المجازُ صوتُ الرُّوحِ

المجازُ صوتُ الرُّوحِ


10-18-2017, 02:57 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1508335033&rn=0


Post: #1
Title: المجازُ صوتُ الرُّوحِ
Author: بله محمد الفاضل
Date: 10-18-2017, 02:57 PM

01:57 PM October, 18 2017

سودانيز اون لاين
بله محمد الفاضل-جدة
مكتبتى
رابط مختصر



---------------
1
أضحكُ بِوجهِ البابِ دائماً
ليتمطّى الخشبُ.

2
نظهرُ لِكُلِّ شاشةٍ بِشكلٍ غرِيبٍ
فتلتقِطُ الصُّورةُ لِتجمعَهَا لوحةٌ.

3
أشيخُ مرّاتٍ كثِيرةٍ بِشكلٍ يومِيٍّ
ولا بأسَ فجسدِي لديهُ القابِليّةُ على ذلك.
أمسُ عند الظّهِيرةِ
حين بلغتُ الثّامِنةَ والثّمانِينَ وستّةَ أشهُرٍ وسبعةَ أيّامٍ بِالتّمامِ..
عرفتُ كيف أحرِمُ (سامِرَ) من سهرةٍ كان يُرتِّبُ لها منذُ أُسبُوعٍ ونيف
وعرِفتُ أن أوجاعِي الماضِيةُ كُلّها قد تكوّرتْ في كفِّهِ وهو يُدلِّكُ ظهرِي المُقوّسَ
ثم راحتْ تجتذِبُهُ لِلبُكاءِ.
وعرِفتُ أن لِي لِسانُ نزقٍ لا يتأخّرُ عن جَلدِهِ بِلا سببٍ، وأنكِرُ عليهِ ضِحكاتَهُ من خرفِي😃
...
والمرأةُ مأكُولةُ الوجهِ والخطُوِ إثرَ الهِزالُ راحتْ تُغمغِمُ بِسِبابٍ مُتتالٍ على خرفِي المُرِّ
واِبنتِي الجمِيلةُ تأتِي تسبقُهَا ضِحكتُهَا الطاعِمةُ وبين يدِيهَا صِينيّةَ شايٍ وبسكويتَ سهلُ الاِمتِصاصِ والبلعِ...
أفضلُ اللّحظاتِ تعبُرُ الأنَ ولا أرغبُ في اِنتِظارِ موعِدِهَا الحقِيقِيِّ أبداً، فقد كرِهتُ ما أنا عليهِ فيها!

4
الشّارِعُ بِمحِلِّهِ أبداً
لكن خُطُواتَنَا ضالّةٌ.

5
سأُمشطُ شعرَ الشّارِعِ على طرِيقةِ الرّاستَا..
وأضعُ بين شفتيهِ سيكاراً كُوبيّاً فاخِراً
محشُوّاً بِالبانجُو السُّودانِيّ..
وأنظُرُ مُباشرةً إلى عينيهِ وهُمَا تختفِيانِ رُويداً رُويداً
في هذه البهجةِ الملائِكيةِ..

6
المجازُ صوتُ الرُّوحِ
والجسدُ مندِيلُهَا المُمزّقُ.

7
لمن يحلُمُ بِضفّتينِ لِلنّهرِ
اليابِسةُ أحرقتْ ظِلّهَا
واِرتمتْ بِأحضانِ اليُتمِ.

8
مهامٌّ كثِيرةٌ باتتْ تُنجِزُهَا الأصابِعُ، ليس أوّلُهَا البُكاءُ بِالأحرُفِ، ولا أوسطَهَا نزِيفُ القلبِ بِالكلامِ، في اِتِّجاهاتٍ مُتباينةٍ، تتّفِقُ جميعُهَا في أنها لن تصُبَّ أبداً إلا بنهرِ أعصابِكَ مُمزّقُ الشُّواطِئُ..

