فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها الله -- توثيق

فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها الله -- توثيق


08-14-2017, 07:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1502733854&rn=0


Post: #1
Title: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها الله -- توثيق
Author: الكيك
Date: 08-14-2017, 07:04 PM

06:04 PM August, 14 2017 سودانيز اون لاين
الكيك-
مكتبتى
رابط مختصرالذين يريدون تكريم جثمان فاطمة !! .. بقلم: سيف الدولة حمدناالله نشر بتاريخ: 14 آب/أغسطس 2017 ليس هناك إهانة في حق المناضلِة فاطمة أحمد إبراهيم مثل أن ينبري جلّادها الذي جعلها تعيش رُبع عمرها في المنفى ليُصدِر فرماناً بتحمّل تكلفة نقل جثمانها إلى أرض الوطن وهي قيمة بالكاد تُوازي ثمن هاتف موبايل، فالذي جعل فاطمة تعيش بعيداً عن تراب وطنها وأهلها ولا تعود إليه وهي تسير على قدميها ليس عجزها عن قطع تذكرة الطائرة، فقد نذرت فاطمة حياتها لترى اليوم الذي يعود فيه الوطن لأهله لا أن تعود هي لتُعانِق الأهل.الذين يريدون تكريم جثمان فاطمة بإحاطته بالعلم لا يعرفون تاريخها وصلابة مواقفها وجسارتها، ولم يطّلعوا على مسيرة حياتها، ولا أعرف شخصاً تنطبق عليه العبارة التي أطلقها الزعيم ياسر عرفات عن نفسه والتي تقول أنه "تزوّج القضية" مثل فاطمة، فصاحب العبارة نفسه ما لبث أن عاد عنها وإلتفت لحياته وتزوج من السيدة سُهى عرفات، فحينما شنق النميري زوج فاطمة ورفيق دربها الشفيع أحمد الشيخ ظُلماً دون جريمة (لم يُشارك في إنقلاب يوليو 1971 الذي حُوكِم بسببه، والصحيح أنه كان ضد تنفيذ الإنقلاب) كانت فاطمة في ريعان شبابها، بل كانت زينة بنات جيلها، ولم تلتفت فاطمة إلى حياتها مرة أخرى، ولم ينكسر عودها، فأخذت طفلها أحمد (3 سنوات) في حضنها وواصلت مسيرة النضال من سجن إلى معتقل ضد نظام النميري العسكري، حتى نجح الشعب في كنسه وإزالته في ثورة أبريل 1985 الخالدة.ما يفرق بين حقبة مايو والإنقاذ أن الأول كان المواطن يُعارض فيه النظام وهو يأتمِن الدولة على سلامة بدنه وعرضه، وفي كثير من الأحيان حتى وظيفته، فكان المُعارِض يخرج من المعتقل في المساء ويلحق بدوام وظيفته في الصباح، ثم أن الوطن نفسه كان آمِناً، ينطلق فيه اللوري السفري من أمدرمان إلى الفاشر والجنينة ونيالا وهيبان في جنوب كردفان وعلى ظهره بضاعة بألوف الجنيهات وليس في باطنه غير السائق ومساعد يجلس على كوم البضاعة. أما الإنقاذ فقد بدأت حكمها بتعذيب المعارضين في بيوت الأشباح، وبداخل تلك البيوت فاضت أرواح وهُتكت أعراض وقُطعت أعناق وبُترت أطراف، ثم قامت بتشريد الآباء والشباب العاملين في جهاز الدولة من وظائفهم، وضايقت الذين لا ينتمون لفكر التنظيم الحاكم في عملهم بالسوق فأفلسوا نتيجة إرهاقهم بالضرائب في مقابل إعفاء أبناء التنظيم منها، وتوقفت المصانع والمشاريع الزراعية الكبرى ومؤسسات الخدمات مثل السكة حديد والنقل البحري والنهري .. إلخ التي كانت تقوم بتوظيف ألوف العاملين، وأصبح كل أبناء الشعب من غير أبناء التنظيم عطالى ومُتبطّلين.الذي جعل شخص مثل فاطمة تعيش ثلاثة عقود من عمرها في بيت صغير مكرمة من الحكومة البريطانية وتموت فيه، هو نفسه السبب الذي جعل هناك اليوم أكثر من 6 ملايين مواطن مؤهلون يعيشون خارج أسوار الوطن، قليل منهم محظوظون بأن وجدوا وظائف تُناسب دراستهم مؤهلاتهم، من بينهم أصحاب خبرات مهنية يعملون في حراسة المباني وقطع تذاكر المترو، وكثير منهم يعيشون ظروف قاسية فوق معاناة فراق الوطن، وأبواق النظام لا تتركهم في حالهم، إذا كتبوا قالوا عنهم مُعارضي "كيبورد" وإذا تكلموا قالوا أنهم مأجورين ومُعارضي فاندق.تكريم فاطمة لا يكون بدفع نولون شحن جثمانها، فالذي يريد تكريم فاطمة عليه أن يتمعّن في مسيرة حياتها وينتصر للمبادئ التي عاشت وماتت من أجلها، وهي أن يتسِّع الوطن للجميع وأن يعيش الشعب في حرية وسلام وأن يمارس الشعب حقه في تطبيق ديمقراطية حقيقية، لا ديمقراطية الأصم، التي يفوز فيها المُرشّح قبل أن تنعقد الإنتخابات، وأن يتساوى فيه الجميع أمام القانون بوجود قضاء قادر على حماية الحقوق الدستورية وضمان تطبيق مبادئه، لا أن تكون نصوص زينة.فاطمة ليست الأولى ممن قضوا نحبهم في المنفى بعيداً عن تراب الوطن، فقد سبقها مئات من الشيوخ والشباب من الجنسين، بعضهم جنود مجهولون أصحاب أسماء غير معروفة ومن بينهم كبار نُمسك عن تعديد أسمائهم حتى لا نظلم من يفوت علينا ذكرهم، هجروا الوطن قسراً وماتوا بعيداً عن ترابه.قيمة موقف فاطمة وصمودها أنه يكشف عن زيف الذين إرتموا في حضن النظام من المُعارضين الآخرين، الذين قايضوا مواقفهم التي كانوا قد أعلنوا عنها بالمناصب وأحياناً بعربة لاندكروزر بدون منصب، وسوف تظل فاطمة أيقونة تحكي عنها الأجيال القادمة عبر القرون، وسيطوي النسيان ذكرى الذين أقعدوا بالوطن ونهبوا خيراته وتقاسموها فيما بينهم، وستحمل كتب التاريخ سيرتهم عبرة لمن يأتي بعدهم، فصعود الروح إلى بارئها من سنن الحياة، فكل نفسٍ ذائقة الموت، وليتذكر الجلادون الذين إنكبّوا على الغرف من نعيم الدنيا أن الأكفان ليست لها جيوب، وأن عمر الضحية دائماً أطول من عمر الجلاّد.رحم الله فاطمة أم الشعب وجعل الجنة مثواها مع الصدِّيقين والشهداء، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلاّ بالله،،سيف الدولة حمدناالله
-------------------------------

رحلت فاطمة السمحة ! ومازال في وطننا (الغول) !! .. بقلم: بثينة تروسالتفاصيل نشر بتاريخ: 14 آب/أغسطس 2017 الزيارات: 36 من أشهر الأحاجي السودانية، حكاية فاطمة السمحة والغول ، تلك الجميلة التي اكتمل لديها كل جمال الخلقة والاخلاق ، وانتهت عندها الحكمة، وصورها الزمان بالكمال، وصرعت قلوب الشباب، وفتن بها الشيوخ ، وتباهي بها الأهل والقبيلة، وأحبتها الحسان ، وتدثرن بثياب الإعجاب، واخفن نيران غيرة لافكاك منها، وتضرعن بكل عزيز ان يكن لهن قسمة من نصيب فاطمة السمحة.وتقول الرواية وكان هنالك (غول ) ينام عام ، ويستيقظ عام، وضحاياه كلهن من ( النساء) !! يتزوج الجميلات الحسان، وينام علي شعورهن الطويلة عامه كاملاً ، ثم يملهن ،ويقتلهن، ويبحث عن اجملهن لتكون زوجة جديدة. وكان جميع اهل القرية يحبون فاطمة السمحه، ويخشون الغول، وللاسف تطول الحكاية بالاحزان، والخذلان والطمع ، ويفوز ( الغول) ، وتتعمق الجراحات ، وتذوق فاطمه الهوان! ويتوسد الغول شعرها الطويل، وتعم الاحزان!وختام الحكاية قد طل فجر الافراح، حين اجتمع (الجميع) علي هزيمة الغول للأبد، واجتمع اخوة فاطمه السبعه، قام كل واحد فيهم بانسجام، يقطع واحد من رؤوس الغول، وأحُرق الرأس السابع ، وتم نثر رماده في القري، والفرقان، والبوادي، والتلال. وعم الأمان ، وعاشن نساء ذلك الزمان كريمات آمنات.وهكذا جدد لنا الحاضر من ذلك الارث، حكاية فاطمتنا السمحة، فاطمة احمد ابراهيم، والتي رحلت عن دنيانا هذا السبت 12 أغسطس الحزين، من عاصمة الضباب، حيث المنفي والاغتراب! فازداد هجير بلادي هجير! رحلت وهي أليفة الشهداء، تسابق ذكري شهداء سبتمبر 2013 رحلت ونفسها الزكية تشهد الله والشعب السوداني، انها رسول قد بلغ رسالته وادي أمانته، ما وسعها لذلك سبيل..هل ياتري يعلم العناء غير ( الحريم)! وهل يدري الأوجاع غير الذي يده في النار؟؟ فتلك الفاطمة الذكية، كانت من الذين حملوا جل همهن، وطالبت باخراجهن من دائرة الحريم! الي مصاف المرأة الفاعلة ذات الحقوق والواجبات والمتساوية ! ولاقت في ذلك عنتاً ليس بالهين ، حتي كان نصيبها العداء السياسي من قبل الحكومات !لكنها تقدمت غير هيابة مدعومة باسرة متقدمة الوعي، ومجتمع سوداني وقتها !! كان للنساء فيه حظ عظيم من الاحترام، والتقدير، والاكرام، فاستفادت فاطمة من جميع تلك الارضيّة المتسقة، لتخطو في مقدمة النساء بجسارة حتي تصدرت اللجنة التنفيذية للاتحاد النسائي، وانضمت للجنة التنفيذية للحزب الشيوعي ، وهو لعمري عمل جدير بالدراسة!!ثم هي وزميلاتها قدمن للنساء كثير من الإنجازات التي لم تنالها حتي الان،! المراة في عديد من البلدان العربية المجاورة. فكان لنساء السودان مكاسب الاجور المتساوية ، والغاء قانون بيت الطاعة المذل للزوجات، وقانون العمل بالعقد الشهري بما يعرف (بالمشاهره) ، وحق التعليم للنساء، والوقوف بصلابة ضد قانون زواج القاصرات ، والخفاض الفرعوني، وغيرها من المطالَب والتي احدثت الكثير من التعديلات في قانون الأحوال الشخصية المختل. وفاطمة ( السمحة) قدمت للوطن مهراً هو غالي عند النساء، قدمت زوجاً شهيدا وفداء ، وأبلت في البسالة في فقدها للشهيد الشفيع احمد الشيخ، بلا الصالحات.وحين شهد الناس بكائها ليس تضرعآ للجلاد، لكي يرحم ابنها احمد من اليتم، لكنها بكت غذار الدموع حزنآ من عجزها ان تسعد يتامي الشارع المشردين.وفاطمة السمحة ، لاتحصر السطور بذلها وعطائها المجيد، الذي يتجدد كلما ذُكر دكتاتور غاشم مر علي البلاد، اذ نالها البلاء منهم، وقاسمت غِمار الشعب المسكين ظلمهم ، وشاطرت العمال وأبناء الارض المتعبة همهم .وتواترت كما الأحجية نفسها الاحداث، اذ ملأت فاطمة احمد ابراهيم، جميع سلال نساء البلد بالرطب، والبلح الكريم، وظلت غير عابئة بخطر الغول ، وهبت عليها سبعة رياح!! في ثمانية وعشرين عاماً، من حكم الاخوان المسلمين، الذين حاربوا نهضة النساء ، وسرقوا عظيم انجازاتهن ، بغير حق، وعبثوا بمكتسبات المرأة التي درجتيها يافاطمة ، وكنت عكازها، حتي اعتاب البرلمان السوداني. فصار البرلمان في عهدهم ، ليس هو ذلك البرلمان!! اذ صار التعيين فيه للولاءات وليس الكفاءات ، وشهدنا مقاعد البرلمانيات فيه للنساء غير الجديرات، من مات زوجها ونصبت هي بديلة له برلمانية وسفيرة ، ومن وتم شرائها بالاموال، ومن أجادت تفصيل القوانين بحسب مقاس ( رجال البرلمان)! ﻭصار البرلمان ساحة مهرج ! عبث بقداسته رجال الهوس الديني أعداء المرأة، وعاونهم كذب المتأسلمين الذين يتاجرون بقضايا المراة، دون منهجية فكرية مؤسسة ، فصار مزيجاً ماسخاً، ومسرحاً للفوضى الدرامية، وسوقاً مكتظاً من النفعيين والغوغاء المفسدين، يشرعون لمصالحهم، ويدلون بالأصوات لصالح (الغول) ! ونصفهم نيام! يخشون ان يستيقظوا علي اعين الشعب الرقيبة ، وأصوات المطالبين بالمحاسبة والقصاص.وهبت (سبع رياح ) في محنة البلاد يافاطمة ، بينهن ريح حمراء ! ندهتك يافاطمة ( فاطمة السمحه خذي حذرك فقد تركنك وحيدة) !! اذ ساد قانون النظام العام ، فجلدت حكومة الاخوان المسلمين النساء في الشوراع، لاحقتهن في ماذا يلبسن وكيف يلبسن، وكيف يمشين علي الارض.ولم يسلمن من بناتك السودانيات، حتي الفتيات المسيحيات المعتقد، فلقد لاحقهن رجال الامن ، مابين المطاردة والسجون.ثم أبدل المتأسلمين كما تعلمين، التعليم، بجامعات أُفرغت مناهجها الا من تحصيل شهادات تعلق علي حوائط منازل اهلكلها التعب! بعد ان صرف الأهل علي البنات كل ما ادخروا من اجل نجاح ( البنات) وتقدمهن ، ليكن فاعلات في المجتمع، رافعات رؤوسهن ، و هازمات للجهل والرجعية! وهيهات! اذ ان حكومة الاخوان المسلمين، أبدلت زمانك الزاهي حين كنتي طالبة الثانوي وتيسر لك قيادة اول إضراب من الطالبات. أبدلوا ذلك الاحترام لخروج المراة رفضاً لسياسات الحكومة، ، بالذل، فقد استخدموا لقهر تلك التظاهرات سلاح ( الاغتصابات) ، والقتل في رابعة النهار ، وتحت نظر واعين الأهل ، يتصايحون كمن مسه الجن ( الزارعنا غير الله يجي يقلعنا) وناعتين للمتظاهرين ( بأنهم شذاذ آفاق وشماسة ومشردين)!!وشتان ما بين دموعك الحزينة علي ( الشماسة والمشردين وأبناء الشوراع) ! وبين ذلك القول المجحف في حق السودانيين، وما المشردين وابناء الشوارع سوي نتاج سياسات الحكومة نفسها ، التي أشعلت نيران الحروب في دارفور، وجبال النوبة ،وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، وامتلأت معسكرات اللجؤ حتي فاضت، وكنموذج لذلك احصائيات بعثة اليوناميد لحفظ السلام في موقعها بمنطقة سرنوتي، بولاية شمال دارفور، ( فقط) في العام الماضي، ارتفع عدد النازحين إلى 57 ألفًا، و648 نازحًا، يمثلون نحو 8 آلاف، و576 أسرة. فحين فاضت المعسكرات امتلأت شوارع المدن بالأيتام، والفقراء من النازحين، فصارت الشوراع احن عليهم من المتأسلمين، وكانت لهم الأهل والملاذ، فصاروا (ابناء) تلك الشوراع !!! وانت يا ام سماح، لم تفوتك فصول المأساة، حين اضاعوا كل حق ، حفيت من اجله النساء، في سبيل الكرامة، ووصل في حكمهم السفه ، حداً جعل عراب نظام الاخوان المسلمين، الدكتور الترابي ان ينقل ( قوالة) ! عن رئيس الحكومة، المجاهد الاخ المسلم البشير، قولاً يعف اللسان عن ترديده، في حق النساء الكريمات من غرب البلاد الحبيب ، محرضاً علي اغتصابهن، والحط من كرامتهن، وشرفهن. فانتشرت ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء واغتصاب الأطفال! وزادت اعداد الأطفال فاقدي الهوية، في ظاهرة فاقت الإحصائيات ، في المجتمع السوداني الذي تسنده الاعراف الطيبة والدين السمح.ورحم الله زماناً يا فاطمة السمحة، قبل حكومة ( اصحاب الايدي المتوضئة والثفنات علي الجباه والتدين الشكلي) حين كانت المراة تجد كل الاحترام في دواوين الحكومة، مسنودة بقوانين العمل التي تساويها مع زميلها الرجل، وتحميها من التحرش الجنسي ، ففي عهد السقوط الاخلاقي! طالهن التحرش في المكاتب، ﻭصار وسيلة ارهاب يتم استغلالهن بها، ولم يبقوا لهن غير الصمت!! او فقدان الوظيفة! والبطالة! والخروج للشارع الذي لايرحم!!وضاعت هيبة القوانين، ضمن ماضاع من إرث حقوقي نسوي، اكتسبته المرأة في السودان بحق ودفعت ثمناً لها الجهد، والجد، والدموع .يافاطمة المعلمة، حين انبهمت سبل القيم في المجتمع السوداني، لم يسلم حتي التعليم، ولاسلم المعلم من الهوان! ولاسلمن المعلمات من الاغتصاب في دارفور، او احدي مدارس كوستي حين انفرط عقد الامن، ولا سلمن من الموت في مرحاض حمام المدرسة المتهالك في قلب الخرطوم، ان كان للخرطوم قلب نابض في عهد مهازل الاخوان! للحد الذي شهدنا في عهد حكومة الاخوان المسلمين امام جامع يغتصب طالبة، ويدينه القضاء، فيعفي عنه رئيس الجمهورية!! ويعود الامام المغتصب ليؤم صلوات الناس، ويقبض راتبه من الدولة علي تلك الإمامة المباركة من رئيس الدولة وصمت رجال الدين!!يوم رحيلك اطلت المواجع التي احاطت بكل نساء السودان، وإجهضت مكتسبات المراة في عهد المهووسين ، بما في ذلك سعيكن الحثيث لإيقاف عادة الخفاض الفرعوني الضارة ، ومواجهة المجتمع باكمله ، وتوعيته بخطر خفاض الإناث ، وأضراره النفسية، والجسدية علي المراة،.فهل اتاك ايتها البرلمانية الجليلة، وأول سودانية منتخبة، بل في الشرق الأوسط باجمعة عام 1965 ،. حديث البرلماني (الشيخ) دفع الله حسب الرسول!! والذي لم ينتخبه الشعب، ولم ينتخب حتي رئيسه!! وتصريحه عن ان الذين يناهضون الخفاض الفرعوني كفرة! يتبعون الكفار!! وان الواقي الذكري حرام ، وجميع ذلك، تحت مباركة الدولة وإعلامها البئيس.هذا هو حال النساء في بلد جثم علي صدره الغول ، وارتحلت فاطمة السمحه منه معتلة الصحة، لاعتلال حال النساء، والبلد باجمعه، ثم انتقلت قبل ان يجتمع الاخوة السبعة ( المتشاكسين)!! من اجل قطع رؤوس الغول السبعة! وخلاص البلد، وإهداء فاطمه ونساء السودان، الحرية، وكنزهن المسروق ،الذي دفعن فيه كل غالي ونالت بفضله القيادة والريادة.ولم يتبقي من عزاء حزين ، علي قامة مثل قامة فاطمة احمد ابراهيم ، غير ان نقول مثلك لايموت، سيظل حياً ، طالما هنالك أناس عارفي فضلك! وطالما هنالك حقوق تنتزع ! وفجر سوف يطل ! والطغاة فيه ذاهبون الي مزبلة التاريخ خالدين فيها أبدا ، وان الشعب السوداني الأصيل الذي أنجب امثالك، سوف يكسر قيوده، ويقتلع حكومة الاخوان المسلمين من ارض السودان اقتلاعاً ،.لذلك كل الذي نرجوه ! ان لايسرق (الغول ) ما تبقي للوطن من فرحة لقاك ، بوضع جسدك الطاهر، وزفك عروساً تتوسدي ثري بلد اشتاق للمكارم والكرام.وحتماً حكومة الاخوان المسلمين، لايستحقون شرف الصلاة عليك ، ولا حتي البكاء عليك، فقد تعودوا سرقة احلام الشعب وحزنه النبيل. وما قول الرئيس البشير ( بنقل جثمان فاطمة أحمد ابراهيم على نفقة الدولة ولف جثمانها بعلم البلاد، وإقامة جنازة رسمية لها كشخصية قومية خدمت بلادها بإخلاص وتفان حسب ما ذكرته وكالة الأنباء السودانية الرسمية ) ماهو الا (كلمة حق ولا نقولها بقولك ) كما ذكر المسيح للشيطان ،نعم حقيق بفاطمة ان تكفن بعلم السودان، فهو حق مستحق وليس صدقة من أعداء المراة!! وان كأن الاخوان المسلمين يعرفون الحياء ! لاختبأؤا وتواروا خجلاً في هذه الأيام، من سؤ ما فعلوه بنساء السودان!ولو كان يعرف الاخوان المسلمين، فضلاً لفاطمة احمد ابراهيم ، لشهدنا لها شارع باسمها! او صرحاً جامعياً او حتي مدرسة للبنات!ولو الحق والوفاء عمل من موازين الحكومة ! ومعرفة أقدار الناس من شيمهم! لما اطلق الرئيس علي سعاد الفاتح البدوي ( ام افريقيا) والتي هي كانت ناعق شؤم!! ادي الي إشعال فتنة الهوس الديني، الذي قاد الي طرد الشيوعيين من البرلمان 1965 !! وهي صاحبة العبارة المهينة التي لاتشبه باحات البرلمانات! في حق اخوتها البرلمانيين ، حديثاً ! عندما صوتوا لقبول القرض الكويتي ( يخسي عليكم) !!كرمها البشير لانها ربيبة الاخوان المسلمين والتي لم تعيب ، او تصد سياساته وحكومته، المهينة في حق نساء السودان ، بل طالبت بتمديد فترة حكمه!لذلك عشمنا ان تكوني عصية عليهم، في مماتك، كما كنت عصية عليهم في حياتك العامره.فلترقدي بسلام يا ام الكرام.عزاء موصول للنساء قاطبة ، وللرجال ولسواد السودانيين، والأفارقة ، وعزاء اخص لأهلك وتلاميذك وللإخوة الشيوعيين ، وبركتك تتري ،وتتبارك ، خير يلحقنا ويلحق جميع من نهض من اجل المستضعفين في الأرض. والنساء أكبر من استضعف في الارض جميعها. وموعدهن النصر الكبير.بوعده العزيز :(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)-

----------------------

أنطفاء شعلة الكفاح و نضال المرأة السودانية: رحيل الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم .. بقلم: أتيم قرنق * نشر بتاريخ: 14 آب/أغسطس 2017 برغم انطفاء شعلة كفاح المرأة بموتك يا أماه، ستظل ضياؤها تنير دروب و ساحات حقوق المرأة السودانية. سيظل رنين صوتك في ردهات التاريخ ينبه الذين غشي ظلم المرأة عيونهم. ستأتي اجيالٌ عقب اجيالٍ و لن تتجاهل تضحياتك من اجل ارتقاء المرأة السودانية. كنت نغماً من أنغام سودان الحق و لكن كُنْت في برية زمان لا يستصيغون فيه جمال الحق و أزلية المساواة! كنت يا فاطمة ضوءاً في نفق التاريخ كان يعشش داخله خفافيش الجهل و حراس أبواب الظلم. حاولوا حجب ذلك الضوء و عملوا كل ما في استطاعتهم لتبديد نغم المساواة بهدف ان يدوم الجهل و قهر المرأة السودانية، و لكن هيهات لقد هزمتيهم شر الهزيمة. يا لك من مرأة حريرية يسيرها حب السودان و عشق الحق و طرقت باب الحق بأنامل العلم و المعرفة. كيف لا ألم يكن بابكر بدري صوتاً داوياً في برية الجهل ينادي بحق تعليم المرأة. ألم تكونين انت رداً ابدية لصوت ذلك الرجل الجليل؟ في تلك الحقب، الدعوة للحرية و المساواة للمرأة كانت نداء شاذاً في إسماع حراس أبواب الجهل و خفراء الطائفية و ما كانت تتشدق بها هؤلاء الحراس و الخفراء كلها الْيَوْمَ ماضية الي مزبلة التأريخ.انت يا فاطمة رحلت و تبقي جهد عملك نبراساً يهتدي به دعاة المساواة و ستظل صوتك جرساً من أجراس التحرر و قد وصل رنينه أدغال قلب افريقيا. و لما لا و انت كنت تقودين كفاحاً فكرياً وسط شعب مكبل بأساطير الجهل و اوهام الطائفية. كنت تديرين معركة ضد جيوش الرجعية الفكرية و طغاة اعمتهم قوة السلاح و السلطة و تمادوا في الكبت و القهر و لكنك لم تجفلي و لم تهابي! ذهبتِ و ذهبوا و بقيتْ ثمراتُ كفاحِكِ و ها هي المرأةُ السودانيّة الْيَوْمَ معززة و مكرمة بنور العلم و مسلحة بسلاح المعرفة و تتبوء مناصباً قيادية في كُلِّ مجال و كم منهن في البرلمان الذي كنت فيه وحيدة! ألم يكن قاهروك و ظالموكِ يعتقودون انك في المكان الخطاء؟ ذهبوا و تبقي قصص ظلمهم لك و قهرهم و هضمهم لحقوق المرأة السودانية و حجبهم نور المعرفة عنهن ستبقي تطارد أوهامهم الزائلة و تظل اعمالك خالدة قلادة علي صدر كل مرأة سودانية في (السُّودانين).كم تحدثت يا فاطمة في برلمان السودان 2005-2010 عن الضعفاء و المقهورين و المطحونين تحت عجلات اقتصاد النهب و التجارة الطُفيلية و ترويج الظلم، و تصورك عن كيف تجب ان تكون دور الدولة في (رعاية أطفال الشوارع ) و كل من لا ملجأة له أو لها. تتواري أصوات جلاديك و يتعالي صوتك صوت الحق و الحرية و المساواة. دولة الرعاية الاجتماعية ستكون واقعاً يوماً ما مثل حق المرأة السودانية الْيَوْمَ. إيمانك بالمساواة و الحرية و الحق هي مبأدئ إنسانية أبدية و أزلية تتضمنها كل العقائد الدينية الا ان تفسيرها تجعل المرأة في هامش الحياة و لكن هذا الزمان يتغيير فيه الأشياء بوتاير متسارعة ليست فيه مجال لظلم المرأة. انت مفخرة لكل امرأة تجاهد و تكافح من اجل حقها في دول العالم الثالث.اتذكر بجلاء ذلك الْيَوْمَ داخل برلمان السودان و تلك الجلسة التي كنتُ أترأسها و ثارت فيها ثورة عارمة نارية و هاجمت فيها السيد (ابو القاسم محمد ابراهيم) و قالت فيه و عنه كل صفات الظالمين و القاهرين و لكن (ابو القاسم) تمالك و كان هادئاً هدوء التائبين، و تقلد قلادة الحكمة و كان يومٌ شهد ما لم تشهدها أية جلسة أخري و ربما الجلسة التي تقرر فيه إسقاط عضوية أعضاء الحزب الشيوعي السوداني في ستينيات القرن الماضي. في الْيَوْمَ التالي لتلك الجلسة زرتك يا أماه من اجل مؤازرتك و كنتِ عظيمة شامخة و قلت لي قول قائدة مكافحة تعرضت للظلم و لكن لا تحمل حقداً أو ضغينة و لكن تحمل الغضب و الألم و الثورة وتحمل حب السودان و تقدمه و تريدالمرأة السودانية في الطليعة و هي قد تحصلت علي كل حقوقها. يا لك من ثائرة شجاعة مثقفة و قيادية مقتدرة. لك تقديرى و احترامي و اجلالي في وفاتك كما كانت مكانتك لدي في حياتك.الرئيس البشير له مني الف تحية في قراره الصائب بأعطاء المناضلة فاطمة احمد ابراهيم تقدير الدولة و دفنها كأحد عظماء السودان. نعم و لما لا و قد ناضلت من اجل المرأة السودانية و وصل صوتها لكل بيت و كل دار فيها امرأة في البوادي و الحضر.* أتيم قرنق : نائب رئيس المجلس الوطني السودانى 2005-2011 و حالياً عضو برلماني في جمهورية جنوب السودان

Post: #2
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-14-2017, 07:08 PM
Parent: #1



فاطمة احمد ابراهيم ايقونة نضال المراة السودانية ..

بقلم: حسين الزبير

نشر بتاريخ: 14 آب/أغسطس 2017

هذه المناضلة الجسورة التي شرفت اهل اليسار في السودان بتاريخ نضالها الذي لم تخبو جذوتها حتي في سنين عمرها الاخيرة، حيث كانت تناضل بلسانها، اما قلبها فلم يتوقف عن الانشغال بهموم المستضعفين من ابناء شعبها، الا بالامس السبت 12 اغسطس، لم تات صدفة الي ميدان النضال. اهلتها لهذه الادوار العظيمة بيئة و تنشئة اسرتها، ثم بيئة النضال في حزب الشيوعي السوداني، و لو كره الجاحدون.تحكي بنفسها عن التربية التي تلقتها في بيت والديها و تقول: (كانت امي تحب القراءة، وتواظب ووالدي على قراءة الصحف ، وبالبيت مكتبة كبيرة عامرة بكتب مختلفة ودينية، وكان النقاش يدور بينهما حول المسائل السياسية، ونحن نستمع لهما، وكانت والدتي تشجعنا على القراءة، ولا زلت اذكر صيحاتها كلما طال وقوفي امام المرآة، بقولها :"كفاية قيمتك ما في شعرك وتجميل وجهك ، قيمتك فيما بداخل راسك – احسن تملأية بالقراءة، والمعرفة – وبعد تأسيس الاتحاد النسائي ، نظمنا دروسا في الاسعافات الاولية والتمريض المنزلي ، فاكملت دراستها، ونلت شهادة جيدة – فعلقتها على حائط الغرفة، وفي مرة أدخل شقيقي الأصغر رجله في جنزير الدراجة، فانغرس في رجله وتطاير الدم من الجرح – فلما رأيته اغمى علي – فجاءت واسعفته واسعفتني – ثم دخلت الغرفة وانتزعت شهادتي من الحائط وقالت لي: "اياك والاستعراض الكاذب – ما فائدة الشهادات، اذا انت عاجزة عن اسعاف شقيقك، واصبحت انت نفسك في حاجة للاسعاف" ، وكل هذا اثر علي كثيرا).اما تربية الحزب الشيوعي لعضويتها، فلا ينكرها الا حاقد، فهو الحزب السوداني الوحيد الذي يوجب علي عضويته الامانة و الشفافية و الصلابة في النضال، و من خريجي هذه المدرسة السياسية العظيمة علي سبيل المثال: فاطمة احمد ابراهيم، التيجاني الطيب، محمد ابراهيم نقد، محجوب شريف....و كلهم رموز نضال اتفقت عليها الامة كلها يوم رحيلها.لكن تتفرد فاطمة السمحة بانها رائدة النضال النسوي، فقد جعلت من الاتحاد النسائي مصدر اشعاع و نور لنساء بلادي، و ذلك رغم اعترافها بانها لم تكن مؤسستها في البداية، و بنضالها الصبور الجسور نالت المراة السودانية حقوقها، تلك الحقوق التي تنتقص دوما بوصول قوي الظلام الي السلطة. و استحقت نياشين كثيرة علي مستوي الوطن و العالم، لكنني اخال ان اعظم نياشينها في رايها انها ارملة المناضل الاممي الشهيد الشفيع احمد الشيخ و انها من نسل اسرة متدينة ورعة وافقت علي انتمائها للحزب الشيوعي بعد الاقتناع ببرنامجه.سيرة هذه المناضلة الاسطورة، و سيرة اسرتها يجب ان تكتب بعناية لتكون مرشدا لتربية النشء، و لاثراء قيم الصدق و الامانة و الشفافية و التضحية في اجيال الغد.ما اعظمك ايتها الام الرؤوم، ليس لاحمد فقط، بل لكل ابناء بلادي، و بصفة خاصة اولاد الشوارع الذين دعوت الله ان يجعل لهم ماوي قبل وفاتك. يغيب عنا جسدك اليوم اما فلسفة فاطمة و تاريخها و نضالها ، فهذه اوسمة ستحملها بلادي علي صدرها علي مر الدهور.و صدق صلاح يوم قال:هذه أعمالنُا مرقومة بالنور في ظهر مطاياعبرت دنيا لأخرى تستبقنفد الرملُ على أعمارنا إلا بقاياتنتهي عمرًا فعُمرًا وهي ند ٌ يحترقما انحنت قاماتنا من حِمل اثال الرزايافلنا في حلك الأهوال ِ مسرى وطُرقفإذا جاء الردى كَشّرَ وجهًا مكفهراعارضًا فينا بسيف ٍ دموي ٍّ ودرقومٌصِّرابيد تحصدنا ، لم نُبدِ للموت ارتعادًا وَفَرَقنترك الدنيا وفي ذاكرة الدنيا لنا ذكرٌ وذكرىمن فعالٍ وخُلقُولنا إرث من الحكمة والحلم وحب الكادحينوولاء ُ حينما يكذب أهليه الأمينولنا في خدمة الشعب عرقالي جنات الخلد يا ام احمد، ربنا يا حنان يا منان يا بديع السموات و الارض، يا ذا الجلال و الاكرام ، انت اعلم بها و نضالها الجسور من اجل الضعفاء و المفهورين، اجزها عنا خير الجزاء و تقبلها مع الصديقين و الشهداء.و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلينز

------------------------

كمال كرار

وداعاً فاطمة08-14-2017 07:15 PMو

داعاً فاطمةحمل عنوان الميدان الرئيسي في عددها الماضي رثاء الزميلة فاطمة احمد ابراهيم بوصفها المناضلة الجسورة، ولكن أي جسارة؟؟

لقد كنت أنا شاهداً على شجاعتها المنقطعة النظير، ونحن طلاب بجامعة الخرطوم، حيث نظمت رابطة كلية الطب التي تكونت بعد هزيمة الإتجاه الإسلامي في انتخاباتها،ندوة سياسية دعت إليها فاطمة وكان فيها أيضاً محمد توم التيجاني،وكان أحد مؤيدي مايو والمدافعين عنها،والمستوزرين فيها، الندوة كانت في سنوات حالكة السواد،منتصف العام 1978،وكان مطلوباً من فاطمة أن تتحدث عن حركة النساء والإتحاد النسائي،ولكن ما إن هاجم محمد توم الحزب الشيوعي في كلمته،وتجنى عليه إلا وانطلقت الكلمات من فاطمة مثل الرصاص،تترافع عن الحزب الشيوعي والشعب السوداني،وتسرد مخازي النظام

المايوي،وما فعله المايويون ومن ضمنهم المتحدث الذي سبقها،الأمر الذي أدي لانفضاض الندوة بعد تدخل الأمن المايوي،وسيقت فاطمة للتحقيق والحراسة بعد ذلك،ومن من جيلنا لا يذكر وقفتها الشجاعة أمام محكمة الطوارئ المايوية على أيام قوانين سبتمبر سيئة الذكر،فقد نطقت بلسان كل الشعب السوداني يوم أن نصب نميري والأخوان المشانق للمعارضين،حكت زميلتها فتحية الفضل للميدان

في وقت سابق عنها حينما سئلت عن فاطمة بعد ردة يوليو 1971،فقالت ( كان الجميع حزينا باكيا، وفاطمة قاومت البكاء في البداية عند مقتل زوجها ما أدى لاصابتها بالاغماء في بعض الحالات. المعروف عن فاطمة منذ شبابها الباكر ومن قبل يوليو أنها صاحبة عواطف جياشة، خصوصاً في حالتي الحزن والغضب لكنها كانت مصرة على ألا تبكي رغم أن البكاء يشفي الروح ويساعد في التغلب على الحزن، أذكر مرة إبان ثورة أكتوبر ذهبنا للمشرحة وأصرت هي على الدخول لرؤية الشهداء، وعندما خرجت كانت محمولة على الأكتاف من فرط الانهيار، وعموماً هناك ما يربط بين جميع الخارجين من رحم الحزب الشيوعي في تقدير تضحيات الشعب، وهو ما يدعو للإلفة والتضامن في مثل هذه الحالات. للشهيد وفاطمة ابن وحيد هو الدكتور أحمد. وبعد الإعدامات كانت فاطمة قيد الإقامة الجبرية لفترات طويلة، وكان البوليس مصراً على رؤيتها الشيء الذي قوبل بالرفض من والدها كونها في فترة حداد، ولا يجوز دخول رجال عليها، لكن فاطمة كانت هي الملاذ والمأوى لكل المفجوعين. على ان أذكر في الأيام الأولى للفجيعة الحارة ارسلت السلطة من يطالب باسترداد وسام النيلين الذي منح للشهيد الشفيع فبادرت الاستاذة فاطمة بارجاع ميدالية كانت قد منحت لها تكريما لجهودها، رأت من العار الاحتفاظ بها)يالها من إمرأة مناضلة وسيظل مكانها شاغراً لوقت طويل،لقد ظلت طوال حياتها في خضم المعارك النضالية في كل الجبهات،وإن كان هنالك ما يقال غير الوداع والحزن لغيابها،فقد تأسست كل المكتسبات التي نالتها المرأة السودانية على يدها،وبفكرها وجهدها،وجسارتها ونضالها المستميت في زمن كان فيه الجهل والظلام مطبقاً،فأوقدت شمعة صارت شعاعاً لن ينطفئ وإلي الأبد.وداعاً فاطمة ..كمال كرار

Post: #3
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-14-2017, 07:11 PM
Parent: #1


وداعاً فاطمة السمحة.. الإنسانة الحديقة.. المرأة النضال


08-14-2017 06:59 AM
فاطمة غزالي

رحلت أمس عن دنيانا الفانية الأستاذة المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم، لتتكئ في مرقدها بهدوء بعيداً عن صخب الطغاة- لها الرحمة والمغفرة، وإلى جنات الخلود- فراق رائدة الحركة النسوية السودانية الأستاذة فاطمة أحمد ضخم الحزن فينا، ودموع الألم على رحليها تُطفئ كل الشموع إلا شمعة عطائها ستظل متقدة؛ لتنير الطريق لكل الأجيال.
كثير من الأمكنة اليوم يسودها الحزن السوداني الخاص، فتسمع فرقعة الدموع والألم على رحيل امرأة كتبت عطاءها على جدار الزمن، رنين كلماتها المعطاءة ما زال يطرق طبل الأذان بجرأتها التي هزت الكثير من العادات والتقاليد الموروثة، وكسرت السائد من عصور الانحطاط، هذا الوخز للموروثات الاجتماعية التي تتسم بالتمييز ضد المرأة، جعلها تتربع في دواخلنا؛ فهي- حقاً- تملك ذوات الأجيال اتفقنا أو اختلفنا معها سياسياً أو فكرياً عاجزين عن أن نداري سوءة الكآبة والحزن أمام رحليها المر، من حقنا- النساء- في كل العالم أن نناديها بكل المسميات التي تليق بمقامها الرفيع فاطمة السمحة، فاطمة الحديقة، المرأة النضال، الأستاذة.. أمنا.. الرائدة.. الملهمة.. هي بحر الحقوق الذي اغترف منه بعض من نساء العالم، خاصة في محيطنا الأفريقي والعربي؛ فتناثرت حولها الجوائز العالمية التي تحتفي بمن كتب للإنسانية دورساً؛ لأن ترتقي بإنسانيها، وقدم عطاءً يحتضن المساواة والعدالة في الحقوق.
فاطمة السمحة لم تكن شخصية عادية بل المرأة النخلة.. إنسانة دواخلها ثرية بالنضال، فحررت الضمير المقموع بحكمة؛ لأنها كانت واعية بالشروخ الاجتماعية التي تحدثها مفاهيم الاستنارة في تلك الحقبة الداعية إلى إخراج المرأة من قاع القهر، فكانت فاطمة محصنة بسدود منيعة من التوازن بين المناداة بحقوق المرأة وخصوصية الواقع الاجتماعي السوداني؛ لذا تجد في أفكارها متسعا للتنوع الاستثنائي، الذي بهرت به الجميع، وهي تعطي في كل المجالات حقوق المرأة، الثقافة، السياسة، والاجتماع، يكفينا شرفاً نحن– الصحفيات- أنها أول امرأة أسست مجلة للمرأة، وكانت رئيسة تحريرها، ومؤسسة لمدرسة حقوق المرأة مع رائدات الحركة النسوية السودانية، وغيّرت خريطة المرأة السودانية، وحينما طرقت- بقوة- وهدت العديد من المفاهيم الاجتماعية السالبة التي كانت تقيد المرأة السودانية، وتنتقص من حقها. فاطمة السمحة لم تتربع على عرش الفوقية؛ لتخاطب مجتمعها، بل نزلت إلى المرأة السودانية البسيطة، وجلست معها؛ لتكون قريبة منها؛ لتشعر بألمها، وتدرك معاناتها.. قاتلت بشراسة أوضاعاً سياسة تمور باستبداد لا مثيل له في القبح، وبرزت مقاتلة شرسة لنظام مايو، والإنقاذ، لم يرعبها غضب الطغاة، فتحت بشجاعة للمرأة السودانية أبواب النضال، وتركتها مشرعة؛ فامتدت معارك النساء رفضاً لقهر الأنظمة، وقوانينها التي تستهدف النساء بصفة خاصة، رحلت الأستاذة فاطمة بعد أن مهدت مع رفيقاتها الطريق للمرأة السودانية للمشاركة في كل مجالات الحياة، فتأبطت المرأة السودانية حق المشاركة وصناعة واتخاذ القرار السياسي، فكانت أول هي امرأة تمثل المرأة السودانية في البرلمان- المؤسسة التشريعية في العام 1965.
رحلت فاطمة أحمد إبراهيم إلى دار الخلود، ولم تترك المرأة السودانية كالشجر العاري، بل علمتها- بكل صدق- معنى أن تقول (لا).. (لا لقهر النساء)، رحلت ورأية النضال مرفوعة.. اليوم نساء كثر ورفيقات تجتمع حولهن ظلال الذكريات الجميلة مع مواقفها الإنسانية، وشجاعتها النادرة.. وحضورها المدهش.
رحيلها ليس كرحيل قوم تتابعوا، وغمرهم تراب الأرض في جوف القبور، بل رحلت بجسدها، وتركت للمناضلات في بلادي روح العطاء، ونار النضال مشتعلة، فاطمة مدرسة الحقوق المفتوحة في طرقات الإنسانية، والمناهج المكتنزة بالمعرفة والخبرة.. تستحق منا الدعاء بكل آيات الرحمة والمغفرة، وأن نزين ببقات الورد، وأطواق اللؤلؤ قبرك في وطن لم يسترح بعد.. وداعاً فاطمة السمحة.


---------------------------------
أصوات شاهقة

عثمان شبونة

* كان على رئاسة الجمهورية أن تكتفي بنعيها للراحلة فاطمة أحمد إبراهيم؛ ولا تزيد عليه (بالبهارات) الكذوبة؛ كما جرت العادة في متاجرتها بالرموز الوطنية والشخصيات ذات الشعبية.. فقد قرأنا أن توجيهات رئاسية صدرت بنقل جثمانها على نفقة الدولة.. أي دولة أعدائها وأعداء الشعب (المفروضة على السودان)! بعبارة أخرى: (نقل الجثمان على نفقة الشعب المنهوب لكن باسم الدولة) والأخيرة تعني سلطة الفسدة والطفيليين بدون لف ودوران..!
* الكلمات الرئاسية حملت إهتماماً بالشخصية النبيلة التي عاشت متغربة مع الملايين بسبب النظام الحاكم الظلوم؛ الذي يحتفي بها (بعد موتها)..! إن التوجيه المُراد به (الوجاهة) من عدو الإنسان عديم الإحسان؛ جاء كالتالي: (وجه رئيس الجمهورية بنقل جثمان فاطمة أحمد إبراهيم على نفقة الدولة ولف جثمانها بعلم البلاد وإقامة جنازة رسمية لها كشخصية قومية خدمت بلادها بإخلاص وتفاني).
1 ــ البشير الذي سادت في (دولته) الجماعات الفاسدة وقويت شوكتها بالترفيع و(التشريع) ما باله يتجمَّل بمفردات الإخلاص والتفاني التي لا تشبه طِباعه البتة؟!
2 ــ منذ متى كان البشير وإخوانه المتأسلمين يقدرون ويجلّون القومية؛ وقد هدموا (السودان القومي) طوبة إثر طوبة؛ وانتقموا من مؤسساته الوطنية شر انتقام؟!
3 ــ محبو فاطمة لا يحتفون بعلمٍ يلفه (الإرهابيون) أعداء النساء والإنسانية.
* إنه البهتان؛ أرادوا من خلاله النفاذ إلى أغراضهم الدنيئة باستغلال الموت لزخرفة كيانهم الإجرامي.. هذه الأغراض لن تحبب فيهم الخلق مهما بلغت انتهازيتهم (بالتزيُّن).. فالشعب يعِي (مَن هؤلاء)! لقد حاولوا مراراً استثمار وفاة بعض الشخصيات؛ منهم المغني محمود عبدالعزيز (لكسب جمهوره العريض) كما يتوهمون.. وهم أعداء الفن والجمال الأبديين قبل كل شيء.. ففي 2013م أعلن تلفزيون السودان أن جهاز الأمن وفريقه محمد عطا أرسل طائرة خاصة للأردن لنقل جثمان الفنان محمود عبد العزيز..!
* وكتبتُ وقتها سطوراً جاء فيها: (لأنه محمود المؤثر المحبوب من الناس؛ فها هو سوق الإنتهازية البغيضة يتجدد؛ ما بين صحافة تفتش مأكلتها؛ وجهاز ذميم يحاول جاهداً تجميل وجهه الدميم بالمناسبة المؤسفة.. إن الإنسانية لا تتجزأ ولا علاقة لها بالمواقيت الفالتة التي يتخذها بعض الذئاب كلافتةٍ خيرية)..!
* ولأنها فاطمة أحمد إبراهيم بكل رمزيتها الذهبية؛ كان لابد أن تهتم حكومة قاهر النساء بجثمانها الطاهر؛ تحت ذات اللافتة ــ المظهرية ــ الكذوبة..!
* من أين للإخوان المتأسلمين وبشيرهم الإنسانية التي يستدركون بها قيمة فاطمة؛ أو قيمة الشعب الذي خرجت منه؟!
* رحمها الله.
خروج:
* العنصريون لا يشرفون فاطمة.. وإياكم أعني..!
أعوذ بالله

Post: #4
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-14-2017, 07:16 PM
Parent: #3

إلى عروسة السماء !! ..
بقلم: زهير السراج


نشر بتاريخ: 14 آب/أغسطس 2017

[email protected]


* لن أنسى لكِ ذلك الموقف البطولى عندما وقفتِ أمام ما كان يُطلق عليها اسم (محاكم العدالة الناجزة) فى أواخر عهد الرئيس المخلوع نميرى، بتهمة معارضة النظام الحاكم والاساءة لرئيسه .. تلك المحاكم التى أنشأها المخلوع لارهاب الناس وتطبيق قوانين جنونه وعتهه وشريعته الدموية، فأنشبتْ مخالبها المسمومة تقتل وتقطع وترجم وتجلد وتهين الناس باسم الدين، ولكنها ارتجفت وتبلدتْ أمامك، وأرغمتْ كلماتك القوية وشجاعتك وجسارتك قاضى المحكمة الجلاد (المكاشفى طه الكباشى) على الإدعاء بعدم صحة قواك العقلية، وأطلق سراحك مرفوعة الرأس شامخة مثل السماء، يا عروسة السماء !!

* وكنتِ قد خرجتى وحيدةً فى مظاهرة أمام محطة للوقود مزدحمة بالمواطنين والعربات فى انتظار وصول الوقود الذى كان شحيحا فى ذلك الوقت، تنددين وتهتفين ضد المخلوع وحكمه، ففر الكل خائفا وبقيت وحدكِ تهتفين وتتظاهرين، بدون أن يجرؤ أحد على لمسك، ثم كررتى التظاهر داخل مطار الخرطوم عندما مُنعتى من السفر للعلاج، فألقى عليك القبض جمع من أمن المخلوع، واقتادوك الى مكتب الأمن، ثم الى المحكمة التى لم تجد أمام شجاعتك وقوتك سوى إتهامك بالجنون واطلاق سراحك، وكنتى لا تزالين تهتفين وتتظاهرين وانتِ فى الطريق الى خارج المحكمة .. لله درك يا اشجع الناس، يا فاطمة أحمد إبراهيم !!

* بدأ وعي فاطمة السياسي مبكراً نتيجة للجو الثقافي العائلي، وكان لها خلال فترة دراستها الثانوية بمدرسة ام درمان الثانوية العليا للبنات، نشاطات عدة، منها تحرير جريدة حائط باسم "الرائدة" حول حقوق المرأة، والكتابة في الصحافة السودانية (باسم مستعار)، وقيادة أول إضراب نسائي طالب بعدم حذف مقررات المواد العلمية في تلك المدرسة واستبدالها بمادة التدبير المنزلي والخياطة، وكان إضراباً ناجحاً أدى إلى تراجع الناظرة عن قرارها، ومن هنا بدأ انخراطها في النضال السياسي ضد الاستعمار.

* ساهمت في تكوين رابطة المرأة المثقفة فى عام 1947 والاتحاد النسائي السودانى فى عام 1952، وأصبحت رئيسة له فى الفترة بين 1956 – 1957 فعملت على فتح العضوية لكل نساء السودان، وتكوين فروع للاتحاد في الأقاليم، مما خلق حركة نسائية جماهيرية واسعة القاعدة، وكان من مطالب الاتحاد منح المرأة حق التصويت وحق الترشيح لدخول البرلمان، وحق التمثيل في كل المؤسسات التشريعية والسياسية والإدارية على قدم المساواة مع الرجل، والحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي، والمساواة في فرص التأهيل والتدريب والترقي، محو الأمية بين النساء، توفير فرص التعليم الإلزامي المجاني، توفير فرص العمل وتحويل المرأة إلى قوة منتجة، ومنع الزواج قبل سن البلوغ، وإلغاء قانون الطاعة وغيره، وبسبب هذه المطالب تعرض الاتحاد النسائي لهجوم كاسح من قبل جبهة الميثاق الإسلامي (الاخوان المسلمون) بحجة أن الإسلام لا يسمح بمساواة المرأة وانخراطها في السياسة.

* فى عام 1954 انضمت فاطمة للحزب الشيوعى السودانى، وانتخبت لاحقا عضوا فى لجنته المركزية، ورغم ذلك حرصت كل الحرص على بقاء الاتحاد النسائى مستقلا عن اى تنظيم سياسى، ولقد ساهم الاتحاد بالعمل الجماهيرى المنظم وعبر مشاركته فى جبهة الهيئات فى إسقاط الحكم العسكرى الأول فى اكتوبر عام 1964، وفى عام 1965 إنتخبت فاطمة عضوا فى البرلمان السودانى كأول نائبة برلمانية سودانية، وركزت من خلال عضويتها على المطالبة بحقوق المرأة والدفاع عن حقوق الطبقات الفقيرة، وأفلحت بمثابرتها ونشاطها الدؤوب فى تحقيق معظم الاهداف التى سعت إليها، ومنها حصول المرأة على حق العمل فى كافة المجالات بما فيها القوات النظامية، والحق فى الأجر المتساوى، وإلغاء بيت الطاعة ..إلخ، الذى أحياه مرة أخرى نظام الاخوان المسلمين عند استيلائه على السلطة فى عام 1989 !!


* واصلت فاطمة النضال خلال فترة الرئيس المخلوع نميرى (1969 – 1985 )، خاصة بعد اعدام زوجها المناضل العمالى وعضو الحزب الشيوعى (الشفيع أحمد الشيخ) فى يوليو 1971، رغم ما واجهتهه من تهديد بالسجن والقتل، ووضعها في الإقامة الجبرية لمدة عامين ونصف، عدا حالات الاعتقال المتكررة من قبل أجهزة الأمن.

* اضطرت لمغادرة البلاد عام 1990 بعد استيلاء (الاخوان المسلمين) على السلطة فى يونيو 1989، وواصلت نضالها في المهجر بتنظيم الندوات والتظاهرات وترتيب قافلات السلام لجنوب السودان وغيره، حتى لحظة رحيلها صبيحة الأمس السبت 12 أغسطس، 2017 .

* نالت فاطمة أوسمة كثيرة داخل وخارج السودان، واختيرت رئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي ( International Democratic Women’s Union )عام ،1991 وهى المرة الأولى التى تنتخب فيها امرأة من دول العالم الثالث رئيسة له، وفى عام 1993 حصلت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أما الوسام الأكبر الذى حصلت عليه خلال مسيرتها الناصعة، فهو حب واحترام كل الناس فى كافة بقاع الأرض!!

* رحلتى عن دنيانا يا فاطمة، ولكنك ستبقين فى قلوبنا الى الابد، وستظلين لنا القدوة والمثال الناصع فى الوطنية والشجاعة والنضال والصمود، والدفاع عن حقوق المظلومين!!

-----------------------
هيي أقيفن.. فاطنة فيكن ..
بقلم: البراق النذير الوراق


نشر بتاريخ: 14 آب/أغسطس 2017


رحم الله الشاعر المُبدع حُمّيد الذي تغنى لنعمة السودانية ورفع من مقامها وعزَّ مقدارها في أكثر من قصيدة، ورحم الله كل مُبدعي بلادي في شتى ضروب الفن والثقافة والمعرفة، فهم حاضرون بيننا بما صنعوه لوطنهم وما بذروه للأجيال من (تيراب وعي). على أن ثمَّة ضربٌ من الابداع جد مختلف، سارت إليه وبادرت به مع أخريات الرائدة الخالدة فاطمة أحمد رحمها الله وأنزلها المنزلة الحسنة، وهذا هو الاسم الذي يحلو لمحبيها وعارفي فضلها مناداتها به. فتثوير قضية المرأة كإنسان صاحب حقوق وواجبات في مجتمع لم يعِ لها دوراً بخلاف الإنجاب، هو ضربُ ابداعي مختلف بحق، لأنه يشبه ابداع المخترعين والمكتشفين، الذين لم يسبقهم لابداعهم أحد، ولم يرثوا مجدهم من آبائهم وذويهم بل صنعوه عنوة واقتدارا، ففاطمة التي نشأت في بيت عادي مثل بيوت أهل المُدن في السودان، أضحت (كوكب دُرِّي) للناس، والكوكب الدُرِّي في بعض التفاسير والمعاني هو كوكب مندفعٌ بالنور أو مضيء مبين وضخم. نعم، كانت فاطمة أحمد كوكب مندفعٌ بالنور ومضئ وضخم في كل لحظة من تاريخ حياتها، فمنذ نشأتها وهي مناضلة شرسة ضد كل أشكال تنميط المرأة وتدجين المجتمع، وليس أبلغ وأدلَّ على ذلك من موقفها بتحريض وتأليب الطالبات ضد مُعلمة المدرسة الانجليزية التي كانت تحاول جرَّهُن إلى التركيز على التدبير المنزلي والطبخ، وكما أوردت فاطمة نفسها عبر برنامج (رائدات) الذي بثته قناة الجزيرة في العام 2007، أن هذه المعلمة الانجليزية- كانت فاطمة طالبة في الثانوي- قالت لهن إن معشر البنات السودانيات غير مؤهلات ذهنياً لأي دراسة أخرى بخلاف الطبخ والتدبير المنزلي، وهنا قادت فاطمة أول اضراب نسائي في السودان وكان ذلك في العام 1949 بين طالبات مدرسة ثانوية، وهو ما اضطر المُعلمة الانجليزية للاعتذار وإرجاع كل الدروس من علوم وعلوم طبيعية ليدرسنها الفتيات. حوَّلت فاطمة قضية المرأة لقضية عامة تخص النساء والرجال معاً، وهذا من أبلغ الدروس المستفادة للحركة النسائية السودانية، وهو ما دعمها في خطتها لجعل المشاركة السياسية للنساء أمراً محسوماً لا جدال فيه، ورفع من مقدار النساء درجة في مجتمع كان ولا يزال يضعهن في موضع الهشاشة والاضطهاد والقهر. واستفادت فاطمة من المدرسة اليسارية في السودان، والتي تقوم في المبتدأ على عدم التسابق مع المجتمع أو انتظاره في الأمام، بل تسعى لأن تسوق هذا المجتمع خطوة بخطوة نحو ذلك (الأمام) وتعلمه وتتعلم منه، بحيث يصبح المجتمع مالكاً وفاعلاً في هذا العلم، لا مُجرد متلقي غير مُتفاعل.
ربما أخطأت فاطمة في تقدير بعض الأمور قليلاً، ولكنها أصابت في أمور أخرى كثيراً، ومن منا لا يُخطئ رجالاً كُنا أم نساء؟! وما بين الخطأ والصواب تجربة ثرَّة، تعلَّمت من خلالها النساء والفتيات معنى أن يكون لهن رأي، وأن يجادلن ويناقشن من أجل رأيهن هذا، وأن يخضن معترك الحياة ويتعلمن من دروسها.
بوفاة الأستاذة فاطمة انكسر مرق، ولكن بعد أن قامت شِعَبٌ وأعمدة تسند قفا هذا الوطن، وما أسعد فاطمة وقد رأت أن نضالها وعملها لم يضِع سُدى، وأن البنات بعدها خُضن غمار التعليم والعمل والمشاركة في حركة المجتمع في شتى المناحي، وقدمن نماذج مُشرِّفة يُشار لها بالبنان، فالنساء في بلادي انتزعن الحق في الحياة بمعناه الواسع، لا بالمعنى الذي يضعهن في موضع آلة تفريخ الأطفال؛ وعلى الرغم من أهمية هذا الدور، أي الدور الإنجابي للمرأة، إلا أن فاطمة وبنات جيلها جعلنه فرض كفاية إن قامت به بعض النساء فهذا لا يضير أخريات لم يقُمن به، ولا ينقص تجاوزه من كينونتهن شروى نقير، بل للأمومة دور محدود ضمن الطاقة الجبارة للمرأة، فهاهي فاطمة أحمد ابراهيم أم ووالدة، ولكن صيتها وشهرتها والحبر الذي دُلق عُقيب وفاتها ربط لماماً بينها وبين هذا الدور- أي دور الأم- وهذا دليل على أن طاقات النساء وعزيمتهن أكبر من أن تحدَّها الأمومة، وأبعد من ذلك إن كثيرات من النساء دلَّلن على أن معنى العزيمة والصبر والثبات يكاد أن يكون قد صُنع خصيصاً لمن كانت أُمَّاً وعاملة في نفس الوقت، ولنا أن نتخيل حجم الجهد الذي تقوم به المرأة العاملة الأُم، وللناظر أن يستشهد بالمجهود الذي تقوم به المرأة في المنزل في مجتمعاتنا التي لا زالت تقصر الأعمال المنزلية على النساء، وتحضرني في هذا لوحة هندية لامرأة لها أكثر من أثني عشر يد، تُبيَّن كيف أن المرأة تقوم بأكثر من دستة من الأعمال في المنزل في وقت واحد، ورغم هذا يأتي من يقول لك: المرأة غير العاملة! على أني زاعم بأن أكثر من 90% من النساء في هذا العالم هن عاملات بشكل أو بآخر، وبأجر وبدون أجر، وليبحث من أراد عن العطالة في مكان آخر.
رسالة أخرى رسَّخت لها فاطمة بين النساء السودانيات، وهي أن الاهتمام بسماحة الدماغ له قيمة لا تقل عن قيمة الاهتمام بسماحة الشكل، وكل ما زاد وعي المرأة، زادت وارتفعت قيمة الأول وعلت على الثاني، لذلك فإن عديدات من نساء بلادي انشغلن بسماحة الأدمغة بأكثر من انشغالهن بسماحة الوجوه، بل أكثرهن طفرن منتفضات عالمات وأديبات وإعلاميات وسياسيات ومعلمات للرجال والنساء، ولعل في هذا عظة لبعض الرجعيين وقصيري النظر كي يفهموا أن نبال النساء قد انطلقت من الأقواس، وأن كل محاولات ردَّها خائبة لا محالة، فهل من مُدَّكِر؟!

