كيف نخرج من عنق الزجاجة؟

كيف نخرج من عنق الزجاجة؟


01-14-2018, 09:32 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1515918756&rn=0


Post: #1
Title: كيف نخرج من عنق الزجاجة؟
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 01-14-2018, 09:32 AM

08:32 AM January, 14 2018

سودانيز اون لاين
محمد التجاني عمر قش-
مكتبتى
رابط مختصر

كيف نخرج من عنق الزجاجة؟
محمد التجاني عمر قش
يحتفل السودان هذه الأيام بالذكرى الثانية والستين لعيد الاستقلال المجيد، بيد أن هنالك مشكلات، من صنع تلك الحقبة لا تزال قائمة، وقد عجزت الحكومات الوطنية المتعاقبة عن وضع حلول لها. أول تلك المشاكل التقاطعات الحدودية مع دول الجوار مثلما هو الحال بين مصر والسودان فيما يتعلق بمثلث حلايب وشلاتين. وقد ظلت مصر تستغل نفوذها المزعوم للتدخل في الشأن السوداني الداخلي من هذه البوابة كلما شعرت بأن السودان كاد يخرج من تحت عباءتها أو أنه قد تصرف بمقتضى مصالحه القومية بدون استشارة مصر! وهذه الأيام تتحدث وسائل الإعلام عن حشود مصرية عسكرية ونقل لأسلحة عبر حلايب وشلاتين إلى أرتيريا؛ بهدف الضغط على السودان بشد أطرافه من الشرق بالتنسيق الغبي مع أرتيريا، ومن الجنوب بالتعاون مع الطغمة الفاشلة في جوبا، ومن الغرب بمحاولة تسليح فلول التمرد، وتدريبهم بالتعاون مع خليفة حفتر في ليبيا! هذه الأجواء المشحونة تعيد إلى الأذهان ما كانت تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وأذنابها في المنطقة، بما فيهم مصر وغيرها من دول الجوار، وبإشراف مباشر من سيئة الذكر، تلك العجوز اليهودية الشمطاء، مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية في عهد الرئيس بيل كلنتون، ومن بعدها كالحة الوجه كونداليزا رايس، حينها كانت الإدارة الأمريكية، بتشجيع من مصر وإسرائيل، تنسق مع أقطاب المعارضة السودانية وتلتقيهم سراً وعلناً في أسمرا وكمبالا وتحثهم على شن تلك العمليات العسكرية التي عرفت بالأمطار الغزيرة ضد السودان من الشرق والجنوب الشرقي والجنوب. ليس هذا فحسب، بل إن قوات وضباط دول الجوار قد شاركت فعلياً في بعض المعارك دعماً لقوات المتمرد جون قرن مثلما فعل الجيش اليوغندي في معركة الميل أربعين مستخدماً دبابات وذخائر أمريكية الصنع بتعاون لوجستي مصري وأوغندي ولكن الله رد كيدهم في نحرهم فتصدى لهم فتية آمنوا بربهم فانزلوا بالمعتدين هزيمة ظلت مثار فخر واعتزاز لكل سوداني غيور على وطنه، بغض النظر عن انتمائه الفكري والسياسي. ولكن يبدو أن مصر وارتيريا لم تستوعبا الدرس جيداً، أو ربما أن هنالك أيادي خفيه تحرك الدمى في القاهرة وأسمرا، من أجل القيام بمغامرات غير محسوبة العواقب مردها هذه المرة إلى ما تشعر به مصر من خطر يهدد مصالحها في مياه النيل بعد أن شرعت دولة أثيوبيا في تنفيذ مشروعها لإنشاء سد الألفية أو ما يعرف بسد النهضة، وتتهم مصر السودان بعدم الوقوف إلى جانبها فيما يتعلق بهذا الملف. مصر لا تزال سادرة في غيها الفرعوني القديم، واهمة بأنها هي الدولة الأقوى والمهيمنة في المنطقة، وأن النيل هو هبة الله لمصر وحدها دون غيرها! لا يا حضرات السادة، لقد تبدل الوضع تماماً وأفاقت دول حوض النيل بما فيها السودان من غفلتها وهي لذلك تطالب بحصصها في مياه النيل وفقاً لما تضمنته اتفاقية عنتيبي ‏التي وقعت عليها بعض دول حوض النيل، ما عدا مصر والسودان، في 14 مايو2010، وتوالي انضمام دول الحوض إليها بعد ذلك. وكان واضحاً أن الأمر ‏لا يضرب بالأمن القومي للسودان إنما هي المجاملة كالعادة، علماً بأن الاتفاق يأخذ ‏قضايا المياه إلى مسار بعيد عن مبادرة حوض النيل، الموقعة عام 1999! وفي هذا الصدد يقول أحد المحللين: "الأزمة الحالية بين السودان ومصر، التي بلغ التوتر فيها حدته، جراء إصرار مصر على ‏الاحتفاظ بمثلث حلايب المحتل، جعلت السودان يلوح باستعمال ‏خياراته المائية بالتوقيع على اتفاقية عنتيبي من جانبه، الأمر الذي سيكون قاصمة الظهر ‏لأطماع مصر في الاحتفاظ بحصتها من مياه النيل". أما الجارة الصغيرة أرتيريا فيبدو أنها قد ركبت الموجة من أجل تصفية حساباتها مع أثيوبيا بسبب الصراع حول مثلث بادمي الحدودي والتسابق على إيجاد موطئ قدم ونفوذ في منطقة القرن الإفريقي. وقدر السودان أن تكون له حدود برية مفتوحة ومشتركة مع كل هذه الدول التي تتضارب مصالحها الآن. ولكن الأخطر من ذلك كله هو ظهور تحالفات مريبة في المنطقة العربية برمتها تسعى لجعل بعض الدول مثل أرتيريا تخوض حروباً بالوكالة وبثمن بخس، دراهم معدودة، لا يمكن أن تقارن بما قدمه وما يقدمه السودان إلى أرتيريا من فوائد فيما يتعلق بتوفير الغذاء والمواد التموينية الأخرى إذ تعتمد أريتريا على السودان في هذا الجانب اعتماداً شبه كلي! إن وضع السودان جد حرج، وللخروج من عنق الزجاجة؛ يجب على الحكومة أولاً السعي إلى توحيد الجبهة الداخلية بكافة الوسائل المتاحة، والانتباه إلى معاش الناس وتوفير حاجاتهم الأساسية والضرورية، وكبح جماح الغلاء الفاحش الذي أرهق كاهل المواطنين، ومحاربة الفساد بكل أشكاله! ومن جانب آخر، لابد من إعادة النظر في نهجنا الإعلامي؛ ليتصدى إعلامنا لما يبثه الإعلام المصري وغيره من إهانات وإساءات تجاوزت الحكومة إلى عامة الشعب. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ينبغي على حكومتنا الابتعاد عن العواطف والمجاملات والتعامل مع الدول وفقاً لمبدأ الندية والمصالح المشتركة؛ حتى لا نلدغ من جحر مرتين.