النّهرُ المسمُومُ

النّهرُ المسمُومُ


08-07-2017, 12:54 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1502106869&rn=0


Post: #1
Title: النّهرُ المسمُومُ
Author: بله محمد الفاضل
Date: 08-07-2017, 12:54 PM

11:54 AM August, 07 2017

سودانيز اون لاين
بله محمد الفاضل-جدة
مكتبتى
رابط مختصر


...............

1
لم أجدّ الشّارِعَ
رغم أنّهُ كانَ يتبخترُ أمامَ قدمِي
مُنذُ دهرٍ ونيف
أاِبتلعتْهُ أزِقّتُهُ أم تُوارَى في صوتِ تحطُّمِ العالمِ؟

2
لا يجدُرُ بِي أن أُخفِقَ
سأغرِسُ بيتاً في الشّارِعِ، هذا كُلُّ ما فِي الأمرِ!
وسيكبُرُ البيتُ، يصِيرُ مدرسةً وحدِيقةً ومسِجداً ومُستشفىً ودارَ أيتامٍ وكنِيسةً وحانةْ...
سيصِيرُ قاتِلاً لِلحربِ والخرابِ
لن يدعَ أيِّ لوثةٍ تحُطُّ على شارِبٍ أو نهدٍ
يطلُبُ دائماً رُسُومَهُ المُحدّدةَ في صكِّ السّكنِ بِهِ وهي
أن تكُونَ إنسانٍ فحسب
تأكُلُ وتشربُ وتُصلِّي وتنكحُ وتضحكُ...الخ كيفما ومتى شِئتُ
سيكُونُ البيتُ الوحِيدُ بِامتِدادِ هذا الشّارِعِ/الكُونُ
ولا حلّ إِزاءَ ذلك إلا أن تقتُلَ الوحشَ فِيكَ.

3
لا حاجةَ بِكَ لِلتّودُّدِ الزّائِفِ
كُنْ حقِيقياً
وسينهلُونَ من نهرِكَ المسمُومِ.

4
لم أقعْ على وجهِي حين تعثّرتُ
هرعَ ظهرِي من زقاقٍ في الخيالِ
أو الظّلامِ، لا أدرِي
ونابَ عن وجهِي
ولا أدري لم يدّخِرُ ظهرِي وجهِي!!
أيُريدُ أن يحُلَّ محلّهُ، وهو المكشُوفُ لِلخناجِرِ منذُ أن جئتَ قبلَ التّارِيخِ لِهذا الكوكبِ المُزري؟
لا، لستُ أدرِي
فلما سقطتُ، ذهبتِ الخناجِرُ حتى مقابِضِهَا، لكِنّي ما مُتُّ
الموتُ الحقُّ لما تنتزِعُ الأيّامُ وجهِي، لمّا ينشغِلُ ظهرِي بِالخناجِرِ حقّا فيسقُطُ وجهِي.

5
سقطتُ في الكمِينِ
وآن وقتُ قطفَ قلبِي، كي يصِيرَ شارِعاً
أو حدِيقةً مُعلّقةً
ولِرُبّمَا بابُ بيتِ أُسرةٌ كبِيرةٌ
في قرِيةٍ نائِيةٍ.
سقطتُ، وما من يدٍ تطيرُ من جسدٍ
فتمسكُ بِقلبِي المُمعِنِ في السُّقُوطِ، أو تعرِفَ محلَّ يدِي فتجُرُ هذا الخرابَ المُكنّى بِالجسدِ
لا ولن يعرِفَ لِعينِي من سبيلٍ
فيمنحانَ من حانٍ نظرةَ إِشفاقٍ، ذرّةَ أملٍ..
ما الذي فعلتَهُ؟
كُنتُ واقِفاً أنظُرُ من النّافِذةِ
فتعطّلَ اللّيلُ، تبخّرَ النّهارُ، أنهارَ نهرٌ وبكَى الشّجرُ.

