عبد الله محمد خير الشاعر الإنسان، زَيْنٌ على طريقتِهِ

11:11 AM July, 01 2017

سودانيز اون لاين
حسين أحمد حسين-UK
مكتبتى
رابط مختصر

عبد الله محمد خير الشاعر الإنسان، زَيْنٌ على طريقتِهِ

مدخل أول:

يسألنى سائلٌ بلسانِ حالِهِ: لماذا لم تكتبْ عن الشاعر عبد الله محمد خير؟ فقلتُ ولمّا أستفيقُ من حُزنى عليه، وأرجو أنَّى قَدِ استَفَقْتُ الآن.

ولا يفوتنى هنا أن أترحم على شقيقته فاطمة "بت عبدون كما يحلو لنا مناداتها بحى البساتين بمنحنى النيل" التى رحلت عنا فى الأسبوع الأول من رمضان الذى انقضى الآن، ونسأل اللهَ لها الرحمة والمغفرة وأن يُنزلها اللهُ الفردوس الأعلى. فهى بلا منازع أكرم إمرأة فى منحنى النيل، و"أُرْكاقَة" بشاشة وبِشْر لا أعرف لها ضريباً. وقد ذكرتها فى مرثيةٍ لها بقولى فى أحد الأبيات:

بت عبدون أساس الجود،
واضيعة ضيوف الهجعة من بعدك إذا نزلوا بِعِزٍ طارفٍ وكنود. ...

يُتبع. ...

مدخل ثانى:

يحدِّثُنا الطيبُ الصالح رضى اللهُ عنه، أنْ إذا قُتِلَ الزينُ فى حوشٍ من الحيشان فذلك يعنى أنَّ ثمةَ جميلة فى الدار، ما أنْ يُشيرَ عليها الزين بعبارتِهِ "أنا مقتول فى حوش فلان"، لا تلبثُ تُكملُ ذلك العام، إلاَّ وقد تزوجتْ.

وذلك حال "شاعر الجمال" عبد الله محمد خير (رحمة الله عليه)، ما أن يَنظمَ قصيدةً فى حسناءَ من الحسناوات، بادياً إعجابَهُ بِها، إلاَّ وقد إنتخبها عريسٌ من العرسان فى عامها ذاك. وهكذا ظلَّ الرجلُ مُتنقِّلاً فى الهوى حتى ظنَّه البعضُ، غفرَ اللهُ لهم، أنَّه شاعرٌ غَيْرى، شاعرُ حسٍ والسلام.

غير أنَّ الرجلَ بالرغمِ من شعرِهِ ووصفِهِ الحِسىِّ للمرأة، والذى أزْعُمُ أنَّ له ضرورة هناك فى تلكم البيئة، إلاَّ أنَّه كان يقولُ لى: "لا تعجبنى فى المرأة إلاَّ الأشياء التى لا تُمْسَك بِيَد". ولعلَّه هنا يتحدث عن الصوت والروح ولغةِ الجسدِ ولغةِ العيونِ أكثر من غيرها.

زُرتُ معه معظمَ النِّساءِ اللاَّئى قال فيهِنَّ القريضَ، فكُنَّ يحتفينَ بنا احتفاءاً عظيماً، وكذلك أزواجُهُنّ. فالرجل يُحظى باحترامٍ منقطعِ النَّظير بين الرجالِ والنِّساءِ فى كلِّ قُرى مُنحنى النيل. ولو كان شاعرَ حسٍ كما يَزعُمُون، لما سمحوا له بدخولِ بيوتِهم، وهو المأذونُ بالدخولِ فى أىِّ وقتٍ وعلى أىِّ حال. فمن هو عبد الله محمد خير؟

يُتبع ...

متن:

هو إذاً، عبدُ اللهِ عبدُ اللهِ محمد خير. وتِكْرارُ هذه العبدلة، كما هو معلومٌ لدى القارئ الكريم، أنَّ شاعِرَنا قد ماتَ والدُهُ قبل ولادتِهِ، فنشأ الرجلُ فى يُتْم. عاش فى كنفِ عمِّهِ وابنِ عمِّهِ، وتحت ناظِرَىْ والِدَتِهِ زينب بِتْ الخَضِر، رحمةُ اللهِ عليهم أجمعين. ولعلَّ اليُتْمَ الباكرَ قد جعل شاعِرَنا فى حلٍ من الرقيب المُباشر منذ نعومةِ أظفاره. كما أنَّ سايكولوجية اليَتيم، مغفورةَ الذنبِ لكلِّ الجرائر، منحتْ شاعرَنا قدراً من الإستقلال بالرأى. فنشأ عبدُ اللهِ محمد خير مُعتدَّاً بِنفسِهِ، قَيوماً عليها، وأقلَّ أترابِهِ تعقيداً فى التركيبة النفسية، فعاش بين النَّاسِ فى سماحة.

وُلِدَ بقريةِ الكَكُر(وذلك لعمرى إسمُ قريته فى المَضابط الرسمية للدولة) الشهيرةِ بين الملأ فى قُرى منحنى النيل، بقريةِ الحِسيناب (وإنْ شئتَ فقل الحُسَيْنَاب) وقديماً اشتهرت بحى البساتين. كتب الشعرَ فى يفاعة، وتَغنَّى الفنان صديق أحمد التاجر بشعرِهِ، أوَّل ماتغنَّى، فى عام 1967. يُلقَّبُ هناك بالشاعر(ولاحقاً نُعِتَ بشاعر المنحنى)، ويُنادى بعبد الله عبدون، وقد ألحقَهُ رفيقُ عمرِهِ فى الشعر، إبنُ عمِّهِ الشاعر محمد عبد الباقى حسين المُلَقَّب (بالدرويش) بلقبِ النِّجيفى. والنجيفى إسمٌ تناديه به أُمُّهُ من قديم الزمان، ولكن صار يُعرَفُ بهِ خارج قريتِهِ بعد أن ناداهُ بهِ نظماً الدرويش فى القصيدة الخريدة التى تُلِيتْ يوم زواج الشاعر عبد الله محمد خير فى مساء يوم 7/7/1977م، والتى يقول فى بيتٍ منها (الكون لى النِّجيفى يَغنِّى رَصَّعْ مهرجانو حِسان).

وودتُ لو أشير إلى أنَّ سايكولوجية اليتيم جعلتْ شاعرَنا عبد الله محمد خير مديناً بالعِرفانِ والجميل لكلِّ الأَكوان التى من حوله، فكان الرفيقَ الهَيِّنَ اللَّيِّنَ الضَّاحِكَ السامرَ والودودَ مع الجميعِ، ورِدْفُ ذلك مع أهلِهِ وعشيرتِهِ وخاصَّتِهِ.

يُتبع ...

أستأذنكم فى كتابة حاشية قصيرة للإعتبار عن العشق والعشقين فى حضرة شيخ العاشقين عبد الله محمد خير، وهى قصة واقعية:

لشاعرنا النجيفى خال يُقال له محمد الخضر وهو شهير عندنا بود الخدر، وله صديق (هو صديق عمره) يُقال له محمد إدريس وهو شهير هناك بود ادريس.

ود الخدر تربال مُحقِّق، ما أن يضرب الأرضَ بمعولِهِ حتى تزدهى بالخضرة؛ فبيته ملئ بالفول والحنطة والذرة والبلح. وود ادريس تاجر وسر تجار، وتحوم حوله عيونُ آباء البنات. غير أنَّ الأعراف حمكت على كليهما أن يتزوج كلاهما من بنت عمه. وكانت زوجة ود الخدر إمرأة ذات حسنٍ صاعِق. إذا مرَّت بحقول البرسيم تبتسم لها زُهيراته البنفسجية ابتسامةً فصيحة، ويمتلئ المكان برائحة اللارنج الفواحة احتفاءاً بمقدمها البهىّ. أمَّا الجدول الضَّكر، فحالُهُ حال. وكانت تدخر كلَّ ما عندها من ملاحة وجمال لزوجها التربال قبل أن يوسوسَ فى إذنيها سرُّ التِجار ود ادريس فَيُغويها (يُطمِّحُها بدارجة منحنى النيل).

كان ود الخدر يُراقب ويُحسن الظن بكليهما؛ فلم يخطر ببالِهِ أنَّ بنتَ عمه ستخونه، أو أنَّ صديقَ عمرِهِ من الممكن أن يطعن ظهرَه، إلى أن طلبتْ منه بنت عمه الطلاق ففعل على التو. ولم تمر خمسةٌ من الشهور حتى تزوجها صاحبه ود ادريس. عاشت طليقته مع ود ادريس خمسة عشر عاماً، وأنجبت منه البين والبنات. وعاش ود الخدر ذات الأعوام من غير أن يتزوج من امرأةٍ أُخرى إلى أن مات.

وموضع الشاهد فى هذه الحاشية هو الحدث الذى سبق موته، إذ كان جدى لأمى (عبد اللهُ ود عمر) رحمه الله فى زيارته. وبينما هما يتبادلان أطراف الحديث، فإذا بالصائح (الكُبُدَّان بلغتنا النوبية قبل أن نستعرِب) ينعى ود ادريس: الحى الله والدائم الله، الحى الله والدائم الله، محمد ود ادريس راح فى حق الله، محمد ود ادريس راح فى حق الله.