Post: #5
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-14-2017, 07:31 PM
Parent: #4

فضيلي جمّاع : هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فاطمة ؟!
August 14, 2017

هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فاطمة ؟!
فضيلي جمّاع
لماذا يعاندنا الحرف في وداعك يا نخلة سامقة على ضفاف نيل بلادي؟ ولماذا تعطينا الكتابة ظهرها إذ نتشبث بها لنبكيك مع الملايين من محبيك؟ مذ شق نعيك علينا صباح اليوم السبت، وأنا أحاول أن أصرخ ملء فمي عبر الكلمات. فقد حدثونا أن الكتابة أصدق ما تكون عندما نحب، وأنبل ما تكون عندما يفجعنا الموت في من نحب. لكن الحروف أعطتني قفاها وأنا أحاول رثاءك أيتها الشامخة مثل شجرة التبلدي في سهول كردفان.
أذكر الليلة بعض المحاط ، في المنفى الذي جمعنا حين ضاقت مليون ميل مربع أن تتسع لك وللملايين من بني بجدتك – أنت يا من حملت المليون ميل مربع في نبضك وطوفت بها قارات العالم السبع. محطات حفظتها الذاكرة. استعيدها زكية كلما جاء الكلام عن المرأة الرمز – أيقونة النضال – عنك يا فاطمة احمد ابراهيم.
خاطرة أولى: سوق آلبيرتون للخضر والفواكه شمال غرب لندن:
ذات يوم من بواكير فصل الصيف..والصيف جميل بدفئه وشمسه الساطعة في هذه البلاد الباردة، والممطرة طيلة أيام السنة. اذكر أنه عطلة نهاية الأسبوع ، حيث التسوق وزيارة الأصدقاء وحضور المناسبات أهم البرامج. قصدنا سوق آلبيرتون للخضر والفواكه – زوجتي وأنا وأطفالنا الثلاثة. سوق شعبي الملامح، وأكثر رفقاً بجيوب المساكين من مخازن ضخمة في الأحياء الفخمة تبيعك كل شيء وتسرق منك كل شيء! في آلبيرتون تباع الخضر والفواكه الطازجة. هنا يتسوق الفقراء – وبعض من تواضعوا لله من الأغنياء! وإذ نحن في طرف من أطراف السوق، يلفت نظرنا الثوب السوداني الذي لا يغباني ولا يغبى زوجتى. ثوب سوداني تشق صاحبته زحمة المتسوقين والمتسوقات من خليط الأمم واللغات وهي تحمل أغراضها. عرفتها ، فمن غيرها يؤم مواقع (الغلابا) والمساكين ويبتاع أغراضه بكل راحة بال. كانت فاطنة السمحة تقدل بثوبها السوداني الأنيق بين الأمم ، رسولاً لثقافة بلادها وعظمة شعبها. رفعت رأسها من بعيد –أظنّ أنّ الثوب السوداني من الطرف الآخر للسوق قد شد أنتباهها. لمحتني أبتسم ، ونحن نسعى صوبها. وبابتسامتها الساطعة الجميلة، هرعت إلينا ، حتى لتكاد تسقط أغراضها. عانقت زوجتي ، وطبعت قبلة على خد كل من الأطفال الثلاثة، ثم قالت وهي تضحك: ود حلال ..أمبارح كنا في سيرتك! أبديت لها إعجابي بتمسكها دائماً بالثوب السوداني – عنوان هويتها – أينما كانت! أسعدها امتداحي فيما يبدو ، حيث حكت لي كيف أنها في آخر زيارة تضامن لها لإخوتنا واخواتنا الجنوبيين في معسكرات اللجوء ببلد أفريقي شقيق، كانت السيدات الجنوبيات قد ذكرن لها حاجتهن للثوب السوداني الذي يميزهن عن سواهن. قالت – والحماس على قسمات وجهها: عشان كدة هسي بنجمع لبناتنا ديل في تياب ..ونرسلها ليهن! لم نكن ندري أننا – هي وأنا وكل الحالمين بوطنٍ حدادي ومدادي – كتب علينا أن نعيش فاجعة زمن المنفى والشتات وإعلان حرب داحس والغبراء علينا جميعاً وأغتصاب حرائرنا وجلدهن في عرض الطريق وتمزيق الوطن في وضح النهار أي ممزق! لم نكن ندري – هي وأنا والملايين من أبناء وبنات وطننا – أن الوطن وابتسامات أطفاله وأحلى أهازيج العشق في قراه ومدنه قد أشعل فيها النازيون الجدد ناراً .
أكثر ما لفت انتباهي في ذاك اللقاء احتفاؤها بأطفالي الثلاثة: البنت والولدين. كانت تسأل كلاً منهم من إسمه على حدة. ولا أنسى كيف أنها داعبت شيراز -أكبرهم- وقد كانت في العاشرة. أوصتها ألا تنسى بلادها الأصل. شيراز –اليوم يا فاطمة السمحة ، محامية في أحد المكاتب القانونية بلندن- وتفتقدك يا نصيرة المرأة. شق عليها الخبر صباح اليوم مثلما شق نعيك على الملايين من أبناء وبنات وطنك من كل الأجيال.
خاطرة ثانية: محطة إيجوير لقطار الأنفاق بقلب لندن:
أخرج ذات يوم شتائي بارد من قطار الأنفاق في إيجوير بقلب لندن لقضاء بعض الأغراض. مرة أخرى وأنا على الرصيف ، أرى فاطمة احمد ابراهيم – وقد غلبها ثقل سنوات العمر والغربة والحرقة على الوطن. أسرعت إليها . ناديتها من على البعد: أستاذة ! رفعت رأسها لتراني. حاولت أن تحث الخطى تجاهي. كان بادياً عليها الإعياء. الثوب السوداني الأنيق وقد غطى بعضاً منه معطف من الجلد ليقيها برداً ليس أكثر قسوة منه إلا وطن يطرد أمثالها. عانقتني ، والدمع يسيل من عينيها بغزارة. لن أنسى كلماتها التي عادت تطرق ذاكرتي اليوم وأنا أهيء نفسي لأبكيها بهذه السطور البائسة. قالت لي وكأنها ترجوني الحل:
– ما عايزة أموت هنا يا فضيلي يا ولدي! عايزة أموت في بلدي. في السودان وفي ام درمان!
كان ذلك قبل اكثر من عشر سنوات. حاولت أن أزجر الدموع التي اغرورقت بها عيناي. كنت أحاول أن أتمثل دور الرجل السوداني – الحائط القوي لبنات العم في وقت الشدة! وهل كان بوسعي؟
هل خانك الوطن يا فاطمة؟أم هنت علينا أنت وحرائرنا لتعودي إلى وطنك في كفن ؟ هل هانت علينا أنفسنا لنذكر محاسنك اليوم – نحن الذين من بؤس ثقافتنا نقول لأخيارنا عبارتنا الخائبة: الله لا جاب يوم شكرك!
اللهم إرحم فاطمة احمد ابراهيم. جاءتك نقية عفيفة اليد في زمن قطعان اللصوص والزناة في بلادنا. اللهم تقبلها عندك قبولا حسناً ، فليس أحنّ وأكثر رأفة بها منك يا رؤوف يا كريم.
فضيلي جماع
لندن- عشية السبت
12 اغسطس 2017.

-------------------------
فاطنة السمحة هاؤم اقرءوا كتابيه نداءًّّ لا خبر مع الخالدين
August 14, 2017
عبدالوهاب الأنصاري
*كأنني قد متُّ قبل الآن..
أَعرفُ هذه الرؤيا، وأَعرفُ أَنني
أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ.. رُبَّما
مازلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ
ماأُريدُ..
سأصيرُ يوماً ما أُريدُ..
محمود درويش ” الجدارية”
فاطمة أحمد إبراهيم تاريخ أنقى من قطراتِ العين، مسّكونة ببّذل سبّيل مسارب المعرفة، والوعي ومُهجّسه بألآلآم الفقراء، والمُهمشين، والبُسّطاء وغمار النّاس والسّابلة؛ بذّلت عمرها منذ صِّباها البّاكر في تنظيم الوعي، ونشّر الإستنارة؛ “تمشي وما بتطاطي/ وما بين بير وشاطي/ تطلع عالي واطي”.. سودانية الهّوى والهّوية متمسكة بإرثها سِّمة في “عصبية تناطح الجُلة؛ و متطلعة إلى حداثوية منافية الزلة”. صلبة في المواقف ثاقبة في الأراء السّديدة؛ باقية فينا ما بقي مجرى الدم.
فحَمّلت شُّعلة التنوير والوعي نبوءتهم خالدة لا تموت وإن ماتوا. فهمُّ خَلفّوا، ويُخلِّفوا شعوباً من قِيم حية، ووعياً سنا ناره لا تنطفيء هؤلاء الخُلصّ وفاطنة السّمحة مِنّهم” ربما يحرِمهم الجلاد شبابهم وثيابهم؛ ربما يسّطو على مِيراث أجدادهم من أواني وخوابي” رُبمّا ينفيهم، ويشّردهم، رُبمّا؛ ربُمّا … لكن يا “عدو الشّمس لنّ أسّاوم وإلى آخر نبض في عروقي. سأقاّوم؛ وأقاّوم” هكذا هم علىّ حّد قول شاعر المقاومة الفذ مرفوع القامة يمشي (سميح القاسم)
فاطنة السمحة؛ أم أحمد؛ سيرتك تشّرف و تاريخك نضيف وكفاحك الصّعب أيقونة كأنها مثيولجيا إغريقية؛ تتماهى معّ الطريق الشائك والوعر، الذي كان إختيارك وطريقك الذي إختطيه لحياتك النضالية الحافلة، متعرضة فيها لشتى أنواع الصِّعاب مع الجلاد، من سجّون وقطع أرزاق، وإعدام لرفيق دربك الشهيد القائد العمالي الفذ الشفيع أحمد الشيخ، وملاحقة، وإحتجاز ومنّفى إختياري بسبب المضايقات، حتى فاضت روحك الطاهرة؛ وما إستكنتي أو ليّنتي حاشا لله كنت دائماً طليعية، وقدامية، وكنداكة، ومعلمة أجيال، وأم الثوار من النِّساء والرجال ومدرسة قائمة بذاتها.
فاطنة السّمحة؛ مُناضلة شرسة من أجل قضايا الشعب السُّوداني ومصالحه، مع رفاقها وزملائها، بتنظيم وعي جموع فئاته العاملة وقواعده الشّعبية من الجُذّور، في منظمات ديمقراطية تقدمية، كانت لها الفضل في الإرتقاء بوعيه السياسي ومعرفتة بحقوقه وكيفية المطالبة بها وإنتزاعها، باذلين الأرواح والمهج ودفع كل ماهو غالي ونفَّيس من تضحيات بِلا مَّنٍ ولا أذى.
فاطنة السمحة أيقونة النماء والخير ودرء المسغبة بتنمية وعي شعبها ليحصد من البيدر سُنبلا وقمحا وتمّني..عطاءُك غير محدود الإطار ومؤطر بقيم ومبادئ متّفردة، نابعة من ميراث هذه الأرض الطيبة؛ إنسانة سامية، وبسيطة، وفاضلة، نموذج للإنسان السّوداني الشريف الذي وهّب حياته “لأجل الناس الطيبين والطالع ماشي الوردية وعشان أطفالنا الجايين”؛ بتجردٍ أخاذ ونكران ذاتٍ مُحاّل.
ولو كانت الحقوق مُصّانه في هذا البلد المُصّاب لنال كل ذيِّ حقاً حقه؛ و لنصب لفاطنة السمحة؛ نصباً رمزاً وقامة؛ ليُروي للأجيال جّهدك ونضالك في إثراء الشأن العام والتعاطي معه مثلك يا أم أحمد لا تخمد أصواتهم بنهاية عمّل الوظائف البيّلوجية والحيّوية لأجسادهم وإنما كتب لهم الخلود الأبدي فينا بمواقف مبدئية لاأنصاف حلول، وتركوا ذرية بعضها من بعضٍ والسُّكون لأجسادهم حركة دينامك؛ لا تعرف السّكون فلك الخلود هنا؛ فأنت لا يحتويك قبر أو يحد من تمددك فينا موت.
أم الشعب فاطنة السمحة سلام وتحية..كان الوجع الشخصي عندك هو وجع شعبك ووجع وطنك الذي بادلك الحب، بحيث لا تسطيع أن تجد له حدأو فاصل بيّن الخاص والعام كانت متلبسة ومهجسة بالوطن حتى نخاع العظم ومشارف الروح.
سيرة مليئة بالصمود والفكر الثاقب..
*ولدت فاطمة أحمد إبراهيم 1933 في الخرطوم/السّودان، ونشأت في أسرة متعلمة ومتدينة. كان جدها لأمها ناظراً لأول مدرسة للبنين بالسودان وإماماً لمسجد، والدها تخرج في كلية غردون معلماً أما والدتها فكانت من أوائل البنات اللواتي حظين بتعليم مدرسي نظامي. لقد بدأ وعي فاطمة إبراهيم السياسي مبكراً نتيجة للجو الثقافي العائلي وتعرض والدها من قبل إدارة التعليم البريطانية للإضطهاد لرفضه تدريس اللغة الإنجليزية فإضطرللإستقالة من المدرسة الحكومية والتحق بالتدريس بالمدرسة الأهلية.
كان لفاطمة من فترة تعليمها في مدرسة أم درمان الثانوية العليا نشاطات عديدة منها تحرير جريدة حائط بإسم “الرائدة” حول حقوق المرأة والكتابة في الصحافة السودانية (بإسم مستعار) وقيادة أول إضراب نسائي بالسودان تطالب فيه بعدم حذف مقررات المواد العلمية في تلك المدرسة وعدم إستبدالها بمادة التدبير المنزلي والخياطة وكان إضراباً ناجحاً أدى إلى تراجع الناظرة في قرارها وهنا بدأت الإنخراط في النضال السياسي ضد الإستعمار. في عام 1952 ساهمت في تكوين الإتحاد النسائي مع مجموعة من القيادات النسائية الرائدة التي كونت رابطة المرأة المثقفة في عام 1947 وأصبحت عضواً في اللجنة التنفيذية، كما فتحت العضوية لكل نساء السودان وتم تكوين فروع للإتحاد في الأقاليم مما خلق حركة نسائية جماهيرية واسعة القاعدة.
من المطالب الإتحاد النسائي كما جاء في دستوره المعدل عام 1954 حق التصويت وحق الترشيح لدخول البرلمان وحق التمثيل في كل المؤسسات التشريعية والسياسية والإدارية على قدم المساواة مع الرجل، الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي والمساواة في فرص التأهيل والتدريب والترقي، محو الأمية بين النساء، توفير فرص التعليم الإلزامي المجاني، توفير فرص العمل وتحويل المرأة إلى قوة منتجة، تحديد سن الزواج بحيث لا يسمح به قبل سن البلوغ، إلغاء قانون الطاعة وغيره.
وبسبب هذه المطالب وبالأخص المطالب السياسية، حق التصويت وحق الترشيح، تعرض الإتحاد النسائي لهجوم كاسح من قبل جبهة الميثاق الإسلامي بحجة أن الإسلام لا يسمح بمساواة المرأة وإنخراطها في السياسة.
تسلمت فاطمة في يوليو 1955 رئاسة تحرير مجلة صوت المرأة الصادر عن الإتحاد النسائي ولعبت المجلة دوراً رائداً في مقاومة الحكم العسكري الأول.
في عام 1954 إنضمت فاطمة للحزب الشيوعي السوداني وبعد فترة دخلت اللجنة المركزية. فالحزب الشيوعي السوداني هو أول حزب كون في داخله تنظيماً نسوياً وذلك عام 1946.
في رئاستها للإتحاد سنة 1956 – 1957 حرصت فاطمة على المحافظة على إستقلال الإتحاد النسائي من أي نفوذ حزبي أو سلطوي ولضمان تحويل المنظمة إلى منظمة جماهيرية واسعة القاعدة.
إشتركت المرأة السودانية بقيادة إتحادها في المعركة ضد الأنظمة الدكتاتورية علناً وسراً وإشتركت في ثورة أكتوبر 1964 التي أطاحت بالحكم الدكتاتوري وإصبح الإتحاد النسائي عضواً في جبهة الهيئات التي نظمت ثورة أكتوبر ونالت المرأة حق التصويت والترشيح. وفي إنتخابات عام 1965 أُنتخِبت فاطمة عضواً في البرلمان السوداني وبذلك تكون أول نائبة برلمانية سودانية. ومن داخل البرلمان ركزت على المطالبة بحقوق المرأة وما أن حل عام 1969 حتى نالت المرأة السودانية حق الإشتراك في كل مجالات العمل بما فيها القوات المسلحة وجهاز الشرطة والتجارة والقضاء، المساواة في فرص التأهيل والتدريب والترقي، والحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي، حق الدخول في الخدمة المعاشية، الحق في عطلة الولادة مدفوعة الأجر، إلغاء قانون المشاهرة (عقد العمل الشهري المؤقت)، إلغاء قانون بيت الطاعة.
بالرغم من الملاحقات والمضايقات للإتحاد النسائي من قبل الحكومات العسكرية واصلت فاطمة العمل سرياً برغم التهديد والسجن وما أصابها على النطاق الشخصي عندما قام الطاغية نميري بإعدام زوجها القائد النقابي الشهير الشفيع أحمد الشيخ سنة 1971 ووضعها في الإقامة القسرية لمدة عامين ونصف، عدا حالات الإعتقال المتكررة من قبل أجهزة الأمن.
اضطرت لمغادرة البلاد عام 1990 وواصلت نضالها في المهجر بتنظيم الندوات والتظاهرات وترتيب قافلات السلام لجنوب السودان وغيره. ونالت فاطمة أوسمة كثيرة داخل وخارج السودان وأختيرت رئيسة للإتحاد النسائي الديمقراطي العالمي International Democratic Women’s Union عام 1991 وهذه أول مرة تُنتخب فيها إمرأة عربية أفريقية مسلمة ومن العالم الثالث له. وعام 1993 حصلت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان UN Award.
من مؤلفاتها:
سيرة كفاح المناضلة فاطمة احمد ابراهيم ..
ولدت فاطمة أحمد إبراهيم 1933 في الخرطوم/السودان، ونشأت في أسرة متعلمة ومتدينة. كان جدها ناظراً لأول مدرسة للبنين بالسودان وإماماً لمسجد، والدها تخرج في كلية غردون معلماً أما والدتها فكانت من أوائل البنات اللواتي حظين بتعليم مدرسي. لقد بدأ وعي فاطمة إبراهيم السياسي مبكراً نتيجة للجو الثقافي العائلي وتعرض والدها من قبل إدارة التعليم البريطانية للاضطهاد لرفضه تدريس اللغة الإنجليزية فاضطرللاستقالة من المدرسة الحكومية والتحق بالتدريس بالمدرسة الاهلية.
كان لفاطمة من فترة تعليمها في مدرسة ام درمان الثانوية العليا نشاطات عديدة منها تحرير جريدة حائط باسم “الرائدة” حول حقوق المرأة والكتابة في الصحافة السودانية (باسم مستعار) وقيادة أول إضراب نسائي بالسودان تطالب فيه بعدم حذف مقررات المواد العلمية في تلك المدرسة وعدم استبدالها بمادة التدبير المنزلي والخياطة وكان إضراباً ناجحاً أدى إلى تراجع الناظرة في قرارها وهنا بدأ الانخراط في النضال السياسي ضد الاستعمار. في عام 1952 ساهمت في تكوين الاتحاد النسائي مع مجموعة من القيادات النسائية الرائدة التي كونت رابطة المرأة المثقفة في عام 1947 وأصبحت عضواً في اللجنة التنفيذية، كما فتحت العضوية لكل نساء السودان وتم تكوين فروع للاتحاد في الأقاليم مما خلق حركة نسائية جماهيرية واسعة القاعدة.
من المطالب الاتحاد النسائي كما جاء في دستوره المعدل عام 1954 حق التصويت وحق الترشيح لدخول البرلمان وحق التمثيل في كل المؤسسات التشريعية والسياسية والإدارية على قدم المساواة مع الرجل، الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي والمساواة في فرص التأهيل والتدريب والترقي، محو الأمية بين النساء، توفير فرص التعليم الإلزامي المجاني، توفير فرص العمل وتحويل المرأة إلى قوة منتجة، تحديد سن الزواج بحيث لا يسمح به قبل سن البلوغ، إلغاء قانون الطاعة وغيره.
وبسبب هذه المطالب وبالأخص المطالب السياسية، حق التصويت وحق الترشيح، تعرض الاتحاد النسائي لهجوم كاسح من قبل جبهة الميثاق الإسلامي بحجة أن الإسلام لا يسمح بمساواة المرأة وانخراطها في السياسة.
تسلمت فاطمة في يوليو 1955 رئاسة تحرير مجلة صوت المرأة الصادر عن الاتحاد النسائي ولعبت المجلة دوراً رائداً في مقاومة الحكم العسكري الأول.
في عام 1954 انضمت فاطمة للحزب الشيوعي السوداني وبعد فترة دخلت اللجنة المركزية. فالحزب الشيوعي السوداني هو أول حزب كون في داخله تنظيماً نسوياً وذلك عام 1946.
في رئاستها للاتحاد سنة 1956 – 1957 حرصت فاطمة على المحافظة على استقلال الاتحاد النسائي من أي نفوذ حزبي أو سلطوي ولضمان تحويل المنظمة إلى منظمة جماهيرية واسعة القاعدة.
اشتركت المرأة السودانية بقيادة اتحادها في المعركة ضد الأنظمة الدكتاتورية علناً وسرياً واشتركت في ثورة أكتوبر 1964 التي أطاحت بالحكم الدكتاتوري واصبح الاتحاد النسائي عضواً في جبهة الهيئات التي نظمت ثورة أكتوبر ونالت المرأة حق التصويت والترشيح. وفي انتخابات عام 1965 انتخبت فاطمة عضواً في البرلمان السوداني وبذلك تكون أول نائبة برلمانية سودانية. ومن داخل البرلمان ركزت على المطالبة بحقوق المرأة وما أن حل عام 1969 حتى نالت المرأة السودانية حق الاشتراك في كل مجالات العمل بما فيها القوات المسلحة وجهاز الشرطة والتجارة والقضاء، المساواة في فرص التأهيل والتدريب والترقي، الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي، حق الدخول في الخدمة المعاشية، الحق في عطلة الولادة مدفوعة الأجر، إلغاء قانون المشاهرة (عقد العمل الشهري المؤقت)، إلغاء قانون بيت الطاعة.
بالرغم من الملاحقات والمضايقات للاتحاد النسائي من قبل الحكومات العسكرية واصلت فاطمة العمل سرياً برغم التهديد والسجن وما أصابها على النطاق الشخصي عندما قام الطاغية نميري بإعدام زوجها القائد النقابي الشهير الشفيع احمد الشيخ سنة 1971 ووضعها في الإقامة القسرية لمدة عامين ونصف، عدا حالات الاعتقال المتكررة من قبل أجهزة الأمن.
اضطرت لمغادرة البلاد عام 1990 وواصلت نضالها في المهجر بتنظيم الندوات والتظاهرات وترتيب قافلات السلام لجنوب السودان وغيره. ونالت فاطمة أوسمة كثيرة داخل وخارج السودان واختيرت رئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي International Democratic Women’s Union عام 1991 وهذه أول مرة تنتخب فيها امرأة عربية أفريقية مسلمة ومن العالم الثالث له. وعام 1993 حصلت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان UN Award.
من مؤلفاتها:
حصادنا خلال عشرين عاماً-
ـ المرأة العربية والتغيير الاجتماعي
ـ حول قضايا الأحوال الشخصية
ـ قضايا المرأة العاملة السودانية
ـ آن آوان التغيير ولكن!
ـ أطفالنا والرعاية الصحية
ـ حصادنا خلال عشرين عاماً
خطت نقوشاً على الصخر تُوفي نذور الحب للأرض بذورا؛ بعشقها لها ولإنسانها المقهور الذي ظلت منحازة لفقراءه؛ ومضطهديه بلا أدنىّ أدنيّ تردد أو ذرة خِشّية؛ وبادلها شعبها حباً بحبٍ فعرفها وعرفته، حيث ألفته وألفها دون تكلّف أورِيّاء؛ بسيطة حد الدهشة وعميقةً عُمق صوفي مسّتغرق لم يُنقّص قليلاً من نصف ليلٍ غاسًق جاثيا على منكبيه مُسْتّسقٍ؛ حتى إذا وثّنت الأرض تنتظم البلاد لا إنفراد كان مسبتشراً.
قناعة حدها الغِّنى، وحضور طاغي يستحوذك من بسّاطته، وأريحيتّه، وبشّاشته، وأنسّه، وطَّلق محياه سيل من العواطف الإنسانية تنساب متسامية في أجلى مضامينها، وأنصع معانيها، وجلي نفائسها..
فاطنه السمحة ىسنبلة وقمحا؛ دمعي هامي وقلبي دامي، وهذا حال كل شرفاء بلادي فأي كلماتٍ، تصِّف وأي حروفٍ تُنصِّف.. وإنا لمحزُنون..
خالص التعّازي، لأبنها أحمد ولأسرتها الممتدة، فرداَ فردا ولأصدقائها وجيرانها وعارفي فضلها جميعاً، ولجميع أفراد الشعب السّوداني العظيم، الذي أحبته وأحبها ولكل شرفاء العالم ومحبي الخير، وللحزب الشيوعي السّوداني.
اللهم أبسط على مرقدها شبآيب الرحمة راضيةً مرضية وأكرمها من كثير رحمتك التي تسّع كل شيء، وأنر قبرها من نورك الذي ليس كمثله نور؛ وآنس وحدتها، وأمن روعتها، وأجعل قبرها روضة من رياضِ الجنة, وأعف عنها إنك العفو الكريم، لأنها كانت إنسانة بحجم أمة ومساحة وطن ؛ وهبة عمرها في سبيل المساواة والعدالة الإجتماعية، و كانت عنيدة في الحق، كارهة للظلم الذي حرمته تعالى على نفسّك وجعلته محرماً بين عبادك؛ إنك سميع مجيب الدعاء.
توسدي بسلام تراب أرضك الذي أحببت.. سلام عليك في الخالدين.

Post: #6
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-14-2017, 07:39 PM
Parent: #5

أيام مع فاطمة احمد ابراهيم .. وعزاء لعموم النساء ولتراب الوطن .
. بقلم: عواطف عبداللطيف

نشر بتاريخ: 14 آب/أغسطس 2017

عواطف عبداللطيف
اعلامية وناشطة اجتماعية قطر
[email protected]

نشأت فى اسرة متعلمة سياسية ومتدينة جدها لامها أول ناظر لاول مدرسة بنين اولية بمدينة الخرطوم بميدان ابي جنزير فالحق امها واخواتها بمدرسة البنين لعدم وجود مدرسة بنات بالعاصمة فالوحيدة انشاها صديقه الشيخ بابكر بدري بمدينة رفاعة قالت بعد ان اكملت امي المدرسة الاولية الحقها بالارسالية الانجليزية الوسطى للبنات وهكذا اصبحت اول فتاة سودانية تتعلم اللغة الانجليزية وكان والدي وامي يديران نقاشا بينهما حول الاستعمار وسياساته ونحن من حولهما نسمع .. وفي صباح يوم اقتحم رجال الامن منزلنا واجروا تفتيشا مكثفا واعتقلوا شقيقي صلاح الذي كان تلميذا في المدرسة الاوسطى بتهمة توزيع منشورات تدعو للنضال ضد المستعمر واطلق سراحه لصغر سنه .. وفيما بعد علمنا ان شقيقي الاكبر مرتضى عضوا بالحزب الشيوعي وهذا ما دفعني للاهتمام بالحزب خاصة انني كنت معجبة بالدكتورة خالدة زاهر اول فتاة تدخل الطب واول من انتمت للحزب ولمنظمة السلام بالاضافة الى ان تجارة الرقيق واختطاف الامهات من بين اطفالهن اثرت علي نفسي ومشاعري منذ طفولتي فادركت ان العمل السياسي هو الطريق الوحيد للقضاء علي الاضهاد العنصري والجنسي ضد النساء ..
خرجت من السودان الى بريطانيا العام 1990 م لاجراء عملية جراحية رتبها اخوى مرتضى وصلاح .. وبقيت فاطمة في بلاد الضباب لاكثر من اربعة عشر عاما كنت اتردد عليها بشقتها المتواضعة لطالبي اللجوء السياسي بلندن كلما حللت هناك .. عاشت لوحدها تعانى الام الغربة رغم التفاف الكثيرين حولها وابنها الوحيد المقيم بعيدا في احد المدن البريطانية يزورها من وقت لاخر بحكم عمله كطبيب .. كنا نحادثها عن هموم الوطن وضرورة عودتها فى ظل مبادرة الرئيس البشير ودعوته بعودة المعارضة للسودان واجراء محادثات مع كافة القوى السياسية فى الداخل والخارج ، و رحبت وقتها المناضله بهذه الاطروحات وبمناخ الحوار السياسي الذى اعلنته الحكومة انذاك وقالت خلال حوار صحافي اجريناه معها لصحيفة الشرق القطرية " انها ترحب بهذه الدعوة لنعود لوطننا لنمارس نشاطاتنا من هناك " ونفت بشدة نيتها اعتزال العمل السياسى قالت :هذا هو الاختبار العملي لمصداقية الحكومة مضيفة " ما اصعب الغربة والبعاد عن الوطن والاهل خاصة عندما يكون مفروضا عليك وليس اختياريا وان غالبية الشباب السودانى المقيمين فى بريطانيا هم من الجيل المثقف والمتعلم والمؤهل يريدون العوده للسودان وهم لا ينوون البقاء فى بريطانيا طويلا اذا تحسنت الاوضاع السياسية والاقتصادية فى الوطن .. ومن خلال تواجدنا فى لندن التقينا السفير الشهم المثقف الدكتور حسن عابدين سفير السودان فى لندن فى تلك الفترة وفاتحناه فى المسالة مبديا سعادته الكبيرة بعودتها للسودان وكافة ابناء الوطن مؤكدا بانه سيوفر كل التسهيلات لعودتها معززة مكرمة .
قالت فاطمة :اهل السودان بطبيعتهم متعتهم الحديث فى السياسة يتداولون سيرتها في لقاءاتهم يختلفون حولها كثيرا حتى داخل البيت والاسرة الواحدة ولكنهم يتواددون ويلتقون بمحبة فى مناسباتهم الاجتماعية وذكرت ان اسرتها بامدرمان (وكنت جارة لهم في بداية حياتي الزوجية) كلما اتصلوا يقولون يا فاطمة امسكي دموعك وهم يحكون لي احد فصول محبة السودانيين بعضهم بعضا رغم الاختلافات السياسية البغيضة قالوا لها ان دكتورة مريم الصادق المهدي جاءتهم بالدار وطلبت ان تكون عضوا في لجنة تنظيم الاحتفاء بعودتها للوطن .. فبكت فاطمة وكفكفت دموعها باطراف طرحتها المطرزة " بفن الكروشيلي الذي تتقنه نساء ام در " والتي كانت حريصة على ارتدائها مع شنطة " تشبه المخلايا .. تدرعها على عنقها " وهي متحركة من مكتبة لمكتبة وسط زحام لندن ..

سالتها كيف تتغلبين على هذه الاوجاع العاطفية قالت " انني منهمكة في نشاط متواصل داخل بريطانيا وخارجها بحيث لا اترك لنفسي فرصة اجترار الاسى والالم الغربة ومعاناة الشعب السوداني وبخاصة الاطفال والنساء " الغربة مرة " واطفال الجنوب بالذات الذين نراهم في نشرات الاخبار كالهياكل العظمية " وفي كثير من الاوقات وانا راجعة من احدى المكتبات الكبيرة اتوه فيصادفني احد الشباب السوداني " زي وليدي عامر وليد شامة دي " ويوصلني للسكن ..
في بدايات ثورة الانقاذ جاءت فاطمة لدار الصحافة بشارع علي عبداللطيف وكان احد المحررين يجلس بالاستقبال وحينما دلفت طلب منها بطاقتها الشخصية فقالت له " هم الزيكم ديل لسع قاعدين في بوابات الاعلام " كناية عن ما كان يطلق عليهم " سدنة مايو " وتصادف ذلك ووصول الصحفيين للدار بالترحيل الجماعي .. ضمنهم طيب الذكر توفيق صالح جاويش رئيس قسم الاخبار الداخلية فقال له " انت فعلا مكانك ليس الاعلام كيف توقف هذه الشامخة بل تتجرأ بسؤال بطاقتها ففاطمة هي السودان وهي الوطن .. ومن يومها كان ذلك المحرر يخجل ان يأتي زملاؤه بهذه السيرة ولجهله لهذه الشخصية الثورية المناضلة لاجل انسان الوطن .. ويبدو انني وقعت ايضا في المحظور فخلال لقائي بها بصالة الترانزيت بمطار الدوحة وهى عائدة للسودان قلت لها يا فاطمة لماذا لا تحولين منزل الاسرة بامدرمان لجمعية خيرية تنخرطين فيها بعيدا عن السياسة التي ارهقت كاهلك فاكتفت بقول " دي كلام شنو يا عواطف " فسكت عن اكمال قصة اثنائها ولو قيد انملة عن قناعاتها الراسخة فهي كجبل الطود تنوم لتصحوا علي قناعتها ومبادئها حتى فارقت هذه الزائلة اول امس .
وفي ردها علي سؤال ابدت اعجابها الكبير بجهود سمو الشيخة موزا بنت ناصر حرم سمو امير قطر وقالت انها تقود حراكا ملموسا في الداخل والخارج لتطوير التعليم وتعزيز دور المراة قالت " انني اشيد بمجهودات الشيخة موزا لتطوير التعليم وتعزيز دور المراة في بلادها وبالتاكيد هي مؤهلة لوضع القوانين وتوفير الامكانيات لنشر التعليم وتطوير مستواه ومنح المراة حقوقها وتمكين استحقاقاتها في اقصر مدة .. وتضحك .. أما نحن فلنا الله كلما حققنا مكاسب بالجهد والعرق تاتي حكومة عسكرية وتطيح بكل ما حققناه ولا يفوتني ان اتقدم بوافر الشكر لجريدة الشرق التي اتاحت لي الفرصة العظيمة لاساهم في مناقشة بعض قضايا الوطن (نشر التحقيق بتاريخ 10 ديسمبر 2003 م كتبت تفاصيله بخط يدها الانيق بورق فلسكاب ما زلت احتفظ به ) .
في شقتها بلندن كانت تحتفظ بصندوق انيق قالت لي ان علي بن علي في كل رمضان يرسل لها رطب تونسي ذو رائحة وطعم ذاكي يكفي كل صديقاتي وجاراتي وزواري لفطور رمضان .. وفي ذلك اللقاء اهديتها كتابي الاول ( احب عطر امي ) وقد وعدت بتلخيصه لاحقا والححت عليها لزيارتنا بالدوحة في طريقها للخرطوم لقضاء ايام كاطلالة على نهضة قطر وتنميتها البشرية وعمرانها وربما لتري بأم عينها النهضة التعليمية وما كانت تحلم به للسودان والدول العربية والافريقية خلال رحلة كفاحها كاول سيدة من افريقيا والشرق الاوسط تدخل البرلمان بل اول من انتخبت كرئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالم عام 1991م وكان هدفها الاساسي دخول بوابة العمل السياسي حماية لحقوق المراة ومساواتها بالرجل في كافة الحقوق والواجبات دون تمييز وقد تمكنت من تمرير قوانين وانظمة حقوق النساء المساوية للرجال والحقوق الخاصة بالاحوال الشخصية مما اهل الاتحاد النسائي السوداني لنيل جائزة الامم المتحدة لحقوق الانسان 1993 م وبذلك كان أول تنظيم نسائي في العالم ينال تلك الجائزة .. وفاطمة كانت اول سيدة سودانية تحاكم امام محكمة طواريء عسكرية ايام حكم مايو بعد اعدام زوجها المناضل الشفيع احمد الشيخ وقالت خلال ذلك التحقيق الصحفي المطول معها " انني مقتنعة منذ طفولتي بان العمل السياسي هو الطريق الوحيد للقضاء على الاضهاد والعنصرية ضد المراة وان الاسلام لا يمنع اشتغال النساء بالعمل السياسي ووالدها خريج كلية غردون وعمل اماما لمسجد بامدرمان .
وبعد ذلك اللقاء الذي كانت تستعد فيه للعودة للسودان بعد اكثر من اربعة عشر عاما قضتها بعاصمة الضباب بضغط من الاسرة خوفا على صحتها ولمعرفتهم انها لا تسكت عن الحق وتبحث عن الحقوق للاخرين كانت تقضي جله بين المكتبات ومطالعة الصحف والمجلات وحضور الندوات السياسية والثقافية و ساعات طويلة بمكتبة الكونجرس عشقها الكبير للقراءة والتوثيق والاستزادة من كنوز المعرفة التي لا تنضب ولتكسير ضبابيات الغربة والشجن للاهل ..
وفي يوم عبورها اجواء قطر في طريقها للخرطوم بعد اقل من شهر من ذلك اللقاء اخذت نسختين من جريدة الشرق وذهبنا لمطار الدوحة حوالي السادسة صباحا طلبنا مقابلة مدير المطار سعادة العميد ناصر المالكي بمكتبه وقدمت له الجريدة وقلت نريد مقابلة هذه الشخصية بصالة الترانزيت .. وقبل ان اكمل تعريفي لشخصها قال لي لا احتاج لوثيقة اثبات لطلبكم انتم السودانيين ثقة ونعرف اهتمامكم بالسياسة وكرمكم للضيوف وطلب من احد الضباط جزاءه خيرا ايصالنا لصالة الترانزيت . ذلك التصريح ربما كان اول تصريح وقتي وشفاهة وباريحية من سعادة العميد ناصر فان تقابل شخص بصالة الترانزيت ليس بالامر الهين إن لم تكن الثقة وقدرات صاحب القرار وتقديره لشخصنا الضعيف .. وفعلا قضينا معها ساعتين حتى موعد اقلاع طائرة الخطوط الجوية القطرية متمنين لها رحلة للوطن دون عودة لمرابع اللجوء والاغتراب عن الحضن الدافيء الذي تعشقه وتربت على اصوله وترابه ..
ولكن يبدو ان روحها الشفيفة وايمانها القاطع بضرورات احترام الحريات وادمية الانسان وتطلعها الوجداني النضالي ان تذوب الفوارق وتلتحم الشعوب وان يحل السلام الاجتماعي ربوع الوطن لم يتحقق لها كاملا رغم رحلتها الطويلة المرهقة ففاضت روحها والتي ارهقتها الهموم والامال بين جنبات بلاد تموت من البرد حيتانها وضبابها يحجب الرؤية الا من ولد بقلب سليم وطموحات تناطح السحاب وفكر متقد انحاز كاملا لحقوق النساء والاطفال حيث كان حلمها ان ترى السودان بقعة ضوء يحقق امال شعبه المشتت في بقاع الارض ويلملم اطرافه من النزاعات ويرتاح من الحروب وتسير مقاديف التنمية للامام والتي وحدها تحقق الرفاهية والاستقرار.
" فاطمة " صفحة حياتها مليئة بمحطات كثيرة وهي امراة عاطفية حنونة دمعتها علي اطراف مقلتيها رغم صرامتها وجديتها في رحلة الكفاح السياسي وقناعاتها الراسخة بحقوق الانسان وحريته .. لماحة لا يمل الانسان الحديث معها وذاكرتها متقدة وكثير من حكاويها فيها تلميح والهام بان ابن السودان بار باهله وعشيرته مهما تسنم المقاعد العليا ذكرت لي والدموع في اعينها انها حبست في احد السجون في عهد الرئيس نميري " طيب الله ثراه " وفي الصباح الباكر سمعت بغرفتها ( الزنزانة ) خشخشة ماكريفونات فقالت " بحسي عرفت انه لقاء جماهيري للرئيس نميري فطلبت من الحارس ان اخرج لخارج الغرفة لاني اشعر بضيق في التنفس لم يتردد لحظة فاخرجني ووقف بعيدا عني واعطاني ظهره هكذا هو السوداني لم يشاء ان يضايقني .. وحينما تاكدت ان اللقاء بالساحة المجاورة للزنزانة اخذت طوبة طوبة وضعتها فوق بعض وارجع حيث اقف .. وبمجرد ان بدأ الريس حديثه الجماهيري " صوت ابوعاج ما بغباني " تسلقت الحائط على الطوبات وهتفت ضده بأعلي صوتي وقبل ان ادخل لزنزانتي جاءت مجموعة من الضباط لان الريس سأل ( من جاء بهذه هنا .. الان افرجوا عنها ) وتضحك .. كان هذا اسرع اخلاء لسجينة وطلبت من اخواني الضباط ألا يعاقبوا الحارس لاني غافلته .. وكثير من الضباط ساعدوني ربما اعلن اسماءهم لاحقا ) .
فاطمة قصة حراك دائم شعلة ضوء لم تنام ملء جفونها دون ما تراه استحقاقا للجميع ذكرت لي خلال ازمة البترول المشهورة حيث الخرطوم تعاني ضائقة شديدة فجاءت لاحد محطات الوقود وتخطت الصفوف الطويلة واوقفت سيارتها جوار "خرطوم البنزين " فاذا مجموعة من الرجال يحتجون بانهم نائمين بجوار سياراتهم فكيف تاتي لتصب بنزين بهذه الطريقة لم ترد عليهم بل تسلقت سقف سيارتها وهتفت باعلي صوتها ( تسقط تسقط حكومة نميري ) فهرب من هرب وتجمهر حولها من ملك جراة وحينما عرفها البعض الح عليها ان تواصل هتافها واصر اخرين ان تكمل تعباة سيارتها فضحكت وقالت لهم هذه هي الطريقة القصيرة والناجحة لمعالجة الامور كلها ومن جذورها ..
رحم الله " فاطمة السمحة " التقية الورعة .. الشامخة النقية شجرة النخيل الباسقة أم المناضلين واخت الشعراء .. فلم تكن فاطمة بنت احمد ابراهيم فردا انما وطن "حدادي مدادي" نامي في علياك مع الصديقين والشهداء فالاشجار في بلادي لا تموت إلا واقفة بعد ان تكون قد نثرت رحيقها المعبق برائحة الياسمين وادفقت النخيلات الدفيق للصغار والرطب للكبار .. لا تموت اشجار بلادي إلا بعد ان تكون قد ادفقت ثمارها اليانعة لغذاء وكساء اهلنا الغبش الميامين ليكون لهم غدا افضل ولكل اطفال الشوارع والمشافي وتحت الالحفة وكل من ذرف الدموع لأجلهم وبين مفاصل حكايات نضالك بمضابط اجتماعات البرلمانات العربية والدولية خلال مشاركاتك النيرة في دول العالم قصة انسانة عاشت للاخرين .. والعزاء متصل لاهلنا الغبش اللذين حفظوا حكايات امنا فاطمة السمحة والتي ادخلت لقلوبهم الفرح لانك منهم ولهم .. وسيبقي العزاء متصل الي نساء الارض فردا فردا والى حبيبات تراب الارض وبقاع اينما حللتي منذ ان حفرتي دروب للنضال .. وانا لله وانا اليه راجعون .

Post: #29
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-21-2017, 07:05 PM
Parent: #6


فاطمة دغرية وديل الحرامية.. ولا تأدب في حضرة القتلة واللصوص!

رشا عوض

شيع السودانيون الرائدة النسوية والمناضلة السياسية الكبيرة فاطمة أحمد إبراهيم يوم الأربعاء الماضي في موكب يليق بتاريخها ومكانتها.

رحلت فاطمة تاركة بصماتها وسيرتها في مسيرة الحركة النسوية والوطنية التي تمثل فصلا من فصول الكفاح السوداني النبيل في مخاض التأسيس لوطن ناهض متقدم، ولم أجد في مقام وداعها أبلغ من العبارة التي صاغها الكاتب المتفرد الأستاذ كمال الجزولي في مقالته المعنونة: فاطمة في تلويحة الوداع الأبدي: “إنْ استعرنا في وداعها، بتصرُّف، عبارة محمَّد المكِّي إبراهيم في رثاء محمَّد المهدي المجذوب، جاز لنا أن نقول: برحيل هذه القائدة الفذَّة، والإنسانة العظيمة، “ينفصل الجَّمر عن صندل الكفاح النِّسائي”، حيث ظلت تمثِّل، دائماً، عطره وطعمه اللذين لا يدانيهما عطر أو طعم”..

كافحت فاطمة في هذا المعترك من منصة “الحزب الشيوعي السوداني” وهو قلب اليسار في السودان إذ شكل منذ منتصف الأربعينات مركز الريادة في مجال بناء حركة سياسية جديدة بأفكار وأهداف وقاعدة جماهيرية غير تقليدية، وهذا ما يسميه الاستاذ عبد العزيز حسين الصاوي”ميلاد السياسة المفَكِّرة”، وفي هذا السياق اجتذب هذا الحزب غالبية أو أكثرية حداة التغيير الاجتماعي والسياسي في البلاد، وعلى هذه الخلفية يمكننا فهم السبب في ان غالبية رائدات الحركة النسوية السودانية شيوعيات، وفي مقالة لاحقة سوف أتناول الدور الريادي للراحلة فاطمة أحمد إبراهيم وإنجازاتها الكبيرة، وما أثاره منهجها في قضية تحرير المرأة من جدل كثيف بين من يرونها تمثل نظرة تقليدية محافظة وبين من يعتقدون أن منهجها كان وما زال الأوفق في هذه القضية.

أما هذه المقالة فأخصصها “لمحاولة الاختطاف المعنوي” لجنازتها التي خطط لها النظام وتواطأ معه بعض أفراد أسرتها، لكن روح فاطمة أبت إلا أن تلهم مشيعيها هتافا عاليا طاردا من مأتمها نائب البشير ورئيس وزرائه بكري حسن صالح، ووالي الخرطوم عبد الرحيم محمد حسين ووالي شمال كردفان أحمد هارون، والاخيران مطلوبان لمحكمة الجنايات الدولية.

بدأت محاولة الاختطاف بتوجيه رئاسي من البشير بنقل جثمانها من لندن إلى الخرطوم على نفقة الدولة وإقامة جنازة رسمية لها كشخصية قومية، وهزمت هذه المحاولة برفضها من الحزب الشيوعي وأسرة الراحلة، فلم يتبق للنظام إلا سرادق العزاء وصلاة الجنازة بميدان الربيع ليكون ساحة يؤدي فيها بكري حسن صالح وعبد الرحيم محمد حسين دور البطولة في مسرحية “التطبيع المجاني” مع الشعب السوداني الرازح تحت وطأة استبدادهم الغليظ والمحروم من أبسط حقوقه بسبب فسادهم الأرعن! ثم تصدير اللقطات الأكثر إثارة في المسرحية الهزلية في إعلامهم المأجور ليقولوا لمن يهمهم الامر داخليا وخارجيا “الشعب والحكومة سمن على عسل” والسيطرة المحكمة على الأحزاب تمت بنجاح! حتى الحزب الشيوعي ذات نفسه يتصدر مناسباته قادة النظام ويمشون بين جماهيره آمنين من مجرد أن يجرح مسامعهم هتاف! ولكن أبى صوت الضمير السوداني إلا ان ينفجر بأنسب وأوجب مقال في ذلك المقام : فاطمة دغرية ديل الحرامية.. فاطمة دغرية الكيزان حرامية..

فاطمة نصيرة المستضعفين والمهمشين والفقراء والمناضلة الجسورة ضد الطغاة والجلادين، رمز الاستقامة والصلابة في وجه الفساد لا بد ان يكون الشعب بالمرصاد لكل من اراد لها “سوء الخاتمة” !!

فاطمة دغرية .. ديل الحرامية..

هذا الهتاف هو بحر من الماء الطهور غسل جنازة فاطمة ثم توضأ منه جميع من صلوا عليها وفاض لينزل بردا وسلاما على الفقراء والمستضعفين والمقهورين في هذا الوطن المنكوب!

هذا الهتاف معناه أن مشروع التدجين الممنهج للساحة السياسية رغم كل الترغيب والترهيب لم ولن يكتمل! وهنا يكمن السبب الحقيقي في بركان الغضب الذي انفجر في أوساط “الإسلامويين” والمتواطئين معهم وأمطرنا بسيل من المواعظ الأخلاقية وعدم الاستغلال السياسي للمآتم وتعارض طرد من جاء معزيا بالهتاف مع “الأخلاق السودانية”!!

ولا بد من تفنيد كل هذه الافتراءات الواحدة تلو الأخرى لأن بعض من ليس لهم ناقة ولا جمل في هذا النظام المعطوب انطلت عليهم المناحات التي ارتفعت عقيرتها بكاء على الأخلاق السودانية المفترى عليها!!

أولا: فرية الاستغلال السياسي:

لعل تاريخ البشرية كله لم يشهد من يجسد المثل القائل”رمتني بدائها وانسلت” مثل نظام البشير هذا!!

بالله عليكم من الذي استغل مأتم المناضلة الراحلة فاطمة احمد إبراهيم سياسيا؟ هل هم الذين طردوا الوفد الحكومي؟ ام ان مجيء هذا الوفد ومن قبله التوجيه الرئاسي باقامة جنازة رسمية هو عين الاستغلال السياسي! هل بكري وعبد الرحيم أتيا إلى العزاء بصفة شخصية أم انهما يمثلان النظام تمثيلا سياسيا كامل الدسم؟ وهل محاولة الاختطاف المعنوي لجنازة الراحلة منذ خبر وفاتها مدفوعة باعتبارات أخلاقية وإنسانية محضة أم أنها في قلب ولب السياسة ومحاولة رخيصة للاستثمار السياسي إذ يريد النظام الاستيلاء على الرموز المحبوبة شعبيا بوضع اليد ويتوشح بوشاح قومي غير مستحق بطريقة مجانية ويصدر للداخل والخارج صورة لتلاشي الحدود الفاصلة بين النظام والمعارضة؟!

ان طرد الوفد الحكومي هو رد فعل مشروع بل واجب على الاستغلال السياسي الفج من قبل النظام للمناسبة، ولكن القدرات الفائقة لبعض الموالين والمتواطئين تقلب الحقائق رأسا على عقب! وتصور النظام كمؤسسة خيرية منزوعة السياسة تماما!

ثانيا: فرية التعارض مع الأخلاق السودانية:

لن أستعرض هنا كل جرائم وموبقات النظام التي تثبت عدم أهليته مطلقا للانخراط في أي حديث عن الأخلاق اللهم إلا إذا اختلف معنى هذه المفردة كما نفهمه وتحول إلى النقيض!!

ولكن أتوقف عند سؤال ما هو الصحيح أخلاقيا في العلاقة بين رموز النظام ورموز المعارضة؟ هل ما يسمى “الأخلاق السودانية” – والتي تعني في هذا السياق استقبال من جاء معزيا أو مهنئا في مناسبة اجتماعية بحفاوة وكرم حتى ان كان خصما – هل مثل هذه الأخلاق يجب ان تحكم السياقات العامة الشبيهة بالسياق الذي طرد فيه بكري وعبد الرحيم؟

في تقديري أن أحد آفات ثقافة العمل العام في السودان هي إدارته بذات العقلية التي تدار بها (بيوت البكيات والاعراس والسمايات وبيوت الطهور وبيوت عواسة الحلومر) في المساحات الاجتماعية الخاصة بالاسر والافراد العاديين.

في الفضاء الخاص للناس العاديين مفهوم بل مطلوب ان يكون هناك تسامح بين المتخاصمين سواء في امور شخصية او سياسية يجعلهم يستقبلون بعضهم البعض باريحية في الافراح والاتراح ولا سيما ان كانت تربطهم علاقة قرابة.

ولكن في المناسبات المشهودة جماهيريا والتي تخص رموزا سياسية عامة لها وزنها لا بد ان يكون الفرز السياسي واضحا بين رموز النظام الكبيرة التي ترافقها الكاميرات وأجهزة الإعلام أينما حلت ، وبين رموز المعارضة احتراما لمشاعر الجماهير وسدا للباب الذي يدخل منه “الاستغلال السياسي الحكومي”، فالإعراض عن رموز هذا النظام هو أضعف الإيمان!

وبالنسبة للمتباكين على اخلاق الشعب السوداني اين هي الاخلاق في مسلك الوفد الحكومي الذي يعلم ان أسرة الراحلة منقسمة في الموقف من مشاركتهم في مراسم تشييعها ورغم ذلك أصر على المجيئ الا تقتضي “الأخلاق” ان لا يفرضوا أنفسهم على المناسبة حرصا على تماسك الأسرة في هذا الظرف العصيب؟

ثالثا: فاطمة احمد ابراهيم شخصية قومية هي كلمة حق أريد بها باطل!

كلما تحدث النظام عن القومية والوطنية لا بد ان يبحث العقلاء عن مؤامرة ما! والمؤامرة هنا هي الاهداف السياسية المفصلة أعلاه أضف إلى ذلك تجريد الراحلة من انتمائها السياسي والفكري لان عقليته المعادية للتعددية تريد ان تحجب حقيقة التنوع السياسي في البلاد.

مثل فاطمة لا يشرفها وسام القومية عندما يأتيها من نظام ذاقت النساء في عهده مذلة الجلد والاغتصاب، نظام يشن الحرب على شعبه ويقصف المدنيين بالبراميل المتفجرة ، نظام نفذ أكبر مجزرة للخدمة المدنية والعسكرية في تاريخ السودان بهدف استئصال “السودانيين غير الموالين” وإبدالهم” بالموالين” وجرد الوطن من ملكية اي مشروع اقتصادي منتج وباع اراضي البلاد سرا وعلانية وصمت صمت القبور على احتلال بعض اراضيها، نظام دك حصون القومية الواحد تلو الآخر في القوات المسلحة والشرطة والقضاء والاقتصاد والإعلام وحول البلاد إلى ضيعة حزبية بالكامل!



ختاما: إن أكثر الناس بعدا عن مقتضى الأخلاق هم الذين لم يكتفوا بالصمت المخزي عن جرائم القتلة واللصوص بل انحدروا إلى مطالبة كل الشعب بالتأدب والانضباط في حضرتهم!!

إرقدي بسلام فاطمة المستضعفين والأحرار والشرفاء.

وحمدا لله ان التشييع كان يليق بك!

