست فقط عددة مداخلات إلى الأعلى، هذا هام، لمن أراد أن يحاجني فيما اقول ويفيد قولي.. وطبعاً تلك أمنية والناس أحرار).

وأخيراً لا أتمنى أن ينزلق هذا الحوار إلى نزاع ذهني مجرد.. لم يحدث فعلياً بعد لحسن الحظ.. نريده كما هو شيء عملي.. أن نتقارب مع الواقع، مع الازمة بصورة موجبة.. لهذا سنتحدث أكثر "شخصياً سافعل جهدي" للحديث عن ماهية دولة اللا هوية وكيف يمكن تنزيلها في أرض الواقع.

---
التعديل: لا شي مهم أو ضاع.. عدة أخطاء فنية في النقل من البوست الآخر.. تم إصلاحها.. معذرة

Post: #58
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-10-2018, 06:36 PM
Parent: #57

دينق سلامات
Quote: It is very ironic

دعاة الدولة العربية بالامس صاروا اليوم دعاة الى ما يسمى ب "دولة اللا هوية"!

هل هي مجرد صدفة؟؟


مع إني ما فاهمك كويس.. لكن طيب دا كويس ولا بطال وانت فهمك شنو لدولة المستقبل (سودان جديد نحن معاك.. أنا وجماعتي (المشرف وهاشم) تاني ما متاكد المعانا منو هنا في البوست دا.. كيف يتحقق السودان الجديد.. عملياً.. تغيير العقليات دا داير اجيال ودا شيء إجتماعي هويوي متحول.. نحن دايرين دولة صلدة تحفظ حقوق الجميع وتنفذ القانون على الجميع وللجميع نفس الحقوق والواجبات وعلى الجماعات ايضأًاً، كيف يتحقق ذلك!. ما هو فهمك لدولة اللا هوية.

بحاول أدخلك في النقاش معانا علنا نستفيد من كلامك المفصل والمبرر بدل ان تتهكم علينا بسطرين وتمشي.. مرحب بك إذن

Post: #59
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-10-2018, 07:00 PM
Parent: #57

Quote: وتتساءل متعجباً من قولنا: وين الحظـــــــــــــــــــوة دي؟ فانت كما تقول كادح كالح من غمار الناس هايم في الشوارع الكالحة (وطبعاً الشوارع الكالحة دي شوارع الخرطوم وأمدرمان (محل الرئيس بينوم والطيارة بتقوم) تعرف يا صديقي قبل عدة سنوات قعدنا نحن تلاتة فلادلفيّون مع أرْكو مَنِّي مِناوِي (تأمل في الإسم) الكان زاير للمدينة نتونس ونسة ذات شجون فوصف نفسه بإنه محظوظ جداً لأنه أحد 3 واصلوا تعليمهم بعد الإبتدائية من 30 والسبب إنهم وهو طفلٌ غضٌ غرير كان عليه أن يمشي كل صباح عدة كيلومترات ليصل للمدرسة وما كانت تلك مشكلة كبيرة فطبيعة الحياة هناك هكذا ولكن عندما دخل الفصل تم جلدهم جميعاً لأنهم لا يعرفون من العربية إلا كلمتي السلام عليكم ولكن كانت قوانين المدرسة تقول أن من ينطق بكلمة غير عربية في الفصل (يرطن) يُجلد. كان تعلم العربية المدرسية بنحوها وصرفها، بعجرها وجرّها في حد ذاته هم كبير أمام هؤلاء الأطفال. أما مبنى المدرسة، معداتها ووسائلها فحدث ولا حرج، أما تأهيل معلميها فحدّث ولا حرج، أما الإهانات اليومية التي يتلقاها الطلاب الغر الميامين من معلميهم من شاكلة نهم لا يصلحون إلا للرعي فحدّث ولا حرج، أما أين يذهبون بعد إنقضاء ساعات المدرسة فحدث ولا حرج، ليس للبيت كما كنا نفعل يا صديقي بل لأعمال تشق على كبارناهنا وعنها فحدّث ولا حرج، كيف وأين يذاكرون دروسهم وهل من معين فحدث ولا حرج


تحياتي استاذ سناري

انا موجود في المركز الوهي دا بسبب صدفة ( في ناس قاعدين هناك من 1948 وحتي الان لاشافو تعليم لابعرفو فلسفة

)، يوم امي زهجت من شظف

العيش في الشمالية وشالت اخوها في (صفحتها) وجات الخرتوم او امدرمان تحديدا

واتزوجت ابوي وبرضو جا صدفة للمركز الوهمي ، ومن هناك مشو الابيض وقعدو

سنين طويلة لغاية ماجات دورة البؤس هناك ورجعوا امدرمان تاني ، بتكلم عن سنة 1948

تاريخ كفاح طويل مامجاله لكن فخر لابوي وانا طبعا ، اصلا العلام والصحة دايما في المدن

والمدن دي يسكنها كل الاثنيات حتي اسماءها تعكس طبيعة تركيبها الاثني منذ زمن طويل

شايف الناس همها كلو تبحت في الخطاب عن نظرية مؤامرة وكان الخيارات كانت متوفرة

لجيل الاستقلال او قبله ربما ، مثلا نسمع لماذا قام مشروع الجزيرة في الجزيرة ولم يقم في دارفور

وكانما اقامة المشروع هناك مؤامرة مؤكدة وسوء توزيع للثروة ، والمعروف ان المشروع اسسه

الانجليز وكذلك سهولة الري الانسيابي ، المدارس كانت 49 لغاية الستينات تقريبا (خورطقت وادي سيدنا ،امدرمان الوسطي الخ

فهل توجد

بالفعل عقلية مؤامرة وسوء توزيع للثروة الخ

https://ar.wikipedia.org/wiki/التعليم_في_السودان

توسع التعليم في عهد مايو وكان معظمه بالجهد الذاتي (ادم يعقوب اسس مدرسة

وسطي في الثورة الحارة 14 وبني مسجد دفن فيه) وهو من كبار الرسماليين من دارفور

مشكلة الخطاب السياسي لدي النخبة المثقفة يحاكم الماضي بعقلية الحاضر وتسييس خطاب

الماضي علي انه تامري كله !!

واحدة من مشاكل الجنوب ان الحكومة المركزية تخوض الحرب هناك والمثقفون يجاملون

كل ماهو جنوبي ! مرة في احد اركان النقاش ذكر متحدث جنوبي انهم سيتولون علي السلطة

ويرمون كل الشماليين في البحر وكان ردي عليه في نفس ركن النقاش : ح يجي يوم تاني ضدكم

ويرميكم الشماليون في البحر ، فماهو التفكير السليم ؟ اليس الافضل ان نتحالف ضد الاخوان المسلمون

لانهم مشروع للاقصاء لنا جميعا ، وبالفعل تغير مجري النقاش ، بل تحالفنا واسقطنا الكيزان !!

نفس هذه العقلية موجودة الان وسط مايسمي حركات السودان الجديد ، التي تخدم تابيد واطالة عمر

النظام ...التهميش واقع علي الجميع من كل الاثنيات حني في قلب العاصمة ...دعونا من المسميات

المتوارية خلف لافتات براقة وملتبسة من مركز وهامش وتخفي وراءها مخزونا عنصريا بائنا

فالصراع اليومي معقد جدا طبقي وثقافي ، رئيسي وفرعي ، طبقة فقيرة ضد نفسها وقوانين تتواري

وتخفي طبيعتها الموجهة ضد الفقراء ويستخدمها الفقراء ضد انفسهم ، المسالة اكثر تعقيدا من مجرد

خطابات منمقة وبلغة فصحي تختلف عن الكلام اليومي العنيف ضد بعضنا البعض نحن المقهورون

ماحدث لمناوي حدث للالاف في كل انحاء السودان ولم يتعلموا ولم يتعالجوا حتي لحظة كتابة هذه الاسطر

وجولة صغيرة علي المستشفيات تكشف عن الفئات المقهورة وربما معظمها من الحزام النيلي صاحب الحظوة

لي عودة ودون مجاملات علي الاطلاق

Post: #60
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-11-2018, 00:26 AM
Parent: #59



مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك*

ورقة عمل قدمت في إطار "نداء لندن من أجل السلام والتنمية والعدالة في شرق السودان"، 17 سبتمبر 2005.

http://www.sudan-forall.org/sections/kitabat_naqdiya/pages/mjh_1.htmhttp://www.sudan-forall.org/sections/kitabat_naqdiya/pages/mjh_1.htm

Post: #61
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kabar
Date: 08-11-2018, 05:19 AM
Parent: #59



كتب محمد حيدر المشرف:
Quote:
شكرا كبر ..
وكما ذكرت لصديقنا هاشم في مكان آخر انني وبسبب مداخلة كبر اعدت قراءة جدلية المركز والهامش, قراءة جديدة في دفاتر الصراع, الطبعة التانية 2015 ,, (مصدر ذلك يا عزيزي انني فشلت تماما في الموائمة بين مواقف كبر الفكرية كما اعرفها في المنبر وتلك المداخلة !! (قد اكون مخطئا بطبيعة الحال)


ول ابا محمد المشرف..حبابك يا صديقي..
نحن نفر يؤمن بالدفقة الأولى في التصور..ونعدها الأصدق دوما..وذلك في قراءتنا لتاريخ النفس البشرية لأزمان قد لا تعلم عنها..!
اذا فشلت في الموائمة..فاعتمد تصورك الأول (لأنه نابع من ضمير صافي)..
مشروع كبر لم يكتب بعد يا صديقي ، واشكر لك تبيان ملامحه الأولى..!
التناقض قد يبدو في بعض المحطات والمعارج ، وهذا تناقض يصعب علينا الآن تبيانه و اثبات خطله..!!
وحتى لا اظلمك يا محمد حيدر المشرف..دفاعي عن افراد شاركت في مؤتمر الحوار الوطني ، هو مثله مثل دفاعي عن ابكر ادم ومحمد جلال هاشم ( لأ اغشك يا صاحب فلن استطيع الدفاع عن الباقر العفيف..!)..دفاع عن افراد اعرفهم ولا يعني ذلك اتفافي مع ما يقولون ويرون...فكرة (النبالة/الشرف) التي كتب عنها الكندي تشارلس تايلور وانتبه لها هاشم الحسن..!!
انا اختلف مع ابكر ادم ومحمد جلال هاشم ، وقبلهم عبد الغفار محمد احمد وخالد الكد..ولكني اؤجل الإختلاف حتى اجد ساحة تحترم الإنسان فينا...!!
مالك زغت ، يا محمد حيدر المشرف ، من تحرير رسالة الضابط العظيم التي ارسلها لصاحبك كبر؟..هو الأصدق فينا يا محمد حيدر المشرف ، هو الأشرف فينا طرا...!!..ولو حكيت القصة (صاحبك كبر) لهاشم الحسن..السودان ح ينقلب عاليها على سافلها..!!!
وليه بتجليها يا محمد المشرف؟..ليه ما يكون المثقف الفكري الثوري..صاحبك الذي
خص كبر برسالة عشان يكشف فيها مكانيزم الصراع في المنكوبة امسودان؟..
كبر

Post: #62
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kabar
Date: 08-11-2018, 05:23 AM
Parent: #61


كتب هاشم الحسن:
Quote:
عن شارلز تايلر... وهو مصدر لــ ومفتاح إلى مفاهيم الهامش والمركز..


ول ابا هاشم..حبابك يا صديقي
ومثلما دوما تقول انت الكلام بجيب الكلام..
كتر خيرك على تشارلس تايلور ، ولدي كتاب قديم اراجعه باستمر وهو تحرير جماعي يشترك فيه لوري لابير ، جاك ماكلواود ، تشارلس تايلور ، والتر يونغ..وهو مقالات عن اليسار في كندا..فيه تنظيرات احلم بان اطبقها في امسودان..!..اضافة لأعمالهم الأخرى..
شكرا لحسام الدين على مجيد الذي اجتهد كثيرا في تلخيص الورقة..
الناس ديل يا هاشم لمن تقراهم في لغاتهم الأصلية ستجد مفارقات طريفة وعديدة تسقط احيانا بفعل الترجمة او التلخيص الى لغة اخرى..
فكرة (سياسة الإعتراف/ وسياسة الإختلاف) هي تنظير قائم على وضع واقعي..ووالد رئيس وزراء كندا الحالي (بيار ترودو) هو الذي ابتدع سياسة التعددية الثقافية وجعلها قوانين وثقافة تمشي بين الناس..وهي من المحاور التي اعتمد عليها تشارلس في مقارباته عن سياسة الإعتراف..!
هذه الفكرة تقاربها افكار عبد الغفار محمد احمد ، ابكر ادم ، محمد جلال هاشم..عبد الغفار هو الذي حاول توطين مفهوم (الوحدة في التنوع)..التي صاغها في اواخر السبعينات وطورها في الثمانينا ، وهي الفكرة التي تأثر بها (كما ازعم) الواثق كمير حينما صاغ المنفستو الثاني للحركة الشعبية الموسوم (رؤية السودان الجديد) ..وقد قدم ادريس سالم الحسن نقد جيد لهذه الأطروحة وغيرها من اطروحات من منطلق مفاهيم الأنثروبولوجيا الثقافية..واظنك قد اطلعت على هذا النقد في احد دوريات التي كانت تنشر في مركز الدراسات الثقافية في القاهرة لحيدر ابراهيم علي..التحية لهم جميعا..
في كندا (وهو النموذج الذي ندعو دوما لقراءته والتاثر به مثلما نموذج الهند) الهوية وصلت مراحل متطورة للغاية..وكلام تشارلس تايلور يلامس تفاصيل لو ذكرناها لأهلنا في امسودان لظنوا ان الرجل مجنون..من تلك المثافات يا هاشم..اليوم لو ذهبت الى أي مول كندا ، في موقف السيارات (الباركنغ) ستجد مواقع مخصصة لذوي الإعاقة واذا بركنت فيها سيارتك ستدفع غرامة بالشي الفلاني..دورات المياه فيها علامات واضحة (نساء حوامل/مرضعات ، رجال ، اسرة ، ذوي اعاقة ، مسنين)..مداخل المباني..لابد ان يكون فيها مدخل يستوعب ذوي الإعاقة والحاجات الخاصة ، في المركبات العامة (بصات ، مترو ، تكاسي..الخ) توجد علامات خاصة تستوعب كل تلك الفئات..!
المربك يا هاشم..هناك مطالب تتعلق بالمتحولين جنسيا..بان تكون لهم دورات مياه تستوعبهم وتحترم هويتهم..!!..واذكر ان دار نقاش بيني وبين بنتك الآنسة شهد كبر حينما كانت في نهاية الثانوي العالي..عن هذه الفكرة الغربية..وهي تسألني هل احترم مثل هذى الحقوق ام لأ؟..طبعا روايتي (التعاريج) فكرتها الأساسية تقوم على متحول جنسي ، لكني ارتديت وزغت بالباب العديل..واختلقت فكرة فيها تسويف اخلاقي كبير..!!!!
أي اورينك تملاهو لأغراض رسمية ، توجد خانة الحالة الزوجية..وهنا اختفت مفاهيم مثل زوج/زوجة ، وظهر بدلها قرين..
Spouse
الأكاديميا تتعامل مع فكرة الحياد في اللغة ، وكنت في بداياتي في هذا المنبر حينما اكتب (صديق/ة) الناس كانت بتستغرب..أي فلقصة هذى...!!..وانما الأمر كان شفافية ومحاولة سيادة ثقافة جديدة ان تكون اللغة محايدة..!
هذه السياسة (التعددية الثقافية في كندا) لم تتوقف فقط في المظاهر والعلامات ، وانما هي حقوق اصيلة.. فالمعاق في كندا مثلا انسان من الدرجة الأولى مثله ومثل الأخرين (في كندا وزير فيدرالي معاق لعكس جمال هذه السياسة)..لذلك مقاربات تشارلس تايلور تابعت تاريخ التحول من مفاهيم مثل (الشرف/الفخر) الى مفاهيم اكثر انسانية (المساواة في الكرامة) وتشارلس يعتبرها مفاهيم عالمية ، ويزيد عليها فكرة سياسية (الأختلاف) أي الكرامة للفرد وللجماعة ، الكرامة المنزوعة (تأريخيا) بسبب هيمنة ثقافة على اخرى..!
نفسه تاشرلس تايلور ، الذي كان ينظر لحركة المزارعين وصغار المنتجين والمشاركة في التنظير لتكوين منظومة سياسية (حزب) يظهر اليوم في كندا باسم الإن دي بي..وحينما اقرأ تاريخ هذا الحزب وانجازاته العظيمة اسأل نفسي: هل يا ترى ممكن الواحد يعمل حزب زي ده في امسودان؟..
صاحبنا محمد جمال ، يا هاشم ، شكلو مرات بيستعجل الحاجات ، وهنا احترت فيه ، فمحمد جمال الذي يكتب ويبشر بفكرة المجتمع المدني ، اراه هنا كأنه يستعجل فكرة الإختراع..كانه يريد ان يقول لنا أنا من اخترعت مفهوم (دولة بلا هوية)..!!
كلام محمد جمال ، يا هاشم ، عن المجتمع المدني ومنظماتها ليس كلام نابع من فراغ وانما هي تجربة حقيقية جعلته يقول بذلك وليته وقف عندها وطورها..!
من باب النقة المشاترة يا هاشم ، محمد جمال في السن برلومي في جامعة الخرطوم ، وعملنا سويا في حركة الحياد (اسسها البعض قبلنا) وطورناها واحدثت بعض الوقائع المفارقة في تاريخ جامعة الخرطوم (التفاصيل موجودة فيمن يرغب في المراجعة) ثم تفرقت بنا السبل والخطوط ، وما لا يعلمه محمد جمال اني حينما كنت عابرا بالقاهرة كاد ان يستغلني البعض للذهاب الى اسمرا (لأن الغرابة ، يا جمال ، قلبهم حار وناس دواس ولازما يمشوا الجبهة)..ومحمد جمال ، مثله ومثل ابكر ادم ، تورطوا في دعم العنف (حركات مسلحة) بدرجات متفاوتة..!
لذلك ، حينما يتحدث محمد جمال عن فكرة دولة (بلا هوية) فانا افهم من اين ينطلق..فكرة (المحايدين ، أي والله يا محمد حيدر المشرف)..واشعر بعجز اخلاقي ان ظهرت بمظهر من لا يدعم فكرة محمد جمال ..ولكن..!
الدنيا بتعلمك الكتير الكتير..فان نجحت فكرة المحايدين في النشاط الجامعي..فعليها الكثير الكثير لأن تكون فكرة بين اوساط المجتمع السوداني المتشابك..!!
قبل ان اخرج من هنا يا هاشم..شكرا على اثارة سؤال الأدوات والأليات (الهيكل الإداري والدستوري) التي يمكن من عبرها تطبيق مشروع محمد جمال عن دولة (بلا هوية)..واعتقد ان صديقنا دكتور ماجد (سناري) قد نقل الفكرة لبراح اوسع..وهذا ما يجب على محمد جمال الإجابة عليه حتى يتفوق على تنظيرات من ذكرهم بالإسم ثم زاغ..!!
كبر

Post: #63
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kostawi
Date: 08-11-2018, 05:47 AM
Parent: #62


Post: #64
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kostawi
Date: 08-11-2018, 05:51 AM
Parent: #63


Post: #65
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kostawi
Date: 08-11-2018, 05:55 AM
Parent: #64


Post: #66
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kostawi
Date: 08-11-2018, 06:07 AM
Parent: #65


Post: #67
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kostawi
Date: 08-11-2018, 06:27 AM
Parent: #66


Post: #68
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-11-2018, 07:23 AM
Parent: #63

Quote: .طبعا روايتي (التعاريج) فكرتها الأساسية تقوم على متحول جنسي ، لكني ارتديت وزغت بالباب العديل..واختلقت فكرة فيها تسويف اخلاقي كبير..!!!!


يقول هايدجر (اللغة هي التي تتحدث فينا ...

ويقول فوكو بفكرة موت المؤلف

وفي رواية احداث موت معلن او الباب الحتمي نسي القاضي شغله القانوني اثناء

الجلسة وطفق يرسم خطوط علي الورق عبرت عن نزوعه الادبي

المسيطر عليه ، وطبعا -هنا - صوت المؤلف قارسيا ماركيز

اها انت يا كبر -الرجل القانوني - لاتستطيع مقاومة السرد القصصي حتي لو كنت

في معرض حديث يتسم بالعنف الرمزي كما حال الحديث عن سؤال الهوية

انا زيك مفتون بتجربة كندا من سرد شقيقي بدرالدين عندما كان معنا لمدة 3 اشهر

ورجع اليكم ، والان بعد عمر ناهز الست وسبعون عاما يتلقي الاهتمام في مركز (الرهاب)!