نهض جدى واستأذن ود الخدر للذهاب للجبَّانة، فسأله ود الخدر: المات منو؟ فقال له جدى: المات ود ادريس. فقال له: ود ادريس منو؟ فقال له جدى: يعنى ما بتعرف ود ادريس! المات محمد ود ادريس الطمَّح منَّك مرتك. قال له ود الخدر: إنتَ متأكد إنو المات ود ادريس؟ فقال جدى: نعم. فقال ود الخدر لجدى: إذا كان الأمر كذلكا فانتظر موتى لتغسلنى؛ فأنا وود ادريس عندنا مقابلة اليوم أمام الحق عزَّ وجلَّ؛ ثمَّ تشهَّد ثلاثاً شهادةً بيِّنة: أشهدُ ألاَّ لا إله إلاَّ الله، واشهدُ أنَّ محمداً رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم اضطجع فمات.

نادى جدى على الأهل والعشيرة فغسلوه وحمولوه إلى الجبَّانة حيث كان ود ادريس مسجىً فى عنقريبه، فصلى عليهما خلقٌ كثير، ودُفنا إلى جوار بعضهما. والله أعلم كيف كانت تلك المقابلة أمام جلالة الملك الحكم العدل، ذى القوة المتين.

ولعل شاعرَنا قد ورِثَ من خاله العشقَ والنبلَ؛ والود خال. غير أنَّ خصوصية الفارق بين الخالِ وابن أُخته هى أنَّ الخالَ كتمَ عشقه، وابنُ الأختِ صدعَ بالعشقِ وشهَّد عليه الزمان.

يُتبع ...

فيديو نادر للشاعر عبد الله محمد خير

(يُتبع) ...

الأثر الإنسانى الأصغر للشاعر عبد اللهِ محمد خير:

للشاعر عبد الله محمد خير أخٌ أكبر وشقيقتان. أنجب أخوه بنتاً وولداً، ولكنَّه كان يعانى هو وإحدى شقيقتيه من مرض وِراثي، عقَّد حياتَهما جزئياً ثم تسبَّبَ فى وفاتهما، رحمهما الله. ولعلَّ اليُتمَ وهذا الواقع المعقَّدَ، اضطرَّ شاعرنا لترك الدراسة بالكتاتيب على تلك الأيام ليواجه هذا الظرف المحتوم.

لم يستنكف شاعرنا تحمل مسئوليته باكراً، وشمَّر لها، ولَزِمَهَا كما تَلْزَمُ المنايخُ أحْمالَها، وهو بعدُ غضُّ الإيهابِ، صَغيرُ البيتِ و"حِتالتُه". فالشاعر بين عشيةٍ وضحاها، تحولتْ عمومتُهُ إلى أبوة بعد وفاتِ أخيه، فصار يكفلُ يتيمين وأرملة. ولن أحدثكم عن كافل اليتيم وكافل الأرملة، فذلك ليس محل الشاهد فى هذه المداخلة عن شاعرنا النجيفى.

وكعادةِ الأهلين والعشائر فى كلِّ مكان، كثيراً ما يربط النَّاسُ بين بنتٍ وولدٍ فى الأسرة على أنَّهما صِنوانِ مُتوافقانِ، ويجب أن ينتهىَ الأمرُ بتزويجهما . وفى أحيانٍ كثيرةٍ، هما آخر من يعلم، وقد يعلمان الأمر خارج أُطرِهِ الرسمية، ولعلَّ فى الأمر أشواقٌ وعَشَم. ورويداً رويداً يكبر ذلك الإرتباط الحبائلىّ بين المَعْنِيَيْن ويتحول بتلك الإرادة العشائرية إلى عاطفة، تقوى وتضعف وِفقَ شروطها الذاتية والموضوعية (أعنى وفق مُحصلة الجدل).

لم يكن النِّجيفى بِدْعاً من كلِّ ذلك، فقد ارتبط اسمُهُ بِبِنْتِ عمِّهِ الأُخرى (ليستْ أرملة أخيه فهى أيضاً بِنْتُ عمه). وقد قال فيها قصائدَه النجيبات كأمثال: حبيبى عود سيب الصدود سيب الجفا (جزء من القصيدة أدناه)، وقصيدة: روِّح يالبريد شيل من قليبى سؤالو، وأُخريات.

حبيبي عود سيب الصدود سيب الجفا
حبيبي أصلو الحب عهود الــحب وفا
وينو الحبيب نور الـــــظلام ليه انطفا
مالـــــــو القمر من دارنا ياناس اختفا
عندك طبائع يا جميل مــــــــا أظرفا
مين يستطيع يحصر محاسنك يوصفا
رقه ورزانه وخفه غير متكلــــــــــفا
راسية ورزينة كمـــان رقيقة عواطفا
ياخي البريد جاب لـــي حقيقة مــشرفا
قال تومتي وصلت بالســـــلامة قضارفا
خلاني اطراها المساير الفوق قوامو مصفصفا
طير ياحــــــمام افرد جنـــــــاحيك رفرفا
شيل روحي فوق ارض القضارف طوفا

وهذه قصيدة البريد:

البريد

روح يالبريد شيل من قليبي سؤالو
روح للصعيد شوف الحبيب كيف حالو

***
روح بالله أسأل عنو .. عن أحوالو
واسألو شوفو مالو شمالنا شِن سوالو

***

خديري الفي الجريفات كنت بِندلاَّلو
مجيهو سيدو من الجيهي ماخلاَّلو
عطش ما شافو جراي منحدر شلاَّلو
هباب ما لوَّى نقَّر للجرس دلاَّلو

***

يالخرطوم تشيلي حبيبي مالك ومالو
هو أبانا ولا كتير علينا جمالو
يميل كل ما النسيم هزَّ الضفاير مالو
وصدرو تقيل تقيل يا الله يِتخمَّالو

***

يا ناس حوَّا ما ولدت غزال قبالو
ينساب ديسو فوق اكتافو ينكبالو
كل ما دقَّ بابو خطيب أبوهو أبالو
خلو يضرِّي ما دام النسيم هبالو

***

الناس قالو ليَّ وقالو ليَّ وقالو
قالو نساني قالوا أنا ذكري راح من بالو
خلو دموعي من بعد التجمُّل سالو
خلَّو قليبي خفَّ وانقطع تقالو

***

الذوق والأدب خل الخلوق ومشالو
أما جمالو اللهْ من الفراديس شالو
يا ناس ذنبي ايه أنا قلبي لو شاشالو
بس قولو لو مبروك العرف نشالو

***

زولي الراسي بي هجراني مين اوحالو
سابني مع الغرام خايض براي اوحالو
أسعدي يا ظروف في حلو في ترحالو
أصلي انا كل ما يغلط معاي بمحالو

يُتبع ...

الأثر الإنسانى الأصغر(مستمر):

بدأ القلب اليتيم وكأنَّه يريد مكافأة العالم على الحنو واللطف الذى وجده طِوال العمر. وانتهى الأمر بالشاعر إلى إعلان الزواج من بنت عمه الصغرى، ولكنَّه فى ذات الوقت إستأذنها فى أن يَبِرَّ عمَّهُ كافلَهُ ومربيَه، بأن يتزوج بنته - أرملة أخيه ولو بعد حين. هذا الأمر غير مقبول بلغة الجندر اليوم، ولكنَّه كان يشكلُ قمة الوفاء منذ أربعين عاماً أو أقل. وقد أدخلته الإسلاطُفيْليات الجديدة ضمن إطار الحلقات اللولبية لرأس المال، فصار مُقزِّزاً ومَقيتاً.

رفضتْ بنتُ العم الصغرى حتى مناقشة الفكرة، وقد تمَّ ذلك بكلِّ رحابة صدر، قائلةً أنَّها لا تستطيع أنْ تعيش مع امرأةٍ أُخرى وأذنتْ له الزواجَ من أرملة أخيه. وحُقَّ لها أنْ ترفض، فالفكرةُ خارج الإستثناءات فكرة شاذة. وعلى العموم، وحده النُّبْل القادر على تسجية ما حاكَ فى النَّفوس من مرارت، وقد كان الجوُّ نبيلاً للغاية.

تحوَّل المشهد بقدرةِ قادر من زواج امرأةٍ بِكْر، إلى زواجِ امرأةٍ ثيب، وأُعْلِنَ له أن يكون فى يوم 07/07/1977، وقد كان يوماً خالداً فى ذاكرة منحنى النيل بكلِّ ما تحملُ الكلمةُ من معنى. وقد تحولت قرية الشاعر، كلُّ القرية، إلى ديوانٍ عظيم يَعُجُّ بالضيوفِ والمعازيم من كلِّ بقاع السودان.