---------------------------------

عودة لفاطمة و(الصفيق) وما جرى..!
August 21, 2017
عثمان شبونة
* الكتابات غير الضبابية التي استحسنت طرد ثلاثي الحكومة في يوم تشييع فاطمة أحمد إبراهيم كانت صائبة وواعية؛ بعكس ذوي العواطف الخربة ومن لا يزنون الأمور برجاحة العقل الذي يميز مَن الطارِد ومَن المطرود ولماذا؟! فالطارد ليس حزباً بل (شعب) والمطرودين ليسوا خصوماً عاديين أو بينهم وبين الشعب مجرد خلاف؛ بل أعداء حقاً لا يبزهم في العدوان باز؛ وبينهم وبين شعب السودان ثأرات لن تنتهي إلّا بالقصاص.. والدليل على أن الطارِد ليس حزباً هو مدى التأييد الشعبي في الداخل والخارج (للفعل) والهتاف الطبيعي (المؤدب) الذي صفع وجوه الثلاثي في اليوم المشهود..! لكن البعض اعتبر (حرمة المقابر) لا يليق معها ذلك الهتاف الذي أصدره غاضبون استفزهم حضور الوفد الحكومي (عديم الحياء) للعزاء في طيبة الذكر؛ بقيادة (نائب البشير) بكري حسن صالح.. والبعض استنكر طرد المذكور وصحبه باعتباره تصرف لا أخلاقي..! وفي يقيني أن المناسبة المهيبة لو تفاجأ جمهورها بوفدٍ من كنيست إسرائيل لما أثار الأمر غضباً أكثر مما يثيره حضور جماعة عمر البشير على وجه التحديد.. ولا مبالغة في المثال السالف.. فالمبررات المتوفرة والأخرى التي ساقها كتاب سبقوني بالتعبير عن سخافة وخساسة وغتاتة (مشهد المتسلطين) في عزاء فاطمة؛ تنفي أيّة مبالغة في المقارنة..!
* نعم.. هتاف (يا فاطمة دغرية.. ديل الحرامية) كان هتافاً مؤدباً نظراً للموجَّه إليهم؛ ومُعبِّراً بعمق في حضرة الثلاثي بكري حسن صالح وعبدالرحيم محمد حسين وأحمد هارون؛ باعتبارهم يمثلون الكتلة الصماء للنظام المكروه المنبوذ برمته.. فلو زاد الهتاف بأيّ فعلٍ أخشنٍ لما وجدنا للاستنكار واللوم سبيلاً ضد من عبّروا بأصواتهم (كأضعف الإيمان) أمام الطغاة؛ نيابة عن شعب كامل (إلّا قلة) وأعني بالقلة المدلسين؛ الانتهازيين؛ المغيبين..!
* الذين عابوا مجرد هتاف مُستحق في وجه أعداء الشعب بحجة حُرمة المقابر لا يلقون بالاً لحُرمات بلا عدد لم يشهدها السودان بإفراط كما شهدها في عهد البشير.. الكذاب الذي أهان فاطمة بفعلته الخسيسة عندما كرّم (عدوّها) أبو القاسم في يوم جنازتها؛ وأرسل زبانيته للتعبير عن مواساتهم على فقدها الجلل..! كيف يستقيم هذا؟! ألم أقل مراراً إنهم يقتلون القتيل ويشيعونه بالتهليل؟! إن إهانة الفقيدة وتمجيدها بالنعي الكذوب؛ ازدواجية تليق بذاكرة البشير التي استمدت حقدها وصفاقتها من ألد أعداء الدين والشعب والإنسانية (إخوان مسيلمة)..!
خروج:
* بعد كل الجحيم الذي صنعته حكومة (الصفيق) لشعب السودان؛ هل من أحد يستنكر على الضحايا الأحياء إذا قابلوا الإرهاب بالإرهاب والعنف بالعنف والكلمة بالكلمة والعين بالعين وقلة الأدب بقلة الأدب المضادة؟ أليس هذا هو العدل إذا أردنا التعامل بواقعية (مع الأعداء النوعيين) وبعيداً عن العواطف الوقحة (باسم الأخلاق)؟.. فحينما يكون الحاكم وأذياله بلا أخلاق وبلا دين فإن الدعوة إلى السِلمية أو تحكيم صوت العقل أو الاحترام أو التأدُّب؛ تصبح تكريماً لنظامه..!
* حينما نكون أمام الجلاد يصبح الغضب فضيلة.. والذين تم في عهدهم تأصيل العنف لدرجة تلبيسه بفراء الجهاد؛ يريدون أن نقابل (مزابلهم) بالورود كما يبدو..!
* أخيراً: هل يعون الدرس بعد المقابلة المستحقة والذلة الواجبة؟! أعني ممثلي البشير (المطرودين) من عزاء فاطمة؟! ليتهم وقر في قلوبهم السوداء بأن الطغيان لا هيبة له؛ وسيسقط عاجلاً أو آجلاً تحت مداسات الغضب..!
أعوذ بالله
--------------------------------

يا فاطمة إن الجذور الراسخة في الأرض حتما ستخضر يوما
August 20, 2017
زين العابدين صالح عبد الرحمن
رحلت المرأة الفضلي فاطمة أحمد إبراهيم عن الدنيا الفانية، و غرست شتلاتها لكي تخضر يوما، لتظلل الذين أفنت حياتها نضالا لكي توفر لهم حياة كريمة، حقيقة أنني لا أدع المعرفة العميقة للسيدة فاطمة إلا لقاءات عابرة كان أطولها ذلك اللقاء الذي حضنتي فيه أيام مهرجان الثقافات السودانية في الجامعة الأمريكية، و كانت مآقيها مليئة بالدموع و قصعة تقف في حلقها تمنعها من التعبير، حيث أبكت الجميع حولها.
حقيقة أنني كنت أعرف زوجها الشفيع أحمد الشيخ، معرفة تعود منذ أواخر الستينات، و أنا طالب في المرحلة الإبتدائية، كان يحضر للوالد بعربته البيجو البيضاء، و عندما يصل أول ما يطلبه مني ” طلع كرسيين و تربيزة و نادي أبوك” لذلك كنت أول ما لمح عربيته في ناصية الشارع، أهرول بإخراج الكرسيين و أخبر الوالد ” عم الشفيع قاعد بره” كان دائما يسألني عن كيف تسير دراستي، ثم يعقبها أهتم بدراستك و بعدين لنا قول معك، لا تمشي في طريق أبوك اليمني. كان الوالد الذي ينتمي للوطني الاتحادي يأتي بجريدة الميدان و يخاطبني قائلا: اقرأ ما كتب الشيوعيون عن والدك، و في نفس اليوم يأتي الشفيع و أجدهما يضحكان معا، هكذا كانت العلاقات السياسية، بين النقابيين و بين السياسيين، رغم الاختلاف في الرآي و لكنهم كانوا يحافظون علي قيم فاضلة في المجتمع.
في ندوة في القاهرة، كانت أسرة وادي النيل قد أقامتها في فندق ” موفمبيك” بالقرب من مطار القاهرة، و كانت أسرة وادي النيل قد دعت لها عدد من قيادات العمل السياسي، و خاصة أولئك الذين ارتبطت أسماءهم بقضية وحدة وادي النيل و التكامل، الذي كان مشروعا بين نظام مايو و السادات، كانت السيدة فاطمة أحمد إبراهيم حاضرة، و عندما صعد اللواء عمر محمد الطيب المنصة لكي يتحدث عن مسيرة التكامل، باعتباره كان نائبا للرئيس، أنفعلت فاطمة انفعلا كبيرا، و كادت أن تمسك بالرجل لولا الحضور. هذا الانفعال حقيقة ترك عندي تساؤلا. كنت أعذر فاطمة و لها الحق أن تثور علي الذين أعدموا زوجها، و تطالب بمحاسبتهم. و كنت أعرف اللواء عمر و اسرته باعتبارهم كانوا يسكنون في ذات الشارع الذي ولدت تربيت فيه في الدناقلة شمال. و عندما أعدم الشفيع أحمد الشيخ لم يكن عمر مسؤولا في السلطة. أو ربما كان عضوا في المحاكمات التي جرت، كما كان عضوا في محاكمة الاتحاديين عقب انقلاب مايو، لكن كان فاروق إبو عيسي وزيرا في تلك الفترة و لم تغضب عليه فاطمة، كما ثارت علي اللواء عمر محمد الطيب لماذا؟ هذا السؤال ظللت أحتفظ به و سألت العديد من مختلف التيارت. و لكن كنت أجد لها العذر، و لا اعرف غينها غير الذي تنقله الصحافة و وسائل الإعلام، و بعض من حديث السيدات و الأنسات الذين تربطهم بي صلة القربة و يميلون لذات الفكر الماركسي .
في عام 1995م أقام ” المركز السوداني للثقافة و الإعلام” الذي كنت مديرا له، أقام في الجامعة الأمريكية ” مهرجان الثقافات السودانية الأول” الذي استمر أسبوعا، كان الافتتاح في الرابعة مساء و كان استعراضيا، و في أسبوع المهرجان درج المركزأن يقدم وجبة الإفطار، شبيها بالإفطار الذي يقدم في “العرس السوداني” وتبرع أبناء أسرة عبيد حاج الأمين بإعداد الفطور كرما منهم. في صباح اليوم الثاني جاءت فاطمة و تسبقها دموعها و هي تبكي و تقول ” دا السودان دا السودان ” نحن دايرن نعيش بذات البساطة و الفرحة و هذا الحب لبعضنا البعض” ذهبت لكي اسلم عليها، و بسرعة أحتضنتي كأنها تعرفني عشرات السنين، و دموعها و العبرة في حلقها تمنعها من التعبير لما يجيش في خاطرها، و بالفعل كما يقال إن الأشخاص الذين تسبقهم دموعهم في لحظات الفرح أو الكره هؤلاء لهم قلوبا مليئة بالرحمة و الحب. هذا المهرجان أعطاني الفرصة لكي أتحاور مع السيدة الفضلي، كانت بسيطة جدا في حديثها، لم تكن تبحث عن المصطلحات و لا عن الكلمات المزينة كما يفعل بعض المثقفين، كانت الكلمات تخرج جزلة فرحة تحني لها القامة أحتراما و إجلالا لسيدة أرادت أن تكون بسيطة حتى في حديثها.
تحدثت السيدة الفضلي عن التنوع الثقافي في السودان، و كيف يمكن أن تلعب الثقافة دورا مهما في عملية السلام، و قالت إن السودان ليس غنيا فقط بثرواته، أيضا غنيا بثقافاته المتنوعة، و هذه نفسها ثروة كبيرة يمكن أن تستغل في قضايا السياحة في السودان، و تحدثت عن دور المرأة السودانية في عملية السلام و في ترسيخ قيم الثقافة في المجتمع، كانت تتحدث بأريحية و عمق في الرؤية، و لكنها بكلمات بسيطة تدخل القلب قبل أن تستقر في العقل، كانت تعلم إن الكل الجالسين حولها يتدرجون في درجاتهم العلمية و الثقافية لذلك كانت تريد أن توصل رسالتها للجميع، دون أن تكون هناك معاناة لأية أحد منهم علي هضم الحديث. فالبساطة كانت جزءا من ثقافتها و حافظت عليها، و عرفت بها، لذلك كانت صادقة لحبها للناس، و و غمروها بذات الحب، حب ليس فيه نفاق أو تدليس، لأن كل من قابل السيدة الفضلي عليها الرحمة لم يساور النفاق قلبه.
إن المرأة الأولي التي دخلت برلمان بلادها، و كانت تنتمي للحزب الشيوعي، لابد أن تكون قارئة نهمة، و واسعة الإيطلاع علي كل مصادر مرجعيتها الفكرية، قارئة لكتاب راس المال و البيان الشيوعي و موجز رأس المال و الأيديولوجية الألمانية و كل ما كتب كارل ماركس و انجلز و لوكاش و روزا لكسمبرج فرانسس فانون و جيفارا و غرامشي و جون بول سارتر و غيرهم من المفكرين اليساريين. و لكنك إذا جالستها لا تسمع مصطلحا واحدا يدلك علي إنها إلي أية جهة تنتمي غير للحقيقة و هذا الشعب و معاناته، و هذه عبقرية فاطمة إنها تهضم الفكر و تخرجه بالشكل الذي يستوعبه الجميع. و غدا سوف يورق و يخضر الغرس الذي غرسته و تتفتح براعمها بذات الحب الذي اعطته.
نسأل الله لها الرحمة و المغفرة و أن يجعل الله الخير في ذريتها، و العزاء لكل زملائها في النضال و العزاء لهذا الشعب الذي أحبها. و نسأل الله الصبر و حسن العزاء

Post: #7
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-14-2017, 07:40 PM
Parent: #5

أيام مع فاطمة احمد ابراهيم .. وعزاء لعموم النساء ولتراب الوطن .
. بقلم: عواطف عبداللطيف

نشر بتاريخ: 14 آب/أغسطس 2017

عواطف عبداللطيف
اعلامية وناشطة اجتماعية قطر
[email protected]

نشأت فى اسرة متعلمة سياسية ومتدينة جدها لامها أول ناظر لاول مدرسة بنين اولية بمدينة الخرطوم بميدان ابي جنزير فالحق امها واخواتها بمدرسة البنين لعدم وجود مدرسة بنات بالعاصمة فالوحيدة انشاها صديقه الشيخ بابكر بدري بمدينة رفاعة قالت بعد ان اكملت امي المدرسة الاولية الحقها بالارسالية الانجليزية الوسطى للبنات وهكذا اصبحت اول فتاة سودانية تتعلم اللغة الانجليزية وكان والدي وامي يديران نقاشا بينهما حول الاستعمار وسياساته ونحن من حولهما نسمع .. وفي صباح يوم اقتحم رجال الامن منزلنا واجروا تفتيشا مكثفا واعتقلوا شقيقي صلاح الذي كان تلميذا في المدرسة الاوسطى بتهمة توزيع منشورات تدعو للنضال ضد المستعمر واطلق سراحه لصغر سنه .. وفيما بعد علمنا ان شقيقي الاكبر مرتضى عضوا بالحزب الشيوعي وهذا ما دفعني للاهتمام بالحزب خاصة انني كنت معجبة بالدكتورة خالدة زاهر اول فتاة تدخل الطب واول من انتمت للحزب ولمنظمة السلام بالاضافة الى ان تجارة الرقيق واختطاف الامهات من بين اطفالهن اثرت علي نفسي ومشاعري منذ طفولتي فادركت ان العمل السياسي هو الطريق الوحيد للقضاء علي الاضهاد العنصري والجنسي ضد النساء ..
خرجت من السودان الى بريطانيا العام 1990 م لاجراء عملية جراحية رتبها اخوى مرتضى وصلاح .. وبقيت فاطمة في بلاد الضباب لاكثر من اربعة عشر عاما كنت اتردد عليها بشقتها المتواضعة لطالبي اللجوء السياسي بلندن كلما حللت هناك .. عاشت لوحدها تعانى الام الغربة رغم التفاف الكثيرين حولها وابنها الوحيد المقيم بعيدا في احد المدن البريطانية يزورها من وقت لاخر بحكم عمله كطبيب .. كنا نحادثها عن هموم الوطن وضرورة عودتها فى ظل مبادرة الرئيس البشير ودعوته بعودة المعارضة للسودان واجراء محادثات مع كافة القوى السياسية فى الداخل والخارج ، و رحبت وقتها المناضله بهذه الاطروحات وبمناخ الحوار السياسي الذى اعلنته الحكومة انذاك وقالت خلال حوار صحافي اجريناه معها لصحيفة الشرق القطرية " انها ترحب بهذه الدعوة لنعود لوطننا لنمارس نشاطاتنا من هناك " ونفت بشدة نيتها اعتزال العمل السياسى قالت :هذا هو الاختبار العملي لمصداقية الحكومة مضيفة " ما اصعب الغربة والبعاد عن الوطن والاهل خاصة عندما يكون مفروضا عليك وليس اختياريا وان غالبية الشباب السودانى المقيمين فى بريطانيا هم من الجيل المثقف والمتعلم والمؤهل يريدون العوده للسودان وهم لا ينوون البقاء فى بريطانيا طويلا اذا تحسنت الاوضاع السياسية والاقتصادية فى الوطن .. ومن خلال تواجدنا فى لندن التقينا السفير الشهم المثقف الدكتور حسن عابدين سفير السودان فى لندن فى تلك الفترة وفاتحناه فى المسالة مبديا سعادته الكبيرة بعودتها للسودان وكافة ابناء الوطن مؤكدا بانه سيوفر كل التسهيلات لعودتها معززة مكرمة .
قالت فاطمة :اهل السودان بطبيعتهم متعتهم الحديث فى السياسة يتداولون سيرتها في لقاءاتهم يختلفون حولها كثيرا حتى داخل البيت والاسرة الواحدة ولكنهم يتواددون ويلتقون بمحبة فى مناسباتهم الاجتماعية وذكرت ان اسرتها بامدرمان (وكنت جارة لهم في بداية حياتي الزوجية) كلما اتصلوا يقولون يا فاطمة امسكي دموعك وهم يحكون لي احد فصول محبة السودانيين بعضهم بعضا رغم الاختلافات السياسية البغيضة قالوا لها ان دكتورة مريم الصادق المهدي جاءتهم بالدار وطلبت ان تكون عضوا في لجنة تنظيم الاحتفاء بعودتها للوطن .. فبكت فاطمة وكفكفت دموعها باطراف طرحتها المطرزة " بفن الكروشيلي الذي تتقنه نساء ام در " والتي كانت حريصة على ارتدائها مع شنطة " تشبه المخلايا .. تدرعها على عنقها " وهي متحركة من مكتبة لمكتبة وسط زحام لندن ..

سالتها كيف تتغلبين على هذه الاوجاع العاطفية قالت " انني منهمكة في نشاط متواصل داخل بريطانيا وخارجها بحيث لا اترك لنفسي فرصة اجترار الاسى والالم الغربة ومعاناة الشعب السوداني وبخاصة الاطفال والنساء " الغربة مرة " واطفال الجنوب بالذات الذين نراهم في نشرات الاخبار كالهياكل العظمية " وفي كثير من الاوقات وانا راجعة من احدى المكتبات الكبيرة اتوه فيصادفني احد الشباب السوداني " زي وليدي عامر وليد شامة دي " ويوصلني للسكن ..
في بدايات ثورة الانقاذ جاءت فاطمة لدار الصحافة بشارع علي عبداللطيف وكان احد المحررين يجلس بالاستقبال وحينما دلفت طلب منها بطاقتها الشخصية فقالت له " هم الزيكم ديل لسع قاعدين في بوابات الاعلام " كناية عن ما كان يطلق عليهم " سدنة مايو " وتصادف ذلك ووصول الصحفيين للدار بالترحيل الجماعي .. ضمنهم طيب الذكر توفيق صالح جاويش رئيس قسم الاخبار الداخلية فقال له " انت فعلا مكانك ليس الاعلام كيف توقف هذه الشامخة بل تتجرأ بسؤال بطاقتها ففاطمة هي السودان وهي الوطن .. ومن يومها كان ذلك المحرر يخجل ان يأتي زملاؤه بهذه السيرة ولجهله لهذه الشخصية الثورية المناضلة لاجل انسان الوطن .. ويبدو انني وقعت ايضا في المحظور فخلال لقائي بها بصالة الترانزيت بمطار الدوحة وهى عائدة للسودان قلت لها يا فاطمة لماذا لا تحولين منزل الاسرة بامدرمان لجمعية خيرية تنخرطين فيها بعيدا عن السياسة التي ارهقت كاهلك فاكتفت بقول " دي كلام شنو يا عواطف " فسكت عن اكمال قصة اثنائها ولو قيد انملة عن قناعاتها الراسخة فهي كجبل الطود تنوم لتصحوا علي قناعتها ومبادئها حتى فارقت هذه الزائلة اول امس .
وفي ردها علي سؤال ابدت اعجابها الكبير بجهود سمو الشيخة موزا بنت ناصر حرم سمو امير قطر وقالت انها تقود حراكا ملموسا في الداخل والخارج لتطوير التعليم وتعزيز دور المراة قالت " انني اشيد بمجهودات الشيخة موزا لتطوير التعليم وتعزيز دور المراة في بلادها وبالتاكيد هي مؤهلة لوضع القوانين وتوفير الامكانيات لنشر التعليم وتطوير مستواه ومنح المراة حقوقها وتمكين استحقاقاتها في اقصر مدة .. وتضحك .. أما نحن فلنا الله كلما حققنا مكاسب بالجهد والعرق تاتي حكومة عسكرية وتطيح بكل ما حققناه ولا يفوتني ان اتقدم بوافر الشكر لجريدة الشرق التي اتاحت لي الفرصة العظيمة لاساهم في مناقشة بعض قضايا الوطن (نشر التحقيق بتاريخ 10 ديسمبر 2003 م كتبت تفاصيله بخط يدها الانيق بورق فلسكاب ما زلت احتفظ به ) .
في شقتها بلندن كانت تحتفظ بصندوق انيق قالت لي ان علي بن علي في كل رمضان يرسل لها رطب تونسي ذو رائحة وطعم ذاكي يكفي كل صديقاتي وجاراتي وزواري لفطور رمضان .. وفي ذلك اللقاء اهديتها كتابي الاول ( احب عطر امي ) وقد وعدت بتلخيصه لاحقا والححت عليها لزيارتنا بالدوحة في طريقها للخرطوم لقضاء ايام كاطلالة على نهضة قطر وتنميتها البشرية وعمرانها وربما لتري بأم عينها النهضة التعليمية وما كانت تحلم به للسودان والدول العربية والافريقية خلال رحلة كفاحها كاول سيدة من افريقيا والشرق الاوسط تدخل البرلمان بل اول من انتخبت كرئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالم عام 1991م وكان هدفها الاساسي دخول بوابة العمل السياسي حماية لحقوق المراة ومساواتها بالرجل في كافة الحقوق والواجبات دون تمييز وقد تمكنت من تمرير قوانين وانظمة حقوق النساء المساوية للرجال والحقوق الخاصة بالاحوال الشخصية مما اهل الاتحاد النسائي السوداني لنيل جائزة الامم المتحدة لحقوق الانسان 1993 م وبذلك كان أول تنظيم نسائي في العالم ينال تلك الجائزة .. وفاطمة كانت اول سيدة سودانية تحاكم امام محكمة طواريء عسكرية ايام حكم مايو بعد اعدام زوجها المناضل الشفيع احمد الشيخ وقالت خلال ذلك التحقيق الصحفي المطول معها " انني مقتنعة منذ طفولتي بان العمل السياسي هو الطريق الوحيد للقضاء على الاضهاد والعنصرية ضد المراة وان الاسلام لا يمنع اشتغال النساء بالعمل السياسي ووالدها خريج كلية غردون وعمل اماما لمسجد بامدرمان .
وبعد ذلك اللقاء الذي كانت تستعد فيه للعودة للسودان بعد اكثر من اربعة عشر عاما قضتها بعاصمة الضباب بضغط من الاسرة خوفا على صحتها ولمعرفتهم انها لا تسكت عن الحق وتبحث عن الحقوق للاخرين كانت تقضي جله بين المكتبات ومطالعة الصحف والمجلات وحضور الندوات السياسية والثقافية و ساعات طويلة بمكتبة الكونجرس عشقها الكبير للقراءة والتوثيق والاستزادة من كنوز المعرفة التي لا تنضب ولتكسير ضبابيات الغربة والشجن للاهل ..
وفي يوم عبورها اجواء قطر في طريقها للخرطوم بعد اقل من شهر من ذلك اللقاء اخذت نسختين من جريدة الشرق وذهبنا لمطار الدوحة حوالي السادسة صباحا طلبنا مقابلة مدير المطار سعادة العميد ناصر المالكي بمكتبه وقدمت له الجريدة وقلت نريد مقابلة هذه الشخصية بصالة الترانزيت .. وقبل ان اكمل تعريفي لشخصها قال لي لا احتاج لوثيقة اثبات لطلبكم انتم السودانيين ثقة ونعرف اهتمامكم بالسياسة وكرمكم للضيوف وطلب من احد الضباط جزاءه خيرا ايصالنا لصالة الترانزيت . ذلك التصريح ربما كان اول تصريح وقتي وشفاهة وباريحية من سعادة العميد ناصر فان تقابل شخص بصالة الترانزيت ليس بالامر الهين إن لم تكن الثقة وقدرات صاحب القرار وتقديره لشخصنا الضعيف .. وفعلا قضينا معها ساعتين حتى موعد اقلاع طائرة الخطوط الجوية القطرية متمنين لها رحلة للوطن دون عودة لمرابع اللجوء والاغتراب عن الحضن الدافيء الذي تعشقه وتربت على اصوله وترابه ..
ولكن يبدو ان روحها الشفيفة وايمانها القاطع بضرورات احترام الحريات وادمية الانسان وتطلعها الوجداني النضالي ان تذوب الفوارق وتلتحم الشعوب وان يحل السلام الاجتماعي ربوع الوطن لم يتحقق لها كاملا رغم رحلتها الطويلة المرهقة ففاضت روحها والتي ارهقتها الهموم والامال بين جنبات بلاد تموت من البرد حيتانها وضبابها يحجب الرؤية الا من ولد بقلب سليم وطموحات تناطح السحاب وفكر متقد انحاز كاملا لحقوق النساء والاطفال حيث كان حلمها ان ترى السودان بقعة ضوء يحقق امال شعبه المشتت في بقاع الارض ويلملم اطرافه من النزاعات ويرتاح من الحروب وتسير مقاديف التنمية للامام والتي وحدها تحقق الرفاهية والاستقرار.
" فاطمة " صفحة حياتها مليئة بمحطات كثيرة وهي امراة عاطفية حنونة دمعتها علي اطراف مقلتيها رغم صرامتها وجديتها في رحلة الكفاح السياسي وقناعاتها الراسخة بحقوق الانسان وحريته .. لماحة لا يمل الانسان الحديث معها وذاكرتها متقدة وكثير من حكاويها فيها تلميح والهام بان ابن السودان بار باهله وعشيرته مهما تسنم المقاعد العليا ذكرت لي والدموع في اعينها انها حبست في احد السجون في عهد الرئيس نميري " طيب الله ثراه " وفي الصباح الباكر سمعت بغرفتها ( الزنزانة ) خشخشة ماكريفونات فقالت " بحسي عرفت انه لقاء جماهيري للرئيس نميري فطلبت من الحارس ان اخرج لخارج الغرفة لاني اشعر بضيق في التنفس لم يتردد لحظة فاخرجني ووقف بعيدا عني واعطاني ظهره هكذا هو السوداني لم يشاء ان يضايقني .. وحينما تاكدت ان اللقاء بالساحة المجاورة للزنزانة اخذت طوبة طوبة وضعتها فوق بعض وارجع حيث اقف .. وبمجرد ان بدأ الريس حديثه الجماهيري " صوت ابوعاج ما بغباني " تسلقت الحائط على الطوبات وهتفت ضده بأعلي صوتي وقبل ان ادخل لزنزانتي جاءت مجموعة من الضباط لان الريس سأل ( من جاء بهذه هنا .. الان افرجوا عنها ) وتضحك .. كان هذا اسرع اخلاء لسجينة وطلبت من اخواني الضباط ألا يعاقبوا الحارس لاني غافلته .. وكثير من الضباط ساعدوني ربما اعلن اسماءهم لاحقا ) .
فاطمة قصة حراك دائم شعلة ضوء لم تنام ملء جفونها دون ما تراه استحقاقا للجميع ذكرت لي خلال ازمة البترول المشهورة حيث الخرطوم تعاني ضائقة شديدة فجاءت لاحد محطات الوقود وتخطت الصفوف الطويلة واوقفت سيارتها جوار "خرطوم البنزين " فاذا مجموعة من الرجال يحتجون بانهم نائمين بجوار سياراتهم فكيف تاتي لتصب بنزين بهذه الطريقة لم ترد عليهم بل تسلقت سقف سيارتها وهتفت باعلي صوتها ( تسقط تسقط حكومة نميري ) فهرب من هرب وتجمهر حولها من ملك جراة وحينما عرفها البعض الح عليها ان تواصل هتافها واصر اخرين ان تكمل تعباة سيارتها فضحكت وقالت لهم هذه هي الطريقة القصيرة والناجحة لمعالجة الامور كلها ومن جذورها ..
رحم الله " فاطمة السمحة " التقية الورعة .. الشامخة النقية شجرة النخيل الباسقة أم المناضلين واخت الشعراء .. فلم تكن فاطمة بنت احمد ابراهيم فردا انما وطن "حدادي مدادي" نامي في علياك مع الصديقين والشهداء فالاشجار في بلادي لا تموت إلا واقفة بعد ان تكون قد نثرت رحيقها المعبق برائحة الياسمين وادفقت النخيلات الدفيق للصغار والرطب للكبار .. لا تموت اشجار بلادي إلا بعد ان تكون قد ادفقت ثمارها اليانعة لغذاء وكساء اهلنا الغبش الميامين ليكون لهم غدا افضل ولكل اطفال الشوارع والمشافي وتحت الالحفة وكل من ذرف الدموع لأجلهم وبين مفاصل حكايات نضالك بمضابط اجتماعات البرلمانات العربية والدولية خلال مشاركاتك النيرة في دول العالم قصة انسانة عاشت للاخرين .. والعزاء متصل لاهلنا الغبش اللذين حفظوا حكايات امنا فاطمة السمحة والتي ادخلت لقلوبهم الفرح لانك منهم ولهم .. وسيبقي العزاء متصل الي نساء الارض فردا فردا والى حبيبات تراب الارض وبقاع اينما حللتي منذ ان حفرتي دروب للنضال .. وانا لله وانا اليه راجعون .

Post: #8
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: عبدالعزيز الفاضلابى
Date: 08-14-2017, 08:30 PM
Parent: #7

اللهم اغفر لها وارحمها ,, واجزها بالإحسان احسانا وبالسيئة عفواً وغفرانا.

ا ارجو من الاخ بكرى تصحيح الخطأ الكتابى الغير مقصود فى العنوان.

Post: #9
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-15-2017, 06:32 PM
Parent: #8

شكرا لك الفاضلابى
لاحظت الخطا وقمت بتصحيحه الحمد لله
تحياتى لك
------------------------------


ماذا فعلتم لفاطمة في حياتها؟ .. بقلم: حمور زيادة


نشر بتاريخ: 15 آب/أغسطس 2017
الزيارات: 82


قيل ان رئيس الجمهورية وجه بتسهيل عودة جثمان فاطمة أحمد ابراهيم لأرض الوطن على نفقة رئاسة الجمهورية. خبر يتبادله بعض أنصار النظام في فخر للتدليل على أخلاقيات النظام وتعاليه على الخلافات السياسية عند النازلة الانسانية.

يشبه ذلك ما حدث في 2015 لما توفي الشاعر العبقري محمد مفتاح الفيتوري بالمغرب. فأصدر رئيس الجمهورية توجيهاته للسفارة بنقل جثمان الشاعر الى ارض الوطن. ولولا رفض زوجته المغربية لتجمّل به النظام.

الفيتوري تدرّس أشعاره في مصر منذ السبعينيات، وفي المغرب يدرّس للطلاب. ورأيت احتفاء معرض كازبلانكا للكتاب بسيرته وبحياته بعد وفاته. فهل له قصيده في المنهج الدراسي السوداني؟ هل هناك شارع باسمه او قاعة دراسية؟

طبعاً من نافلة القول ان أذكّر بان واحد من أكبر شوارع الخرطوم هو شارع عبيد ختم المسمى على أحد أرباب العنف من طلاب الاسلاميين الذي ترك مقاعد الدراسة وذهب ليقاتل ضمن مليشيات مدنية مسلحة في جنوب السودان بدعوى الجهاد في سبيل الله والدفاع عن المشروع الاسلامي بقتل ابناء جنوب السودان. فنال تكريماً بان اسمه على واحدة من أكبر قاعات جامعة الخرطوم، ويحمله شارع من أكبر شوارع العاصمة.

لقد دفن الطيب صالح في الخرطوم فماذا حدث؟ حكى لي أديب عربي كبير عن مرة زار فيها السودان فسأل عن قبر الطيب صالح، فاختلف الحضور هل هو مدفون بالسودان ام بلندن. ولما ذهبوا به لمقابر البكري عثروا على القبر بصعوبة.

للطيب صالح حديقة شهيرة وكبيرة في مدينة أصيلة المغربية. لكنه في الخرطوم يعتبره السادة الحكام دسيسة يهودية يسئ لأخلاق الاسلام بفحشه. لقد ظل أدب الطيب صالح ممنوعاً في الخرطوم حتى 2005.

أين يوجد شارع الطيب صالح، أو حتى رصيف الطيب صالح. ربما يكون له شارع جانبي لا نعرفه، مثلما اكتشفنا فجأة بعد تمدد حي الرياض ان هناك شارع ميت اسمه شارع عبدالله الطيب. ثم شيئاً فشيئاً بُعثت في الشارع الحياة. لكن تظل الشوارع الكبرى لابناء النظام.

ما هي كتابات الطيب صالح المقررة في المدارس.

محجوب شريف مدفون في السودان، فماذا قدموا له؟

ماذا فعلتم بعلي المك وصلاح احمد ابراهيم ومحمد عبد الحي ومحمد مهدي المجذوب وزهاء طاهر وعرفات محمد عبالله ومعاوية نور وعثمان علي نور.

نفس التكسب المعنوي الرخيص قصير الأجل يحاول النظام فعله الان بنقل جثمان فاطمة أحمد ابراهيم.

ماذا فعلتم لفاطمة في حياتها؟

أين سيرتها وحياتها وما قدمته للنساء السودانيات وللبلاد كلها؟

امرأة كفاطمة كيف لا تدرّس سيرتها في المدارس؟ إن لم يتعلم فتيات السودان عن تاريخ المساواة ومتى دخلت المرأة البرلمان ومن فتح هذا الباب ومسيرة المساواة في الاجور فماذا يتعلمن في التاريخ؟ افتحوا كتبكم المدرسية الباهتة المتهرئة وانظروا فيها.

بكل كيف تقدرون فاطمة احمد ابراهيم ونموذج القيادة النسوية الذي قدمتموه للبلاد خلال 30 عاماً هو سعاد الفاتح؟

فاطمة التي لاك اعلام الدفاع الشعبي سيرتها سنوات، وعايروها بجدتها وردة اسرائيلي، وشتموها بتوجهها اليساري. وأنكروا سابقتها ونضالها ومكانتها. فاليوم يتكسبون بها ميتة كأنما بريطانيا لا مقابر لها او ان أهلها لا يقدرون على نقلها. فتتقدم رئاسة الجمهورية بفضل لا فضيلة فيه، وكرم بلا كرامة.

ان نظاماً قمعياً شمولياً يطارد تاريخ بلادنا المشرف وابداعها لا يحق له ان يتجمل بدور عربية نقل الموتى الذي يحاول ان يلعبه.

ان كان عمر البشير قد أصابه الملل من الحكم،

ويريد أن يمارس دور درمة،

فليفعل ذلك بعيداً عن الرموز الوطنية.

Post: #10
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-15-2017, 06:57 PM
Parent: #9


من صلاح الي مرتضي الي فاطمة


08-15-2017 06:04 PM
صديق محيسي

في السابع من مايو عام 1993 حمل الناعي نبأ رحيل الشاعر والدبلوماسي صلاح احمد ابراهيم في باريس إثر مرض عضال لم يمهله طويلا,وفي 25 مايو 1996 رحل بالسويد شقيقه المهندس "الوزيراالمتمرد "في عهد مايو مرتضي احمد ابراهيم ,وفي اواخرالثمانيات وفي الامارات لعربية المتحدة غادر الدنيا الرشيد احمد ابراهيم في اوج شبابه,وفي عام 1997رحلت في بريطانيا كل من نفيسة والتومة وها هي فاطمة تلحق بهم لتطوي صفحة في تاريخ هذه الأسرة الوطنية العريقة المناضلة, في عام 1991جاء صلاح زيارة الدوحة حيث كان يعمل مستشارا بالسفارة القطرية بباريس فكان مكان ترحيب من القطريين قبل السودانيين فسئل اول ما سئل عن الشاعر الراحل علي عبد القيوم الذي كان يقطن مع ابن عمه الصديق عبد الرحمن مدني , ويوم ذاك سهرنا سويا مع الدكتوراحمد اسماعيل وخاض جميعنا في نقاش مستفيض حول تأييد صلاح لنظام الإنقاذ في شهوره الأولي بينما عارض نظام النميري معارضة شرسة طوال اربعة عشرعاما وإستقال من وظيفته كسفير للسودان في الجزائر واصدرفي شأن ذلك مجلة بأسم البديل وظل يكتب في مجلة الدستور بابا ثابتا تحت اسم "قال الشاهد" حتي سقط نظام النميرى في الإنتفاضة الشعبية عام 985 1وشارك هو في اكبر ليلة شعرية في جامعة الخرطوم إبتهاجا بذهاب الديكتاتور, رد صلاح علينا ولم يكن رده مقنعا بانه فعل ذلك لأن النظام الجديد شرع في القضاء علي حركة جون قرنق " العميلة لإسرائيل"واخذ موقفا شجاعا من المصريين وكان صلاح لايحب قرنق ويناصب مستشاره منصور خالد العداء لكونه يراه "عميلا" هو الأخر للمخابرات الأمريكية ,ولكن صلاح سرعان ماغير موقفه في اواخر ايامه وبدا يكتشف طبيعة النظام وواجه الرئيس البشير في احدي لقاءاته معه بذلك ,وغضب صلاح غضبا شديدا حين اشيع انه ايد نظام الإنقاذ حتي ينال ترشيحه في وظيفة المديراالعام لمعهد العالم العربي في باريس فنفي ذلك نافيا قاطعا وقال حتي ولو حدث وهو لم يحدث اصلا اليس هو جدير بهذا المنصب؟ صحيح ان قدم صلاح ذلت في موقفه ذاك تجاه نظام الإنقاذ ولكن لا احد يستطيع ان يقول انه فعل ذلك لمنفعة شخصية ولو كان كذلك لصيّره نظام الماحصصة وزيرا او سفيرا جزاء له ,فقد غادر هذه الحياة ابيض اليدين والسريرة تاركا ورائه غرفة ضيقة تحتوى علي كتبه وملابسه في احد احياء باريس الفقيرة, عاش صلاح احمد ابراهيم حتي مماته يدافع عن الفقراء والمساكين سواء في "غابة الأبنوس"او في "الموت والردي " حيث تنبأ بموته ساخرا من الحياة لتي تعطي كل شيء فلفحته المنية بغتة كما تلفح الشمس خضرة العشب .
مرتضى الوزير المتمرد
عند قيام ثورة اكتوبر ضد نظام الرئيس عبود صادرمرتضي نائب وكيل وزارة الري يومذاك عربات الوزار لتنقل ثوار مدني الي الخرطوم بعد اعلان فاروق ابوعيسي عن إنقلاب علي وشك الوقوع ضد الثورة ,وهو ما اطلق عليه يوم المتاريس ويقول مرتضي ان جبهة الهيئات بعد ان استولت علي السلطات في مدني كلفته بابلاغ الحاكم العسكري حسين علي كرار تسليم العهد التي لدية فاستجاب كرار وطلب من الثوار مغادرة المدينة .
كان مرتضي مثله مثل صلاح وفاطمة إعتداد بالنفس وشجاعة في الرأي و ثبات علي الموقف وجهر بقول الحق , حكي تجربته مع النميري في كتابه "الوزير المتمرد" كشف فيه حماقات النميري وجهله حتي استقال من الوزارة,سخر من بابكرعوض الله رئيس الوزراء حين وصف في اجتماع للمجلس بأن اتحاد العمال لايمثل كل عمال السودان وكاد يشتبك معه بالايدي قائلا له لولا العما ل لما كنت تجلس علي هذا الكرسي ,وفي كتابه الوزير المتمرد مواقف تسجل شجاعة الرجل في مجابهة الظلم حتي لو اختلف الناس علي كثير منها.
فاطمة احمد ابراهيم
حتي خمسينات القرن الماضي كانت سيادة الرجال علي النساء في السودان هي حقيقة ماثلة ,وفي المباني القديمة في السودان لم يكن يعمل في البيت عند تأسيسه نوافذ وانما كان يعمل له فتحة صغيرة يدخل منها الهواء والضوء تسمي الطاقة والطاقة هذه المساحة الضيقة الصغيرة تحيط بها من الخارج اسوارعالية هي الحوش وهو نموذج كان الي وقت قريب يميز بيوت ام درمان القديمة والطاقة الضيقة والحوش البالغا الإرتفاع هما دلالتان علي سجن المرأة بواسطة السيد الرجل الذي نظر للمرأة دائما كوعاء جنسي يمتلكه هو وليس كأنسان من حقه العيش مثله , وحتي الخمسينات ايضا كانت البنات في مناسبات الأعراس يجلسن ووجوهن علي الحائط ولا تظهر من هذه الوجوه سوي العيون مثل مايحدث حاليا في دول الخليج ,وفي القري لم يكن مسموحا للمرأة ان تركب الحمار مثلما يركب الرجل فهي تركب من جانب واحد دون ان تكون رجلاها متدليتان علي جانبي الحمار وكل ذلك دلالة قوية علي إعتبار المرأة عورة يجب علي الرجال إخفاؤها وعلي هذا النحو انتج مجتمع التخلف السائد ذاك "ثقافة"شديدة السواد كان اكثرها وحشية الشلوخ ودق الشلوفة ,وحتي عهد قريب لم يكن يؤخذ رأي الفتاة في إختيار زوجها كان ذلك يقرره الأب واحيانا ترشح البنت منذ صغرها لتكون زوجة لإبن عمها ولا يدخل عامل السن في ذلك, في موازاة هذا المشهد البائس كان المجتمع كله يقبل وضع المرأة علي هذه الشاكلة, حتي صيحة بابكر بدري المدوية لتحطيم طوطم إستعباد المرأة وفتح الطريق امام البنات لينلن حقهم في التعليم ثم جاء زلزال اطمة احمد ابراهيم الذي استبدل الطاقة بالنافذة والسورالعالي بالمتوسط ,واصلحت وضع المراة من النظر الي الحائط في الأعراس الي النظر مباشرة الي الرجال دون خوف من شيء, بل صارت المرأة تختار شريك حياتها وصارت قاضية ,ومعلمة ,وطبيبة, ومهندسة , ثم اثبتت فاطمة عمليا ارادة المرأة الخلاقة عندما رشحت نفسها في اول إنتخابات لتهزم منافسيها كأول إمراة تدخل البرلمان ليس في السودان وحده وإنما في العالمين العربي والأفريقي
عندما اعدم السفاح نميري زوجها ورفيق دربها الشفيع لم يزد حزنها علي الفقد إلا اصرارا علي مواجهة الطاغية ومحاكمة "الناجزة " كانت تصرخ في وجه القضاة ذوي الضمائر الميتة تبصق علي وجوههم الناشفة وهم يطأطون رؤوسهم خجلا مما هو مفروض عليهم قا ل عنها الكاتب الصحفي حسن الجزولي

"خبرت فاطنة دروب التصدي لقضايا الشعب والوطن والتفرغ للدفاع عن قضايا المرأة السودانية والانتصار لحقوقها، منذ صباها الباكر، فدفعت ثمن ذلك إعتقالاً ومطاردة وتنكيلاً واستهدافاً، حداً وصل بالقوى المعادية طبقياً وسياسياً لمواقفها إستهداف شريك حياتها لتجرده من الحق في الحياة والجهر بما يؤمن به.ومع كل ذلك سارت في الدرب الذي رسمت خطوطه مع زوجها العزيز، فأصبح هو الشهيد الكبير للوطن، وأضحت هي الرمز الكبير لنضالات المرأة السودانية وقضاياها المتشعبة.
فاطمة أحمد إبراهيم بكل ما عرف عنها في مجالات العمل السياسي والاجتماعي العام ومجاهداتها التي ساهمت بها ضمن رموز من بنات جيلها في بناء صرح كالاتحاد النسائي السوداني، كأحد التنظيمات النسائية القلائل التي تشهدها المنطقة العربية والأفريقية، تُجرد هكذا من كل هذا الشموخ ليتم تصويرها بأنها لا تملك {مواصفات القائد السياسي وبهذا فقد راحت القوى المعادية لتوجهاتها، تبحث عن ما يمكن أن يهزها ويشكك في قناعاتها عندما فشلت في أن تفعل ذلك بالسجون تارة والتهديد والوعيد. فأطلقوا العنان للشائعات التي راحت تنتاشها، ثم تربصوا بكل إفاداتها الصحفية ومواقفها السياسية والفكرية في محاولة لإصاق ما ليس فيها"


-----------------------------------------

سمراء ضـد الاستبداد ..

بقلم: ياسين حسن ياسين
نشر بتاريخ: 15 آب/أغسطس 2017



mailto:[email protected]@consultant.com
عبد الرحمن الكواكبي (١٨٥٥ – ١٩٠٢م) حدد أنواع المجد التي ينالها الإنسان، وقال إنها ثلاثة أنواع: المجد ببذل المال، والمجد ببذل العلم، ثم المجد ببذل النفس. النوع الأخير منها، أطلق عليه الكواكبي صفة المجد النبيل، وهو أرفع أنواع المجد، ويحدث عندما يبذل الشخص نفسه ويعرضها للمشاقّ والأخطار في سبيل نصرة الحقِّ وحفظ النِّظام.
فاطمة أحمد إبراهيم (١٩٣٢ – ٢٠١٧م)، عليها الرحمة، قد حظيت بنبالة المجد بلا أدنى ريب.
الكبير والصغير، الرجل والمرأة، المؤيد لمنهجها الفكري والمعارض له، السوداني وغير السوداني، يجمعون على أنها قد بذلت نفسها رخيصة في سبيل رفعة بلدها. إذ تبنت من المواقف أصلبها، ولم تحد قيد أنملة عن مناصرة ما تراه حقاً، وفي صدارة ذلك تحرير المرأة السودانية من براثن عادات وتقاليد بالية ومن أسر مواضعات اجتماعية مهترئة، فضلاً عن دأبها على مناهضة الاستبداد بحسبانه العقبة المستعصية في طريق الأمة صعداً نحو مراقي الأمم العظيمة. قد تختلف الآراء حول المستوى المقبول اجتماعياً من المصادمة في هذا الموقف أو ذاك، لكن ما ينعقد عليه الاجماع أن فاطمة كانت جسورة وكانت مخلصة طوال الوقت لقضايا الشعب السوداني.
دخلت الحياة بجيد تطوّقه قضايا الناس، عموم الناس، والمرأة على الخصوص. قادت أول إضراب للبنات في مدرسة أمدرمان الثانوية عام ١٩٤٩م، ضد قرار المدرسة بحظر مادة العلوم على أساس أن الفتاة السودانية غير مؤهلة ذهنياً للعلوم، والاستعاضة عن ذلك بتدريسها التدبير المنزلي والخياطة. كان ذلك القرار قراراً مستبداً من سلطة استعمارية مستبدة. منذئذٍ أصبح همها الأوحد هو مناهضة الاستبداد. خرجت من أسوار المدرسة وانطلقت لتناهض الاستبداد على نطاق أوسع. هذه المرة، ستقف ضد الحكم العسكري المستبد بكل أشكاله ومسمياته: عبود، مايو، أو الإنقاذ.
اعتقلت، وشردت، وطوردت. ترملت منذ يوليو ١٩٧١م بعدما قام جعفر نميري، في أسوأ لوثة عقلية تنتابه، بإعدام زوجها الشفيع أحمد الشيخ، نقيب العمال، بحجة مشاركته في انقلاب هاشم العطا، وقد ثبت لاحقاً أنه لم يشارك ولم يؤيد ولم يتواطأ حتى بالصمت. وعقب إعدام رفيق دربها، وضعت فاطمة تحت الاعتقال المنزلي لمدة عامين.
الجسارة جزء لا يتجزأ من تركيبة عقليتها. تزعمت الحركة النسوية المناهضة للحكم العسكري منذ ١٩٦٢م؛ وأصبحت عضواً في جبهة الهيئات بعد ثورة أكتوبر ١٩٦٤م، لتنتخب في ١٩٦٥م كأول سيدة في البرلمان الديمقراطي. مهام بهذا القدر من الجدية، وفي فترات مفصلية كهذه من تاريخ أمة وليدة، لا شك تقتضي قدراً وافراً من الجسارة والجرأة مع يقين لا يتزعزع بأن النصر قاب قوسين أو أدنى إذا ما خلصت النوايا وصدق العزم.
كانت الاستنارة ديدنها. في مطلع ثمانينات القرن المنصرم، استأجرت محلاً قريباً من بيت أسرتها بحي العباسية في أمدرمان، وحولته إلى مكتبة أو كشك صغير للجرائد وبعض الكتب المستعملة. حدثني الأستاذ عاصم صلاح الدين الخليفة أنه جاء إليها ليشتري بعض المجلات والصحف، ولم يكن ما بحوزته من قروش كافياً، فما كان منها إلاّ أن أقسمت عليه بأخذ كل ما اختاره غير منقوص، بل ذهبت أبعد من ذلك لتزجره وتحثه على أخذها في حميمية يتعذر معها رفض العرض.
كانت إذن تهتم بالاستنارة، وتجعل من السودانيين، كل السودانيين، وخاصة الأطفال والشباب من بينهم، هدفاً محبباً لمسعاها. كانت كمن يملك إحساساً داخلياً بأن إنسان السودان، مثل أرضه، ينطوي على خصوبة فائقة تجعله صالحاً كل صلاح لاستزراع شتى بذور الخير ونمائها. تلك هي الصفة التي يتفرد بها زعماء الاستنارة طوال التاريخ البشري: لقد آمنوا أن الإنسان، أينما كان، يحمل ينبوعاً زاخراً من الخير في دواخله، وهو ينبوع لا ينضب له عطاء.
حقوق الإنسان كانت هاجسها الدائم. اهتمت كثيراً بمحو أمية المرأة السودانية، ومنذ تأسيس الاتحاد النسائي في 1952م، وهو وقت مبكر جداً بالنسبة للمرأة العربية بل وللمرأة في دول العالم الثالث قاطبة. نادى الاتحاد النسائي، تحت قيادة فاطمة، إلى تحويل المرأة إلى قوة منتجة، وإلى تمكينها من خلال سن تشريعات تتيح لها أجراً متساوياً لعملها الذي يتساوى مع عمل الرجل. كان ذلك التوجه بغيضاً لحركة الإخوان المسلمين حينها، والتي عرفت وقتها بجبهة الميثاق الإسلامي. قالوا إن الإسلام لا يسمح للمرأة بالمساواة. فسروا النصوص المقدسة على هواهم الدنيوي الدنس!!
البسطاء يشكلون حزبها. فقد طالما أظهرت امتعاضاً بلغ حد البكاء بالدموع الغزار وفي عدد من الحوارات المتلفزة، متى تطرقت بالحديث لوضع الأطفال المشردين في الشوارع. ظلت تدعو منذ وقت مبكر لمعالجة هذه المشكلة حتى لا تستفحل. أنظر اليوم ماذا حدث للأطفال!
حسب تقرير اليونسيف الصادر في يوليو 2017م، هناك 2,3 مليون طفل سوداني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة. هؤلاء هم ضحايا الإسهالات المائية الحادة، وضحايا سوء التغذية خاصة في مناطق جبل مرة، علاوة على تدفقات اللاجئين من جنوب السودان، والذي يصل معدل الأطفال بينهم إلى 65٪.
فبدلاً من تحويل هذا الكم الهائل من الأطفال إلى طاقات جبارة تسهم في تبديد الظلمات من حولنا، إذا بنا نتهاون في أمرهم، ونتركهم لكرم أهل الخير! بل تجد حكومة الإنقاذ نفسها، منذ مجيئها للسلطة، مشغولةً في حروب عبثية وصفقات مصالحات وترضيات خصوم وعداوت خارجية لا طائل من تحتها. بينما تهدر طاقات هؤلاء الفتية والصبايا الصغار ليحتشدوا حزاماً ناسفاً حول المدن وعلى هامش الحياة دائماً.
بالطبع يلعب الفساد دوراً حيوياً في استحداث هذا الواقع البائس واستدامته. ذلك أن الاقتصاد السوداني كفيل بتوفير الحماية والتعليم والصحة والتغذية لهؤلاء الأطفال إذا ما تحرى القائمون على الأمر حسن إدارة الموارد المتاحة وابتعدوا عن ممارسات فاسدة درجوا عليها واغتنوا من ورائها.
على هذه الخلفية كان صوت فاطمة داوياً مزلزلاً. وكما فعلت شهرزاد في حكاية ألف ليلة وليلة المشهورة، كانت فاطمة تمتطى صهوة الكلمة والعقل والمعرفة لتنقذ المرأة والطفل من الظلم والفساد. لكنها لم تكتف بذلك، فسعت لإنقاذ الشعب السوداني برمته من شرور حكام مستبدين برأيهم، مقوضين لمبررات العيش السعيد المشترك لإنسان كان وسيظل عملاقاً بتاريخه، عملاقاً بطموحاته، عملاقاً بقدراته.
من منطلق تضحيات بهذه الجسامة، ومجد بهذه النبالة، فإن فاطمة أحمد إبراهيم تستحق وقفة الشعب السوداني المعارض وقفة واحدة جسورة تقتلع هذا النظام الفاسد من جذوره. وليكن تشييع جثمانها الطاهر الشريف، المضمخ بحب السودان، شرارة لثورة نهدم بها الهدم ونبني سوداناً جديداً نعتز به جميعاً.

------------------------------

اخر لحظة
فاطمة أحمد إبراهيم .. رحيل أم السودانيين
آخر لحظة
الأحد, 13/08/2017
فاطمة أحمد إبراهيم .. رحيل أم السودانيين
الخرطوم: سلمى، عماد، لنا -تصوير / سفيان البشرى


مابين عامي (1932) و( 2017) م، سنوات مُفعمة بالنضال والتحديات ظلت مُتمسكة بمبادئها، مُتسلحة بقوة شخصية ورثتها من عائلة عرفت التعليم مُبكراً، فكانت أول سيدة في الشرق الأوسط وأفريقيا تطأ قدمها باحة البرلمان .. (آخر لحظة) استطلعت عدداً من السياسيين بمختلف أحزابهم، وبعض رفقاء دربها الذين اختلفوا معها كثيراً، إلا أنّهم اتفقوا في يوم فقدها على أنها (إمرأة من طِراز خاص)، ومن داخل سرداق العزاء بحي العباسية بأم درمان ننقل لكم تفاصيل يوم حزين.
حزن رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي وصف الراحلة فاطمة أحمد إبراهيم برائدة الدعوة لحقوق المرأة، والناشطة في الديمقراطية، إبان نظم التسلط الاستبدادي في البلاد، وأضاف الإمام في بيان تلقت (آخر لحظة) نسخة منه (مع اختلافنا الفكري والسياسي حول المصير الوطني، نشهد لها بالاجتهاد في العمل من أجل المبادئ التي أمنت بها) مُردفاً: (ومن المحزن أن تلفظ فاطمة أنفاسها في دار الغربة، وإن كانت ظروف الاستبداد قد جعلت المواطنين في غربة داخل الوطن). فيما قال نائب رئيس حزب الأمة اللواء فضل الله برمة: “لعبت فاطمة دوراً قوياً في باحات السياسة السودانية، لا يستطيع أحد أن ينكرها مهما أختلف معها، مُضيفاً (لا يمكننا أن ننكر ما قدمته البتة)،

وأضاف البصمة التي تركتها فاطمة في مسيرة المرأة السودانية تستحق الإشادة والتقدير، قائلاً بحزن شديد: إنه يوم حزين للشعب السوداني والمرأة السودانية خاصة، ناقلاً تعازيه للحزب الشيوعي وابنها ببريطانيا . المعلمة ( فاطمة أمي)، هكذا ابتدرت الصحفية آمال عباس حديثها لـ(آخر لحظة)، وهي تقول بصوت يملؤه الحزن، أنا مُنهارة، وأكاد لا أستوعب كل مايحدث الآن، أبكي اليوم أشياء بـ(الجملة)، الذكريات والتاريخ والنضال الذي لن يتكرر. مُضيفة: لا توجد كلمة تُعبِّر عما يجيش بخاطري من ألم، كانت معلمتي في المرحلة الوسطى، والتي نهلت منها الدروس في الحياة العامة، عملت معها في الحزب الشيوعي، وصوت المرأة، ومضت آمال قائلة: (أي حاجة إيجابية في حياتي أدين بها لفاطمة) .. اختلفنا كثيراً في السابق، وبلغ اختلافنا أشده في عهد (مايو) حيث لم تعجبها مواقفي جملةً وتفصيلاً، في العام (2002) مرضت فاطمة مرضاً شديداً، نُقلت على إثره لأحد المستشفيات بلندن، وأُحيلت لـ(العناية المكثفة)، كُنت وقتها في زيارة هُناك، عندما علمت بمرضها صممت على الاطمئنان عليها، الشيء الذي أثار دهشة المُرافقين لي، لعلمهم مُسبقاً بتوتر العلاقات بيننا، مُحاولين إثنائي عن الزيارة بقولهم: ( قبل أيام وجهت إليك انتقادات لاذعة وقوية)، ولكني صممت، وبالفعل ذهبت إليها في منزلها، واستقبلتني وكأن شيئاً لم يكن، ووقفنا نبكي كما الأطفال لربع ساعة، أنستنا ما سبق من اختلاف ومهاترات .. وختمت آمال حديثها لـ(آخر لحظة ) بقولها (كانت أصيلة، لا يهمها سوى السودان، لها الرحمة والمغفرة) ..

مسيرة حافلةرفيق دربها في الحزب الشيوعي يوسف حسين وصف مواقفها من النضال بغير المسبوقة، وقال يكفي أنها أول امرأة تدخل البرلمان، وأسست (الاتحاد النسائي) ٍالذي أصدر فيما بعد أول مجلة نسائية بالبلاد ترأست تحريرها، لافتاً إلى أنها تمكنت بمعية رفيقاتها من انتزاع حقوق المرأة السياسية، مُشيراً إلى أنها تُعتبر مركزية الحزب الشيوعي بتاريخها الحافل والمُشرِّف، والذي لا يمكن فصله عن تاريخ السودان . مواقف صعبة لم تكن سيدة تلهث وراء (الظروف) كبعض السياسيين الذين يتخلون عن مبادئهم مُقابل حفنة من المال، بهذه الكلمات رثاها القيادي البارز بالحزب الاتحادي علي نايل، مُضيفاً إنها إمرأة قوية، ووطنية، تمركزت فيها كل صفات القيادة، قائلاً: (فاطمة مواطنة سودانية أصيلة) .. مُردفاً بالرغم من معرفتي الضئيلة بها ـ معرفة عن بعد ـ إلا أنها فخر لكافة الشعب السوداني، ولذلك لأنها سيدة احترمت مبادئها فوجب احترامها، كانت سيدة المواقف الصعبة، وزعيمة المناضلات السودانيات. امرأة استثنائية يبدو أنّ وفاة السيدة فاطمة خارج حدود الوطن أثار شجون وزير الدفاع الأسبق اللواء عثمان عبد الله فكتب عنها قائلاً: (ها أنت تُسلمين الروح بعيداً عن أرض الوطن، وخلق غير من وهبتِ حياتك من أجلهم، ورُبما لا تجدين فوقها شِبراً يضم جسدك المُثخن بجراح الزمان).. مُردفاً آمنت فاطمة بمبادئها ومضت شامخة وثابتة كما الطود، يكفي أنها أول برلمانية في الشرق، وأشهر الناشطات في حقوق الإنسان والمرأة، وحاصلة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والدكتوارة الفخرية من جامعة (كاليفورنيا)، وأول من ترأس الإتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، خاتماً حديثه بالتضرع إلى الله عسى أنّ تنعم فاطمة بجنة النعيم، فهي لم تر في هذه الدنيا نعيماً.

نضالالصحفي عيسى إبراهيم يقول لـ(آخر لحظة) مقتل زوجها الشفيع في عهد مايو جعلها من أكثر المعادين لنظام مايو، مُضيفاً بالرغم من مأخذنا عليها تظل شخصية قومية وامرأة عظيمة ومناضلة، وزاد يكفي إنها خرجت من رحم عائلة مُحترمة فهي شقيقة الشاعر صلاح أحمد إبراهيم، ووالدها خريج كلية غردون، ويسرد (إبراهيم) بعضاً من بطولاتها التي باتت مثلها والأحاجي تُروى في أوقات السمر، قائلاً: (تحتقر فاطمة الجبناء الذين يتنازلون عن حقوقهم خوفاً) مُردفاً أذكر أنها كانت تتقدم صفوف البترول، وترفض الوقوف في الخلف .. واصفاً وفاتها بالفقد الجلل، والخسارة الفادحة لكافة الشعب السوداني.رئيس جماعة الإخوان المسلمين بالسودان الشيخ “علي جاويش” نفى علمه بوفاة السيدة فاطمة أحمد إبراهيم، مُتسائلاً في حديثه لـ(آخر لحظة) متى توفت؟ مُردفاً (لا علم لي بوفاتها) معللاً ماذهب إليه قائلاً: (هي تتبع للحزب الشيوعي، ونحن إسلاميون لا علاقة لنا بالحزب الشيوعي ومن ينضوي تحت لوائه)، إلا أنّه ختم حديثه بقوله (لها الرحمة والمغفرة) . سرادق العزاء لمسة حزن عميق خيمت على منزلها بحي العباسية بأم درمان، وعلت أصوات النساء بالعويل، نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن كان أول الحاضرين لتقديم واجب العزاء، كما حضر كل من معتمد أم درمان مجدي عبد العزيز، والأمين العام لحزب الأمة القومي سارة نقد الله، وأعضاء الهيئة المركزية بالحزب الشيوعي، ويلاحظ غياب تام لقيادة حزب الموتمر الوطني والشعبي في مكان العزاء . وقال القيادي بحزب البعث محمد ضياء الدين اليوم (أمس) يفقد السودان أحد رموز الحركة الوطنية، وأضاف: فاطمة أسهمت في قيادة الحركة النسوية، وسطرت تاريخ النضال في السودان، وقدمت خدمة للوطن ككل وليس حزبها فقط. وتوقَّع أن يصل جثمان الفقيدة يوم غد الإثنين من لندن، وأضاف أنه تم تكوين لجنة قومية من الأسرة والحزب الشيوعي وقوى سياسية أخرى لأستقبال الجثمان ودفنه بمقابر البكري، وأضاف ضياء سوف تعلن اللجنة في وقتها عن تفاصيل العزاء .

