هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فاطمة؟!

هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فاطمة؟!


08-12-2017, 10:37 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1502573835&rn=6


Post: #1
Title: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فاطمة؟!
Author: فضيلي جماع
Date: 08-12-2017, 10:37 PM
Parent: #0

09:37 PM August, 12 2017

سودانيز اون لاين
فضيلي جماع-لندن/مسقط
مكتبتى
رابط مختصر


هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فاطمة؟!

لماذا يعاندنا الحرف في وداعك يا نخلة سامقة على ضفاف نيل بلادي؟ ولماذا تعطينا الكتابة ظهرها إذ نتشبث بها لنبكيك مع الملايين من محبيك؟ مذ شق نعيك علينا صباح اليوم السبت، وأنا أحاول أن أصرخ ملء فمي عبر الكلمات. فقد حدثونا أن الكتابة أصدق ما تكون عندما نحب، وأنبل ما تكون عندما يفجعنا الموت في من نحب. لكن الحروف أعطتني قفاها وأنا أحاول رثاءك أيتها الشامخة مثل شجرة التبلدي في سهول كردفان.
أذكر الليلة بعض المحاط ، في المنفى الذي جمعنا حين ضاقت مليون ميل مربع أن تتسع لك وللملايين من بني بجدتك – أنت يا من حملت المليون ميل مربع في نبضك وطوفت بها قارات العالم السبع. محطات حفظتها الذاكرة. استعيدها زكية كلما جاء الكلام عن المرأة الرمز – أيقونة النضال – عنك يا فاطمة احمد ابراهيم.
خاطرة أولى: سوق آلبيرتون للخضر والفواكه شمال غرب لندن:
ذات يوم من بواكير فصل الصيف..والصيف جميل بدفئه وشمسه الساطعة في هذه البلاد الباردة، والممطرة طيلة أيام السنة. اذكر أنه عطلة نهاية الأسبوع ، حيث التسوق وزيارة الأصدقاء وحضور المناسبات أهم البرامج. قصدنا سوق آلبيرتون للخضر والفواكه - زوجتي وأنا وأطفالنا الثلاثة. سوق شعبي الملامح، وأكثر رفقاً بجيوب المساكين من مخازن ضخمة في الأحياء الفخمة تبيعك كل شيء وتسرق منك كل شيء! في آلبيرتون تباع الخضر والفواكه الطازجة. هنا يتسوق الفقراء – وبعض من تواضعوا لله من الأغنياء! وإذ نحن في طرف من أطراف السوق، يلفت نظرنا الثوب السوداني الذي لا يغباني ولا يغبى زوجتى. ثوب سوداني تشق صاحبته زحمة المتسوقين والمتسوقات من خليط الأمم واللغات وهي تحمل أغراضها. عرفتها ، فمن غيرها يؤم مواقع (الغلابا) والمساكين ويبتاع أغراضه بكل راحة بال. كانت فاطنة السمحة تقدل بثوبها السوداني الأنيق بين الأمم ، رسولاً لثقافة بلادها وعظمة شعبها. رفعت رأسها من بعيد –أظنّ أنّ الثوب السوداني من الطرف الآخر للسوق قد شد أنتباهها. لمحتني أبتسم ، ونحن نسعى صوبها. وبابتسامتها الساطعة الجميلة، هرعت إلينا ، حتى لتكاد تسقط أغراضها. عانقت زوجتي ، وطبعت قبلة على خد كل من الأطفال الثلاثة، ثم قالت وهي تضحك: ود حلال ..أمبارح كنا في سيرتك! أبديت لها إعجابي بتمسكها دائماً بالثوب السوداني - عنوان هويتها – أينما كانت! أسعدها امتداحي فيما يبدو ، حيث حكت لي كيف أنها في آخر زيارة تضامن لها لإخوتنا واخواتنا الجنوبيين في معسكرات اللجوء ببلد أفريقي شقيق، كانت السيدات الجنوبيات قد ذكرن لها حاجتهن للثوب السوداني الذي يميزهن عن سواهن. قالت – والحماس على قسمات وجهها: عشان كدة هسي بنجمع لبناتنا ديل في تياب ..ونرسلها ليهن! لم نكن ندري أننا – هي وأنا وكل الحالمين بوطنٍ حدادي ومدادي – كتب علينا أن نعيش فاجعة زمن المنفى والشتات وإعلان حرب داحس والغبراء علينا جميعاً وأغتصاب حرائرنا وجلدهن في عرض الطريق وتمزيق الوطن في وضح النهار أي ممزق! لم نكن ندري – هي وأنا والملايين من أبناء وبنات وطننا – أن الوطن وابتسامات أطفاله وأحلى أهازيج العشق في قراه ومدنه قد أشعل فيها النازيون الجدد ناراً .
أكثر ما لفت انتباهي في ذاك اللقاء احتفاؤها بأطفالي الثلاثة: البنت والولدين. كانت تسأل كلاً منهم من
إسمه على حدة. ولا أنسى كيف أنها داعبت شيراز -أكبرهم- وقد كانت في العاشرة. أوصتها ألا تنسى بلادها الأصل. شيراز –اليوم يا فاطمة السمحة ، محامية في أحد المكاتب القانونية بلندن- وتفتقدك يا نصيرة المرأة. شق عليها الخبر صباح اليوم مثلما شق نعيك على الملايين من أبناء وبنات وطنك من كل الأجيال.
خاطرة ثانية: محطة إيجوير لقطار الأنفاق بقلب لندن:
أخرج ذات يوم شتائي بارد من قطار الأنفاق في إيجوير بقلب لندن لقضاء بعض الأغراض. مرة أخرى وأنا على الرصيف ، أرى فاطمة احمد ابراهيم – وقد غلبها ثقل سنوات العمر والغربة والحرقة على الوطن. أسرعت إليها . ناديتها من على البعد: أستاذة ! رفعت رأسها لتراني. حاولت أن تحث الخطى تجاهي. كان بادياً عليها الإعياء. الثوب السوداني الأنيق وقد غطى بعضاً منه معطف من الجلد ليقيها برداً ليس أكثر قسوة منه إلا وطن يطرد أمثالها. عانقتني ، والدمع يسيل من عينيها بغزارة. لن أنسى كلماتها التي عادت تطرق ذاكرتي اليوم وأنا أهيء نفسي لأبكيها بهذه السطور البائسة. قالت لي وكأنها ترجوني الحل:
- ما عايزة أموت هنا يا فضيلي يا ولدي! عايزة أموت في بلدي. في السودان وفي ام درمان!
كان ذلك قبل اكثر من عشر سنوات. حاولت أن أزجر الدموع التي اغرورقت بها عيناي. كنت أحاول أن أتمثل دور الرجل السوداني – الحائط القوي لبنات العم في وقت الشدة! وهل كان بوسعي؟