وفى شأن العروس؛ فوالله ما رأيتُ امرأةً فى حياتى وقد فَرِحتْ بزواجِها من رجل، مِقدارَ ما رأيتُ زوجة النِّجيفى فى ذلك اليوم. فقد كان وجْهُهَا يَنُزُّ بالإعزازِ للشاعر كوردةٍ جُبِلَتْ على الوضاءة. وهى المرةُ الأولى فى حياتى التى رأيتُ فيها عروساً فى وسطٍ مُحافظٍ تُزعردُ لعُرسِها وتبشِّر النَّاسَ بالعُقْبَالِ والفألِ الحَسَن.

يُتبع ...

حيا الله حسين

تداعي جميل وسرد ممتع لواحد من اهرامات الشعر.

بعد لقاء "الحسينابي" وسرده الجميل عن "عبدالله محمد خير " ..أرى أنك تقوم بإضافة نكهة خاصه تجبر القارئ على المتابعه


متابع في الصفوف الاماميه ومستمتع جدأ.

خالص تحياتي.

حيا الله حسين

تداعي جميل وسرد ممتع لواحد من اهرامات الشعر.

بعد لقاء "الحسينابي" وسرده الجميل عن "عبدالله محمد خير " ..أرى أنك تقوم بإضافة نكهة خاصه تجبر القارئ على المتابعه


متابع في الصفوف الاماميه ومستمتع جدأ.

خالص تحياتي.


الأستاذ الشيخ سيد أحمد تحياتى،

وشكراً على التقريظ والتشجيع، وأرجو أن أكون عند حسن الظن.

وليتنى عرفت قبل الآن عن كلام الحسينابى عن شاعرنا عبد الله محمد خير، لكنت تقاصرت عن إرفاد هذه المادة المتواضعة. فالحسينابى فوق أنَّه شاعر، فهو أفصح منى لساناً بحكم دراسة اللغة العربية والقانون معاً، بل هو أكثر دِربةً بحكم غوصه العميق فى التراث؛ وللهِ درَّه فهو بحكم أنَّه ابن عم الشاعر ومن قريته فهو يعرف عنه الكثير. وأرجو من سيادتكم إرفاد ما قاله الحسينابى عن الشاعر عبدالله محمد خير لتعميم الفائدة.

الود والإمتنان.

تحياتي حسين

الحسينابي إستعرض حياة "عبدالله محمد خير" تناول جوانب حياته الخاصه المجهوله من الكثيرين ...ولعل اواصر القربى هي ما مكنه من سرد العديد من الحقائق التي
كانت غائبه عن الكثيرين.

لكن ذلك لايمنع اننا متابعون لما تفضلت به على امل رفد البوست ببعض القصائد ..ياحبذا أذا إبتدرت ذلك ب "مالكن علي ليه يا نهيدات الجدي" اذا كانت بصوت "صديق احمد"
تكون اكملت اولى اللوحات.

دم بخير

شكرا يا حسين علي المقال
هذا باب من ابواب العرفان بل من الادب بل رد الجميل
التوثيق بصفة عامة شي جميل ومهم
فعندما يكون التوثيق لقامة مثل عبد الله فهو فعل قمة الذوق والفهم
....
كنت اري عبد الله من بعيد بالرياض
ورايته كثيرا يشتري الباسطة من محل بغبيرا
ثم رحل
فدعيت لحضور تأبينه
تحدث الناس كثيرا
وقالوا المقال الطيب
كان من بين المتحدثين اخي هاشم محمد سعيد ( همام) عضو البورد
تحدث هاشم طويلا عن عبد الله الذي زامله في لجنة طريق شريان الشمال
قال ان هذا الطريق برغم ان له لجنة عليا بالرياض لكن ما كان يمكن ان يتمدد لو لا عبد الله
ثم قال ان من اكبر مصائب عبد الله محبته للباسطة والحلويات برغم داء السكر
......
اخي.......... كان شاعرنا مغرم بالحلويات لدرجة الموت

رحم الله الشاعر عبد الله محمد خير

حيا الله اخونا وحبيبنا "علي الكرار"


كنت اري عبد الله من بعيد بالرياض
_______________________

معقوله يا "علي" من بعيد ليه ..مفروض كان تمشي وتحييه وربما جادت قريحته لك ببعض من الابيات التي تعينك على
الغربه ومرارتها.

كسرة:
ترى هل كان ليكون "عبدالله محمد خير" معروفا لولا صوت "صديق أحمد" أم أن "صديق أحمد" ماكان ليعرف لولا كلمات "عبدالله محمد خير"
هذه الثنائيه أعتقد انها مرتبطه إرتباط وثيق ومن الصعوبه بمكان ذكر أحدهما منفصل عن الآخر.
إلا أننا متابعين في هذا البوست سرد توثيقي للانيق "عبدالله محمد خير".

_________________________

قريب لو في العمر باقي:

قريب لو في العمر باقي
قريب تلقوني بيناتكم وسط خلاي وعشاقي
__ ___ __

اعود للدار وزي ماكنت يكتر فيها ساساقي
لافي مرور يقول لي اقيف ..ولا دورية بتلاقي
وبدل رديف هدوم الصوف كفاي سروال وعراقي
_______________________________
دي ضربة البدايه..انت تم الناقصه ههههههههههههههه

حسين ماتطول الغيبه ...أؤكد لك ان العديدين متابعين لهذا البوست.

تحياتي.

أستاذنا حسين وضيوفك الأفاضل... تحياتي وكل عام وأنتم بألف خير،

أسعدتنا حقاً بتلك الإضاءات – المستحقة – حول تلك السيرة الوضيئة لشاعرنا الراحل (ود حُمد خير) شيخ العاشقين.. وشكراً لك على إشراكنا في مطالعة هذا التداعي العذب.. متعك الله بالصحة والعافية وحفظك.
رحم الله الشاعر عبد الله محمد خير ورحم شقيقته (فاطمة) وأسكنهما فسيح الجنان..
----
واصل بالله عليك ..

Quote: بدأ القلب اليتيم وكأنَّه يريد مكافأة العالم على الحنو واللطف الذى وجده طِوال العمر. وانتهى الأمر بالشاعر إلى إعلان الزواج من بنت عمه الصغرى، ولكنَّه فى ذات الوقت إستأذنها فى أن يَبِرَّ عمَّهُ كافلَهُ ومربيَه، بأن يتزوج بنته - أرملة أخيه ولو بعد حين. هذا الأمر غير مقبول بلغة الجندر اليوم، ولكنَّه كان يشكلُ قمة الوفاء منذ أربعين عاماً أو أقل. وقد أدخلته الإسلاطُفيْليات الجديدة ضمن إطار الحلقات اللولبية لرأس المال، فصار مُقزِّزاً ومَقيتاً. رفضتْ بنتُ العم الصغرى حتى مناقشة الفكرة، وقد تمَّ ذلك بكلِّ رحابة صدر، قائلةً أنَّها لا تستطيع أنْ تعيش مع امرأةٍ أُخرى وأذنتْ له الزواجَ من أرملة أخيه. وحُقَّ لها أنْ ترفض، فالفكرةُ خارج الإستثناءات فكرة شاذة. وعلى العموم، وحده النُّبْل القادر على تسجية ما حاكَ فى النَّفوس من مرارت، وقد كان الجوُّ نبيلاً للغاية

Quote: فوالله ما رأيتُ امرأةً في حياتي وقد فَرِحتْ بزواجِها من رجل، مِقدارَ ما رأيتُ زوجة النِّجيفى فى ذلك اليوم. فقد كان وجْهُهَا يَنُزُّ بالإعزازِ للشاعر كوردةٍ جُبِلَتْ على الوضاءة. وهى المرةُ الأولى في حياتي التي رأيتُ فيها عروساً في وسطٍ مُحافظٍ تُزعردُ لعُرسِها وتبشِّر النَّاسَ بالعُقْبَالِ والفألِ الحَسَن.

Quote: نهض جدى واستأذن ود الخدر للذهاب للجبَّانة، فسأله ود الخدر: المات منو؟ فقال له جدى: المات ود ادريس. فقال له: ود ادريس منو؟ فقال له جدى: يعنى ما بتعرف ود ادريس! المات محمد ود ادريس الطمَّح منَّك مرتك. قال له ود الخدر: إنتَ متأكد إنو المات ود ادريس؟ فقال جدى: نعم. فقال ود الخدر لجدى: إذا كان الأمر كذلكا فانتظر موتى لتغسلنى؛ فأنا وود ادريس عندنا مقابلة اليوم أمام الحق عزَّ وجلَّ؛ ثمَّ تشهَّد ثلاثاً شهادةً بيِّنة: أشهدُ ألاَّ لا إله إلاَّ الله، واشهدُ أنَّ محمداً رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم اضطجع فمات. نادى جدى على الأهل والعشيرة فغسلوه وحمولوه إلى الجبَّانة حيث كان ود ادريس مسجىً فى عنقريبه، فصلى عليهما خلقٌ كثير، ودُفنا إلى جوار بعضهما. والله أعلم كيف كانت تلك المقابلة أمام جلالة الملك الحكم العدل، ذى القوة المتين.