وبنبرة حزن يقول الناطق الرسمي بالحزب الشيوعي فتحي فضل: فاطمة من الرائدات في الحركة النسوية، واليوم تنطوي صحفة كبيرة من تاريخ النضال في البلاد، وأضاف فاطمة قيادية بحق وحقيقة، عبرت من خلال نضالها الكبير عن أماني شعبها ونساء السودان .وصية ويسرد فتحي كانت وصية فاطمة الأخيرة توصي كل نساء السودان بالاستمرار في النضال وتحقيق المساواة الكاملة بين الرجال والنساء، وأن المرأة نصف المجتمع، لتحقيق العدالة الاجتماعية، وعن وصول الجثمان قال فتحي: إن الإجراءات سوف تبدأ يوم الإثنين لأن اليوم (أمس) وغداً إجازة في لندن، وتوقع وصول الجثمان يوم الأربعاء المقبل . زميل فاطمة أحمد إبراهيم حسن شمت، قال إن الراحلة تعتبر سيدة نساء السودان، امرأة نضال وعظيمة، وكل ألمها ومرضها بسبب النضال، وفاطمة كانت تنادي من عهد الاتحاد السوفيتي بتحقيق المساواة والمواطنة كأساس للحقوق والواجبات. حب العمل ٍ

(كان الإسلاميون في جامعة الخرطوم يقولون لنا أبناء فاطمة، ونقول لهم نحن أبناء فاطمة وأنتم أبناء من؟) هكذا بدأ عضو اللجنة المركزية صديق كبلو حديثه للصحيفة، ويضيف كبلو والحزن يرتسم في وجهه، كانت تقود إلى الجديد والخروج عن القديم نحو التقدم والرفاهية، وأنها استطاعت كسب نساء السودان ورجاله، وأضاف صديق في حديثه لـ(آخرلحظة): فاطمة كانت امرأة ملتزمة، وكانت حريصة على الزمن، وتحب العمل، وفاة فاطمة تفقد السودان أحد ركائز النضال . ويقول القيادي بالحزب الشيوعي كمال الجزولي بعد وفاة فاطمة انهار أحد أركان الحياه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، (فاطمة ظلت صوت النساء الأول في البلاد) هذا ما بدأت به الحقوقية أمل هباني قالت: فاطمة كل حياتها نضال في سلوكها ومواقفها وتصرفتها، وهي من فتحت طريق النضال أمام النساء، وحررت النساء من عبودية الرجال، ويعتبر فقد فاطمة فقد بلد وليس أسرة . وتقول عنها الأمين العام لحزب الأمة القومي سارة نقد الله إنها أول برلمانية سودانية، وفقدت الأمة اليوم برحيلها، أحد رموز الحرية والتقدم، وأنها تعرف بالحق والحقيقة، واهتمامها بقضايا المرأة وحقوقها، وللأسف الشديد فاطمة توفيت خارج وطنها، وتضيف نحن كسودانيات تعتبر فاطمة رمز الحرية والديمقراطية والعيش الكريم . وينعيها رئيس حزب البعث الوحدي الناصري جمال إدريس بقوله: اليوم انقطع أحد جسور النضال في بلادي بعد وفاة فاطمة، والتي كانت تنشد تغيير المجتمع إلى الأفضل، نحو السلام والتقدم، منذ أن كانت طالبة في مدرسة أم درمان

Post: #11
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: بكرى ابوبكر
Date: 08-15-2017, 07:07 PM
Parent: #10

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين;وداعاً، فاطمة أحمد إبراهيم، إبنة السودان الشقيق

Post: #12
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-15-2017, 07:23 PM
Parent: #11

شكرا بكرى لى المرور

--------------------

خالد عويس : (فاطنة السمحة).. أزمنة الرحيل !
August 15, 2017
(خالد عويس – فيسبوك)
(فاطنة السمحة).. أزمنة الرحيل !
خالد عويس
ورحلت فاطمة أحمد إبراهيم بعيدا عن وطنها الذي عشقت، هناك، في بلاد “تموت من البرد حيتانها” كما كتب روائينا العظيم، الطيب صالح، ورحل هو ذاته بعيدا عن النخل والنيل والدليب!
رحلت فاطمة بعد أن خطت على الأرض سطور نضالات كبرى، سياسية واجتماعية وثقافية، وتصدت لأكثر القضايا تعقيدا في مجتمعنا دون أن يرمش لها طرف، وواجهت السجون، بل و”الدماء” التي زانت حيطان منزلها، لوحة تحكي عن إمرأة سودانية، حبست دموعها في مقلتيها بعد إعدام رفيق دربها “شفيع العمال”، واحتفظت بحزنها في أعماق روحها، لتحمل على كاهلها.. “حزنا أكبر، ليس يُقال”، هو وجع الشعب السوداني، ومعركته المستمرة ضد الاستبداد ودعاة التخلف ًو مناهضي الاستنارة والمساواة والعدالة الاجتماعية.
رحلت فاطمة في زمن رحيل العمالقة، سياسة وأدبا وشعرا وفكرا. رحيل يقرع الأجراس بأننا ندفن، كل أشهر، واحدا من الكبار، بل، على وجه الدقة، ندفن جزءا حميما من أرواحنا، وذاكرة السودان السياسية والفكرية والثقافية والفنية والأدبية!
فاطمة عاشت عصر الصراعات الكبرى في السودان، الصراعات الموشاة حوافها بالدم، والمعارك التي لم تكن لتحتمل أنصاف المواقف، أو ذلك اللون الرمادي “المقيت” إلى جوار حائط “متسخ”!
فاطمة أخطأت التقديرات السياسية أحيانا؟ نعم، كما نفعل كلنا، وهل من تقديرات سياسية صائبة مئة بالمئة؟
فاطمة أخطأت التقديرات “النضالية”؟ انتقصت من مبادئها ولو قيد أنملة؟ باعت، ولو بمثقال درهم، تاريخها ونضالاتها؟ تخلت عن قضايا المرأة والمساواة والعدالة الاجتماعية؟ كلا، وألف كلا، فهي ظلت نسيج وحدها، فريدة متفردة، تغرّد بعيدا في إمساكها جمرة الحقوق، و”الجمرة تلهلهب حية” !
إنها من طينة الخليفة عبدالله ودتورشين وعلي عبداللطيف وعبدالقادر ودحبوبة والشريف حسين الهندي وعبدالخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ والإمام الهادي المهدي وأمين الربيع ومحمود محمد طه ورابحة الكنانية ومهيرة بت عبود وجوزيف قرنق. من طينة بابكر النور ومحمد عثمان حامد كرار!
الموت لا يوجع الموتى، “الموت يوجع الأحياء”. وموت فاطمة يهز ويوجع كل ذي “نخوة وطنية”.
إنه زمن الموت – يا صلاح أحمد إبراهيم، أيها الطير المهاجر للوطن، زمن الخريف -، إنه زمن الموت يا صلاح، حيث حامت المنايا حول حمانا، وانتقت مصطفى ووردي ونقد، وقطفت أمين الربيع وعمر نورالدائم وسارا وحميد ومحجوب وعبدالنبي علي أحمد. انها انتفت بعناية الدوش والفيتوري وعثمان حسين وفاروق كدودة والحاج مضوي والطيب صالح وجون قرنق. أرأيت يا صلاح؟! ها هي المنون تقطف فاطمة أيضاً !! تقطفها والوطن، بعد، لم يتحرر، ولم يعد حرا ولا عزيزا ولا كريما !!
روحي بسلام فاطمة، فقد “أعطيت ما استبقيت شيئا”، وهبت عمرك كله لوطنك وقضاياك، ولم يأخذ روحك بريق “ذهب المعز” ولم يجزعك سيفه.
رحمك الله، أم النضال، أم السودانيين والسودانيات.
كنت سودانية من شعرك لأخمص قدميك، وسنعلّم أجيالنا سيرتك الناصعة. سنقول لهم: من هنا مرت فاطنة السمحة. هنا، على هذه الأرض تحدت كل شىء من أجل ما تؤمن به، ومضت مرفوعة الرأس، مثل “راية في جيش الفتى المهدي الإمام”، كطلقة في مدفع عبد الفضيل ألماظ، كالملكة أماني شاخيتي، مثل صباح واجه فيه الشفيع الموت بجسارة.
نعم، فاطمة مرت من هنا، لكن أثرها…. لا يزول

-------------------------
رموز نسوية وسياسية وثقافية : كلمات عن رحيل المناضلة فاطمة أحمد ابراهيم
August 13, 2017
(حريات)
لبنى أحمد حسين
رحم الله أمنا الراحلة الأستاذة فاطمة احمد ابراهيم المناضلة الجسورة و الرائدة الحقوقية و النسائية بحق. رحمها الله و اسكن مثواها الجنة و الهم اهلها و اسرتها الصغيرة و اسرتها الكبيرة الشعب السوداني الصبر و حسن العزاء.
استوقفني امس خبر سونا (وجه المشير عمر البشير رئيس جمهورية السودان بنقل جثمان فاطمة أحمد ابراهيم على نفقة الدولة ولف جثمانها بعلم البلاد، وإقامة جنازة رسمية لها كشخصية قومية خدمت بلادها بإخلاص وتفان).
نعم، خدمت بلادها و شعبها بتفان و إخلاص و نعم و الف نعم انها شخصية قومية بل و عربية و دولية، أما أن تقام لها جنازة رسمية و علي نفقة الدولة ليقف علي رأسها و يتلق فيها العزاء هؤلاء الذين يحكمون .. فلا و الف لا..
نعلم أن أموال الدولة هي أموال الدولة و لكن المتحكم فيها هم هؤلاء.
عاشت فاطمة طوال حياتها بعيدة عن السلطة قريبة من الشعب و اتمني ان تمضي لمثواها الأخير محمولة علي عنقريب محمول علي أكتاف الالاف من أبنائها و بناتها الذين و اللواتي شقت لهن/م الطريق.. لا علي نعش يحمله من رفضتهم طوال حياتها، جنازة رسمية تعني ان يتقدمها اصحاب البدل و الكارفتات و العمامات ناصعة البياض فيما يتراجع الناس الغبش و ما هكذا عاشت فاطمة.
مثلما حمل الشعب من قبل جثامين المغفور لهم باذن الله الشريف حسين الهندي و مصطفي سيد أحمد و غيرهم من الرموز ممن انتقلوا الي جوار ربهم بالغربة، اللهم إلا إذا أرادت السلطة اعتقال جثمان الراحلة هذه المرة.
عزاء فاطمة مفتوح للجميع ان شاء البشير و حكومته العزاء. و ان شاءت الدولة تكريم المرحومة بعد رحيلها فهناك الجامعات و الكليات و الشوارع التي تضن علي حواء سودانية بمجرد اسم لعل اسم المرأة عورة فلماذا لا تسمي جامعة أو كلية باسم فاطمة احمد ابراهيم ؟! لكنه دأب هؤلاء الذين يحكمون يقتلون القتيل و يمشون بجنازته، ففاطمة التي سينقل جثمانها الطاهر من لندن ما تركت السودان اصلا وتشردت من ديارها و بلادها و هي علي كبر في الحياة إلا بسبب قهر و قمع من يتكرمون الان بنقل جسدها ميتا. و هم لا يريدون الا حشد الحشود تحت مظلتهم.
مضت الراحلة بجسدها و ستظل روحها و سيرتها شعلة تنير الدروب الحالكات في دجي الظلم و الظلام. سيظل تاريخها الناصع مصدر فخر و الهام لنا و للاجيال القادمات .
رحم الله الأستاذة الجليلة و الرائدة النسائية فاطمة و تعزية خاصة للاتحاد النسائي السوداني و لكل أهلها معارفها و لجموع الشعب السوداني.
لبنى أحمد حسين.
………………………………..
سارة نقد الله
توفيت اليوم ام مقنعا سابل..رمز ومفخرة وتاج عز كل السودانيين وعلى وجه الخصوص النساء السودانيات. فقد دافعت فاطمة احمد ابراهيم عن حقوقهن، بكل المستويات وفى كل المحافل . دافعت عن كرامة المرأة وعزتها..كانت مفخرة حينما دخلت البرلمان كأول امراة تدخل البرلمان السودانى.
كانت كلما ترانى تحكى لى عن واقعة حدثت لها مع والدى تؤكد حساسيته بالعدالة تجاه النساء . اذ ذكرت ان والدى رحمه الله حين كان وزيرا للداخلية جاءها بنفسه حاملا تصديق ترخيص سلاح لها كحق قانونى لكل برلمانى . وقال لها انه حقها وعندما لم تطالب به اتى به اليها . كانت تبدا دائما حديثها معى بذكر هذه الواقعة.
نعم كانت شيوعية . وذات توجه فكرى وسياسى ولكن لم يكن هذا حاجزا بينها وبين السودانيات من مختلف التوجهات الفكرية والسودانية. كانت تقف مع الحق اينما كان.
رمز للمرأة السودانية الأصيلة . وكان لتربيتها فى بيت رجل عالم كوالدها اثر فى تربيتها فنشأت تحمل كل قيم السودانيين من كرم وبشاشة ونصرة حق وشجاعة. للأسف رحلت فاطمة وتركتنا محسورات على انها لم تمت بين احضاننا وفى احضان الوطن الذى عشقته..لها الرحمة بقدر ما قدمت.
سارة نقد الله .
…………………………….
د. امنة الصادق بدرى
انا من امبارح في الم نفسي شديد من سماعي لهذا الخبر الحزين. فالاستاذة و الخاله و ست فاطمه بالاضافة لنظرتنا لها كقدوة رائدة و مناضلة و قائدة ناجحة في اكتساب حقوق المرأة الا انها ممن نذكرهم بالخير لحنيتها لنا و نحن أطفال في روضه الاحفاد و وقتها كانت معلمة في الاحفاد الوسطي و كانت تزورنا في فصل الروضة من حين لآخر. ولبشاشتها عندما نلتقيها في مناسبات اختلاط أسرتنا مع اسرتها العريقه في امدرمان و في مناسبات مناشط دار المرشدات فقد كانت شعله مضيئه في كل موقع. كما كانت تعجبني علاقتها الأبوية مع العميد يوسف بدري حيث كانت تستشيره في مستقبل ابنها احمد من حين لآخر و كان اول من حضرت لتوديعه و هي تنوي الرحال لبريطانيا لحمايه ابنها من تلاطم امواج السياسه في السودان. و اذكر زيارة الوداع تلك في صباح احد الأيام و كنت حضوراً ذلك اليوم لاكرامها بما جاد به المنزل. و كم اذكر قوتها و صلابتها و أيضاً حزنها علي اضطرارها لمغادره الوطن و لكن سلامه وحيدها و نجاحه كان دافعاً قوياً. و لم تجعل الغربة سداً للتوقف عن نضالها بل اتخذت بعداً عالمياً أصلاً كانت له اهلًا منذ بداية نضالها في الوطن.
كان لها المنطق و الدلاله في كل محاضراتها و ندواتها لحماية قضيه المرأة . و كنت في بدايات عملي بجامعة الاحفاد للبنات قد رتبت لسلسله من الندوات تتحدث فيه الرائدات ليقدمن القدوه لطالباتي. و في تلك الندوة اذكر أثير موضوع الاختلاط في العمل حيث كان هنالك تيار قوي ينادي بفصل الجنسين في دور التعليم و العمل فما كان منها الا ان اجابت : ” وهل هناك مثال حي للاختلاط اكثر من الحج الي بيت الله الحرام و الطواف و السعي حيث يختلط الرجال و النساء كتفا بكتف ؟!.”
رحم الله فاطمه رحمة واسعة و ادخلها جنات الخلد في الفردوس الاعلي. و ثمن الله حسناتها فما ينعمن به نساء بلادي من حقوق ماديه و سياسية هي من غرس فاطمه و قطافها. الف رحمة و نور علي روحها الطاهرة.
د. امنة الصادق بدرى.
………………………………
هادية حسب الله
حزن مر وقاس ذلك الذى يملأ القلب برحيل القائدة الشجاعة الملهمة فاطمة احمد ابراهيم ، والتى لم تلتقيها غالب نساء جيلى الا عبر كتبها وسيرتها التى كرائحة البيوت الاليفة ، وهى اليوم فى عليائها برفقة رفيقها الشفيع حتما تنظرنا بحنوها المعتاد . هى مزيج ساحر من أمومة متدفقة وصلابة قوية. هزمت فى مسيرتها كل أساطير التقليدية وبنت للحداثة حديقتها الخاصة ، فمزجت بين انفتاح جرىء حين وزعت فاكهة زواجها بنفسها للفقراء بلا بذخ سوى الفرح الغامر للجماهير ، وبين عشق لما هو جدير بالاحتفاء والتقدير فى سودانيتنا من عشق للثوب وللبشاشة وكرم الروح ، ذات الكرم الذى بخلت به على الاعداء فلم تخف فى الحق ابدا.
لقد جادت فاطمة بكامل حياتها للعمل العام وأوفت تماما بوسع زمانها بالمطلوب . فاطمة احدى النماذج الرفيعة التى حاولت تقريب الحداثة للجماهير . ونبقى نحن المدينات لها مطالبات بتسديد فاتورة استكمال نضالاتها.
يا فاطمة ذات القلب الجسور الموفور بالحب : عطائك وصبرك سيسقى وردات حداثة السودانيات فكونى هناك مطمئنة .. نحن نباهى بك كثيرا ونقتدى ونحب.
هادية محمد حسب الله.
……………………….
د. احسان فقيرى
حزن عظيم ..فقد كبير للنساء والوطن .. بالنسبة لي فاطمة لم تكن فقط القائدة الملهمة ..بل كانت ايضا صديقة تعلمت منها الكثير .. خاصة فيما يتعلق بالعمل العام وخصوصاً في مجال قضايا المرأة . كان همها الاساسي تربية الكوادر وتعليمنا الخطابة… تضحياتها العظيمة وشجاعتها ستظل تضىء طريق نساء السودان.
د. احسان فقيرى.
…………………………
عشة خليل الكارب
فاطمة كانت – وستظل- لنا القدوة والمثال والملهمة ونحن نشب عن الطوق ونبدأ الخوض في بحور الوطنية وتعلم النضال من اجل الحقوق ، والتوق الى العدالة الاجتماعية والاشتراكية ، فاطمة ، ورفيقات لها ، أرست لنا القواعد وفتحت لنا الدروب الشائكة ورفعت لنا السقوف لكى نستمر ونحن نناضل لتنال المرأة السودانية حقوقها كاملة وتستمتع بها دون من ولا أذى ودون خوف ولا اعتذار.
هذه الارض الصلبة التي ارستها فاطمة وهى تقود الاتحاد النسائى هى ما نرتكز عليه اليوم لمقاومة التردى وانتهاك حقوق النساء والبنات.
واليوم اذ أنعى فاطمة فاننى انعي فيها جسارة النضال وقوة الحجة وصلابة الايمان بالقضية ونكران الذات ودماثة الخلق وطيب المعشر…ونعاهدك يا فاطمة أننا على ذات الدرب سائرات
أرقدي بسلام وسلام عليك في عليائك والف رحمة ونور تنزل عليك
عشة خليل الكارب
عضوة في الاتحاد النسائي وناشطة في مجال حقوق المرأة والبنت.
………………………..
زينب بدر الدين
فاطمة رمز لنضال المرأة السودانية الصمود الجسارة القوة عاشت شايلة كفنها تتوقع الأسوأ طالما لها القدرة على قول الحق فى وجه الحاكم الظالم..لم يكسرها إستشهاد شريك حياتها ولم تهد عزمها المعتقلات على الرغم من ظروفها الصحية فهى مصابة بالسكرى منذ بداية شبابها فعانت من صدمات الهبوط والإرتفاع الناتجة عن المطاردات والإعتقالات ..نعلم كيف يعامل رجال الأمن فى السودان تاريخيا منذ فترة نميرى وحتى مجئ الإنقاذ كيف يعاملون النساء..
أعلم أن الجميع سوف يذكر الإنجازات فى التى ناضلت لتحقيقها كبرلمانية .. ولكن هناك الكثير. فاطمة إنسانة رقيقة المشاعر وقد تخطىء كما البشر أيضا حتى فى التقديرات …فلو فوجئت حتى بجعفر نميرى يتقدم لها بالسلام سوف تأخذ يده ، وفاطمة من جيل الستينات قد يرى فيها بعض الشباب انها تقليدية وهى حقيقة لا تقلل من جهودها ..ما نحن فيه بجميع طوائفنا السياسية والمجتمعية كان جهد رائدات الحركة النسوية وأشهرهن وأكثرهن صمودا والتى لم تلن ولم تتذبذب فى المواقف هى فاطمة …لا بايعت لا ساومت …
تظل رمزا تاريخيا ومثالا يحتذى لجميع الأجيال خالدة فينا ..وقدوة لنا بكل ما انجزت وبكل ما أخطأت ..وبكل حبها للوطن.
زينب بدر الدين.
……………………………
حنان محمد نور
فاطمة الوعي المبكر .. الصمود والجسارة .. النخلة والشموخ .. المواقف النبيلة .. التواضع والبساطة .. الفكر النبيل .. الإيمان بالقضية والتفاني من أجل اعلاء كلمة الحق .. ومن اجل التغيير الاجتماعي ثقافيا واقتصاديا وسياسيا .. الفكر والايمان العميق بان قضية المراة لا تنفصل عن القضايا العامة وقضية المجتمع والوطن واننا كنساء لا نعمل من اجل قضيتنا بمعزل عنها وهذا هو التغيير الحقيقي الذي يضمن للمرأة حقوقها ومكتسباتها .. لذا فقد بدأت نضالها بأرضية صلبة وامتلاك لنهج علمي مكنها من القدرة علي التحليل والقدرة علي معرفة وتلمس المشاكل الحقيقية التى تعاني منها المرأة علي مستوي الوطن المحلي والاقليمي.. لذلك نالت الثقة لأن تصبح اول برلمانية في وقت مبكر وفي مجتمع ما زالت نظرته للمرأة يشوبها شي من التخلف وعدم الإيمان بقدراتها ونجاحاتها بل انها كائن لها أدوار تقليدية ومنطقية محددة .. وأن تتبوأ منصب رئيسة الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي كأول امرأة عربية وافريقية ..
فاطمة اكتسبت ثقة واحترام كل المجتمع السوداني بكل شرائحه وفئاته وثقة الكثير من الأسر في طرحها لأنها كانت ملامسة وقريبة جدا من قضاياهم .. لا نقل وداعا .. ستظلين خالدة فينا .. وستظل ذكراك باقية بما قدمتِ .. فارقدي بسلام ..
يمة مع السلامة
حنان محمد نور عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد النسائي.
………………………………
تيسير النورانى
وداعا فاطمه
نعت اخبار لندن الحزينه رحيل المناضله الفذه فاطمه احمد ابراهيم
وبفقدها انطوت صفحة ناصعة من صفحات نضال المرأة السودانيه
عاشت الفقيدة حياة عريضة ناضلت خلالها على مختلف الجبهات واشتهرت بمواقفها الشجاعه وقوة شخصيتها وثباتها في كل جبهات المعارك التى خاصتها واضحة قوية عصية على التركيع والمساومة.
عاشت فاطمه وستظل متوهجة كرمز للوضوح في المواقف والوفاء للقيم التى امنت بها وكل ذلك حفظ لها مكانتها الكبيره في قلوب كل السودانيين.
رحمها الله برحمته الواسعة ورزقها الفردوس الاعلى من الجنة
وخالص تعازينا لاسرتها وتلاميذها ورفاقها في الحزب الشيوعي السوداني.
تيسير النورانى .
……………………………….
ليف تونسيين
لايمكنك التحدث حول الحركة النسوية بالسودان دون ذكر قائدتها فاطمة احمد ابراهيم . انها رائدة . فهى اول امرأة تنتخب للبرلمان . واحدى مؤسسات الاتحاد النسائى ومجلة صوت المرأة . وكان فى مقدمة نشاطها، النضال من اجل حقوق النساء العاملات.. فلنكرم ذكراها بالنضال المستمر من أجل نيل حقوق و مساواة النساء السودانيات.
ليف تونسيين
اكاديمية
النرويج.
Liv Tonnessen
Christian michelson institute Norway
Academic researcher
………………………………..
د. بشرى الفاضل
برحيل المناضلة الجسورة فاطمة احمد إبراهيم اليوم لن تنطوي صفحة نضالاتها التي امتدت لستين عاما وتزيد منذ انضمامها للحزب الشيوعي عام 54 من القرن الماضي . يذكر الكثيرون في المنطقة حولنا انها اول برلمانية في افريقيا والشرق الأوسط لكن السودانيين بإجماعهم يعرفون شجاعتها ووقوفها الصلب ضد الديكتاتوريات وجهرها بالرأي في احلك المواقف.هي من اولى المنافحات عن قضايا المراة والأسرة وقضايا الشعب ككل. كانت فاطمة وجها مشرقا مضيئا للسودانيات والسودانيين وسيظل إرثها نبراسا للأجيال.
وداعا يا ام أحمد با زوجة الشهيد الشفيع احمد الشيخ. ولترقدي بسلام في ثرى أم درمان المدينة التي أحببت.
د. بشرى الفاضل.
……………………………….
عبد الله موسى
من عادة السودانيين في مآتمهم ان يتذكروا موتاهم الراحلين فيبكون الجميع
اليوم نتذكر شهيدنا وقائد الطبقه العامله الشهيد الشفيع احمد الشيخ ونحن نبكي ارملته على وقع كلمات راحلنا محجوب
الشفيع يافاطمه في الحي
في الشوارع والبلد حي
سكتيها القالت احيي
ماعقابو الاخضر الني
راضي عنو الشعب والدي
مات شهيد انا واحلالي
والناعيات يذرفن الدمع السخي نري فاطمه في بناتها وهن في طوابير الصباح في المدارس
نراها في ارواب القاضيات والمحاميات
نراها في افواج المتعلمات
نراها وبنات الطبقه العامله ينورن المصانع والشركات
نراها والمزارعات يحملن الادوات الزراعيه بيد والكتاب باليد الاخرى
نراها في الامهات المتعلمات وهن يرضعن الامل لاطفالهن
نراها والضابطات يضربن تعظيم سلام والنجوم تلتمع على اكتافهن
ونراها والتشريعيات يزحمن البرلمانات وهن يصحن نقطة نظام
نراها وجميلات الاعلام يصنعن الخبطات الصحفيه
نراها في الفنانات وهن يجملن باصواتهن ساحات الفنون
والممثلات ينشرن الوعي والابداع
نرى فاطمه والطبيبات والسسترات والممرضات ينثرن امال الصحة والعافيه
نراها وغاده شوقي تحمي النساء في مناطق الحروب
نراها في المتسنمات مقاعد النجاح في ناسا عالمات مرموقات
نراها والبنات يعبرن بجراه عن حبهن ومشاعرهن ويخترن ازواجهن
نرى فاطمه والنساء ينتشرن في كل انحاء بلادنا مرفوعات الهامات نضرات
ونراها والشيوعيات بصرامتهن اللطيفه يدرن الاجتماعات وسلوى صيام تعبر الاطلنطي الى حزبها في الخرطوم
والمبدعات يكتبن القصصروالروايات
والمنشدات يزاحمن الرجال في حلقات المديح يغردن حبا بالنبي
من قال ان فاطمة قد ماتت فهي حية تسعى عبر كل تلك الاجيال اللائي سرن على الدروب التى مهدتها فاطمة واخواتها
انها ايام حزن ولا محجوب لها
عبدالله موسى.
……………………………
محمد المكي ابراهيم
يا اخت خير أخ
يا بنت خير أب
كناية بهما عن اشرف النسب
الى جنات عالية قطوفها دانية يطوف عليها ولدان مخلدون اذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا واذا رأيت ثم رأيت جمالا ومللكا كبيرا في نعمة ورضا من المولى جل وعلا وذلك خير الجزاء عما أسلفتم في الايام الخالية فوداعا ايها الغالية فقد اشتاقت اليك افياء الجنة.
محمد المكي ابراهيم.
…………………………….
عمر الدقير
أتقدم باسمي وباسم حزب المؤتمر السوداني بالعزاء لأسرة الراحلة فاطمة أحمد إبراهيم وزملائها في الحزب الشيوعي وكلِّ أصدقائها ومحبيها.
عبرت فاطمة جسر الرحيل الأخير، لكنَّها ستبقى مستقرةً في الذاكرة الوطنية وسيبقى اسمها فى مقدمة ذلك السِّجِل الرائع المطرَّز بأسماء الذين وهبوا سنوات العمر، بلا منٍّ ولا أذى، للوطن وناسه.
فى مضابط تطور المجتمع السودانى وحركة المرأة فيه، يبرز اسم فاطمة أحمد إبراهيم مضيئاً كمناضلة عملت من أجل تعزيز وحماية حقوق المرأة وكرامتها، وكنائبة برلمانية فى وقتٍ لم تكن فيه النساء فى كثيرٍ من أنحاء العالم يحظين بالحق فى التصويت والانتخاب .. عملت فى الحزب الشيوعي ووفى الاتحاد النسائي ومختلف ميادين العمل الوطني وتركت سيرةً معطرةً برحيق البذل الوافر في سبيل ما كانت تحلم به لوطنها وشعبها.
رحم الله فاطمة وأكرم مثواها .. “إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون”.
عمر يوسف الدقير
رئيس حزب المؤتمر السوداني.
…………………………….
ياسر عرمان
فاطمة أحمد إبراهيم تستحق وداعا في ملحمة وطنية تليق بها وبقضايا النساء السودانيات
فاطمة أحمد ابراهيم عنوان من العناوين المهمة في كتاب نضال المرأة السودانية الحديث، وأطول النخلات النسائية في تاريخنا الوطني بعد رحيل الإستعمار، ومقاتلة عنيدة من أجل تحرر النساء والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وضد الشمولية، وهي احدى أساتذة جيلنا، يأتي رحيلها في أحلك وأبشع أوضاع تطال النساء السودانيات في المدن والريف ولاسيما في مناطق الحروب، من قصف الطائرات وقانون النظام العام والفقر والتهميش الذي يطال ملايين النساء(النساء مهمشات المهمشين- د. جون قرنق) وارتبطت فاطمة بعلاقات وثيقة مع قادة الحركة الشعبية لاسيما جون قرنق ويوسف كوة، ولذا فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان تدعو لتشييعها بشكل يعكس إحتجاجا واسعا ضد الأوضاع المأساوية التي تعيشها النساء السودانيات وإنسان بلادنا، وقد عرفت فاطمة أحمد إبراهيم بإنها داعية لتجميع القوى الوطنية وعلينا جميعا أن نعمل على تشييعها في كل من لندن والخرطوم بالشكل الذي يليق بما قدمته وفي ملحمة تضامنية وطنية مع قضايا النساء السودانيات وضد القوانين المقيدة لحريات النساء والتمييز ضدهن، وضد قصف الطائرات للنساء والأطفال، ويجب أن يكون تشييعها مناسبة للإصطفاف الوطني العريض، هذه هي رسالتنا الآن، وأما الحديث عن فاطمة وأفضالها فسيطول.
ياسر عرمان.
………………………………
فاروق ابوعيسي
الي أبناء وبنات الشعب السوداني في الشمال وفِي الجنوب
وداعا فاطمة – رحلت فاطمة احمد ابراهيم وستبقي ذكراها
في هذا اليوم الحزين ارسل اسمى ايات التعازي والمواساة في فقيدة الوطن والحركة النسوية العالمية المناضلة الشجاعة التي صبرت وحملت روحها على راحتيها ولم تخشى سياط الدكتاتوريات ولا رصاصها وظفت كل مجهودها وزمنها في نشر الوعي لتنهض بالمرأة السودانية وتمتد مساحاتها عبر القارات لتكن احدى النماذج التي احتذي بها وفتحت دروبا كثيرة للنساء عبر نضالاتها الشرسة وجسارتها التي لم تمنعها ابدا من قول الحق والوقوف في وجه كل من حاول التلاعب بمكتسبات الشعب او اسكات صوت المرأة فلقد جسدت مع رفيقاتها بل وطبقت معاني النضال المشترك في الحياة العامة وفي العمل السياسي المباشر ودوما كانت حاضرة للدفاع وتبني قضايا المستضعفين.
ان رحيلها ومشهده الحالي يؤكد موقفها قرب شعبها في محنه وحب شعب السودان لها وتقديره لمواقفها التي لن ينساها التاريخ.
لقد شرفتنا فاطمة احمد ابراهيم ببسالتها فسيرتها كانت تسبقها في المحافل الدولية والملمات الاقليمية فكثيرون يعرفون اول نائبة برلمانية منتخبة في المنطقة انتخبت حين كان عدد النساء البرلمانيات في العالم ارقاما لا تذكر يذكرها العالم في صمودها وتفانيها في نضال جنبا الي جنب مع قادة افذاذ وهبوا ارواحهم للوطن نساءا ورجالا . ستظل ذكراها في كتاب التاريخ السوداني وتواريخ نضال المراة ضد القهر والاضطهاد في كل العالم فصلا لا يمكن لاحد ان يتخطاه.
الان نحن احوج لارثها والدروس المستفاده منه معينا لابناء وبنات شعبنا في نضالنا اليومي لاقتلاع النظام المستبد الذي يشرد امثال فاطمة ممن كان لهم دور في رفع اسم السودان عاليا بالوعي والبذل والتضحية.
العزاء لاسرتها السودانية واصدقائها في العالم ورفيقاتها في النضال في الاتحاد النسائي السوداني ولرفاقها في الحزب الشيوعي ولابنها دكتور احمد الشفيع احمد الشيخ.
نسال لها الرحمة والمغفرة بقدر ما قدمت لشعبها .
فاروق ابوعيسي.

Post: #22
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-19-2017, 04:22 PM
Parent: #12

كمال الجزولى : فَاطِمَة : فِي تَلْويحَةِ الوَدَاعِ الأَبَدِيِّ
August 19, 2017
(كمال الجزولى)
فَاطِمَة : فِي تَلْويحَةِ الوَدَاعِ الأَبَدِيِّ
كمال الجزولى
(1)
لم يكن السُّودان، مطلع ثلاثينات القرن المنصرم، أوان ولادة سيِّدة النِّضال الأولى فاطمة أحمد محمَّد إبراهيم التي رحلت في الثاني عشر من أغسطس الجَّاري بالعاصمة البريطانيَّة، محض بلد ابتُلي بالعرج الاجتماعي الناجم عن الهيمنة الذُّكوريَّة التي ترتَّبت، في سائر أنحاء العالم، على الهزيمة التَّاريخيَّة لجنس النِّساء، وتراجعهنَّ إلى داخل المنازل، ما عدا بضعة استثناءات لا يُعتدُّ بها، بل ابتُلي، ضغثاً على إبالة، بهزيمة عموم أهله تحت سنابك الاستعمار، واستلحاقهم بعجلة الرَّأسماليَّة ولمَّا يكونوا قد غادروا، بعد، عتبة الإقطاع، فضلاً عن تراجعهم، في قسمة العمل العالميَّة الظَّالمة، من طليعيَّة الرِّيادة الاستقلاليَّة إلى ذيليَّة التَّبعيَّة الإمبرياليَّة، حتَّى لقد كان المفترض أن يُختم على جبين طفلة شيخ احمد أن يكون نصيبها مقاساة الاضطهاد المركَّب، ككلِّ بنات جنسها، وطنيَّاً وطبقيَّاً وجَّندريَّاً.
(2)
لكن، لئن كانت المصائب يجمعن المصابين، وكان متوقَّعاً، لذلك، بل وطبيعيَّاً تماماً، الدَّعم التَّربوي والنَّفسي الذي قدَّمته لها، في تلك الظروف، والدتها صاحبة النفس الزَّكيَّة، والذِّهن المتوقِّد، الحاجَّة عائشة محمَّد احمد فضل، والتي اكتسبته هي ذاتها من دعم ومساندة زوجها لها، فإن الحياة قد هيَّأت لفاطمة، فوق ذلك، ما يتجاوز الطبيعي والمتوقَّع، الأب المتفتِّح في الزَّمن المغلق، رجل الدِّين والتَّعليم، وخرِّيج الكليَّة القديمة، شيخ أحمد الذي جمع إلى حُسن الوقار، وصفاء التَّقوى، استنارة فكريَّة حدت به لأن يوفِّر لطفلته كلِّ أسباب الرِّعاية العادلة، والتَّربية المتوازنة، وحسَّاً وطنيَّاً سـاءته، بأثره، مناهـج المدارس الكولونياليَّة، فصادم، بسببها، إدارة التعليم البريطانيَّة، ضارباً بوظيفته الحكوميَّة عرض الحائط، ومفضِّـلاً عليهـا التَّدريس بمـدرسة الأحفاد الأهـليَّة، في عصر استشرى فيه الفقر بسبب اقتصاديَّات الاستعمار، لدرجة أن تلك الوظيفة كانت بمثابة الحلم لكلِّ من نال قسطاً من التَّعليم.
إلى جانب شيخ احمد، حبت الحياة فاطمة، كذلك، بإثنين كان لقربهما الثَّقافي منها، ودعمهما المعنوي لها، تأثيراً كبيراً عليها، هما شقيقاها المهندس مرتضى، والشَّاعر صلاح اللذان كانا سبقاها إلى صفوف الحزب الشِّيوعي، ومنصَّات العمل العام؛ حيث وقفا ووالدهما، يشجِّعونها جميعاً، ويذودون عنها نوائب زمن غير مواتٍ، البتَّة، خصوصاً لدى بواكير انفتاحها على المجتمع، وعلى النَّشاط السِّياسي. وكان ذلك الدَّعم، فضلاً عن الدَّعم اللاحق من رجال مستنيرين كثر في شتَّى مؤسَّسات العمل العام التي انتمت إليها، بمثابة الضرورة التي لا غنى عنها لمشوار حياتها الطويل الوعر، خصوصاً بعد أن اختارت الانطلاق من منصَّة واحدة مع مناضلين، رجالاً ونساءً، على قدم المساواة. فقد أثبت التَّاريخ أن النِّضال لا يتجزَّأ، وأن نضال النِّساء المقهورات للتَّحرُّر لا ينفصل عن نضال الرِّجال المقهورين لأجل نفس الهدف. لذا فإن نضالات هؤلاء النِّساء أحوج ما تكون إلى التَّلاحم مع نضالات الرِّجال، على العكس مِمَّا يجترح فكر الحركات (النِّسويَّة) التَّخريبي الواقف على رأسه يلوِّح بشعارات (النِّضال) ضدَّ الرِّجال أنفسهم، من حيث هم رجال!
إن الوعي الزَّائف هو الذي يشوِّه تصوُّر المرأة لذاتها، ولعلاقاتها الإنسانيَّة والاجتماعيَّة، ومن ثمَّ لسبل ووسائل تحرُّرها من كلِّ النَّواحي، ويكرِّس، في نهاية المطاف، لانكسار قضيَّتها بالخضـوع التَّام لهيمـنة الثَّقافـة الذُّكـوريَّة، من حـيث يُدَّعى التَّمرُّد عليها، والتَّخلص منها.
(3)
ما كان لفاطمة، لولا إدراكها الباكر لذلك كله، وعملها، طوال عمرها، على نشر الوعي به، أن تحفر اسمها عميقاً في سجل الخالدين. وقد يكفي أن نشير إلى أنها، على أيَّام تتلمذها بمدرسة أم درمان الثَّانويَّة، حرَّرت جريدة (الرَّائدة) الحائطيَّة، مثلما نشرت، في ذلك الوقت الباكر أيضاً، مقالات، باسم مستعار، حول حقوق المرأة، في صحف أربعينات القرن المنصرم؛ وقادت، خلال ذلك، أوَّل إضراب نسائي ضدَّ اتِّجاه إدارة المدرسة لإلغاء منهج العلوم، وإحلال التَّدبير المنزلي والخياطة محله؛ وهو الإضراب الذي أدَّى نجاحه، وتراجُع المدرسة عن خطتها تلك، إلى بداية انخراط فاطمة في النِّضال السِّياسي ضدَّ الاستعمار؛ فشاركت، عام 1947م، في تأسيس رابطة النِّساء المثقَّفات؛ وانتمت، في 1952م، إلى الاتِّحاد النِّسائي، وفي 1955م ترأست تحرير مجلته (صوت المرأة)، ثمَّ انتخبت رئيسة له عام 1956م؛ وفي 1954م انتمت إلى الحزب الشِّيوعي الذي صعدت إلى ذروة لجنته المركزيَّة ومكتبه السِّياسي عبر مؤتمره الرَّابع عام 1967م؛ كما شاركت، عام 1962م، في تكوين (هيئة نساء السُّودان) لمناهضة نظام عبود؛ ولعبت دوراً بارزاً في التَّحضير لثورة أكتوبر 1964م، وشاركت في قيادتها ضمن مفردات (جبهة الهيئات)؛ ثمَّ انتُخبت، عام 1965م، عضـواً في الجَّمعـيَّة التَّأسيسـيَّة، كأوَّل برلمانيَّة في أفريقيا والشَّـرق الأوسـط.
كما قد يكفي، أيضاً، أن نشير إلى ما أنجز الاتِّحاد النِّسائي من حقوق للمرأة، خلف قيادة فاطمة، على صعيد أهمَّ مطالبه المدرجة ضمن دستوره المعدَّل عام 1954م، كحقِّ التَّصويت والتَّرشيح للبرلمان؛ وحقِّ الأجر المتساوي للعمل المتساوي؛ وحقِّ الدُّخول في الخدمة المعاشيَّة، والحقِّ في عطلة الولادة مدفوعة الأجر، وفي إلغاء قانون العمل بالمشاهرة، وفي إلغاء قانون (بيت الطاعة)؛ وفي المساواة في التَّأهيل، والتَّدريب، والتَّرقِّي، ومحو الأميَّة، والتَّعليم المجَّاني، وتوفير فرص العمل في كلِّ المجالات، بما في ذلك القوَّات المسلحة، والشُّرطة، والقضاء، والتِّجارة؛ ومنع الزَّواج قبل سنِّ البلوغ؛ وغيرها من الحقوق.
(4)
لم يكن مشوار فاطمة إلى كلِّ ذلك محض نزهة، فقد كبَّدها مقاومة شرسة لترسانات الأنظمة العسكريَّة، ومضايقاتها، وملاحقاتها، وتهديداتها، وكلِّ ما أصابها شخصيَّاً. فعندما اغتال النِّميري وأبو القاسم محمد إبراهيم، عام 1971م، زوجها الشَّهيد الشَّفيع احمد الشَّيخ، السكرتير العام لاتِّحاد نقابات العمَّال السُّودانيين، ونائب رئيس اتِّحاد نقابات العمَّال العالمي، وضعاها في الإقامة الجَّبريَّة لمدَّة عامين ونصف، عدا عن تعريضها للاعتقالات المتكرِّرة، والمحاكمات الجَّائرة. وعندما وقع انقلاب 1989م، تأسيساً لنظام الإسلامويين، لم تركن فاطمة إلى زعمه بأنه ما جاء إلا لـ (إنقاذ) البلد! فغادرت إلى المهاجر، عام 1990م، لمواصلة نضالها من هناك.
ولعلَّ الزَّمن وحده قد تكفَّل بإثبات أنَّها كانت محقَّة، تماماً، في تقديرها، وذلك عبر الحدث الذي وقع مساء اليوم الثَّالث لوفاتها. فبينما كان النِّظام ينازع جموع الشَّعب حول أحقيَّته باستقبال جثمانها الذي لم يكن قد وصل البلاد، بعد، لتشييعه إلى مثواه الأخير، كان يرتِّب، في نفس الوقت، لتكريم الرَّائد (م) أبو القاسم محمَّد إبراهيم، وترقيته، استثنائيَّاً، إلى رتبة الفريق، وهو مَن هو، كما في علم الجَّميع، ولا بُد، بالنِّسبة للرَّاحلة وزوجها الشَّهيد، فتأمَّل!
(5)
كانت لفاطمة، في المستوى الشَّخصي، بخلاف نضالاتها المؤسَّسيَّة، أياد بيضاء فاضت بخيرها العميم على كثيرين مِمَّن قد يدهشك أنه لم يكن يربطها بهم غير العلائق الإنسانيَّة العامَّة. فقد فاجأني، ذات مرَّة، قاض جليل بأم درمان قائلاً، وقد تطرَّق الحديث بيننا إلى ذكر فاطمة، إنه لولاها لما كان قد تعلم أصلاً، دَعْ أن يبلغ ما بلغ من مكانة مهنيَّة أو اجتماعيَّة. ومضى يروي لي أن والدته تولت أمر تربيته بمفردها، بعد أن توفي والده، وتركه طفلاً بين ذراعيها، فكانت تعمل خفيرة بدار (الاتِّحاد النِّسائي) بشارع الموردة بأم درمان، ولذلك كانا يسكنان غرفة صغيرة في تلك الدَّار. وعندما بلغ سنَّ التَّمدرس حرصت فاطمة على إلحاقه بالمدرسة، متكفِّلة، هي وبعض زميلاتها، رغم محدوديَّة إمكاناتهم الماديَّة، بمصروفاته كافَّة، ومتابعة تدرُّجه عبر كلِّ مراحل تعليمه العـام، حتَّى التحـق بالجَّامعـة، وتخـرَّج في كليَّة الحـقوق، والتحق بسـلك القضـاء!
وكانت لفاطمة، أيضاً، برغم الانشغالات السِّياسيَّة الكثيفة، إسهاماتها الفكريَّة المقدَّرة التي سكبتها في العديد من الكتب، أهمِّها: (حصادنا خلال عشرين عاماً) ـ (المرأة العربيَّة والتَّغيير الاجتماعي) ـ (حول قضايا الأحوال الشَّخصيَّة) ـ (قضايا المرأة العاملة السُّودانيَّة) ـ (آن آوان التَّغيير ولكن)، بالإضافة إلى مئات المحاضرات، والمقالات، والأوراق العلميَّة.
لكلِّ ذلك، ولنضالها العملي، نالت فاطمة من التَّكريم والأوسمة العالميَّة الرَّفيعة ما هي أهل له، حيث اختيرت، عام 1991م، رئيسة لاتِّحاد النِّساء الدِّيموقراطي العالمي، كأوَّل شخصيَّة عربيَّة، أو أفريقيَّة، أو مسلمة، أو عالمثالثيَّة عموماً، تُنتخب لهذا المنصب؛ وحصلت، عام 1993م، على جائزة الأمم المتَّحدة لحقوق الإنسان؛ وعام 1996م على الدكتوراه الفخريَّة من جامعة كليفورنيا لجهودها في دعم قضايا النِّساء، ومكافحة استغلال الأطفال؛ كما حازت عام 2006م على جائزة ابن رشد في برلين، اعترافاً بشجاعتها في المنافحة عن حرية الفكر.
فإنْ استعرنا في وداعها، بتصرُّف، عبارة محمَّد المكِّي إبراهيم في رثاء محمَّد المهدي المجذوب، جاز لنا أن نقول: برحيل هذه القائدة الفذَّة، والإنسانة العظيمة، “ينفصل الجَّمر عن صندل الكفاح النِّسائي”، حيث ظلت تمثِّل، دائماً، عطره وطعمه اللذين لا يدانيهما عطر أو طعم. ومع يقيننا من أن رحم الحركة النِّسائيَّة السُّودانيَّة، العربيَّة، الأفريقيَّة، والعالميَّة ولودٌ، إلا أنَّه ما من شكٍّ، البتَّة، في أن زمناً طويلاً سينقضي قبل أن تتمكن هذه الحركة من تعويض هذه الخسارة الفادحة، وهذا الفقد الجَّلل.
(6)
اللهمَّ ها هي فاطمة قد خرجت من الدُّنيا، وسعتها، إلى ضيق اللحود، وكآبتها، وجاءت ببابك، وأناخت بجنابك، وأضحت بحبل جوارك، وافتقرت إلى رحمتك، فإنَّا نتوسَّل بك إليك، ونقسم بك عليك، أن تعاملها بما أنت أهله، لا بما هي أهله، وأن تؤانسها في وحدتها، وفي وحشتها، وفي غربتها، اللهمَّ إنّا لا نزكِّيها عليك، ولكنَّا نشهد، فحسب، بأنَّها صبرت على البلاء فلم تجزع، فنسألك، يا ربُّ، أن تمنحها درجة الصَّابرين الذين يوفَّون أجورهم بغير حساب، وأن تجزها عن الإحسان إحساناً، وعن الإساءة عفواً وغفراناً، وأن تيمِّن كتابها، وتيسِّر حسابها، وتثقِّل بالحسنات ميزانها، وتثبِّت على الصّراط أقدامها، وتلقّنها حجَّتها، وتجعل نفسها مطمئنَّة، وعند قيام الأشهاد آمنةً، وبجود رضوانك واثقةً، وأن تنزلها، وأنت الغنيُّ عن عذابها، منازل الصِّدِّيقين، والشُّهداء، والصَّالحين، وحسن أولئك رفيقاً، وأن تلزم أهلها وشعبها الصَّبر الجميل والسُّلوان، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

Post: #13
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: مني عمسيب
Date: 08-15-2017, 07:24 PM
Parent: #11

استراحة تحت ظلها الوارف ...

ذكريات علي الورق .. كرت زواج الاستاذة فاطنة السمحة .


http://www.up-00.com/

Post: #14
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-16-2017, 10:43 AM
Parent: #13

حسن مدن
امرأة شجاعة من السودان

خطف الموت مؤخراً امرأة شجاعة رائعة ونبيلة أعطانا إياها السودان الذي نحب. هي فاطمة أحمد إبراهيم التي وصلت البرلمان ذات عام من أعوام المجد محمو لة على أصوات السودانيين، الرجال قبل النساء، وأسست للسودانيات اتحاداً يدافع عن حقوقهن، وأصدرت لهن مجلة شهرية تطرح قضاياهن، ودخلت السجن أكثر من مرة، ووقفت تحاجج القضاة في قاعات المحاكم مدافعة عن قضية شعبها.
وُلدت في أوائل ثلاثينات القرن العشرين، وحين كانت شابة يافعة قادت أول إضراب في مدارس البنات بالسودان للمطالبة بتطوير التعليم، وبعد حين لن يطول ستصبح أول امرأة تفوز بمقعد في البرلمان لا في السودان وحده وإنما في العالم العربي كله وفي القارة الإفريقية. كان ذلك في عام 1957، ولم تكن تلك المرة الوحيدة التي تدخل فيها البرلمان، فقد دخلته ثانية بعد ثورة أكتوبر (تشرين الأول) في عام 1964، كما دخلته ثالثة في عام 2005 إبان اتفاقية القاهرة بين الحكومة والمعارضة، إلا أنها استقالت بعد ذلك حين خانتها صحتها.
الراحلة من أبرز وجوه العمل النسائي الديمقراطي الداعي لإنصاف المرأة ومساواتها وتمكينها سياسياً ومجتمعياً، فقد كانت من أبرز قيادات الاتحاد النسائي في السودان، كما برزت كشخصية نسائية عالمية مشهود لها بالصلابة والكفاءة، فاختارها اتحاد النساء الديمقراطي العالمي وكان مقره في برلين رئيسة له في عام 1991، كأول امرأة عربية وإفريقية تنتخب للمركز.
وارتبطت حياتها بنضال الشعب السوداني من أجل الديمقراطية وضد الاستبداد، فاشتركت في تكوين هيئة نساء السودان إبان الحكم العسكري عام 1962، ولعبت دوراً بارزاً في ثورة أكتوبر 1964، وجعلت من صحيفة «تحرير المرأة» التي أسستها منبراً فكرياً معادياً للحكم العسكري مما جعلها عرضة للتعطيل أكثر من مرة.
اقترنت من النقابي البارز الشفيع أحمد الشيخ رئيس اتحاد عمال السودان، الذي درّب عمال سكك الحديد على تشكيل نقاباتهم والدفاع عن حقوقهم، وكان رفيقاً للقائد التقدمي عبدالخالق محجوب الذي وصفه الطيب الصالح بأنه أذكى السودانيين، في سياق استنكاره لإقدام الطاغية جعفر النميري على تعليقه هو والشفيع وشخصيات وطنية أخرى على أعواد المشانق عام 1971.
ولم تهن عزيمة فاطمة أحمد إبراهيم بعد إعدام زوجها ورفيق حياتها، وواجهت بشجاعة وإقدام عسف نظام النميري، وتعرضت، نتيجة ذلك، للسجن والملاحقات الأمنية.
بعد إعلان وفاتها لم تبقَ جهة رسمية أو أهلية أو حزبية في السودان إلا ونعتها، مُعددة مناقبها ومُجلّةً لسيرتها الكفاحية الحافلة، حيث ينظر لها السودانيون جميعاً على اختلاف مشاربهم على أنها أيقونة المرأة السودانية، التي لن تغادر ذكراها قلوبهم.

------------------------


نورالدين مدنى
كلام الناس

سيبقى"صوت المراة" السودانية

* إنتقلت إلى رحاب الرحمن الرحيم النخلة السودانية الباسقة فاطمة أحمد إبراهيم التي وهبت عمرها للنضال الجسور من أجل الإنتصار للسودان واهله الطيبين‘ وتحملت في سبيل ذلك أنماطاً من الظلم والإفتراء دون أن تحيد عن طريقها الذي إختارته بكامل إرادتها.
*ظلت فاطمة أحمد إبراهيم رمزاً للمرأة السودانية داخل السودان وخارجه بمواقفها السياسية والإجتماعية والإنسانية‘ وكانت أول إمراة سودانية تُنتخب في البرلمان عام ١٩٦٥م‘ تعرضت للإعتقال أكثر من مرة وإلى المحاكمات ومحاولات الإغتيال السياسي والمعنوي لكنها صمدت وواصلت حراكها السياسي والمجتمعي بلا هوادة.
* شاركت في تأسيس الإتحاد النسائي السوداني وسط كوكبة من رائدات العمل النسوي أذكر منهن على سبيل المثال لاالحصر الدكتورة خالدة زاهر ونفيسة أحمد الأمين وثريا امبابي وعزيزة مكي‘ وأسست أول مجلة نسائية هي"صوت المرأة" وتولت رئاسة تحريرها عام ١٩٥٥م.
*كانت تدافع عن قضايا السودان من خلال دفاعها عن حقوق المراة لإيمانها بأن قضايا المرأة لاتنفصل عن قضايا الوطن ‘وظلت تحافظ على إرثها السوداني والديني رغم كل الإفتراءات التي ظلت تلاحقها في ميدان العمل السياسي.
* تزوجت من النقابي العمالي العالمي الشفيع احمد الشيخ الذي أُعدم في أعقاب فشل إنقلاب هاشم العطا ١٩٧١م‘ وقد أنجبت منه إبنهما الكتور احمد وظلت وفيه للعهد الأسري وتربية إبنها ولمبادئها حتى عندما إضطرتها الظروف للهجرة إلى لندن.
*حملت هموم السودان معها وشاركت في الكثير من المؤتمرات والندوات التي عقدت حول الشأن السوداني وتبنت مع أهل السودان هناك قافلة السلام للجنوب وألفت كتاباً بعنوان"صرخة داوية" باللغة الإنجليزية.
*أُختيرت لرئاسة الإتحاد الديمقراطي النسائي العالمي كأول مسلمة افريقية عربية من دول العالم الثالث تتولى هذا المنصب وكانت رئيسة المؤتمر العام لهذا الإتحاد في مانشستر ١٩٩١م.
*لايمكن التحدث في هذه المساحة عن رمز المرأة السودانية الأصيلة فاطمة أحمد إبراهيم لكنني قصدت الكتابة عن "صوت المراة" السودانية فاطمة أحمد إبراهيم سائلاً المولى عز وجل أن يتقبلها بواسع رحمته وأن يلهم أهلها وذويها وعموم نساء السودان والشعب السوداني كافة الصبر وحسن العزاء.
* ولانقول إلا مايرضي الله : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وليبقى "صوت المرأة" فاعلاً في الحراك السياسي المتطلع بحق لغد أفضل للسودان وشعبه.

نورالدين مدني

Post: #15
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-16-2017, 10:47 AM
Parent: #14

سيبقى نجم المناضلة المقدامة فاطمة إبراهيم ساطعاً في سماء السودان

August 16, 2017

د. كاظم حبيب \ العراق ــ برلين

أعلن صباح يوم 12 أب/أغسطس 2017 بلندن عن النبأ المحزن، نبأ وفاة المناضلة السودانية ورائدة الحركة النسوية والمناضلة في سبيل حرية المرأة وحقوقها ومساواتها التامة بالرجل على الصعد السودانية والإقليمية والعالمية، والسياسية البارعة والمقدامة فاطمة أحمد إبراهيم، عن عمر ناهز الـ 85 عاماً.

ولدت المناضلة في العام 1932 في بيت تميز بالعلوم الدينية والمعرفة والانفتاح على العالم، وتربت في بيئة معادية للاستعمار والهيمنة الأجنبية والدفاع عن مصالح الشعب وتطوير البلاد، فنشأت وهي تحمل بذرة النضال الوطني والديمقراطي ومدركة أهمية التعليم والثقافة ومحاربة الأمية في صفوف الشعب، ولاسيما بين النساء، في انتزاع الحقوق وتحقيق التقدم لشعب السودان.

التحقت بوقت مبكر، في العام 1952 بالحزب الشيوعي السودانيلتناضل في صفوفه في سبيل تحقيق الأماني العادلة والمشروعة للشعب السوداني، في سبيل بناء وطن حر وديمقراطي، ينزع عنه أغلال التخلف والأمية والتبعية ويعمل لتغيير البنية الاقتصادية والاجتماعية المشوهتين ويكافح ضد البطالة والفقر والحرمان وفي سبيل العدالة الاجتماعية.

ساهمت فاطمة إبراهيم في تأسيس الاتحاد النسائي السوداني في العام 1952، وانتخبت في العام 1956 رئيسة لهذا الاتحاد، وكانت في الوقت ذاته رئيسة تحرير جريدة صوت النساء منذ العام 1955، وهي جريدة الاتحاد النسائي السوداني.

انتخبت فاطمة أحمد إبراهيم عضوة في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، ولعبت دوراً مهماً في تعبئة نساء السودان في النضال من أجل حقوق المرأة وحريتها ومساواتها بالرجل. وخلال فترة نضالها على راس الاتحاد النسائي السوداني تحققت الكثير من المكاسب للمرأة السودانية، والتي حاولت النظم الدكتاتورية والإسلامية السياسية سلبها من جديد. إلا إن نضال المرأة السودانية، ورغم كل الصعوبات ما يزال يتصدى لتلك المحاولات الرجعية المناهضة للمرأة وحقوقها في المجتمع السوداني.

وبسبب دورها النضالي النسوي والوطني في السودان انتخبت في العام 1991 رئيسة لاتحاد النساء الديمقراطي العالمي لسنوات عدة، ولعبت دوراً مهماً في نضال المرأة على الصعيد العالمي وساهمت بتنشيط حركة التضامن بين نساء العالم عموما، ونساء الدول العربي والبلدان النامية خصوصاً، وتركت بصماتها الواضحة على هذه المنظمة بسبب روحها النضالية العالية، وشغفها بالعمل لصالح المرأة وعمق إنسانيتها وتواضعها. وكانت تتذكر دوماً قول إمها حين كانت تقف، وهي شابة، أمام المرأة لتتزين طويلاً: “كفاية قيمتك ما في شعرك وتجميل وجهك، قيمتك فيما بداخل راسك – احسن تملأيه بالقراءة، والمعرفة-“.ونتيجة لدورها النضالي على الصعيد العالي منحت في العام 1993 جائزة الأمم المتحدة لحقوق الانسان (UN AWARD) .

وفي خضم النضال من أجل الحريات العامة والديمقراطية في السودان وضد الدكتاتورية تعرضت فاطمة إبراهيم للاعتقال عدة مرات، كما تعرض زوجها الشفيع أحمد الشيخ، العضو القيادي في الحزب الشيوعي السوداني والقائد النقابي المعروف للاعتقال، ثم أقدمت الدكتاتورية النميرية في العام 1971 على إعدامه رغم الاحتجاجات العالمية ضد هذا العمل الجبان.

في العام 2006 منحت مؤسسة أبن رشد للفكر الحر جائزتها السنوية إلى السيدة والرفيقة المناضلة فاطمة إبراهيم. وجاء في حيثيات قرار منحها الجائزة ما يلي:

” ان الفائزة من أبرز الساسة في بلادها حيث كان اسمها رمزا لنضال المرأة السودانية ” ضد حكومات القمع العسكرية وواجهت منذ بداية نضالها صعوبات مع تكوين الاتحاد النسائي السوداني في ظروف اجتماعية صعبة في العام 1952″ حيث لعب الاتحاد النسائي دورا في أن تظفر المرأة السودانية في العام 1964 بحق التصويت وحق الترشيح لدخول البرلمان. وفي العام 1965 صارت فاطمة ابراهيم أول نائبة في البرلمان.

وتابع البيان الذي تلقت رويترز نسخة منه بالبريد الالكتروني أن الفائزة عملت على ” تحديد سن الزواج ومنع الزواج الاجباري وتعدد الزوجات وإلغاء قانون الطاعة”.وقال البيان ان فاطمة ابراهيم وزوجها القائد النقابي الشهير الشفيع أحمد الشيخ رفضا التعاون مع جعفر النميري بعد أن قاد انقلابا عسكريا في العام 1969 وترتب على ذلك أن ” أعدم النميري الشفيع ووضع فاطمة ابراهيم في الاقامة القسرية لمدة عامين ونصف”.

إنها المرأة الجليلة التي لم يتوقف نضالها للحظة واحدة رغم وجودها في المنفى، كما وقفت باستمرار إلى جانب نضال النساء العراقيات والحركة الديمقراطية العراقية، وهو ما أكده بيان الحزب الشيوعي العراقي في رسالة التعزية والمواساة التي وجهها إلى الحزب الشيوعي السوداني، حيث جاء فيها:

“اننا نقدر عاليا الدور الذي نهضت به الفقيدة على الصعد كافة، داخل السودان وخارجه، ولا ننسى مساهمتها الفاعلة في حملات التضامن مع نساء وشعب بلادنا، ما جعل لها مكانة خاصة في وجدان الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين، اسوة بشهداء حزبكم الخالدين عبد الخالق محجوب والشفيع احمد زوج الفقيدة الكبيرة، وغيرهما”.

التعازي القلبية لعائلة ورفاق وأصدقاء المناضلة الشجاعة والمرأة المقدامة فاطمة أحمد إبراهيم والذكر الطيب للفقيدة العزيزة.


Post: #16
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: علي دفع الله
Date: 08-16-2017, 12:01 PM
Parent: #15

حجيتكم ما بجيتكم بي فاطنة بت احمد ود ابراهيم .
يا ام احمد دقي المحلب فوق توب احمد ..
احمد حاضر في البنادر ..
جونا كلاب قلوبهم دم.. شرابهم دم ..اكلهم دم ..
وفي وش المدفع وقفت فاطنة ..
فاطنة منو ...
فاطنة السمحة..
فاطنة القمحة ..
فاطنة النسمة ..
فاطنة البسمة..
فاطنة الصافية.
فاطنة العافية ..
فاطنة دعاش..
فاطنة رشاش ..
فاطنة جسارة فاطنة بشارة ..
فاطنة صمود فاطنة عهود .
فاطنة شفاء فاطنة دفاء .
فاطنة خريف حاشاها الزيف .
فاطنة اصيلة فاطنة عديلة .
فاطنة العيش اللحمر
فاطنة القطن الابيض
فاطنة الصمغ الاصهب
فاطنة التنضح سكر
فاطنة الحاضر فاطنة الماضي فاطنة الجايي.
فاطنة التوب الزينة
فاطنة عفاف
فاطنة كفاف
فاطنة شموخ
فاطنة وضوح
آلمنا فراقك .نتمنى عناقك .ابكانا رحيلك وهدت حيلك .
عزانا الاكبر حبك لترابك .
من صحراتو لي غاباتو وكل سحناتو ملانة حزن لامن متدفق ..
وتراب ارضك فرحان بي حضنك لان الحب البينكم واصل ...لا بعد الشقة ولارهق مشقة فرق بينك وبينو وبيننا ..
حبابك الف مرحب بيك انجزتي مهامك وفوقها زيادة .
كما الرفقاء القبلك رحلوا .انتوا الساس والعرق البنبض فينا .
حلفنا بيكم مؤمنين سنكون عندك حسن ظنكم ما حيينا ..
وداعا امنا ومرحبا بك في تراب وطنك ..
يا خالدة في دواخلنا ..
والسلام على رفيقك ابو احمد يا ام احمد ...
--------------
علي دفع الله ..