كمواطن كندي ، ولانني لم اوفق بالهجرة الي هناك لمرات عديدة ، كرهت كندا واهلها

انتظر اللحظة المناسبة لاغتنام فرصة مختلفة امارس فيها بعض مذاكراتي العبثية

وتعلم الحلاقة في رؤوس يتامي سودانيز ، اللحظة دي لسه ماجات !!

Post: #69
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kabar
Date: 08-11-2018, 08:47 AM
Parent: #68


حبينبنا عبد اللطيف..

كلام مارتن هيدجر سليم..

وفوكو لم يقل بموت الكاتب يا عبد اللطيف..

غايتو..

كل المحبة لصديقنا دكتور ماجد سناري..





عزاؤنا...كلما اتسعت الرؤيا ...ضاقت العبارة...!!!

فيا ماجد ياسناري...

الزهور والورد يا قريبي,,,الشتلوهو وين كده ماعارف...!!


Post: #70
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-11-2018, 09:10 AM
Parent: #69

وفوكو لم يقل بموت الكاتب يا عبد اللطيف..
ــــــــــــــــ

صحيح ليس فوكو وانما رولان بارت ولكن فكرتي وصلت

Post: #71
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-11-2018, 10:12 AM
Parent: #69

أعتقد أن مقولتي جلال وجمال هاتين أدناه ــ من مداخلة لجمال بالأعلى ــ هي نقاط مركزية جدا في ولهذا الحوار!

محمد جلال أحمد هاشم:
(في عام 1986م قام كاتب هذه السطور في الإصدارة الشعبية الأولى لكتابه منهج التحليل الثقافي بتوطين هذه المصطلحين في تحليله للصراع الثقافي في السودان بالنظر إليه على أنه بين مركز إسلاموعروبي وهامش أفريقي؛ وقد استصحب مع مصطلحي "المركز" و"الهامش" مصطلحي "الوسط" و"الأطراف"، ليركن بعدها في الطبعات الثلاث اللاحقة (1988؛ 1996؛ و1999) إلى مصطلحي "المركز" و"الهامش") محمد جلال هاشم.

محمد جمال الدين:
((هذه الثنائية النظرية تتضمن بعدين في واحد 1- العروبو/إسلاموية 2- الأفريقية ..
والعروبو/إسلاموية يمكن إستبدالها بالمركز.. والأفريقية يمكن إستبدالها بالهامش.
أي أن المركز "مركز إسلاموعروبي " أي عرقي وآيديولوجي في ذات الأوان"
وهامش أفريقي، أي عرقي فحسب في مقابل الآيديلوجيا العرقية القائمة..
وهنا سرعان ما يتم إستدراك أن المقابلة فيها مشكلة؛ كون البنية الواقعية (العرق الأفريقي هذه المرة أو الجماعة الثقافية لا يهم)
لا يصلح منطقياً وعملياً مقابلتها بصورة ذهنية هي "الآيديولوجيا"، مادام إستعصى لوهلة مقابلتها مفهومياً بالعرق العربي صراحة (عرب وافارقة كأعراق)..
عند هذه اللحظة تتم محاولة جعل "العربو/إسلاموية" سلطة آيديولوجية مركزية حاكمة ومتحكمة
في مقابل هامش (اين ذهبت كلمة افريقي هنا؟).. لا حوجة لها هذه المرة لان تجريد "العروبية والإسلاموية" من العرق
يقتضي حدث جديد هو تجريد الأفرقانية بدورها من صفة العرق لتصبح آيديولوجيا مقابل آيديولوجيا..
ولكن، في الحقيقة يظل الرشح العرقي ينز من تحت الغطاء كل مرة والسبب أن الفكرة مبنية من حيث الجوهر على تضاد ثنائية الأعراق
وإلا ستسقط الفكرة كلها، كونها قائمة على دعوة مهمة أن هناك (مظالم تاريخية) وعند هذه النقطة أنت تحتاج أن تحاكم جماعة فيزيائية لا أفكار
وإلا لكانت الإشتراكية والعدالة الإجتماعية كافية لتعادل العروبو/إسلاومية ولا يكون إذن حوجة لذكر العرب والأفارقة في هذه الحالة..
ولذا، كثيراً ما يختلط عند هذه الرؤية: التاريخ بالراهن والسلطة الزمنية بسمات المجتمع القيمية والعنصرية الآنثروبولوجية القديمة المتجددة
بالنزاعات السياسية اليومية وتاريخ الرق والإستعمار والتبعية بالمكاسب السياسية الآنية.. لأن الرؤية في جوهرها ملتبسة وفق هذا التصور.

سأواصل لاحقاً شرح هذه النقطة التي أراها جديرة بالإعتبار.)) محمد جمال الدين


بأنتظار مواصلة م. جمال..
عندي وفيهما اسئلة يا ليت تستصحبها يا محمد جمال:
١) في قولك يا جمال: (أنت تحاكم جماعة فيزيائية لا أفكار).. هل الجماعة الفيزيائية يمكن أن تنفصل تماما عن خطابها/أفكارها؟
٢) وأظنك مصيبا يا جمال في أن بعض إشكالية طرح م. جلال (الهامش/المركز) هي في اختزالها الصراع رأسيا في ثنائية الأعراق وثم الاكتفاء بذلك.. وكذلك في تجاوزه/ها لحقيقة تعدد طبقات الصراع بتعدد الهويات الذي لا تهتم له أطروجة جلال.. ولكن في المقابل، هل سيمسح مثل هذا التعدد في الهويات وفي أشكال الصراعات، هل سيسمح بتجازوها كليّة في دولة اللاهوية؟ أعني أن على طرحك هنا أن يناقش وينفي، في استفاضة مقنعة، ما أثاره سناري عن دولة اللاهوية؛ أنها حتى وإن لم تك دعوة مثالية لنهاية التاريخ، فهي على الأقل قفزة فوق الواقع الماثل.. أعني أنك هنا ستحتاج لاستعراض وتوصيف أكثر تفصيلا للطريق العملاني السيعتمده الناس للوصول إلى مثل هذه الدولة، انطلاقا من هذا الواقع السوداني..



++++
يا كبر سؤالك دا لذيذ جدا: {{هل يا ترى ممكن الواحد يعمل حزب زي ده في امسودان؟}}
حزب "شارلس تايلور" دا موجود ياخي، المؤتمر السوداني..
وهذا ليس تعليق سلبي على الإطلاق، بل أنا شديد الإعجاب بحزب المؤتمر السوداني!
Quote: عزاؤنا...كلما اتسعت الرؤيا ...ضاقت العبارة...!!!
فيا ماجد ياسناري... الزهور والورد يا قريبي,,,الشتلوهو وين كده ماعارف...!!
منذ الأمس وأنا أعيد قراءة مداخلتي سناري على أصل لمواطن الخلاف المفهومي فأحررها..
في الأخير وجدت أنه قد لا يكون خلافا كبيرا مع ماجد(يوجد وسأعود لذلك) بقدر ما أغاظتني حكاية مني أركو منّاوي التي بدت لي من نوع المتاجرات السياسوية
الرخيصة التي لا تراعي للحقائق الكلية، وقد حكاها السناري في معرض الشهادة على المظالم..

++++++
كتب عبد اللطيف: {{انت يا كبر -الرجل القانوني - لاتستطيع مقاومة السرد القصصي
حتي لو كنت في معرض حديث يتسم بالعنف الرمزي}}
ولا في أي معرض آخر ياخي، هههههههها وشكرا، ريحتني،
فعلا، لكبر طبيعة سردية متدفقة وراسخة في طرائق الحكائية السودانية الشعبية،
وهي الطبيعة التي تطبع بطابعها هذا كل مداخلاته وتميز أسلوبه المنبري، واستمتع بها وكثر غيري..
ولكنها قد تبدو اشكالية في بعض الأحايين، فمثلا عندما قرأت اشارته "للصوالينية الأمدرمانية" أو لعلاقته وم. جمال بالمحايدين
فقد رجوت أن يتم مراعاة هذه الخاصية في مداخلاته، ومراعاة طريقته، الحميمة جدا، في موضعة الأشياء مواضعها، على كيفها..

Post: #72
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Abdullah Idrees
Date: 08-11-2018, 02:12 PM
Parent: #71

Quote: منذ الأمس وأنا أعيد قراءة مداخلتي سناري على أصل لمواطن الخلاف المفهومي فأحررها..
في الأخير وجدت أنه قد لا يكون خلافا كبيرا مع ماجد(يوجد وسأعود لذلك) بقدر ما أغاظتني حكاية مني أركو منّاوي التي بدت لي من نوع المتاجرات السياسوية
الرخيصة التي لا تراعي للحقائق الكلية، وقد حكاها السناري في معرض الشهادة على المظالم..

اتفق معك
مناوي والكثيرون يظنون ان هذه المصاعب لا توجد في الشمال
لكن كلنا عايشناها ، واحدين بجو المدرسة بالحمير وواحدين بجو من الجزر بالمراكب ويضطروا لقطع مسافة طويلة من البحر الى المدرسة بارجلهم وفي زمن الفيضان اسكت بس والله لا يوجد احد في السودان كلو يعاني زيهم. هل تعلم الى عام 1988 تطلع من امدرمان بالخط الغربي اول مدرسة ثانوية ح تقابلك في الزيداب ؟ وحتى هذه انشأها عمر محمد الطيب اواخر عهد نميري !
ولذا فالتنظير غير المؤسس ـ اي الذي لا يستند على معطيات حقيقية ماثلة في مثل هذه المواضيع - هو تنظير استقطابي قاصر ومدفوع بنوايا ربما غير سليمة او غير موضوعية على الاقل.
استخدام نظرية المركز والهامش كاداة تحليل لنمط التنمية او لايضاح ظلامات تاريخية في السودان بافتراض وجود مركز واحد وهامش واحد خطأ منهجي فادح لأن هناك مراكز متعددة في السودان تمثل المدن الاقليمية الكبيرة والعريقة التي لطالما وجدت فيها نفس الخدمات وبنفس المستوى بينما في القرى يختلف الامر وتنعدم الخدمات الى حد كبير . هناك هامش لبورتسودان والابيض وشندي وعطبرة الخ الخ .. كل هذه المراكز بهوامشها يمكن اعتبارها ايضا هامشا للخرطوم بخلاف مدني او الجزيرة في مرحلة اذدهار المشروع.
اعتقد ان محمد جلال هاشم لم يبذل جهدا كافيا لتحليل الحالة السودانية واكتفى بمحاولة استجلاب قالب نظري جاهز لتطبيقه على حالة كانت تستدعي بذل جهد اكبر بكثير ..

Post: #73
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Frankly
Date: 08-11-2018, 03:13 PM
Parent: #72

كل المراكز هي عبارة عن تمركز لأهل الهامش من الشمال والجنوب والشرق والغرب
والمركز نفسه له هوامش في وسطه وأطرافه سواء من النازحين الجدد أو من الذين اضطرتهم ظروف ومصاريف الحياة للإنزواة القسري لهامش المدن لتقليل تكاليف الحياة

بصراحة أنا شايف ما في حل غير الإسلام لحل كل هذه الإشكالات الإحتماعية والديموقرافية السياسية ومسألة الهوية

ليس هناك شيء يمكن تسميته اللا-هوية واللا-تاريخية إلا بالإنتقال لهوية أسمى وأرفع وأقدر على معالجة النقائص في الهويات السابقة.

فكل لا-هوية هي في واقع الحال هوية جديدة مكتسبة.

لهذا السبب البسيط نجح الإسلام بتهذيب المكونات الإجتماعية القائمة وعمل على تجذيبها فأخذ الصالح منها وعارض ورفض الطالح وكانت هذه المعالجة سبب رئيس في دخول الناس أفواجاً في الدين الإسلامي من كل حدب وصوب بمختلف قبائبهم وقومياتهم وألوانهم وتاريخهم الماضي انصهرت جميعاً في هوية المسلم الموحد المخلص لرب العالمين والملتزم بتعاليم خاتم الأنبياء والمرسلين وهذا الإقبال لم تعرتضه الأنفس ولا العقول لأنه فطرة الإنسان الحر دون قهر السلطان وبطشه. ولكن أكثر الناس لا يعلمون لذلك يبحثون عن معالجة هنا وهناك وهي موجودة بين دفتي المصحف الكريم.

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۞ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)

Post: #74
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-11-2018, 04:44 PM
Parent: #73

هاشم.. دائماً عنده إضافات واسئلة جديدة إلى الامام

Quote:
بأنتظار مواصلة م. جمال.. عندي وفيهما اسئلة يا ليت تستصحبها يا محمد جمال:١) في قولك يا جمال: (أنت تحاكم جماعة فيزيائية لا أفكار).. هل الجماعة الفيزيائية يمكن أن تنفصل تماما عن خطابها/أفكارها؟٢) وأظنك مصيبا يا جمال في أن بعض إشكالية طرح م. جلال (الهامش/المركز) هي في اختزالها الصراع رأسيا في ثنائية الأعراق وثم الاكتفاء بذلك.. وكذلك في تجاوزه/ها لحقيقة تعدد طبقات الصراع بتعدد الهويات الذي لا تهتم له أطروجة جلال.. ولكن في المقابل، هل سيمسح مثل هذا التعدد في الهويات وفي أشكال الصراعات، هل سيسمح بتجازوها كليّة في دولة اللاهوية؟ أعني أن على طرحك هنا أن يناقش وينفي، في استفاضة مقنعة، ما أثاره سناري عن دولة اللاهوية؛ أنها حتى وإن لم تك دعوة مثالية لنهاية التاريخ، فهي على الأقل قفزة فوق الواقع الماثل.. أعني أنك هنا ستحتاج لاستعراض وتوصيف أكثر تفصيلا للطريق العملاني السيعتمده الناس للوصول إلى مثل هذه الدولة، انطلاقا من هذا الواقع السوداني.


م. جلال هاشم حسب قراءتي له يقبل التعدد العرقي والثقافي "الإثني" عبر محددات ذلك الذاتية.. مع شبه حالة إغفال لأنماط التعدد الأخرى .. أي حاجة أقرب للمحاصصة السياسية والثقافية يكون فيها الأعلى هو الأصل المشار إليه عرقياً وثقافياً بالأفريقية وآيديولوجياً بالهامش تلك الآيديولوجيا غير المفصلة كمنفيستو (هل؟) بعد نازعة أن تكون البديل السياسي و الحضاري للنمط العروبو/إسلامي السائد منذ عدة قرون. وأتفق مع م. جلال هاشم أن نمظ النظام السياسي في السودان قديم وبالي (بغض النظر عن إتفاقنا أو إختلافنا حول مكوناته البنيوية) وذلك مقارنة بلحظة التطور البشرية الحاضرة .
تستطيع أن تستدرك هنا بالنظر إلى أزمة السلطة المزمنة كما حالة حقوق الإنسان والمرأة والطفل وحقوق الحيوان وحقوق الطبيعة في الرسمي وفي الوعي الشعبي "الإجتماعي" السوداني مقارنة بالشعوب الأخرى ما خلا الشرق "العربي" وكثير من البلدان الأفريقية، فالحال هنا من بعضه.

غير أن ليس النظام السياسي والحقوقي والقانوني وحده بل الإقتصادي والثقافي والإجتماعي (إنقسام المجتمع على اسس عشائرية وقبلية مثال، هو ما قبل راسمالي بلغة الماركسية الكلاسيكية) كما اننا متأخرون وتستطيع أن تقول متخلفون تكنلوجياً مقارنة بالعالم من حولنا. إالأزمة ازمة نسق حضاري شاملة في حسباني. إذ نحن إذن نحتاج أكثر من الآيديولوجيا لمواجهة الأزمة الحضارية التي نتشارك فيها مع عدد من دول الأقليم..

نحتاج الوعي العلمي بالذات الجماعية الخاصة بنا والبيئة الطبيعية المحيطة بنا وترجمته عملياً نحتاج الوعي بالمصلحة المشتركة والتحديات المشتركة والمصير المشترك ونحتاج أن نتعرف على وجه الدقة شنو البجمعنا وشنو بالفرقنا لنعمل على التعامل مع ذلك عن وعي وخطة. وهذه النقطة من الأهمية بحيث لا يجب أن نتركها بلا تفصيل.. إذن سأعود إليها بما عندي..

هسا ح أجيب في المداخلة المقبلة الحلقة الثالثة من دولة اللا هوية كمقدمة لمحاولة النظر في إمكانية تحقق مثل هذه الدولة المشروع في أرض الواقع او كما هو طلبك هاشم وهو أمر صعب وسنحاوله معا وأثق في عونك والآخرين المخلصين كما في صبرك!.

Post: #75
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-11-2018, 04:59 PM
Parent: #74

Quote: دولة اللاهوية الحلقة 3-4: العلمانية والمدنية بمعناهما السائد مفهومان قاصران عن إدراك اللحظة التاريخية!

دي الحلقه التالته من سلسله دولة اللاهوية و هي عبارة عن حوار عفوي ومباشر على هامش مشروع السودان 200.

و قبل أن نبدأ أذكركم بأننا نقول بأن أهمية مشروع السودان 200 هي افتراضنا بأن حياتنا العامة حسب الواقع الذي نراه أمامنا لا تقوم علي العلمي وبالتالي ربما ليست واقعية، الواقع يخبرنا بذلك!.

يعني هناك إفتراض أن نحن لا نعرف طبيعة مجتمعنا و لا نعرف كفايه طبيعة بيئتنا الخاصة المحيطة بنا. لأننا لم نعمل فيها دراسات كفاية عشان نعرف خصوصياتها ولا يوجد توثيق شامل لتجرة الماضي لذا نحن نجرب المجرب بشكل مستمر ونراوح مكاننا من التاريخ.

كل مجتمع مختلف بالضرورة عن الآخر ونحن في الكليات الاجتماعيه و السياسية ندرس العلوم الغربية و نقرأ دراسات كثيرة أجراها الغربيون في مجتمعات أخرى مختلفة و هذا ليس كاف بالنسبة لنا لنعي بأنفسنا لأن مجتمعنا عنده خصوصياته و عنده تميزه وعنده انميازه عن المجتمعات الأخرى.

ونحن كي نؤسس سياسة و اقتصاد وثقافة مستندة على الواقعي والعلمي يجب أن تقوم على الوعي بالذات كما تقول التجارب التي حولنا وهو أيضاً التصور الأكاديمي المتفق عليه حتى الآن!.

والوعي بالذات يشمل بالإضافة إلى الوعي بالمكونات الاجتماعية و مخيال المجتمع يشمل معرفة البيئة و الطبيعة و المناخ.. هذه محاولة للتذكير فقط و أنا لا أتكلم الآن بلسان المشروع، بالطبع لا، و إنما أود أن أقول أننا و لغاية الآن لا نعرف أنفسنا و لابد أن نعمل دراسات كافية لذاتنا الجماعية و أرضنا و بيئتنا من جميع النواحي وهذه تضمنت في محاور مشروع السودان 200 والذي نعمل عليه الآن وهو منبر مدني شعبي مفتوح للجميع غير سياسي غير آديولوجي غير حزبي غير حكومي.

نرجع للموضوع.. لدي افتراض قلته كتابه وفي تسجيلات صوتية سابقة أن موضوع الهوية ليس موضوع و هو أصلا ليس المشكلة وليس فيه الحل.

ليه نحن عندنا مشكلة تعريف لنفسنا؟. هذا غير مهم في شي!.

الهوية شيء متحرك مع الزمان والمكان. المشكلة هي القانون و العدالة و التي يمكن أن يصنعها الناس بالاتفاق بينهم.. نحن ما لاقيين طريقه نتفق ولم نستطع حتى الآن أن نجلس سويا لعمل صيغة للعيش السلمي المشترك كما فعلت شعوب كثيرة في الارض مثل كندا وامريكا والغرب كله واستراليا و نيوزلندا و ماليزيا في الشرق وجنوب أفريقيا كلهم عاملين عيش سلمى مشترك كل وفق طريقته الخاصه و بما يشبه حال مجتمعه.

طبعا هناك خطوط عريضة متفقة عليها البشرية في حد معقول لكن الخصوصيات المجتمعية المتعلقة بنيات المجتمع و البيئة المحيطة تفرض على الناس نظام محدد معدل و متوافق وموائم لبيئتهم الاجتماعية و الطبيعية.

المشكلة الأساسية هي مشكلة اقتصادية وطريقة حكم ..إن كانت تلك حقاً هي المشكلة فما علاقة الهوية بالصراع؟.

الهوية ضرورية وتصعد للصطح كآلية تعبئة رخصية التكلفة لنيل الحقوق المادية والرمزية في كثير من المجتمعات ليس عندنا فحسب.. ففي مواجهة دولة الهوية التي لدينا الآن لابد من أن تستخدم هويتك لتحقيق مصالح الذاتية المادية والرمزية. هذا ما نراه فنحن نشاهد حركات مسلحة تنشأ لتشارك في السلطة وهناك حركات مسلحة ترى بأنه يجب تغير كل شيء وخلق سودان جديد مختلف يتعمل بصيغة جديدة. لكن هؤلاء الناس أيضا منطلقين من هوياتهم الذاتية التي يرون.