أستاذنا حسين وضيوفك الأفاضل... تحياتي وكل عام وأنتم بألف خير،

أسعدتنا حقاً بتلك الإضاءات – المستحقة – حول تلك السيرة الوضيئة لشاعرنا الراحل (ود حُمد خير) شيخ العاشقين.. وشكراً لك على إشراكنا في مطالعة هذا التداعي العذب.. متعك الله بالصحة والعافية وحفظك.
رحم الله الشاعر عبد الله محمد خير ورحم شقيقته (فاطمة) وأسكنهما فسيح الجنان..
----
واصل بالله عليك ..

سيدنا وأستاذنا نصر الدين عثمان،
حياك الله وأغدق عليك نعمه الظاهرة والباطنة، وكل ثانية أنت ومن يليك بألف ألف خيرٍ وصحةٍ وعافيةٍ وحفظكم الله من كل سوء.

ويا عزيزى أنا أكثر سعادة أنَّك هنا لتقف وتصوب ما قد يجنح به منظار الشوف لهذا الإنسان المشاعِ محبةً فى قلوب كل الناس، وهو ليس حكراً لنا - نحن أهله. ولتكن هذه المشاركة محض إضاءة على جانب لم يعرفه بعض المهتمين بشأن شاعرنا عبد الله حمد خير حتى تتكامل الرؤى.

اللهم ارحم شاعرنا عبد الله محمد خير بالرحمة الواسعة وارحم من انتقل من أهله وذويه، وارحمنا إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه.

مع أكيد المعزة والأحترام.

شكرا يا حسين علي المقالهذا باب من ابواب العرفان بل من الادب بل رد الجميلالتوثيق بصفة عامة شي جميل ومهمفعندما يكون التوثيق لقامة مثل عبد الله فهو فعل قمة الذوق والفهم....كنت اري عبد الله من بعيد بالرياضورايته كثيرا يشتري الباسطة من محل بغبيرا ثم رحلفدعيت لحضور تأبينهتحدث الناس كثيراوقالوا المقال الطيبكان من بين المتحدثين اخي هاشم محمد سعيد ( همام) عضو البوردتحدث هاشم طويلا عن عبد الله الذي زامله في لجنة طريق شريان الشمالقال ان هذا الطريق برغم ان له لجنة عليا بالرياض لكن ما كان يمكن ان يتمدد لو لا عبد اللهثم قال ان من اكبر مصائب عبد الله محبته للباسطة والحلويات برغم داء السكر......اخي.......... كان شاعرنا مغرم بالحلويات لدرجة الموترحم الله الشاعر عبد الله محمد خير

سيدى على الكرار هاشم تحياتى،

أولاً، أشكرك على التشجيع والقراءة لهذا العمل على كثرةِ علاَّته.

ثانياً، نعم الشاعر حلوى، بل قبيل سفره للسعودية كان له دكان للباسطة فى ناحية من نواحى أُمدرمان. وتمتد هذه "الحلوية" وتتشعب فتطال أجمل الحلوين وأصحاب السماح الصاح؛ وذلك لعمرى سرسار إن تتبعناه لأوردنا لُجةً عظيمةً للشاعر إعتاد أن يغترف منها غُرفته.

ثالثاً، لقد جدَّ الرجل (وآخرون بالطبع) فى شأن شريان الشمال، ولكن لعدم معرفته ببواطن الأمور، فقد كان المعنيون بالأمر يتخذونه مطية لجلب العملات الصعبة لأغراض غير طريق الشمال، وما كان يذهب من تلك العملات للطريق كان قليلاً جداً والله المستعان. ولقد وقفنا على كل هذه الحيثيات بحكم العمل السابق بوزارة المالية، ونسأل الله اللطف لهذا الشعب الكريم الذى يعبر شريانه على حقول الموت من النفايات النووية والكميائية وغيرها.

رابعاً، أكرر شكرى لك وللعزيز همام، ومنكما نستلهم ونتنسم ذكريات الشاعر الذى انتقل دون أن ألتقيه لعقدين من الزمان.

مع خالص الود التقدير.

تحياتي حسين

الحسينابي إستعرض حياة "عبدالله محمد خير" تناول جوانب حياته الخاصه المجهوله من الكثيرين ...ولعل اواصر القربى هي ما مكنه من سرد العديد من الحقائق التي
كانت غائبه عن الكثيرين.

لكن ذلك لايمنع اننا متابعون لما تفضلت به على امل رفد البوست ببعض القصائد ..ياحبذا أذا إبتدرت ذلك ب "مالكن علي ليه يا نهيدات الجدي" اذا كانت بصوت "صديق احمد"
تكون اكملت اولى اللوحات.

دم بخير

مرحب بالعزيز الشيخ سيد أحمد،

لو تكرمت فقط سوف أترك "نهيدات الجدى" لوقت لاحق، أى لحين مناقشة ما يتفق عليه البعض من حسية الشاعر. وإن شئت أرفدتها الآن؛ فالقارئ شريك أصيل فى النص.

كل الإحترام.

الأثر الأصغر (مستمر):

كان لكلِّ فردٍ نصيباً مفروضاً من فرحِ تلك الليلة. أمَّا بِنتُ العروس، وهى يومئذٍ ناضجةُ الينع، فقد فَرِحَتْ فرحةَ أُمِّ العروس، ورقصتْ رقصةَ أُمِّ العروس، وتلك هى المرة الأُولى التى تبادلتْ فيها بِنتٌ مع أُمِّها تلك الأدوار. لِمَ لا، فقد كانت اللحظةُ استثنائيةً بالقدر الذى تُقلبُ فيه كلُّ الموازيين. أمَّا ولدُها إبنُ العشر سنوات، فقد خدم الضيوفَ حافىَ القدمينِ مَحْزومَ الوسط. وكان يُخالقُ النَّاس بالبِشْرِ والبشاشة، وبِغِبْطَةِ أبٍ زَفَّ وَحِيدَتَهُ إلى كريمِ خِصال.

لقد فَرِحَ الأقربون والأبعدون فى ذلك اليوم الفريد. وإذا كان اللهُ يخلُقُ من السرور الذى يُدخِلُهُ المرءُ فى قلبِ المرءِ، مَلَكَاً يسبحُ لِمُدْخِله إلى قيامِ الساعة، فكم من ملكٍ يسبحُ لك، أَيها النِّجيفى الشفيف، من يومها وإلى يومِ القيامة بإدخالِك تلك الفرحة العظيمة على أرملة أخيك وأبنائها.

إنَّ اليوم 7/7/1977م، هو عندى يوم النبل. وفيه لم ينسَ النجيفى الحائز على جائزة المنحى فى النبل والوفاء والتضحية، نظمَ قصيدَتِهِ العصماء (المكتوبة مابْتِتْفاتْ والمقسومة ياها الجاتْ)، شاكراً فيها جُمُوع الوافيدين التى أقبلتْ من كلِّ مكانٍ فى السودان، لا سيما الشعراء والفنَّانين الذين تزيَّنتْ بهم قرية الشاعر فى ذلك اليوم. ومن نبله، لم ينسَ شاعرُنا خطيبتَهُ الأولى، وقد أقسمَ بها إعزازاً إذْ يقول: (وحاتْ حِلَّتنا بى بيتْ بيتْ، وحَاتَكْ يا البراكَ أبيتْ).

إنَّ الأَوتار التى عُزِفَتْ فى تلك الليلة تكفى لإقامة شبكة عنكبوتية دائمة للفرح. فقد غرَّدَ الصادحون على ايقاعِ الدليب، والكِرِبْ، والجابودى، والرَّتوت. ولقد حول الشعراء قرية الشاعر إلى مِرْبَدٍ فذ، حيث قِيلَ شعرٌ كثير، من قِبَل شعراء قرية الشاعر، والشعراء الآخرين. ولكن قصيدة الدرويش، محمد عبد الباقى حسين، (اليوم سبعة واترصَّتْ تلاتْ سبعات، سلام تعظيم أبِشْرو وغنُّو يا الحِبان) تظل قصيدةَ الوفاء والنبل الأكثر ألَقاً وحُضُوراً فى ذاكرةِ قريةِ الشاعر. وقد ذكر ذلك الشاعر عبد الله محمد خير حيث قال: "كل الكسيق الذى وصلنى من الأحباب قد فَنَى إلاَّ كسيق الدرويش".

وأُهيب بالقارئ الكريم أنَّ إدخال السرور، على أهميته، هو أيضاً لم يكن موضع الشاهد الذى تستطرده المداخلة، وما هو منَّا بِبَعيد.

يُتبع ...

Quote: كان لكلِّ فردٍ نصيباً مفروضاً من فرحِ تلك الليلة. أمَّا بِنتُ العروس، وهى يومئذٍ ناضجةُ الينع، فقد فَرِحَتْ فرحةَ أُمِّ العروس، ورقصتْ رقصةَ أُمِّ العروس، وتلك هي المرة الأُولى التي تبادلتْ فيها بِنتٌ مع أُمِّها تلك الأدوار. لِمَ لا، فقد كانت اللحظةُ استثنائيةً بالقدر الذى تُقلبُ فيه كلُّ الموازيين. أمَّا ولدُها ابنُ العشر سنوات، فقد خدم الضيوفَ حافىي القدمينِ مَحْزومَ الوسط. وكان يُخالقُ النَّاس بالبِشْرِ والبشاشة، وبِغِبْطَةِ أبٍ زَفَّ وَحِيدَتَهُ إلى كريمِ خِصال.