Post: #17
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-16-2017, 04:11 PM
Parent: #16

فاطنة السمحة كانت في الحكاوي اسطورة
وام أحمد شبيهتا في الاسم والصورة
من شبّت شجاعة مناضلة صامدة جسورة
يا حليل أمّنا التحت التراب مقبورة
***
حليلك أمّنا البيناتنا عشتي صبورة
ما لانت عزيمتك وبالعفاف مستورة
قاومتي الفساد دايماً مصادمة غيورة
رحمة ربنا بتكسيك دوام بي نورا
***
في التفاز أعادوا شهادتك المشهورة
ودموعك تسيل عبر الأثير منشورة
شان أجيال صغيرة مشرّدة ومقهورة
تفضل ذكرى حيّة على الدوام مذكورة
***
ما اهتميتي بالدنيا العبوس وغرورا
لا كان مسكنك منشية أو معمورة
جاورت الغلابة وبالكفاف مسرورة
في الجنة ام نعيم تحتلّي أعلى قصورا
***
رحلت مطمئنة إلى الرؤوف ورحيم
وتركت في الوطن جرحاً عميق وأليم
كل مناها كان تأوي الشريد ويتيم
ليتربُّوا اجمعين في حب رفاه ونعيم
***
وبختم بي صلاتي على الحبيب وأمين
وبدعوك يا كريم ربي الرؤوف ومعين
أم أحمد سكونا يكون في عليين
وينعيك للشعوب الباكية، عزالدين


عزالدين حسن محجوب
[email protected]
16 أغسطس 2017م

Post: #18
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-16-2017, 04:39 PM
Parent: #17

الشاعر والمطرب احمد الفرجونى : مرثية قصيدة حب لفاطمة
August 16, 2017


مرثية
قصيدة حب لفاطمة
الشاعر والمطرب الكبير : احمد الفرجونى
يلا يا ست السماحة…………..
يلا نومى واخدى راحة……
شوفى بلدا…غير بلادا عشعشت فيها القباحة………………..
العصافير الحزينة..الفاقدة حرية صراحا…………………..
من كفوفك…كان شرابا..
وكان..ضميرك.. ليها واحة….
كان بتشكى إليك هموما..
والظلم..والاستباحة.
كلمى الزول البلاقيك..
واحكى ليهو….بصراحة….
كلميهو..عن السحاب
الشاف..خلاف ساحاتنا ساحة..
وكيف شمسنا..بقت تضلم فى الافق..قبل اصطباحا..
كلميهو عن الكرامة..كيف بقت للذل مباحة……………….
كلميهو..عن الخفافيش..
كيف لقت فى بلادنا راحة..
وكيف تسبح بالطرب..
كلما اتعالت مناحة.
كلميهو..عن الضرورة..
والتحلل..والتمكن..
والازاحة…………………..
عن دقون..قتل العباد ظلما..
باسم الدين…
نجاحا…………………….
وسفسفة قوت المساكين….
بيهو..يزداد انشراحا………..
كلميهو..عن قلوبنا..
كيف مباليانا الخفافيش فى جراحا……………………
ترضع الدم..بلحاها…………
وتنهز……….الفرص………
المتاحة……………………..
والمساكين بالغباين..
سابحة فى الدماع..
سباحة………………….
غايتو يا فاطمة الجميلة..
عشتى دنياك……..
بكفاحا…………………….
عشتى بى شرف المناضل..
قابضة ايدك..
فى سلاحا………………
الضباع..مهما استشاطت..
والكلاب..
ازداد نباحا……………
سرتى دربك..بشجاعة…
وقلتى قولك..
بسجاحة………………….
عشتى لوطنك..
ومتى..
برضو لوطنك..
سماحة…………………
يلا..
يا ست السماحة……
يلا نومى واخدى راحة..
شوفى بلدا غير بلادا
عشعشت فيها القباحة.
احمد الفرجونى.
فينكس فى 14 اغسطس 2017.

Post: #19
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-17-2017, 06:44 AM
Parent: #18


المعلم .. والدرس !!





الشعب المعلم .. والدرس !!


08-17-2017 02:24 AM
د. عمر القراي

(وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ)
صدق الله العظيم
لقد خرج الشعب السوداني، نساء، ورجالاً، وأطفالاً، في حشود ضخمة، يودع الأستاذة فاطمة أحمد ابراهيم الى مثواها الأخير.. بعد حياة ثرة، عامرة بالكفاح والنضال، من أجل الوطن، وفي سبيل قضايا المرأة السودانية. هذا الشعب العملاق، في ظروف الغلاء والفقر، وصعوبة المواصلات، تقاطر افراده من أطراف العاصمة المثلثة، وضواحيها، حتى لكأنه لا أحد بقى في بيته !!وهو بذلك يضرب المثل الأعلى في الوفاء، والعرفان، وحفظ قدر الذين ضحوا من أجله .. ثم هو ويتحرك في هذا الواجب المقدس بلا قيادة، ولا منظمين، ولا دعاية، ولا إعلام توجهه الحكومة .. و بالرغم من ذلك نجده في الإشادة بمعارضة سياسية، لم تهادن الدكتاتوريات، ولم تقتات على فتاتها، لا يخشى بطش النظام الحاقد، الذي أجبر فاطمة وغيرها من الشرفاء، على العيش والموت،في المنافى، بعيداً عن تراب الوطن، الذي حملوه في حنايا القلوب، وفي احداق العيون.
وحين حاولت حكومة الاخوان المسلمين الإنتهازية المخادعة، إحتواء فاطمة وهي ميتة، بعد عجزها عن احتوائها وهي حيّة، وأدعت أنها تكرمها، وتحترم نضالها، وأرسلت ممثليها ليظهروا في الإعلام،وكأنهم يشاركون في العزاء، بل وكأنهم هم الذين يتولونه، لم تجز خدعتهم على أبناء الشعب السوداني المعلم، فواجهوا المنافقين بهناف مدوي، وبسيط، ولكنه كبير في معناه، وملخص للقضية في جوهرها .. فقد كانت الجماهير تهتف ( يا فاطنة دغرية ديل الحرامية) !! وليس للحرامي أن يتولى تشييع الإنسان (الدغري) ذو الخلق، وإلا اختلت كل المعايير، وسقطت كل القيم، وتلوث حياة الأطهار بفساد الأشرار. لقد قام الشعب المعلم بطرد بكري حسن صالح نائب الرئيس، وعبد الرحيم محمد حسين والي الخرطوم،ووزير الدفاع السابق، من التشييع، وطاردهم بالهتاف، حتى هرعوا، هم وحرسهم الى عرباتهم الفارهة، التي دخلوا بها وسط الحشود، دون أي مراعاة لجلال المناسبة، التي جاءوا يسرقونها،كما سرقوا قوت هذا الشعب.
لقد كانت فاطمة أحمد ابراهيم عضواً معروفاً في الحزب الشيوعي السوداني، ولكن الذين شيعوا فاطمة، والذي نعوها، وكتبوا عنها،ليسوا فقط الشيوعيين .. وذلك لأن فاطمة استطاعت أن تجعل من نفسها أنموذجاً للمواطن السوداني، المهموم بقضايا الوطن، الحريص على أهله .. فوقفت مع جميع النساء من أجل حقوق المرأة، ووقفت مع المزارعين ومع العمال في قضاياهم، وكانت حيث ما تكلمت تنسب نفسها لهذا الشعب، ولا تحصر جهدها ونضالها،ومواقفها، فيما يقوم به الحزب الشيوعي السوداني .. ولهذا لم يترك الشعب للحزب تشيعها، وتولى نيابة عنه مواجهة الجلادين،وطردهم، ومنعهم من ان يدنسوا التشييع الطيب، لإمرأة سودانية طيبة، لم تطأطئ رأسها، ولم تفارق أخلاقها، ولم تتكسب بمواقفها،ولم تتراجع عن مبادئها.
ولو كان الاخوان المسلمون يتعلمون، لتعلموا من هذا الدرس، الذي قدمه إليهم الشعب المعلم.. ولو كانوا يشعرون، لشعروا بأن الغضب قد بدأت جذوته تتقد في قلوب السودانيين، ويفاقم منها مثل هذه المحاولات المكشوفة، لاستيعاب نضالات المناضلين، وتصفيتها من مضامينها، بنسبتها الى نظام دكتاتوري فاسد ومهووس، ومعادي لأبناء شعبه. إن ما تم في تشييع المناضلة فاطمة احمد ابراهيم،قد دفعت إليه روحها المتقدة، وحفظها ربها من أن يشارك في أمرها أحد الحرامية، لأنها كانت في حياتها لا تهادن الحرامية، ولا تتردد في مواجهتهم، فكان حفظ الله لحقيقتها، من حفظها لشريعتها، في أمر مناهضة الدكتاتورية والاخوان المسلمين،وجماعات الهوس الديني، دون مواربة ودون تردد.
لقد توارى جسد فاطمة احمد ابراهيم في الثرى، ولكن روحها الوثابة، ظلت ترفرف على مشارف القيم الرفيعة ، في المطالبة بالحربة، والحياة الكريمة، لهذا الشعب، وستظل ملهمة للنساء في سبيل النضال الوطني، دون تنازل عن قيم الاخلاق، وشيم هذا الشعب الكريم .. فسلام على فاطمة أحمد ابراهيم، والسلام على فاطمة الكبرى سيدة نساء العالمين.
د. عمر القراي

Post: #20
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-17-2017, 05:26 PM
Parent: #19

متى كان الإسلاميون يراعون للموت حُرمة؟؟!! ..
بقلم: عبدالله عثمان

نشر بتاريخ: 17 آب/أغسطس 2017


[email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم
كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ
صدق الله العظيم
للأستاذ محمود محمد طه قولة سارت بها الركبان يقول فيها عن الأخوان المسلمين أنهم "يفوقون سوء الظن العريض" وينسب له أيضا قوله "مهما أسأت بهم الظن، فأنت في الحقيقة حسّنته"!!
طالعتنا بعض الوسائط الإعلامية بأقوال لإسلاميين يستنكرون فيها "طردة" ممثلي الحكومة من عزاء المغفور لها السيدة فاطمة أحمد ابراهيم ويقولون أن ذلك لا يمت للأخلاق السودانية بصلة!!.
هل لي أن أعجب من قوم "لا خلاق لهم"، صنيعهم المخاتلة، يحدثوننا عن "الأخلاق السودانية" وهم منها أفقر من فأر مسيد.
أوتراهم يحسبوننا قد نسينا صنيعهم، الذي عليه جبلوا، وما فتئوا يمارسون، في التخلّق بكل مالا يمت للإسلام، ولا للسودان بصلة؟؟!!
حسنا!! دعنا نذّكرهم بغيض من فيض سوآءاتهم، وهي لا تقع تحت حصر.
عندما علّقوا الأستاذ محمود محمد طه، على أعواد المشانق، وأسموه "الذبح العظيم"، أبتهجوا وهتفوا ببذيء القول ومارسوا، في الفرح بذلك، ولا يزالون، ما يعافه كل ذي خلق، ولكن ماذا نقول وهم لا خلق لهم؟!
عندما توفي الأخ الجمهوري ابراهيم الزبير ابراهيم إدريس* "راجع الصندوق تحت"، الطالب وقتها بجامعة الخرطوم، في حادث مروري، بالقرب من الدويم، رفض الطبيب المناوب، وقتها، المرحود د. صلاح الأمين، استخراج شهادة وفاة له بحسبانه جمهوري؟؟!! فعل ذلك، وهو قد أقسم قسم "أبو قراط "الكافر بتصنيفهم هم"، فماذا نقول في هذا؟؟ (راجعوا كتب الجمهوريين "أئمة بلا ايمان" و كتاب "عبدالرحمن عبدالسلام: آخر النماذج").
في منتصف السبعينات، كنت قريبا من الأخوان المسلمين، كانت أدبياتنا وقتها تنحصر في كتب حسن البنا "التي يتعالى فيها بقومه على كل مخلوق"، وكتب محمد جلال كشك، وأشرطة كاسيت عبدالحميد كشك ومجلة الدعوة "ذات السيفين وشعار "أعدوا" الذي تنازلوا عنه بآخرة". أذكر في ذلك الزمان أن قد راجت بينهم حادثة كانو يتداولنها بتشفٍ في حق الراحل جمال عبدالناصر. كانت بعض أنابيب الصرف الصحي قد طفحت بجوار مقبرته، فأخذوا يقولون "ربنا أكرم فرعون أغرقه في ماء البحر الطاهر"!!
هل أحتاج أحدثكم عن كيف قتلوا، ومثلوا بشهداء رمضان، ثمانية وعشرين ضابطا ومئات من صف الضباط والجنود كما كشف عن ذلك المحبوب عبدالسلام المحبوب*، لا أظننى أحتاج لذلك، ولا لأحدثكم عن علي فضل ومجدي محجوب الذي قتلوه بسبب الدولار وكبيرهم يزور "ود الجبل" ويتآنس معه كيف كان "يفتل" عنده الدولار!!
مالنا نذهب بعيدا وهو هو رئيس برلمانهم السابق د. الفاتح عزالدين يحدثنا "نسن قانون يحرم المعارضين من الدفن داخل البلاد، لأن السودان ليس حجراً تتبوّل عليه الثعالب."؟؟!!
مالنا نذهب بعيدا، ورجل أمنهم، وحاكم أحد أقاليمهم أنس عمر يوجه بعدم دفن جثث قتلى الحركات وتركها في العراء تقتات عليها الصقور، ويقول إن ثمن الرصاصة أغلى من متمرد!!
أوترانا قد نسينا قول أحمد هارون لمقاتليه، محرضا اياهم لإبادة النوبة "امسح اكسح قشوا ما تجيبوا حي".
هؤلاء القوم، لا يجوز لهم أن يحدثوننا عن "أخلاق الشعب السوداني" فهم، قطعا، من طينة غير طينة هذا الشعب الطيب، فليكفوا عن ذلك وليأكلوا ما أكتنزوا بالباطل حتى "يلاقوا يومهم الذي يوعدون"، وأحب أن أختم، هذه العجالة، بإهدائهم قول أحدهم، "عمار محمد آدم"*، عسى أن يحدث لهم ذكرا...
كتب عمار عن الوطنية "إقرأ الأخلاق" ليست جزءا من تربية الأخوان المسلمين فقال:
(حينما جاءوا الى السلطة كانوا اشخاصا منغلقين على انفسهم لا يعرفون الناس ولايعرفهم الناس ولايدركون جوانب الحياة المختلفة وقد واجهوا عزلة اجتماعية كاملة جعلتهم يزدادون انغلاقا على انفسهم وحاولوا ان يدخلوا الحياة كلها فى التنظيم ويحولون مؤسسات الدولة الى مكاتب تنظيمية حتى يستطيعون ان يتعاملوا معها فهم لا يعرفون غير طريقة واحدة فى التعامل مع الاشياء وقد يريحون انفسهم بعض الشىْ بذلك ولكنهم اذوا الناس ايذاء شديدا واتعبوهم تعبا لا حد له( وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا). أنتهى


الصندوق:
الأخ الراحل ابراهيم الزبير ابراهيم إدريس من أبناء السوكي، وقد رحل في ريعان شبابه أثناء وفد لتوزيع الكتاب والتبشير بالدعوة الإسلامية الجديدة "الفكر الجمهوري"، وقد كانت الوفاة بنواحي الدويم.
للمقارنة، وليس ثمة مقارنة، في ذلك الوقت حدث أن توفي محمد مختار عجول، أحد زعماء الإسلاميين بجامعة الخرطوم، إثر حادث حركة وهو في طريقه لدعم "الثورة الأرترية" وقتها. في ذلك الوقت، إستأذن الأخ الطيب حسن محمد الطيب* من الأستاذ محمود محمد طه، أنه يود الذهاب للعزاء في الراحل عجول، عليه الرحمة، فإذن له، عندما الطيب مساءا استغرب الأستاذ لعودته اذا كان يحسبه قد رافق الجثمان لجادالله من نواحي بربر ليقبر هناك.
* د. صلاح الأمين، من أبناء الدويم، وقد توفي هو الآخر في حادث حركة له الرحمة. سبق للمرحوم صلح ورفيقه المرحوم د. أحمد قاسم "الذي قتل ليلة انقلاب 30 يونيو"، سبق لهما أن زارا الأستاذ محمود محمد طه في بيته بالثورة، الحارة الأولى، وقد كانا في حال من سوء الخلق مع الأستاذ لا يوصف.
* د. الطيب حسن محمد الطيب من أبناء كسلا، درس بآداب الخرطوم وبريطانيا
* المحبوب عبدالسلام المحبوب: كادر اسلامي معروف، معجب بصلاح أحمد ابراهيم!!! كتب في كتابه "دائرة الضوء وخيوط الظلام" عن كيف ذبح هؤلاء القوم بدم بارد مئات الجنود لمشاركتهم في انقلاب ليلة 28 رمضان
* عمار محمد آدم، وترد أحيانا أحمد آدم، من أبناء كسلا ودرس في جامعة الخرطوم وكان من كوادر عنفهم ولكنهم لفظوهو بآخرة وحزّ في نفسه أن فضّلوا عليه بعض "المرتزقة" أمثال عبدالباسط صالح سبدرات وأسماعيل الحاج موسى، فأخرج عمار هذا كل خبيء، ولات حين خبيء


--
عبدالله عثمان
وذو الشوق القديم وان تعزى مشوق حين يلقى العاشقينا

Post: #21
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رجمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-17-2017, 05:26 PM
Parent: #19

متى كان الإسلاميون يراعون للموت حُرمة؟؟!! ..
بقلم: عبدالله عثمان

نشر بتاريخ: 17 آب/أغسطس 2017


[email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم
كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ
صدق الله العظيم
للأستاذ محمود محمد طه قولة سارت بها الركبان يقول فيها عن الأخوان المسلمين أنهم "يفوقون سوء الظن العريض" وينسب له أيضا قوله "مهما أسأت بهم الظن، فأنت في الحقيقة حسّنته"!!
طالعتنا بعض الوسائط الإعلامية بأقوال لإسلاميين يستنكرون فيها "طردة" ممثلي الحكومة من عزاء المغفور لها السيدة فاطمة أحمد ابراهيم ويقولون أن ذلك لا يمت للأخلاق السودانية بصلة!!.
هل لي أن أعجب من قوم "لا خلاق لهم"، صنيعهم المخاتلة، يحدثوننا عن "الأخلاق السودانية" وهم منها أفقر من فأر مسيد.
أوتراهم يحسبوننا قد نسينا صنيعهم، الذي عليه جبلوا، وما فتئوا يمارسون، في التخلّق بكل مالا يمت للإسلام، ولا للسودان بصلة؟؟!!
حسنا!! دعنا نذّكرهم بغيض من فيض سوآءاتهم، وهي لا تقع تحت حصر.
عندما علّقوا الأستاذ محمود محمد طه، على أعواد المشانق، وأسموه "الذبح العظيم"، أبتهجوا وهتفوا ببذيء القول ومارسوا، في الفرح بذلك، ولا يزالون، ما يعافه كل ذي خلق، ولكن ماذا نقول وهم لا خلق لهم؟!
عندما توفي الأخ الجمهوري ابراهيم الزبير ابراهيم إدريس* "راجع الصندوق تحت"، الطالب وقتها بجامعة الخرطوم، في حادث مروري، بالقرب من الدويم، رفض الطبيب المناوب، وقتها، المرحود د. صلاح الأمين، استخراج شهادة وفاة له بحسبانه جمهوري؟؟!! فعل ذلك، وهو قد أقسم قسم "أبو قراط "الكافر بتصنيفهم هم"، فماذا نقول في هذا؟؟ (راجعوا كتب الجمهوريين "أئمة بلا ايمان" و كتاب "عبدالرحمن عبدالسلام: آخر النماذج").
في منتصف السبعينات، كنت قريبا من الأخوان المسلمين، كانت أدبياتنا وقتها تنحصر في كتب حسن البنا "التي يتعالى فيها بقومه على كل مخلوق"، وكتب محمد جلال كشك، وأشرطة كاسيت عبدالحميد كشك ومجلة الدعوة "ذات السيفين وشعار "أعدوا" الذي تنازلوا عنه بآخرة". أذكر في ذلك الزمان أن قد راجت بينهم حادثة كانو يتداولنها بتشفٍ في حق الراحل جمال عبدالناصر. كانت بعض أنابيب الصرف الصحي قد طفحت بجوار مقبرته، فأخذوا يقولون "ربنا أكرم فرعون أغرقه في ماء البحر الطاهر"!!
هل أحتاج أحدثكم عن كيف قتلوا، ومثلوا بشهداء رمضان، ثمانية وعشرين ضابطا ومئات من صف الضباط والجنود كما كشف عن ذلك المحبوب عبدالسلام المحبوب*، لا أظننى أحتاج لذلك، ولا لأحدثكم عن علي فضل ومجدي محجوب الذي قتلوه بسبب الدولار وكبيرهم يزور "ود الجبل" ويتآنس معه كيف كان "يفتل" عنده الدولار!!
مالنا نذهب بعيدا وهو هو رئيس برلمانهم السابق د. الفاتح عزالدين يحدثنا "نسن قانون يحرم المعارضين من الدفن داخل البلاد، لأن السودان ليس حجراً تتبوّل عليه الثعالب."؟؟!!
مالنا نذهب بعيدا، ورجل أمنهم، وحاكم أحد أقاليمهم أنس عمر يوجه بعدم دفن جثث قتلى الحركات وتركها في العراء تقتات عليها الصقور، ويقول إن ثمن الرصاصة أغلى من متمرد!!
أوترانا قد نسينا قول أحمد هارون لمقاتليه، محرضا اياهم لإبادة النوبة "امسح اكسح قشوا ما تجيبوا حي".
هؤلاء القوم، لا يجوز لهم أن يحدثوننا عن "أخلاق الشعب السوداني" فهم، قطعا، من طينة غير طينة هذا الشعب الطيب، فليكفوا عن ذلك وليأكلوا ما أكتنزوا بالباطل حتى "يلاقوا يومهم الذي يوعدون"، وأحب أن أختم، هذه العجالة، بإهدائهم قول أحدهم، "عمار محمد آدم"*، عسى أن يحدث لهم ذكرا...
كتب عمار عن الوطنية "إقرأ الأخلاق" ليست جزءا من تربية الأخوان المسلمين فقال:
(حينما جاءوا الى السلطة كانوا اشخاصا منغلقين على انفسهم لا يعرفون الناس ولايعرفهم الناس ولايدركون جوانب الحياة المختلفة وقد واجهوا عزلة اجتماعية كاملة جعلتهم يزدادون انغلاقا على انفسهم وحاولوا ان يدخلوا الحياة كلها فى التنظيم ويحولون مؤسسات الدولة الى مكاتب تنظيمية حتى يستطيعون ان يتعاملوا معها فهم لا يعرفون غير طريقة واحدة فى التعامل مع الاشياء وقد يريحون انفسهم بعض الشىْ بذلك ولكنهم اذوا الناس ايذاء شديدا واتعبوهم تعبا لا حد له( وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا). أنتهى


الصندوق:
الأخ الراحل ابراهيم الزبير ابراهيم إدريس من أبناء السوكي، وقد رحل في ريعان شبابه أثناء وفد لتوزيع الكتاب والتبشير بالدعوة الإسلامية الجديدة "الفكر الجمهوري"، وقد كانت الوفاة بنواحي الدويم.
للمقارنة، وليس ثمة مقارنة، في ذلك الوقت حدث أن توفي محمد مختار عجول، أحد زعماء الإسلاميين بجامعة الخرطوم، إثر حادث حركة وهو في طريقه لدعم "الثورة الأرترية" وقتها. في ذلك الوقت، إستأذن الأخ الطيب حسن محمد الطيب* من الأستاذ محمود محمد طه، أنه يود الذهاب للعزاء في الراحل عجول، عليه الرحمة، فإذن له، عندما الطيب مساءا استغرب الأستاذ لعودته اذا كان يحسبه قد رافق الجثمان لجادالله من نواحي بربر ليقبر هناك.
* د. صلاح الأمين، من أبناء الدويم، وقد توفي هو الآخر في حادث حركة له الرحمة. سبق للمرحوم صلح ورفيقه المرحوم د. أحمد قاسم "الذي قتل ليلة انقلاب 30 يونيو"، سبق لهما أن زارا الأستاذ محمود محمد طه في بيته بالثورة، الحارة الأولى، وقد كانا في حال من سوء الخلق مع الأستاذ لا يوصف.
* د. الطيب حسن محمد الطيب من أبناء كسلا، درس بآداب الخرطوم وبريطانيا
* المحبوب عبدالسلام المحبوب: كادر اسلامي معروف، معجب بصلاح أحمد ابراهيم!!! كتب في كتابه "دائرة الضوء وخيوط الظلام" عن كيف ذبح هؤلاء القوم بدم بارد مئات الجنود لمشاركتهم في انقلاب ليلة 28 رمضان
* عمار محمد آدم، وترد أحيانا أحمد آدم، من أبناء كسلا ودرس في جامعة الخرطوم وكان من كوادر عنفهم ولكنهم لفظوهو بآخرة وحزّ في نفسه أن فضّلوا عليه بعض "المرتزقة" أمثال عبدالباسط صالح سبدرات وأسماعيل الحاج موسى، فأخرج عمار هذا كل خبيء، ولات حين خبيء


--
عبدالله عثمان
وذو الشوق القديم وان تعزى مشوق حين يلقى العاشقينا

Post: #23
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-19-2017, 06:25 PM
Parent: #1


امال عباس
انا وفاطمة

٭ الأيام الفائتة لم استطع أن أكتب في رحيل المناضلة فاطمة أحمد ابراهيم.. أسبوع كامل عز علي التعبير وتركت للدموع الحرية.. حرية أن تملك زمام التعبير.. الدموع قد تشفي ولكنها لا تجدي.. دموع عبرت عن مسيرة فريدة في حياتي مع فاطمة رئيسة تحرير مجلة صوت المرأة ومع فاطمة رئيسة الاتحاد النسائي.
٭ في تصفحي لصيحفة الحرية وجدت عمودا كتبته بالعنوان أعلاه في يوليو 2002 جاء فيه الاتي:
٭ في أسرار الوفاق عدد الجمعة 13 مايو 2002 جاء ان فاطمة أحمد ابراهيم في كندا والحزب الشيوعي يبحث عن قيادة نسائية.
٭ في أمسية الخميس التاسع من مايو عام 2002 التقيت فاطمة في لندن في شقتها الهادئة وكان لقاءاً حميماً جاء بعد مدة طويلة.. طويلة جداً.
٭ فاطمة أستاذتي.. بل وأمي الروحية تتلمذت عليها على الصعيد الأكاديمي والسياسي والاجتماعي وفرقت بيننا المواقف السياسية.. ذهبت هي جريحة الوجدان والقناعة الفكرية إلى معارضة مايو وانحزت أنا لمايو.
٭ آخر لقاء لي مع أستاذتي فاطمة كان عام 3891 بقاعة امتحانات جامعة الخرطوم وكان لقاءاً عاصفاً أفرغت فيه كل شحنات غضبها علي وعلى موقفي الذي كنت مقتنعة به تماماً.. ولم أستطع مجاراتها وقلت يومها للحضور ان بصمات فاطمة ورفيقاتها واضحة في حياتي لا أستطيع مسحها.. بل يطربني وجودها وتأصيلها في حياتي وقلت لهم أنا أؤمن بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية حتى وان رأت أستاذتي غير ذلك ومن يومها لم نلتق.
٭ عندما أبديت رغبتي في زيارة فاطمة وسألت عن عنوانها استغرب الذين حولي وقال لي أحدهم.. فاطمة أحمد ابراهيم التي هاجمتك في صحيفة الأيام في الشهر الماضي.. قلت نعم لا أستطيع أن لا أفعل وهي تمثل لي قيمتين أساسيتين في حياتي الأولى هي أمي الروحية التي علمتني كيف أحب السودان وأهله أحبهم وأحترمهم.. والثانية هي رمز.. رمز نادر للتفاني والنضال والتضحية ان تجاهلت الأولى استحالت على الثانية.
٭ ذهبت وقلت لها لم أستطع أن اتجاوزك مثلما لم تستطع أي محطة من محطات تاريخ السودان الحديث أن تفعل.. أخذتني في حضنها وأخذتها في حضني ورحنا في موجة بكاء حارة تركنا للدمعة الأنسياب بلا تدخل.. انه السودان وانها فاطمة..
٭ تحدثنا كثيراً.. تحدثت فاطمة بذات حماسها ونقائها وبسمتها الوديعة.. تحدثت عن معاناة الغربة.. تحدثت عن ايمان حفيدتها، ايمان أحمد الشفيع وكيف انها ارتبطت بالسودان وأحبته. تحدثت عن معاناة الاغتراب وحكت كيف ان هذه المعاناة عمقت الاحساس بالوطن.. وقالت رب ضارة نافعة.. تأثرت كثيراً عندما تحدثت عن المناقشة التي دارت بينها وبين طبيبها الذي رأى ان تأخذ جرعة من الانسلين مسائية قالت له أنا لا أستطيع النوم بالصورة المطلوبة ولا بالصورة التي تتخيلها.. أنا عندما أضع رأسي على الوسادة أسلم نفسي إلى مشاكل السودان وهمومه وأظل اتقلب معها ولا أستطيع أن أتناول جرعة انسلين مسائية.
٭ سعدت بهذا اللقاء أيما سعادة وكلما أردت أن أحدثكم عن ذلك اللقاء خفت من أن لا يأتي وصفه وفهمه بالصورة التي في وجداني.. ولكن عندما قرأت أسرار الوفاق أردت أن أقول ان فاطمة ليست في كندا وانما تتوق وتتطلع للسودان.
٭ أسرار الوفاق نفسها قالت: ونفت مصادر قريبة من فاطمة ان تكون رحلتها لكندا التماساً للعزاء ومفارقة لمناخ الشيوعيين السودانيين في لندن الذين جمدوا عضويتها في اللجنة المركزية فأصبحت شبه مفصولة وقالت المصادر ان فاطمة تلقت قرار التجميد ببرود ولامبالاة، ويتهم أنصار فاطمة القيادة في الخرطوم بالتواطؤ بل والتآمر لاقصاء فاطمة منذ عام 5891 بعد الانتفاضة غير أن المناخ الثوري لم يساعد ذلك المخطط.. فليبحث الحزب الشيوعي عن قيادات نسائية جديدة فهذا أمر طبيعي ولكن دور فاطمة الذي لعبته في المجتمع السوداني سياساً واجتماعياً أكبر من الحزب الشيوعي فلا فرع لندن ولا مركزية الخرطوم يستطيعان ادخال الفيل بثقب ابرة كما قال توفيق زياد.. من ذا الذي يستطيع أن يعطل عجلة التاريخ.
٭ أستاذتي وأمي فاطمة،اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وهذا حقك علينا.. لك تحياتي ومتعك الله بالعافية ومودتي لأحمد وايمان وأختها.. ايمان التي عشقت السودان فهي سليلة من ذابوا عشقاً في هوى الأوطان.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة
---------------------------

محمد زين العابدين
ورحلت فاطمة رمزية المثل والقيم والصمود

تودع فاطمة أحمد أبراهيم يوم الأربعاء الموافق 16 أغسطس 2017م الى مثواها الأخير وطناً وشعباً أحبهتما حتى النخاع، حباً يسرى فى شرايينها سريان الدم. يودعها شعبها الى مثواها الأخير وهو راض عنها وممتناً لها خاصة نساء بلادى ومحباً لها حباً لم يره أحد من بنى جلدتها على مدى التاريخ لا لأنها وقفت وبصمود منقطع النظير دفاعاً عن قضاياه وحريته وديمقراطيته والتى من أجله ذاقت كل اصناف العذاب من النظم العسكرية والشمولية التى حكمت وطننا العزيز الذى تحملت فيه فاطمة كل صنوف العذاب أنابة عن شعبها. وأيضاً سيحزن عليها حزناً ليس له مثيل من قبل لأنها كانت تمثل كل القيم والمثل السودانية لشعبنا فقد كانت بوتقة كل تلك المثل فى شخصها أنسانياً وأخلاقياً ودينياً وسياسياً وفوق ذلك رحمة وتحناناً تجاه الفقراء من بنى شعبى.
فاطمة وأخوانها تربوا فى بيت الدين والصلاح والتقى والألتزام الدينى دونما تنطع وأستغلال لذلك كانت هى الصلاية القوامة تعبد الله حق عبادته لأنها تعلم جيداً وعلم اليقين علاقتها بربها دونما مزايدة. وهى أنتمت للحزب الشيوعى يقيناً فى مشروعه الأشتراكى الذى أقتنعت أنه هو سبيل الرشد والرشاد لبنى شعبها فهو مشروع أقتصادى سياسي وليس مشروعاً عقائدياً يتنافى مع الدين الذى نشأت وتربت فيه ولكن أهل التزييف أرادوا أن يلصقوه بالكفر والألحاد وهم قد مارسوا الألحاد عملياً قبل أن يحكموا وبعد أن حكموا الشعب السودانى فأساموه سوء ألوان العذاب. وأن لم تفعل شيئاً فى كل المجالات فيكفيها فخراً أنها دائماً فى صف الفقراء والمهمشين وحرباً عللى الأستعلاء والمستعليين الى أن لقت ربها راضية مرضية.
لا أريد أن أتحدث عن الأدوار الى قامت بها المرحومة فاطمة أحمد ابراهيم لبنى وطنها وشعبها وبنى جنسها وحزبها فهذا قد كتب فيه الكثيرون وقد حضره وشاهده شعبها طوال مسيرتها وتحملها لكل الأبتلاءات التى مرت عليها خاصة فقدان زوجها ورفيق دربها القيادى المناضل الشهيد الشفيع احمد الشيخ الذى أغتاله العسكر ظلماً وبهتاناً ووهبت نفسها ووقتها بقية عمرها لشعبها وأبنها أحمد الذى نسأل الله أن يجعله خير خلف لخير سلف على خطى والده ووالدته. يكفى فى هذا المجال أن فاطمة كانت أماً رؤومة وأختاً رؤوفة ومواصلة لمن تعرف وزملاءها فى العمل العام فى مختلف الرؤى السياسية والوطنية. وأول معرفة لصيقة لى بالراحلة فاطمة أحمد أبراهيم عندما التقيتها أمام سجن مدنى فى مارس 1985م عندما جاءت لتزور أخى وشقيقى الأستاذ عمر زين العابدين عثمان عضو الحزب الشيوعى السودانى والذى أعتقل بواسطة جهاز أمن نظام نميرى لنشاطه وأودع السجن الذى خرج منه بعد أنتفاضة أبريل 1985م. وقد رفض لها جهاز الأمن مقابلته وأخبرتها أنى شقيقه وأيضاً جهاز الأمن رفض لنا مقابلته تماماً لا أنا ولا والدى. وتحدثت معى وعرفت أنها جاءت الى قريتنا أكثر من مرة لعمر لتكوين تنظيمات الأتحاد النسائى فى منطقة الحلاوين وكانت تقضى أيامها بالمنزل مع الوالدة والأخوان والأخوات وتأكدت من ذاكرتها الحديدية لأنها سألتنى من معظم شابات القرية اللائى ألتقتهن وما زالت ذكريات حضورها تتداول بين بنات ونساء قريتنا.
أن نظام الأنقاذ لا حياء له ولا أظن على وجهه مذعة لحم من حياء وقيم ومثل حتى يتجرأ رئيسه ويقول أنه قد أصدر القرارات لتشييع جثمان المناضلة الى مثواها الأخير تشييعاً رسمياً وهوه يعلم أصلاً أن المناضلة المرحومة كانت لا تعترف لهذا النظالم بشرعية أو الشعب السودانى يعترف له بشرعية وكيف تشيع فاطمة بكل نقائها وصدقها ومواقفها الوطنية الصامدة من نظام مغتصب للسلطة واسام بنى وطنها كل واسوأ أنواع العذاب والمثل عندنا يقول الأختشوا ماتوا. ويأتى بوق النظام الهندى عز الدين لذر الرماد على العيون لتمجيدها ويقول يجب الأنصياع لقرار الرئيس لتشييع جثمان المرحومة المناضلة رسمياً ونسى وتناسى أن فاطمة ما ماتت خارج وطنها وبين شعبها وأهل جلدتها الآ بسبب هذا النظام الذى شردها وشرد الغالبية من بنى وطنها فى كل اصقاع الدنيا؟ وهل يعتقد الهندى عز الدين أن رفقاء فاطمة وزملاءها وكل القوى السياسية المعارضة لنظامه عاجزين عن تشييع جثمان فاطمة الى مثواها الأخير كأعظم ما يكون التشييع وهى فى قلب وضمير كل سودانى ما عدا اصحاب الهوس الدينى حاكمين وغير حاكمين.
أريد أن أختم مقالى هذا بأن المغفور لها المناضلة فاطمة أحمد أبراهيم كانت كل أمنياتها وكلما التقى بها قبل أن يفعل العمر بذاكرتها كانت تتمنى أن يمد الله فى أيامها أن تفعل شيئاً لأولاد الشوارع الحفاة العراة الذين يبيتون على الأرض ويفترشونها فى العراء ويطعمون أنفسهم من الكوش وسؤال الناس الحافاً. أتمنى من زملائها فى الحزب الشيوعى ومن زميلاتها فى الأتحاد النسائى ومن كل القوى السياسية رجالاً ونساءاً وشباباً وشابات أن يقوموا بتسجيل منظمة خيرية باسم فاطمة لأطفال الشوارع وتخليداً لذكراها وتحقيقاً لأمنيتها التى ماتت قبل أن تحققها وأن يكون لها فرع بداخل الوطن السودان، وأقول أن يدى مع كل من يحاول القيام بهذا العمل لفاطمة بالمملكة المتحدة وداخل السودان عسي ولعل أن نرد الشئ القليل لفاطمة بعد رحيلها. ولكم تمنيت أن تكرم فاطمة فى حياتها من كل الشعب السودانى بمختلف فصائله وقطاعاته وقبائله حتى تكون قد شهدت بأم أعينها أمتنان شعبها لها ولكن قاتل الله العسكر الذين حرموا الشعب السودانى أبنتهم التى حملت أمانيهم وتطلعاتهم فى حدقات عيونها الى أم قابلت ريها راضية مرضية وأحسبها من سكان الفردوس الأعلى. ونتمنى أن تعود الحرية والديمقراطية لشعبنا ليقوم الشعب السودانى كله بتكريم فأطمة وتشييد الثوابت باسمها تكريماص لها ووفاءاص وعرفاءاص لتجردها من أجل شعبها الذى وهبت كل حياتها من أجله وأن تنصب لها النصب التذكارية فى كل مدينة من مدن سوداننا العريض .
الا رحم الله فاطمة رحمة واسعه وأنزلها منزلة الصديقين والشهداء وحسن أؤليك رفيقاً وأن يجعلها فى سدر مخضوض وطلح منضود وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وأن يكرم نزلها أنه نعم المجيب ولا أله ألا الله وأنا لله وأنا اليه راجعون.


بروفيسور محمد زين العابدين عثمان

-------------------------------

مصعب المشرف

الإهتمام الرسمي والحزبي والشعبي الذي جرى به تقبل السودان لفاجعة وفاة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم الناشطة السياسية والإجتماعية والقيادية البارزة في الحزب الشيوعي السوداني ... أثار هذا الإهتمام السوداني الجامع فضول ودهشة وتساؤلات العرب والأفارقة والعالم الغربي ؛ بسبب الزخم والكم الهائل للحبر المُسال ونبضات الكي بورد التي صاحبت ولا تزال وستظل مصاحبةً لوفاة السيدة فاطمة أحمد إبراهيم رحمها الله وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.
هذا الإهتمام والزخم المشار إليه إن دلّ على شيء . فإنما يدل على أننا ينبغي أن نفخر دائماً بسماحتنا وتقديرنا لكافة مكونات المجتمع برجاله ونسائه .. وأن تقديرنا وتقييمنا وتثميننا لدور المرأة كفاعلة وشريكة للذكر بمثل حظه في جانب الحق في ممارسة حق المواطنة والبذل والعطاء والإنتماء والقيادة والحكم .... هذا التقدير لايأتي على الورق . وإنما نمارسه طوال أربعة وعشرين ساعة بلا تكلف ولا إصطناع أو لغرض أن نوهم الغير أننا (نجاري الموضة) ونعطي المرأة حقوقها.
ولقد سبقت فاطمة أحمد إبراهيم في هذا التقدير الملكة النوبية أماني وأكثر من كنداكة ومهيرة بت عبود .. والباب لايزال مفتوحاً للمزيد.
في العالم العربي لم نسمع من قبل بحالة إهتمام وطني شعبي مماثل لرحيل إمرأة ؛ سواء أكانت ناشطة سياسية أو إجتماعية بمثل ما جرى في السودان تجاه فقيدته فاطمة أحمد إبراهيم.
في العالم العربي كان ولا يزال الإهتمام الرسمي الوطني الشعبي منصب على وفاة الراقصات والمطربات والممثلات لا غير ، وتحت ستار "يحيا الفـن".....
لم تشهد الساحة العربية سواء الكتلة الإسلامية منها أوالمسيحية إهتماماً على ذات الزخم والشاكلة التي وجدتها فاطمة أحمد إبراهيم في السودان .. لم تشهد هذه الساحة سوى إهتمامها بمناسبة وفاة المطربة أم كلثوم .... والمطربة صباح ... والممثلة سعاد حسني .... والراقصات بمبة كـشّـر وتحية كاريوكا.
المناضلة الجزائرية "جميلة بوحيرد" التي ساهمت مساهمة مشهودة في تاريخ الثورة الجزائرية ضد المحتل الفرنسي حتى نالت بلادها إستقلالها. لم يعرف العرب بنضالها وإسمها إلا من خلال الفيلم السينمائي الذي حمل إسمها بإيعاز من جمال عبد الناصر – إنتاج 1958م - بطولة ماجدة وأحمد مظهر.
لم يكن معظم الجزائريون خاصة والعرب عامة يعلمون حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي أنها لا تزال على قيد الحياة . كانوا يظنون أنها ماتت وشبعت موت ... ولولا برنامج "من سيربح المليون" الذي جاء بإسمها في سؤال ثم تناول سيرتها بإختصار وأنها تقيم مع زوجها في فرنسا ؛ لما كانت قد بعثت إلى الحياة من جديد .
ربما تظل مناسبة رئيسة وزراء الهند السابقة "أنديرا غاندي" هي الحالة الأكثر إقتراباً من حالة المرحومة فاطمة إبراهيم لجهة الإهتمام الرسمي والشعبي والوطني بها . مع فارق بسيط هو أن أنديرا غاندي قد جرى إغتيالها عام 1984م . وكانت آنذاك على رأس منصبها رئيسة للوزراء. وسبب الإغتيال هو إصدارها لقرار مثير للجدل بإقتحام المعبد الذهبي الخاص بطائفة السيخ.
ولكن لا تزال المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم تتفوق على أنديرا غاندي بسبب أنها وجدت هذا الإهتمام الإستثنائي من أبناء شعبها السوداني على كافة المستويات والتوجهات رغم أنها ليست رئيسة وزراء ، وليست زعيمة حزب حاكم وإنما فقط لكون أن الشعب قد توافق على أنها كانت صادقة أمينة مناضلة جسورة وغيورة يشار إليها بالبنان وستظل حالة فاطمة أحمد إبراهيم إذن تاريخاً ينبغي الحرص على تناوله والتعامل معه بكل الصدق والشفافية والأمانة.
ونت أطرف ما يحكى عن جسارتها وشجاعتها (وهي خصلة تعجب السودانين) . أنها وفي قمة خوف أعضاء وكوادر الحزب الشيوعي من ملاحقات ومطاردات نظام نميري المستمرة لهم . وأصداء بطشه بهم عقب فشل إنقلاب 19 يوليو 1971م . تصادف أن تقابلت مع نميري وجها لوجه في إحدى المناسبات الأمدرمانية الإجتماعية . فسألها متهكما ويغمز لها بطرف خفي عن خوف الشيوعيين منه:
- "فاطنة إنتي لسا شيوعية ولا الشيوعية طارت ليك من راسك"؟
فأجابته بسرعة بديهتها قائلة:
- " أيـوة شيوعية .... وجزمتي دي ذاتا شيوعية ".
والطريف أن نميري لم يتمالك نفسه من الضحك إعجاباً بشجاعتها أو ربما لأن طبيعة المناسبة لم تكن تسمح بغير ذلك وفق ما تعاهده السودانيين في تعاملهم مع بعضهم.
نرجو أن لا يتمادى الحزب الشيوعي فيحاول العبث بحقيقة وواقع أن هذه الجماهير السودانية . بوجوهها الطيبة ووجدانها الإنساني ودماغها النقي الذي يميز الخبيث من الطيب . والتي خرجت كتفاً بكتف والحجل بالرجل وكحذوك النعل بالنعلِ إلى جانب جماهير الحزب الشيوعي لمواراة جثمانها الثرى بعد الصلاة عليه ... هذه الجماهير السودانية قد خرجت لأجل التعبير عن تقديرها وإحترامها الخاص لشخص وتاريخ فاطمة أحمد إبراهيم النضالي . وكونها بالفعل كانت دوغرية ولا تخشى في الحق لومة لائم ونقية القلب وشفافة الروح... وسودانية من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.
بعد إنتقالها إلى جوار ربها ؛ أصبحت المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم أكبر من إبتسارها في حزب واحد أو ممارسة سياسية ...
توارت فاطمة الجسد تحت الثرى وتبقى فوق الثرى قناعات أبناء شعبها بصدقها وحبها لبلادها . وإيمانها بقدرات المرأة السودانية نبراسا لكل أبناء الوطن.
المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم ستظل رمز المرأة السودانية بكل بساطتها وصبرها وقسماتها وعفتها وعفافها وعاطفتها وإرتباطها بمجتمعها.. وصيانة لنسيجه الإجتماعي من يورتسودان حتى الجنينة ومن حلايب حتى أبيي.
ستتراكم المقالات والمؤلفات والدراسات ... وتعقد وتنفض الندوات عن شخصية ونضال وقناعات المرحومة فامة أحمد إبراهيم . وهذا أمر طبيعي .... ولكن الذي يجب أن نلفت إليه الإنتباه هنا هو أن لا يظن البعض أو فئة من الفئات . سواء في هذا المعسكر العقائدي والفكري أو ذاك .... لا يظن أحد من هؤلاء أنه بمستطيع أن ينفرد بها سلبا أو إيجاباً وحده. ويجيرها لمصلحته ولعرض وجهات نظره ؛ دون أن يجد من يتصدى له في جانب العدل والحق والوطنية الخالصة لوجه السودان وترابه الأغلى.... معطيات المعلوماتية ستمنع مثل هذه المتاجرات السياسية الإستهلاكية... وستحول دون نجاحها .. لا بل إنها ستؤدي إلى أن يفقد هذا المعسكر أو ذاك مصداقيته إذا حاول المتاجرة بها لمصلحته خاصة.
الشبكة العنكبوتية تحفظ لقاطمة أحمد إبراهيم أكثر من لقاء تلفزيوني ومناسبة موثقة بالصوت والصورة تنفي عنها شبهة الكفر والإلحاد .... وهذا يكفيها . فهي ليست مجبرة على تقديم أوراقها الإسلامية وصكوك الغفران إلى من يطنون واهمين أنهم "وحدهم" ورثة النعيم كي يختموها لها بعد توقيعهم عليها.
ثم أنه من غير الإنصاف والعقل أن يستهين البعض بقدر وقيمة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم في الوقت الذي يخفظ لها التاريخ أنها أول إمرأة يتم إنتخابها عضواً في البرلمان السوداني عام 1965م من خلال صناديق إنتخابات الزمن الديمقراطي الجميل.
لقد تحملت المرحومة فاطمة إبراهيم الكثير . وناء عاتقها بحمل الثقيل من الأعباء وصادفت خطاها معيقات ومحبطات كالجبال . وفاق صمودها كل التوقعات حين رمتها الأقدار بوابل أحزان فراق زوجها لها معلقاً على حبل المشنقة.
في 22 يوليو 1971م كان عمرها 35 عام فقط .. كانت متزوجة من الراحل الشفيع أحمد الشيخ رحمه الله الذي كان قياديا في الحزب الشيوعي السوداني خلال عصره الذهبي على أيام سكرتيره الكاريزمي عبد الخالق محجوب . وقد تم إنتخاب الشفيع أحمد الشيخ رئيسا لإتحاد عمال السودان الذي كان يضم 51 نقابة لاينفرد الشيوعي بالسيطرة عليها جميعها. وإنتخب أيضا نائباً لرئيس إتحاد العمال العالمي ... وحاز على وسام السلام من فرنسا ووسام لينين من الإتحاد السوفيتي ...
في 19 يوليو 1971م ؛ بعد تأييده وتورطه السياسي في محاولة إنقلاب الحزب الشيوعي العسكري الفاشلة بقيادة الرائد هاشم العطا ضد الرئيس جعفر نميري . فقد تم إعتقاله وتعذيبه تعذيباً إستثنائياً قاسيا بشعاً قبل وبعد إصدار الحكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت ... وعلى نحو تسامع به كل أهل السودان حتى بدا للبعض وكأنّ الأمر تصفية حساب شخصي وثأر بائت بينه وبين الضابط الذي أشرف على تعذيبه ... وقد قيل أنه سيق على عجل إلى حبل المشنقة وهو فاقد الوعي شبه ميت من أثر التعذيب الذي طال كل بوصة مربعة من جسده.
وعلى الرغم من كل هذه الضغوط النفسية التي تعرضت لها وامتحنها الله بها في أقرب الناس إليها . إى أنها ظلت صابرة صامدة كعهد الناس بها دون أن تنهار.
قد يتساءل البعض لماذا لم يتزايد الإهتمام بفاطمة أحمد إبراهيم إلا بعد وفاتها؟
من البديهي أن التاريخ لايبدأ تدوينه إلا بعد إنقضاء الحدث وإنقشاع الموقف ...
طالما ظل الإنسان على قيد الحياة فإن عطاءه يظل قابلاً للتجديد ... وتظل أفكاره قابلة في أي لحظة للتعديل والتطوير إن لم يكن التغيير .... حتى مرضه ووفاته قد تأتي على نحو وحال لم يكن أحد يتوقعه.
بعد الوفاة مباشرة يتحول الإنسان إلى كيان آخـر وحياة أخرى في العالم الآخر .. ويستمر وجوده كذكرى عائلية أو سطوراً في كتب تاريخ هذا العالم الزائل الذي غادره.
مناسبة الموت هي أصدق مناسبة .. ولأجل ذلك يحرص المجتمع السوداني في قناعته الجامعة أن تكون محل توقير وإحترام .. ومواراة لجثمان لا حول له ولا قوة تحت الثرى لم يعد يملك من نعيم الدنيا أو خشاش أرضها شيئا .. لا بل حتى السرادق الذي يقيمه ورثته لأحله يدخل شرعاً في باب التصدق عليه ... ويسري الحال حتى على ملابسه المستعملة إن لم يكن قد بادر هو نفسه بتوزيعها على الفقراء في حياته.
في مثل هذه المناسبة بشفافية التفكير في صدقها . كانت عائلة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم خاصة والشعب السوداني عامة .. كان الجميع يرجو أن تكون مهيبة ومرآة صادقة للتعبير عن حزن الفراق والأسى . وطلب الرحمة والمغفرة لها والمواساة والصبر والسلوى وحسن العزاء لأهلها ... ومناسبة لإجتماع كل الأطياف حولها . وتفرقهم بعدها بسلام.
في مفاهيمنا الإجتماعية يظل الموت مناسبة لا يتم توجيه دعوة ضورها لأحـد . بل يجتمع فيها الكل دون إستثناء .. الأهل والقريب ، والجار والعـدو والصديق .. وعابر الطريق والغريب.
في مناسبة الوفاة وإتباع الجنازة لدفنها يمشي الناس في صمت وسمت الوقار والوجل كأنّ على رؤوسهم الطير.... وكيف لا والموت هو خير واعظ .
التصرف غير المسئول الذي قام به البعض القليل أثناء تشييع جنازة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم. وترديدهم هتافات خارج نطاق جلال المناسبة وهيبتها .. هذا التصرف لاقى إستهجانا عاما من الشعب . ولكن نحمد الله أنه ليس سمة الغالبية . ونحسبه طاريء سلبي من الواجب علينا محاربته بالتوعية والحسنى بما يحول دون إستمراره وتطوره إلى عادة قبيحة ووصمة . خاصة وأنه بذلك يؤدي إلى تشويه دواخل وتوليد ضغائن . ويزيد من إتساع رقعة الخلاف والفرقة... والتباين الغير محمود.


Post: #24
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-19-2017, 06:31 PM
Parent: #1


امال عباس
انا وفاطمة

٭ الأيام الفائتة لم استطع أن أكتب في رحيل المناضلة فاطمة أحمد ابراهيم.. أسبوع كامل عز علي التعبير وتركت للدموع الحرية.. حرية أن تملك زمام التعبير.. الدموع قد تشفي ولكنها لا تجدي.. دموع عبرت عن مسيرة فريدة في حياتي مع فاطمة رئيسة تحرير مجلة صوت المرأة ومع فاطمة رئيسة الاتحاد النسائي.
٭ في تصفحي لصيحفة الحرية وجدت عمودا كتبته بالعنوان أعلاه في يوليو 2002 جاء فيه الاتي:
٭ في أسرار الوفاق عدد الجمعة 13 مايو 2002 جاء ان فاطمة أحمد ابراهيم في كندا والحزب الشيوعي يبحث عن قيادة نسائية.
٭ في أمسية الخميس التاسع من مايو عام 2002 التقيت فاطمة في لندن في شقتها الهادئة وكان لقاءاً حميماً جاء بعد مدة طويلة.. طويلة جداً.
٭ فاطمة أستاذتي.. بل وأمي الروحية تتلمذت عليها على الصعيد الأكاديمي والسياسي والاجتماعي وفرقت بيننا المواقف السياسية.. ذهبت هي جريحة الوجدان والقناعة الفكرية إلى معارضة مايو وانحزت أنا لمايو.
٭ آخر لقاء لي مع أستاذتي فاطمة كان عام 3891 بقاعة امتحانات جامعة الخرطوم وكان لقاءاً عاصفاً أفرغت فيه كل شحنات غضبها علي وعلى موقفي الذي كنت مقتنعة به تماماً.. ولم أستطع مجاراتها وقلت يومها للحضور ان بصمات فاطمة ورفيقاتها واضحة في حياتي لا أستطيع مسحها.. بل يطربني وجودها وتأصيلها في حياتي وقلت لهم أنا أؤمن بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية حتى وان رأت أستاذتي غير ذلك ومن يومها لم نلتق.
٭ عندما أبديت رغبتي في زيارة فاطمة وسألت عن عنوانها استغرب الذين حولي وقال لي أحدهم.. فاطمة أحمد ابراهيم التي هاجمتك في صحيفة الأيام في الشهر الماضي.. قلت نعم لا أستطيع أن لا أفعل وهي تمثل لي قيمتين أساسيتين في حياتي الأولى هي أمي الروحية التي علمتني كيف أحب السودان وأهله أحبهم وأحترمهم.. والثانية هي رمز.. رمز نادر للتفاني والنضال والتضحية ان تجاهلت الأولى استحالت على الثانية.
٭ ذهبت وقلت لها لم أستطع أن اتجاوزك مثلما لم تستطع أي محطة من محطات تاريخ السودان الحديث أن تفعل.. أخذتني في حضنها وأخذتها في حضني ورحنا في موجة بكاء حارة تركنا للدمعة الأنسياب بلا تدخل.. انه السودان وانها فاطمة..
٭ تحدثنا كثيراً.. تحدثت فاطمة بذات حماسها ونقائها وبسمتها الوديعة.. تحدثت عن معاناة الغربة.. تحدثت عن ايمان حفيدتها، ايمان أحمد الشفيع وكيف انها ارتبطت بالسودان وأحبته. تحدثت عن معاناة الاغتراب وحكت كيف ان هذه المعاناة عمقت الاحساس بالوطن.. وقالت رب ضارة نافعة.. تأثرت كثيراً عندما تحدثت عن المناقشة التي دارت بينها وبين طبيبها الذي رأى ان تأخذ جرعة من الانسلين مسائية قالت له أنا لا أستطيع النوم بالصورة المطلوبة ولا بالصورة التي تتخيلها.. أنا عندما أضع رأسي على الوسادة أسلم نفسي إلى مشاكل السودان وهمومه وأظل اتقلب معها ولا أستطيع أن أتناول جرعة انسلين مسائية.
٭ سعدت بهذا اللقاء أيما سعادة وكلما أردت أن أحدثكم عن ذلك اللقاء خفت من أن لا يأتي وصفه وفهمه بالصورة التي في وجداني.. ولكن عندما قرأت أسرار الوفاق أردت أن أقول ان فاطمة ليست في كندا وانما تتوق وتتطلع للسودان.
٭ أسرار الوفاق نفسها قالت: ونفت مصادر قريبة من فاطمة ان تكون رحلتها لكندا التماساً للعزاء ومفارقة لمناخ الشيوعيين السودانيين في لندن الذين جمدوا عضويتها في اللجنة المركزية فأصبحت شبه مفصولة وقالت المصادر ان فاطمة تلقت قرار التجميد ببرود ولامبالاة، ويتهم أنصار فاطمة القيادة في الخرطوم بالتواطؤ بل والتآمر لاقصاء فاطمة منذ عام 5891 بعد الانتفاضة غير أن المناخ الثوري لم يساعد ذلك المخطط.. فليبحث الحزب الشيوعي عن قيادات نسائية جديدة فهذا أمر طبيعي ولكن دور فاطمة الذي لعبته في المجتمع السوداني سياساً واجتماعياً أكبر من الحزب الشيوعي فلا فرع لندن ولا مركزية الخرطوم يستطيعان ادخال الفيل بثقب ابرة كما قال توفيق زياد.. من ذا الذي يستطيع أن يعطل عجلة التاريخ.
٭ أستاذتي وأمي فاطمة،اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وهذا حقك علينا.. لك تحياتي ومتعك الله بالعافية ومودتي لأحمد وايمان وأختها.. ايمان التي عشقت السودان فهي سليلة من ذابوا عشقاً في هوى الأوطان.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة
---------------------------

محمد زين العابدين
ورحلت فاطمة رمزية المثل والقيم والصمود

تودع فاطمة أحمد أبراهيم يوم الأربعاء الموافق 16 أغسطس 2017م الى مثواها الأخير وطناً وشعباً أحبهتما حتى النخاع، حباً يسرى فى شرايينها سريان الدم. يودعها شعبها الى مثواها الأخير وهو راض عنها وممتناً لها خاصة نساء بلادى ومحباً لها حباً لم يره أحد من بنى جلدتها على مدى التاريخ لا لأنها وقفت وبصمود منقطع النظير دفاعاً عن قضاياه وحريته وديمقراطيته والتى من أجله ذاقت كل اصناف العذاب من النظم العسكرية والشمولية التى حكمت وطننا العزيز الذى تحملت فيه فاطمة كل صنوف العذاب أنابة عن شعبها. وأيضاً سيحزن عليها حزناً ليس له مثيل من قبل لأنها كانت تمثل كل القيم والمثل السودانية لشعبنا فقد كانت بوتقة كل تلك المثل فى شخصها أنسانياً وأخلاقياً ودينياً وسياسياً وفوق ذلك رحمة وتحناناً تجاه الفقراء من بنى شعبى.
فاطمة وأخوانها تربوا فى بيت الدين والصلاح والتقى والألتزام الدينى دونما تنطع وأستغلال لذلك كانت هى الصلاية القوامة تعبد الله حق عبادته لأنها تعلم جيداً وعلم اليقين علاقتها بربها دونما مزايدة. وهى أنتمت للحزب الشيوعى يقيناً فى مشروعه الأشتراكى الذى أقتنعت أنه هو سبيل الرشد والرشاد لبنى شعبها فهو مشروع أقتصادى سياسي وليس مشروعاً عقائدياً يتنافى مع الدين الذى نشأت وتربت فيه ولكن أهل التزييف أرادوا أن يلصقوه بالكفر والألحاد وهم قد مارسوا الألحاد عملياً قبل أن يحكموا وبعد أن حكموا الشعب السودانى فأساموه سوء ألوان العذاب. وأن لم تفعل شيئاً فى كل المجالات فيكفيها فخراً أنها دائماً فى صف الفقراء والمهمشين وحرباً عللى الأستعلاء والمستعليين الى أن لقت ربها راضية مرضية.
لا أريد أن أتحدث عن الأدوار الى قامت بها المرحومة فاطمة أحمد ابراهيم لبنى وطنها وشعبها وبنى جنسها وحزبها فهذا قد كتب فيه الكثيرون وقد حضره وشاهده شعبها طوال مسيرتها وتحملها لكل الأبتلاءات التى مرت عليها خاصة فقدان زوجها ورفيق دربها القيادى المناضل الشهيد الشفيع احمد الشيخ الذى أغتاله العسكر ظلماً وبهتاناً ووهبت نفسها ووقتها بقية عمرها لشعبها وأبنها أحمد الذى نسأل الله أن يجعله خير خلف لخير سلف على خطى والده ووالدته. يكفى فى هذا المجال أن فاطمة كانت أماً رؤومة وأختاً رؤوفة ومواصلة لمن تعرف وزملاءها فى العمل العام فى مختلف الرؤى السياسية والوطنية. وأول معرفة لصيقة لى بالراحلة فاطمة أحمد أبراهيم عندما التقيتها أمام سجن مدنى فى مارس 1985م عندما جاءت لتزور أخى وشقيقى الأستاذ عمر زين العابدين عثمان عضو الحزب الشيوعى السودانى والذى أعتقل بواسطة جهاز أمن نظام نميرى لنشاطه وأودع السجن الذى خرج منه بعد أنتفاضة أبريل 1985م. وقد رفض لها جهاز الأمن مقابلته وأخبرتها أنى شقيقه وأيضاً جهاز الأمن رفض لنا مقابلته تماماً لا أنا ولا والدى. وتحدثت معى وعرفت أنها جاءت الى قريتنا أكثر من مرة لعمر لتكوين تنظيمات الأتحاد النسائى فى منطقة الحلاوين وكانت تقضى أيامها بالمنزل مع الوالدة والأخوان والأخوات وتأكدت من ذاكرتها الحديدية لأنها سألتنى من معظم شابات القرية اللائى ألتقتهن وما زالت ذكريات حضورها تتداول بين بنات ونساء قريتنا.
أن نظام الأنقاذ لا حياء له ولا أظن على وجهه مذعة لحم من حياء وقيم ومثل حتى يتجرأ رئيسه ويقول أنه قد أصدر القرارات لتشييع جثمان المناضلة الى مثواها الأخير تشييعاً رسمياً وهوه يعلم أصلاً أن المناضلة المرحومة كانت لا تعترف لهذا النظالم بشرعية أو الشعب السودانى يعترف له بشرعية وكيف تشيع فاطمة بكل نقائها وصدقها ومواقفها الوطنية الصامدة من نظام مغتصب للسلطة واسام بنى وطنها كل واسوأ أنواع العذاب والمثل عندنا يقول الأختشوا ماتوا. ويأتى بوق النظام الهندى عز الدين لذر الرماد على العيون لتمجيدها ويقول يجب الأنصياع لقرار الرئيس لتشييع جثمان المرحومة المناضلة رسمياً ونسى وتناسى أن فاطمة ما ماتت خارج وطنها وبين شعبها وأهل جلدتها الآ بسبب هذا النظام الذى شردها وشرد الغالبية من بنى وطنها فى كل اصقاع الدنيا؟ وهل يعتقد الهندى عز الدين أن رفقاء فاطمة وزملاءها وكل القوى السياسية المعارضة لنظامه عاجزين عن تشييع جثمان فاطمة الى مثواها الأخير كأعظم ما يكون التشييع وهى فى قلب وضمير كل سودانى ما عدا اصحاب الهوس الدينى حاكمين وغير حاكمين.
أريد أن أختم مقالى هذا بأن المغفور لها المناضلة فاطمة أحمد أبراهيم كانت كل أمنياتها وكلما التقى بها قبل أن يفعل العمر بذاكرتها كانت تتمنى أن يمد الله فى أيامها أن تفعل شيئاً لأولاد الشوارع الحفاة العراة الذين يبيتون على الأرض ويفترشونها فى العراء ويطعمون أنفسهم من الكوش وسؤال الناس الحافاً. أتمنى من زملائها فى الحزب الشيوعى ومن زميلاتها فى الأتحاد النسائى ومن كل القوى السياسية رجالاً ونساءاً وشباباً وشابات أن يقوموا بتسجيل منظمة خيرية باسم فاطمة لأطفال الشوارع وتخليداً لذكراها وتحقيقاً لأمنيتها التى ماتت قبل أن تحققها وأن يكون لها فرع بداخل الوطن السودان، وأقول أن يدى مع كل من يحاول القيام بهذا العمل لفاطمة بالمملكة المتحدة وداخل السودان عسي ولعل أن نرد الشئ القليل لفاطمة بعد رحيلها. ولكم تمنيت أن تكرم فاطمة فى حياتها من كل الشعب السودانى بمختلف فصائله وقطاعاته وقبائله حتى تكون قد شهدت بأم أعينها أمتنان شعبها لها ولكن قاتل الله العسكر الذين حرموا الشعب السودانى أبنتهم التى حملت أمانيهم وتطلعاتهم فى حدقات عيونها الى أم قابلت ريها راضية مرضية وأحسبها من سكان الفردوس الأعلى. ونتمنى أن تعود الحرية والديمقراطية لشعبنا ليقوم الشعب السودانى كله بتكريم فأطمة وتشييد الثوابت باسمها تكريماص لها ووفاءاص وعرفاءاص لتجردها من أجل شعبها الذى وهبت كل حياتها من أجله وأن تنصب لها النصب التذكارية فى كل مدينة من مدن سوداننا العريض .
الا رحم الله فاطمة رحمة واسعه وأنزلها منزلة الصديقين والشهداء وحسن أؤليك رفيقاً وأن يجعلها فى سدر مخضوض وطلح منضود وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وأن يكرم نزلها أنه نعم المجيب ولا أله ألا الله وأنا لله وأنا اليه راجعون.