الحركة الشعبية تأسست من الدينكا والنوير والشلك في الاساس من منطلق الهوية الواحدة (هذا مجرد مثال كما فعل أيضاً النظام السياسي في الشمال وهو مثال ساطع). لكن الركون للهوية الواحدة وتجاوز الآراء الشاملة للعدل الإجتماعي وقومية الرؤيا لم يكن فيه حلاً.. إذ أول ما حدث الإستقلال فالهوية لم تحل للناس قضية وتقاتل الرفاق إلى ما وصف بتطهير عرقي. الآن بعض أهلنا الأعزاء في دارفور يعانون من التعبئة العنصرية القائمة على الهوية والهوية المضادة.. معظم الحركات في الطرفين قبائل في مواجهة قبائل في مواجهة السلطة المركزية. هذا مؤسف طبعا!.

يعني هذه المرة الهوية العرقية تتجلى تجلي أيديولوجي سياسي ليأخذ الناس حقوقهم.. يعني الهوية نفسها ليست مشكلة إذا أخذ الناس حقوقهم الفعلية فالقضية بهذه البساطة. وهذا ليس رأيي الذاتي فحسب بل نراه في المجتمعات التي عملت تماسك و عملت ديمقراطيات فلا يوجد تنوع اكثر من جنوب أفريقيا والهند فيهم تنوع عظيم جدا لكن الناس استطاعت الوصول إلى حقوقها دون الرجوع إلى هوياتها كي لا تتصادم الهويات مع بعضها وتحدث الحرب باسم العرق ثم يحصل التطهير و الذي يحدث بسبب الأرض و البترول و الأشياء المادية الاخرى والسلطة.

يعني أن الحرب لا تحدث لأن هناك جماعة تكره جماعة فقط عشان هويتها.. هذا ليس ممكنا إذا كان هؤلاء الناس عندهم مصلحة معاهم ويتبادلوا معهم الخبز و الحليب و الفنون والعلوم فلن يقوموا بحربهم وإنما يحدث التطهير عندما يضيق الأفق وتنتفي المصلحة المشتركة وبل يحدث الضد. ولهذا السبب قد تحدث البشاعات ويحدث التطهير العرقي في التاريخ. يعني أحد الهويات تعمل تطهير عرقي لهوية عرقية أخرى.. كل ما يحدث في السودان الآن و ليس في دارفور فقط وما حدث للجزء منا الذي ذهب كان التجلي العرقي هو الغالب فيه يعني قبائل محددة في الجنوب معروفة هي الدينكا والنوير والشلك صنعوا تجلي سياسي اسموه الحركة الشعبية التي عملت نيفاشا و عندما انقسم الجنوب حكمت الحركة الشعبية.

ثم ما حدث أن من كانوا يحاربون هناك لأجل هوياتهم عندما عادوا هناك لم تنفعهم الهوية أمام المصالح المادية و السياسية التي لم يستطع الناس حلها وعمل وفاق وصيغة مرضية للعيش السلمي المشترك.. فحدث قدر من التطهير العرقي المتبادل.. شيء مؤسف طبعاً.. لا نفس سوية تتمناه لهؤلاء الناس الطيبين المعذبين.

لكن هذا الواقع الذي نراه أمام أعيننا.. وهناك تجلي عرقي في الشرق معلوم إسمه "مؤتمر البجا بالإسم. البجا كعرقية تتكون من عدة قبائل وكانوا يفاوضون الحكومة في السابق وحاليا أصبحوا جزء منها باسم مؤتمر البجا واستطاعوا تحقيق مصالحهم المادية و الرمزية بالمشاركة في السلطة حسبما تفاوضت زعاماتهم مع النظام باسم مؤتمر البجا يعني هوية. نحن في الشمال وفي الشرق والغرب والجنوب (نحن كلنا في المجمل) عندنا مشكلة تاريخية مع الهوية كآلية رخيصة للتعبئة السياسية لكنها خاسرة النتئج على الدوام!.

ما أريد قوله أننا لن نحتاج إلى هذا إذا صنعنا شكل من الوفاق يأتيك بحقك دون أن ترجع إلى أي هوية ممكن أن تكون منتمي إليها سواء كانت عشائرية قبلية يعني عرقية جسدانية كما أسميها أو هوية غيبية مثل الطرق الصوفية و التي تتدخل أيضا في السياسة و تحكم و المهدي معروف حركة صوفية سمانية ثم أصبحت الأنصارية أصلا حركة صوفية و الميرغنيه و الأنصار و الهندي كلها من التجليات الهووية الغيبية الممثلة في الطرق الصوفية. من الذين يصلون إلى السلطة ويشكلون الدولة أيضا.

ثم أيضا توجد التجليات المدنية الهويوية الحديثة التي تأتت بعد عهد الإنجليز مثل وحدة وادي النيل ثم جاءت الاشتراكية ثم الإسلام هو الحل ثم أخيراً اللبرالية هذه كلها أيديولوجيات ناس المدينة وأتت مع الاقتصاد الحديث (هويات جديدة).

يعني عندما ننظر إلى الأحزاب الغير متكئة على خلفية عرقية أو غيبية فإنها تضم الناس المتعلمين من سكان المدن و من الطبقات الأفندية و من التجار الأصيلين من سكان المدن والصناع و العمال و الموظفين و هذه التنظيمات منها الحزب الشيوعي و الحركات الاشتراكية وحركة الإخوان المسلمين بأنواعها المختلفه و حركات السلفيين الحديثة فكل أعضائها خلفياتهم حديثة يعني من حيث خلفية النشاط الاقتصادي.

فالتجليات العرقية و التجليات الغيبية لديها اقتصادها المختلف المعتمد على الرعي ثم الزراعة أما سكان المدينة فيقوم اقتصادهم على الخدمات والتجارة والصناعة.
كل هؤلاء عندما يصلون السلطة يصبغون جهاز الدولة بصبغتهم سواءأ كانت هذه الهوية: عرقية أو دينية أو إشتراكية أو لبرالية.. لقد حدث عدة مرات وخير مثال الدولة القائمة الآن. هنا تكمن دائرة التخلف الذي يتمثل في عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي بسبب دخول المجتمع كله في حالة حرب هويوية لأن لا وسيلة أخرى متفق عليها لنيل الحقوق او التمثيل في مستوي الدولة.

قلنا الهوية ليست المشكلة ولا الحل .. فقط هي آاية للتعبئة السياسية وقت الأزمات العامة.. لأن البشر أصلا هوياتهم مختلفة في كل مجتمعات العالم. وأمامنا الهند كمثال فهم استطاعوا التعايش رغم أنهم أعراق وقبائل مختلفة جدا وطوائف عديدة أكتر مننا بكتير لكن لا أحد يحمل سلاحا باسم هويته ولا أحد خائف على هويته لأنها دولة لا هويوية. تحترم هويات الكل.

فالناس ترجع إلى هوياتها عندما لا تكون هناك دولة مواطنة فتحس بأن فيتنادون ويتكتلون على أسس هويتهم هذه هي القصة الأساسية والتي تسبب الحروب والانشقاقات المجتمعية.

إنتباه هنا لطفاً.. لماذا الهوية آلية جيدة للتعبئة الجماهيرية لكنها دائما علمنا التاريخ أن النتيجة غير مشرقة أو المقدمات مختلفة عن النتائج؟. سأحاول الإجابة على هذا السؤال عبر ضرب الامثلة.

أي هوية كانت دينية غيبية أو عرقية أو مدنية تكون آلية لنيل الحقوق من أطراف ترى ذاتها مضطهدة أو تفرض على مستوى الدولة تكون مشكلة قابلة للإنفجار في أي لحظة.

مثلاً الهوية العرقية تحتاج صفاء عرقي لأن العرق أصلا قائم على الشياخة والتبعية المطلقة وأنت تثق في هذا الشخص لأنه من دمك وما في زول بيخون دمه يعني مافي زول بيخون نفسه. وهذه خطورة وأهمية القبيلة والعرق.
وبالتالي عندما تقوم الحرب من أجل الحفاظ على الهوية من أجل الحقوق والتميز بالهوية من أجل نيل الحقوق الاقتصادية والسياسة فإن ما يحدث أن الجماعة القائدة ستكتشف أن داخلها ذاته منوع كأي جماعة عرقية أخرى منوع على الأقل من حيث الفقر والغنى ومن حيث التراتبية الرمزية.

وما سيحدث لاحقا أن هناك جماعة ستسود على الأخرى وستسيطر على السلطة والثروة لأنها هي التي بادرت بالفعل الموجب على سبيل المثال أو هي الأغلبية وهذا بالضبط ما حدث في جنوب السودان وحصل في رواندا وحصل في ليبيريا وحصل في دول كثيرة جدا كانت تحارب على أساس الهوية وعندما جاءت لحظة الانتصار ووصلت البرلمان أو احتلت القصور الجمهوري وجدوا أن الهوية ما بتعمل حل وهي نفسها مشكلة كبيرة جدا وحالة ندم!.

ندم على النتيجة، لأنها فيما بعد أدت إلى حالات تطهير عرقية في حالات كثيرة جدا منها رواندا وجنوب السودان والصومال والكنغو ولايبريا وكوسوفو (أمثلة).

لكن في نقطة غاية في الأهمية فارجو أن ننتبه لها.. وهي الخصوصية الهويوية الذاتية.. سأشرح دا لانه مهم لانني لا أدين التجليات السياسية العرقية أو الطائفية أو المدنية من حيث المبدأ.. لا!. هذا امر عنده ضرورة فيما يتعلق بالحكم الذاتي والتراث الذاتي واللغة الذاتية إن وجدت وإلخ!.. لكن لا يجب أن نطالب بفرض هويتنا الذاتية أي كانت على الدولة!.

أعني أنني أنا لا أدين تجلي الناس على أسس عرقية أو مدنية أو تاريخية فأنت لديك تميزات ثقافة جزئية محددة في إطار البلد، مثلا: تريد الحفاظ على لغتك وعاداتك ولبسك الشعبي فمن حقك أن تنشئ تنظيم باسم كوش مثلا (جميل) أو تنشئ تنظيم باسم مؤتمر البجا وهو حاصل أو تنشئ تنظيم وتمسيه جعليون من اجل المتمة (تصور).. مافيش مشكلة (تلك مجرد امثلة للبيان).

هذا من حقك إذ عندك مطالب في برنامج محدد تطالب بها من اجل قطاع من الناس أو كل الناس. ولكن لا تطالب بفرض برنامجك المحدد كنظام للدولة وصيغة الحكم.
مثلاً فرض ثقافتك وهويتك وزيك على الآخرين هذا هو الخطأ لأنك بهذا تعتدي على هويات الآخرين.. هذا إن حدث يحدث وفق أتفاق يتضمنه الدستور برضى الناس.. وعليك أن تتعايش مع هويات الآخرين في المكان الذي اتفق فيه الناس على صيغة عيش سلمي مشترك.. هوية الدولة ليست ملكا لك وليست ملكا لي هي ملكنا كلنا مع بعض أنت والمسافة المليانة ناس بيني وبينك من المفترض في الوضع الصحيح.

هذه هي الدولة التي من المفترض أن نحلم بها وهي دولة لا تنحاز إلى أي هوية من الهويات وهي دولة ما عندها هوية وفِي الحقيقة اسمها وهويتها معلومة مفترض:

اسمها (جمهورية السودان الديمقراطية) هذه من المفترض هوية الدولة.. والهويات الأخرى أيا كانت هويات عرقية أو عقائدية أو هويات مدنية أيا كانت حسب التقسيم الذي ذكرناه سابقا كل هذه الهويات تكون محترمة وتمارس نشاطاتها وتلاقحها مع الآخرين في الإطار الاجتماعي إلا أن تصطدم بالقانون أو تعتدي على هويات الآخرين.. هذه هي دولة اللا هوية.

فبالتالي نحن لا نقول بفصل الدين عن الدولة أي العلمانية هذه مرحلة تاريخية خاصة بأوروبا فقط.. نحن مفترض ننادي بفصل الدولة عن الهوية وهذا يفترض أن يكون ندائنا الأول للأسباب التي ذكرنا بأن أوروبا لم يكن فيها تجليات عرقية عندما نشأ فيها سؤال الدين يعني ما فيش سؤال عرقي كما لدينا والعرق أشد وهو فوق الدين.. يعني الآن التجليات العرقية معروفة داير ترتبط أو تعرس كحالة إجتماعية مثلاً بفتشوك من الخلف وربما حتى الآن ولا يسألون عن دينك بل يسألون عن عرقك وفِي الماضي كان أبشع من كدا.

فبالتالي العرق أول عندنا وما دام عندك تجلي عرقي سياسي فيجب النظر لهذه قبل الدين.. والدين أيضا مشكلة لسبب بسيط وقتل بحثاً أظنه. فعندما تفرض شريعة محددة يحدث جدل كبير جدا فأنت مختلف مع الجمهوريين مثلاً وهم مسلمون ومحمود محمد طه أعدم في ظل قوانين إسلامية. وهو رجل إسلامي ويكتب في الإسلام وبغض النظر عن رأينا في آرائه. لكن كان له وجهة نظر مختلفة.. ولما تحكم جماعة سلفية وتفرض هويتها السلفية على الدولة فهذا إقصاء مباشر للصوفية في السودان إن لم يكن إعدام!.

ما أريد قوله أن الهوية من جميع النواحي تسبب مشكلة حين فرضها في مستوى الدولة. الهوية تُمارس ولا تفرض على مستوى الدولة لكن الدولة أيضا تحترم هويات الجميع فمن أراد أن يتزوج على الطريقة الإسلامية المدنية فالدستور يبيح له ذلك والذي يريد الزواج على الطريقة المسيحية وهو مسيحي لا توجد مشكلة كل الناس تكون محترمة وكل الهويات تكون محترمة بنص الدستور.. هذا فيما يتعلق بالأحوال المدنية والشخصية.

هذه دولة اللاهوية وأنا لا أصر على الإسم وممكن نسميها بأي اسم ثاني مستساغ للناس الذين يفكرون معي في مسألة دولة اللاهوية في هذا المنبر والآخرين طبعاً كمحاولة للخروج من الأزمة الكبيرة المدلهمة التي نعاني منها جميعا.

الهويات عديدة التي قد تسعى إلى فرض صبغتها على الدولة من اجل السيطرة الآيديولوجية وليست عرقية فقط كما قلنا في الحلقة السابقة. هذا لن يفيد أحد منا، لقد أثبتت لنا التجارب فشلنا جميعاً أمام الهوية من كنا "هامش ومركز" وهذا التوصيف نفسه أسطع دليل على الأزمة!.

يعني ليس فقط المفترض أن يكون التجليين العرقي والغيبي بعيدان عن الدولة ويكونان محترمان في الإطار الجغرافي بل أيضا الأيديولوجيات الحديثة. يعني أنت حزب سياسي اشتراكي ما تجي تقول الدولة تصبح اشتراكية. الدولة اسمها جمهورية السودان الديمقراطية وأنت تنفذ برنامج اقتصادي فقط في فترة زمنية محددة.. المفترض.. وفق الدستور.

ولَك أن تؤسس حزب إسلامي وأوروبا نفسها فيها الحزب المسيحي في هولندا لكن الحزب المسيحي لا يطالب بأن تصبح الدولة مسيحية وإنما هذه الدولة محايدة والحزب المسيحي لديه برنامج إصلاحي محدد بتاع قيم ومثل يستطيع عمله في فترته الانتخابية وإذا سقط الحزب يسقط البرنامج وإذا انتخبه الناس مرة أخرى يعمل برنامجه هذا شرط أن البرنامج لا يتعارض مع الدستور وهذا مهم جدا جدا وإذا تعارض الحزب السياسي مع الدستور يتوقف الحزب كله.

هذه هي الديمقراطية وهذه هي الدولة التي نريدها ومن المفترض أن نفكر فيها ونتفق عليها.. وأنا أعلم أن هذا يحتاج لجهد كبير جدا وأشخاص متخصصين يقعدو يفكرو ونترك قصة الزول السياسي القبلي العرقي الهويوي المحدد الخطير (من نص أم أطراف السودان) يتحدث في كل شيء في السياسة والاقتصاد والشعر والفن والفلكلور والكورة والحجامة فقط لمجرد كونه الزعيم الهويوي.

وكما قلت تلك مشكلة الشياخة أيا كانت وهذه الشياخة موجودة في كل أنحاء السودان وليس في الأرياف فقط ومعظم تجلياتها تجليات عرقية في الأساس وما في تجليات مدنية أو طائفية كثيرة في الأساس في الريف.. يعني مافي أي تجلي طائفي في جنوب السودان وما في تجلي طائفي أو حركة في دارفور قائمة على أساس طائفة دينية محددة وكذلك الشرق كمان مافي تيارات إشتراكية في شكل حركات ولا لبرالية مسلحة متمردة.. لماذا هذا!.
ولماذا حصل ذلك في الوسط النيلي فقط وهذا سيوضح لماذا الوسط النيلي في السودان مختلف عن الريف ومختلف عن أطراف وأعماق السودان.. هذه نقطة للتأمل عشان نفكر في النظام السياسي والإقتصادي الذي يناسب واقعنا.. هو مختلف عنهم لأن تجلياته السياسة تحدث بطريقة مختلفة في مرة من المرات. لذلك يوجد سوء فهم وتعارض كبير جدا بين ناس الوسط وناس الأطراف وهذا التعارض عميق جدا ولا يرتبط فقط بالأشياء الآنية وإنما عنده علاقة في الحقيقة بالتاريخ ومظالم التاريخ لكن في اللحظة الحاضرة الهويات المتصارعة على السلطة والثروة تستخدم الهوية والتاريخ للوصول للسلطة والثروة ولكن الناس التي قامت باسمها الحركات والأحزاب والإنقلابات العسكرية يصبحون وقود لها ولا يحصلون على شيء وبالتالي بتكون الأزمة موجودة بشكل مستمر.

نحن من المفترض أن نجتهد ونكون علميين في التفكير الموجب ومن ضمن هذا نساعد في إنجاز مشروع السودان 200 الذي يحوي 27 محورا تغطي جميع عناصر الحياة الممكنة وأتمنى كل الناس تنتبه لهذا المشروع وهو ليس مشروعي أنا وليس مشروع جماعة محددة هو مشروعنا جميعا إن شئنا. إذ معظمنا نحلم ونفكر بطريقة واحدة وكلنا نريد الأفضل ولكننا لم نجد طريقة بعد لجمع الأيادي مع بعض لنعمل بفاعلية ونخرج إلى بر آمن. لكن أنا واثق من إصرار جماعة صغيرة مؤمنة والتي عندما تعمل وتتحرك وهي حاليا بدأت ستأتي بقية الناس المترددة والتي لم تسمع بالفكرة بعد وسننجز المشروع في مداه الزمني أو هي طبعاً الأماني!.

والسودان200 إضافة لا تعطل شيء حسب خطته الموعية بل تضيف لأي محاولة جدية جارية في الواقع كما أنها عمل مدني شعبي لا سياسي لا آيديولوجي لا حزبي لا حكومي (راجع إن شئت فكرة السودان200 في مكانها)!.

ملاحظة ختامية: هذا الكلام الغرض منه ليس التقييم السياسي أو الأحكام القيمية إنما هذه هي الحلقة الثالثة في الدفاع عن ما أسميه "دولة اللا هوية" أي أن الغرض عملي ومباشر.

كان ذلك تسجيلاً صوتيا 3-4 حول دولة اللا هوية تم تحويله بتصرف إلى نسخة مكتوبة.

محمد جمال الدين

Post: #76
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-11-2018, 05:33 PM
Parent: #75

;كبر

Quote: لذلك ، حينما يتحدث محمد جمال عن فكرة دولة (بلا هوية) فانا افهم من اين ينطلق..فكرة (المحايدين ، أي والله يا محمد حيدر المشرف)..واشعر بعجز اخلاقي ان ظهرت بمظهر من لا يدعم فكرة محمد جمال ..ولكن..!الدنيا بتعلمك الكتير الكتير..فان نجحت فكرة المحايدين في النشاط الجامعي..فعليها الكثير الكثير لأن تكون فكرة بين اوساط المجتمع السوداني المتشابك..!!قبل ان اخرج من هنا يا هاشم..شكرا على اثارة سؤال الأدوات والأليات (الهيكل الإداري والدستوري) التي يمكن من عبرها تطبيق مشروع محمد جمال عن دولة (بلا هوية)..واعتقد ان صديقنا دكتور ماجد (سناري) قد نقل الفكرة لبراح اوسع..وهذا ما يجب على محمد جمال الإجابة عليه حتى يتفوق على تنظيرات من ذكرهم بالإسم ثم زاغ..!!كبر


ههههههههه ضحكتني.. ولو انك على حق، فعلاً نحن وتعلم أنت وكنت جزء فاعل وأصيل من المنظومة ايام الجامعة اننا كنا صادقين في دعوانا بغض النظر عن خطلها من صوابها.. هذا طبعاً لمن يعلمون.. تلك كانت إستطاعتنا في ذلك العمر وتلك التجربة الصغيرة.. شخصياً فخور بتلك التجربة وأعرف أنك تفعل.. وطبعاً لنا أن نختلف ولنا دوما إحترام لإختلافنا مهما كانت درجته.