يا لجمال الوصف........

كأنها هي - ذات الليلة - تلك التي شهدناها عبر مرآة حروفك المصقولة........... مودتي

يا لجمال الوصف........

كأنها هي - ذات الليلة - تلك التي شهدناها عبر مرآة حروفك المصقولة........... مودتي

لك شكرى من ثانِ عزيزى نصر الدين عثمان على القراءة والتشجيع، وما عدمناك يا رجل.

ممنونك.

المكتوبة

المكتوبة مابتفات والمقسومة ياها الجات

حبابكم عشرة يا أبواتنا والامات
حبابكم عشرة ياخالاتنا والعمات
حبابكم عشرة يالأخوان والأخوات
حبابكم وفى العيون دمعات
حبابكم والزمن واقف يحدق فينا بى نظرات
وتراكم شفتو كيف خلق الله من وين جات
وشفتو الدارة عامرى تملى بالضيفان وبالضيفات
عشان تدفن عذابك يا قلب وكتين عذابك مات
دا ما الفرح الفقدتو سنين، معاك الليلى قَيَّل وبات

وكت رقصت شِعِبْتَ الحاج وحُمَّد خير ضرب فى حوشو كم طلقات
وغنى كتاب أبوى سعيد ورتل لينا كم آيات
وهزو جدودنا فوق بنوتنا وكت اتعالن الصيحات

أبشرن يابنات حلتنا يالسمحات
أبشرن يامهيرات دهمش الجامحات
أبشرن واشْكِلَنْ فى الدارة بالصفحات
أبشرن وأسمعن نظماً روى الدرويش،
مآثر فى طبيعة عِزكن واضحات
وشوفن كيف حفيد الحاج
لعب بى ريشتو جسد لينا كم لوحات

وحاتكن يابنات بلدى، وحاتكم ياولاد بلدى
وجوهكم كُتَّ بفخر بيها يوم سعدى
ومنوا الغيرْكُم وقف يوم سبع’ كان سندى
قسم بى كل ما فى قلبى من تقديركم الأبدى

أنا البيكم بقيت عزيز ولى مكان
بقيت محسوب من الأعيان
بقيت فنان أهز الناس طرب وأسقيهم الالحان
وكل زويدى من واديكم الريان، عذاب وحنان

قسم بى كل ماحولى
بيوت اهلى نخيل اهلى
بى واطاتُن المزروعه والسهلى
وطيبة أخلاقن المعهودة والمهلى
يانى وليدم العرفونى من جهلى
(ودعبدون)، عزاى الفرحة بين اندادى والمِتْلى

وحات خلق الله يوم الحِنِّى بى زول زول
وحات شِيْخَتنا من العقبة للماتول
وحاتكم يا الوقفتوا معاى شباب وكهول
ووحات الغايب المجهول

قسم بى كلَِ ما عانيت
ضياع وودار عَنا وتشتيت
ووحات أشعارى بى بيت بيت
ووحاتك يا البراك أبيت

وحات كل اصدقاء عمرى
ووحات البى الغيوب يدرى
ووحات الفى الضلوع يسرى
معشعش فيها من بدرى

وحاتك يا أعز الناس
وحاتك يا عقيد الماس
وحاتك ياجميل الصورة والإحساس

وحاتك إنتَ ما اتلَوَّمْ
وانا ما بقدر على قولاً بعد باكر وسُط زملاىَ بيه انْزَمْ
وأنا رضيت كل التقيلة أشيلا وِاتلزَّمْ
رضيت أنا أشقى شان ارضى الأهل من جَمْ
رضيتَ أضحى شان كل الشمل يتلم
رضيت أنا أشقى شان اسعد بنات العَمْ
رضيت بالكان وكل الكان ومافى ندم
رضيت أكون ضمير انسان بِيَسْعَد ومرة يتألم
رضيتَ أسيب لسان الحال بكلِّ شجاعة يتكلَّمْ

يقول للدنيا كل الدنيا فى كلمات
المكتوبة مابتنفات والمقسومة ياها الجات

(بقليل من التصرف من مداخلة لبابكر محمد خير بالتوثيق الشامل).

الأثر الأصغر (مستمر):

من يقرأُ لكَ بفجاجةٍ وتسطيح، يَظُنُّ أنَّكَ حِسِّى. ومن يُمْعِنُ النَّظرَ فيما عِندك، يُدركُ عظمةَ وَعْيِكَ فى الحِسِّ والمعنى. وإذا كان لا يُعجِبُكَ فى المرأةِ ما يُمسكُ باليد، كيف نُفَسِّرُ غناءَكَ لمحسوسات الأُنثى، وفى ذات الوقت كيف نُفَسِّرُ زُهْدَكَ فى بكارةِ تلك المحسوسات، أنتَ الذى تغنَّى لها لِأَكثرَ من نصف قرن؟ لقد ذهبتَ وتركتنا لهذا السؤال الأَزلىّ، فآهِ من حشرجاتِ الرحيل، وآهِ مِنْ جدلِ الجَسَد.

يُتبع ...

الأثر الأصغر (مستمر):

نادرةٌ هى الحالات التى زُفَّ فيها بِكرٌ من الرِجال إلى ثيَّبٍ من النساء، أو بِكْرٌ من النساءِ إلى ثيَّبٍ من الرجال، فى مُنحنى النيل. وإنْ وُجِدتْ هذه الحالاتُ النّادِرَة، فهى تَتِم تحت مُسمَّى "زواج العِوَض"، وغالباً ما يمر هذا الحدث من غيرِ ضجيجٍ ولا فرح. فهوَ إذاً زواج خالى من "الأيُّووىْ" فى مُعظمِ حالاته، وطقوسُهُ جنائزية.

غير أنَّ زواج الشاعر عبد اللهِ محمد خير، يُمثلُ اللَّحظةَ الفارقة فى التعامل والتعاطى مع المرأةِ "فاقدةِ الزوج" فى منحنى النيل بأحدِ الآجال المعروفة: الموت، الطلاق، أو الإختفاء بسببِ الحروبِ والكروبِ، وما أكثرها فى زمن الطاعون المُخيِّمِ على البلد زُهاء الثلاثة عقود. فقد شكَّلَ ذلك الزواجُ زلزلةً حقيقيةً فى ثُنائيةِ البِكرِ/الثّيِّب، بل أفرغها من معناها تماماً وبالكلية. إذْ أنَّ زواج الشاعر من أرملةِ شقيقه لم تشهَدْهُ حتى أبكار منحنى النيل من قبل. فكانت تلك الزيجة ضربةَ لازبٍ على صرامةِ ما هُوَ سائد بشأن زواج المُطلّقات والأرامل، وحرَّرتْ هذا الموقف الإنسانى الرائع من كلِّ تلك الطقوس الجنائزية. إذْ غنَّى لتك الزيجةِ كلُّ من يعرف الغناء، وزغردتْ ورقصتْ كلُّ النَّساء، وامتلأتْ صدور الرجال بالإنشراحِ، وعاش النِّجيفى بينهم نبيلاً ومضى نبيلا.

ستظلُّ تذكرُكُ تلك الفئة من النساءِ، بل كلُّ النِّساء، بالخيرِ ما حَيِيْنَ، فى منحنى النيل، أنَّك حرَّرتَهُنَّ من ذلك الشبح المُخيف، إذْ بدأ يطلُبُهُنَّ الرجال. فهل تُعافُ المُطلّقةُ أو الأرملةُ لمجردِ إزالةِ خِتانٍ قبيحٍ ما كان، فى الأصلِ، ينبغى أن يكون؟ أىُّ فصلٍ وأىُّ عدلٍ هذا!

هذه ليستْ مزاعم ولا تُرُّهات، فالأمرُ بشواهده. لقد إنداح الأثر الطيب لتك الزيجة، خيراً ووئاماً على قريةِ الشاعر، بل على كلِّ قُرى منحنى النيل. فقد تزوجت أرملة أحد أبناء القرية، والذي أُغتيلَ غدراً وخسةً، بفرحٍ ويُسر، ويومئذٍ أبناؤها رجال. وتزوجتْ مكلومةٌ أُخرى بفرحٍ كبير، بعد أنْ ماتَ زوجُها من الظَّمأ فى تيهِ العتمور بين كريمة ودنقلا منتصف التسعينات من القرن الفائت، أسبلَ اللهُ عليهم المستدامَ من الرَّحمات، والقائمة تترى.

فما عادتِ المرأةُ فاقدةُ الزوجِ "فضلاً" يُعافُ فى منحنى النيل من بعدك أيها النبيلُ الكريمُ الخِصالِ، وطيبُ النَّشرِ والسِّيَر.

يُتبع ...