بروفيسور محمد زين العابدين عثمان

-------------------------------

مصعب المشرف

الإهتمام الرسمي والحزبي والشعبي الذي جرى به تقبل السودان لفاجعة وفاة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم الناشطة السياسية والإجتماعية والقيادية البارزة في الحزب الشيوعي السوداني ... أثار هذا الإهتمام السوداني الجامع فضول ودهشة وتساؤلات العرب والأفارقة والعالم الغربي ؛ بسبب الزخم والكم الهائل للحبر المُسال ونبضات الكي بورد التي صاحبت ولا تزال وستظل مصاحبةً لوفاة السيدة فاطمة أحمد إبراهيم رحمها الله وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.
هذا الإهتمام والزخم المشار إليه إن دلّ على شيء . فإنما يدل على أننا ينبغي أن نفخر دائماً بسماحتنا وتقديرنا لكافة مكونات المجتمع برجاله ونسائه .. وأن تقديرنا وتقييمنا وتثميننا لدور المرأة كفاعلة وشريكة للذكر بمثل حظه في جانب الحق في ممارسة حق المواطنة والبذل والعطاء والإنتماء والقيادة والحكم .... هذا التقدير لايأتي على الورق . وإنما نمارسه طوال أربعة وعشرين ساعة بلا تكلف ولا إصطناع أو لغرض أن نوهم الغير أننا (نجاري الموضة) ونعطي المرأة حقوقها.
ولقد سبقت فاطمة أحمد إبراهيم في هذا التقدير الملكة النوبية أماني وأكثر من كنداكة ومهيرة بت عبود .. والباب لايزال مفتوحاً للمزيد.
في العالم العربي لم نسمع من قبل بحالة إهتمام وطني شعبي مماثل لرحيل إمرأة ؛ سواء أكانت ناشطة سياسية أو إجتماعية بمثل ما جرى في السودان تجاه فقيدته فاطمة أحمد إبراهيم.
في العالم العربي كان ولا يزال الإهتمام الرسمي الوطني الشعبي منصب على وفاة الراقصات والمطربات والممثلات لا غير ، وتحت ستار "يحيا الفـن".....
لم تشهد الساحة العربية سواء الكتلة الإسلامية منها أوالمسيحية إهتماماً على ذات الزخم والشاكلة التي وجدتها فاطمة أحمد إبراهيم في السودان .. لم تشهد هذه الساحة سوى إهتمامها بمناسبة وفاة المطربة أم كلثوم .... والمطربة صباح ... والممثلة سعاد حسني .... والراقصات بمبة كـشّـر وتحية كاريوكا.
المناضلة الجزائرية "جميلة بوحيرد" التي ساهمت مساهمة مشهودة في تاريخ الثورة الجزائرية ضد المحتل الفرنسي حتى نالت بلادها إستقلالها. لم يعرف العرب بنضالها وإسمها إلا من خلال الفيلم السينمائي الذي حمل إسمها بإيعاز من جمال عبد الناصر – إنتاج 1958م - بطولة ماجدة وأحمد مظهر.
لم يكن معظم الجزائريون خاصة والعرب عامة يعلمون حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي أنها لا تزال على قيد الحياة . كانوا يظنون أنها ماتت وشبعت موت ... ولولا برنامج "من سيربح المليون" الذي جاء بإسمها في سؤال ثم تناول سيرتها بإختصار وأنها تقيم مع زوجها في فرنسا ؛ لما كانت قد بعثت إلى الحياة من جديد .
ربما تظل مناسبة رئيسة وزراء الهند السابقة "أنديرا غاندي" هي الحالة الأكثر إقتراباً من حالة المرحومة فاطمة إبراهيم لجهة الإهتمام الرسمي والشعبي والوطني بها . مع فارق بسيط هو أن أنديرا غاندي قد جرى إغتيالها عام 1984م . وكانت آنذاك على رأس منصبها رئيسة للوزراء. وسبب الإغتيال هو إصدارها لقرار مثير للجدل بإقتحام المعبد الذهبي الخاص بطائفة السيخ.
ولكن لا تزال المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم تتفوق على أنديرا غاندي بسبب أنها وجدت هذا الإهتمام الإستثنائي من أبناء شعبها السوداني على كافة المستويات والتوجهات رغم أنها ليست رئيسة وزراء ، وليست زعيمة حزب حاكم وإنما فقط لكون أن الشعب قد توافق على أنها كانت صادقة أمينة مناضلة جسورة وغيورة يشار إليها بالبنان وستظل حالة فاطمة أحمد إبراهيم إذن تاريخاً ينبغي الحرص على تناوله والتعامل معه بكل الصدق والشفافية والأمانة.
ونت أطرف ما يحكى عن جسارتها وشجاعتها (وهي خصلة تعجب السودانين) . أنها وفي قمة خوف أعضاء وكوادر الحزب الشيوعي من ملاحقات ومطاردات نظام نميري المستمرة لهم . وأصداء بطشه بهم عقب فشل إنقلاب 19 يوليو 1971م . تصادف أن تقابلت مع نميري وجها لوجه في إحدى المناسبات الأمدرمانية الإجتماعية . فسألها متهكما ويغمز لها بطرف خفي عن خوف الشيوعيين منه:
- "فاطنة إنتي لسا شيوعية ولا الشيوعية طارت ليك من راسك"؟
فأجابته بسرعة بديهتها قائلة:
- " أيـوة شيوعية .... وجزمتي دي ذاتا شيوعية ".
والطريف أن نميري لم يتمالك نفسه من الضحك إعجاباً بشجاعتها أو ربما لأن طبيعة المناسبة لم تكن تسمح بغير ذلك وفق ما تعاهده السودانيين في تعاملهم مع بعضهم.
نرجو أن لا يتمادى الحزب الشيوعي فيحاول العبث بحقيقة وواقع أن هذه الجماهير السودانية . بوجوهها الطيبة ووجدانها الإنساني ودماغها النقي الذي يميز الخبيث من الطيب . والتي خرجت كتفاً بكتف والحجل بالرجل وكحذوك النعل بالنعلِ إلى جانب جماهير الحزب الشيوعي لمواراة جثمانها الثرى بعد الصلاة عليه ... هذه الجماهير السودانية قد خرجت لأجل التعبير عن تقديرها وإحترامها الخاص لشخص وتاريخ فاطمة أحمد إبراهيم النضالي . وكونها بالفعل كانت دوغرية ولا تخشى في الحق لومة لائم ونقية القلب وشفافة الروح... وسودانية من قمة رأسها إلى أخمص قدميها.
بعد إنتقالها إلى جوار ربها ؛ أصبحت المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم أكبر من إبتسارها في حزب واحد أو ممارسة سياسية ...
توارت فاطمة الجسد تحت الثرى وتبقى فوق الثرى قناعات أبناء شعبها بصدقها وحبها لبلادها . وإيمانها بقدرات المرأة السودانية نبراسا لكل أبناء الوطن.
المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم ستظل رمز المرأة السودانية بكل بساطتها وصبرها وقسماتها وعفتها وعفافها وعاطفتها وإرتباطها بمجتمعها.. وصيانة لنسيجه الإجتماعي من يورتسودان حتى الجنينة ومن حلايب حتى أبيي.
ستتراكم المقالات والمؤلفات والدراسات ... وتعقد وتنفض الندوات عن شخصية ونضال وقناعات المرحومة فامة أحمد إبراهيم . وهذا أمر طبيعي .... ولكن الذي يجب أن نلفت إليه الإنتباه هنا هو أن لا يظن البعض أو فئة من الفئات . سواء في هذا المعسكر العقائدي والفكري أو ذاك .... لا يظن أحد من هؤلاء أنه بمستطيع أن ينفرد بها سلبا أو إيجاباً وحده. ويجيرها لمصلحته ولعرض وجهات نظره ؛ دون أن يجد من يتصدى له في جانب العدل والحق والوطنية الخالصة لوجه السودان وترابه الأغلى.... معطيات المعلوماتية ستمنع مثل هذه المتاجرات السياسية الإستهلاكية... وستحول دون نجاحها .. لا بل إنها ستؤدي إلى أن يفقد هذا المعسكر أو ذاك مصداقيته إذا حاول المتاجرة بها لمصلحته خاصة.
الشبكة العنكبوتية تحفظ لقاطمة أحمد إبراهيم أكثر من لقاء تلفزيوني ومناسبة موثقة بالصوت والصورة تنفي عنها شبهة الكفر والإلحاد .... وهذا يكفيها . فهي ليست مجبرة على تقديم أوراقها الإسلامية وصكوك الغفران إلى من يطنون واهمين أنهم "وحدهم" ورثة النعيم كي يختموها لها بعد توقيعهم عليها.
ثم أنه من غير الإنصاف والعقل أن يستهين البعض بقدر وقيمة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم في الوقت الذي يخفظ لها التاريخ أنها أول إمرأة يتم إنتخابها عضواً في البرلمان السوداني عام 1965م من خلال صناديق إنتخابات الزمن الديمقراطي الجميل.
لقد تحملت المرحومة فاطمة إبراهيم الكثير . وناء عاتقها بحمل الثقيل من الأعباء وصادفت خطاها معيقات ومحبطات كالجبال . وفاق صمودها كل التوقعات حين رمتها الأقدار بوابل أحزان فراق زوجها لها معلقاً على حبل المشنقة.
في 22 يوليو 1971م كان عمرها 35 عام فقط .. كانت متزوجة من الراحل الشفيع أحمد الشيخ رحمه الله الذي كان قياديا في الحزب الشيوعي السوداني خلال عصره الذهبي على أيام سكرتيره الكاريزمي عبد الخالق محجوب . وقد تم إنتخاب الشفيع أحمد الشيخ رئيسا لإتحاد عمال السودان الذي كان يضم 51 نقابة لاينفرد الشيوعي بالسيطرة عليها جميعها. وإنتخب أيضا نائباً لرئيس إتحاد العمال العالمي ... وحاز على وسام السلام من فرنسا ووسام لينين من الإتحاد السوفيتي ...
في 19 يوليو 1971م ؛ بعد تأييده وتورطه السياسي في محاولة إنقلاب الحزب الشيوعي العسكري الفاشلة بقيادة الرائد هاشم العطا ضد الرئيس جعفر نميري . فقد تم إعتقاله وتعذيبه تعذيباً إستثنائياً قاسيا بشعاً قبل وبعد إصدار الحكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت ... وعلى نحو تسامع به كل أهل السودان حتى بدا للبعض وكأنّ الأمر تصفية حساب شخصي وثأر بائت بينه وبين الضابط الذي أشرف على تعذيبه ... وقد قيل أنه سيق على عجل إلى حبل المشنقة وهو فاقد الوعي شبه ميت من أثر التعذيب الذي طال كل بوصة مربعة من جسده.
وعلى الرغم من كل هذه الضغوط النفسية التي تعرضت لها وامتحنها الله بها في أقرب الناس إليها . إى أنها ظلت صابرة صامدة كعهد الناس بها دون أن تنهار.
قد يتساءل البعض لماذا لم يتزايد الإهتمام بفاطمة أحمد إبراهيم إلا بعد وفاتها؟
من البديهي أن التاريخ لايبدأ تدوينه إلا بعد إنقضاء الحدث وإنقشاع الموقف ...
طالما ظل الإنسان على قيد الحياة فإن عطاءه يظل قابلاً للتجديد ... وتظل أفكاره قابلة في أي لحظة للتعديل والتطوير إن لم يكن التغيير .... حتى مرضه ووفاته قد تأتي على نحو وحال لم يكن أحد يتوقعه.
بعد الوفاة مباشرة يتحول الإنسان إلى كيان آخـر وحياة أخرى في العالم الآخر .. ويستمر وجوده كذكرى عائلية أو سطوراً في كتب تاريخ هذا العالم الزائل الذي غادره.
مناسبة الموت هي أصدق مناسبة .. ولأجل ذلك يحرص المجتمع السوداني في قناعته الجامعة أن تكون محل توقير وإحترام .. ومواراة لجثمان لا حول له ولا قوة تحت الثرى لم يعد يملك من نعيم الدنيا أو خشاش أرضها شيئا .. لا بل حتى السرادق الذي يقيمه ورثته لأحله يدخل شرعاً في باب التصدق عليه ... ويسري الحال حتى على ملابسه المستعملة إن لم يكن قد بادر هو نفسه بتوزيعها على الفقراء في حياته.
في مثل هذه المناسبة بشفافية التفكير في صدقها . كانت عائلة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم خاصة والشعب السوداني عامة .. كان الجميع يرجو أن تكون مهيبة ومرآة صادقة للتعبير عن حزن الفراق والأسى . وطلب الرحمة والمغفرة لها والمواساة والصبر والسلوى وحسن العزاء لأهلها ... ومناسبة لإجتماع كل الأطياف حولها . وتفرقهم بعدها بسلام.
في مفاهيمنا الإجتماعية يظل الموت مناسبة لا يتم توجيه دعوة ضورها لأحـد . بل يجتمع فيها الكل دون إستثناء .. الأهل والقريب ، والجار والعـدو والصديق .. وعابر الطريق والغريب.
في مناسبة الوفاة وإتباع الجنازة لدفنها يمشي الناس في صمت وسمت الوقار والوجل كأنّ على رؤوسهم الطير.... وكيف لا والموت هو خير واعظ .
التصرف غير المسئول الذي قام به البعض القليل أثناء تشييع جنازة المرحومة فاطمة أحمد إبراهيم. وترديدهم هتافات خارج نطاق جلال المناسبة وهيبتها .. هذا التصرف لاقى إستهجانا عاما من الشعب . ولكن نحمد الله أنه ليس سمة الغالبية . ونحسبه طاريء سلبي من الواجب علينا محاربته بالتوعية والحسنى بما يحول دون إستمراره وتطوره إلى عادة قبيحة ووصمة . خاصة وأنه بذلك يؤدي إلى تشويه دواخل وتوليد ضغائن . ويزيد من إتساع رقعة الخلاف والفرقة... والتباين الغير محمود.


Post: #25
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-19-2017, 06:32 PM
Parent: #1

عبد الله الشيخ
سبع مشاهد في تشييع فاطمة

خط الاستواء



مشهد أول: في مشهد تشييع الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم ــ رحمة الله عليها ــ تأكدت حقيقة أن نبض هذه البلاد كان ولم يزل دافقاً، وأن المرأة في مجتمع السودان، تظل "كنداكة، كنداكة".

كان المشهد تأريخاً لرسوخ المكتسبات التي حققها جيل فاطمة لصالح قضايا وحقوق الإنسان.. قضايا النساء والأطفال على وجه الخصوص.كان المشهد تأكيداً على أن ذلك الرسوخ لم يفت عضده ماحدثَ طيلة عقود الحكم الشمولي.

أكثر من ذلك، فإن المشهد أكد أن فاطمة، أُخت صلاح الشاعِر، وزوجة الشفيع الشهيد، ستظل حية في الوجدان، رغم طول أمد الغربة.. هاهي أسرة سودانية واحِدة تقدِّم لشعبنا، أُمّاً وشاعراً وشهيداً، وها هي الأجيال التي لم ترها تزف نعشها بالدموع والهتاف.

مشهد ثان: في ذلك الضحى وتلك الظهيرة، ثبت أن دمغ المعارضين بالمروق والفسوق، لم يعد يجدي في شيء. لم يعد مقنعاً ذاك الاتهام السخيف بأن الآخر السياسي يحمل مضامين وتوجيهات تتعارض مع قيم المجتمع السوداني.. هذا القول أصبح دعاية مشروخة لا يتقبلها حتي الذين أطلقوها طيلة الفترة السابقة.

مشهد ثالث: بالرغم من تسخير كل الآليات ضد حِراك القوى الحديثة، إلا أن جذوة الاستنارة ظلّت متّقِدة، وبَانَ بما لا يدع مجالآ للشك، ان طليعة اليسار السوداني أذكت نار الوعي في مجتمعنا.. كان لتيار اليسار القدح المعلى في التعليم والتثقيف والتبصير بالحقوق... ومن هنا، ربما، تتضح أسباب الكراهية لهم، كون أعداء المستقبل يعلمونَ، أن اليسار المُتعافي و(قرْصَتو حارة)..

مشهد رابع: تأكد أن تيار الوعي هذا، ظل يرفد كل الكيانات السياسية بالفكرة والخبرة، بما في ذلك الحركة الإسلامية التي كانت - بصورة أو بأخري - في مقدمة المستفيدين من الحزب الشيوعي السوداني.

مشهد خامس: بينما كان نعش فاطمة المهيب يمضي نحو مثواه الأخير، كانت حِدّة الغضب قد تصاعدت، إلى درجة جعلت الكثير من القيم السودانية السمحة، يُداس عليها تحت أقدام المشيعين.. ما حدث من انفعال في تلك اللحظات الجليلة، يؤكد أن بعض السودانيين العاديينَ قد فاض بهم الكيل، وأن تراكم المظالم وتكاثف الغُبن وسياسة الاستثمار في الكراهية،،، كل ذلك، ما كان يُمكن أن يأتي بخير، وما حدث من انفلات، لا يمكن أن ينفصل عن تلك المسببات.

مشهد سادس: لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن نقرأ ما حدث في تشييع فاطمة، بمعزل عن سلوكٍ سالبٍ وغير إنساني، تم مع نعوش كثيرة من قبل....!

المشهد السابع: فاطمة أحمد إبراهيم، تحكي حياتها قصة صمود السودانيين في وجه الدكتاتوريات المدنية والعسكرية. كانت طيبة وصلبة، شرسة ومتسامحة، ولهذا وذاك حرمت من ان تعيش بين أهلها..غابت الأم المناضلِة، وفي غيابت الجب نشأ جيل جديد.. جيل مثقل بالغُبن، يتجاوز حدود التعبير المتماسِك إلى هياج مجنون.. ذاك الهياج المجنون، كم نخشى، أن يكون طابعاً للمرحلة المقبلة.


عبدالله الشيخ
آخر لحظة

Post: #26
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-19-2017, 06:36 PM
Parent: #25

لماذا يجد القادة الشيوعيون هذا الحب الجارف من الشعب السوداني؟
August 19, 2017
صلاح شعيب
إذا عدنا لجرد العقد الأخير، على الأقل، فإننا نجد أنه قد رحل من خلاله الكثير من رموز السودان على مستويات السياسة، والفكر، والأدب، والفن، والاجتماع. ولكن أكثر هؤلاء الذين وجدوا تبجيلا كانوا من الشيوعيين، واليساريين الذين تحالفو فكريا معهم بشكل، أو بآخر. وإذا قارنا حجم التقدير الذي وجده الرموز الراحلون من التنظيمات الأخرى فإنه يصعب القول إنها لقيت اهتمامنا بالقدر الذي وجده هؤلاء الشيوعيون الممجدون. وربما شيعت الجماهير بعض قادة النظام باللعنات برغم أن ثقافة السودانيين حتى وقت قريب كانت لا تثأر من شخص عند دنو لحظات موته وبعدها. ولكن ثقافة العنف المستبد التي أرساها الإسلاميون في التعامل مع الآخرين لم تتح مجالا للمغبونين للتسامح مع موتاهم، والذين بعضهم أراق الدماء، واغتصب النساء والرجال معا، وأذل كرامة المستضعفين.
إن غالبية الكتابات التي تناولت سيرة هؤلاء الشيوعيين الأماجد بجزيل الكلم، ولوعة الحرف، وزفرات النفس الحرى، تنتمي إلى تيار التغيير العريض باتجاه الحرية، والديموقراطية، والسلام. رثاهم ممثلو كل الأجيال بصدق، منهم بعثيون، ومنتمون للأحزاب التقليدية والحديثة، أنصار، وختمية، ومستقلون، وجمهوريون، وصوفيون، ونشطاء منظمات مجتمع مدني، ومحاربو حركات مسلحة. بل إن هناك بعض الإسلاميين الذي أبدى تقديرا للشيوعيين الراحلين، فضلا عن ذلك فإن الحكومة التي تكيد كيدا للحزب أبدت نوعا من التقدير لهم، وإن كان صوريا. ولا بد أن الإخوة الجنوبيين الذين انفصلوا عنا عبروا أفرادا، وقيادات، وبرلمانا، عن بالغ الأسف لفقد هؤلاء الرموز الوطنيين. وهكذا تلاقى الشمال، والشرق، والغرب، والوسط، والجنوب في ملحمة قومية للوفاء. وعلى مستوى الشرق الأوسط، وأفريقيا، فإن رموزا فكرية، وجماعات، ومنظمات، عبرت عن حزنها لفقد هذه الشخصيات السودانية التي كانت تشاركها هموم اليسار العربي، والإفريقي.
بالتوثيق نجد أن الذين شيعوا جثامين الشيوعيين يمثلون معظم قطاعات البلاد، والذين يشاركون في تأبينهم سنويا في السودان، والمهجر هم هؤلاء السواد الأعظم من السودانيين. ففي هذا العقد المنصرم مات نقد، وحميد، والخاتم عدلان، والتيجاني الطيب، وسعاد إبراهيم أحمد، وسعودي دراج، وعبد الماجد بوب، ومحمد سعيد القدال، ووردي، وآخرون، وأخيرا فاطمة أحمد إبراهيم التي جاء اهتمام الناس بوفاتها هادرا حتى بدا كأنها تنتمي لتيارات السودان السياسية جميعها هذي، أكثر من انتمائها للحزب الشيوعي فحسب. وهذا الحب الجارف الموثق في حروف الناعين، ومواد وسائط الميديا، كاد أن يخلع الراحلة حتى من حزبها الذي انتمت إليه، وتمثلت أدبياته، وعرفت به. ولاحظنا أنه رغم سيطرة الحزب على إجراءت القيام بأعباء الدفن إلا أنه لم يتمكن من تمام السيطرة على كل ما صاحبها من أحداث أدت لطرد قادة السلطة من موكب التشييع.
-2-
لا بد أن هناك رابطا قويا وسط هذه الجموع السودانية التي اتفقت على معنى هذا التبجيل الكبير، والتقدير لميراث هذا النفر من الشيوعيين، والتعبير عن العاطفة إزاء رحيلهم إلى الآخرة. هذا بالرغم من أن الوسيلة الفكرية التي يتبعها الحزب قد واجهت حربا شرسة منذ خمسينات القرن الماضي في مجتمع يسهل فيه جدا تجييش عاطفته الدينية. وهذه ما تزال توظف ضد الحزب، وأهل الاستنارة الآخرين، كنوع من الابتزاز الإستراتيجي، وكوسيلة للشنشنة الفكرية التي ترنوا إلى السيطرة على حيز الرأي العام. والحقيقة أن الدين، لم يكن يوما هدفا للعداء، أو الاستهداف من الشيوعيين السودانيين، ولا توجد في أدبيات الحزب الرسمية ما يعبر عن انتقاص لقدر الإسلام، أو المسيحية، أو الأديان الأفريقية. قد يوجد في الحزب ملحدون، ولكنهم هم الملحدون عموما الذين يتخذون موقفا ليس ضد معتنقي الدين وإنما يستهدفون مساءلة المصادر الدينية كلها. ومن حق الملحدين، أو الإنسان عموما، ان يؤمن بدين، أو لا يؤمن ما دام الإيمان، أو عدم الإيمان، بوصلة الضمير، ولعل دين الإسلام ذاته لم ينته إلى حمل الناس على الإيمان بالجبروت. وكان أهل الكتاب في صدر الإسلام لا يؤمنون ببعثة النبي الكريم، ويعتقدون في ما يعتقدون، ويتعاملون معه على هذا الأساس. وقد ظل الملحدون، الشيوعيون وغيرهم، يتعاملون مع الأمر باعتبار أنه حق على المستوى الفردي. ولكنهم لم يراكموا أدبا منشورا ضد المعتقد حتى يقعوا في فخ الذين ينافسونهم في حصد عاطفة، وقلب، وجهد الجماهير.
وهنا تضحي القلة من الشيوعيين الملحدين بحريتها في الجهر بالتعبير إعلاميا، احتراما لما يراه البعض أنه خدش لمعتقد المتدينيين، والذين يشكلون أغلبية الشعب السوداني. وربما يعود هذا التقليد الصارم إلى لوائح الحزب التي تشدد على هؤلاء الشريحة من العضوية بأن المعركة الأساسية تتعلق بالتنوير أكثر من التهديم، وبالتثقيف أكثر من الازدراء بالموروث المعتقدي، وببحث المشرق في التراث الإسلامي، أكثر من تناول ذلك الموضوع الذي يثير المشاكل لا الحلول. وعلى هدي هذه المفاهيم سار الشيوعيون جميعا ينشطون في العمل العام. يخفقون هنا، وينجحون هناك، ويراجعون بمثابرة مساهمتهم الوطنية على طول التاريخ، وفي كل هذا السعي النظري، والحركي، تجدهم منفتحين أمام المعرفة. ومن نافلة القول أن آيات هذا الانفتاح الشيوعي تتمثل في تخلي شيوعيين عن الإيمان بالنظرية الماركسية نفسها، إذ إن بعضهم انتهى إلى التصوف، أو الانضمام لخصم الحزب الشرس حتى: الحركة الإسلامية. وهناك من تركت الحزب ثم مضت إلى حال سبيلها حرة من كل قيد تنظيمي، دون أن تتخلى عن الماركسية، أو القناعة بقيم النضال من أجل مستقبل أفضل. وما يجدر تأكيده أن بعض ملحدي الحزب هم الذين بحثوا عن سلوى دينية لاحقا لدى هذه التيارات الرجعية”، بينما بقي ملحدون وغير ملحدين متمسكين بالنظرية التي بذل قادة الحزب جهدا لسودنتها حتى تتماشى مع طبيعة واقع البلاد. وغالب هؤلاء المتمسكين بالتنظيم الآن هم الذين يسيرون على نهج التراث الذي خلفه أولئك النفر الأشاوس من الراحلين. أما الذين سعوا لمغازلة اليمين الديني فالكثير منهم قد تناسى مطالب الجماهير، وسكت عن الدفاع عن الفقراء، والمحرومين، والمظلومين، وبصورة أو بأخرى يسعون إلى استهداف بنية الحزب.
-3-
من خلال هذا الولاء الشيوعي للجماهير المستغلة تاريخيا يُفهم هذا الحب الجارف الذي بينه المنتمون للتيارات السودانية كافة لرموز الحزب الراحلين في مناسبات تشييعهم. وإذا تعمقنا في هذه الأحداث فإننا نرى أنها تُلقي بمهمة ثقيلة على هذا الحزب أكثر من كونها تمنحه صكاً يجيز وطنية خطه السياسي فحسب. فلو أن هذا الإجماع على الحب الجارف نحو أفراد الحزب لا بد أن قد تأسس على إشراقات تربيته النظرية لكوادره النوعية هذه، فإنه يعني أن الحزب، من جانب آخر، برغم الضربات الموجعة التي وجدها من قوى اليمين طوال نصف قرن من الزمان، وتصاعد الاستهدافات نحوه في الآونة الأخيرة، ما يزال يمثل البوتقة السياسية السودانوية التي تلم شعث الناس إن لم يكن حركيا، فنظريا على الأقل.
وهذه رسالة تعني أن في حراك الشيوعيين كثير من الأمل في استعادة العافية للبلاد، وسلامة الانتقال من مرحلة الاستبداد إلى آفاق الحرية، والتجسير بين قضايا الحضر وأولويات الريف. بل إن فاعلية الحزب، وقدرته على معالجة أدواء فعل التنظيم، وإدارة تبايانات رؤى قادته، وإيجاد وسيلة لتنمية منظوره لقضايا السودان على ضوء المستجدات الماثلة، والاعتبار من ثقل التاريخ على الحزب، كل هذه الضروريات، الأولويات، تفرض مسؤولية وطنية أكبر على الشيوعي للسير في تحقيق تطلعات هؤلاء الراحلين، والتي هي تطلعات أغلبية السودانيين التي مجدتهم بهذه الصورة البليغة، وعكست معنى الوفاء، ووضعت سقفا عليا للتبجيل.
صحيح أن هؤلاء الذين احتفوا بسجل حياة الراحلين من الحزب، ومن ثم حزنوا على مفارقتهم دنيانا، لا يتفقون تماما مع كل الرؤى التي يطرحها الحزب اليوم. بل إننا شهدنا قبل شهور عدم توافق الشيوعيين أنفسهم بعضهم بعضا، والذي أدى إلى خروج، أو إعفاء جماعة من قياداته، في ملابسات تنظيمية أو فكرية. كما أن هؤلاء المحتفين بالراحلين ربما يتمنون لو أن سجل كل شيوعي يماثل عطاء فاطمة أحمد إبراهيم، أو سعاد إبراهيم أحمد، أو نقد، أو التيجاني الطيب. ولكن يبقى الرهان على العطاء أهم من الرهان على الانتماء وحده. وعندئذ يبقى الحكم على الشيوعي من خلال ما يقدم للجماهير، وليس العبرة بالخطأ في التقدير مرة، أو إساءة النظر مرة أخرى، وإنما تأتي العبرة بكامل إسهام الفرد الإيجابي المكثف الذي يبقى نوعيا حتى آخر رمق. ولا يكفي فقط قياس سجل الإنسان بالشعارات التي يتبناها. فما لم يتطابق الفعل مع الفكرة فإن لا معنى لتقديس الانتماء لمنظومة سياسية مهما حملت من قيم التنوير، أو المنطق، أو رجاحة النظر. وفي زمان توضع فيه السلطة المتاريس أمام وحدة قوى التغيير الديموقراطي، فإن التعاطف مع الحزب في هذه المرحلة التي تتصاعد الحملات المنظمة الواضحة ضده من قبل قوى ظلامية، والمتواطئين معها، واجب مهم، ينبغي أن يكون هم كل الناشطين لإحداث التغيير، خصوصا أن ثقافة الالتزام الوطني التي أرساها هؤلاء الراحلون المتسقون تتطلب منا شيوعيين، وغير شيوعيين، أن نتقفى أثرها، وهذا أكبر تكريم لهم.

Post: #27
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: Dr. Ahmed Amin
Date: 08-19-2017, 07:41 PM
Parent: #26


شكـرا الكيــك لهذا التوثيق لمن تستحق ..

Post: #28
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-20-2017, 06:12 AM
Parent: #27

شكرا لك دكتور احمد على التوثيق المهم

هنا الاخ المحبوب يقول رايه ى


المحبوب عبد السلام يكتب
.. الجوهر الفردي: في تذكُّر فاطمة أحمد

آراء 19 أغسطس 2017 - 10:15ص

من أين أتى أجدادنا شعراء الشعب بتلك المعاني؟

في قول الشاعر محمد المكي إبراهيم: أنا أعلم أن الشعر يواتيكم عفو الخاطر
لكن كيف عثر الشاعر صالح عبد السيد، في ثلاثينات القرن الماضي على مصطلح عميق غائر في تراب الفلسفة الإغريقية فنادى محبوبته: الجوهر الفرد الما اتلقى مثالو
والجوهر الفردي هو البسيط العميق المُتّسق الذي لا يقبل التجزئة، وهو جوهر كل شيء الذي لا يفنى ولا يبلى، وهو غير عرض الأشياء العابر البالي الفاني، هكذا عرَّفه فلاسفة الإغريق وعرَّفه فلاسفة المُسلمين وراق جداً لمتكلميهم.
عاودني ذلك المعنى وأنا أتأمّل الجوهرة السودانية الفذة فاطمة أحمد إبراهيم، يوم رحيلها المُفجع في الثاني عشر من أغسطس 2017م، بمدينة لندن، فقد اختارت فاطمة من كل شيء جوهره ولم تلفت مطلقاً للأعراض الزائفة الزائلة.
لقد عاشت حياتها مؤمنة نقية تقية، لكن اختارت من الدين جوهره والتزمت من الإسلام معناه الأكمل ومغزاه المتسق ولم تضل عنه إلى المظاهر الخادعة التي تعلَّق بها الناس حتى أضحت هي الدين، فإذ ظلت محافظة مواظبة منضبطة إلى مواقيت صلاتها، مهما شتت بها الأرض أو توالت عليها التقلبات، ذلك أن الصلاة في جوهرها الذي لا يقبل التجزئة، هي صلة المؤمن بالله، أو بالأحرى صلة القلب، وهو جوهر صلة الإنسان بالمطلق المتعالي، فلذلك هي كبيرة إلا على الخاشعين، وهي شعيرة تشعر من شكلها أنها عبادة، وهي أقرب العبادة إلى جوهر الإيمان الذي لا يقبل الدين إذا أشرك به، فكان الرسول يقبل من قبائل الأعراب شرطهم ألا يحشروا ولا يعشروا، أي أن يدخلوا الإسلام بغير جهاد ولا زكاة، ولكن ألا يخروا إلاّ ساجدين، إذ أضلتهم تقاليدهم عن جوهر الصلاة، فتوهَّموا الركوع لله مذلة لا تليق بهم، وإذ أن الجوهر لا يقبل التجزئة، قال النبي – عليه السلام – أما هذه فلا.
كانت السيدة فاطمة أحمد إبراهيم، تزورنا كل صيفٍ في باريس وتمكث أيامها في بيت أخيها الشاعر الكبير صلاح أحمد إبراهيم، وتلك من سوانح الزمان الكريمة فإن الدهر عادته السكون إلى العادة والرتابة، فمهما يكن الوقت ليلاً أو نهاراً ودلفت إلى بيت صلاح، ضجت الحياة من حولك واستحيا الزمان بشاشته وطلاقته وانداحت المعارف والعلوم والأدب، دون مراسم ولا مواسم، واتصل الأنس عفو الخاطر، حتى إذا شرفت فاطمة، تقاسم الأخوان كجناحي طائرٍ أو كشطري قصيدة، فعل الحياة، الحكاية والطرفة، الحوار والاختلاف، لا يكاد الحديث مهما تشعب أو اعتراه الجد والهزل، يغادر هم السودان وهموم إنسانه، حتى إذا استغرقنا جمال المجلس وآنستنا شمس الصيف حلول المواقيت قامت فاطمة، إلى مغربها تصلي صلاة الخشوع، تعود لمجلسها في هدوءٍ، توالي فعل الحياة، ثم تنظر لساعة الحائط فتقوم إلى العشاء الآخرة، يسمع الشاعر همهمتها بالإقامة، فينادى عليها: فاطمة وقت العشاء لم يحن بعد، ترد عليه من فورها: هوي يا صلاح صلاة العشاء البنعرفها الساعة سبعة. تعني جوهر الصلاة والشاعر يعلم أن لها رخصة المسافر، ولكنه يشغب عليها كل حين، وتلك سنة من سنن آل أحمد إبراهيم، آلوا على أنفسهم أن يقطعوا مشوار حيواتهم القصيرة ضاحكين، يقهرون بلايا الحياة ومصيبة الموت.
وفهمت فاطمة أحمد، من الماركسية جوهرها، لم تقف مطلقاً لدى قول كارل ماركس، وهو يوالي مدافعاته الشرسة ضد الكنيسة الأوروبية: الدين أفيون الشعوب، فقد كانت تدرك بحسها العميق الفريد وروحها المثقفة أن جوهر الماركسية أكبر من ماركس، إذ هي دفق الإنسانية المستمر وتوقها الخالد للعدالة، وقد واف الجوهر الفرد لحظة المدافعة بين الدين والاستنارة، بين الدين والعلم والعدالة، ذلك عرض عابر وإنما الخالد تحقق الإنسان عبر المبدأ والقيمة، وتجلى روحه عبر تحققه من حريته، وتحقق حريته عبر مُجتمعٍ عادلٍ يتقاسم الناس فيه الكفاية، فلا ينال الكفاف من فردٍ فيه. إلى ذلك انصرفت كثير من آيات المرحلة المكية، فاقترن الإيمان أكثر شيء بالصلاة واقترنت الصلاة أكثر شيء بالزكاة، فلم تستشعر ماركسية مؤمنة شأن فاطمة أحمد، تناقضاً بين دينها ومذهبها، وتلك للمفارقة جوهر المفارقة التي ودع بها روجيه غارودي، سنواته الطوال في الحزب الشيوعي الفرنسي: لا يحتاج الجزائري المسلم أن يعتنق الماركسية، لأن له في تاريخه حركة القرامطة التي حملت نضالها عبر ذات الأصول التي اهتدى إليها ماركس. (كتاب ماركسية القرن العشرين وكتاب منعطف الاشتراكية الكبير).
والتزمت فاطمة أحمد، من قضية المرأة جوهرها، يقول الشاعر صلاح أحمد إبراهيم:
بسمع صوت طلق والبوليس بصيح اتلموا
وعارف الثورة ميلاد من أبوهو وأمو
تلك لعمري بلاغة عجيبة ووصف بديع مريع، ففي ذات الأيام النحسات التي احتسبت فاطمة، فيها زوجها الشفيع أحمد الشيخ، شهيداً في سبيل ذات القضايا التي نافحا عنها معاً كحدي السيف، جاء ميلاد الصبي وحيد أبويه، أحمد الشفيع أحمد الشيخ، هنا اضطربت الأرض كما اضطربت بالمتنبي بدرب القلة، هنالك استشهد الليل وسالت دماؤه تغطي زرقة الفجر في مشهد آخر لفوضى الكون، كما يقول أبو زينب الطيب بن صالح، وهنا يصف صلاح إبراهيم، لحظة الميلاد فتختلط أصوات طلق المخاض مع صيحات الشرط والعسكر وهم يتنادون لاعتقال الطفل الوليد، فهو مصاب ولابد بجرثومة الثورة ميراثاً بالدم لا يحيد. جوهر قضية المرأة عند فاطمة، هي هذه الثورة المُستمرة لتبديل الظلم والعسف وتبديل المظالمة التاريخية إلى معادلة تساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وفي الطريق إلى ذلك طالبت فاطمة أحمد، بالأجر المتساوي، بالعطلة المساوية وبحق التصويت وحق الترشيح، ولم تشغل نفسها عن جوهر القضايا إلى سفسفها والقشور، ولم تَدر معارك الحجاب والسفور، فاطمة، مثل امرأة الدكتور علي شريعتي، هاجر التي اختارها الله جواره في الكعبة المُشرفة: من بين كل الناس اختار الله امرأة ومن بين كل النساء اختار الله امرأة سوداء ومن بين كل السود اختار أمة، جمع المُجتمع لها كل رموز الاستضعاف ووضعها في أسفل سلمه الطبقي فرفعها الله تعالى إلى جوار.
تجلى الجوهر الفردي لفاطمة أحمد، كأفضل ما يكون في مقاربتها للسودانوية وللسياسة السودانية. أذكر في عامي الأخير بالجامعة كتبت رسالة صغيرة بعنوان (التحرير الإسلامي للمرأة السودانية)، كنت سعيداً بأول مطبوع كما هي عادة الكاتبين فحملت نسخةً من الكُتيِّب إلى منزل فاطمة أحمد، مع إهداء رقيق بالطبع على صدر الصفحة الأولى. بعد أسابيع قلائل جاءت فاطمة إلى جامعة القاهرة محاضرةً عن المرأة وفاجأت الجميع وعلى رأسهم حزبها الذي يحمّلني مسؤولية انتزاع الاتحاد بعد ٢٥ عاماً، من توالي الدورات التقدمية، أشادت فاطمة أيما إشادة بكتاب المحبوب. أذكر أول دخولي الجامعة الفجر التالي قابلت زميلتنا عفاف حامد، أحد أنشط كوادر الجبهة الديمقراطية، فبادرتني: هل سمعت ما قالت فاطمة أحمد؟ أكدت لها، أن نعم، وقبل أن ينقضي ليل المحاضرة التي لم يسعدني الحظ بحضورها، أردفت زميلتنا مَازحةً: كدنا نرفع عنها غطاء التأمين. تلك كانت أيام مايو النميرية، حيث التأمين أولوية لأيما حركة لقادة الحزب الشيوعي، كما كانت تلك أيام المصالحة الوطنية، حيث زادت وتائر التوتر والعداء بين الإسلاميين والديمقراطيين، سوى أن غلبة الروح الحضارية لمجموعة أمدرمان في جامعة القاهرة قد حفظت الخصومة الفكرية في حدودها وأحالت البقية إلى رحمة ومودة على النقيض تماماً مما كان يحدث في جامعة الخرطوم.
وفي أيام باريس تلك كانت تحمي بيننا المناقشات خاصة حول الدكتور جون قرنق، ومشروع السودان الجديد، وكما هو معلوم عن موقف الشاعر الذي كان يغض مضجعه شبح انفصال الجنوب وتقسيم السودان فيبلغ ذروة انفعاله وهو يردد: إن شاء الله أدخل التراب قبل أن أرى السودان يتمزَّق، ثم لا يلبث أن يعود الى مرحه الجاد: والله الجماعة ديل إذا جاءوا لن يفرِّقوا بين فاطمة أحمد، والمحبوب، وعشان كده أنتم مُتّفقون. كنت وعلى النقيض تماماً من موقف الحزب الذي أنتمي إليه، أقف مع فاطمة، في جوهر موقفها من مشروع السودان الجديد، أنه مهما يكن رأينا في الدكتور جون قرنق، وبيانه التأسيسي الماركسي، ورغم التشويش المُرعب الذي كانت تبثه المقولات الرائجة يومئذٍ للأب فيليب عباس غبوش، مهما يكن فإن السودان في حاجة لصوت مرتفع للعدالة واللا مركزية.
عندما رثى أستاذنا الكبير الطيب صالح الشاعر الراحل صلاح أحمد إبراهيم، اختار عنواناً لرثائه (صلاح أخ فاطمة). يومها جال بخاطرنا شيء نحن القريبون من صلاح، أن لماذا أختار الطيب أن ينسب صلاح إلى فاطمة، ولا يخص مقامه الرفيع بما يليق به من فرادة واستقلال، لكن لاح لنا بعد حين ليس بعيد مدى العُمق الذي حمله الطيب صالح، لذلك العنوان، ففاطمة، هي كل المرأة السودانية التي جعلها صلاح أختاً له، فصلاح أخو فاطمة، مثل خال فاطمة في أغنية التراث (درَّاج العاطلة)، سوى أن فاطمة أفلحت في خروج المرأة السودانية من العطالة إلى الحياة، من الظلمات إلى النور:
ومن دون كل الألوف الوقوف
صفوفاً وراء صفوف
ومن دون طائف بيت وساع
يراها ويعرفها ويهش لها
ويخاطبها باسمها وهو أحفى بها
انهضي يا فلانة إني أمد إليك الذراع
سمعت الذي قلته والذي لم يوات
وما هو من ذاك أخفى
يناغم لطفاً، صلاةً وزلفى، وحباً تخفى
فأزهر كالروض بالحسنات
وما كنت وحدك حين صبرت وحين انتصرت، وفي الامتحان
وفي الليل بعد البلاء الرهيب، وحين طغى ظالم وأهان.









Post: #30
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-21-2017, 07:08 PM
Parent: #28

الأحتجاج على وفد الحكومة في مراسم تشييع فاطمة إنه لأمر سياسيّ
August 20, 2017
محمود دفع الله الشيخ/المحامي
لست عضواً فى الحزب الشيوعى السودانى ، ولا من ضمن أفراد أسرة الفقيدة المناضلة / فاطمة أحمد إبراهيم، لكن بحكم تواجدى ومشاهدتى لكثيرٍ من أحداث وتفاصيل ذاك اليوم، بل والحراك السياسى فى البلاد – إن كان – فيمكننى القول بموضوعيةٍ وحيادية، أن كتابة بعض المعارضين والناقمين على النظام الحاكم وبعض المؤيدين له كذلك عن حادثة منع “جزء ” من الجماهير المحتشدة لبعض مسؤولى الحكومة من حضور الصلاة على جثمان الفقيدة / فاطمة أحمد إبراهيم ( بمركز شباب الربيع الكائن بحى العباسية بأم درمان) وتقييم تلك الحادثة فى إطار (الوازع الأخلاقى) فقط لاغير ، وانقسامهم مابين مؤيدٍ ومعارضٍ له، مبيحٍ للفعل وناقمٍ عليه ، يعتبر تقييماً وتحليلاً مٌخلاً ، وكل الحجج والحجج المضادة في هذا الشأن غردت برٌمتها خارج السرب، وعرضت خارج الحلقة والزفة . فالأمر فى حقيقته كفعلٍ وردٍ عليه لا دخل له بالواجب الاجتماعى ولا الأخلاق، بل يدخل فى صميم العمل السياسىِّ والاحتجاج عليه. .كيف؟ !
قبل هذه الحادثة، وخلال أول أيام العزاء ، حضر نائب رئيس الجمهورية السيد / حسبو عبدالرحمن إلى منزل المرحومة فاطمة ، وتقبل منه الجميع العزاء دون تقليلٍ من قدره أو توجيه أى إهانةٍ له أو للحكومة التى يمثلها، وذات الأمر انطبق على والى الخرطوم السيد / عبد الرحيم محمد حسين، بل ومع المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات السيد / صلاح عبدالله ( قوش ) .
بضرورة الحال ومنطق الأشياء وتباعد الشقة الفكرية ، بل والخصومة السياسية المعلنة ، لم يكن حضور هؤلاء لتقديم واجب العزاء حضوراً شخصياً كمواطنين سودانيين اعتيادين- وإن بدى كذلك- أو كأصدقاء للأسرة أو الحزب الشيوعى والديمقراطيين، ولا حتى اعترافاً وتقديراً لنضالات فاطمة ودورها السياسىِّ ، إنما حضر الإثنان الأوائل تسبقهما صفتيهما الحكومية ، والثالث برمزيته وصفته السابقة كمدير لجهاز بينه وبين الشيوعيين ( والديمقراطيين المصنفين خبط عشواء من قبله كشيوعيين) ما صنع الحداد ! الجدير بالذكر هنا أن المسؤلين الحكوميين ( حسبو و عبدالرحيم ) قد ولجا فى حضورهما السابق إلى سرادق العزاء دون أن يشعرا الناس بموكب أحاط بهما، ولا بحراسة لازمتهما ملازمة الظل للجسد ( هذه الجزئية نناقشها لاحقاً ).
قبل ذلك أيضاً، وحينما نعت رئاسة الجمهورية المرحومة فاطمة، وأعلن رئيس الجمهورية تكفله بنفقات ترحيل جثمانها من لندن للخرطوم، لم يكن هنالك رفضٌ أُسرىّ أو حزبى للنعى والمؤاساة، بل طلبت الأسرة عبر بيان مكتوب أن تتكفل هى بنفقات ترحيل جثمان والدتهم..وقد كان. وتخلل هذا الأمر نعىٌّ رسمى فى الصحف من قبل أجهزةٍ حكومية . بالتالى فإن الحكومة تكون قامت بواجبها الخاص بتقديم التعازى وأكثر دون أدنى اعتراض.
عودة الى الوراء …كل السودان، بل والعالم الخارجى المهتم بالشأن السياسي في السودان، يعلم سلفاً بأن الحزب الشيوعي والمرحومة فاطمة سبق وأن كتبا وذكرا مراراً ، أن الرائد / أبوالقاسم محمد إبراهيم، النائب السابق لجعفر نميرى والقيادى فى انقلاب مايو 1969، قد شارك عقب انقلاب يوليو 1971 (بصورةٍ شخصية) فى تعذيب القيادى النقابى بالحزب الشيوعى الشفيع أحمد الشيخ، وهو زوج الراحلة فاطمة، وذلك قبل إعدامه شنقاً. بل وتذهب بعض الروايات إلى أنه قد قضى نحبه إثر ذلك التعذيب قبل تعليق جسده على المشنقة . رغم ذلك تسارع السلطات الحكومية ، و قبل (أربعة وعشرين ساعة من ابتعاث موفديها للمشاركة فى تشييع جثمان الفقيدة) إلى ترقية أبى القاسم، من رتبة رائد إلى فريق ! هكذا،بعد سويعات من رفض أسرة الفقيدة تكفل رئاسة الجمهورية بتحمل نفقات ترحيل جثمانها !
قبل وصول جثمان الفقيدة فاطمة ، أعلن الحزب الشيوعى واللجنة المشرفة على التأبين ( تضم بعض اهالى الحى والأسرة والأصدقاء ) خط مسار الموكب الذى سيتم تنظيمه، زمانا ومكاناً، لحظة هبوط الطائرة التى تقل الجثمان حتى مواراته الثرى. وتناقلت الإعلان الوسائط الإلكترونية، كما أشارت له الصحف أو بعضها .
من ناحيةٍ أخرى ، وحسب علمى الشخصى وما شاهدته سابقاً، أنه فى حالة رغبة رئيس الجمهورية المشاركة فى أى حدثٍ اجتماعى داخل الأحياء السكنية على وجه التحديد، فإن رجال الأمن يدرسون المنطقة، مداخلاً ومخارجاً، ثمّ يأتى قائد الدراجة النارية من رجال المرور ،ليعرف أى الشوارع والاتجاهات التى ينبغى أن يسلكها هو والسيارات التى سيكون فى مقدمتها. وبضرورة الحال لابد أن ينطبق هذا الأمر- ولو من ناحية جزئية – على وفد حكومى رفيع يتكون من السيد / رئيس الوزراء – الذى يشغل فى ذات الوقت منصب نائب رئيس الجمهورية – يأتى مصطحبا معه فى ذات الموكب والى الخرطوم، الذى يعتبر الحاكم الفعلى لأهم ولاية فى جمهورية السودان، ( وواليا) لولاية آخرى لايقل عنه أهمية، ألا وهو السيد ( أحمد هارون) !
أصحاب نظرية الإسلام السياسى جعلوا من اليساريين- على وجه العموم والشيوعيين على وجه الخصوص- خصوما أبديين ومصافحتهم تنقض الوضوء. .فالثوانى يقولون برجعية الأوائل وعرقلتهم للحراك التقدمى والغاء الاجتهاد العقلى فى كل مايتعلق بمسيرة البشرية ، فى حين اختار الأوائل رميهم بالكفر البواح، لكيما يخرجوا الصراع من كونه بشرى خاص بتعمير الأرض، ليصبح معركة سماوية بين الملائكة ضد الشياطين. ومتى ما نكروا عليهم كفرهم واعترفوا لهم بالإيمان ،فإن الصراع سيغدو سياسياً دنيويا،الشئ الذى سيجرد الإسلاميين من سلاح أوحد اتخذوه فى المعارك السياسية.
شاءت إرادة السماء أن تتوفى السيدة/ فاطمة أحمد ابراهيم المجمع عليها من قبل الشعب السودانى ونسائه على وجه الخصوص ، فى وقت كانت الحكومة السودانية فى أمس الحوجة إلى سندٍ شعبى تظهره للمجتمع الغربى وأمريكا على وجه التحديد ودول الخليج العربى، الشئ الذى يمكنها من الإعتماد عليه والتلويح به من أجل رفع العقوبات،ولكنها لم تجتهد داخلياً مع شعبها حتى تنال منه ذلك السند.وما أن علمت أن اليسار بصدد تنظيم موكبٍ ضخم لجثمان الفقيدة فاطمة حتى قررت استغلال ذلك الأمر دون دراسةٍ وافية، ولو فعلت لما أقدمت على ترقية أبى القاسم فى ذات التوقيت، الشيئ الذى يؤكد أن قرارات الحكومة تفتقر للمؤسسية وتنتجها الأمزجة الفردية المصحوبة بالعنتريات.
اصطدم ذلك القرار برغبة غير معلنة للمعارضة ككل واليسار على وجه الخصوص أن يكون ذلك الموكب بمثابة استفتاءٍ على وجودهم فى الساحة وتمتعهم بشعبية، وأنا شخصيِّاً لا أرى غضاضةً فى ذلك ، فالتاريخ شهد على أعمالٍ سياسية وثورية انطلقت ذات مأتمٍ ..ولماذا نذهب بعيداً ، فثورة 1924 أو حركته قد انطلقت من المقابر إثر هُتافٍ من حاج الشيخ عمر ضد الإنجليز حين وارى السودانيون الثرى المأمور المصرى عبدالخالق حسن !
سبق وأن أشرنا إلى الكيفية التي يحضر بها رئيس الجمهورية للمشاركة فى مناسبة إجتماعية ، وتحدثنا كذلك عن الخط المرسوم لمسيرة موكب التشييع ومحطاته ، فماذا الذى فعله الموفودون الحكوميون الذين رغبوا المشاركة فى التشييع ؟
بدلا من أن يقصدوا مركز شباب الربيع حيث يفترض أن تقام صلاة الجنازة عبر طرق بديلة ومسار مختلف، فإنهم آثروا اختراق الجماهير الكثيفة التى أغرقت شارع الأربعين ، بل واقتحام الشارع الفرعى داخل الحى حيث التواجد الجماهيرى أكبر، وذلك حتى يدخلوا إلى خيمة العزاء ! حيث لم تكن هنالك ضرورة البتة لذلك الأمر، فالناس كانت تستعد للتوجه نحو مركز شباب الربيع ! لكن الكاميرات واجهزة الهاتف السيار هنالك حيث الحشود كانت وفيرة الأعداد، وذلك هو المطلب الأساسى، دون أدنى إكتراث أمنى لما قد يواجهونه من مخاطر جراء هذا الازدحام والتدافع من قبل جماهير تباينت أعمارها وأفكارها.
الإحتكاك المباشر بالجماهير المكتظة والمتراصة على الطرقات ، وظهور أسلحة الحراس المصاحبين للوفد الحكومى عبر النوافذ التى فتحت، ومن خلفهم سيارات الشرطة المدجج أفرادها بالأسلحة ، بالإضافة إلى الواقعة الخاصة بترقية الرائد أبو القاسم و الشحنات السلبية ضد الحكومة والضائقة الإقتصادية التى يمر بها الشعب ، كلها ساهمت فى زيادة استفزاز الجماهير وبدأت فى الهتاف فى وجه الموفدين ، واستمر ذلك الأمر داخل مركز شباب الربيع، مما أوشك أن يتحول إلى اشتباك منعته ارادة الله وجهد اللجنة المنظمة…فماذا كان يضير الوفد الحكومى إن توجه لمركز شباب الربيع مباشرة ً أو للمقابر ؟! إنه الإستثمار السياسىِّ يا سادة ، فقد حاول الوفد الحكومى استثمار ذلك الحدث والزوبان داخل الجماهير للزعم بوجود قبول شعبي له ، ولتأكيد وجود تسامحٍ اجتماعىٍّ فى الوطن الذى يحكمونه، ولأن بعض الجماهير فطنوا لتلك الرغبة ،فقد عملوا على عدم تحققها، وفى علمهم أن الكاميرات المتواجدة وأجهزة الهواتف السيارة لا شك بناقلةٍ لهذا الأمر.
اذا ما نظرنا فى العالم سنجد أن الهتاف فى وجه المسؤلين الحكوميين في ظل تواجدهم الشخصي أمام الجماهير، بل والسير خلفهم وترديد عبارات توضح فشلهم لهو احتجاجٌ سلمى مقبول ومصرحٌ به دستوراً وقانوناً ، غض النظر عن سبب ومكان ذلك التواجد الشخصي للمسؤول الحكومي، فالهتاف والاحتجاج فى مثل هذه الموقف ليس الغرض منه إسقاط النظام، إنما التعبير عن عدم الرضا،سواءً عن المسؤول نفسه أو سياساته .