لا أختلف مع أبكر ولا غيره في المظالم التاريخية و الحاضرة ولا في النزعة العنصرية المتفشية في المجتمع، ذلك واقع بائس منتهى البؤس وجب التعامل معه ومواجهته مباشرة والآن وحالاً كلما أمكن وطعن فيله بالقانون والتوعية بحقوق الإنسان المادية والثقافية وإن لزم تعويضات وفق القانون .. وبالعمل طبعاً من اجل تاسيس دولة المواطنة متساوية الحقوق والواجبات.. ربما فقط نختلف بعض الشي في كيفية التناول والمعالجة.. ونحن هنا نتحدث في الاساس عن نمط الدولة التي من المفترض نحلم بها ونخطط لها.

أما بالنسبة لدولة اللا الهوية أنا نزلت الآن للتو حلقة جديدة أعلاه مباشرة ح اديك فرصة تقراها وارجع ليك

Post: #77
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-11-2018, 07:05 PM
Parent: #76

دي مداخلة بديعة كبر

Quote: ول ابا هاشم..حبابك يا صديقيومثلما دوما تقول انت الكلام بجيب الكلام..كتر خيرك على تشارلس تايلور ، ولدي كتاب قديم اراجعه باستمر وهو تحرير جماعي يشترك فيه لوري لابير ، جاك ماكلواود ، تشارلس تايلور ، والتر يونغ..وهو مقالات عن اليسار في كندا..فيه تنظيرات احلم بان اطبقها في امسودان..!..اضافة لأعمالهم الأخرى..شكرا لحسام الدين على مجيد الذي اجتهد كثيرا في تلخيص الورقة..الناس ديل يا هاشم لمن تقراهم في لغاتهم الأصلية ستجد مفارقات طريفة وعديدة تسقط احيانا بفعل الترجمة او التلخيص الى لغة اخرى..فكرة (سياسة الإعتراف/ وسياسة الإختلاف) هي تنظير قائم على وضع واقعي..ووالد رئيس وزراء كندا الحالي (بيار ترودو) هو الذي ابتدع سياسة التعددية الثقافية وجعلها قوانين وثقافة تمشي بين الناس..وهي من المحاور التي اعتمد عليها تشارلس في مقارباته عن سياسة الإعتراف..!هذه الفكرة تقاربها افكار عبد الغفار محمد احمد ، ابكر ادم ، محمد جلال هاشم..عبد الغفار هو الذي حاول توطين مفهوم (الوحدة في التنوع)..التي صاغها في اواخر السبعينات وطورها في الثمانينا ، وهي الفكرة التي تأثر بها (كما ازعم) الواثق كمير حينما صاغ المنفستو الثاني للحركة الشعبية الموسوم (رؤية السودان الجديد) ..وقد قدم ادريس سالم الحسن نقد جيد لهذه الأطروحة وغيرها من اطروحات من منطلق مفاهيم الأنثروبولوجيا الثقافية..واظنك قد اطلعت على هذا النقد في احد دوريات التي كانت تنشر في مركز الدراسات الثقافية في القاهرة لحيدر ابراهيم علي..التحية لهم جميعا..في كندا (وهو النموذج الذي ندعو دوما لقراءته والتاثر به مثلما نموذج الهند) الهوية وصلت مراحل متطورة للغاية..وكلام تشارلس تايلور يلامس تفاصيل لو ذكرناها لأهلنا في امسودان لظنوا ان الرجل مجنون..من تلك المثافات يا هاشم..اليوم لو ذهبت الى أي مول كندا ، في موقف السيارات (الباركنغ) ستجد مواقع مخصصة لذوي الإعاقة واذا بركنت فيها سيارتك ستدفع غرامة بالشي الفلاني..دورات المياه فيها علامات واضحة (نساء حوامل/مرضعات ، رجال ، اسرة ، ذوي اعاقة ، مسنين)..مداخل المباني..لابد ان يكون فيها مدخل يستوعب ذوي الإعاقة والحاجات الخاصة ، في المركبات العامة (بصات ، مترو ، تكاسي..الخ) توجد علامات خاصة تستوعب كل تلك الفئات..!المربك يا هاشم..هناك مطالب تتعلق بالمتحولين جنسيا..بان تكون لهم دورات مياه تستوعبهم وتحترم هويتهم..!!..واذكر ان دار نقاش بيني وبين بنتك الآنسة شهد كبر حينما كانت في نهاية الثانوي العالي..عن هذه الفكرة الغربية..وهي تسألني هل احترم مثل هذى الحقوق ام لأ؟..طبعا روايتي (التعاريج) فكرتها الأساسية تقوم على متحول جنسي ، لكني ارتديت وزغت بالباب العديل..واختلقت فكرة فيها تسويف اخلاقي كبير..!!!!أي اورينك تملاهو لأغراض رسمية ، توجد خانة الحالة الزوجية..وهنا اختفت مفاهيم مثل زوج/زوجة ، وظهر بدلها قرين..Spouseالأكاديميا تتعامل مع فكرة الحياد في اللغة ، وكنت في بداياتي في هذا المنبر حينما اكتب (صديق/ة) الناس كانت بتستغرب..أي فلقصة هذى...!!..وانما الأمر كان شفافية ومحاولة سيادة ثقافة جديدة ان تكون اللغة محايدة..!هذه السياسة (التعددية الثقافية في كندا) لم تتوقف فقط في المظاهر والعلامات ، وانما هي حقوق اصيلة.. فالمعاق في كندا مثلا انسان من الدرجة الأولى مثله ومثل الأخرين (في كندا وزير فيدرالي معاق لعكس جمال هذه السياسة)..لذلك مقاربات تشارلس تايلور تابعت تاريخ التحول من مفاهيم مثل (الشرف/الفخر) الى مفاهيم اكثر انسانية (المساواة في الكرامة) وتشارلس يعتبرها مفاهيم عالمية ، ويزيد عليها فكرة سياسية (الأختلاف) أي الكرامة للفرد وللجماعة ، الكرامة المنزوعة (تأريخيا) بسبب هيمنة ثقافة على اخرى..!نفسه تاشرلس تايلور ، الذي كان ينظر لحركة المزارعين وصغار المنتجين والمشاركة في التنظير لتكوين منظومة سياسية (حزب) يظهر اليوم في كندا باسم الإن دي بي..وحينما اقرأ تاريخ هذا الحزب وانجازاته العظيمة اسأل نفسي: هل يا ترى ممكن الواحد يعمل حزب زي ده في امسودان؟..صاحبنا محمد جمال ، يا هاشم ، شكلو مرات بيستعجل الحاجات ، وهنا احترت فيه ، فمحمد جمال الذي يكتب ويبشر بفكرة المجتمع المدني ، اراه هنا كأنه يستعجل فكرة الإختراع..كانه يريد ان يقول لنا أنا من اخترعت مفهوم (دولة بلا هوية)..!!كلام محمد جمال ، يا هاشم ، عن المجتمع المدني ومنظماتها ليس كلام نابع من فراغ وانما هي تجربة حقيقية جعلته يقول بذلك وليته وقف عندها وطورها..!من باب النقة المشاترة يا هاشم ، محمد جمال في السن برلومي في جامعة الخرطوم ، وعملنا سويا في حركة الحياد (اسسها البعض قبلنا) وطورناها واحدثت بعض الوقائع المفارقة في تاريخ جامعة الخرطوم (التفاصيل موجودة فيمن يرغب في المراجعة) ثم تفرقت بنا السبل والخطوط ، وما لا يعلمه محمد جمال اني حينما كنت عابرا بالقاهرة كاد ان يستغلني البعض للذهاب الى اسمرا (لأن الغرابة ، يا جمال ، قلبهم حار وناس دواس ولازما يمشوا الجبهة)..ومحمد جمال ، مثله ومثل ابكر ادم ، تورطوا في دعم العنف (حركات مسلحة) بدرجات متفاوتة..!لذلك ، حينما يتحدث محمد جمال عن فكرة دولة (بلا هوية) فانا افهم من اين ينطلق..فكرة (المحايدين ، أي والله يا محمد حيدر المشرف)..واشعر بعجز اخلاقي ان ظهرت بمظهر من لا يدعم فكرة محمد جمال ..ولكن..!الدنيا بتعلمك الكتير الكتير..فان نجحت فكرة المحايدين في النشاط الجامعي..فعليها الكثير الكثير لأن تكون فكرة بين اوساط المجتمع السوداني المتشابك..!!قبل ان اخرج من هنا يا هاشم..شكرا على اثارة سؤال الأدوات والأليات (الهيكل الإداري والدستوري) التي يمكن من عبرها تطبيق مشروع محمد جمال عن دولة (بلا هوية)..واعتقد ان صديقنا دكتور ماجد (سناري) قد نقل الفكرة لبراح اوسع..وهذا ما يجب على محمد جمال الإجابة عليه حتى يتفوق على تنظيرات من ذكرهم بالإسم ثم زاغ..!!كبر


جميل.. شكراً كبر على الروح العالية.. وتعرف أبكر آدم إسماعيل زميل وصديق وبيننا الفهم المشترك والإحترام المشترك ولقد تعلمنا من ابكر الكثير أيام الجامعة فهو كحاله الآن شعلة من النشاط والهم والإهتمام بالآخرين وكان يصدر إصدارة خاصة به منذ ذلك الوقت.

وح اجيك لقدام أقول ليك كيف انا أتفق مع الإحتمالات التي وضعها ابكر لمستقبل النظام السياسي لكن لا اعتبرها تاتي منسجمة مع محتوى جدلية المركز والهامش من حيث النظرية ولا ارى ثنائية الصراع في العروبو/إسلامية والأفريقية ذلك إما لا وجود له أو جزء صغير من الصورة الكلية.. وكون هذه المصطلحات نفسها مضللة ما لم نشرحها جيدا.. ما العروبة؟ ما "العربية" ما الافريقية ما الافريقانية؟.. ما السودناوية؟.. ما زال هناك جدل كبير كما أرى.. انت الآن قل إن شئت.. أظنك ستجد عدداً لا حصر له من الناس عنده تفسيرات مختلفة وربما متناقضة.. سنأتي على ذلك لقدام.. بس قبل ما امشي على امل العودة.. عايز اعلق شوية على النقطة دي:


Quote: محمد جمال ، مثله ومثل ابكر ادم ، تورطوا في دعم العنف (حركات مسلحة) بدرجات متفاوتة..!



إن جاز لي ان أتحدث أيضاً بلسان ابكر بحكم الإضطرار في الحتة دي (كونك تشرفني بوضعي معه في سطر واحد فيه ورطة وفيه عنف :)) سأقول لك: نحن لم نتورط في شي يستحق الندم بل الفخر.. ولم، ولا، ولن نشجع العنف.. نحن في لحظات تاريخية محددة أخترنا أن ننضم للعمل المسلح وفق نظام وضوابط ودستور وقبله إيمان بهدف نبيل يستحق التضحية من اجله وهو العدالة الإجتماعية لشعبنا وربما كل البشرية.. يكون الواحد منا مرة بهذا الشعور الذي قد لا يفهمه البعض او ربما يعتبرونه حالم.. هذا مفهوم وكل زول حر وكل نفس بما كسبت رهينة!.. وشخصياً استقلت من اي عمل معارض منظم منذ العام 2004 سلمي أو مسلح، كله.. وأعمل مثل كل العاملين كفرد حر وفق خياراته وبقدر ما امكنني من أجل إحلال السلام العادل والشامل في البلاد.
----
التعديل: ازالة عملية تكرار حصلت بالخطا

Post: #78
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-11-2018, 08:42 PM
Parent: #1

Quote: فعلاً نحن وتعلم أنت وكنت جزء فاعل وأصيل من المنظومة ايام الجامعة اننا كنا صادقين في دعوانا بغض النظر عن خطلها من صوابها..


الكثير من القواسم المشتركة هنا ..
بدأت نشاطي السياسي بالجامعة في حركة الحياد ..
والجدير بالذكر ان خلافي اللاحق مع الحركة (95) كان في جزئيتين ..
الثانية منهما كانت ضرورة الانحياز لخيار الثورة المسلحة ..

وعي اللحظة التاريخية تلك كان محكوما بمعطيات ذاتية وموضوعية بكل تأكيد ..

كبر يا صديقي
اشفق عليك من (المروءة) الزائدة ليس الا ..
محاننة الناس (في البال محسن خالد) تكون بالدفاع عن حقوقهم في التعبير لا في تبني صراعاتهم الفكرية.

Post: #79
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kostawi
Date: 08-12-2018, 00:16 AM
Parent: #78

Quote:
مناوي والكثيرون يظنون ان هذه المصاعب لا توجد في الشمال [/qoute]

https://www.youtube.com/watch؟v=bPcvlKZfndAhttps://www.youtube.com/watch؟v=bPcvlKZfndA

Post: #80
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Kostawi
Date: 08-12-2018, 00:19 AM
Parent: #79


Post: #81
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-12-2018, 04:21 PM
Parent: #80

Thnx Kostawi

Post: #82
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-14-2018, 04:48 PM
Parent: #81

نجدد التحية.. والسلام على روح الراحل العزيز الشامي الحبر واخلص التعازي.

Post: #83
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-15-2018, 09:01 PM
Parent: #82

لو نلاحظ أن الريف البعيد/الاقاليم في السودان (الهامش في الايدويلوجيا) ما في أحزاب سياسية تقوم على الايدولولوجيات الإشتراكية واللبرالية (البنيات المدنية) ولا الطائفية (الطرق الصوفية) وانما في الاساس العضوية تقوم على العشيرة والقبيلة (الاعراق) وهي التجليات السائدة في الريف (العمق الاصيل) للسودان الذي لم يتأثر مباشرة بالاستعمار الغربي الذي وطد المدنية في الوسط النيلي الوسيط مما جعل السمت السياسي ومخيال وتركيبة الجماعات والطبقات الاجتماعية مختلفة اختلاف نوعي من الريف (الاطراف) فالسياسي في الوسط يتجلى تلاث مرات (مدني/طائفي/عرقي) في حين الريف يتجلي مرة واحدة فقط (عرقي) وهذه في تقديري واحدة من اهم علل السلطة والادارة والتمثيل السياسي العادل في السودان المعاصر.. القصة ليست مركز وهامش عرقي/ثقافي وإنما أكثر تعقيدا من ذلك إذ تمس التركيبة الاجتماعية الواقعية... وجب في نظري التفكر في النقطة دي!.

Post: #84
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-17-2018, 00:15 AM
Parent: #83

لمصلحة الحوار الذي يجرى الآن أتمنى أن أنبه إلى ظني أن جميع منشوراتي هذه الايام دائرة واحدة.. أي محتوى واحد فقط متنوع الفرعيات لذا أحب أن تقرأ مع بعض أو بالتتابع فكل منها شارح فكرة الآخر أو هو زعمي.. وانشد منكم الصبر!

Post: #85
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-17-2018, 04:47 AM
Parent: #84

Quote: لو نلاحظ أن الريف البعيد/الاقاليم في السودان (الهامش في الايدويلوجيا) ما في أحزاب سياسية تقوم على الايدولولوجيات الإشتراكية واللبرالية (البنيات المدنية) ولا الطائفية (الطرق الصوفية) وانما في الاساس العضوية تقوم على العشيرة والقبيلة (الاعراق) وهي التجليات السائدة في الريف (العمق الاصيل) للسودان الذي لم يتأثر مباشرة بالاستعمار الغربي الذي وطد المدنية في الوسط النيلي الوسيط مما جعل السمت السياسي ومخيال وتركيبة الجماعات والطبقات الاجتماعية مختلفة اختلاف نوعي من الريف (الاطراف) فالسياسي في الوسط يتجلى تلاث مرات (مدني/طائفي/عرقي) في حين الريف يتجلي مرة واحدة فقط (عرقي) وهذه في تقديري واحدة من اهم علل السلطة والادارة والتمثيل السياسي العادل في السودان المعاصر.. القصة ليست مركز وهامش عرقي/ثقافي وإنما أكثر تعقيدا من ذلك إذ تمس التركيبة الاجتماعية الواقعية... وجب في نظري التفكر في النقطة دي!.
الطائفية كانت موجودة في الأرياف ولكن تم تذويبها لدرجة كبيرة، وذلك أساسا عبر:
١) استراتيجيات نظام الإنقاذ وتكتيكاته في الاستقطاب القبلي وفي بث الصراعات المجتمعية على أسس قبلية من باب فرق تسد ولإضعاف الأحزاب الطائفية الكبيرة. وليس في الريف البعيد فقط بل قريبا من القصر الجمهوري نفسه.
٢) استخدام النظام والقوى المعارضة (الجهوية والآيدلوجية) للاختلافات الثقافية والدينية والعرقية كمصادر هويوية استقطابا الحطب البشري لضمان استمرارية حروبهما ولتأكيد جدواها في المخيلة المقصودة بالخطاب الهويوي، ولأدارتها بما يخدم مقاصدهما.
فضلا، إقرأ في المقتطف من مقال الأفندي عن دراسة "الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة" لدكتور عزمي بشارة ملصق بمداخلة أعلاه في البوست. عن كيف تستخدم الهويات.

الآن لا يوجد مجال لإنكار ملاحظتك السديدة ولا أثرها في الواقع السياسي الراهن أو في المستقبل القريب، ولاستيعاب الظاهرة الريفية المحدثة في التيار السياسي العام، أو لضمان التمثيل السياسي العادل في السودان المعاصر كما تعبيرك، فلا بد من تغيير جذري في الدستور/ قانون الانتخابات ليعبر عن شكل مناسب من أشكال "التمثيل النسبي" في أي انتخابات تجرى في البلد..
حتى مع معرفة الواقع فكل شيئ سيظل تنظيرا أو حلما حتى يتم التعبير عنه قانونيا..
++++

يا محمد، ههههها طلعتا إنتا والمشرف وكبر كلكم كنتو زمان مع المحايدين، أها أنا زمان كنت إنسان جدلي/ناصري/قومي عربي، انتو براءة.. هههههها..
لكن زمان برضو كان عندنا في مدرسة الكادر😺:) مقرر اسمو "منهج جدل الإنسان" وأول كلمة فيهو هي:
(بالتفاعل الجدلي الحتمي للإنسان مع الواقع والوقائع، فالتغير النوعي هو ايضا أمر حتمي.. واصحا ما تخليك نايم في عسل "محلك سر")!!
المنهج دا نفعني نفع شديد ولا زلت انتفع به، حتى مع ابتعادي الطويييل عن الناصرية في التنظيم وأولوياتي وبل كمان في النظر السياسي غالبه،
عبر هذا المنهج قرأت وعرفت آسفا، حتمية انفصال الجنوب قبل وقوعه بوقت طويل.. ومن خلاله استبعد انفصال أي جزء آخر من السودان لو سارعنا في تصحيح
الأوضاع الاصطراعية فيه وموضعتها في مسارات يصعب معها التأثير الخارجي على المتصل الاجتماعي الجغرافي التاريخي في ما تبقى من السودان..

وثم، فقد وجدت أن أحدهم قد لخص المنهج جادا، كما يلي:
Quote: (1) في الكلّ الشّامل للطّبيعة والانسان : (2) كلّ شيء مؤثّر في غيره متأثر به (3)كلّ شيء في حركة دائمة
(4) كلّ شيء في تغيّر مستمرّ (5) في إطار هذه القوانين الكليّة الثّلاثة يتحوّل كلّ شيء طبقـا لقانونه النّوعي
(6) وينفرد الانسان بالجدل قانونا نوعيا لتطوّره، (7) في الانسان نفسه يتناقـض الماضـي والمستقبل. (مشكل)
(8) ويتولّى الانسان نفسه حلّ هذا التّناقض(حل) بالعمل (9) إضافة فيها من الماضـي ومن المستقبل
(10) ولكن تتجاوزهما الى خلق جديد (عمل).
ودا استطراد ما مناسب لكن انت براك جبت سيرة الاشتراكية فوق.. أها، يلّا فلنهتف: (حرية اشتراكية وحدة "وطنية").😺

Post: #86
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-17-2018, 05:30 AM
Parent: #85

نحو السناري ولجذبه من صفاء الفلسفة إلى عكر العاديك..