9
فلما اِقتربتُ
أيقظُنِي الحارِسُ مُجدّداً
بِإِسقاطٍ في الصّمتِ

10
كُلُّ وقتٍ لففتُهُ في زخارِفِ أُغنِيّةٍ
سيحلُبُ لِرُوحِكَ الظّمِيئةَ
ملاذاتَ قلقٍ مُتفاقِمٍ.

11
قالَ:
لم يرفعْنِي الجناحُ الضّئِيلُ
أطفأتنِي الضّلالاتُ
ضمدتنِي القنادِيلُ.

12
رُوحِي عاصِفةٌ مُكرّسةٌ
ثمة حنِينٌ تُفتِّتُهُ المسافاتُ
أُسطُوانةُ النّحِيبِ الأزلِيُّ
ألا يجفَ بِقلبِي مرفأٌ
تُزمِلُنِي سُفُنٌ؟

13
على الّشارِعِ لوحاتٌ عابِرةٌ
هي من الظِّلالِ التي تُهروِلُ نكايةً بِأمزِجتِنَا
إلى اللا مكان.

14
كم حطّمتِ النّظراتُ من اِتِّجاهاتٍ ثانِيةٍ
لأُنثى تجهرُ الشّارِعَ بِحدائِقِهَا الفوّاحة.

15
حين تصفّحتَهُ بِنبضِهَا
صعدتْ لِذُرَى جُنُونِهِ
شقشقَ الدِّفءُ بِروحِهَا
أهدرَ أسرى عينِيهَا
من مِلحِ الشُّجُونِ.

16
قالتْ:
أضعُنِي في اللّحظةِ
لِتُحلِّقَ بِي عصافِيرُهَا
إلى مدائِنَ الشّجوِ المُتهدِّجِ.
أنا الحنِينُ المُختبِئُ عن الغريبِ
في روايتِهِ قيدَ الكِتابةِ.
أنا اللّحظةُ المُحكمةُ لِلقُرنفُلِ
التي تُزجّجُ القلبَ بِالكلِماتِ.

17
أيُّهَا اللّيلَ..
بِحقِيبتِكَ التي ثقبتْهَا اﻷنوارُ
رميتَ علينَا الصّمتَ
وسريتَ بِشغبِنَا إلى جِهةِ الإِعتامِ
كيفَ أغمضتَ عن الشّمسِ الجِبالُ
وأنتَ شمختَ
ودانَ ﻷِصابِعِكَ كما لِمُوزارتَ
مُوسِيقاهُ
فطوحتَنَا إلى خلفِ المدارِ..!!

18
لن أدعَكِ تخرُجينَ
من قفصِي الصّدريِّ
مُمزقاً بالدُّخانِ
بالغِبارِ
ضيقاً كحلقِ عُصفورٍ
معبأً بالثّرثرةِ
والاحتضار
.
.
.
لن أدعَكِ..

19
يشرعُ في اِرتِداءِ وجهِهِ
الوجهُ المنسِيُّ قُبالةَ تاريخٍ تشطُبُ نفاذِيتَهُ أحجارٌ تُدعَى السّنواتُ..
من يأخُذُهُ اﻷنَ من عينيهِ المُتحجِّرتينِ
في شللِ ملامِحِهِ
ويُلقِيهُ كُلَّهُ بما بعدَ اليومَ بعُمرٍ؟

20
من مرّ على جُثّتِي هُناكَ
وتركَ على بابِهَا كلاماً مُهشّماً
لم أفهمْهُ؟

21
حتى يتلاشَى الكلامُ، يرفعُ الشّارِعُ أخرَ خُطوتينِ، يستشرِي العدمُ
تبقَى الأزهارُ واقِفةً تصُبُّ من حواسِهَا الحنِينَ ومن خصائِصِهَا النّغمَ.
أهِي إذن أوّلُ مُحلِّقٌ لِلنّعِيمِ، أم سابِعُ طارِقٍ لِلقلمِ؟
18/10/2017