Quote: ستظلُّ تذكرُكُ تلك الفئة من النساءِ، بل كلُّ النِّساء، بالخيرِ ما حَيِيْنَ، فى منحنى النيل، أنَّك حرَّرتَهُنَّ من ذلك الشبح المُخيف، إذْ بدأ يطلُبُهُنَّ الرجال. فهل تُعافُ المُطلّقةُ أو الأرملةُ لمجردِ إزالةِ خِتانٍ قبيحٍ ما كان، فى الأصلِ، ينبغى أن يكون؟ أىُّ فصلٍ وأىُّ عدلٍ هذا! هذه ليستْ مزاعم ولا تُرُّهات، فالأمرُ بشواهده. لقد إنداح الأثر الطيب لتك الزيجة، خيراً ووئاماً على قريةِ الشاعر، بل على كلِّ قُرى منحنى النيل. فقد تزوجت أرملة أحد أبناء القرية، والذي أُغتيلَ غدراً وخسةً، بفرحٍ ويُسر، ويومئذٍ أبناؤها رجال. وتزوجتْ مكلومةٌ أُخرى بفرحٍ كبير، بعد أنْ ماتَ زوجُها من الظَّمأ فى تيهِ العتمور بين كريمة ودنقلا منتصف التسعينات من القرن الفائت، أسبلَ اللهُ عليهم المستدامَ من الرَّحمات، والقائمة تترى. فما عادتِ المرأةُ فاقدةُ الزوجِ "فضلاً" يُعافُ فى منحنى النيل من بعدك أيها النبيلُ الكريمُ الخِصالِ، وطيبُ النَّشرِ والسِّيَر

هكذا تكون الرسالية... وليس كما يزعم الرساليون الخلب.......................

لك التحية و الاحترام الأستاذ حسين أحمد حسين و أنت تكتب هذه الكتابة الوضاءة عن سيرة من جمّل حياتنا بكلماته و مواقفه الراحل المقيم عبدالله محمد خير رحمه الله و أسكنه الفردوس الأعلى من الجنّة.
أود أن استأذنك أخي لنقل بعض ما ورد بالبوست للفيس بوك ان لم يكن عندك مانع. طبعا مع حفظ حقوقك واسمك في النشر.
تحياتي و احترامي

لك التحية و الاحترام الأستاذ حسين أحمد حسين و أنت تكتب هذه الكتابة الوضاءة عن سيرة من جمّل حياتنا بكلماته و مواقفه الراحل المقيم عبدالله محمد خير رحمه الله و أسكنه الفردوس الأعلى من الجنّة.
أود أن استأذنك أخي لنقل بعض ما ورد بالبوست للفيس بوك ان لم يكن عندك مانع. طبعا مع حفظ حقوقك واسمك في النشر.
تحياتي و احترامي

آلاف التحايا والإحترام لك أستاذنا الوليد الشيخ،
وتشكر يا عزيزى على القراءة والتشجيع.

ولعل شاعرنا النجيفى يستحق؛ كونه أحد أعمدة النظم الذين صاغوا وجداننا ولفتوا أنظارنا إلى وجود الأنثى وجسدها بعد أنْ كادت الجِبِلَّةُ الريفية والقِنانة المنزلية والمسكوتات السرية أن تحولها إلى كائنٍ فى غاية التشيؤ.

قيل لِأحد المعنسين فى منحنى النيل لماذا لم تتزوج بعد؟ فقال: "الحمد لله ولادنا بِقوا يَوَدَّوا السوق". ... وبالتالى تذكير شاعرنا النجيفى لنا بأهمية الإنثى فى محيطنا ساهم مساهمة عظيمة لإخراج تلك البقعة من دائرة المسكوت عنه. وليتنا قرأنا رواية "الحِنق" اليتيمة لأستاذنا شوقى بدرى؛ رواية المسكوت عنه كما ينعتها أستاذنا الراحل عبد القدوس الخاتم، لنتبين من أىِّ قاعٍ سحيق أخرجنا النجيفى - النبى؛ نبى الحسِّ والمعنى.

وبخصوص الجزئية الأخيرة، فانقل ما شئت إلى حيث شئت؛ فإذنك معاك يا حبيب.

معزةً واحتراما.

هكذا تكون الرسالية... وليس كما يزعم الرساليون الخلب.......................


لا يُقاسُ تدين المرءِ إلاَّ بالمعاملة؛ أمَّا العيش فى فضاء الأيديولوجيا الدينية فلن يصنع قدوةً. ... شكراً أستاذنا نصر الدين عثمان

الأثر الإنسانى الأكبر للشاعر عبد الله محمد خير:

1- بيئة الشعر:

الخضرةُ فى منحنى النيل، كما هو معلوم، تمتد من ضفة النيل الغربية (أو الشرقية) إلى عُمقِ ثلاث كيلومتراتٍ فى الصحراء. وهذا الشريطُ الرقيقُ من الأديم الأخضر، شاهدٌ على جزءٍ من حضاراتنا وثقافاتنا، وعلى تراجيديا صراعاتِنا الأزلية. وهو بالكاد يكفى لِسَدِّ الرَّمَق، وصدِّ الرياح، ومُقاومةِ الصحراء. ويضْمُرُ هذا الشريطُ من الخُضْرَةِ وِفْقَ مُعدَّلاتِ فسادِ الحُكام، وتَفَتُتِ المِلكيةِ بالتوريثِ، وافتعال حرائق النخيل وإكراه النَّاسَ هناك لترك أرض أجدادهم لاستثمارات عبد الرحمن الراجحى، والنُّزُوعِ إلى النُّزوح، ولكنَّ النَّاسَ مازالوا على قيدِ الأمل. وكما يقولُ الطيبُ الصالحُ: "هذه أرضُ الشعر، وأرضُ المُمْكنِ، وأرضُ المستحيل، وبنتى إسمها آمال".

البيئةُ هنا صارمة والرجالُ صارمون (الواطة عَطرون والكلام عَطرون، كما يقول أحدُ المفوَّهين هناك)، والإجتماعى يُحافظ، والسياسى يُخاتل، ومن يتثقَّفُ يجد له مَخْرجا. ولا غُرْوَ إذاً، أنْ أنجبتْ هذه الأرضُ - أرضُ المنحنى عوض عبد الرازق، الطيب صالح، الجنيد على عمر، وبشرى الفاضل، وعبد اللهِ محمد خير وآخرين، كحملةٍ لِلِواءِ التغيير، وكرُموزٍ لها سطوتُها بلا شوفونية على ذاكرتنا الجماعية فى منحى النيل. ولمَّا نعرفُ أنَّ الشعرَ سليقةُ أهل الشاعر، عندها ندرك أنَّ حالةَ الإبداعِ - التغييرعند شاعِرِنا، ليستْ كَلالة.

هذه البيئةُ لها مسكوتاتُها، وتحتاج إلى ملفٍ كاملٍ هنا. وبالطّرقِ على وَتَرِ الحسِّ أحسبُ أنَّ الشاعرَ عبد الله محمد خير كان الطبيبَ المُداويَ لِعِلَلِ النَّفسِ الخبيئةِ والسافرة. فكلما ذُكِّرَ الرجالُ بأنَّ ثمة نساءٌ بالمحل، وكلما ذُكِّرتِ النِّساءُ بأنَّهُنَّ إناثٌ، وأنَّهُنَّ لم يُخْلَقْنَ فقط للقِنانةِ المنزلية وخدمة الرجال والإمتثال لطريقة تفكيرهم (ما حرام يا الحاج أبْ شنب، واوْعة لا تقسا على العِنَبْ، شمعتين أوْعة من اللَّهبْ، وفى المعاملة ماتكون صعبْ)، إنْزاحَ عن النَّفسِ السأم، وقلَّ الإكتئاب، وتصالحَ المسكوتُ عنه بالمُفْصَحِ عنه، وأصبحتِ النَّفسُ سوية.

يُتبع ...

التحية لك صديق العزيز .. حسين .. ولضيوفك الكرام ..


لايحس بالانسان الا الانسان مثله . بساطة السرد ونقائه
يفتح شهية الاستطلاع لمعرفة المزيد عن هذا الشاعر
الراحل المقيم .. وتعيش يا صديق وتحي من رحل عنا .

وتشكرات وافرة .

التحية لك صديق العزيز .. حسين .. ولضيوفك الكرام ..


لايحس بالانسان الا الانسان مثله . بساطة السرد ونقائه
يفتح شهية الاستطلاع لمعرفة المزيد عن هذا الشاعر
الراحل المقيم .. وتعيش يا صديق وتحي من رحل عنا .

وتشكرات وافرة .

أهلاً بالكنداكة منى عمسيب،
وردف التحايا والتبجيل لك وللضيوف الكرام.

هذا النجيفى الإنسان؛ منذ تفتحتْ عيناى إدراكاً للمحيط الذى حولى لم أره متكدراً أو عابساً؛ عاش سمحاً ومضى سمحاً. ولم أجد فى شعره مذمَّة لرجلٍ أو امرأة على الإطلاق.

ولك شكرى على على كلماتك الطيبات.