في مداخلة أستاذنا الضليع جدا ماجد السناري التي بهذا الرابط Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكرRe: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر: فقد وردت كلمة “الثقافة لـ (٣٢) مرة، وهذا يدل دلالة قاطعة على محوريتها في رؤيته لدائرة المظالم التاريخية التي ستحتاج لإزالتها قبل التفكير في والتطلع لـدولة اللاهوية التي (تقف على مسافة واحدة من كل الهويات) أو كما قال.. أي وكأنه يطالب، بل ولحد كبير، يحاول بسط خارطة طريق وعمل ثقافية أو كما طالبت أنا بخارطة طريق دستورية وقانونية..

وبدون مثل هذه الإجراءات والتغييرات الثقافية، فماجد السناري يفترض أن الدولة ستسودها الثقافة العربية وستكون دولة للأحادية الثقافية التي ستغطي على ما عداها من التمايزات الثقافية وعلى ما عداها من الثقافات. وبالتالي، فهو يدعو إلى إزالة هذه المظالم قبلا والتأكد من إزالة أسبابها كما في هذه الجملة: ((الـ “فكرة تقول بحذف مفهوم عروبة السودان والإعتراف بتنوعه العرقي وإعتبار اللغة العربية أداة ثقافية مثلها مثل بقية اللغات، وليست هوية، ثم إعادة تقسيم الثروة وإتاحة فرص تعليم وصحة وعمل لمن همشوا بقدر أكبر مما يتوفر للمركز حتى تستعاد العدالة”))..

ربما يكون الكلام عن (حذف مفهوم عروبة السودان) بمعنى عدم فرضها ددستوريا وقانونيا، أو هو كلام ذي دلالة دستورية كما الكلام عن تقسيم الثروة واتاحة فرص التعليم وتوفير خدمات الصحة والعمل للمهمشين (تقنين سياسات التمييز الإيجابي) ويمكن تأطيرها دستورديا كذلك.. أو ربما هو كلام يعني به حذف العروبة من أذهان من يعتقدوها.. أو هو يريده كلاما معمما الآن ولكن له ما بعده، عندها إذن فسيحتاج لشرح أفضل من هذا المختصر المتاح الآن، وإلا فإن الشكوك حوله والأسئلة عليه لن تنقطع.. ولكن، فلنتركه الأن لما شغلني أكثر وإن كان مرتبطا به..

والذي شغلني أكثر وبالتفكير فيه أطول، فهو حديث سناري المستفيض عن الثقافة، وأقواله بـ (“اعتبار اللغة العربية “أداة ثقافية” وليست هوية”) وذلك لأنه تابع شارحا (“أن نتعامل مع العربية لغة وثقافة تعامل أداتي وليس هوياتي أو قيمي”) وثم (“أنا أتحدث عن الثقافة في صفتها الأداتية، و أهدف لأن أحرر الإختيارات الفردية من أي إرتباطات ثقافية مجتمعية سابقة عليها أو ملزمة لأي فرد ـ لتعليم أولاده في مدارس إبتدائية تدرس بالعربية أو لغة الهوسا مثلا ــ مع توفير الخيارات المرتبطة بالأصول الثقافية للإنسان القاطن في المنطقة الجغرافية المعنية.”) وواصل: ( “لكن هذا الفهم الأداتي يتطلب أول ما يتطلب إفراغ الثقافة الرسمية من محتوياتها القيمية والأيدلوجية ــ بما في ذلك الأحزاب المنتفعة بها ــ أي كل ما تتوسل به لفرض هيمنتها على المجتمع.”)..

وواصل السناري شارحا؛ (“هذه الفكرة ترمي لإعادة الحق لجميع الثقافات في المجتمع لتتمكن من عرض ذاتها كخيار متساو مع الثقافة العربية السائدة وله الحق على التنافس على قلوب وعقول المواطنين دون أي إكراه أو إشتراط. هكذا ينجو أي مواطن ويتحرر من ورطة الثقافة الواحدة الجبرية وينجو من أي حالة للإكراه الثقافي أو إلزامية الثقافة العربية لكل المواطنين. وبالتالي لن يصبح إنتمائي لأي ثقافي جبري ولا إرادي وستنتفي المحاذير التي تمنع أي مواطن من نقد أو الإنسلاخ من أي ثقافة دون الخوف من التعرض للسجن أو الجلد بحجة إنتهاك محاذير الثقافة الرسمية وقوانين البلاد التي سنت وفق مصالحها ومصالح أحزابها.”)..

وثم اختتم سناري مؤكدا؛ (“هذه هي المناورة الممكنة والتي تسعى من خلال تجميد قيم الثقافة العربية ثم قراءتها قراءة أداتية تؤدي إلى إتاحة الفرصة لظهور الثقافات المكبوتة في المجتمع”)..
واستطرد شارحا: (“إفراغ الثقافة العربية من قيمها لا يمكن أن يتم إلا عبر إعادة قراءة الثقافة العربية فإزالة كل القوانين التي تكرس أفضلية لها على غيرها من الثقافات الموجودة وصياغة قوانين جديدة تسمح للأفراد إختيار ما يناسبهم من ثقافات تتاح لها فرص عادلة لتنمية خصائصها بحيث توفر لأفرادها كل الإحتياجات الضرورية للتطور. تجميد هذه القيم هي المرحلة الأولى التي تعقبها تحرر من يريد أن يتحرر من هيمنة قيمها وفك التجميد لمن يختار البقاء في كنفها. هكذا تتحول كل الثقافات لإمكانات متاحة للأفراد وتتنافس على إقناعهم بالإنتماء إليها.”)..
وكرر قريبا من التأكيد (“إفراغ الثقافة العربية من محتوياتها القيمية لا يعني وقف التعامل باللغة العربية ولكن تبقى اللغة كأداة للتواصل بين من يرغبون في التواصل بها. المهم أنه سيبقى للثقافة العربية عندها قيمة داخلية فقط لمن يختارون البقاء في عالمها دون أي إلزامي خارجي أو قيمة تسلطية. “)

إذن، لو جاز لي التلخيص؛ فالمقترح هو:
اعتبار اللغة العربية أداة ثقافية (أم أداة للتواصل فقط؟) ونعاملها هكذا بصفتها الأداتية..
وهكذا تتحرر الخيارات الفردية للآخرين خارج الثقافة العربية من أي ارتباطات ثقافية مجتمعية سابقة أو إلزامية..
ولذلك فلا بد من إفراغ الثقافة الرسمية العربية من محتوياتها القيمية والأيدلوجية، التي ستبقي اللغة كأداة تواصل بقيمها الداخلية فقط..
ولأن هذه الثقافة الرسمية معبر عنها في قوانين البلاد التي تمنع الانسلاخ من هذه الثقافة، فلابد من إزالة كل القوانين التي تكرسها كخيار أفضل أو وحيد..
وللبدء في القراءة الأداتية للغة كأداة ثقافية، فلابد أولا من تجميد قيم الثقافة العربية ثم قراءتها قراءة أداتية، حتى يمكن أن ينفك التجميد عن غيرها..


المهم يا عزيزي السناري، لم تخف عليّ النوايا الحسنة في مرافعاتك القوية، وحقا فقد ارهقت نفسي لتفادي أي سوء فهم ممكن. ولكن في الآخير، فأيضا قد انبهم علي الطريق إلى خطتك هذه بأكثر مما انبهم طريقي إلى “دولة اللاهوية” خارجا عن الأطر الدستورية والقانونية.. ولولا بعض اشارة اشرت بها للقوانين يا سناري، ــ وهل توجد بالفعل قوانين تكرس لهيمنة الثقافة العربية رسميا؟ أم تراك تعني أن غياب القوانين التي تسمح بتعدد التعبير الثقافي وتحفزّه، هو ما يكرس للثقافة العربية كثقافة أحادية؟ ــ، لولا الإشارة للقوانين، لما أحسست أدنى الإحساس بأن هذه خطة عمل للمستقبل العاجل طي تحليل للواقع، بل لافترضتها رؤية نظرية عامة!
وحتى مع الإشارة للقانون، فإنني لم أفهم كيف يمكن للغة، أي لغة، أن تنسلخ عن ثقافتها وقيمها ولتبق كلغة أداتية أو لغة تواصل وفقط؟ ولا كيف يمكن تجميد لقيم بعينها لأي وفي أي ثقافة في أي مدى منظور بغير محاولة قسرية لقهر اللغة نفسها كحامل لهذه الثقافة؟ أو بغير حثّها ثم الصبر لحتى يمكن أن تتطور محمولاتها الثقافية الإيجابية، وتخف وتتلاشى حمولاتها السلبية، عبر التفاعل مع واقع اجتماعي جديد مختلف، ولكن يجب التمهيد له مسبقا؟ وبالطبع فهذا الواقع الأخير لن يتهيأ أبدا إلا عبر تجميد الصراعات الثقافية والهويوية أولا وقبل محاولة تجميد أي قيم ثقافية بينما زنادها ينقدح. والتهئية القبلية لمثل هذا الواقع ستتم فقط عبر استراتيجيات دستورية وإدارية مسبقة تهيء للقبول بالتعدد وبالتعايش ضمنه ومعه؟
وأيضا سؤال، كم ستستغرقنا مثل هذه القراءة التفكيكية للثقافة العربية التي هي شرطك للبدء، دعك عن تغيير هذه الثقافة عبر اعتبار لغتها أداة وظيفية حصرا أو أيا ما تطلبه كشرط مسبق للوصول إلى دولة اللاهوية أو أي مسمى أخر لدولة سلم اجتماعي؟
وعلى كل حال، فلو أردنا نقطة للإنطلاق منها، فهذا ما جاء عن اللفة في دستور ٢٠٠٥ الراهن وقبل ما يعدلوه قريبا.. ونعم، نحتاج لحكومة تحترمه وبرلمان يتطور به:
Quote: اللغة
8ـ (1) جميع الُلغات الأصلية السودانية لغُات قومية يجب احترامها وتطويرها وترقيتها.
(2) العربية هي اللغة القومية الأوسع انتشاراً في السودان.
(3) تكون العربية، باعتبارها لغُة رئيسية على الصعيد القومي، والإنجليزية، اللغتين الرسميتين لأعمال الحكومة القومية ولغتي التدريس في التعليم العالي.
(4) يجوز لأي هيئة تشريعية دون مستوى الحكم القومي أن تجعل من أي لغة قومية أخرى، لغة عمل رسمية في نطاقها وذلك إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية.
(5) لا يجوز التمييز ضد استعمال أي من اللغتين العربية أو الإنجليزية في أي مستوى من مستويات الحكم أو في أي مرحلة من مراحل التعليم.

=======

ونحو السيد مني أركو مناوي بخصوص حكاية سناري عنه:

ففي نفسي شيء من حتى حكايات السيد مني أركو مناوي عن معاناة ايام تلمذته وفي سياق ما حكاها سناري في قصته التي أوردها أعلاه وقد وردت فيها كلمة (ثقافة) لمرتين فقط، ولكن هذا ليس بعذر لدسدسة الكلام والمواراة عن الحقيقة.. الحكاية مجرد ابتزاز سياسوي رخيص لا يليق حتى في التعبئة السياسية الضحلة..
مني أركو مناوي من فوراوية، ألم يعرف مثلا أن التجاني آدم الطاهر، الأسن منه، من أهل الطينة القريبة، أو لم يسمع عن أي آخر من بروفسيرات آل دوسة مثلا، أو يعرف عن د. خليل ابراهيم وعن أخيه زعيم الحركة "الشقيقة" وآخرين… هؤلاء كلهم "زغاوة" من أهله ومن نفس المنطقة في دارفور.. كلهم دكاترة ومتعلمين ومركزيين أحيانا في الحكزمة وأحيانا في المعارضة.. وأظنه يعرف أنهم كلهم أبناء أسر متنفذة.. أي، بالنسبة للبقية من أهلهم ومن عوام السودانيين.. هم من مركزية اجتماعية بحيثياتها سابقة للاستقلال، وقد استفادت بمركزيتها هذه من الفرصة والقسط اليسير من التعليم المتاح وقتها.. هذا هو بالضبط كما حدث في جميع الأصقاع السودانية، إلا ما فرضته سياسات استعمارية بعينها في تفضيلات لها مختلفة في الخرطوم..
ولو إنه قرأ في التجربة الوطنية بإنصاف، ونظر في شمول حالة قصور الإمكان عن الممكن أو في عجز الخطط الوطنية عن تطلعات كافة هذا الوطن والشعب، لكان قد كفانا شر المزايدات والمناقصات، ولما قال ما قال إما تحريضا أو تبكيتا سياسويا فارغا ومضرا..
والدي، عليه رحمة الله، ذهب إلى ربه حسيرا ممرورا من ضياع فرصته في التعليم.. لقد كان يحتفظ بأقلام الأردواز والكوبيا وبكراسات دروسه التي لا يزال يسحرني جمال خطه فيها، وظل يحافظ عليها من زمن أيامه بالمدرسة الأولية التي كانت ثانية اثنتين في كل شرق السودان مدنه على قراه.. مات متحسرا كيف أنه لم يتمكن من الالتحاق بالمرحلة الوسطى في بورتسودان ولا ببخت الرضا في الدويم وهما أقرب الخيارات لمدينته كسلا وهي المدينة الأكبر والأقدم "كمدينة" من فوراوية مناوي، وأيضا هي الأقرب للمراكز الاستعمارية في الخرطوم من الفاشر نفسها، ثم لا تزال ــ الآن الآن ــ قراها بدون مدارس ولا شفخانات ولا حمير حتى..
أما المدارس الثانوية كلية غردون، وادي سيدنا، حنتوب، طقت، الفاشر، بورتسودان، رمبيك، وكلها سبقت دنقلا الثانوية ونيالا الثانوية وكسلا الثانوية وعطبرة الثانوية، فلم تظهر إلا لاحقا وكانت حلما سيسعد أي طالب أن يصلها ماشيا أو بحمار، فقط لو قبل فيها.. هذا التوسع التدريجي “الممكن” والانتشار اللاحق حدث متأخرا في كل السودان، وليس فقط في مناطق نائية كشمال غربي دارفور ولكن حتى في المدن الكبيرة القريبة من المركز الحكومي.. وحتى انتشار التعليم الابتدائي والمتوسط قبيل عهد الاستقلال وبعده فقد بدأ بالمدارس الاهلية وبجهود الوطنيين من المحظوظين من ابناء المدن ممن نال تعليما في العهد الاستعماري.. ثم عاندتهم الظروف وحتى الأهالي بأشد مما عاندتهم المركزيات.. هذه مزايدة فارغة جدا أن يحكيها من كان ينتظر منه أن يفهم الواقع السوداني بأفضل من سياسويته قصيرة النظر.. وحتى اليوم العلينا دا، فإن القرى في كل أقاليم السودان عدا الخرطوم وشمال الجزيرة ربما، فهي لا تزال تعاني من انعدام المدارس ولو وجدت فانعدام المدرسين ولو وجدوا فانعدام الجودة بل وربما انعدام الرغبة في المدارس… وبالأمس فقط فقد مات غرقا ٢٣ تلميذا طفلا وكلهم أهل، وخمسة منهم إخوة أشقاء، وذلك لأن مركب (حمارهم) لم يقدر على عبور بحيرة سد مروي حيث استثمرت الدولة مليارات الدولارات ولم تفكر ان تبني مدرسة من راكوبتين تلاتة.. وأسف أن هذا التنويع شخصي نوعا ما، أو ربما كان علي أن اكتفي بكلام عبدالله إدريس:
Quote: التنظير غير المؤسس ـ اي الذي لا يستند على معطيات حقيقية ماثلة في مثل هذه المواضيع - هو تنظير استقطابي قاصر ومدفوع بنوايا ربما غير سليمة او غير موضوعية على الاقل.
استخدام نظرية المركز والهامش كاداة تحليل لنمط التنمية او لايضاح ظلامات تاريخية في السودان بافتراض وجود مركز واحد وهامش واحد خطأ منهجي فادح لأن هناك مراكز متعددة في السودان تمثل المدن الاقليمية الكبيرة والعريقة التي لطالما وجدت فيها نفس الخدمات وبنفس المستوى بينما في القرى يختلف الامر وتنعدم الخدمات الى حد كبير . هناك هامش لبورتسودان والابيض وشندي وعطبرة الخ الخ .. كل هذه المراكز بهوامشها يمكن اعتبارها ايضا هامشا للخرطوم بخلاف مدني او الجزيرة في مرحلة اذدهار المشروع.


Post: #87
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-19-2018, 10:19 PM
Parent: #86

كلام مهم هاشم.. بجيك للتحية

Post: #88
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-25-2018, 01:12 AM
Parent: #87

تحية واحترام صحاب.. ولنواصل التفاكر

Post: #89
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-25-2018, 11:26 PM
Parent: #1

تحيات للحاضرين والغياب،
وجدته هذا المقال للمرحوم مكي علي بلايل في هذا الرابط لبوست الأخ ناصر الأحيمر
أعتقد أنه مقال مهم جدا ومتعلق تعلقا كبيرا جدا بثيمة وموضوعات هذا البوست وبالحوار الراهن حولها،
المقال طويل من جزين وسأرفقه كما هو هناك، أرجو أن يفيد في توسيع زوايا الرؤية..
=======

الصهيونية العروبية تتشكل عنصرية مؤدجلة تهدد بتفتيت السودان الشمالي بعد الإنفصال/ بقلـم: مكـي علــي بلايـل