هل خانك الوطن يا فاطمة؟ أم هنت علينا أنت وحرائرنا لتعودي إلى وطنك في كفن ؟ هل هانت علينا أنفسنا لنذكر محاسنك اليوم – نحن الذين من بؤس ثقافتنا نقول لأخيارنا عبارتنا الخائبة: الله لا جاب يوم شكرك!

اللهم إرحم فاطمة احمد ابراهيم. جاءتك نقية عفيفة اليد في زمن قطعان اللصوص والزناة في بلادنا. اللهم تقبلها عندك قبولا حسناً ، فليس أحنّ وأكثر رأفة بها منك يا رؤوف يا كريم.


فضيلي جماع
لندن - عشية السبت
12 اغسطس 2017

Post: #2
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: معاوية عبيد الصائم
Date: 08-12-2017, 10:42 PM
Parent: #1

ي جروف التعب وطين الغلابة جاتك فاطنة اركزى
تعازينا استاذى فضيلى

Post: #3
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: muntasir
Date: 08-12-2017, 10:46 PM
Parent: #2

رحم الله أم أحمد فهي من طينة بشر لم يبق منهم كُثر

Post: #4
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: طه جعفر
Date: 08-12-2017, 11:33 PM
Parent: #3


وداعا ستنا الجميلة فاطمة احمد ابراهيم
و شكراً جزيلاً يا استاذ فضيلي
علي جمائلك الكثيرة
و شكراً علي هذه الوقفة العظيمة في رحيل أم الناس البسطاء
و القائدة النسوية العظيمة


Post: #5
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: elhilayla
Date: 08-12-2017, 11:41 PM
Parent: #1

الأستاذ الفاضل فضيلي جماع
وترجلت فاطنة بعد رحلة عمر تكتب بماء الذهب وتعلق في كل جدران منازل السودان
فاطنة أستاذة الأجيال ومعلمة الوطنية الحقة في القرن المنصرم والحاضر وربما قروناً قادمات
فاطنة تستحق حروفك الوضيئة أيها النطاسي وضمير أمة السودان
-الذي ما انفك تتهاوى قاماته السوامق كل عشية وضحاها
من لم يبك فاطنة من حنايا أضلعه فليتحسس إنسانيته
____
الحليلة

Post: #6
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: احمد حمودى
Date: 08-13-2017, 07:44 AM
Parent: #5

لها الرحمة والمغفرة وصادق العزاء لكم وللشعب السودانى العظيم

Post: #7
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: Hussein Mussa
Date: 08-13-2017, 10:20 AM

Quote: ما عايزة أموت هنا يا فضيلي يا ولدي! عايزة أموت في بلدي. في السودان وفي ام درمان!

