*** ثورة الجياع ***

*** ثورة الجياع ***


01-09-2018, 08:11 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1515481874&rn=0


Post: #1
Title: *** ثورة الجياع ***
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 01-09-2018, 08:11 AM

07:11 AM January, 09 2018

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله محمد-
مكتبتى
رابط مختصر

ثورة الجياع ..

كما قلنا من قبل ان نظام الانقاذ سوف يسقط بعامل التفتت الداخلي ,
و الفشل الذريع في التلكوء وعدم الاستجابة لمتطلبات المواطن الغلبان ,
والان بدأت بوادر هذا التآكل و الانهيار تلوح في افق مظاهرات الخبز و الرغيف , ف
الى وقت قريب كان تحدي منظومة الانقاذ مع المعارضين لها هو السفسطة السياسية و التنظير الفطير والتبجح وتسطيح الرأي المناويء لها ,
اما اليوم فقد اصبح التحدي بينها وبين المواطن في الطعام ولقمة العيش ,
الأمر الذي لن يصبر عليه أحد كبير كان او صغير , فعندما يفشل الحاكم في توفير رغيف الخبز لمواطنيه ,
فانه يكون قد كتب على نهايته بنفسه وذلك بتجويعه المتعمد لشعبه , مع سبق اصراره وترصده لمواطنيه ,
فالجوع كافر و لا يترك للمرأ مثقال ثانية من صبر , ففراغ البطن من الغذاء يصيب كل اجزاء الجسم بالشلل ,
ابتداءً من المخ و الاعصاب , فلا إيمان ولا رحمة لجائع ولا انتظار , فمع جفاف الريق يصبح كل شيء مباح ومتوقع ,
فالموت هو الموت ,
سواء كان بطلق الطاغية ام بغول فراغ المعدة ,
لقد صبر الناس على كل المخازي التي اوصلتهم اليها منظومة البشير ,
لكنهم لن يستطيعوا مع شح رغيف الخبز ان يمدوا حبل هذا الصبر طويلا ,
فقد بلغت الروح الحلقوم و الجميع اليوم ينظرون , فولي الامر لا تصدق ولا منح رعيته جوالاً من القمح ليكملوا به صنيع وجبتهم ,
بل كذب عليهم وتولى , و باعهم وهم الوعود الخائبة , بدعاية رفع الحظر الاقتصادي عن البلاد ,
تلك الرواية الكذوبة و الالعوبة الساخرة من سذاجة وطيبة شعب تكسوا هامته البساطة ,
فاليوم قد اوصل المواطنون رئيسهم الى باب الخروج ,
ممزقين كل اوراق وعوده الزائفة لهم بانه سوف يقوم بتحسين احوالهم , واحسان مآل حالهم المعيشي.

منذ ان تحرك قطار الانقاذ من قبل ثلاثة عقود من الزمان , لم يدع كل ما من شأنه تخريب الارض و الزرع و النسل ,
الا و قام بفعله وباجادة وبراعة وتفنن , لقد دهست هذه القاطرة على بذرة كل نبت في مهد مراحل نموه الاولى ,
فبترت مشاريع الانتاج من جذورها , واغلقت المصانع العملاقة و شردت ارباب الاسر ,
وساهمت بوعي خبيث في افشاء رذائل السلوك البشري السالب , في اوساط المجتمع الذي تميز بالكرم و الشهامة و الجود و الفزعة ,
فهذه القاطرة الانقاذية أتت بما لم تأت به سابقاتها من منظومات الحكم المركزية في بلادنا ,
ففي عهدها اصبحت الرذيلة تمشي بجرأة فاضحة في طرقات المدن و القرى و البوادي ,
ولاول مرة في تاريخ البلاد التي عرفت في السابق بجودة صادرها من الثروات الزراعية و الحيوانية ,
ان تحولت الى تصدير الهوى الى مراكز التجارة الاقليمية و العالمية , فالانحطاط لازم هذه المنظومة الظالمة في حلها وترحالها ,
شوّهت سمعة شعب وارض كانت لوقت قريب مضرب مثل في العفة و حسن السيرة و براءة السريرة ,
ولكأنما جائت هذه الجماعة من اجل خوض معركة ثأرية مع شعبها المسكين الطيب و المسامح ,
فقد اندست في جسد الوطن و المواطن كخلية سرطانية قاسية النمو و التمدد , عنيفة الفتك بالخلايا الطيبة التي تساكنها ذات الجسد ,
فتّاكة بكل من يقترب منها من اصحاب الهمم و النوايا المفيدة , ناشرة انشطتها السرطانية هذه في كل مكان يحاول ان ينبض بالخير و بالحياة.

ان ضريبة تغيير الانظمة الطاغوتية غالية وباهظة الثمن والتكاليف ,
فبقدر ما تم من تدمير للارواح و الممتلكات من قبل هذه الجماعة الباطشة ,
سيكون المقابل في ازالتها من على ظهر هؤلاء الفقراء الجائعين ذو عبء كبير وحمل ثقيل ,
فالدماء التي سالت في جبل مرة و جبال النوبة و كجبار و بورتسودان ,
هي جزء يسير من مهر التغيير وازالة قوى الظلم و العدوان ,
فبعد القهر الذي مورس بحق هؤلاء البؤساء من ابناء الشعب السوداني ,
من المؤكد ان ردة فعلهم ستزداد عنفاً وقوةً في مواجهة هؤلاء الظلمة الفاسدين ,
فقوة ارتداد السهم الذي يقذف به القاهر على صدور الفقراء و المساكين عظيمة وخارقة ,
وهي كفيلة باذابة كل هذه القمم من جبال الطغيان التي بناها و أسس لها الدكتاتور ,
فشاشة جهاز قياس اداء قلب هذه المنظومة الانقاذية يميل رسمه البياني الى الخط المستقيم ,
الذي هو اشارة الى التوقف و مفارقة الحياة , وقريباً انشاء الله سوف يحتفل الغلابة بغياب شبح الموت و الجوع و المرض الى الأبد.

اليوم اكتملت كل اركان ثورة الجياع , تلك التي حدثتنا عنها الحقائق التاريخية ,
و التجارب الانسانية على مر العصور الماضية , فالشعوب السودانية عانت كثيراً من ويلات الحروب في اطراف البلاد ,
ومن شح الغذاء و غلاء الخبز و المواد الاستهلاكية في المدن الكبيرة , ففي الماضي القريب كانت المعاناة على اشدها ,
في المناطق المتأثرة بالحرب في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ,
لكن اليوم اصبح الجميع مشدودون بحبل مشنقة الانقاذ و مجملهم بين الحياة و الموت ,
وهذه المعاناة الشاملة هي الترس الذي سوف يعجل بكنس جماعة الهوس الديني الى مزبلة التاريخ ,
كما يقول المثل الشعبي : ( موت الكتيرة عرس) ,
فقريباً سوف تدق الدفوف و يخرج محمد احمد المسكين من حالة الحزن و الفقر و الفاقة التي لازمته عدداً من السنين ,
وسيحتفل بانتهاء دور آخر سادن من سدنة هذا النظام الباطش ,
فختام هؤلاء الظلمة سيكون بيد هذا المحمد احمد وليس بيد احد غيره ,
فهو الجدير بان يتوج نفسه بشرف ازالة الطاغوت الذي جثم على جسد أمة الامجاد اكثر من ربع قرن مما نعد..