1/17/2011

الصهيونية العروبية تتشكل عنصرية مؤدجلة تهدد بتفتيت السودان الشمالي بعد الإنفصال
بقلـم: مكـي علــي بلايـل
تارة أخرى تحملنا رياح السياسة السودانية الهوجاء لإرجاء ما إنتويناه من مواصلة الحديث عن موبقات الحركة الشعبية بجبال النوبة، لنوجه سهامنا لجبهة أجسم خطراً. فقد شهدت الساحة في الأسبوعين الأخيرين تصاعداً لافتاً للخطاب العنصري المتدثر بلبوس الإسلام والذي ينذر بنقلة غير مسبوقة لصراع الهوية في السودان الشمالي بكل مايحمله ذلك من مهددات. وكنا قبل نيف وشهرين في مقال نشرته هذه الصحيفة بعنوان: (مستقبل دولة السودان الشمالي بعد
الإنفصال)، قد حذرنا مما أسميناه بالصفائية العروبية إشارة الى الساعين لتكريس مفهوم صفاء هوية السودان الشمالي باعتبارها عربية إسلامية خالصة. وقد تلمسنا هذه النزعة يومئذ من كتابات دعاة الإنفصال التى تشى بأن أحد أهم أهداف هؤلاء من فصل الجنوب هو تأكيد نقاء الهوية العربية الإسلامية للسودان الشمالي كما يتوهمون. ومنذ الخطاب الرئاسي الشهير بالقضارف بمناسبة أعياد الحصاد هناك إكتسبت نزعة الصفائية هذه زخماً كبيراً وتصاعد حراكها على مستوى القول والفعل بتحالف غير مقدس بين العنصريين العروبيين والمتنطعين في التيار السلفى اللذين ظلوا على إمتداد التاريخ سدنة للإستبداد والفساد والعنصرية بإسم الدين. وقبل أن نوغل في تناول أطروحات الصفائية التى نشير إليها في هذا المقال بالصهيونية العروبية يجدينا تققديم شرح مختصر لمصطلحى الصهيونية والعروبية تجنباً لإساءة الفهم وإتقاء لتهمة التهويل. ونبدأ بالصهيونية والتى نعترف بأنها تبدو ظاهرياً يحكم الثقافة السائدة مشبعة بدلالات سيئة بأكثر مما يبرر إستخدامها في حالتنا. ولكننا نرى إن مايتشكل حالياً بإسم العروبة أولاً والإسلام ثانياً (العروبة تسبق الإسلام دائماً في خطاب القوم) لايختلف في الجوهر كثيراً عن الصهيونية كما سنبين. فالصهيونية كعقيدة سياسية قومية متطرفة لاتتماهى بأى قدر مع الصهيونية ######################## حتى في نسختها المحرفة على عكس ظن الكثيرين. كل ما هناك أن الصهيونية التى تنبنى على الإيمان بالحق المطلق لليهود في السيطرة وإستباحة حقوق غيرهم عمدت لإستغلال الديانة اليهودية وما فيها من حقائق وأساطير لإخفاء القدسية على مخططاتها وسياساتها لما لذلك من فاعلية تعبوية وتبريرية. لقد أوضح الفيلسوف الفرنسي المعاصر روجيه غارودى في كتابه القيم المعنون: (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية) الفرق الشاسع بين الصهيونية كعقيدة سياسية قومية متطرفة واليهودية ########################. وبحسب ذلك المرجع فإن بعض أكابر الصهيونية وعلى رأسهم الأب المؤسس لها تيودور هرتزل ليسوا غير مؤمنين باليهودية كدين سماوي فحسب بل غير مؤمنين بالله أصلاً. فهرتزل أب الصهيونية ببنتمى لفلسفة الغنوصية والتى ترى أن البحث في وجود الله من عدمه غير ذى جدوى إذ لايمكن نفيه أو إثباته عقلاً. وبالرغم من ذلك إعتبر قادة الصهيونية التمسك الشديد بمقولات و تعاليم التوراة ذات الصلة بمشروعهم السياسى مثل شعب الله المختار إشارة لليهود و ارض المعاد إشارة لفلسطين أمراً بالغ الأهمية. وقد روى عن موشى ديان أحد أشهر وزراء الدفاع لدولة إسرائيل قوله: إن الصهيوني يجب أن يكون يهودياً متطرفاً حتى إن كان ملحداً. ومن ناحية مقابلة فإن نفراً كبيراً من كبار الخاخامات وأشهر اليهود ليسوا فقط ضد الصهيونية بل ضد قيام دولة إسرائيل اصلاً. أشهر هؤلاء الخاخام إلمر برجر رئيس المجلس اليهودي الأمريكي الأسبق والعالم الفيزيائى الأشهر ألبرت إبنشتاين. إن ما قلناه حتى الآن لايعنى بالطبع أن كل اليهود المتدينين ضد الصهيونية أو إن كل الصهاينة غير متدينين حقاً. ولكن يبقى الفرق واضحاً بين اليهودية ######################## والصهيونية كعقيدة سياسية تقوم على حق بنى إسرائيل في السيطرة على العالمين. ونأتي الآن للعروبية كمصطلح والتى لا ندعى إننا من نحتها ولكن بكل تأكيد نكثر من استخدامها في كتاباتنا الخاصة وفي الأدبيات السياسية لحزب العدالة. ونستخدم مصطلح العروبية للتفريق بين المعنى الذي نقصده به والمعنى الذي تحمله كلمة العروبية حسب فهمنا. فالعروبة في فهمنا إنتماء موضوعي ذو أبعاد متعددة لغوية، ثقافية وعرقية. وهي بهذا الفهم مكون أساسى من مكونات الهوية الوطنية للسودان ولاجدوى أو حكمة من معاداتها. ففي البعد اللغوى على وجه الخصوص فإن العربية تشكل القاسم المشترك الأعظم بين السودانيين وواسطة التواصل حتى بين الإثنيات المتشابهة مثل قبائل الجنوب وجبال النوبة ودارفور وغيرها. كما لايسع أحداً إنكار الأصل العرقي العربي لمجموعات سودانية بدرجات متفاوته. وزيدة القول في هذا الخصوص أن لا مشكلة مع العروبة كإنتماء موضوعي ورافد أساسي من روافد الهوية الوطنية وهذه قناعتنا التى يتهمنا بسببها شذاذ الآفاق الجاهلون بكيمياء التفاعل بين الموروثات الإنسانية بالإستلاب الثقافي. ولكن هناك مشكلة عويصة مع العروبية وهي عندنا ليست تعبير عن إنتماء موضوعى وإنما توجه سياسي قائم على العصبية يهدف لهيمنة العرب على الآخرين بكل ما تحمل كلمة العرب من دلالات عرقية وثقافية. والحق أن إستغلال الإسلام لتبرير هيمنة العرب بالمعنى العرقي على غيرهم ليس أمراً جديداً ولا إستثناءاً في تاريخ الدولة التى تطلق عليها صفة العربية الإسلامية منذ إنحراف أمر الإسلام من الخلافة الراشدة إلى الملك العضود إبتداء من العهد الاموى. فقد ظلت السلطة العشائرية والهيمنة على الشأن العام كله في يد العرب دون غيرهم من الأعاجم. وحين تحرك المهمشون الأعاجم لرفع الضيم عن أنفسهم رفعت في وجههم تهمة الشعوبية وهي المصطلح التاريخي النظير للمصطلحات التى يرفعها الأميون الجدد عندنا في وجه الرافضين لهيمنتهم مثل الجهوية والعنصرية بينما هم في الحقيقة أئمتها بلا منازع. وأياً ما كان فإن العروبية في الحالة السودانية الراهنة التى نحن بصددها ليست في الجوهر إلا إستنساخاً لتجارب توظيف الإسلام من اجل الهيمنة السياسية والاقتصادية من مدخل الهوية. ولايشفع للعروبيين زعمهم الكذوب بأن قصدهم بالعروبة يقتصر على الجانب اللغوى والثقافي فهم أول من لا يؤمن بذلك إذ يتجلي إعتبارهم للجانب العرقي في كافة ممارساتهم وسلوكياتهم السياسية والإجتماعية. وإذا كانت العروبية توجهاً يهدف لهيمنة المنتمين للعرق العربي إن حقاً أو توهماً على الآخرين بتوظيف الإسلام وإظهاره كما لو كان متماهياً مع هذا التوجه فإننا لا نغالى إن شبهناها بالصهيونية. لاغرو فالصهيونية كما شرحناها آنفاً ليست سوى عقيدة سياسية تهدف لسيطرة بنى إسرائيل بتوظيف الديانة اليهودية بحقائقها و اساطيرها. وكما أسلفنا فقد إكتسب تيار العروبية عندنا رخماً كبيراً منذ خطاب القضارف الرئاسى وعزز حملته لتكريس فهمه الذي يريد لدولة السودان الشمالي بعد الإنفصال. ولم يقف أمرهم عند حد إنكار التعدد العرقى والثقافي في هذه الدولة وربط ذلك بالشريعة الإسلامية الحقة غير المنقوصة أو المدغمسة بل مضى حد المطالبة بإعادة النظر في إسم الدولة الذي يربطنا بالسواد. كيف لا وقد كانت كلمة سوداني إلى مابعد الإستقلال تعتبر لدى البعض سبة تثير الغضب. إذاً فإن العروبيين في دولتهم الجديدة لن يقنعوا بالهيمنة على السلطة والثروة والوظيفة العامة كما عليه الحال الآن بل مطلوب كذلك إلحاق الأعراق الأخري بالعرق المتسيد بل حتى إلغاء الأسماء والرموز التى لا تنسجم مع العروبة الخالصة. وكأن تجلى عقدة اللون على شاشات قنوات التلفزة وعلى رأسها مايسمى بالتلفزيون القومي لايكفى ليحتاج العروبيون لتغيير إسم السودان. والمؤسى حقاً أن يربط الهوس العروبي بالشريعة الإسلامية وينشأ تحالف غير مقدس بين العنصريين دعاة الانفصال والتيارات السلفية التفكيرية المجرمة. فقد خرجت مسيرات وفتاوى من روابط علماء السوء وفقهاء السلطان اللذين أقل ما يجب أن يقال عنهم إنهم غير محترمين. من عجائب هؤلاء إنهم إكتشفوا بعد اكثر من ثمان حجج من إقرار حق تقرير المصير للجنوب عبر الإستفتاء في برتكول ماشاكوس الإطارى في يوليو 2002م إن الإستفتاء حرام شرعاً وذلك قبل اسبوعين من التصويت. إن ترزية الفتاوى يظنون إنهم بذلك يفعلون مايناسب الإمام فهل يعمل بمقتضى فتواهم هذه المرة أم إنه غالب الظن سيضرب بها عرض الحائط كما فعل من قبل بفتوى تحريم سفره الى قطر إبان صدور لائحة الإتهام من محكمة الجنايات الدولية؟! إن هذا عبث بالدين لمصالح الدنيا وهو منبت الصلة بقيم الإسلام الجوهرية. إننا نواجه اليوم خطراً ماحقاً يهدد دولة السودان الشمالي بالتفتيت حتى قبل قيامه رسمياً مصدره هذا التحالف غير المقدس بين جناحي العروبيين من الساسة والكهنوت. وأسوأ ما في هذا التحالف إنه يؤسس لعنصرية مؤدلجة تتقمص القدسية الدينية. لقد كانت إنحيازات السلطة المركزية السابقة بدوافع العروبة غريزية يمكن تهذيبها بتعميق القيم السامية من مصادرها الدينية أو الإنسانية. ولكن أسوأ أنواع العنصرية هي تلك المؤدلجة بأوهام علمية مثل النازية القائمة على وهم التفوق الجينى للجنس الآرى أو أوهام دينيه مثل الصهيونية المبينة على اسطورة شعب اعلى المختار وتأتى العروبية لتتوشح بالإسلام بفهم شائه لتنكر إنتماءات الآخرين والسنهم. فالسودانيون حسب هذا الفهم لم يخلقوا شعوباً وقبائل ليتعارفوا بإختلاف السنتهم وألوانهم كآية من آيات الله كما يقول القرآن. فالشريعة الجديدة تقضى بعدم وجود أعراق بخلاف العرب ولا ألسن خلاف اللغة العربية. ويكمن الخطر لافي هذا التوجه في حد ذاته فحسب بل في أن الإعتراض عليه لن يعامل كمجرد موقف سياسي وإنما كخروج على مقتضى الشرع. وعلينا أن لاتستبعد ذلك فسيحدث حتماً إذا تمكنت الصهيونية العروبية التى بدأت تتشكل بقوة من رقابنا. و هكذا فإن من ألح واجبات المرحلة التصدي الحاسم لهذا الخطر المحدق الماحق بإصطفاف وطني عريض يضم كافة الفئات التى لها ماتخشى عليه من هذا التوجه وما أكثرها. في مقدمة هذه الفئات يأتى المستهدفون مباشرة بالإلغاء أو الإلحاق و الإتباع من المنتمين للإثنيات غيبر العربية وورثة الثقافات والحضارات السودانية في دارفور، جبال النوبة، النيل الأزرق، شرق السودان، وفي الشمال الأقصى. يجب أن ينتظم في هذا الإصطفاف كذلك كل الحريصيين على الإسلام الحق للزود عنه في وجه التلاعب والإستغلال لأغراض الهيمنة العنصرية بما يسئ إليه ويوسع مساحة العداء ضده. وما يقال عن الحريصيين على الإسلام يقال كذلك عن الحريصين على العروبة كإنتماء موضوعي. فلا أضر بالعروبة من التنطع بإسمها وتوظيفها أداة للهيمنة. فاللغة العربية مثلاً لم تحتج لخدمات المتنطعين لتنتشر في الأرجاء النائية وتصبح واسطة التواصل بين قبائل الجنوب وقبائل النوبة. ولكن محاولات فرض الهيمنة بإسمها هي التى تولد الشعور ضدها و محاربتها بإعتبارها ترمز للطرف المعادى. وظننا أن العروبة تقف على أرضية صلبة إذا تهيأت مناخ معافى للتفاعل الإيجابي بين مكونات الهوية الوطنية بلا هيمنة أو إستعلاء لكنها ستفقد بتأجيج صراع الهوية بممارسات العروبيين. واخيراً فإن كل حريص على وحدة ماتبقى من السودان بعد إنفصال الجنوب… يجب أن يصطف في مواجهة الصهيونية العروبية. إن هذه المواجهة يجب أن لا تأخذ شكلاً دفاعياً بل يجب أن تأخذ طابع الهجمة الإرتدادية المنظمة على جبهات السياسة والثقافة والدين. وفي جانب الدين على وجه الخصوص يجب تجريد الكهنوت العنصري الجهول عن غطاء الشريعة فصنع مواقفه العبثية وتجريمه. فهؤلاء التكنيرويون يهدفون من مشايعتهم للسلطة التمكن بسطوتها لنشر أفكارهم المريضة. وأن تمكنوا فإنهم لن يكتفوا بطرد الحركة الشعبية من الشمال كما قالوا الآن ولابتكفير الحزب الشيوعي كما فعلو من قبل بل سيمتد تكفيرهم ليشمل الأنصار والختمية والصوفية بل الممارسة الحزبية ذاتها. وأخيراً على سندنه العروبية العنصرية أن يعلموا بما لايدع مجال للشك أن دون إلغاء أعراق وثقافات ولغات السودان غير العربية خرت القتات.

-2-
الإتجاه العروبى العنصرى الذي أخذ يتشكل الآن بقوة بتحالف غير مقدس بين الإنفصاليين والكهنوت السلفى والذي أسميناه الصهيونية العروبية يمثل خطراً جسيماً للغاية وينذر بشر مستطير ومن الغفلة بمكان الإستهانة به والتقاعس عن التصدى له. وأخطر مافي هذا التوجه الذى يكتسب حالياً زخماً متزايداً هو أنه يضفى على النزعة العنصرية طابعاً أيدولوجياً بل مقدساً بنسبة بوائقهم للإسلام والشريعة. وفي مقالنا السابق أوضحنا بإيجاز نحسبه غير مخل القواسم المشتركة بين هذا التوجه العروبى العنصرى المتأسلم والصهيونية التى أسسها تيودورهرتزل. فكلاهما في الجوهر إستغلال للدين والإسلام هنا واليهودية هناك) من أجل تبرير الإستعلاء القومى
وإستباحة حقوق الآخرين سواء أكان الشعار (كنتم خير أمة أخرجت للناس) أو شعب الله المختار. و قلنا إن إستغلال الإسلام لتبرير الهيمنة العنصرية بوضع الآيات والأحاديث في غير مواضعها ليس أمراً جديداً في تاريخ الدولة المسماة بالعربية الإسلامية. ذلك الأمر هو ما أفرز في التاريخ الحركات الإحتجاجية لغير العرب والتى وصمت بالشعوبية وسنعالج هذا الموضوع بالتفصيل من أمهات مصادر التاريخ الإسلامي إذا أثيرت أية مماحكات لمغالطة مانقول. وحتى ذلك الحين نصوب الحديث إلى هجمة الصهيونية العروبية الراهنة وأخطارها ومايجب أن يعمل حيالها.
إن الهوية كما قلنا مراراً ليست شأناً محايداً إزاء الحقوق والواجبات على مختلف الصعد. فتثبيت وليس إثبات الهوية العربية الإسلامية للسودان بظلالها العنصرية بسطوة جهاز الدولة إستتبع تلقائياً تهميش غير العرب ومن باب أولى غير المسلمين في كافة شعاب الحياة العامة بإعتبارهم أقليات رغم أنف الواقع. وبالرغم من خصوصية واقع الجنوب لجهة وضوح تباينه مع القوى المسيطرة وبالرغم من توسله الى حقوقه بالسلاح منذ البداية فقد ظل إلى ماقبل نيفاشا في سقف النائب الثاني للرئيس والوزارات الهامشية على المستوى الدستوري ونسبة لايعتد بها في الخدمة المدنية. أما القوميات المهمشة المحسوبة على الشمال فقد ظل وضعها أسوأ من الجنوبين ولم يشفع لها إسلامها. وإذا كان التطلع اليوم لتصحيح الإختلال القائم في السودان الشمالي كشرط لوحدته وإستقراره فإن التوجه العروبى المتقمص بالإسلام سباحة في الإتجاه المعاكس تماماً. لقد إستثمر هذا التوجه طويلاً في سبيل مشروعه وإستهتر من أجله بالكثير من المصالح الوطنية والقيم. وكانت الوحدة الوطنية أولى المصالح التى تمت التضحية بها إذ كان الإنفصال هدفاً معلناً بلا مواريه. وكان حكم القانون على رأس القيم التى أهدرت إذ أصبح الإنفصاليون فوق القانون لاتطالهم مواد الجرائم الموجهة ضد الدولة وإثارة الكراهية العرقية والدينية. وما أن أصبح هدفهم لإنفصال الجنوب قاب قوسين أو أدنى حتى إنتقلوا في عجلة من أمرهم إلى المرحلة الثانية من مشروعهم. إنها مرحلة إنكار التعدد العرقي والثقافي في السودان الشمالي والدعوة لتغيير إسم السودان لدلالته اللونية والدعوة لإلغاء إسم دارفور لدلالته القبلية كما يقولون وقد ظهر كل هذا في أقاويلهم وكتاباتهم في الأسابيع الأخيرة. وغداً ستأتي الدعوات لإلغاء وربما تحريم تسميات جبال النوبة والأنقسنا وغيرها لاغرو فالأسماء المحببة للقوم هي من شاكلة بحر العرب، دار جعل وماشابه. هذا السعى المحموم لإثبات الهوية الأحادية العربية الإسلامية للبلاد وتحصينها بسياج الشريعة المفترى عليها ماهي إلا مقدمه لتكريس الهيمنة السياسية والإقتصادية فالعلاقة عضوية لاتنفصم بين الهوية والسلطة والثروة. إن نجاح هذا التوجه يعنى إننا سننتهى في المستقبل غير البعيد لدولة العرب والموالى ولن يستطيع أحد عندئذ رفع عقيرته بالظلم لأن ذلك سيكون خروجاً على شرع الله المزعوم. ولن يعدم القوم من مصادر التاريخ الإسلامي مايبررون به فقهاً تفضيل العرب عامة على العجم عامة. ونكرر هنا إنه لاينبغى لأحد أن يحاول عبثاً إقناعنا بأن المقصود بالعروبة في طرح الخلاصيين من مستعربة السودان جانبها اللغوى و الثقافي وليس العرقى. فحين ظاهر النظام عربان الجنجويد على قبائل الزرفة في دارفور وأحلتهم في أراضيها لم تكن تلك القبائل وثنية ولا غير قادرة على التحدث بالعربية فهى العنصرية في أنتن صفتها.
إن خطر الصهيونية العروبية الماحق المحدق بالسودان الشمالي يتطلب بإلحاح تصدياً حاسماً ولذا دعونا لإصطفاف وطنى عريض لهذا الغرض في مقالنا السابق. وقد حددنا في ذاك المقال بعض القطاعات التى يتعين عليها الإنتظام في هذا الإصطفاف على رأسها المستهدفون مباشرة بهذا المشروع العنصري من القوميات غير العربية ثم الحريصون على الإسلام الحق و الحريصون على العروبة كإنتماء موضوعى وسائر الحريصين على وحدة ماتبقى من الوطن. دعوتنا لكل هذه الفئات تعنى بداهة إننا لا نحرض على صراع هوية بين العرب وغير العرب في السودان. فقد كناو مازلنا ضد الإقصاء أو الإستئصال من حيث المبدأ بإعتبارهما ضد تيار التاريخ الذي تؤكد مسيرته حتمية التلاقى والتفاعل بين بنى الإنسانية بموروثاتهم الثقافية المختلفة وهذه هي سنة التعارف بين الشعوب في فهمنا. و في وطن تداخلت فيه الأعراق وتلاقحت الثقافات لحد كبير فإن الصفائية بالإفصاء أو الإستئصال خطل مابعده خطل. ولذا فنحن دعاة الإعترافف الصادق بكافة روافد الهوية الوطنية وتهيئة مناج التفاعل الإيجابي بينها بعيداً عن الإستعلاء والتهميش والعداء. وفي هذا التفاعل الديمقراطي تفرض العناصر القوية من كل مكون نفسها وتتراجع العناصر الضعيفة ولاغضاضة في ذلك. فالإنسان كما يتسم بالإعتزاز بإنتمائه وموروثاته فإنه مفطور كذلك على إكتساب ما يستحسنه من الآخرين ويتخلى عن بعض ما لا يستحسنه من موروثاته طوعاً. ولذا كانت المثاقفه أخذاً وعطاء وهذا مايفسر تنقل الأفكار والقيم والعادات بين المجتمعات الإنسانية.
وبالرغم من كل ماعبرنا عنه من قناعات فإننا ندعو في إطار التصدي لهجمة الصهيونية العروبية لقيام جبهة السودان الأفريقي لرفض التبعية (جسارة). وما جعلنا نختار إسم جبهة السودان الأفريقي هو أن المكون الأفريقي غير العربي هو المستهدف بواسطة المشروع العروبي المتأسلم وبالتالي فإن هذا المكون هو الذي يجب تأكيده لا كفرد للمكون العربي وإنما كتوأم له في الهوية الوطنية الشاملة. وهكذا فلا تناقض في إنضمام كافة القطاعات التى حددناها آنفاً لهذه الجبهة. ذلك ضرورى للحريصين على الإسلام حتى لايستغل لأغراض عنصرية ويبدو معادياً لغير العرب مايستعديهم عليه. وذلك ضرورى للحريصين على العروبة كإنتماء موضوعي عرقياً كان أو ثقافياً حتى لا توظف كأداة للإستعلاء والهيمنة مايولد الشعور ضدها وما أكثر مالمسناه من ذلك في رهطنا جراء الممارسات الهمجية تحت راياتها. الإنضمام لهذه الجبهة ضرورى كذلك لكل الحريصين على وحدة السودان الشمالي (الفضل) حتى لانبكى أجزاءاً منه غداً كما نبكى الجنوب اليوم. فالتوجه العروبى العنصرى إما أن يردع بجهد وطني شامل وإما أن يقود لإستقطاب أفريقاني عروبي حاد ربما أفضى لمزيد من التشظى. فلا أحد بين جنبيه قلب إنسان يمكنه أن يقبل تهميشه في الحياة العامة وإلغاء وجوده وتراثه هكذا بقرار.
إن مواجهة الصهيونية العروبية وكما قلنا في المقال السابق يجب أن لاتتخذ طابعأً دفاعياً وإنما نزعة هجومية منظمة على جبهات السياسة والثقافة والدين. فلا يعقل إستجداء حق الوجود من أقلية من الدخلاء التى لم تقنع بالأمر الواقع الذي ترتب لصالحها و تريد تجريد القوميات الأصلية من كل حق. لقد كنا مازلنا ضد التطرف في أمر الهوية فالصراع حولها أن سادت الحكمة يصبح معركة في لامعترك فالتفاعل الإيجابي وليس الصراع هو الذي يجب أن يسود.
ولكن حيث يشتط الخلاصيون(الخلاسيون) من مستعربة السودان لإنكار وجودنا أعراقاً وثقافات وأسماء مناطق فإن ذلك يجب أن يواجه بجنسه لأنه لايفل الحديد إلا الحديد. عندئذ يحق لنا أن نتساءل ما الذي يجعل بلاد النوبة سواء في أقاصى الشمال أو الجبال ودارفور وأرض البجا والانقسنا وبإيجاز كل السودان جزءاً مما يسمى بالوطن العربي؟ واية حتمية تجعل اللغة العربية اللغة الرسمية الوحيدة لأهل السودان إن كانت ستوظف أداة للهيمنة والإستعلاء؟ ونرجو أن لايشهر أحد في وجهنا بطاقة الدين عند الحديث عن اللغة العربية. فهؤلاء المتنطعون بالعروبة ليسوا أكثر تديناً من الأتراك أو الإيرانيين أو الأفغان وغيرهم من الأعاجم الذين لم يتخلوا عن ألسنهم. وكى لانصل لهذه المتاهات في إطار الإستقطاب العروبي الأفريقانى فعلى أنصار العروبة أن ينشطوا مع غيرهم لكبح غلواء العروبية فهي خطر على الجميع.
وتشكل الثقافة جبهة رحبة وهامة لعمل كبير يؤكد للعنصرين العروبيين أن القوميات غير العربية ليست قطعان حيوانات بلا موروثات حضارية لتجعل حقولاً لمشاريعهم الإستلابية. عمل ممنهج ومنسق يتوافر عليه المعنيون بهذا المجال لإبراز القيم الأخلاقية والجمالية والنظم والمعارف التى تحتوى عليها الحضارات السودانية. ومما لاشك فيه أن هذه القيم أرفع وأروع من المعاني التى تتجلي في بعض أشعار العرب في الجاهلية و الإسلام معاً التى يدرسونها لنا وفيها الإفتخار بالظلم والإستجداء تزلفاً بالمدح والغزل ليس في الحسان فحسب بل في الولدان كذلك. في هذه الجبهة الثقافية يتحتم الإعتناء أكثر من أي وقت مضى باللغات السودانية تطويراً وكتابة وتعليماً. فأحادية اللغة ليست شرطاً لوحدة الأوطان ولا لتقدمها وفي دولة جنوب أفريقيا هناك نحو عشر لغات رسمية. يجب كذلك التصدي لكتابة التاريخ الوطني بالموضوعية والحيدة لإبراز الدور الحقيقي للفئات المكونة لهذا الوطن كي لا يحتكر البعض رمزية النضال فيه. وعلى سبيل المثال أيتهما أحق أن تعتبر رمز نضال المرأة السودانية أهى مندى بت السلطان عجبنا التى قالت الى جانب ابيها حتى ماتت مولودتها المربوطة على ظهرها عطشاً أم تلك التى كان حظها من النضال شيئاً من الغناء الحماسي؟! في مجال التاريخ أيضا يجب التصدى الجرئ للتزوير الذي يتم حالياً في المنهج المدرسى لإخفاء معالم تشكيل السودان وكذلك لتحويل رموز لعبت أدوار سيئة في التاريخ لأبطال وطتنيين.
وأخيراً وليس أخراً كما يقال يلزم تجريد العروبيين من الغطاء الدينى و هذا من أوجب الواجبات لمصلحة الإسلام أولاً والوطن ثانياً. إن محاولة العنصرين وحلفائهم من كهنوت التيار السلفى إضفاء القدسية الدينية لمشروعهم البائر باسم الشريعة محاولة عبثية مردودها المباشر فتنة الناس في دينهم. فليس من الدين في شئ إنكار تعدد الأعراق والألوان والألسن ودوننا القرأن. والتيار السلفى ليس في موقف لإبتزاز الناس بإسم الدين فقد ظل هذا التيار التكفيري على إمتداد التاريخ سند للاستبداد والظلم والعنصرية لاغرو فقد نشأ وترعرع في كنف الطغاة. بل إنهم وبالرغم من إكثار الحديث عن التوحيد أكثر الفرق الإسلامية إنحرافاً في العقيدة. فهم في غالبهم من المجسمة التى تؤمن بان لله أعضاء. بل إن من عقائدهم السخيفة ان الله تعالى ينزل على رؤوس البيوت على حماره. ونرجو أن لانقالط أحد حتى لا نورد هذه العقائد من مصادرهم. وزبدة القول أن التيارات السلفية التكفيرية المتحالفة حالياً مع العروبيين يحب أن تعرى بعمل توعوى جاد من العلماء فالتقاعس في هذا المجال ستحول هذه البلاد الى ساحة للعنف والإرهاب في فتنة دينية تستبطن العنصرية بحكم واقع السودان.
وختاماً فليجرب العنصريون العروبيون لحس أكواعهم قبل أن يحلموا بإلغاء الأعراف واللغات و الثقافات غير العربية.