6
اِتِّجاهاتُ السّاقِ
*****
لِتظهرَ كدمةٌ على القلبِ
وبِأخِرِ سطرٍ في كِتابِهِ النّابِضِ
لِتلوحَ لوحةٌ غرِيبةٌ لِسطحِ الأرضِ.
نسِيرُ عكسَ الاِتِّجاهاتِ المُوغِلةِ في التّستُّرِ على ما وراءَ غمامِهَا
إلى اللّيلِ في يدِ الاِبتِداءِ
إلى الشّهقةِ الرّابِضةِ بِزهرِ الحنِينِ.
كُنتُ في عراءِ الوِجدانَ
والشّفقِ
أُرتِّبُ لِضمِّ ساقٍ بِساقٍ
في الاِنحِناءِ لطويِّ ما بُعثرتَهُ الرُّوحُ الحافِيةُ
كُنتُ في الحافّةِ
أمدُ يدِي إلى قلبِ العتمةِ
أمدُ
أمدُ
أمدُ
حتى اِنتزعتُ الوترَ المسرُوقَ
غنّينَا إِذنْ
حتى ظهرتْ كدمةُ العينِ
رأيتُ الرُّوحَ تنزِعُ مزالِقُهَا
واللّيلُ ماضٍ في ليلِهِ
وتساقطتِ الأوراقُ.

7
أنتَ تُحكِمَ قِناعَكَ
والحدِيقةُ في سهُوِهَا
سمحتَ لِلطّيرِ
أن يُنقُرَ رُؤوسَ أشجارِهَا
أنتَ اِنتبذتَ قصِيًّا
أيُّهَا المساءَ الحلمُ
لما جاعتْ أخِيلتِي
واِنكسرَ ظِلُّ الشّارِعِ.

8
آتوُنَ من فِجاجٍ شتّى
لِيُضرِمُوا في الشّارِعِ
أنسُ العابِرِينَ
فيُسدِّدُوا مهرَ هذا التّيهَ.

9
كأنّ المُوسِيقى
في تدفُّقِهَا المُطرِّدُ
فارِدةٌ لِلقُلُوبِ أجنِحتُهَا
وتشُكُّ الجسدَ بِالرّعشاتِ.

10
أيُّ عُزلةٍ
لم يرُشّهَا عبِيرُكِ
لا يُعوِّلُ عليهَا.

11
ثم اِختزلتَ قلقَكَ المُمزّقُ
في قلقٍ
كان كفَّ طائِرٌ حزِينٌ
وجِناحُ ناسِكٍ في أُتونِ رُوحِهِ
تشجّرَ الشّفقُ.

12
حتى ظننتُ أنها تُحادِثُنِي
وكان الإِصغاءَ ماضٍ بِي
نحو اِبتِساماتٍ مُترعةٍ
لكنها هتفتْ في القلبِ
أنا نبضُكَ أيُّهَا المُضنَى
ويدِي
يدِي التي رشحتْ
من توتُّرِهَا أزرقَهَا
تغضّنتْ
فأضحيتُ بِلا مأوىً.

13
ومن سُوءِ إِصغائِي لِلغيمِ
نزفتُ ضحِكِي بِأورِدةِ الشَّارِعِ
وصِرتُ إلى لوحةٍ يتذكّرُهَا
ميّتٌ واحِدٌ فحسب.

14
ليسَ في المحبّةِ عدلُ..

15
الحَزنُ
ـــــــــ
أغصانٌ رطِبةٌ
كلما دغدغتْ رُوحَكَ
عبّأتكَ بِأدمُعٍ سخِينةٍ..

16
الفقدُ
ـــــــــ
شجرةٌ جفتْ بِقلبِكَ
هكذا يُزهِرُ اﻷصدِقاءُ فِينَا
حتى تحُزْ العادِيّاتُ الجُذُورَ

17
عودةُ الاِبتِسامِ
إلى الطيب برير يوسف...
ـــــــــــــــــــــــــ
الأصابِعُ مُرتعِشةً
تشُقُّ الهواءَ العلِيلِ بِلا صوتٍ
الرّوحُ خامِدةً في فورانِها
القلبُ نبضُهُ عوِيلٌ والمساءِ مُشرع.
لا صباحٌ يدلِفُ
فيمتدُّ لِحلقِيّ الحِيادُ
أو لِفورانِيّ الهُتافُ
أو لِقلبِيّ الهدِيلُ
فالجُوعُ يرتع..
ولّما فتحتَ بِصوتِكَ
-نهاراً-
كُلَّ خُروقِ الفقدِ
نظرتَ لِلقَنادِيلِ
فإذا بِي أنُطُّ أوسع.

18
أركُضُ
يتعبُنِي اليسارُ
كأني الاِتِّجاهاتُ السّبعُ
وما من مقامٍ ينزِلُ
لِيأخُذَنِي إِليهِ.
7/8/2016