الأثر الإنسانى الأكبر للشاعر عبد الله محمد خير

1/ بيئة الشعر (مستمر):

لقد نظر أُؤلئك الأعلام أنفو الذكر لمنحنى النيل (للريف السودانى قاطبة) بمناظيرَ مُختلفةٍ، وكُلُّهُم خرجَ من ضيقِ المنحنى (فَتَبَنْدَروا) إلى وُسْعِ المدنِ لِيُعَالِجوا شئونه من هناك، وتركوكَ قائما تُعَافِرُ أرضَ المُمْكِنِ والمستحيلِ نظماً بِزَغَبِ معارفِ الكتاتيب. وما أروعَك، فقد كنتَ لها حتى شهِدوا لكَ بقوةِ الحُضُور، وكلما اتّسعَتِ المدارِك، اتَّسعتِ المعارك واتسعَ الحُلْم. فها هو الطيب صالح يقول عنكَ "أنَّكَ مَلِكٌ فى قومِك" (وما دُعىَ لاحتفالات الجاندرية إلاَّ واصطحبك). لِمَ لا، ومملكتُكَ قائمة على التأثير الواسع على بِنيةِ الوعى هناك بقدرِ ما تستطيع، وأداتُكَ الشعر تُحيِّدُ به عطرون الأرضِ السّبِخةِ، وعطرون من يفلحَ الأرض. ولم تُثْنِكَ مُكابدةُ المُمْكنِ والمستحيلِ، عن توصيلِ رسالتك النّبيلة، الحبِّ والإحتفاء بالجسدِ الأُنثوى حتى يستطيع التناغم مع ذلك الحب، وبالتالى انتشال آدميتنا من براثن المسكوت عنه، وتحريرنا من ظاهرة النفاق الإجتماعى وبذر بذرة التصالح مع الذات.

لعمرى كلما تشدَّد المجتمع، كلما اتسع المسكوت عنه وعلا صوت النفاق. فالمسكوت عنه أوسع انتشاراً فى دولة طالبان بأفغانستان - هى الأولى فى العالم، والقائمةُ تترى بحسب درجة التشدُّد كما تقول بروفسير هزل بجامعة كوفنترى. وبيئة السودان ليست بدعاً من كلِّ ذلك ما وضعنا التشدُّدَ فى الإعتبار. وكثير من الرجال الذين يبدون محتشمين فى حضرة جمال النساء، لم يكونوا كذلك فى حضرةِ جمالٍ يتأتَّى حين يُريحون وحين يسرحون. وكثيرٌ من النساء كُنَّ يعتقدن أنَّهنَّ خلقن لخدمة الرجال والقنانة المنزلية.

إحدى الإوروبيات فى مناطق الآثار وجدت رجلاً ينكحُ بيهمةً (أعاذنا اللهُ وإيَّاكم وأكرم مسامعكم)، فقالت له (وقد كانت فى قمة احتياجها الإنسانى): " إطلبْ منِّى أىَّ شئ وأنا مستعدة لتلبيته لك". فقال لها: "أمسكى لَىْ الضنب دا". كذلك تزوجتْ إمرأة من إبنِ عمِّها فى منحنى النيل، فلما حاول أن يدخل عليها صفعته بحذائها وقالت: "أنا لستُ بغيةً لك" (كما نقولها بالدارجة الفصيحة). وأخرى ما كانت تدرى من أين يأتيها الرجل، فدابرت قُبلَه فطلقها معتقداً أنها مثلية؛ والحق يُقال أنَّها لم تكن تعرف أىَّ شئٍ عن العلاقات الحميمة فعاشتْ بتولاً وماتتْ بتولا. أمَّا حليمة الضكرية، التى كانت تلبس ملابس الرجال وتذهب فى معيتهم للأفراح والأتراح وتحلف بالطلاق ظنَّاً منها أنَّها رجل، فلما تسلَّطَ عليها ابنُ عمها وأصر أن يتزوجها وقد فعل، خرجت على النساء بعد حين وقالت للنساء ذات ملمَّة: "يا بنات الكلب إنْتَنْ ما بتقولن لَىْ العِرِسْ دا حلو كدى".

ففى واقعٍ كهذا، فالإحتفاء بجسد الأُنثى فى الشعر الحسى للنجيفى ضرورة قصوى لانتشالنا من هذا الواقع السفلانى، إذْ أنَّه نبَّه الرجل للأُنثى ونبَّه الأُنثى لذاتها، وهو بعد ليس حِسيَّاً فى شخصه كما سنرى لاحقاً إن شاء الله.

وهنا تحضرنى واقعة إذْ كنتُ ذات مرة من المرات فى معية الشاعر الحصيف حميد الذى أبعد ما يكون فى شعره الحس. لقد كنا ومعنا آخرون فى زيارة لمريض بمستشفى الخرطوم. وفى لحظةٍ من اللاَّ - توقُّع، جاءتْ امرأةٌ عاريةٌ كيومِ ولدتْها أُمُّها تمشى فى باحةِ المستشفى. وقد كانتْ من الفتنةِ بمكان، أنْ جعلتْ النَّاسَ بين مُستعيذٍ ومَأخوذ. وَوَجَمَ كُلُّ شئٍ هناك إلاَّ جمالُ تلكَ المرأة، أبِرَأَها اللهُ من الجنون. فقال حميد: مَنْ مِنكم مَن يهمز هذه المرأةَ فى خدِّها أو فى وسطِها، فيذكِّرُها بأنها أُنثى........... فلما فعل أحدهم طَفِقتْ تخصِفُ عليها من وَرَقِ النيم.


يُتبع ...

ألا ليتَ شِعْرَ النِّجيفى ازداد حِسيةً حتى "يُكَلْكِل" لنا ذلك الجسدَ المسجونَ والمسجورَ فى قُمْقُمِ المشيئة الباترِياركية، فينتفضُ ليستمتِعَ بنفسِهِ لنفسِهِ.





مالكن علي
وليه يا نهيدات الجدي
...
واقفات بلا قبباً فقيرن ديمه شالع فوقو ضي
ينشاف بعيد .. ينشاف قريب
وبَتّق فِيَّ .. إحساساً جديد
لا عرفتو ريد، لا عرفتو جن دايرلو قيد
وِقفت حدود معرفتي فوق حلماً صِبي
يرجف يغازل النسمة كان هبهب هِوي
....

يا برتكانات استَوَنْ فوق عُودِن الَّلدِن الطِّري
نديان محل .. نجضان محل .. ووسط قِوي
بس عندو سيد، مرات عنيد ومرات هِدَي
....

يا بت عليك زاد الشجون
وبوب مارلى والحزن القديم
اتمهَّلى ولا تهزى بي
جدك أنا ... و عمك كمان
لكن مصيبتى علي العلي .. بهوى الجمال
وبهوى السبيب كلما هو طال
وبهوى البنات كلما بقن شبه الغزال
ومافيش بلا الهوى بين ايدي
وترديد غناي
الما كتم سرو النِّقَي
...

طماع انا ..!!
وما برضى بى شيتن شوي
وما بيسعد المكتوبلو فى المحفوظ شِقي
وانا من زمن ... بارى السراب
سارح معاهو وِدَي وِدَي
كل ما اقول أها دااااك عمار
ادنالو ألقلى هويد وصَي
...

يا الزي نواطير الترك فى العالى ما طلاها ري
يا الزيكن .. ما شفنا زي
لاك عارفى هوي .. لاك عارفى هِيي .. لاك عارفى هَي
وللشىء البعجبك ما بتعرفى تقولى سي
وانا عمرى ما اتحدث مع زول اسمو مي

الأثر الإنسانى الأكبر للشاعر عبد الله محمد خير (مستمر):

2- النجيفى ومُفردةُ الحب:

حُبَّك الخلانى لى زول ما بجافى،
وحُبَّك العلَّمنى أنظم ليك قوافى،
حُبَّك اكبر مهر لى طُهرى وعفافى،
آى بحِبَّك واصلو حُبَّك زيو مافى.

الجهرُ بالحبِّ سُبَّةٌ فى نواحى مُنحنى النيل، يُسقطُ الرجولةَ عنْ القائلِ بهِ إذا لم يَتَدَارَكْهُ اللهُ بلطفٍ من عندِهِ، ولكنَّ النَّاسَ يُمارِسونه كيفما اتّفقَ وراء حُجُبِهِم. فالشاعرُ والفنَّانُ مُدْرَجانِ فى تلك البيئة (وذلك فى بِداياتِ كلٍّ منهما) ضِمنَ الوَلْدَةِ الخائسة. فعبدُ اللهِ محمد خير وصديق أحمد، ثُنائيةُ الجمالِ فى مُنحنى النيل (وهما صاحبا ظروفٍ متشابهة) قد عانيا كثيراً من تلك الأحكام المُسبقة (Prejudice)، ولكنَّ الصمود كان الحليفَ المؤازر.