Post: #90
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-26-2018, 00:23 AM
Parent: #89

كتب سناري مايلي

وحديثي عن إفراغ الثقافة العربية من محتوياتها القيمية والآيدلوجية ينتهي
إلى لزومية توفير المناخ لهذه القوانين المأمولة والمعنية بتوفير الحرية لأفراد
المجتمع للإرتباط بثقافاتهم الأصلية

ـــــــــــــ
كيف سيتم ذلك ؟

Post: #91
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-26-2018, 02:24 AM
Parent: #90

شكراً هاشم وعبداللطيف للتعقيب على التعقيب والحقيقة يا هاشم لم أرى تعقيبك إلا قبل لحظات وسأعود لتوضيح ما يمكنني توضيحه مما إلتبس في كلاماتي
وكل عام وانتم بخير

Post: #92
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-26-2018, 09:58 PM
Parent: #91

شكراً هاشم على سعيك لتعميق وإثراء النقاش كما أود أن أكرر إشادتي بالمجهودات الضخمة التي يبذلها الأخ محمد جمال في خدمة المعرفة وصناعة الوعي وفي الحقيقة قليلون هم من طرحوا مشاريع جديدة تتأمل في الواقع والفكر المنبثق منه، وتحللهما ثم تضخ تفاكيرها للناس. ومن هؤلاء كان الشهيد محمود محمد طه والمرحوم أبوالقاسم حاج حمد والذي في محمد جمال لمسة من فرادة رؤيته وكذلك أبكر آدم إسماعيل عديدون ليس المقام مقام التعرض لهم. فمثل هؤلاء لو كنا في دولة تعرف قدر الوعي، وحاجة الأجيال طريّة العود إليه، لوفرت لهم من السبل ما يبقيهم في الوطن مع كل ما يحاتجونه كي يشتغلواعلى هذه المشاريع المرهقة علها تنفح وتثري المناخ الثقافي في البلد وتفتح نوافذ حوارات معرفية تنضج بفضلها أدوات الفعل السياسي والإجتماعي، فهكذا حدثت النهضة والتنوير في الغرب. هنا لا يفوتني أن أشجع الأخ كبر عسى أن يتفرغ لبحوثه في جماليات الثقافة، فهي إحدى المحطات الخالية من أي مراكز عارضة رغم كثافة المتسوقين فيها، وهو ضمن قلة نادرة تتوفر على الراسمال. أخيراً أذكر بأنني ورغم إختلافي مع محمد جمال في عدة نقاط فهي ومهما بخس قدرها إلا أنها في ظني ستفيد رؤيته للأشياء إذ هي على أقل تقدير ستؤدي لترسيخ قناعاته.
بخصوص وصفي لفكرة محمد جمال بنهاية التاريخ فذلك يأتي إنطلاقاً من أن محمدجمال لا يختلف كثيراً في الجوهر عن كل نظريات نهاية التاريخ بما فيها الإسلام (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) لأنه يريد أن يقودنا لحيث نكون قد تجاوزنا كل ما شوش تطبيق العلمانية بحيث لا تبقى هنالك أي معوقات ودولة نهاية التاريخ تعني الدولة التي تطبق النظرية السياسي ليست المثلى بل الأمثل. محمد مثلا لا يطرح نظرية من النظريات التاريخية كالماركسية أو نظرية الدورة التاريخية (لإفلاطون، إبن خلدون، توينبي في التحدي والإستجابة، فيكو، إشبلنجر، ومالك بن نبي و"بشاشا بالطبع") ولا فكرة العود الأبدي النتشوية التي تقول لنا دولة اللاهوية هي دولة ستستمر فتزول فتعود مرة أخرى ( نعود إلى دولة دينية أو عرقية أو طائفية) لأنه يفترض أن هذه الدولة خطوة متقدمة تتجاوز نقائص ونقائض الماضي التي كانت بحكم أنها نقائص دائماً ما تستدعي نشوء إشكالية ومقاومة (بسبب القهر الواقع على فئات محددة باسم الدين أو العرق او سلطات الجبر كالعسكر) لأنها ستحل كل التناقضات الأساسية التي كانت تلقائياً تنتج عنف هيكلي تجاه بعض فئات المجتمع. هذا هو معنى اللاتاريخية ولا أعتقد أن لها معنى آخر. النقيض لها هو القول بأنها دولة تاريخية مرتبطة بالظروف الإجتماعية التي أنتجتها، لكنها أيضاً تشوبها التناقضات والنقائص التي تحتم عليها التطور لطور أعلى منها حتى تصل لأعلى الأطوار جميعاً وهو طور نهاية التاريخ.

Post: #93
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-26-2018, 10:00 PM
Parent: #92

أنا بحديثي عن أداتية الثقافة أهدف لفك الإرتباط بين الأخلاقي والسياسي هادفاً إلى حياد الدولة الآيديولوجي بين عناصر الطيف المكون لقوس الأمة، وحصر دورالدولة في تأمين سبل التعايش السلمي بينها، وتأمين حقها في الإختلاف، في إطار الدستور، الذي لا يميز بين المواطنين. مشكلتنا هي دخول الثقافة ببعدها لا الأداتي ولكن الآيديولوجي في الخط، وتحديد نمط قيمها وأخلاقها على أنه نمط القيم المفترض أن يعكسه كل فرد، وأصلاً المشكلة هنا في فلسفة الحكومة لأنها هي أداة سياسية تعاقدية وليست أداة آيديولوجية مهمتها صياغة وعي الأمة على أسس آيديولوجية جديدة. عندما نكرس لذلك دستورياً يا هاشم، ثم نسعي لتعميقه بأقوى الوسائل نكون قد أفرغنا الدولة من محتواها. كأنت أهم الوسائل النافذه لتحقيق هذا الغرض هي وسيلة الإدارة، وعندما تستعمل الإدارة لهذا الغرض تكون الدولة قد خطت خطوات بالغة في ممارسة العنف الهيكلي ضد كل اللغات الأخرى والمكونات الإجتماعية الأخرى، لأن المحصلة النهائية لهذا المسار هو أن تضعف اللغات الأخرى حتى الموت. كانت الإدارة وسيلة خطرة وماضية لإنجاز مهمة كبيرة وهي مهمة إلحاق آخرين بهذا المركز الجديد كهوامش، وكانت من وراء الستار المصالح المصرية تدفع بكل قوة في هذا الإتجاه وفي تجذير هذه الحالة. أن تجعل اللغة العربية هي لغة الإدارة في كل المعاملات العامة والتي يحتاجها أي مواطن، تكلم تلك اللغة أو لم يتكلمها، يعني أن تجبر الجميع على تعلمها، وعندما تكون هي لغة التعليم الوحيدة ولغة الإعلام الوحيدة فغصباً عنك أن ترتبط بموسيقى معينة وفنون معينة ودين معين وووو. والمكيدة هنا تظهر عندما تكون هنالك فئة في المجتمع تتحدث تلك اللغة بطلاقة فتنال تلقائياً إمتياز هذه الحالة التي يتم تكريسها. حتى قبل أن نتحدث عن القيم أو المحتوى ووسائل صياغة المجتمع على هذه القوالب نجد أنفسنا قد حددنا ضحايا لهذه الحالة وحددنا طريق المقابر كخيار أساس أمام اللغات الأخرى وقيم شعوبها، فاللغة ليست مجرد أصوات وحروف إنما أداة آيدلوجية بإمتياز. من الطبيعي أن تصبح مع هذا الواقع الجديد الذي بدأ مع السلطنة الزرقاء المعادلات الإجتماعية السابقة له لاغية وتصبح تلك الفئات التي تتحدث العربية كلغة أم، فئات مميزة وصاحبة حظوة في الوظائف العامة والسلطة معاً، أما من لا يتحدثون العربية أو يتحدثون عربي مكسّر، فيتحولون تلقائياً لخسائر مقايضة جديدة وضعت عقبة من عقبات اللامساواة في طريقهم في وطن لا يستحقون فيه أدنى من العدالة باديء ذي بدء. هذا إذا تقاضينا عن الخطط الممولة مركزياً لتعريب المجموعات والقبائل التي لا تتحدث العربية وتهميشها خاصة في الهوامش مثل جنوب السودان. وقد كتب عن ذلك دكتور عبدالله على إبراهيم، س أرسل لك الربط إن اردته. ثم كما هو متوقع أن تكون لغة الإدارة هي لغة التعليم والإعلام (وعلى ذكر التعليم أود أن أعقب بسرعة على حكاية مناوي والتي تم تناول جانب واحد من الصعوبات التي ذكرها، وهو قلة المدارس وبعد المسافة، بينما العقبة الأكبر الذي كان يعنيها مناوي هي مسألة اللغة، فهم كانوا لا يعرفون العربي. تخيل المعاناة وانت ترى السوط يهدد جلدك وانت طفل غرير لا يتجاوز عمرك السبعة أو ثمانية سنوات ممنوع عليك أن تتحدث باللغة التي تعرفها، وأن تمتلك ناصية لغة جديدة وصعبة، وإجادتها أصعب، والدليل أنه وبرغم كل هذه السنوات فلا زالت بلسان مناوي مثل عشرات النخب السياسية من مناطق اللغة العربية ليست هي اللغة الأم فيها بعض لكنة، لكنهم مجبرين كسياسيين أن يتحدثوا لوسائل الإعلام بلغة لا يجيدونها مع أثر ذلك على نفسياتهم وعلى التأثير على قيمة ما يقولونه). لا أعتقد أن هنالك إختلاف في أن إجادة اللغة العربية هي التي مكنت فئات معينة في السودان تكاد تنحصر في الشريط النيلي والمدن الكبيرة من الظفر بالإمتيازات، وعلى كل المستويات في السودان ولا أعتقد أن هنالك إنكار عن أن هذه الفئات مارست ليس فقط الإستعلاء على باقي الأعراقن بل وصل الأمر ببعضهم كالزبير باشا طمعاً في رضاء الخديوي أن سافر بجيش عرمرم لدارفور التي استعصت على التركية السابقة ففتحها ليسلمها بأرضها وناسها هدية للخديوي، لتتبع لورثة الخديوي، فيرضى عنه ويغمض عينه عن تجارته في الرق، لقد سافر الزبير لمصر ومعه من معه من رجال رقيق كهدية لحاكم مصر ليدعم بهم جيشه. هل يمكن أن ينظر مثل هؤلاء الذين تعرضوا لأشكال مختلفة من هذه الممارسات المهينة لإنسانيتهم، أن ينظروا لمن ينعتونهم بالجلابة كأخوة في وطن هم لهم كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعي له باقي الجسد بالسهر والحمى. كمانت السلطنة الزرقاء أول من أدخل العربية بإعتبارها اللغة الرسمية للدولة في مطلع القرن السادس عشر، ومنذ ذلك الوقت خصصت كل الوظائف والمصالح في الدولة لهذه الفئة النيلية المحظوظة، والتي بدأت ومنذ ذلك الحين في تعليم أبنائها القراءة والكتابة وبعثت ببعضهم إلى مصر (رواق السنارية) لمزيد من المعرفة والتميز (تم بعث بعض الطلبة من دارفور للأزهر أيضاً لخدمة الغرض نفسه) ثم تيسرت لهذه المجموعات النيلية الحيازة على الأراضي والثروات وإستجلاب مجموعات من الأطراف إما كرقيق أو خدام بأجر زهيد تخدمهم ضمن علاقات إنتاج ظالمة. دعني أقارن هنا بين موقف الإمام محمد أحمد المهدي من أهله في غرب السودان و من عروض الإنجليز وموقف حفيده السيد عبدالرحمن المهدي منهما. كان الإمام المهدي أول شمالي يوحد الغرب تحت قيادته قلباً وقالباُ فينتصر بهم على الأتراك والإنجليز. عندما قرر المهدي أن يتصدى للإدارة التركية المتسلطة لم يجد مناصرة تذكر في الشمال والوسط، فسافر إلى تقلي، حيث إستقبلوه بكل الحفاوة، به وبخطابه المختلف عما تعودوا عليه من الشماليين، وكوّن بهم ومعهم حركة مقاومة وطنية مقاتلة هزت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، حتى بعثوا غردون في مهمة خاصة مفادها إما أن ترضيه أو تخرج الحاميات البريطانية التي في البلاد بسلام، فعرض عليه غردون مُلك غرب السودان وأغدق عليه من الهدايا، فماذا فعل المهدي؟ رفض كل ذلك وقال له بأنه لن يرضى بغير الخرطوم فكان نعم المثال لموحد كل السودانيين في جسد أو وطن واحد. دعنا الآن نقارن موقف حفيده، ففي الوقت الذي كان الإنجليز الذين هزموا الأنصار في كرري في مجزرة غاية في البشاعة بدأوا يبحثون عن وسيلة يروضوا بها هذا الأسد الجريح، وكان جل السودانيين برغم الضغائن التي نشأت أيام الخليفة مستعدين للإنضمام لقيادة جديدة بعد موت التعايشي تقاوم الغزاة، وكان عبدالرحمن المهدي أنسب من يقوم بذلك إذ أن المهدي غرس فيهم عقيدة مقاومة الغزاة. والسيد عبدالرحمن كان شاهد على كل ذلك التراث النضالي، لكن عندما إستدعت الإدارة الإنجليزية السيد عبدالرحمن المهدي من جزيرة الفيل وعرضوا عليه الإنجليز الدنيا على طبق من ذهب، إنكسر لهم وحول الأنصار من مقاتلين في سبيل الله، ينتظرون ما يشير به عليهم، إلى عمال زراعيين في إقطاعيته (دائرة المهدي) ضمن شروط إنتاج غاية في الإجحاف. لقد ساعد المصريون في تركيز اللغة العربية كاللغة الرسمية لكل السودان لظروف ربما نتعرض لشرحها في المداخلات اللاحقة، لذا ترسخت العربية أكثر بعد الغزو التركي للسودان والذي كان أهم أهدافه تجميع الرقيق في المدن لإرسالهم لمصر ليحقق بهم الخديوي حلمه في فتح الحجاز وغيره، حيث حارب بهم في بحر القِرَم والمكسيك وكانوا يتوافدون بإستمرار حتى وصل عددهم إلى 30% من تعداد جيش الخديوي. لقد كان كبار جامعي وتجار الرقيق للأسف سودانيون، وعندما فاحت رائحة تجارتهم حتى غطت سمعتها القبيحة الآفاق، أرسلت بريطانيا صمويل بيكر بحامية لجنوب السودان ليوقف الزبير باشا لكنه لم يستطع لقوة جيش الزبير وتزلفه للمصريين. المهم إستمرت الدولة في التطور في السودان وفئات الوسط تستأثر بجل المغانم، أما الأطراف فحدث ولا حرج، أما في الجنوب والغرب فقد كانت القبائل تعاني كل أشكال التعدي والإستبعاد، وإمتلأت الثقافة العربية بالقيم التي والتي تكرس لهذا الواقع غير الصحي والذي أثر على العلاقات الإثنية صانعاً حواجز نفسية كبيرة بين أبناء الوطن الواحد وكيف لا إذ لم تفعل كل الحكومات حتى اليوم ما يمكن أن يستعدل هذا الحال المايل (سأحاول الحصول على كلمات أغنية غرار العبوس كاملة لتعكس القيم المبطنة لأسوأ أشكال إستحقار الآخر المهمش في الوطن). لم تفعل الحكومات المختلفة بعد الإستقلال غير رفع شعارات المساواة والعدالة وحقوق الإنسان ولكن هذه الشعارات يجب أن لا تطلق للإستهلاك الإعلامي بل هنالك مسئوليات تترتب عليها بإعتبارها شروطاً قِبلية تضع الحاكم أمام خيارين إما الوفاء أو خيانة شعاراته وناسه. ليس المهم أن ترفع شعارات العدل والديمقراطية والمساواة بين مكونات شعبك إذ أهم من ذلك هل هنالك ترجمة حقيقية لهذه الشعارات في واقع الناس بحيث لا تستم عملية تحويل شرائح من المجتمع لشرائح مهمشة، بينما تستمرأخرى مميزة، شرائح مستبعدة وأخرى مقربة، شرائح تحس بالوطن وأخرى لا تحس به. الوطن هو من الكلمات شبه المقدسة، وانسان بلا وطن لا إنسان، الوطن هو جغرافيا وتاريخ فيه إحساس قوي بالهوية الواحدة فيه، الوجهة المشتركة، والإصول المشتركة وإلا فهذا ليس وطن. يقول أحدهم ممن لم يعرف في الوطن إلا الشقاء ربما كان وطناً بالنسبة لك يا فلان ولكني لا أحس بهويتي فيه رغم أنه وطننا معاً وفي اسمه عنوان هويتنا معاً، بل يقولون أن لكل شعب أهداف عليا مشتركة وأصول راسخة ومشتركة لكن أين هي. في وطن كهذا فإن الإنفصال عند من يحس بالقهر أفضل من البقاء فيما هو ليس فيه أو منه. أليس الوطن هو التماسك؟ كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. فما معنى أن يتعرض جزء من الوطن للضعف والهزال الموت بسبب الفقر والحرب وتبقى مجموعات كبيرة منه مهجرة أو في معسكرات اللجوء ولا تحس به الأطراف الأخرى بل تتألم لمصائب ألمت بشعوب خارجية وبعيدة وتجمع لهم التبرعات ولا تتذكر هؤلاء. هكذا تتفتت الأوطان لأن أهم إستحقاقات المواطنة أن يحس باقي المواطنين بإلتزامات وطنية دعك من إنسانية تجاه أي شريحة تتعرض لنوائب الزمن وإلا فمن الطبيعي أن يحس هؤلاء بأنهم ليسوا جزءاً من أولئك. ماذا نعني بالوجهه المشتركة؟ نعنى أن الأولويات التي تطرحها الحكومة هي بالفعل الأولويات عند كل مواطن بحيث أنه عندما يتحدث الرئيس عن قضايا كبرى مثل إرسال الجنود السودانيين لليمن لا يجد مثل هذا الفعل غير التأمين من كل مواطن. تكون هنالك وجهة عليا مشتركة وأصول مشتركة عندما يتم الحديث لا عن الوجهة العليا لهذه الجماعة أو تلك بل الوجهة المشتركة لعموم المواطنين. هنا يكون التجلي للهوية السياسية للبلد، أي في الفعل الذي يجمع عليه جميع المواطنين بأنه الأرضية التي تجمعهم جميعا. العدالة والهوية المشتركة ليست تلك المكتوبة في الشعارات والبنود الجامدة في الدساتير. الشعارات البراقة ليست هي ما يحقق المواطنة، ولكن السؤال الحقيقي كم في المائة منها منفذ فعلاً. عندما يحس المواطن أن مجتمعه يخون إستحقاقات الحس المشترك يشعر بالعار من صلته بهم، لأن تعريف الهوية المشتركة نفسه قد يتحول إلى معوق لبعض مكونات المجتمع. هذا ما أدى إلى تفتت كثير من دول شرق أوروبا التي كانت تعيش فيها بعض المجموعات مقهورة كفئات من الطبقة الثانية أو أدنى من ذلك في المجتمع بعد أكثر من نصف قرن من الحديث الزائف عن هوية مشتركة زائفة وعدالة زائفة لأن الحقيقة البلد فيها مستبعدون ومشمولون. أواصل