Post: #31
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-22-2017, 06:08 PM
Parent: #30

خالتي فاطنة
August 22, 2017
فتحي الضَّو
يا إلهي كم لبثنا من السنين ونحن نرزح تحت وطأة سنابك خيول المغول؟ كأن الذي حدث بالأمس هو نفسه الكائن اليوم، بكل ملامحه وصفاته وتفاصيله. كان ذلك في العام 1984 ولا أدري ما إذا كان أوله أو نصفه أو آخره. فما جدوى التواريخ ما دامت الطواغيت نفسها تجثم على صدورنا؟ جاءتنا في ذاك العام فاطمة أحمد إبراهيم زائرة الكويت. يتقدمها شموخها وكبرياؤها وعزتها، بعد درس قاسٍ لقنته لنظام الرئيس المخلوع نميري، ممثلاً في القاضي فؤاد الأمين، والذي مثُلت أمامه في ما سُمي (المحاكم الناجزة) إحدى بدع ضلالة الهوس الديني، التي كانت تجلد وتقطع من خلاف وتعدم كما في حالة شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه. ولما عجز القاضي المشار إليه عن إسكاتها وهي تندد بالنظام الديكتاتوري وحاكمه الفرد في القاعة، وعندما رأى تفاعل الحاضرون معها، لم يجد في نفسه حرجاً من اتهامها بالجنون ليطلق سراحها. بل لم يجد النظام بداً في السماح لها بمغادرة الوطن، ظناً منه أنه سيغمض له جفن.
(2)
استقبلناها كما يُستقبل الأبطال، ثلة من الذين نذروا أنفسهم في مناهضة الديكتاتورية الثانية. اقتنصنا أجواء الحريات التي كانت تنعم بها الكويت، ومؤزارة بعض نخبها من الديمقراطيين لقضية الشعب السوداني، أحمد الربعي، سامي المنيس، عامر التميمي، جاسم المطوع، أحمد الديين، أحمد النفيسي، سعود العنزي، ناصر الفرج.. والقائمة تطول. كان الحماس طاغياً، والروح المعنوية عالية، وقناعة راسخة تسري بيننا تنبئنا بدنو أفول نجم ديكتاتورية الفرد، والذي وقع آنذاك في شباك من أسماهم فيما بعد (إخوان الشيطان) وظن أنهم منجوه من عذاب واقع، في حين لم يزيدوه إلا خبالاً.
(3)
أحطنا بفاطمة كما يحيط السوار بالمعصم، خليط من الشيوعيين والديمقراطيين، كان بيننا آنذاك مصطفى خوجلي، وهو رجل إذا جالسته تحسبه أحد العشرة المبشرين بالجنة. احتفينا بفاطمة، كنا ننقلها من فنن إلى فنن كعصفور حطَّ رحاله على شجرة وارفة بحب الوطن. نساء ورجال آمنوا بقضية شعبهم وحملوها هماً مقيماً. عمر الخير، موسى بتنوني، منصور نصيف، محمد عثمان طه، بدر الدين حسن علي، سُليمى يوسف، علي عبد القيوم، حسونة الناطق، محمد عبد الماجد، حورية حاكم، عبد الحميد أحمد سليم، أحمد شريف، ميرغني الأمين، عباس عبد الكريم، عبد الحليم عيسى، طه أمير، حسن طه، فتحية فضل، الزين بدوي.. وتطول القائمة أيضاً بأمثلة ليست حصراً، مضى منهم من مضى إلى رحاب ربه، ولم يكن الأحياء يظنون أن ديكتاتورية ثالثة سترث بلادنا، وهي أشد وطئاً وأسوأ سيرة.
(3)
كان الشعر ملاذي آنذاك، إذ ألهمتني تلك الصورة الزاهية قصيدة، أهديتها إلى فاطمة وألقيتها على مسامعها، وصقعت حينما رأيت الدموع تنهمل من مآقيها كما المطر، وظلَّت كذلك حتى أشفقنا عليها جميعاً. كانت تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها دموع فاطمة، ولم يخطر ببالي مطلقاً أن هذه الدموع ستلازمها طول عمرها، إن أقبلت عليها بكت وإن أدبرت عنها بكت، وطفقت على هذا الحال إلى أن انتقلت روحها إلى بارئها. كنت قد شبهتها في تلك القصيدة بزرقاء اليمامة، وهي تتأمل وتطيل النظر في المستقبل، لترينا إلى حال نحن مقبلون.
قُلت أُنظري يا فاطمة ماذا ترين في الأفق
قالت أرى شجراً يسير
قلت أُنظري يا فاطمة ماذا ترين في الأفق
قالت أرى جمراً يسير
قلت أُنظري يا فاطمة ماذا ترين في الأفق
قالت أرى شعباً يسير
ثمَّ فجأة كفكفت دموعها وأرهفت السمع ملياً عندما وصلت لقراءة مقطع آخر في القصيدة يقول:
يا شفيع الأمة قمْ
تا الله ما قتلوك
ولكن قتلوا الجسد المُسجى بدموع الكادحين
يا شفيع الأمة قمْ
تا الله ما صلبوك ولكن صلبوا الحلم الذي توارى خلف طيات السنين
يا شفيع الأمة قمْ
فالبؤس ما يزال رازحاً في مسامات الفقراء….
(4)
للأسف ضاعت تلك القصيدة كما ضاعت أشياء كثيرة. ولكن عندما اندلعت الانتفاضة المؤودة التي حطمت قلعة الديكتاتورية الثانية. لم أكترث كثيراً لضياعها، بل لم أكترث للشعر كله والذي هجرته دون رجعه، فلعل الذي حدث بعدئذ بات أوسع من القصيد وأضيق من العبارة. جاءت الانتفاضة تحمل أثقالها فتكالب عليها خفافيش الظلام، ولم يكن ثمة مفر من السير في الطريق الوعر رغم وعثاء السفر. خاضت فاطمة انتخاباتها ولكن المتربصين لم يدعوها تعيد سيرتها الأولى، فأوصدوا أمامها السبل حتى لا يصدح مغنينا عن الصوت الذي زار بالأمس خياله (إنه صوتي أنا زاده العلم سنا) فمن ذا الذي يسمح لفاطمة أن تعيد دورة الزمن بصولات وجولات وضعت بصماتها في التاريخ البرلماني السوداني؟
(5)
بينما الشعب المغلوب على أمره يشاهد فصولاً من التراجيديا الإغريقية – محدقاً في السماء لعلها تمطر علينا ديمقراطية مبرأة من العيوب – طاف علينا هادم اللذات بكل حمولته الأيدولوجية، فمضت فاطمة في رسالتها كما طرفة ابن العبد في قومه، إذ خالت كأننا عنيناها (فلم تكسل ولم تتبلد) سارت في طريقها لا تلوي على شيء، تحمل هموم الشعب السوداني كيفما أتفق. بعدئذٍ كان قد إلتأم في توابع تلك المسيرة شمل القوى السياسية في إطار التجمع الوطني الديمقراطي، وهو بقناعاتنا كان أنسب صيغة جمعت القوى السودانية في تاريخها السياسي، ولكن فاطمة وحدها نبهتنا أن تلك الصيغة المُثلى ذكورية الهوية، وذلك مما يأباه هواها، فباتت تطرق أبوابه مراراً وتكراراً دون أن يكل متنها!
(6)
بعد أن أعياها طول السفر، رأت أن تطرق باباً آخر تهواه، في إحدى زياراتها للعاصمة أسمرا، طلبت أن تزور ما أصطلح على تسميته (المناطق المحررة) في الجبهة الشرقية، أي جبهة النزال العسكري مع النظام. وهناك التقت (المقاتلين) الذين يتحدث أصحاب المقاعد الوثيرة في الصالات المغلقة باسمهم. انفعلت كعادتها عندما رأت مشهد القابضين على السلاح وجمر القضية، فخاطبتهم بلغة لا يطيق لها أولئك ذكراً. فلم تتردد في ذكر ما ظلَّ يسيطر على قناعاتها دهراً، وقالت عبارتها التي سارت بها الركبان (يشموها قدحه) وكانت تعني أن بعض الذين تحكَّموا في مصائر أهل السودان وأوصدوا أمامها الطرق للجلوس معهم، لن يستطيعوا تكرار التاريخ!
(7)
بالطبع لم يكن متوقعاً أن تقع تلك العبارة برداً وسلاماً على نفوس المعنيين بها. وعلى رأس هؤلاء كان رئيس التجمع الوطني الديمقراطي السيد محمد عثمان الميرغني، ومبارك الفاضل الأمين العام للتجمع ممثلاً لحزب الأمة، وإن كان الأول يميل إلى الكتمان في مداراة أموره، فإن الثاني على العكس هيأت له الأحداث ما يحبه حد الإدمان، وهو صناعة المعارك الدونكوشتية، فسار في طريقها كما يسير (البلدوزر) في الحطام وهو اللقب الذي به يسعد. فبذلا جهداً مضاعفاً في إحكام الحصار على دخول فاطمة إلى أروقة التجمع. والجدير بالذكر كانت تلك هي القضية الوحيدة التي شهدت تحالف الغريمين (الأعدقاء) بعد ما ظلا على تنافر منذ ولادتهما، وإلى سحابة يومنا هذا!
(8)
تزامن ذلك الحدث مع اجتماع لهيئة قيادة التجمع الوطني في العاصمة أسمرا، والذي انعقد في إحدى قاعات أرض المعارض الإريترية (إكسبو) ويومذاك شدد الغريمان على السلطات الإريترية عدم دخول فاطمة. جئت ومعي زميلنا الراحل زين العابدين أحمد محمد، وفوجئت بوجودها أمام البوابة والحرس الإرتيري يرفض دخولها. هزنا المنظر الذي تستحي منه العيون، فآثرنا البقاء إلى جوارها بغية أن نبدد عنها ظلم وظلمة ما حدث، وهي بطبعها ترجونا الدخول. ولكن قلنا لها لن نبارح مكاننا هذا إلا معك. وطال الأنس بيننا حتى شعرنا حقاً بتبدد وحشتها!
(9)
كان يطل علينا الأستاذ التيجاني الطيب بين الفينة والأخرى، ويحادثها لبعض الوقت ثمَّ يعود للقاعة. لم أر الرجل الوقور بمثل الحال الذي رأيته عليه يومذاك، وهو موزع بين أمرين. كان ينقل لها الحلول التي يتداولها المجتمعون، أو إن شئت فقل المساومات التي كانت تجري داخل القاعة. وعلمنا من فاطمة أن المعنيين بالأمر اشترطوا عليها أن تأتي بشخصها وتقدم اعتذاراً لهم وقد رفضت ذلك. ثمَّ بعد لأي شديد وجهد جهيد، تفتق ذهن البعض عن أن يكون الاعتذار كتابة ثمَّ توقع عليه. وهو ما حدث فيما بعد، ولكن بعد أن أرخى الليل سدوله، اقترحنا عليها أن تعود لفندق (نيالا) حيث تقيم، والصباح رباح. ولكن الحقيقة أتى الصباح بلا رباح. ثمَّ جرت مياه كثيرة تحت الجسر، ظلّ خلالها التجمع الوطني الديمقراطي ذكورياً من المهد إلى اللحد. بينما ظلَّت فاطمة تحمل هموم الشعب السوداني إلى أن أقعدها الكِبر، وأنشبت المنية أظفارها في الجسد النحيل من قبل أن تحقق أحلامها التي نذرت لها عمراً. وليت المنية وحدها فقد أنشب الانتهازيون والظلاميون والذين في قلوبهم مرض، أقلامهم المأجورة في السيرة العطرة!
(10)
سألني بعض الأصدقاء عن سر الضحكة التي تبدو لكلينا من الأعماق، وذلك في صورة تاريخية جمعتنا معاً وظهرت في الأسافير. وفي الواقع برغم تقادم السنين ما زلت أذكر مبعثها. يومذاك كنا في أنس شفيف، سألتني فاطمة قائلة: يا فتحي لما اتقابلنا قبل سنين طويلة في الكويت، سألت الزملاء الشيوعيين، قالوا لي إنك ما شيوعي ومنتمي للديمقراطيين، أها أسه أنت وين؟ فقلت لها يا خالتي فاطنة، الحقيقة إلى الآن ما عندي إنتماء سياسي إلا للوطن، ولا أظن حيكون عندي، لكن ممكن تقولي عليّ أسه إنه أنا شيوعي جناح أم جكو. فضحكت وضحكت معها كما لم نضحك من قبل. وقالت بعد أن تنهدت كعادتها: استغفر الله.. والله أخير ليك. أما أنا يكفيني خالتي فاطنة دي من خشمك!
آخر الكلام: لابد من المحاسبة والديمقراطية ولو طال السفر!!
[email protected]

Post: #32
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-22-2017, 06:10 PM
Parent: #31

شكرا لفاطمة .. ولَكُم !!
August 22, 2017
زهير السراج
* فى كثير من الأحيان يجد المرء تعليقات متناثرة هنا وهناك على كتابات، تصلح مقالات قائمة بذاتها، وأعترف بأن بعض هواياتى التى اجد فيها متعة لا تقاوم هى متابعة التعليقات على كتاباتى او كتابات غيرى فى المواقع الإلكترونية المختلفة ومنها موقع صحيفتنا (الجريدة) بالفيس بوك، والتى أجد فيها الكثير الذى أتعلم منه، سواء التى تقدح أو تمدح، وكثيرا ما استقيت آرائى وأفكارى منها، وصححت معلوماتى الخاطئة أو حتى أخطائى الإملائية أو المطبعية بناءً عليها، فلست إلا بشرا يخطئ ويصيب، وكثيرا جدا ما أخطئ ويصححنى البعض سواء بالمراسلة المباشرة أو التعليق، فلهم منى كل الشكر والاحترام والتقدير و(رحم الله إمرأً أهدى إلىَ عيوبى) كما قال الخليفة الراشد (عمر بن الخطاب) رضى الله عنه!!
* كغيرى من بقية أفراد الشعب السودانى العظيم، تأثرت كثيرا بوفاة الانسانة العظيمة والمناضلة الجسورة (فاطمة أحمد إبراهيم)، وبما أننى درجت على التعبير عن رأيى أو (حتى حزنى أو فرحى) بالكتابة، فلقد كتبت مقالا مثل كثيرين غيرى، أعبِّر فيه عن مشاعرى الحزينة للفقد الجلل، وأتحدث عن بعض مواقف الانسانة العظيمة، ولقد كنت شاهد عيان على أحدها، وهى المظاهرة الصاخبة التى كانت هى الوحيدة التى شاركت فيها بإحدى محطات الوقود إحتجاجا على فشل الرئيس نميرى وحكومته فى توفير الوقود، وظلت تهتف وحدها ضد نميرى وسلطته الى ان حضر رجال الأمن والشرطة وألقوا القبض عليها بينما فر الجميع، وكنتُ أحدهم!!
* كما تحدثتُ عن واقعة شهيرة لها لم أشهدها ولكنها معروفة للجميع، وهى المظاهرة التى قامت بها فى مطار الخرطوم على أيام الرئيس جعفر نميرى بسبب منعها من السفر للخارج، فألقى عليها القبض وأقتيدت لإحدى محاكم (العدالة الناجزة) سيئة السمعة، لمحاكمتها بتهمة التظاهر والاخلال بالأمن العام والسلامة، ففضل القاضى، بسبب جرأتها وقوة حجتها ومواصلتها فى الهتاف الصارخ ضد نميرى، إطلاق سراحها بدلا عن إدانتها، متهمِاً إياها بالجنون !!
* وأعترف أننى إرتكبت خطأين فى ذلك المقال الذى كتبته بصيغة (المخاطب) كحديث موجه الى الراحلة العظيمة، وكان تحت عنوان (إلى عروسة السودان)، متحدثا عن ذينك الموقفين وسيرتها الذاتية الناصعة .. الخطأ الأول هو إضافتى لحرف (الياء) بعد تاء التأنيث فى بعض الكلمات مثل (كنتى) بدلا عن (كنتِ) وهو بالطبع خطأ يجب أن اعترف به وأعتذر عنه، ولا بد أننى بالفعل قد تأثرت باللهجة الدراجة التى استخدمها فى الكتابة على (الواتساب) ــ كما قال أحد معلقى الراكوبة ــ والتى كثيرا ما أضيف فيها حرف (الياء) بدلا عن (الكسرة) لـ(تاء) المخاطب، إذا كانت على الطرف الآخر إمرأة، وأعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود، وأشكر كثيرا من من إنتقدنى عليه ونبهنى إليه !!
* الخطأ الثانى، هو أننى ذكرت أن القاضى الذى وقفت أمامه الاستاذة (فاطمة) هو المكاشفى طه الكباشى، بينما كان هو (فؤاد الأمين عبدالرحمن).. وكان واجبا علىَّ ألا أعتمد على الذاكرة (التى خربت) فى الحديث عن الواقعة التى مر عليها وقت طويل، وأن أتأكد منها قبل النشر، خاصةً أنه لم يعد من الممكن إرتكاب أخطاء بسيطة مثل هذه مع التطور التكنلوجى الهائل وسهولة العثور على المعلومات والتأكد من صحتها فى الزمن الذى نعيشه، وذلك بمجرد لمسة بسيطة على لوحة المفاتيح، وأشكر كذلك من إنتقدنى علي هذا الخطأ وصححه لى!!
* شكرى وتقديرى واحترامى لكل من يتابعنى ويقرأ جهدى المتواضع جدا الذى ينقصه الكثير من الحذق والإتقان وسلامة الرأى، والشكر أجزله لمن يُعقب ويُعلِّق ويثنى أو ينتقد، والشكر للمواقع التى تتيح لنا بذل آرائنا فى الهواء الطلق، والتعلم والاستمتاع بأراء الكثيرين، والشكر والحمدلله من قبل ومن بعد .. ورحم الله الانسانة والمعلمة والرائدة والمناضلة (فاطمة أحمد إبراهيم)، التى لا تزال تعطينا الدروس وتعلمنا وهى فى دنيا غير الدنيا التى نعيش فيها!!

Post: #33
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-23-2017, 07:42 PM
Parent: #32

أفاطمة مهلاً بعضٌ كل هذا التعجل
08-23-2017 07:58 PM

أفاطمة مهلاً بعضٌ كل هذا التعجل

أهذا وقت الرحيل أم هو وقت الفراق المحتوم يا مفطومةً من حب الذات؟ يا مبذولة النفس والعطاء لحب الوطن وحب الانسان والانسانية ؟ نحن هنا لا ندرى أهو الموت المحتوم والمفارق جسداً؟ أم هو الفراق الذى لا نستطيع صده ولا يستطيع غيرنا أن يتأكده او يتناسناها أو يتجاهله أو ينفيه أو يمنعه؟ إنها إرادة الاقدار وحكم الزمن. أنا لا ابكيك و لكنى احترق حزناً تأكلنى مخاوف الذى يصيرمن بعد أن لا اراك بيننا بيضاء النفس والنفَس والسروالسيرة والسريرة والثوب، أو أسمعك أانافحك فكرا وأنت اكثر صبرا على فقرنا الفكرى وعجلتنا المتعجلة للمأمول لعزة شعبنا. يا أنت من علمتنا ان نكون متماسكين صبراً وفكرا و وعيا وايمانا بقضايانا و قضايا اهلنا، و فوق كل ذلك الوطن العزيز . أترحلين هكذا يا أمنا يا وسيلتنا ووسادتنا التى لا ترتاح رؤؤسنا لغيرها. أترحلين هكذا ونحن نرتجيك موعدا ومرصدا . أ تستريحى على قلوبنا. و نحن ما زلنا نطمح فى الرضاع من هميل فكرك ووضيح نهجك ونجيع خيالك المحلق فى كل الاجواء بحثا عن مكان مؤأهلة لمقعد وطننا العزيز، نهجك الذى لم نستطع التحليق الى جواره ؟ اترحلين هكذا سريعا وما زالت رهودنا الفكرية تعارك السدود التى حجبت عنها الجداول والمسايل الفكرية و الانسانية التى تمور فى العالم حولنا، رهودنا التى ما زالت تشكو الجفاف و تتعارك مع ضفادع الافكار التكفيرية التى لا ترى فى المرأة سوى عورة. أنا لا ابكيك بدمع العين و لا أعرف سوى الحزن الممض الذى لا يترجم بالدموع او الصوت او الاعلان المكتوب، ولكنه حزن الذى يعرف فاطمة المفطومة.وهو الحزن الذى يؤكد انها ليست ككل نساء جيلها ولكنها هى فاطمة احمد ابراهيم , اتعرفون من هى فاطمة احمد ابراهيم؟ إن بحثتم هنا فى دوا وين الحكومات و مؤسساتها لن تنجدوا لها ذكراً. و إن بحثتم عنها فى المجالس التى دخلتها بأصوات الشعب لن تجدوا غير صوتها المنافح لمصالحهم . اتذكرونها كأول إنسانة فى العالم العربى والشرق الاوسط التى صدحت بإسمهن داخل اول برلمان عربى او افريقى؟ ليس هذا ما ارمى إليه و لكنى أسألكم أترون او تعرفون كيف فعلت هذا؟ و متى كان هذا؟ إن عرفتم التأريخ و الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و درجة التخلف العلمى والفكرى ستعرفون معنى الجسارة و معنى التضحية بالذات. و تعرفون كيف أن فاطمة فطمت نفسها و شكمت ذاتها وتعالت حتى سمت الى المدارك التى نأمل أن تصلها غبرها ونصلها و ان نغرسها رغم الضنى و الضنك الحال فى من نعشم و ندرك انهم ذخيرتنا التى لا تخيب .
أفاطم مهلا بعض هذا التعجل. هذاعشم الحب وحزن الفراق وليس عنوانا جديدا، و لكنه الذى لا أدريه هكذا كتبته أترى هو نتاج الحزن او إنبهام الرأى وتشويش الفكر والرؤية نتيجة الفاجعة ام قصورالتعبير بالقلم . يا أنت يا حزنى الذى شوشت على فكرى و توهت مسارى و قلمى الى هذه الدرجة .أأنت تحزن و تبكى فاطمة ؟ من هى فاطمتك هذه ؟ أتسألنى يافقير الجيب والفطنة ؟ ما أفقرك إن كنت لا تعرف فاطمة، تحسس ضميرك قبل عقلك ووجدانك. ولكن إن تذكرت وطنك السودان ، ستدرك ان فاطمة هى الوطن وهى الام . ولا تبحث عن وطن لا تجده فى الخرائط السياسية اوالجغرافية .كانت مسيرة و ليست سيرة مصحوبة بالدلوكة و الرياحين و لكنها مسيرة تتقاصر دونها مسيرات القرابين العقائدية. الشفيع يا فاطمة فى الحى. وأنت بجواره فى الحى و حبيب الشعب الذى قال قولته و رحل هومحجوب شريف تتلاقون و ما هنالك و لا نحسدكم . يا أنتم يا من غيرتم فى تركيب جيناتنا الوطنية و يامن ابصرتمونا ان الوطن هو كل واحد منا وليس فقط ذات قبيلة او شيفونية عقدية.إليكم كلكم الذين فارقون عجالى و تركوا لنا الاعباء الثقال فى وطن تتآكله و تأكله جرزان العقائد التى ترفس صحيحها لاجل ذاتها الفانية . أحسدكم يا رفاقى الراحلين سعادتكم بقدوم فاطمة المفطومة وأنتم فى برزخكم , و نحن هنا فى معاناتنا اكثر ما نترتجيه ان تكون بيننا.
ابكيك انا يافاطمة المفطومة وقد عرفتك لصيقا عندما كنت وكيلا للدائرة الانتخابية التى ترشحت فيها فى البرارى ونحن كنا فى قيادة القوى الاشتراكية بالبرارى حينها. ابكيك كيف كنت تطوفين على اهلك هنا ليس إستجداً لصوت هنا او هناك و لكنه كان طواف تواصل إنسانى و ليس طارئً. و ليس من مسوغ أن اقسم بأنها نالت فى تل الانتخابات ما يؤهلها للفوز دون منافس حقيقى. و أنا الشاهد.
هى فاطمة المفطومة هل فيكم من أحس أو سمع أو رأى انها صمتت او تلجلجت فى المواقف الحاسمة ضد النظم المعادية لمصالح الشعوب و بالصوت العالى غيرها؟ إنها فاطمة المفطومة. أسألوا عنها المواقف التى تقاصرت عنها أصوات الرجال و النساء فكانت هى الفريدة بينهم.


ابراهيم بخيت

Post: #34
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-26-2017, 06:27 PM
Parent: #33

رسالة الى أحمد الشفيع أحمد الشيخ
08-26-2017 11:24 AM

رسالة الى أحمد الشفيع أحمد الشيخ

في رحيل استاذة فاطمة احمد ابراهيم اكتب معزيا ابنها دكتور احمد الشفيع احمد الشيخ
.

الاخ العزيز احمد

اعلم فداحة الفقد وقمة معاناتك منه والمعاناة التي صاحبتك طوال السنوات الماضية فلقد ولدت انت ابنا لرجل اهتزت تحت اقدامه ابشع الدكتاتوريات وارتجفت اجساد كبيرة وبنوك ممتلئة بالارباح من عرق الفقراء والعمال في العالم لمجرد ذكر اسمه ونتيجة لمواقفه وبذله وعطائه فقدته انت كأب لكن كسبه عالم المناضلين فلقد وضعه الكثيرين على هذه الأرض ابا ومثلا يحتذى به وتغنوا لمواقفه وفكره قبل ان تعي انت لماذا، فاخالك حينها كنت تبحث عن ذلك الأب في كل مكان الاب الحقيقي الذي لا يعوض وجوده اي انسان فلقد دفعت ثمنا لا يختلف ابدا عن ثمن تقديم الروح من اجل المبدأ على خشبات المقصلة ذات الحبال المتينة كنت وحدك رغم ان من حولك كانوا كثر كيف لا وانت ابن شهيد الطبقة العاملة الشفيع احمد الشيخ والتي ظلت تعزيك وتريدك ان تكون كأبيك الذي لم تراه ولم تجده عند الملمات وعند احتياجك وانت تمشي كاي ابن مع ابيه احساس عظيم ومواقف كثيرة فقدت انت فيها والدك الذي تغنى له الكثيرون فلقد رسخ في بالهم (برضك عايش في بالنا فلاحينا وعمالنا يا شفيع) واحمد احمد تكبر وتشيل ... فياللهول فقد كان فقدك المستمر عظيما هذا الفقد مغروسا في داخلك ينمو معك كفقد ولا يتضاءل فكل موقف ويوما في الحياة كنت تبحث فيه عن ابيك لانك انسان وانت تعرف قساوة انه لن ياتي لا ادري كيف تغلبت على ذلك الاحساس الذي يكبر مع الانسان، كل الهتافات والمدافع والرصاص والبيانات التي ملاءت الدنيا لم ولن تعيد ابيك وكان خلف هذا احساس عاشه الكثيرين ايضا هو احساس رفاق الشفيع واصدقائه وابناء وبنات جيله فظلوا وسيظلوا مرفوعي الرؤوس في كل مكان بمجرد انهم زاملوه او التحقوا بحزبه او مدرسته فيالفخرك يا انسان ويالمعاناتك ففقدك عظيم .ويا لصبرك وجلدك فلقد انجزت رغم ذلك فتفوقت ونلت اعلى الدرجات رغم صعاب الحياة صعاب الحياة بحلوها ومرها بفقده وبوجودها. 
ولعلنا اليوم ونحن نودع ام السودانين ايقونة النضال ارملة الشهيد ابن الطبقة العاملة والدتك التي قدمت روحها للشعب ولقضايا المستضعفين في بلدها والبلدان الاخرى ولا احد يمكن ان يتصور فداحة فقدك ابدا لان لا احد يستطيع ان يحصي كم هم ابناءها وبناتها في العالم الذين قاسموك هذه الامومة زاحموك فيها رغم بسالتها في الاهتمام بك التي راينا ونشهد وحبها وحرصها عليك فمن يستطيع ان يكون اما لامة ولشعب يكون محظوظا ابنه لان كمية الحب والاهتمام الذي سوف يوجه لك كبير كبير ولعلنا نرى في هذه الايام كم الابناء والبنات والاحفاد عندها لكن لن نستطيع احصاءهم وانت بلا شك ربما سوف توجد لها اعذارا اليوم اذا كانت عن تاخرت عنك في شي فمعك كان الكثيرون في قلبها شعب باكمله يزاحمك كما زاحمك في ابيك انك يا اخي انت الذي صمدت في وجه كل الرياح يا دكتور فكونك تكون ابنا لابن السودان وبنته ولاحقا امه هذا شي عظيم وجلل لا طاقة لاحد ان يتحمله وهذا ليس تمجيدا لك ولا تدلسا بل محاولة ان ازجي لك بعزاء يليق بعمق حزنك وفداحة فقدك ولن اجد فالفقد عظيم وانت في مقعد الطائرة ما علييك الا ان تنظر من اعلى لترى تلك الاعداد من البشر وهي تستقبل ام السودانين ومدى حزنهم وفرحهم ايضا بها وبمواقفها وربما تجد لها عذرا ان تاخرت عنك يوم فالذي يبذل حياته للناس لا يمكن ان يتاخر عن اقرب الاقربين فالاقربين بالنسبة لها كانوا ومازالوا اعدادا كثيرة في مناطق متفرقة وبعيده لكنك كنت مركز تحركها ومحورها فلم تغب عنها يوم ولا لحظة وقد قابلتها كثيرا ولم يغب اسمك عن الجمل التي كانت في حواراتنا وحتى هي على سرير المرض وان كنت انت بعيدا احيانا لاي سبب تشعرنا بانك خرجت للتو من عندها فهي كذلك وكيف لا وهي استطاعت ان تكون ام لشعب كامل رغم ما مرت به من الم ومضايقات وظلم فقط لمواقفها وارائها وكان ذلك يزيد من درجة حرصها وخوفها عليك وعلينا كلنا تعمل كل ما بوسعها من اجلنا ومناها ان لا نتعرض لاي خطر فهي كفيلة بالتصدي لتلك الاخطار. 
العزيز احمد ود فاطنة
كل الحبر الذي سود الارض حروفا في نعي والدتك والذي كتب والذي سوف يكتب لن يوفيها حقها وايضا لن يعوضك عن فقدك الكبير يا خي فما يعيشه شعبنا لفقدها هذه الايام انت عشته في فقدك لابيك والان في فقدك لامك واتمنى ان يكون عزاءك الخاص قادرا على ان يجعلك تواصل بنفس الجلد والصبر الذي عشت به وقبل حار التعازي في امنا فاطمة تقبل اعتذاري اننا زاحمناك فيها كشعب لاهتمامها بقضايانا التي وهبت عمرها لها وشكرا لها ولك ولوالدك لالهامكم لنا فلترقد هي بسلام بعد كل هذه المعاناة .
تقبل فائق احترامي وسلامي.


عبدالرحيم ابايزيد

١٥ أغسطس ٢٠١٧

----------------------------------


Post: #35
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-26-2017, 06:30 PM
Parent: #33

رسالة الى أحمد الشفيع أحمد الشيخ
08-26-2017 11:24 AM

رسالة الى أحمد الشفيع أحمد الشيخ

في رحيل استاذة فاطمة احمد ابراهيم اكتب معزيا ابنها دكتور احمد الشفيع احمد الشيخ
.

الاخ العزيز احمد

اعلم فداحة الفقد وقمة معاناتك منه والمعاناة التي صاحبتك طوال السنوات الماضية فلقد ولدت انت ابنا لرجل اهتزت تحت اقدامه ابشع الدكتاتوريات وارتجفت اجساد كبيرة وبنوك ممتلئة بالارباح من عرق الفقراء والعمال في العالم لمجرد ذكر اسمه ونتيجة لمواقفه وبذله وعطائه فقدته انت كأب لكن كسبه عالم المناضلين فلقد وضعه الكثيرين على هذه الأرض ابا ومثلا يحتذى به وتغنوا لمواقفه وفكره قبل ان تعي انت لماذا، فاخالك حينها كنت تبحث عن ذلك الأب في كل مكان الاب الحقيقي الذي لا يعوض وجوده اي انسان فلقد دفعت ثمنا لا يختلف ابدا عن ثمن تقديم الروح من اجل المبدأ على خشبات المقصلة ذات الحبال المتينة كنت وحدك رغم ان من حولك كانوا كثر كيف لا وانت ابن شهيد الطبقة العاملة الشفيع احمد الشيخ والتي ظلت تعزيك وتريدك ان تكون كأبيك الذي لم تراه ولم تجده عند الملمات وعند احتياجك وانت تمشي كاي ابن مع ابيه احساس عظيم ومواقف كثيرة فقدت انت فيها والدك الذي تغنى له الكثيرون فلقد رسخ في بالهم (برضك عايش في بالنا فلاحينا وعمالنا يا شفيع) واحمد احمد تكبر وتشيل ... فياللهول فقد كان فقدك المستمر عظيما هذا الفقد مغروسا في داخلك ينمو معك كفقد ولا يتضاءل فكل موقف ويوما في الحياة كنت تبحث فيه عن ابيك لانك انسان وانت تعرف قساوة انه لن ياتي لا ادري كيف تغلبت على ذلك الاحساس الذي يكبر مع الانسان، كل الهتافات والمدافع والرصاص والبيانات التي ملاءت الدنيا لم ولن تعيد ابيك وكان خلف هذا احساس عاشه الكثيرين ايضا هو احساس رفاق الشفيع واصدقائه وابناء وبنات جيله فظلوا وسيظلوا مرفوعي الرؤوس في كل مكان بمجرد انهم زاملوه او التحقوا بحزبه او مدرسته فيالفخرك يا انسان ويالمعاناتك ففقدك عظيم .ويا لصبرك وجلدك فلقد انجزت رغم ذلك فتفوقت ونلت اعلى الدرجات رغم صعاب الحياة صعاب الحياة بحلوها ومرها بفقده وبوجودها. 
ولعلنا اليوم ونحن نودع ام السودانين ايقونة النضال ارملة الشهيد ابن الطبقة العاملة والدتك التي قدمت روحها للشعب ولقضايا المستضعفين في بلدها والبلدان الاخرى ولا احد يمكن ان يتصور فداحة فقدك ابدا لان لا احد يستطيع ان يحصي كم هم ابناءها وبناتها في العالم الذين قاسموك هذه الامومة زاحموك فيها رغم بسالتها في الاهتمام بك التي راينا ونشهد وحبها وحرصها عليك فمن يستطيع ان يكون اما لامة ولشعب يكون محظوظا ابنه لان كمية الحب والاهتمام الذي سوف يوجه لك كبير كبير ولعلنا نرى في هذه الايام كم الابناء والبنات والاحفاد عندها لكن لن نستطيع احصاءهم وانت بلا شك ربما سوف توجد لها اعذارا اليوم اذا كانت عن تاخرت عنك في شي فمعك كان الكثيرون في قلبها شعب باكمله يزاحمك كما زاحمك في ابيك انك يا اخي انت الذي صمدت في وجه كل الرياح يا دكتور فكونك تكون ابنا لابن السودان وبنته ولاحقا امه هذا شي عظيم وجلل لا طاقة لاحد ان يتحمله وهذا ليس تمجيدا لك ولا تدلسا بل محاولة ان ازجي لك بعزاء يليق بعمق حزنك وفداحة فقدك ولن اجد فالفقد عظيم وانت في مقعد الطائرة ما علييك الا ان تنظر من اعلى لترى تلك الاعداد من البشر وهي تستقبل ام السودانين ومدى حزنهم وفرحهم ايضا بها وبمواقفها وربما تجد لها عذرا ان تاخرت عنك يوم فالذي يبذل حياته للناس لا يمكن ان يتاخر عن اقرب الاقربين فالاقربين بالنسبة لها كانوا ومازالوا اعدادا كثيرة في مناطق متفرقة وبعيده لكنك كنت مركز تحركها ومحورها فلم تغب عنها يوم ولا لحظة وقد قابلتها كثيرا ولم يغب اسمك عن الجمل التي كانت في حواراتنا وحتى هي على سرير المرض وان كنت انت بعيدا احيانا لاي سبب تشعرنا بانك خرجت للتو من عندها فهي كذلك وكيف لا وهي استطاعت ان تكون ام لشعب كامل رغم ما مرت به من الم ومضايقات وظلم فقط لمواقفها وارائها وكان ذلك يزيد من درجة حرصها وخوفها عليك وعلينا كلنا تعمل كل ما بوسعها من اجلنا ومناها ان لا نتعرض لاي خطر فهي كفيلة بالتصدي لتلك الاخطار. 
العزيز احمد ود فاطنة
كل الحبر الذي سود الارض حروفا في نعي والدتك والذي كتب والذي سوف يكتب لن يوفيها حقها وايضا لن يعوضك عن فقدك الكبير يا خي فما يعيشه شعبنا لفقدها هذه الايام انت عشته في فقدك لابيك والان في فقدك لامك واتمنى ان يكون عزاءك الخاص قادرا على ان يجعلك تواصل بنفس الجلد والصبر الذي عشت به وقبل حار التعازي في امنا فاطمة تقبل اعتذاري اننا زاحمناك فيها كشعب لاهتمامها بقضايانا التي وهبت عمرها لها وشكرا لها ولك ولوالدك لالهامكم لنا فلترقد هي بسلام بعد كل هذه المعاناة .
تقبل فائق احترامي وسلامي.


عبدالرحيم ابايزيد

١٥ أغسطس ٢٠١٧

----------------------------------
فاطمة .. تحتويها البلاد التي أوغلت في العويل بقلم عمر الدقير

02:26 PM August, 26 2017


عمر الدقير-



الموت هو قَدَر الإنسان وشرطه الأرضي، تلك هي سنة الله في خلقه، لكن تبقى ذكرى الإنسان بعد موته بقدر ما قدَّم وأسهم به في مسيرة الحياة والأحياء .. بعض الناس يتحدون فكرة الغياب ويمتزج موتهم بالبقاء أو فيه كثيرٌ من البقاء .. يستسلمون للمشيئة الحتمية ويلبُّون نداءَ الرحيل الأخير، لكنهم يتركون أثراً لا يزول وسيرةً عصيةً على النسيان يزداد بها سطوع حضورهم في أقصى الغياب.

رحلت الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم عن هذه الدنيا، لكنها قالت كلمتها بوضوحٍ شديدٍ قبل أن تُحمَل على أعواد المنايا وتستبدل بظهر الأرض بطناً .. قالت كلمتها عبر مسيرٍ طويلٍ حافلٍ بالجسارة ومترعٍ بالنضارة ومحتشدٍ بالكدح النبيل والعطاء الجزيل في ساحات العمل السياسي والنضال الوطني .. مضت إلى جوار ربها ومضت إلى ذاكرة الوطن حكاية امرأةٍ شامخة كتبت بسيرتها بعضاً من صفحات تاريخه وفصولاً من قصة حلمٍ بحياةٍ كريمة.

صَعْبٌ على المرء أن يفي بحقِّ قامةٍ سامقة كما الراحلة العزيزة التي سارت خلف نعشها جموعٌ غفيرة، بقلوبٍ حزينة، حتى مثواها الأخير في مقابر البكري بأمدرمان .. ومع ذلك فإنَّ أوجز ما يمكن أن يُقال أنها خلَّفتْ وراءها سيرةً تنضح عطاءً غير مجذوذ، وتختزل من أبهى ما قدَّم فردٌ لخدمة وطنه وشعبه .. كانت صادقةً مع نفسها ومع شعبها ومع الحياة، جسَّدت بسيرتها ما آمنت به، وسخَّرت كلَّ ما تملك من طاقة لتحقيق ما ترجوه لوطنها وشعبها حتى غدت أيقونةً في تاريخنا الحديث.

لقد اختارت فاطمة، بطوع إرادتها، طريقاً من يمشي عليه كمن يمشي على الجمر .. انخرطت في صفوف النضال الوطني منذ بواكير الصبا، وظلت تطوي عقود السنين واهبةً حياتها بلا مساومةٍ ولا منٍّ ولا أَذى في سبيل ما تؤمن به وما تحلم به لوطنها شعبها .. أدركت ما لها وما عليها، لكنها تحمَّلت ما عليها أولاً، ترمُّلاً وحرماناً وسجناً وتشريداً، وظلت راكزةً وصامدةً في أحلك الظروف وأصعبها، يوم اهتزت الأرض تحت أقدام رفاقها قادة الحزب الشيوعي بعد إجهاض حركة يوليو 71 في تلك الايام المُعَفَّرة برائحة البارود والمصبوغة بلون الدَّم .. لكنَّ أولئك القادة، ومن بينهم زوجها الشهيد الشفيع أحمد الشيخ، أجبروا أرجلهم على الثبات في مستنقع الموت وأظهروا شجاعةً تصل حدَّ الأسطورة وهم يُساقون إلى المشانق وساحات الإعدام، مردِّدين هتافهم الأثير "عاش نضال الشعب السوداني".

صحيح أنَّ الثمن الباهظ الذي دفعته الفقيدة خلال مسيرة عطائها في ميادين العمل العام كان مرتبطاً بانتسابها للحزب الشيوعي السوداني، لكنَّ عطاءها لم يكن صادراً عن عصبيةٍ حزبية أو تحجّرٍ عقائدي، بل كان موصولاً بالجذور العميقة لشعبها وبالمياه الجوفية المشتركة بين مكوناته .. كانت سودانيةً في مخبرها ومظهرها، خرجت من رَحِم هذا الواقع ومن صميم هذا الطين .. ولذلك لم يكن غريباً هذا الإجماع الوطني على ريادتها وجسارتها وتقدير عطائها .. ولم يكن غريباً، حين نعاها الناعي، أن ينتشر الحزن في أرض الوطن ويغطي بجناحيه السماء.

لقد قُدِّر لفاطمة أن تعاصر كلَّ عهود الحكم الوطني في بلادنا .. شهدت لحظة ميلاد الاستقلال وحملت الهمَّ والهاجس، وعايشت الأحلام الموؤودة .. عايشت فاطمة وجيلها كل النظم التي تعاقبت على الحكم، منذ الاستقلال، سواء كانت نظماً ديموقراطية لم يسمح لها أن تبلغ سن الرشد أو نظماً شمولية جثمت على الصدور لسنواتٍ طوال .. لقد حلم ذلك الجيل والأجيال اللاحقة بتأسيس دولة مستنيرة تشكل بوتقةً ذكية لانصهار التنوع ورشد إدارته استناداً على قواعد المواطنة والعدالة والمساواة والحريّة وكرامة الانسان .. دولة تحمي أهلها من الحروب والانتهاكات والفقر والمرض وكلِّ غوائل الدهر، وتوفِّر لهم حياة حرةً كريمة وتوجه البوصلة صوب المستقبل والتنمية والبناء وانجاز النهضة .. لكن للأسف جاءت رياح الواقع بما لا تشتهي سفن الأحلام، فقد تعاقبت أجيال السودانيين وحكاية وطنهم تراوح بين مأساةٍ مضحكة وملهاةٍ مبكية،
وظلَّ مسيرهم دائرياً والخطى لا تُفضي إلى أبواب، وكأنَّما قدَّموه من تضحياتٍ في سبيل الحرية والحياة الكريمة يماثل ما فعله القدِّيس مونت كريستو حين بذل جهداً كبيراً لإحداث ثُقْبٍ في جدار زنزانته كي يتسلَّل منه ويهرب، لكنه وجد نفسه في زنزانةٍ مجاورةٍ أضيق مساحةً وأشدُّ رطوبة .. بقيت كل الأسئلة الكبرى دون مخاطبة جادة وواعية إلى يومنا هذا، وكأنَّ نظاماً معرفياً يشبه نظام الموجات المتعاقبة التي تتكسر على الشاطئ ولا تمكثْ هو ما ظلَّ سائداً طوال عهود الحكم الوطني، حتى انتهينا إلى أكثر العهود فشلاً وبؤساً، هو نظام الانقاذ الذي ساس بلادنا على مدى ثمانٍ وعشرين عاماً كل عامٍ منها يجرُّ معه ذيلاً مبلولاً بالدمع وبالدم.

لقد انسربت خواتيم سنوات عمر الفقيدة بعيداً عن الوطن الذي أحبَّتْ، وها هي تعود إليه جسداً مسجىً في تابوت لتُدفن تحت ثراه، قريباً من ضلوع السابقين من أسلافها .. عادت لتجد وطناً مثلوماً بسيف الاستبداد، أنهكته سياسات خرقاء أبْهَظَتْ كواهل أهله بحمولات الشقاء والعناء وأوصلته إلى شفا جرفٍ هار .. أُلْحِدَتْ فاطمة في مقابر البكري قبل أن يتحقق حلمها بإيواء الأطفال المُشرَّدين الذين طالما سال دمعها سخيناً وهي تستذكر افتراشهم الأرض ومبيتهم على الطَّوَى .. وقبل أن ترى هذه الأقدام التي تسعى في الشوارع والساحات وهي تضرب الأرض غضباً حتى يتفصَّد عرق الأرض وتقاوم هذا اليباب.

يقول الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي في رثاء صديقه الكاتب وحيد النَّقَّاش: "لماذا شربتَ الشَّرابَ نقياً، وماذا رأيتْ؟ .. ولماذا رجعنا جميعاً، وأوْغَلْتَ أنتْ؟"، ولعلَّ حجازي بتساؤله هذا يشير إلى أنَّ هناك من يعتريهم التعب أو يدْهَمهم الخوف أو يصيبهم اليأس فيعودون من أول الطريق أو منتصفه، وهناك من يواصلون المسير حتى يصلوا للهدف النبيل أو يَرِدوا حياض الموت .. يستطيع المُنصِف أن يشهد لفاطمة أنَّ مسيرها كان على طريقٍ صَعْبٍ جميل، لم تزحزحها عنه المفاوز الوعرة والمنحنيات الخطرة، حتى وافتها المنية.

لكِ الرحمة والمغفرة، وسلامٌ عليكِ يا فاطمة ..

"لا يحتويكِ الغيابُ ولا يحتويكِ الرحيلْ
تحتويكِ البلادُ التي أوغلتْ في العويلْ"

Post: #36
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-27-2017, 06:39 PM
Parent: #35

حليل فاطنة الكانت لايكة الصّبُر
08-26-2017 08:53 AM

حليل فاطنة الكانت لايكة الصّبُر

يوم الأربعاء ١٦ أغسطس ٢٠١٧ ودع شعب السودان أمه الرؤوم. فقد عادت إليه بعد طول غياب. أشرع الشعب ذراعيه ليضمها في حضنه الدافئ بعد أن حظيت من وطنها بتربة.
ماتت فاطمة.
هدأ الإعصار.
خمدت حمم البركان.
واستراحت من مرارة الظلم والأحزان.

أنفقت عمرها كله مُشَمِّرة عن ثوب النضال، ساعية من أجل العدالة لها ولشعبها. لم تفتر لها همة. ولم يَعْتَرٍِِِ روحَها الوهنُ. انطبق عليها قول السادة الصوفية عن المُريد الجّاد "مما عقدو ما نقضو".
صارت أيقونة الظلم المريع.
فهي حَسَنَُنا وحُسَيْنُنا ومريمُنا العذراء.
توحّد عندها الهمُّ العام مع الغبن الخاص وحدةٍِ لا انفصام لها.
أصبحت ضميرا يؤرق الذين سلبوها أعز ما تملك في هذه الدنيا، رفيق العمر، وشفيع درب الكفاح المر. الحضن الملاذ من كَبَد المعاش، والكَتِف وِسَادة الرّأس حين العودة من رهق النضال.
عاشت لترى أغلب الذين ساموها العذاب، وجعلوها تترمّل وهي في شَرَخ الشّباب، يغادرون الدنيا واحدا بعد الآخر. أعتقد أنه لم يبق من مجلس قيادة "ثورة مايو الخالدة" سوى واحد فقط يُِظَنُّ أنه هو من عذّب الشفيع بيديه حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، ثم أمر بتعليقه جسدا.
يا ترى ما هو شعوره الآن؟
حرموها حتى من قبر تزوره. تناجيه. تبكي عنده. تضع عليه إكليلا من الورود. وتصلي جنبه.
أي وعورة وأي وحشية تلك التي تبيح للناس أن يقتلوا الشهيد ثم يصادروا جثمانه؟!!
"ألا إن منظر الظلم شنيع".
"ألا إن منظر الظلم فظيع".
هكذا عَبَّر الأستاذ محمود محمد طه في منتصف أربعينات القرن الماضي عندما رأى امرأة أخرى تُظْلَم.
أراد المشير البشير لفاطمة سوء الخاتمة بإعلانه "تكريمها" بجنازة رسمية، يَتَصَدَّرَها هو، ويؤم الناس في الصلاة عليها، كما فعل في تشييع فنان الشعب محمد وردي.
ولكن روح فاطمة، المقاتلة الشرسة، أفشلت هذا المخطط الرخيص الذي يرمي لإهانتها، ومحو تاريخها المناهض للرؤساء القتلة السفاحين.
قرر الانتقام منها ومن الذين أُلْهِمُوا الصواب من بين أهلها وأعضاء حزبها، الذين حرموه متعة إغاظة الشعب واختطاف رموزه، فأصدر مرسوماً جمهورياً بترقية المُتَّهم بقتل شفيعها إلى رتبة الفريق.
ماذا تعني ترقية شخص على أعتاب القبر؟
ماذا يستفيد من هذه الترقية؟
ربما ليترك معاشا أكبر لورثته؟
الرسالة واضحة. هذه بتلك. تحرمونني من أن ألطخها بقذارتي، فإني أحتضن من تعتبرونه قاتل زوجها، فهو مثلي لا يعافني.
كافحت فاطمة وما استكانت. ولكن تَعِبَ الجّسدُ النحيل.
قاتَلَت وما استسلمت. ولكن شاخ الوجه النبيل.
لم يعد الجسم قادرا على حمل تلكم الروح الكبيرة. فناء بها. وكان عليها أن تغادره.
صدق من قال: "وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام".
أنفقت حياتها كلها تطلب عدالة الأرض فلم تجدها.
والآن تقف بين يدي الله طالبة عدالة السماء.
البركة في الشعب السوداني الذي عاشت فاطمة مضحية من أجله وماتت مضحية من أجله. فاستحقت بذلك لقب أم الشعب.
وحق للحزب الشيوعي أن يفخر إذ خرج من بين صفوفه شاعر الشعب وأم الشعب.


الباقر العفيف

Post: #37
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-27-2017, 06:39 PM
Parent: #35

حليل فاطنة الكانت لايكة الصّبُر
08-26-2017 08:53 AM

حليل فاطنة الكانت لايكة الصّبُر

يوم الأربعاء ١٦ أغسطس ٢٠١٧ ودع شعب السودان أمه الرؤوم. فقد عادت إليه بعد طول غياب. أشرع الشعب ذراعيه ليضمها في حضنه الدافئ بعد أن حظيت من وطنها بتربة.
ماتت فاطمة.
هدأ الإعصار.
خمدت حمم البركان.
واستراحت من مرارة الظلم والأحزان.

أنفقت عمرها كله مُشَمِّرة عن ثوب النضال، ساعية من أجل العدالة لها ولشعبها. لم تفتر لها همة. ولم يَعْتَرٍِِِ روحَها الوهنُ. انطبق عليها قول السادة الصوفية عن المُريد الجّاد "مما عقدو ما نقضو".
صارت أيقونة الظلم المريع.
فهي حَسَنَُنا وحُسَيْنُنا ومريمُنا العذراء.
توحّد عندها الهمُّ العام مع الغبن الخاص وحدةٍِ لا انفصام لها.
أصبحت ضميرا يؤرق الذين سلبوها أعز ما تملك في هذه الدنيا، رفيق العمر، وشفيع درب الكفاح المر. الحضن الملاذ من كَبَد المعاش، والكَتِف وِسَادة الرّأس حين العودة من رهق النضال.
عاشت لترى أغلب الذين ساموها العذاب، وجعلوها تترمّل وهي في شَرَخ الشّباب، يغادرون الدنيا واحدا بعد الآخر. أعتقد أنه لم يبق من مجلس قيادة "ثورة مايو الخالدة" سوى واحد فقط يُِظَنُّ أنه هو من عذّب الشفيع بيديه حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، ثم أمر بتعليقه جسدا.
يا ترى ما هو شعوره الآن؟
حرموها حتى من قبر تزوره. تناجيه. تبكي عنده. تضع عليه إكليلا من الورود. وتصلي جنبه.
أي وعورة وأي وحشية تلك التي تبيح للناس أن يقتلوا الشهيد ثم يصادروا جثمانه؟!!
"ألا إن منظر الظلم شنيع".
"ألا إن منظر الظلم فظيع".
هكذا عَبَّر الأستاذ محمود محمد طه في منتصف أربعينات القرن الماضي عندما رأى امرأة أخرى تُظْلَم.
أراد المشير البشير لفاطمة سوء الخاتمة بإعلانه "تكريمها" بجنازة رسمية، يَتَصَدَّرَها هو، ويؤم الناس في الصلاة عليها، كما فعل في تشييع فنان الشعب محمد وردي.
ولكن روح فاطمة، المقاتلة الشرسة، أفشلت هذا المخطط الرخيص الذي يرمي لإهانتها، ومحو تاريخها المناهض للرؤساء القتلة السفاحين.
قرر الانتقام منها ومن الذين أُلْهِمُوا الصواب من بين أهلها وأعضاء حزبها، الذين حرموه متعة إغاظة الشعب واختطاف رموزه، فأصدر مرسوماً جمهورياً بترقية المُتَّهم بقتل شفيعها إلى رتبة الفريق.
ماذا تعني ترقية شخص على أعتاب القبر؟
ماذا يستفيد من هذه الترقية؟
ربما ليترك معاشا أكبر لورثته؟
الرسالة واضحة. هذه بتلك. تحرمونني من أن ألطخها بقذارتي، فإني أحتضن من تعتبرونه قاتل زوجها، فهو مثلي لا يعافني.
كافحت فاطمة وما استكانت. ولكن تَعِبَ الجّسدُ النحيل.
قاتَلَت وما استسلمت. ولكن شاخ الوجه النبيل.
لم يعد الجسم قادرا على حمل تلكم الروح الكبيرة. فناء بها. وكان عليها أن تغادره.
صدق من قال: "وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام".
أنفقت حياتها كلها تطلب عدالة الأرض فلم تجدها.
والآن تقف بين يدي الله طالبة عدالة السماء.
البركة في الشعب السوداني الذي عاشت فاطمة مضحية من أجله وماتت مضحية من أجله. فاستحقت بذلك لقب أم الشعب.
وحق للحزب الشيوعي أن يفخر إذ خرج من بين صفوفه شاعر الشعب وأم الشعب.


الباقر العفيف

Post: #38
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-27-2017, 06:58 PM
Parent: #37




















وداعاً...ايتها الشيوعية العزيزة .
. بقلم: صديق عبد الهادي

نشر بتاريخ: 27 آب/أغسطس 2017



[email protected]
(1)
جاءت مذكرات الشاعر الشيلي المشهور "بابلو نيرودا" بين ضفتي سفر ضخم، تحت عنوان "اعترف بانني قد عشت"، وكعادة كتَّاب امريكا اللاتينية ومبدعيها حين يكتبون، فهم يكتبون بجموحٍ وطلاقةِ خيالٍ بليغين، ويشفون الغليل بإيجازٍ من القول المحكم. يتماهون، وكأن الواحد منهم، وفي سيرته،لا يكتب عن نفسه وإنما عن الناس، كل الناس ، وليس عن وطنٍ واحدٍ وانما عن كل الأوطان!. ولذكرى الأبطال والشهداء والمناضلين والمناضلات، في تلك الكتابات، ضوعٌ زاكي، وكأنك بهم يسعون خفافاً بين السطور!.
توقف "نيرودا" عند ذكرى صديقه الشاعر الإسباني المعروف "غارسيا لوركا"، المغدور غيلةً. وقف وهو ملفوفٌ بالحزن وبضرورة ان يقول للعالم من هو "لوركا"؟، وقد قالها، وكأبلغ ما يكون القول واكمله:
"وأي شاعرٍ....كان لامعاً ونبيلاً، كان خلاصة إسبانيا وعهودها"...ويا لها من عبارةٍ خالدة!...
إنها واحدةٌ من العبارات القلائل التي تسمو، وعند هذا المقام، لان تقال في وداع "فاطنة"، لأنها كانت، وبالفعل، "خلاصة كل العهود الجميلة في تاريخنا"!.

(2)
لكل بلدٍ في العالم آباءٌ مؤسسون وامهاتٌ مؤسسات، صاغوا جوانب مختلفة من تاريخه، ومن حيوات شعوبه. فبلاد السودان ليست بإستثناء، ولم تكن سيرتنا الحديثة منبتة، وإنما لنا كذلك آباؤنا المؤسسون وامهاتنا. وكلما يأتي الذكر على ذلك يحلَق الشيخ بابكر بدري عالياً، قنديلاً وضاءاً في سماء ومسيرة إستنارتنا، حيث تجرأ على الواقع الاجتماعي بجسارة غير معهودة في زمنٍ غير معهودٍ، وبل مغاير!، وهو نفس المقاتل الذي ودع القرن التاسع عشر، وهو خارج من تحت غبار تلك الحملة "التاريخية"، التي انتهت بنهاية واقعة توشكي الأليمة، في 3 اغسطس 1889م. والتي كتب هو نفسه مؤرخاً وللحظاتٍ فاصلةٍ منها، "جيئ بجنازة ود النجومي لنا في الاسر، وعُرِضت للتأكد من شخصيته ومما ظهر لنا بجسمه ضربة جلْفَّة، في ساقه لانه كان لابساً جبَّتَه.والغبار بلحيته الجميلة كان يبدو وكأنه راجعٌ من العَرْضَة ولم تظهر عليه كآبة الموت، رحمه الله رحمةً واسعة. وقد قال شاعرهم بعد موت ود النجومي شعراً كثيراً....ولا تسأل عما اصابه هذا الشعر في نفوسنا ولو كنا نستطيع دفاعاً أو إجابة ما تأخرنا".
هذا المقاتل المهدوي، والذي لم نعطه حقه بعد، كأبٍ مؤسس، كان له سهماً عريضاً في تعبيد الطريق لمسيرة الاستنارة في السودان.
كتب الشيخ بابكر ذات مرة، قائلاً، "قضيت باقي الايام بالمدرسة وفي يوم الأربعاء، وكان وقفة عيد الأضحي، عبرت النيل لأمدرمان حيث قضيت العيد بمنزلي. وهناك إجتمعت بصديقي الحميم محمد أحمد فضل، الذي كان يعمل مدرساً بكتَّاب امدرمان – التي فتحت في اول عهدها (عام 1899) في دكاكين العمدة السيد العوض". فهذا الصديق الحميم الذي إصطفاه شيخ بابكر، وخصه بالذكر هو جد المناضلة "فاطنة أحمد إبراهيم" لأمها. ولطالما عبرت عن فخرها وإعزازها به. لم تكن الصداقة وحدها هي التي جمعتْ بينهما، وإنما جرأة الفعل والإجتهاد. كلاهما انحازا لتعليم المرأة في زمنِ جمودٍ، أقل ما يُقال بانه آسن!، على حد قول الراحل "نقد"، وبتلك اللغته الناجزة الآسرة!.
ما عمل الآباء المؤسسون لاستنارتنا، ولا عملتْ "فاطنة" لرفعة المرأة لوحدها دون الرجل، وإنما لرفعة الكل معاً. يحسب الكثيرون بان الشيخ بابكر اسس وكرَّس لتعليم المرأة فقط. فذلك حسبانٌ قاصرٌ وخاطئٌ. فللشيخ بابكر دينٌ في أعناق الرجال قبل النساء. والكل مندرج في "قيد" و"جردة" ذلك "الحساب"، أي نعم، مثلنا وعشرات الآلاف من ابناء غرب الجزيرة، "وفي آخر هذه السنة – اي 1907م (الكاتب)- طلبت مني مصلحة المعارف ترشيح احد معلمي رفاعة ليكون ناظراً لمدرسة المناقل التي تمَّ فتحها في ذلك الوقت، فرشحت الشيخ عبد الغفار فاُعطِيَّ مرتباً قدره اربعة جنيهات". فهكذا كان ممتداً فضله، وعلى كل الأنحاء.
هذا هو الإرث الذي انتج المناضلة "فاطنة"، لتحمل الشعلة التي اوقدها هولاء النفر من الآباء المؤسسين، ولترتقي بها هي إلى مدارجٍ عُلا وشاهقة، بدءاً بتوطيد ذلك الحق في التعليم، وفي العمل والاجر المتساوي، وفي الترشح والتصويت. فهذا المدى الباهر، الذي تحقق واقعاً لا حُلماً، لاشك، أنه مما كان يسعد اولئك المؤسسين الميامين، وهم يخلدون في مراقدهم الأبدية، تلك.

(3)
نحن جيل الشيوعيين الذين لم يعاصروا الصعود المبهر لنجم "فاطنة" وهي تتقدم المعركة الحقوقية للنساء، حتى حققت حركتهن تلك الانتصارات البائنة، إبان الخمسينات والستينات من القرن المنصرم، إلا اننا، وبتأكيدٍ قاطع، شهدنا خطوها الثابت وسموها من فوق الجراح، فيما بعد يوليو 1971م، جراحها الخاصة والعامة. لم تتراجع قط، بل انها ظلتْ شامخة ومرفوعة الرأس.
عملتُ مع المناضلة فاطمة وعن قرب، إبان إنتفاضة مارس/ أبريل 85م، وتلك كانت واحدة من نعم الدنيا على المرء. عملنا سوياً في التجمع الوطني، بشقيه الحزبي والنقابي. جاءت اليه هي ممثلة للاتحاد النسائي، أما شخصي فقد جئتُ وصديقي عبد العزيز أحمد دفع الله عن لجنة التجمع النقابي ممثلين لنقابة شركة التأمينات العامة، التي كانت واحدة من النقابات الستة، التي وقعت ميثاق الإنتفاضة إلى جانب نقابة المحامين والمهندسين واساتذة جامعة الخرطوم والمصارف وإتحاد طلاب جامعة الخرطوم.
غير انها كانت محل إحترام الجميع، كان في وجود "فاطنة" قدر كبير من التوازن. وبرغم حزبيتها كانت ذات رأي مستقل، تصدح بالحقيقة دونما مواربة، وليس في بالها لمعايير الربح والخسارة مكان، فهي دائماً كما هي، كالسيف إزاء الحق اينما مال!. وقد يذكر كلٌ منْ عاصر الايام الاولى للإنتفاضة صرختها المدوية امام نادي الاساتذة، ومن ثم امام القيادة العامة بـ "ألا يتوقف الناس عن التظاهر" حتى يتبع حل جهاز الأمن إلغاء كافة القوانيين المقيد والمصادرة للحريات، والتي من ضمنها قوانيين سبتمبر 83 المهينة، إلا ان صرختها الصائبة راحت أدراج الفرح العارم للناس، وهم يرون أركان الديكتاتورية تتهاوى امام اعينهم!، غير أنه من باب الغفلة يأتي الخطر...وقد حدث!.