Post: #8
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: Hatim Alhwary
Date: 08-13-2017, 10:31 AM
Parent: #7

عندما يخون الوطن نفسه
يصبح مثل قطة مسعورة تاكل جرائها واحدا تلو الاخر
انها النهايات

بالامس شاهدت العظيم حمدي بدرالدين بعيون ذاهلة تقول كل شئ وبصمت وبألم.

الوطن الذي يخون رموزه بناته وابنائه انما يخون نفسه

Post: #9
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: مني عمسيب
Date: 08-13-2017, 10:40 AM
Parent: #8



ما عايزة أموت هنا يا فضيلي يا ولدي! عايزة أموت في بلدي. في السودان وفي ام درمان!

رحمك الله وجعل قبرك من نور وروضة
من رياض الجنة .. وانا لفراقك لمحزونون .


مشكور استاذي الفاضل .. جماع .

ولكم اصدق التعازي وللوطن الحبيب .

Post: #10
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: Aamer Hussin
Date: 08-13-2017, 11:14 AM
Parent: #9

رحم الله فاطمة احمد ابراهيم
الرمز الخالد فى سماوات السودان والبصيرة النافذة
فى سماء القارة الافريقية والرؤية المتقدمة بالاف السنين الضوئية
عن محيطها هى ايقونة التقدم فى قضايا المراة فى سماء السودان
ستظل ذكراها ملهمة للاجيال القادمة

انا لله وانا اليه راجعون


عامر

Post: #11
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: عبدالمنعم الطيب حسن
Date: 08-13-2017, 11:29 AM
Parent: #10

البركة فيكم
فضيلي جماع؛
....................
ايّام حزينة على الشعب؛
تذكرني ايام وفاة
الاستاذ مصطفى سيد احمد؛
وأيام
استشهاد العظيم
جون قرنق؛

Post: #12
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: Hamid Elsawi
Date: 08-14-2017, 02:17 AM
Parent: #11

لك العزاء و لكل الجالية السودانية في بريطانيا
العزاء للصديق د. احمد الشفيع و اسرته

العزاء للشعب السوداني قاطبة فالفقد هو فقد الجميع

و شكراً لك استاذنا فضيلي علي حروفك الانيقة

------

Post: #13
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: اخلاص عبدالرحمن المشرف
Date: 08-14-2017, 02:56 AM
Parent: #12

ليت جثمان فاطمة يطوف البراري (بري ) حيث دائرتها الانتخابية
ليت نعشها يطوف بالديار حيث مشت هي ورفيقاتها
ليتها تمر بالمدارس يا مدارس يا مأذن يا دواوين يا مسارح
مسارح الهواء الطلق
مسارح المدارس
حيث مر الفاضل سعيد
حيث وردي عزف البروفات في مدارس بري المحس معاه علي ميرغني وود مسمار
لو تكلمت الجدار ،لو تحركت الجدار أدن لسمعتم الهتاف
عاش كفاح المرأة السودانية
عاش الاتحاد النسائي
في بري لها عزوة واصهار واحباب واهل
تذكرها محطة البنزين بالبراري حين وقفت فيها رافضة التهميش
وهتفت لن ترتاح يا سفاح وهتفت ضد العسكر
لا أظن ان بقعة في الوطن بعد منزلها تشتاق ل (شوفتها ) ووداعها مثل بري



Post: #14
Title: Re: هل خانَكِ الوطن أمْ هُنْتِ علينا يا فا
Author: محمدين محمد اسحق
Date: 08-14-2017, 06:20 PM
Parent: #13



استاذنا الكبير فضيلي جماع ..لك التحية والتقدير
Quote: اللهم إرحم فاطمة احمد ابراهيم. جاءتك نقية عفيفة اليد في زمن قطعان اللصوص والزناة في بلادنا.
اللهم تقبلها عندك قبولا حسناً ، فليس أحنّ وأكثر رأفة بها منك يا رؤوف يا كريم.


آمين يا رب .. فاطمة فقد كبير للسودان .. انسانة سبقت عصرها وزمانها

..واصبحت ايقونة النضال والنساء الثائرات في بلادي.. لها الرحمة والمغفرة ..