Post: #94
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-26-2018, 11:45 PM
Parent: #93

أصبحت مع هذا الواقع الجديد تلك الفئات التي تتحدث تلك اللغة كلسان أم فئات مميزة وصاحبة
حظوة في الوظائف العامة والسلطة معاً، أما من لا يتحدثون تلك اللغة أو يتحدثون عربي مكسّر
إتوضعت عقبة من عقبات اللامساواة في طريقهم
ـــــــــــــــــــــ
الكوت مفهوم دون شك ، ولكن ماهو غير مفهوم كيفية ايجاد حل للتعسف

الوارد فيه ، اي كيفية الحل بإفراغ اللغة من محتواها القيمي كما تقول ياسناري

Post: #95
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-27-2018, 00:01 AM
Parent: #94

ياعزيزي سناري ، حتي لو وضعنا نموذجين من اصحاب

الحظوة النيلية احداهما من الطبقة المهيمنة والاخري خارج

الطبقة المهيمنة ، سيكون الوضع هو عدم المساواة تجاههما

لان المجموعة -التي خارج الطبقة المهيمنة - ليست لها الاستعداد

نفسه ، من حيث راس المال الثقافي ، للتنافس مع المجموعة الاولي

المهيئة تماما لخوض التنافس في كل جوانبه ، لان وضعها في غاية التكييف

والتلاؤم لخوض المنافسة ...فلايمكن اعتبار ان كل مجموعات الحظوة النيلية

، بمجرد انهم يتحدثون العربية ، سيكونون محظوظون تلقائيا ، وهذا الاختلاف

هو سبب ضبابية مصطلح هامش ، مصطلح غبينة معمم وغير موضوعي ولاعلمي.

Post: #96
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-27-2018, 00:40 AM
Parent: #95


عبد الطيف كيفك... بس عشان أفهم مداخلتك
هل تعني الطبقة المهيمنة إقتصادياً ولا عنصر آخر من عناصر البنية الإجتماعية؟


Post: #97
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-27-2018, 00:53 AM
Parent: #96

اقصد الطبقة المهيمنة علي راس المال الاقتصادي والرمزي

ممثلا في الرساميل الاخري : الاجتماعي والثقافي والديني واللغوي الخ

Post: #98
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-27-2018, 01:06 AM
Parent: #97

لو كنت معلم كيمياء وتدرس طالبين واحد اطراف الثورات

والتاني من قاردن سيتي ، ذات الدرس عن قانون الانتروبي

الثاني او علاقة التيار بترسيب المواد ، وكان الطالبين كلاهما

من الشمال النيلي ، سيتفوق طالب قاردن سيتي ، لانه من اسرة

حظيت براسمال ثقافي ولغوي واستعدادات لم يحظي بها طالب

اطراف الثورات مع ان كل منهما يفهم اللغة العربية

Post: #99
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-27-2018, 01:23 AM
Parent: #98


أولاً يا عزيزي عبد اللطيف أنا شايف إنك بتظلمنا وتظلم نفسك لما تقرر أن تحشرنا كلنا في صندوق مفاهيم بورديوي لم نتفق عليه
ولكن مع ذلك فالسؤال يحتاج لمراجعة لأن من الخطل القول بأن الطبقة المهيمنة على رأس المال الإقتصادي الرمزي تتحكم في راسمال الطبقة المهيمن عليها الثقافي الرمزي
أو أنها تمتلك من الإستعدادات الثقافية الرمزية ما يفوق الطبقة إستعدادات الطبقة المهيمن عليها الثقافية الرمزية
بل أصح القول بأن هنالك ثقافتان ثقافة مهيمنة وثقافة مقاومة للهيمنة وأنا أرى أن القدح المعلى يعود للثقافة المقاومة وفي قول مأثور بقول إنه المثقف مقاوم وغير مطبِّع وإن كنت لا أتفق معه

Post: #100
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-27-2018, 01:27 AM
Parent: #99

Quote: لو كنت معلم كيمياء وتدرس طالبين واحد اطراف الثورات

والتاني من قاردن سيتي ، ذات الدرس عن قانون الانتروبي

الثاني او علاقة التيار بترسيب المواد ، وكان الطالبين كلاهما

من الشمال النيلي ، سيتفوق طالب قاردن سيتي ، لانه من اسرة

حظيت براسمال ثقافي ولغوي واستعدادات لم يحظي بها طالب

اطراف الثورات مع ان كل منهما يفهم اللغة العربية


لا أتفق معك هنا وإلا كان الأوائل دوماً من الأسر الغنية. نعم الإمكانيات المادية تساعد كثيراً وهي عوامل موضوعية لكن هنالك عوامل أخرى ذاتية أكثر أهمية

Post: #101
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: هاشم الحسن
Date: 08-27-2018, 02:10 AM
Parent: #100

Quote: والحقيقة يا هاشم لم أرى تعقيبك إلا قبل لحظات

لا عليك يا عزيزي سناري، عودا محمودا.
أنا أيضا كنت أتابع حلقاتك عن الفيلسوف ليفانس.. أقرأ وأتعلم وأنتظر أن تجري من فلسفته الأخلاقية، الجديدة علي لولاك، تطبيقاتك على الأحوال السودانية.. مشكوور يا سيدنا..

أما الذي هنا ولا يزال يحتاج إلى توضيح فهو:
كيف وبأي آليات سيتم تفريغ اللغة ــ أي لغة ــ من محتوياتها القيمية؟
وكيف يمكن للغة، أي لغة، أن تنسلخ عن ثقافتها وقيمها ولتبق فقط كلغة أداتية للتواصل؟
وكيف يمكن تجميد قيم بعينها لأي وفي أي ثقافة في أي مدى منظور بغير محاولة قسرية لقهر اللغة نفسها كحامل لهذه الثقافة؟
كم ستستغرقنا مثل هذه القراءة التفكيكية للثقافة العربية التي هي شرطك للبدء، دعك عن تغيير هذه الثقافة عبر اعتبار لغتها أداة وظيفية حصرا؟
ربما لو فككت ما في المقتبس التالي إلى تفاصيله:
Quote: بحديثي عن أداتية الثقافة أهدف لفك الإرتباط بين الأخلاقي والسياسي هادفاً إلى حياد الدولة الآيديولوجي بين عناصر الطيف المكون لقوس الأمة، وحصر دورالدولة في تأمين سبل التعايش السلمي بينها، وتأمين حقها في الإختلاف، في إطار الدستور، الذي لا يميز بين المواطنين.
(حياد الدولة اللآيدلوجي/توصيف التعدد الهويوي/كيفيات تأمين العيش السلمي/تأمين الحق في الاختلاف/في إطار الدستور)، لعدنا إذن إلى العملانية الدستورية القانونية الإدارية التي أنادي بها وبالسعي في توفيرها بنا يوفر أجواء من احترام التنوع وبالتالي التعايش السلمي.. هذا لأن اشتراطك ــ افراغ اللغة من حتواها القيمي ــ ففي ظني، هو ليس من العملانية في شيء.. وحتى لئن أمكن، فهو فيستغرق أجيالا من التعايش السلمي والتفاعل الخلاق لتنخلق به لغة متجاوزة للسلبي في محمولاتها وبمحتوى قيمي أيضا ولكنه متطور جدليا ومختلف.

Post: #102
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-27-2018, 03:22 AM
Parent: #101

عزيزي هاشم أولاً المعذرة لو وردت أخطاء إملائية كالعادة فأنا ممن يكتبون ويرسلون المداخلات ثم عندما يقرأونها لاحقاً يضحكون على أخطاء مضحكة حقاً.
ثانياً لعلنا نحتاج لفض الإشتباك بين العديد من القضايا التي تناولنا اللغة مشتبكة معها دعني أحاول ا لإجابة على سؤالك عما أقصده بمحتوى اللغة؟ والإجابة إن المحتوى الأساس للغة هي المفاهيم. هذه الإجابة ستولد سؤال آخر وما هي خطورة المفاهيم؟ المفاهيم تكون خطرة عندما تحمل آيديولوجية في بلد متعدد المشارب؟ وهل تحمل اللغة العربية (على الأقل في السودان) أيديولوجيا؟ نعم آيديولوجية مرتبطة بشكل محدد من أشكال الدين الإسلامي. وهل تشكل هذه الحمولة أي خطورة على المكونات المختلفة للشعب السوداني؟ نعم وعلى عدة مستويات تختلف بين حالة توظيف اللغة وهوية المجموعة البشرية الثقافية، فمثلاً مع دولة الإنقاذ تزداد خطورة اللغة إلى أقصى درجاتها، ولدى المجموعات المسيحية أو تلك التي لا تتحدث العربية يكون الضرر أبلغه. سأفصل كل ذلك في مداخلاتي وللأخت الصديقة ناهد محمد حسن دراسات مفيدة جداً في هذا الإطار عن دور تبحث فيها في أدوات ثقافية ترتبط باللغة منها الغناء، المسرح في ترسيخ هوية معينة في الشخصية السودانية، كما لها مقاربات عن الشخصية السودانية ودور الإنداية، الهمباتة، الأمثلة والأحاجي الشعبية في تشكل هذه الشخصية. كيف يتم تفريغ اللغة من قيمها؟ يحضرني هنا حديث لا أجزم صحته لكنه يفيد غرضي ويقول أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن؟ ضربت مثل في بوستي السابق عن كيف أن مصطلح التحرش الجنسي في إمريكا قبل 60 سنة لم يكن موجوداً وكانت الفتيات يأكلنها على اللبادة، أي في غالب الأحيان يلذن بالصمت، أما الآن عندما ظهر المصطلح وأصبح قانوناً مثّل عامل ردع لكل رئيس يحاول التحرش بمرؤوسته. أريد أن اقول أن اللغة نفسها تلعب دور كبير في قمع أو إفشاء سلوك محدد، لكن المشكلة عندما يكون هذا السلوك محرم ومعيب لدى مجموعة معينة ولكنه مقبول في مجموعات أخرى، لا سيما فيما يتعلق بعلاقات الرجال والنساء أو الحريات الشخصية خاصة للنساء. عندما تصدر قوانين بتجريد اللغة من إفشاء قيم معينة تعرضت لها في بوست سابق مثل قيم النحن ستتلاشى تلك القيم تدريجياً. وعندما تفرغ اللغة من تمجيد تعدد الزوجات وضرب الزوجة وتشبعها بقيم المساواة وضرورة الإبلاغ عن اي تعدي بالضرب على النساء وقوانين تعين المتعرضات للعنف ستقل تلك الممارسة. عندما توقف اللغة عن الحديث عن الخمر وجلد شارب الخمر وتنوير المجتمع بأن هنالك فئات أديانها لا تحرم الخمر وتمنع إهدار كرامة النساء اللاتي يصنعنها في بيئات لا تعتبر عيباً ستقلل من عنف اللغة. أما تحويلها لأداة هي وقف الحديث عن الحلال والحرام، والطيب والكعب من منظور ديني وثقافي تاريخي في القنوات الرسمية والعامة وأدوات إعلام الدولة، وتخصيص قنوات خاصة لذلك كما تخصص المساجد والكنائس. سأواصل في التعليق في مداخلات قادمة

Post: #103
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 08-27-2018, 10:16 AM
Parent: #102

Quote: أولاً يا عزيزي عبد اللطيف أنا شايف إنك بتظلمنا وتظلم نفسك لما تقرر أن تحشرنا كلنا في صندوق مفاهيم بورديوي لم نتفق عليه
ولكن مع ذلك فالسؤال يحتاج لمراجعة لأن من الخطل القول بأن الطبقة المهيمنة على رأس المال الإقتصادي الرمزي تتحكم في راسمال الطبقة المهيمن عليها الثقافي الرمزي
أو أنها تمتلك من الإستعدادات الثقافية الرمزية ما يفوق الطبقة إستعدادات الطبقة المهيمن عليها الثقافية الرمزية
بل أصح القول بأن هنالك ثقافتان ثقافة مهيمنة وثقافة مقاومة للهيمنة وأنا أرى أن القدح المعلى يعود للثقافة المقاومة وفي قول مأثور بقول إنه المثقف مقاوم وغير مطبِّع وإن كنت لا أتفق معه


انت نفسك ياسناري احد مستخدمي ادوات بورديو في القراءة والتحليل

لن يستطيع احد من الذين يكتبون في معارضة الطبقات المهيمنة ان يكون خارج الجهاز المفاهيمي

لبورديو كنظرية عامة ، وهي مفاهيم وليدة اشتغال امبريقي ميداني

فبورديو مطور للماركسية ومطور لمفهوم البعد الرمزي لماكس فيبر

واميل دوركايم في التفسير السببي ومن عمل علي دمج بنيوية شتراوس

وظواهرية هوسرل واخرين والطبيعة لفنجشتاين وقواعد الفاعليين المجتمعيين

نحن جميعا باعتبارنا افراد الطبقة المهيمن عليها نعمل داخل منظموتها دون وعي

او بوعي ، عبر كافة المؤسسات الاعلامية والدينية والتربوية ولمسؤولة عن الفن والصحافة

كلها تمارس ضدنا عنفا رمزيا يوميا ونحن نتقبله كانه امر طبيعي ، رغم اننا كفاعلين مجتمعيين

نعمل في حقل اخر للقضاء علي هيمنتها ولكن نحن الان في مرحلة فرعية وهي تطبيق

القوانين ضد انفسنا ، استخدام الشرعية الخافية علينا ضد انفسنا كطبقة مهيمن عليها ...

الماركسية لم تفهم هذا ، لقد كان نقصا مريعا ان تشتغل في الحقل الاقتصادي وادوات الانتاج

وعلاقات الانتاج والقوي المنتجة الخ وهي بعيدة كل البعد عن فهم الرساميل الاخري وعلاقات

القوة للطبقة المهيمنة والتي تعيد انتاج نفسها في كافة الميادين ، ومنها نظام التعليم علي وجه الخصوص


عندما ذكرت لك مثال الطالبين ، كان ردك ان المسالة تحتوي جوانب ذاتية ، لو تتبعت مسيرة العشرة

الاوائل علي مدي تاريخ طويل ستجد صحة زعمي ، علي اقل الافتراضات ، حتي لو كان احد المتفوقين

من الطبقي الوسطي او الفقيرة ، سيكون سبب ذلك ان الجو الاسري له مشبع براس المال الثقافي للطبقة

المهيمنة ، اي ، في متناوله جهاز لغوي متكامل وبيئة ثقافية جهزته لخوض المنافسة ، العامل الذاتي في مفاهيمية

بورديو متشابك بصورة تامة مع نظريته في الحقل الاجتماعي والعلاثقية بينهما ....

الطالب المتفوق من اسرة فقيرة له تاريخ تنشئة طويل مكتسب من مجموعة علاقات في محيطه مخزنة

في جسده ومتفاعلة مع المحيط بطريقة دينامية دوما ، لهذا في كل 1000 نجد واحد فقط من الطبقة الفقيرة

لان المدرسة وعند تشييد منهاجها وتصميم كل شئ داخلها وضعها مشرعين - هم انفسهم - جزء من الطبقة المهيمنة

ونتاج اعادة انتاج لها ...

Post: #104
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-28-2018, 10:41 AM
Parent: #103

كلمة ثقافة دي واحدة من الأوهام!.

نحاول كمان نشوفها شوية.. مضللة

Post: #105
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-30-2018, 11:55 PM
Parent: #104

هل هنا لسا بقية أسئلة من المفترض م ننساها!

Post: #106
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: Sinnary
Date: 08-31-2018, 01:46 AM
Parent: #105


هنالك بوستان قديمان لي لهما علاقة بمداخلاتي الأخيرة في هذا البوست لعل روابطهما تفيد من يرغب في الإطلاع

إعدام السلطة..حوارات مع وضد فوكوإعدام السلطة..حوارات مع وضد فوكو
Re: ما بين طه جعفر والحي بن يقظانRe: ما بين طه جعفر والحي بن يقظان

Post: #107
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 09-11-2018, 06:21 AM
Parent: #106

اراجع البوستين سناري واعود

Post: #108
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 09-20-2018, 02:49 PM
Parent: #107

لن ننسى تكملة القراءة والحوار هنا.. ولأن البوست كبير يحتاج صبر وتأني.. سلام عليكم من جديد صحاب

Post: #109
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 10-02-2018, 08:03 PM
Parent: #108

ونواصل قراية وكتابة .. كلما أمكن

Post: #110
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 10-03-2018, 11:21 PM
Parent: #109

هنا دوما

Post: #111
Title: Re: الهوية والهامش والمركز (نظرة في رؤى أبكر آ
Author: محمد جمال الدين
Date: 11-11-2018, 02:16 AM
Parent: #110

يراجع مع البوست الاساس "دولة اللا هوية" .. امنية!.. طاب يومكم صحاب