(4)
كان قلبها الطيب هو جسر عبور الآخرين إليها، لا تفرق بين الناس في تعاملها، كانت تتعامل مع النقابيين بودٍ بائن، وبرغم مبدئيتها لم يكن الإنتماء السياسي احد معاييرها في التواصل. كان زملاؤنا في التجمع النقابي يكنون لها محبة عميقة، وخاصة المخضرمين منهم من تلك النخبة من قادة العمل النقابي، من امثال دكتور مامون محمد حسين، دكتور خالد ياجي، مهندس عوض الكريم محمد احمد، حسن محمد علي، دكتور جلال الدين الطيب وغيرهم. يكنون تلك المحبة الصادقة لانهم شهدوا، وفي يومٍ مضى، "فاطنة" والشفيع وهما يضعان اجمل نجمتين مضيئتين من حبٍ وتفاني على صدر هذا الوطن!.
طلبتُ، وفي تلك الأيام، من "فاطنة"، وبحكم العلاقة التي توطدت بيننا، بان تشرفنا بزيارة إلى قرية العقدة في غرب الجزيرة. لم تتردد لحظة وما زلت اذكر ردها، "طوالي، ياخي ديل الناس البستحقوا اننا نمشي ليهم"!. إن كان هناك من شيئٍ، لي ان افخر به في حياتي هو تلبيتها الكريمة لدعوتي المتواضعة تلك، وكذلك الرحلة التي قمنا بها سوياً وفي الرفقة الطيبة للصديق الشهم عبد الرؤوف العوض، والرفيقة نعمات كوكو.
كان استقبال أهل القرية لها مشهوداً، وسيظل ذلك اللقاء محفوراً في ذاكرة الناس، ما بقي الناس على وجه هذه الأرض!.
وأهل العقدة يستحقون ان تكون بينهم "فاطنة"، وقد كان بينهم آخرون، الشاعر الراحل حميد، الذي إحتضنوه بدفئٍ وحماسٍ صادقين، وقصائده ما فتأ يتردد في سماء القرية رجع صداها!. إنه، ولسرٍ يعلمه الله، ان اهل العقدة، مسكونون بـ"حب المعرفة" وبـ"التقدم" وبـ"الجهر بالحق"، خاصةً وقت يكون الصمت هو الملاذ الوحيد، والبديل الذي لا غيره لمنْ يأثر السلامة!. فهم مجبولون على شد الازر، ومجابهة الظلم والسلطان، أي سلطان، كما وان لهم في كل إنتماءٍ وطني عريقٍ بحق، عرقٌ راسخٌ وقديم!.


(5)
على نهاية العام 1993م قدِمتْ "فاطنة" إلى الولايات المتحدة الامريكية، رئيسة وممثلة للإتحاد النسائي السوداني لاستلام الجائزة المقدمة له من الامم المتحدة. أكرمتني واسرتي بزيارة إمتدت قرابة الأسبوع. وكان عليَّ ان اصطحبها من مدينة واشنطن إلى مدينة فلادلفيا. التقيت بها في منزل الاستاذ آدم محمد عبد المولى، المحامي، وفي معيتها عددٌ من السودانيين والسودانيات، حيث انها كانت محط تبجيلهم وإهتمامهم.لا سعادة البتة اكبر من ان يقطع المرء رحلة تقارب المئتين كيلو متر في رفقة أعظم نساء العالم، بحقٍ وحقيقة!. فإنك لا تسمع لغواً او إنحداراً ، لا في مفردةٍ ولا جملة. وأما ان تكون معك واسرتك تحت سقفٍ واحد، ولو ليومٍ فقط، فذلك أمرٌ آخر وفضلٌ من أفضال الدنيا عليك!.
"فاطنة" دموعها، وكما يشهد كل العالم، على طرف عينيها، فحينما تذكر اخاها صلاح، الشاعر الفذ، تذرف دموعها، وحين تطوف بالخاطر ذكرى اختها التومة تترى دموعها، ولو طاف بؤس الاطفال في خيالها تنهمر كذلك دموعها!، حتى ان صرامتها التي عجمتها الإحن تعجز عن حبسها!.
"فاطنة"، عن صدق، تعطي للدموع معنى لانها وحين تذرفها تدلق شيئاً من القلب معها!. إنها لطيفة المعشر، مصقولة التهذيب. رفيعة النفس ومهابة حين تثور. إنها إمرأةٌ تثير التأمل والدهشة وهي تخطر، مما يجعل المرء يتساءل، كيف تسنى لهذه الخطى الوئيدة ولهذا الجسم النحيل ان يحملا تلك الروح "العاصفة" ويتحملاها عبر كل هذه السنين؟!...لا شيئ، إنها قوة الإرادة، و"فاطنة" إمرأة ذات إرادة لا تضاهى!.

(6)
رتبنا لها لقاء تلفزيوني مع صديقتنا الجنوب افريقية، "بورشيا أكسنجيمالو"، مقدمة برنامج "فوكاس اون آفريكا" على قناة "دبليو واي بي إيي" العامة، بمدينة فلادلفيا. كان المهاجرون الأفارقة وقتها منغمسين في نشاط واسع وكبير لاجل دعم حملة ترشح الزعيم مانديلا للرئاسة في جنوب أفريقيا، وكانت صديقتنا "بورشيا" من المنظمين الاساسيين، مما شغلها عن إخطارنا بتأجيل موعد الإعداد لحلقة الإستضافة. تقبلتْ "فاطنة" الأمر الواقع، ولكنها أعطتْ صديقتنا "بورشيا" درساً في الإنضباط والإهتمام، سيبقى معها طيلة حياتها!. ونحن في الطريق قالت لي، "البت دي شغلها ملكلك"!. ولكن تمَّ تنفيذ تلك الحلقة. تمَّ تسجيل الحلقة في جامعة دريكسل بمدينة فلادلفيا، وهي جامعة كبيرة ومعروفة. وقد كانت الحلقة في غاية النجاح، حيث قامت القناة التلفزيونية ببثها، ولعديدٍ من المرات. قد تكون تلك هي المرة الاولى، على الإطلاق، ان تتم إستضافة ناشطة أو ناشط سياسي سوداني ليعرض لقضايا سياسية سودانية، ليتعرف عليها المشاهد في الولايات المتحدة الامريكية، خاصة بعد الانقلاب العسكري للحركة الاسلامية وإستيلائها على السلطة بواسطته في 30 يونيو 1989م.
في النصف الثاني من التسعينات وزعت الامم المتحدة بوستراً جميلاً، لامعاً وملفتاً، يحمل صورة معبرة لـ "فاطنة"، وهي في ثوبها الابيض الأنيق المعروف. كانت فيه اشبه بقديسة، وقد إمتلات بذلك البوستر كل محطات القطارات والمواقع المختلفة في مدينة فلادلفيا. كان بوستراً شهيراً. كنا، نحن السودانيون، نمتلئ بالفخر والإعزاز كلما مررنا به، خاصة عندما نرى المارة الآخرين يتوقفون عنده، وهم ينظرون اليه بشئ من الاعجاب الممزوج بالتبجيل. الناس في هذه البلاد يعشقون الجمال، وصورة "فاطنة" في ذلك الإطار المتميز لم تكن بأقل من ذلك.
ستظل زيارة "فاطنة" لمدينة فلادلفيا عالقة بالذاكرة ، وبشكلٍ خاص من بين كل الزيارات التي قام بها قادة وساسة ونشطاء سودانيون آخرون. مدينة فلادلفيا جاذبة، وذلك معروفٌ عنها ومنذ زمنٍ طويل.توقفتْ عندها سعاد ابراهيم احمد، وتوقف الخاتم عدلان وسيد احمد الحسين، وفرانسيس دينق وعلي محمود حسنين ونعمات مالك، وآخرون غيرهم. وحتى "كارل ماركس"، كان من المفترض حضوره إلى مدينة فلادلفيا لتشريف المؤتمر السادس والاخير للاممية الأولى المنعقد فيها، في يوم 15 يوليو 1876م، والذي تمَّ فيه رسمياً تشييع الأممية إلى مثواها الأخير. نعم، لم يكن ماركس من ضمن الحضور ولكنه عمل بحماسٍ وبتحريض لاجل وضع المسمار الاخير في نعش تلك المنظمة!.


(7)
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة/
إنه، وبقدر ما اننا معتزون بـ"فاطنة" فنحن ممتنون لتضحياتها النوعية الجسيمة، التي اخذت كل عمرها، وبكل ما يعنيه العمر من معنى، ولا نقول انضر سنواتها، لان ذلك تعبيرٌ مبتسرٌ خطِل، ودون مقام حياتها الإستثنائية!.
شكراً لها، وللمكتسبات الحقوقية والسياسية والاجتماعية التي كان لها فيها سهمٌ نضر، والتي لولاها لكان هذا الوطن يقف الآن على ساقٍ واحدة، ويرى بعينٍ واحدة، بل وأنه قد لا يسمع ولا يحس!.
نحن فخورون بأن شيعها السودانيون وحزبها بالقدر الذي يليق بها، إحتفاءاً بحياتها. وعزاؤنا الأكبر انها عاشتْ الحياة وكما ينبغي.
فوداعاً لهذه المرأة العزيزة، ولتخلد روحها الطيبة في سلام.

Post: #39
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-28-2017, 07:42 PM
Parent: #38

إكمال رسالة فاطمة أحمد إبراهيم ..

بقلم: عبدالله الشقليني

ا


لا أعرف حُزناً أشد حزماً وخناقاً على الأفئدة ، و شحذاً لقوانا وأكثر، من إيلاماً من فراق " فاطمة " . تداعت الأطياف كلها ، خارج السودان وداخله ، تتسابق لتودّع الجسد النبيل وهو مُسجى . وفيها التّوق للوفاء في حق الشقيقة الكُبرى أو الأم الأضحية ، قدمت حياتها كلها من أجل العدالة الاجتماعية خلال مسيرة حياتنا السودانية لمدة تزيد عن ستين عاماً . كأن الشعوب السودانية المتنافرة قد تناست ثارات الزمن. والطُحال الذي يتمدد بلا طائل ، مغص مُستديم .
في " الغُربة " تجمعت الورود والأزاهير ، ووقفت الجُموع صمتاً لنوَّارة بلادنا وقد رحلت . لا يستوعب الذهن الألم الذي فاض بأصحابه ، حين كاد الوداع أكبر من كلمات الرحيل .تلك نظرات في باطنها اعتذار أننا لم نستطع إكمال رسالتها كما يجب أو أن التاريخ يكتُب أنها أكثر تقدماً من أبناء وبنات عصرها .
كتب " الدجاج الإلكتروني " أنها رحلت في " دار المُسنين "!؟ ، والحقيقة أنها مُقيمة في بيتها في المملكة المُتحدة ! . أراد فصيل الشؤم أن يُلحق بها صفة الذُّل المهانة ، وهي تُغادر بعد عمرٍ مجيد قضته تدافع عن الوطن ، وترنو لتنال المرأة حقوقها العادلة . اعتدنا على البضاعة الخاسرة من الفاقد التربوي للحركة الإسلاموية ، يريدون أن يصدقوا الكذب الذي يشيعونه !.حتى الذين جاروا على الحاضر ، وتوضأوا بدماء أبناء جلدتهم على أنه ماءً طهور !، جاءوا كي لا يفوتهم أجر التشييع ، علّ الشعوب تنسى !!.
لا أعرف أهو ابتزاز لمشاعر الحزن الذي عمَّ القُرى والحَضر ، أم هو شعور بالذنب الثقيل ،الذي شعر به أصحاب القلوب القاسية المُتحجرة الإحساس ، كما تحجّرت الأذهان من قبل . فقدوا الإحساس بالكرامة . بعيدون همّ عن أعراف الإنسان النبيل ، لأنهم في وحشة حقيقية ، و فراق مع طبيعة الفطرة التي رفدتها العقيدة التي يحملون شِعاراتها. وحملوا أسفار على أسنّة الرماح ، ولا يدرون عنها كثير شيء .
ها هو الحزن يندلق على الجباه الحُرّة ، وهي تُغالب نَدى عَرَق الجُمان ، وهو يتصبب .والمشاعر كلها تختلط وتتبدى الأحزان في أجمل أفراحها بموتٍ " كموت الجماعة عِرِس" ، إن كانت هنالك من أفراح تبقّتْ !. تهتّز أجساد النائحين والنائحات من الفجيعة الكبيرة ، فالتاريخ قد نهض من سُباته ليكشف حاضرنا الكئيب ، أمام سيدة لو كانت في بلدٍ مُتحضر لأقاموا لها تمثالاً في وسط المدينة .
(2)
لم يكُن انتماؤها إلا لقضية المرأة والتقدم ، حين كانت الحياة عندنا ببعض الحُرية ، وهي ومرافقاتها الفُضليات ، وهُنَّ يُكابِدنَّ من أجل الآخرين ، في ريعان العُمر النّدي . صدَّتهم حينها حواجز الظلام الخرسانية .
تغير الآن حال المرأة عما مضى . صار اليوم أكثر انحطاطاً مما كانت "فاطمة" وهي في اخضرار عُودها تتصوّر حدوثه . عداءٌ سافر للمرأة : شكلها وزيّها وصوتها ، إلا حين تمُد أصبع السبّابة، وتهتُف بعبارات عفا عليها الزمان !.
نشهد الآن دعوة مُستميتة لهدر حقوق المرأة ، تظهر في الخفاء ، ثم في العلن ، على قلة ما هو متوفر من حقوق . ضربوا حولها سياج العُصور الغاشمة ، حين جاءوا بليل. وعُدنا بعده إلى سالف العصر والهوان !.
(3)
لا شيء يُنصف السيدة " فاطمة أحمد إبراهيم "، فهي علامة فارقة في المستوى الشخصي ومستوى المعرفة الفاعلة في زمن الغشاوة الكُبرى . عَبَرت هي كل الغيوم المُلبدة والصواعق التي تشق الأسماع . تمجّدت تلك السيدة التي اهتزّ بدخولها مبنى البرلمان القديم .أرغى وأزبد وُجهاء المكر الطائفي القديم ، حين قدِمتْ وهي وحيدة أمام عُصبة من شيوخ القبائل والطوائف الذين لبسوا جُلباب الرب ليتحدثوا باسمهّ ! . مُستهجنين أن تكون من بينهم امرأة !!
ويتعين الإشارة إلى أن السيدة " فاطمة أحمد إبراهيم " قد فازت بمقعدها في دوائر الخريجين عام 1965 ، ضمن المقاعد التي فاز بها "الحزب الشيوعي السوداني" بعدد (11) مقعداً من أصل (15) . ونال الحزب الوطني الاتحادي مقعدين ، والإخوان المسلمين حصلوا على مقعدين كذلك من الدوائر المتبقية للخريجين . ولم يحصل "حزب الأمة " على أي مقعد من مقاعد الخريجين !
لم يزل أرباب الطوائف التي يتستّرون بأحزابهم ، وهم " الإسلامويون من مقاعدهم " ، يسكتون على مهانة المرأة وإذلالها ويشاركون الدولة الإسلاموية ، فعلاً وقولاً : إنهم مع " ثوابت العقيدة " !.
(4)
أصدر المُفكر " محمود محمد طه " سفراً عن تطوير شريعة الأحوال الشخصية عام 1971، والكتاب مبذول في مدوّنة الفكرة الخاصة بالجمهوريين ، وكتب في ص 76 :
{ في الشريعة ،....كذلك جاء تفضيل الرجال على النساء في هذه الشريعة ، فجعلت المرأة على النصف من الرجل ، في الشهادة ، وفي الميراث ، وعلى الرُبع منه في الزواج .. وكل هذه إنما هي أمور عرضية ، زائلة بزوال أسبابها ...}
وهو ما أوضحه في دراسته الخاصة في الرسالة الثانية المُبطنة في أصل العقيدة الإسلامية، كما يرى . وهي رسالة تُسهم مرحلياً في الدعوة لمساواة الجنسين في الحقوق والواجبات .
(5)
يتعيّن متابعة ورعاية نشاطات " جمعية بابكر بدري العلمية للدراسات النسوية" . وهي امتداد لرسالة المعلم "بابكر بدري " في السابق ، و " فاطمة " منذ عرفتها الأجيال منذ مطلّع خمسينات القرن الماضي وإلى رحيلها . ووقف الدعوة لتشويه جسد المرأة باستئصال أجزاء من جهازها التناسلي . وقد تبنت مناهضة العسف المُجمعي الجائر "جامعة الأحفاد " ورعاية أبناء وبنات وأحفاد وحفيدات المعلّم " بابكر بدري ".لم تزل معنية بمحاربة هذا التقليد البشع الذي، لم يزل آفة صنعها المُجتمع ، وقنّن مشروعيتها بعض الموتورين الذين أحياهم النظام من قبور التاريخ !. لم يزل في مجتمعاتنا من قلدتهم السلطة مهام دستورية ، وتركت لهم الحبل على الغارب . كأنهم أصحاب وصاية على عقولنا !.
(6)
يتعيّن دراسة تراث الحركات المُستنيرة في دولة " تونس " التي تدعوا للعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين . وتلك رسالة يتعين دراستها ، والبحث عن السبيل لتطبيق تلك العدالة المفقودة ، في المجتمع.
(7)
من الضروري متابعة ودراسة أقوال و أفعال الإسلامويين، الذين تسلقوا السلطة من الخفاء بعد المصالحة الوطنية التي تمت عام 1977 . وانتشر سرطانهم داخل مفاصل السلطة والقوات المسلحة . وكانوا وراء ما تسمى بقوانين سبتمبر 1983 ، وأعدموا بتدبيرهم المُفكر " محمود محمد طه " ، وقد كان كبيرهم الذي علمهم السحر " مستشاراً في القصر الجمهوري " ، يصنع بمكر مُصائب الدهر ، ومن ثمة انقلبوا على سلطان الدولة أيام الديمقراطية السودانية الثالثة ،كما هو معروف عام 1989 ، وأتمّوا البرنامج المناهض للمرأة وحقوقها ، ولاحقوها في كافة الميادين إلى الأن .
ضرورة عمل دراسة دقيقة لإعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية منذ المدونة الأولى وإلى القانون الذي صدَّره الإسلامويون عام 1991 . وتلك بعض مما يتعيّن أن يحملنّه ويحمله رائدات و رُوّاد التنوير، بهدف تنقيح المظالم التي تسكُن بطن القوانين جميعها ، رغم تداعي هيكل الوطن ، اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً .

عبدالله الشقليني
20 أغسطس 2017

Post: #40
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 08-31-2017, 05:10 PM
Parent: #39

زهير السراج
مناظير الاحد 20 اغسطس، 2017

[email protected]



* فى كثير من الأحيان يجد المرء تعليقات متناثرة هنا وهناك على كتابات، تصلح مقالات قائمة بذاتها، وأعترف بأن بعض هواياتى التى اجد فيها متعة لا تقاوم هى متابعة التعليقات على كتاباتى او كتابات غيرى فى المواقع الإلكترونية المختلفة ومنها موقع صحيفتنا (الجريدة) بالفيس بوك، والتى أجد فيها الكثير الذى أتعلم منه، سواء التى تقدح أو تمدح، وكثيرا ما استقيت آرائى وأفكارى منها، وصححت معلوماتى الخاطئة أو حتى أخطائى الإملائية أو المطبعية بناءً عليها، فلست إلا بشرا يخطئ ويصيب، وكثيرا جدا ما أخطئ ويصححنى البعض سواء بالمراسلة المباشرة أو التعليق، فلهم منى كل الشكر والاحترام والتقدير و(رحم الله إمرأً أهدى إلىَ عيوبى) كما قال الخليفة الراشد (عمر بن الخطاب) رضى الله عنه!!

* كغيرى من بقية أفراد الشعب السودانى العظيم، تأثرت كثيرا بوفاة الانسانة العظيمة والمناضلة الجسورة (فاطمة أحمد إبراهيم)، وبما أننى درجت على التعبير عن رأيى أو (حتى حزنى أو فرحى) بالكتابة، فلقد كتبت مقالا مثل كثيرين غيرى، أعبِّر فيه عن مشاعرى الحزينة للفقد الجلل، وأتحدث عن بعض مواقف الانسانة العظيمة، ولقد كنت شاهد عيان على أحدها، وهى المظاهرة الصاخبة التى كانت هى الوحيدة التى شاركت فيها بإحدى محطات الوقود إحتجاجا على فشل الرئيس نميرى وحكومته فى توفير الوقود، وظلت تهتف وحدها ضد نميرى وسلطته الى ان حضر رجال الأمن والشرطة وألقوا القبض عليها بينما فر الجميع، وكنتُ أحدهم!!

* كما تحدثتُ عن واقعة شهيرة لها لم أشهدها ولكنها معروفة للجميع، وهى المظاهرة التى قامت بها فى مطار الخرطوم على أيام الرئيس جعفر نميرى بسبب منعها من السفر للخارج، فألقى عليها القبض وأقتيدت لإحدى محاكم (العدالة الناجزة) سيئة السمعة، لمحاكمتها بتهمة التظاهر والاخلال بالأمن العام والسلامة، ففضل القاضى، بسبب جرأتها وقوة حجتها ومواصلتها فى الهتاف الصارخ ضد نميرى، إطلاق سراحها بدلا عن إدانتها، متهمِاً إياها بالجنون !!

* وأعترف أننى إرتكبت خطأين فى ذلك المقال الذى كتبته بصيغة (المخاطب) كحديث موجه الى الراحلة العظيمة، وكان تحت عنوان (إلى عروسة السودان)، متحدثا عن ذينك الموقفين وسيرتها الذاتية الناصعة .. الخطأ الأول هو إضافتى لحرف (الياء) بعد تاء التأنيث فى بعض الكلمات مثل (كنتى) بدلا عن (كنتِ) وهو بالطبع خطأ يجب أن اعترف به وأعتذر عنه، ولا بد أننى بالفعل قد تأثرت باللهجة الدراجة التى استخدمها فى الكتابة على (الواتساب) ــ كما قال أحد معلقى الراكوبة ــ والتى كثيرا ما أضيف فيها حرف (الياء) بدلا عن (الكسرة) لـ(تاء) المخاطب، إذا كانت على الطرف الآخر إمرأة، وأعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود، وأشكر كثيرا من من إنتقدنى عليه ونبهنى إليه !!

* الخطأ الثانى، هو أننى ذكرت أن القاضى الذى وقفت أمامه الاستاذة (فاطمة) هو المكاشفى طه الكباشى، بينما كان هو (فؤاد الأمين عبدالرحمن).. وكان واجبا علىَّ ألا أعتمد على الذاكرة (التى خربت) فى الحديث عن الواقعة التى مر عليها وقت طويل، وأن أتأكد منها قبل النشر، خاصةً أنه لم يعد من الممكن إرتكاب أخطاء بسيطة مثل هذه مع التطور التكنلوجى الهائل وسهولة العثور على المعلومات والتأكد من صحتها فى الزمن الذى نعيشه، وذلك بمجرد لمسة بسيطة على لوحة المفاتيح، وأشكر كذلك من إنتقدنى علي هذا الخطأ وصححه لى!!

* شكرى وتقديرى واحترامى لكل من يتابعنى ويقرأ جهدى المتواضع جدا الذى ينقصه الكثير من الحذق والإتقان وسلامة الرأى، والشكر أجزله لمن يُعقب ويُعلِّق ويثنى أو ينتقد، والشكر للمواقع التى تتيح لنا بذل آرائنا فى الهواء الطلق، والتعلم والاستمتاع بأراء الكثيرين، والشكر والحمدلله من قبل ومن بعد .. ورحم الله الانسانة والمعلمة والرائدة والمناضلة (فاطمة أحمد إبراهيم)، التى لا تزال تعطينا الدروس وتعلمنا وهى فى دنيا غير الدنيا التى نعيش فيها!!

-----------------------------
وتحدثت فاطمة ..
بقلم: شوقي بدري


نشر بتاريخ: 31 آب/أغسطس 2017


في سنة 1980 كان موتمر المرأة في كوبنهاجن . واتت فاطمة رحمة الله عليها . وتسارع اليها الكثير من الوفود وكانت نجم الحفل . وتحلق حولها الصحفيات والصحفيون . واذكر انني قد كلفت بالحصول على بعص الصور التي التقطها لها الصحفيون . وفاطمة بالرغم من رقتها وقلبها الابيض حادة وحاسمة في الامور الكبيرة ولا تجامل او تحابي . ولا تتجمل او تغفل الحقيقة . كان الصحفيون يشيرون لتوقعهم تعرضها للمضايقات اليومية في السودان وان ظروف ابنها احمد لا بد ان تكون صعبة.
وفاطمة كانت تقول بملئ الفم انها تجد المساعدات والاهتمام في كل مرفق في الدولة وان الكبار والصغار يتدافعون لخدمتها . ووضعها ووضع ابنها جيد ووضعهمالاقتصادي ممتاز. واعمام ابنها وخيلانه يوفرون لهم كل ما يحتاجون وكانت لفاطمة مكتبة في شارع الاربعين ناجحة . وان تلك هي اخلاق المجتمع السوداني . وكان الصحفيون يستغربون فهذا ما لم يعهدوه في الدول الاخرى.
في احد الايام حضر شخص مرسل من الشريف الهندي وزير مالية الديمقراطية الثانية بشنطة فلوس لفاطمة ورفضت استلامها. وسعي الاستاذ نقد لتبليغ الشريف برفض الفلوس حتى لا يستحوذ عليها المرسال .
وعندما اكثر المشتركات والصحفيات من ترديد مشكلة ختان النساء في السودان ، حتى حسمتهن بالقول .... ان التركيز وترديد هذه المشكلة غير معقول لأنه للمرأة في السودان مشاكل متعددة .... وانتن لا تعرفن سوى هذه المشكلة . المرأة في السودان تعاني من انعدام الماء والطعام والجهل ، المرض واجبارها على الزواج المبكر وبدون رغبتها . كما تجد المتعلمات التهميش وعدم تساوي الفرص والمرتبات في بعض الاحيان الخ
بعد المؤتمر اتت المرأة العظيمة لقضاء بعض ايام جميلة معنا في السويد . وكانت الدعوة والسكن عند الشيوعي الرائع ارصد حمد الملك رفيق محمد نقد في مدرسة حلفا الوسطى الرحمة للجميع . كان الدكتور احمد وقتها في حوالي العاشرة من عمره . وذهبنا الى مدينة الملاهي واعجب احمد ببساط الريح وهي لعبة جربتها مرة واحدة ولم اكررها لانها فظيعة . وسألت فاطمة كيف تحمل احمد بساط الريح فقالت .... خاف في الاول لكن مسكته علي شديد وقلت ليه انا امك وماسكاك ما بتجيك حاجة فاطمأن . لم اسأل فاطمة كيف تحملت هي تلك المرجيحة الفظيعة , كنت اعرف الجواب .
وكنا نتحلق حول فاطمة بالساعات الطوال
..... ونحن نستمع ونستمع . ونقهقه ضاحكين وتشاركنا فاطمة بضحكاتها المحتشمة . ونتمنى ان لا تنتهي الجلسة . ونعود في الغد وفاطمة تتحدث وتتحدث عن كل شي . من الاشياء التي علقت بذاكرتي هي ايام السجن . وبالرغم من سوء الوضع كان طريقة فاطمة في الحكي لطيفة وتدفع الانسان للضحك . فاطمة من الناس الذين يجيدون الحديث ويأسرون المستمع .
في مؤتمر المرأة المزور في سبعينات نظام نميري كان المؤتمر في فندق السودان على ما اذكر . وتحدثت الوفود عن عظمة مايو والانجازات التي تحصلت عليها المرأة بتنصيب وزيرة لاول مرة في السودان الخ .
وتمكنت فاطمة من التسرب للمنصة . وتحدثت عن اختفاء الديمقراطية . وتحدثت عن حقوق المرأة المهضومة في نظام شمولي باطش وان بعض النساء يعانين لأن الابن ، الزوج والاخ في سجون النظام بدون محاكمة او جراء محاكمة غير عادلة . وعددت فاطمة اخطاء النظام وهضمه لحقوق المرأة .
وجن جنون امن النظام . وتم اعتقال كل الشيوعيات والديمقراطيات . وكانت مجموعة من السيدات يقفن خارج قاعة الموتمر ويحملن لافتات بالعربية والانجليزية . وتم اعتقالهن . احدي السيدات كانت متقدمة في السن ولكنها اصرت على المشاركة لان ابنها معتقل . افهموها انه في حالة اعتقالها ان لا تدلي بأي تصريح . وان تقول فقط انها كانت في طريقها وقد طلبت منها احدى الفتيات ان تساعدها في حمل عصا اليافطة العريضة . وهي ليس لها صلة بالموضوع ولا تعرف القراءة الخ .
بعد الانتهاء في السجن . بدأت فاطمة والبقية في تكوين صورة عن كل المظاهرة وعمليات الاعتقال كاستراتيجية لتفادي اعتقال بعض المشتركات في المستقبل . وعند سوال ام المعتقل التي كانت لا تتبرع بأي كلمة ابدا ، عن طريقة اعتقالها وتصرف من اعتقلوها والملابسات الخ . نطقت اخيرا وقالت .... انا بس كنت مارة وبعدين ..... وكانت تردد نفس الكلام الذي حفظته قبل المظاهرة . ولم تستطع ان تغيرة حتى لفاطمة . وفاطمة تتحدث عن حرج البوليس عند اعتقالهن وقتها كان التجنيبد يحدث من اوساط البشر .
في السجن كان مدير السجن يقول انهن لا يشبهن السجن وانهن لم يقترفن ما يستحق السجن وهن من خيرة العوائل . وطلب من ضباط السجن توفير كل ما يحتجن اليه .وبعد ان احضر الضابط كرتونة مليئة بالشامبو والصابون والكريمات ومعجون الاسنان والفرش. وضع الكرتونة ضاحكا وقال . عشنا وشفنا الشامبو في سجون السودان .
وتحدثت فاطمة .... وبدلا عن الانشغال بمشاكلهن يتفرغن لمشاكل السجينات الاخريات . كانت بينهن فتاه صغيرة السن تتدفق الكلمات البذيئة من فمها كل الوقت . وكانت تتسلق السور الداخلي وتشتم الاعداء والاصدقاء . وبعد فترة صارت نظيفة الجسم والملبس والشعر المتمرد قد صار معقولا . الحنان والاهتمام قد جعلها لطيفة ومؤدبة .
احد السجانات قالت ضاحكة عندما احضرت الاغراض والتفريدة للمناضلات انها كادت ان تفقد وظيفتها الا ان الضابط اكتفي بالنظر متمحنا . بينما كانت تعمل بدأت بالترنم بالاغنية التي تعلمتها من المناضلات ..لوري الكومر جاني ... وكانت وقتها تردد في السجون والمعتقلات والقعدات . وكانت مثل الاغنية العظيمة للرجل الرائع فنان الشعب محجوب شريف ..... ده كله بكرة بينتهي وده كلو بكرة بينتهي زولا تريده وتشتهي تسأل منه تلاقي في لاهو غائب لا مختفي ... وده كلوا بكرة بينتهي . وكانت حملات التوعية والتهذيب وسط السجينات والسجانات . وشغلهن في تلك الظروف ايجاد الجواب.... لماذا يضحي الزميلات بحريتهن وهن في وضع يحلمن به السجينات والسجانات؟
لقد حول المناضلات فترة السجن الى تجربة غنيبة ولم يبدين اي نوع من الانكسار مما فوت الفرصة على النظام لكي يحس بأنه قد انتصر عليهن . وفي احد الامسيات اتى احد الضباط الكبار لكي يطلب من المناضلات الذهاب الى منازلهن . ولكنهن رفضن رفضا قاطعا . وللسجون لوائح ومراسم للدخول والافراج الخ وذهب الضابط المسكين وعاد لكي يستعطفهن للخروج من السجن . ولم يجد الاجابة وصار يقول ... انتو مجانين ماشفتا مسجون فكوهو رفض يطلع من السجن . انتو مجانين . وبعد تدخل من داخل السجن وخارج السجن وترجيات . قررن الخروج . والحقيقة ان النميري كان في طريقه لمؤتمر عالمي وتم تحذيره بأنه اذا لم يطلق سراح فاطة وبقية المناضلات فسيقابل بمظاهرات عارمة وانتقادات الخ . والحقيقة ان جعفر ود آمنة بالرغم من فتنة السلطة تبقيت عنده بعض سودانيته . وعندما كان يخطب في يوم من الايام تصادف ان فاطمه كانت موجودة في معتقل بالقرب من المكان فوضعت لها طاولة وواجهت النم من فوق السور باقسى الكلام . واكتفي جعفر بأن قال ... كلموا مرتضي يمسك اخته مني . ولم يعرف ان الوزير مرتضي احمد ابراهيم قد ترك السودان الى فينا مع زوجته الالمانبة منذ زمن. ومرتضي كان مثل اشقاءه عبسنجيا شرسا . وهو من انتزع عصا نميري التي غرسها على الطاولة وبدأ في الكلام بعنجهية وتفرعن. مرتضي طيب الله ثراه كان وزيرا للري وله كتاب اسمه الوزير المتمرد . لانه كان يواجه النميري بشراسة . وبعد صلح قصير قال جعفر لمرتضي انت دنقلاوي ابن كلب والرد كان انت دنقلاوي ابن ستين كلب. هذه الحادثة المعروفة اوردها مرتضى في كتابه الوزير المتمرد . رحم الله مرتضي كان عظيما قويا لايساوم .
خلاف البنات نفيسة والتومة كان لفاطمة شقيقها الرشيد اللذي شاركنى في الفصل في الاحفاد والهادي الاصغر. وهنالك شقيق اصغر من صلاح مات صغيرا . وكانوا جميعا منتظمين في حياتهم ويتمتعون بالادب ومجتهدين في دراستهم. متمكنون من تعاليم دينهم ويجودون القران فالخال احمد ابراهيم كان اماما في جامع مرفعين الفقرا وله حلقات لتجويد القرآن وتعليم الناس الفقه والتوحيد الخ ولقد اعلن الاعلامي الكبيروالاسلامي حسن عبد الوهاب من التلفزيون السوداني انه يدين للخال احمد ابراهيم بتعليمة في جامع مرفعين الفقرا في العباسية .... اذا اراد الانسان ان يرسم صورة للحشمة والاخلاق والاتزال فله في فاطمة ونساء الاتحاد النسائي والحزب الشيوعي قدوة. منهن ابنه الرنك الاستاذة فاطمة طالب وثريا الدرديري وسعاد ابراهيم احمد والدكتورة خالدة زاهر والدكتورة حاجة كاشف التي اصابت السفير البريطاني في الخرطوم بصدمة فبعد رجوعها من البعثة الدراسية في بريطانيا كتبت في الصحف عن التفسخ وابتذال المرأة في بريطانيا وضياع حقوقها. وسارعت السفارة في الرد على الموضوع . الدكتورة حاجة كاشف السودان كانت من اول النساء اللائي قدن السيارة في الخمسينات زمن مجلة القافلة وافتخار كل السودان بالاتحاد النسائي رمز عزة المرأة في زمن الشاعرحبيب مدثر والحان الكابلي وحنجرته في اغنية اي صوت زار بالامس خيالي .
عند اعادة طباعة كتاب حكاوي امدر الذي تب مقدمته الخال محجوب عثمان ن كان الاهداء لوالدتي امينة خليل ابتر ، فاطمة احمد ابراهيم والدكتورة خالدة زاهر
. التي كان اهل الاقاليم يسموها زهرة خالد . الرحمة للميتين والحيين اقول دائما ان عظماء السودان في المكان الاول هم نساءه ...فاطمة الدليل .
سعيد بولن كان من الاطفال الذين خلصهم البريطانيون من تجار الرقيق احدهم كان رجل الدولة عبدالله بياساما وهو من الفور اختطفه بني هلبة كما ورد في سيرته . ولقد اهدى منصور خالد سفره القيم لابراهيم بدري وعبد الله بياسلما والاستاذ محمود محمد طه . امام منزل الاستاذ فاطمة والاستاذ الاعلامي الكبير الاديب الشاعر والمغني المبارك ابراهيم الذي اعطي برنامج حقيبة الفن روحا، شاهدت فاطمة رجلا كبيرالسن في الخورفي الصباح ولم يتمالك قلبها الكبير الم مشاهدته بالرغم من عدد السابلة الكبير لم تتوقف الا المرأة العظيمة ذهبت له قائلة مالك يا ابوي..... اهلك وين ؟ فقال لها .... اهلي ناس ابراهيم بدري . فقالت له امينة خالتي . ونادت علي بعض الشباب من اولاد العباسية الذين يتسارعون لاي اشارة من فاطمة . وطلبت منهم ...... دخلوا لي ابوكم ده في العربية. وكان سعيد قد قضى حاجته في ثيابه لانه قد قضى كل الليل في في الخور بعد سقوطه . سعيد حمل اسم البريطاني بولين الذي كفله وعندما ترك بولين السودان في الثلاثينات سلمة لوالدي صار اسمه سعيد بدري وكان من سكان منزلنا لدرجة انه قال في احدى المرات لوالدتي عندما غضبت منه ..... البيت ده انتى جيتي لقيتيني فيه . سمعت قصة فاطمة وسعيد من والدتي وشقيقاتي عند حضورهم للسويد في 1979. سعيد قضي بعد ايام في المستشفى وعاش الى التسعينات بعد عمر مديد كان في شبابه يتمتع بقوة خيالية. اذكر في الجنوب وفي سنجا عبد الله يتغلب علي رجلين في جر الحبل له الرحمة . وعندما اشدت بشجاعة فاطمة وشكرتها علي اهتمامها بسعيد. لم تزد على ان قالت انت ما عارف في العباسية الناس كلها بتتشايل.
علي بضع خطواتنمسكننا ومسكن فاطمة كان فريق عمايا الذي ضم الكثير من العمايا منهم الشحاذ الكسيح المشهور في الجامع الكبير المعروف بيا فراج حق العشا يارب والذي حملناه لمقابر حمد النيل في الليل في 1963 له الرحمة.
الشيوعي م . م كان يمسك بكاس من الخمر وعندما انتقدته فاطمة في بعض الامور في حفل قال ما لا يقبله عاقل اخدي ليك كاس وعندما اخبرتني فاطمة وقالت انت يا شوقي بتعرف رجال العباسية لو الاحد بترتح لمن يشوفني بيقيف عديل. وهذه حقيقة . اردت الذهاب اليه في لندن ولكن امرني الخال محجوب عثمان بعدم التدخل لان الموضوع تحت النقاش . وانا كنت افكر فقط كعبسنجي .
وفي نهاية التسعينات كانت فاطمة في طريقها لمطار القاهرة وتأهب الكثير من النساء لملاقاتها في شكل شبه مظاهرة . واذكر الخال محجوب عثمان يحاول اثناء زوجة الزعيم التجاني الطيب وكريمته و واخريات من اقناعهم بالعكس وهن يرفضن. وكان قبلها قد انتشر الشريط الذي تنبأت فيه فاطمة بأن الصادق .... ما حيشمها تاني . وكان الصادق قد انضم للمعارضة , وهلل له البعض بعد تهتدون ورفض السيدات فكرة عدم الذهاب للمطار ففاطمة لا يمكن تجاهلها .
فاطمة نتاج العباسية حيث يعيش الاثرياء والفقراء في تواد وتراحم واحترام للجميع . ومن العباسية استمد الشاعر صلاح شقيق فاطمة حبهم للمسحوقين والبسطاء. وقصيدته الرائعة الحاجة التي تمثل نضال حجاج بيت الله الذين يحضرون من غرب افريقيا مشيا الى مكة وقصيدته عشرون دستة من البشر التي تعكس قتل 20 دستة من المزارعين بالاختناق في عنبر جودة 1956 . واكرمت العباسية فاطمة ففي ميدان الربيع كان زواج فاطمة و الشفيع وامتلا الميدان الكبير قبل بناء الاسوار بآلاف البشر , واتي لوري كامل كان يوزع الموز للجميبع . فاطمة كانت اعظم عبسنجية . فليس من الغريب ان قام العبسنجية وكل اهل السودان بطرد الحرامية.لقد كنا جميعا اسره كبيرة في السودان فاهل والدي واهل فاطمة والكثير من دناقلة امدرمان خاصة بيت المال حي السيد المحجوب اتوا من مشو .وعاشوا في حب ووئام ولم تنقطع اواصر الصداقة والرحم بسبب متعاعب الدنيا . والدة فاطمة كانت متزوجة من خالى رحمة الله عليه ورأس العائلة الدريري نقد طيب الله ثراه والدته التومة ابتر المشاوية وكانت والدتى تتذكر العرس الذي كان يستمر لاسابيع كالعادة في السودان . وكان الخالات زهرة وزينب نقد وهن في مرحلة الطفولة يختلفن كعادة الاطفال مع شقيقات العروس في عمرهن ويتخاصمن ويرسلن والدتي التي كانت صغيرة جدا لكي تطلب من بنات الناظر ان يذهبن لمنزلهن. وبعد خصام قصير تعود المياة لمجاريها . وكانت هذه الذكريات تجتر بعد عشرات السنين . وبالرغم من ان الزواج لم يستمر طويلا لم تتاثر علاقة العم محمد الفضل بصديقه وقريبه الدرديري. ولقد تزوج الدكتور والشيوعي العظيم فيصل فضل بالدكتورة آمال الدرديري وهي شقيقة الدكتورة المشهورة سيدة الدرديري وثريا الدرديري ووابنة خال المناضلة فريدة عبد الرحمن طراوة. سيدة الدرديري زوجة الدكتور الفريق احمد عبد العزيز . هؤلاد كن ملئ السمع والبصر.
من الاشياء المؤلمة ان النميري في بعض الاحيان قد وصف فاطمة واهلها باليهود. وهو ادري بهم من الجميع الخالات كن يتكلمن دائما عن جعفر كود آمن. وكان يقصد التقليل من شأنهم واذكر انني قد كتبت موضا تحت عنوان فاطمة واهلهاليسوا من اليهود وكنت اقول ان وصف الانسان باليهودي لا يعني التقليل من قيمته . ولكن الكثيرون قد التقطوا هذا الكلام ورددوه بطريقة مؤلمة مع الكثير من الترهات . احدهم مرتضي عبد الحليم حامد الوهابي ومن شلة الاستاذة الشيوعية ثريا الشيخ هنا في السويد الذي ردد لي ان الشعب السوداني يرفض الشيوعيين وخاصة فاطمة لانها بذيئة وتسب الدين للناس في بري .ويدي لم تمتد له ابدا بعدها. ولكن الشيوعية ثريا الشيخ نصبته رئيسا للجالية في فترة .
احد رجال الجوازات في مطار الخرطوم قال للاستاذة محاسن عبد العال ابنة خالة فاطمة.... انتي مش من ناس اسرائيل؟ وكان الرد قصدك اسرائيل البلد ولا الاسرة ؟ فقال كله واحد . وعندما استخدمت محاسن يدها اليسرى في الكتابة قال مستخفا دي يسارية حتى النخاع . محاسن تزوجت الاقتصادي عمر بوب والذي صار عديلا لشقيقه المهندس عمر بوب. سكن في الغرفة 13 وسكنت انا في الغرفة 12 في براغ الرحمة للحيين والميتين . كانوا من اروع البشر. آل اسرائيل العيني من اصول يهودية ولقد اسلم بعض اليهود وحسن اسلامهم ومنهم اسرة منديل التي قدمت الكثير للسودان والعم ابراهيم اسرائيل كان صديق ورفيق والدي في كلية غردون وكان سكرتيرا لنادي الخريجين في امدرمان وسكنوا في ما عرف بحارة اليهود في امدرمان بالقرب من المجلس البلدي . وسكن بنات الناظر في جوارهم ومنزلنا الحالي على مرمى حجر. وتزوج العم محمد الفضل الذي صار المدير العام للسكك الحديدية من السيدة وردة اسرائيل العيني . ومن اصهار اسرة اسرائيل جيراننا المؤرخ محمد عبد الرحيم والد الاستاذ بدري الدين وجد هاشم بدر الدين محمد عبد الرحيم. ولا يزال الدكتور منصور اسحق اسرائيل يسكن في منزل الاسرة.
آلمني جدا مشاهدة فاطمة لقاتل الشفيع ومعذبه ابو القاسم محمد ابراهيم تحت نفس قبة البرلمان وتالمت فاطمة لدرجة انها كانت على وشك ان تصفعه .. وتألمت اكثر لان فاطمة قد جلست في ذلك البرلمان وهذا من غلطات الحزب الكثيرة . كانت تربطني كثير من الصداقات التي اعتز بها مع اولاد الهاشماب منهم اخي الشيخ... ابو القاسم اسماعيل والدكتور والرجل الانسان احمد عز الدين ابو القاسم وبهاء الدين محمد احمد الكمالي واحمد حاج الامين وعمر الطيب وآ خرين . لكن لم يحث ان وضعت قدمي في نادي الهاشماب العريق الذي لعب له كبس الجبة وصديق منزول . السبب ان ابو القاسم لم يكن منذ صغرة يجد الاحترام وفي سنة 1961 عاد ابو القاسم من الجنوب وقام بطرد كل اولاد العباسية الذين سجلهم النادي لرفعه من الدرجة الخامسة ووصفهم بالعبيد فليس من الغريب ان قام بتعذين ما وصف على عكسه بالرجل العظيم وليس من الغريب ان يعتدي على الضابط محمد نور سعد محمدين وهو مقيد .
هذا على عكس فاطمة ، شقيقاتها واشقاءها ووالديها واهلها الذين لم يعرفوا ما هي التفرقة . ويفتحون قلوبهم للجميع كعادة العسنجية واغلب اهل السودان .
وانا في شقة الخال محجوب عثمان طيب الله ثراه وجدت الاخ جلال اسماعيل وهو رجل اعمال في بور سودان وسمعت عنه كل جميل وتحدث عنه شقيقي الشنقيطي الذي عرف كرم جلال المشهور في بورسودان وسمعت عنه كمناضل وشخص جيد وفرحت بلقياه. واقترحت اقامة حفل على شرفه وطلبت منه اختيار يوم للحفل. قرر هو الاربعاء . فوكلت شخص بشراء الخروف والاتفاق مع فنانة الخ واختصرت رحلتي لابي ظبي ليومين وعدت للحفل سعيدا ووقتها كان الرائع محجوب شريف في القاهرة كاول رحلة له خارج السودان الا انه اعتذر لانه قد حضر بدعوة الدكتور محمود صالح عثمان صالح بخصوص تسجيل الشريط تبتبات والنفاخ ومركز عبد الكريم ميرغني وسيتقيد بالبرنامج. ولم يحضر جلال. وعندما اتصلت به مستفسرا عن سبب تخلفه كان الغريب . ماجيت لانه ما عاوز اجي . وغضبت اكثر لان هذه اساءة اكبر للخال المناضل محجوب عثمان .
في احدي زياراتي للندن اصريت علي الاخ الشاعر عبد الله محمد زين شاعر الاغنية امدرمان وبابكر ابراهيم قاسم مخير للذهاب لفاطمة . وبعد التحية مباشرة قالت لي فاطمة يا شوقي في زول عاوز يجي يعتذر ليك واذا انت ما رضيان علي كيفك. فقلت لها فليحضر جلال ولكن انا في حضرتك لا احتاج لاعتذار وكل شعور غير جميل قد اختفي ولن اقبل باي توضيح يكفي انني وجلال في بيتك . حضر جلال واحسيت في حضرة فاطمة ان قلبي قد غسل وسعدنا بمساء جميل في حضرة فاطمة. ففي حضرة القديسين تغسل القلوب .

[email protected]

Post: #41
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 09-05-2017, 05:35 PM
Parent: #40

الشاعر
بهاء الدين سنهورى

فاطمة الدغرية
09-04-2017 10:29 PM

فاطمة الدغرية ملحمة يقرؤها وطني
للأجيال نضالاً وحضوراً
يكسر من مد طلاقته
كم متاهات النسيان
تلك امرأة ضد الإحباط وضد الأحزان
وضد الوجع الساكن فى عمق الإنسان
تخرج من قلب مرايا الطين لتنشر في دمنا زخات الفجر القادم دون ضجيج وإستيذان
تخرج من أزمنة التاريخ المنسية
من عمق وميض الماضي
من مجد فاح شموخاً
مد الغابات ومد الصحراء واهرامات البجراوية
فاطمة الدغرية
ظلت كالنيلين تفيض يفيض الوعي
فتهوي أنظمة القمع الدكتاتورية
ماركعت للظالم يوماً وانكسرت
في لحظة قهر جبرية
لا تبكيها يا وطني
فاطمة القمراء النورية
هي شمس فوق الاشماس
وبدر يتمشى بين الامساء القمرية
تذهل من خطوته الدنيا
يرتد بصيراً من فقد الرؤيا
للفجر القادم يسحق اعصر هرجلة
الكاكي الهمجية
ودلغت أحدث عنها اطفال الشارع
والحزن الطالع
من أعينهم في ذاك اليوم الفاجع
ما رحلت عنا
رغم ضجيج الألم الشاسع
كانت وتظل تحممنا
بأريج المجد الساطع
تدخلنا من بوابات الحلم
النوري تعلمنا
قيم الصدق القاطع
وتعلمنا
كيف ندك ظلام الأمر الواقع
تلك الدغرية
مازالت ترقبكم عن عشق
يا أطفال
تنثال بريقاً عبر الأجيال
تمتد اليكم القا
ممشوق الفكرة والآمال
لتفتل قبحا خيم فينا
منذ أن صار الحزن جبال
تلك الدغرية
ما رحلت عنا
ولن ترحل ابدا
هي أعلى
من قامات الموت جميعا
أسمى من كل غياب
ستجيء محملة بالبشرى
ووميص الفجر المترف بالشهداء
وبالاحباب
في ذاك اليوم
يتوعدنا الطاغوت فلا نهتم
سنسقط رايات الهم
وحقب ملاى بالدم
ويغني النيل طويلا
ويضوع اللحن نبيلا
ينساب جبالا وسهولا
فيصير القهر قتيلا
********

Post: #42
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 09-09-2017, 05:56 PM
Parent: #41

طه احمد ابوالقاسم
رحلت ست البيت .. وست البرلمان
09-09-2017 02:51 PM




الاخبار العاجلة ..على شاشات التلفزة .. حملت الينا الرحيل المر .. الاستاذة فاطمة أحمد ابراهيم ..يوم شكرك يافاطمة ما يجي .. هذة العبارة الحتمية كانت تؤرقني و تؤلمنى
كتبت يوما الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم... كانت سمحة .. ومازالت في كل شيء .. في الاخلاق والآداب .. والتعامل.. يكفى انها من الرائدات فى حقل الصحافة .. واكبر انجاز حققته الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم ..هو دخولها قبة البرلمان ..واى برلمان .. ؟؟ كتف.. بكتف .. مع المحجوب القامة .. والازهرى .. والترابى .. وابوسن .. منتخب من رجال السياسة يمثلون جيل الاستقلال .. ومخاض ميلاد الدولة السودانية المستقلة ..
هذة الخطوة او القفزة .. لم يكتب عنها الكتاب كثيرا .. أو اعلامنا .. أين فرشاة طلبة كلية الفنون .. وهى تسحب ثوبها الى الامام لتغطي رأسها .. اين الكاميرات والاسمارات موبايل .. ولماذا لم يستدعى عمر الجزلي .. أسماء فى حياتنا .. ليخرج لنا مقاطع من مقابلته مع الراحلة .. ماذا يفيد تحنيط الشخصيات ؟؟ .. أين المخرجين ؟؟ أين المهنية والأحترافية ؟؟ . هكذا نحن .لا نجيد صناعة التاريخ .. أو كتابته .. لا نعرف من شخصيات حي العباسية غير زيدان وعمر الشاعر وبادي .. هناك ايضا الكثير من الكنوز .. ال الصلحي وال ياجي ..وال صديق منزول ورجال القانون عبدالمجيد امام .. وفاروق أبوعيسي .. و الدرة المصون .. فاطمة أحمد ابراهيم أيضا من سكان هذا الحى العريق نسأل . . لماذا لا تكون فاطمة فى طوابع البريد .. ؟؟ ومدخل البرلمان او فى مقرارات الدراسة الجامعية .. ويصمم لها موقع فى الشبكة العنكبوتية .. مازلنا فى محطة مهيرة بت عبود .. وبنونة المك نمر ..
..كان لديها احساس عالى بالآخرين قاله الدمع المنهمر من مقلتيها عندما رأت أطفال الشوارع الضعاف .. هذا احساس المرأة الأمدرمانية .. عندما تقول ( وآى يا ناسي ) .. وليس فى نظرية البلوتاريا .. الرئيس الروسي برجنيف عندما زار السودان شاهد مأتما فى الحصاحيصا .. والمشاركة بصواني الاكل .. الدهشة تملكته قال : أنتم سبقتونا فى الاشتراكية وهذا ما نصبو الية ..... نحن ايضا لدينا كتاب فاطمة .. ليس تشيعا .. لكن تنزيل قيم الدين ذكرتنا السائل والمحروم .. سبقتنا بالايمان ..
لابد من الاهتمام بسيرة هذه السيدة فاطمة ... حيث اصبحت رمزاً ورقماً لنضال ..وتمثل مرحلة مهمة فى تاريخنا شقت طرقا وعرة .. وثابرت وصابرت...تذكرت فاطمة أحمد إبراهيم ..عندما كنت في مقاعد الدراسة اولي متوسط ... وكيف هتفت بنات المرحلة الثانوية بكمبوني عطبرة ( عاشت فاطمة النائبة الحرة ) كانت بينهم د.سلمي محمد سليمان .. شهيدة النيل ..
فى ذلك المساء زارت فاطمة أحمد إبراهيم دار الختمية بعطبرة .. وكانت محط إعجاب الجميع .. بمن فيهم جدتي ..الحاجة آمنة نوري وتقول .. انها بنت طيبة .. ومرشدة .. وسمحة بثوبها الابيض ومسايرها..وأدبها الجم .." مازلت احتفظ بتلك الاحداث فى قاع ذاكرتي " ..
حافظت الاستاذة على مظهرها البسيط ولم تترك الثوب السوداني .. والاكمام الطويلة .. وصلواتها .. حدثنا شقيقها صلاح أحمد ابراهيم .. صاحب الروح العبقرية .. عندما زارته فى باريس .. بعد السلام .. طلبت سجادة الصلاة .. قال لها مواظبة على صلواتك ..؟؟ ردت : نسيت يا صلاح اننى ابنة أحمد ابراهيم ؟؟ ..
هكذا كانت .. الاستاذة فاطمة أحمد أبراهيم .. صبرت على المكارة .. وفقد الاقربين .. وجرح الرفاق .. ولكن لم تفقد يوما حب الشعب السوداني .. كانت بكل حب تطيب خاطر الجميع .... قدم لها الضابط الكبير التحية العسكرية .. ايضا حضرت الى برلمان الانقاذ .. ضمها البشير .. فقلدته .. دراما السياسة .. استحقت لقب ست البيت .. وست البرلمان .. ست القول والرأي .. وأم الفقراء ..
بالأمس .. ودعنا الاستاذة فاطمة بعيون دامعة .. وقلب منكسر .. عدنا الى رشدنا .. واستغفرنا .. تأملنا ابتسامتها وهى تلوح لنا .. تقول لنا كل شىء بقضاء .. نترحم على فقيدة الامة .. ونسأل الله أن يتقبلها القبول الحسن .. ويلهم أهلها الصبر والسلوان ..


Post: #43
Title: Re: فاطمة احمد ابراهيم -- فى الخالدين رحمها ال�
Author: الكيك
Date: 09-27-2017, 04:22 PM
Parent: #42

تحت شعار فاطمة السمحة أم الكل ، السودانيون بالدمام يؤبنون فاطمة احمد ابراهيم
September 26, 2017
(حريات)
نظم الملتقى الاجتماعي الثقافي في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية حفل تأبين للأستاذة فاطمة احمد ابراهيم بمدينة الدمام بتاريخ 22،9،2017 م والذي صادف اليوم الاربعين لرحيلها المر .
الإفتتاح :
انصت الحضور لايات من الذكر الحكيم تلاها المهندس بشرى سعيد وقف بعدها الحضور دقيقة حدادآ على الراحلة ثم ردد الجميع مع كورال الاطفال السلام الوطني السوداني إجلالا للوطن وروح الفقيدة .
المهرجان الخطابي :
الدكتور نور الجليل رئيس اللجنة التنفيذية للملتقى ونيابة عن اللجنة القومية للتأبين قدم كلمة رصينة حيا فيها الحضور .. القى الضوء على انشطة الملتقى السابقة وعدد مآثر الفقيدة واختتمها بطلبه من الحضور رفع الاكف مؤمنين على دعائه لها بالرحمة ولاعداء الانسانية بالجحيم وبئيس المصير .
اعقبه في الحديث عضو اللجنة القومية للتأبين الاستاذ موسى الطاهر متناولآ الظروف التي ساهمت في تكوين شخصية الراحلة ملونا مشاركته بإبيات من الشعر .
مولانا الاستاذ مروان عثمان عبد الرحيم تناول في مداخلته التمايز بين الحركة النسائية السودانية عن نظيراتها العربية والافريقية .
في مداخلته التي اتخذت من ( فاطمة بت احمد بت السودان ) عنوانا لها حيا المهندس بشرى سعيد الحضور ودعا للراحلة بالرحمة بعد ان عدد مآثرها وعبر عن امتنانه لدعوة اللجنة القومية له للحديث رغم اختلافه الفكري مع الراحلة .
اقتراح :
الاستاذ صديق هاشم رئيس لجنة تسيير الجالية السابقة قدم مقترحا بأن يتبنى الملتقى مشروع الراحلة عن اطفال الشوارع ولاقت مداخلته استحسانا من كل الحضور .
مشاركات نسائية :
استمع الحضور ايضا الى مشاركة عبر الهاتف من الدكتورة احسان فقيري بوصفها احدى القياديات بالاتحاد النسائي السوداني وزاملت الفقيدة كما انها كانت احدى النساء الناشطات في العمل العام بالمنطقة الشرقية في سنوات اقامتها بالمملكة .
قدمت الدكتورة سامية عوض كلمة بوصفها رئيسة رابطة المرأة السودانية بالمنطقة الشرقية ومستشارة مجموعة السلام الرياضية الثقافية .
اعقبتها في الحديث الاستاذة رجاء مصطفى في كلمة ضافية عن الراحلة واختيارها لليسار السوداني كملاذ ومنصة لخدمة قضايا المراة السودانية .
فيلم تسجيلي :
عقب المهرجان الخطابي شاهد الحضور فيلما تسجيليآ من مونتاج الملتقى وباداء صوتي مميز من عضو الملتقى الاستاذ عبد الله السفاح .
تكريم :
كرمت اللجنة القومية باهداء درع تذكاري اسرة الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم ممثلة في الاساتذة محمد المعز وعلي محمد أحمد الذي قدم كلمة ضافية مؤثرة ومعبرة عن الفقيدة واسرتها موضحا ان اهل القطينة عندما ارادوا وضع حجر الاساس لمسجدهم بحثوا عن شخص يتمتع بالفضائل لم يزني او يشرب الخمر فكان والد فاطمة هو ذاك الرجل كما تعرض لرموز القطينة ممثلة في الراحل محمد ابراهيم نقد وانه كان يحضر للمسجد لصلاة الفجر قبل الاذان . تفاعل الحضور بالتصفيق الحار مع كلمة الاستاذ علي الذي غالبته دموعه حبا في فاطمة وحزنا على رحيلها .
معرض للكتاب السوداني
احتوى برنامج التأبين معرضا قيمآ للكتاب السوداني برعاية الاساتذة الجنيد واسامة شريف مندوبان مكتبة عم سيف وقد اقتنى بعض الحضور عددا من الكتب .
اجمل الاطفال قادمون ساعة فساعة :
برعاية كريمة من الفنانة التشكيلية امال حمودي والاستاذ محمد حسن نظم الملتقى ورشة رسم وتلوين للاطفال .كما قدمت الاستاذة ايضا لوحة تشكيلية رائعة الجمال للراحلة لاقت إستحسان الحضور .
برعاية كريمة من الاستاذ الطاهر رئيس رابطة خريجين الجامعات الهندية بالمنطقة الشرقية صدح كورال اطفال عصافير الشرقية بعملين رائعين تفاعل معهما الحاضرين .
قام الإعلامي عثمان سلطان بتغطية الحفل إعلاميآ فنال الشكر والإستحسان من الجميع .
اختتم التابين باغنيات وطنيه صدح بها الفنان الأنيق عبد المنعم القضارف والذي يتعاون دوما مع الملتقى في فعالياته المختلفه
مراثي فاطمة :
وفر الملتقى للحاضرين كتيبآ عن المراثي التي خطها الكتاب السودانيين في الفقيدة
ودمتم
محمد صلاح مختار
عن الملتقى الإجتماعي الثقافي