لم تُتَداولْ كلمةُ الحبِّ جهراً فى قريةِ الشاعر من قبلِهِ إلاَّ فى ثلاثٍ من الحالات، وهى تشرحُ لماذا يُنْعتُ الصادعُ بالحبِّ فى تلكم البيئة بالولدةِ الخائسة. اوَّلاً: لقد ذُكِرَتْ على نحوٍ نادرٍ من قِبَلِ الرقيقين من رواةِ المديحِ هناك حين يصلون على حبيبنا النبى محمد صلى اللهُ عليه وسلّم فى مدائحِهِم، وثناياً: حينما تُقْسِمُ النِّساءُ على النِّساءِ فتقولُ إحداهُنَّ "أسْتَحْلِفُكِ بالنَّبىّ"، فتقولُ الأُخرى "يا يُمَّة الرسول حبيبى"، وثالثاً: حينما يقول سيدى مَمَّة (قدَّسَ اللهُ سِرَّه)، وهو بَهْلولٌ من البهاليل مجهولُ النوع "تَحِبْ نَعامَة، تَحِبَّها يالطويل"، وهو لحظتَئذٍ يُخاطبُ أحدَ ذُكرانِ الأنعامِ فى حظيرتهِ فى سانِحَةٍ حميمة. تلك إذاً، هى الحالات التى سُمِعَتْ فيها كلمةُ الحبِّ سافرة فى قرية الشاعر قبل أن يجهر بها هو، والعهدةُ على الرواة.

وخارج تلك البيئة الضيقة، أى فى كلِّ نواحى قرى المنحنى، لا يوجد شاعر هناك، والشعراءُ كُثر، وقد تكررتْ مفردةُ الحبِّ (أعنى مفردةَ الحبِّ، ولا أعنى مترادفاتِها من نحو العشقِ، الصبابةِ، المِقةِ، وهَلُّمَّجرا) فى شعره مِقْدَارَ ما تكررتْ فى شعر عبد اللهِ محمد خير (أُظر فقط للمقطع الشعرى أعلاه). فالشعراءُ الآخرون يتحايلون عليها بمفرداتِ التشبُّبِ والولعِ والشوقِ وذلك الحنين المُتجذر فى لغةِ الشعر.

فشاعرٌ مثل الدرويش (وهو صِنوُ النجيفى هناك)، وهو عندى ثالثُ ثلاثة من الشعراء الذين يُجيدون نظمَ الكلمة الدارجة فى السودان، لكنَّه لا يُحبُّ الأضواءَ وضنين بالشعر وله فلسفتُهُ فى ذلك، تكاد تخلو أشعاره المُتاحة للناسِ (أمُّونة ويغنيها صديق، إقليمى ويُغنيها اليمنى، واليوم سبعة، وبعض الأشعار المتاحة محلياً) تماماً من مفردة الحب. ولا عجب، وهو صديقُ النجيفى ومازال يَصِفُهُ بالشاعرِ الجرئ.

يُتبع ...

عديلة كنموذج للصدوع بمفردة الحب

حبيبى عود سيب الصدود سيب الجفا

ياللجمال والروعه.

تسلم حبيبنا "حسين".

تخريمه:

ياالزي نواطير الترك في العالي ماطلاها ري.

الاتراك حين غزوهم للسودان إستخدموا "الناطور" وهو عامود اسمنتي قصير نسبيآ لإرشادهم في مسيرهم.
وللإستدلال في خط الرجوع...هذه "النواطير" تم وضعها في اماكن عاليه بعيده عن مجرى السيول..لذا لم يتم مسها إطلاقآ.
الشاعر الرقيق "عبدالله محمد خير" قام بتشبيه "صدر الفتاة اليافعه" بتلك النواطير ..ليس لصلابتها بالتأكيد
ولكن لتبيان إستحالة المساس بها وهي بذلك كناية عن عفة وطهارة صاحبته.

معذرة حسين للإطاله .

خالص تحياتي.

ياللجمال والروعه.

تسلم حبيبنا "حسين".

تخريمه:

ياالزي نواطير الترك في العالي ماطلاها ري.

الاتراك حين غزوهم للسودان إستخدموا "الناطور" وهو عامود اسمنتي قصير نسبيآ لإرشادهم في مسيرهم.
وللإستدلال في خط الرجوع...هذه "النواطير" تم وضعها في اماكن عاليه بعيده عن مجرى السيول..لذا لم يتم مسها إطلاقآ.
الشاعر الرقيق "عبدالله محمد خير" قام بتشبيه "صدر الفتاة اليافعه" بتلك النواطير ..ليس لصلابتها بالتأكيد
ولكن لتبيان إستحالة المساس بها وهي بذلك كناية عن عفة وطهارة صاحبته.

معذرة حسين للإطاله .

خالص تحياتي.

أستاذنا وحبيبنا الشيخ سيد أحمد آلاف التحايا،

أولاً، تعال متى ما تشاء وأطِل كما تشاء، فلا تثريب يا حبيب.

ثانياً، فى هذه القصيدة أسرف الشاعر فى الحس فى لا ضرورة (كما سيجئ لاحقاً)، وهذه الإسراف جعل الشاعر يحصن مَيَّه منه (نواطير الترك)، ويحصن نفسه منها (جدك أنا وعمك كمان) خاصةً أنَّ جِدَيَّه مرات عنيد مرات هدى، وهنا يستبين جدل الحس والمعنى.

ثالثاً، لعل النواطير مفردة معروفة لتحديد معالم السواقى (الأطيان) منذ حقبة الأتراك بالسودان كما ذكرت خاصةً فى الولاية الشمالية. وقد ذكرها أستاذنا الجليل د. أبو مدين الطيب البشير فى كتابه العرف والأرض فى المديرية/الولاية الشمالية، وذكرها باستفاضة د. الصديق عبد الباقى حسين فى بحث أُعدَّ للبنك الدولى عن نظم حيازة الأرض فى السودان (Land Tenure Systems in Sudan). ولما كان المقام مقامَ شعرٍ وشعراء، فإنَّ الدرويش (محمد عبد الباقى حسين) قد سبق أخاه د. الصديق فى الحديث عن النواطير وهو ينعى شيخ حلته الحسيناب (وقد كان مادحاً طروباً عذبَ اللسان أيضاً) حينما قال: منو الفى الدَّارة يمدح تانى مكنوز حرمك أب بَّقوات .. حاج أحمد الداخرِنَّو للعَوَجات .. للحِرْدَتْ مع سِيد بيتا للناطور وَكِتْ يتفات.

ولعلى استذكر ذات سفرٍ بالدرب التِحت (درب القبولاب القديم) فى سبعينات القرن الفائت أنَّنا وجدنا واحداً من هذه النواطير من جِهة جبل حسن، ولما ذكرنا ذلك لأهلنا الكبابيش أفادوا أنَّها - أى النواطير - منتشرة بكثرة فى صحراء بيوضة دعك عنها بين السواقى فى شمال السودان.

وفى شأن القصيدة، فهناك تحصينات أخرى لجأ إليها النجيفى ستذكر لاحقاً إن شاء الله.

ممنون لك على الإطلالة.

2- النجيفى ومُفردةُ الحب (مستمر):

شكراً أيُّها النِّجيفى الجرئ، فصُدوعُكَ بالحُبِّ رَدَّنا لِآدميتنا، وساهَمَ فى تَخلِيصِ مجتمعات الريف هناك من مسكوتاتِها الرديئة. فالنَّاسُ فيما وراء الجُدُر يُحِبُّون ويُمارسون الحبَّ بِطَرائقَ قِدَد، وأنتَ وحْدُكَ مَنْ كان يَجْهَرُ بالحُبِّ. كأنَّما شِعَارُكَ كان: "هنا النِّساء، هنا الحب". فصار الحبُّ فى الهاهُناك شعيرةً كالصلاةِ، وُضَوؤُها العفاف، وعِطرُها العَلَنْ. ولو لا احْتِفاؤكَ بالجَسَدِ، لَفَتِأَ النَّاسُ فى انشِغالٍ بالزراعةِ والأنعام، ولَظَلَّتِ المرأةُ مسجورةً بعيداً عن دورها الإنسانى وحبيسةً للقهرِ والتنميط والتشيؤ.

لم يكن فى يومٍ من الأيام إحتفاؤكَ بالجسدِ مَدخلاً للحسِّ والتفَحُشِ، حاشاك. لكنَّكَ كنتَ معنياً بتذكير الناسِ به وبما لا يُمسك من ذلك الجسد بيد - أىْ بلُغتِهِ. فجاء شعرُك استنطاقاً للغةِ ذلك الجسد (تَوَدِّى صِديرة قِدّامة، تخلِّى سبيبة يِنْدَلَّى .. وتخلِّى الحفلة فوق نيرَانا تِتْقَلَّى)، إذ لِكُلِّ إمرئٍ منهم جسدٌ يُغنيه. ولم يفوتك أن تستنطق لغةَ العيون كما جاء فى قولك (بس بى عيونك كلمة وكلِّم عيونَك تعزمة .. وملعون أبو كلِّ العيون المابْتَعَرْف الترجمة)، أو كما فى قولك (بشوف الدنيا فى عينيكِ بِتْحَاوِر هِناك حَوَر)، وتصل قمة ذلك فى قولك (فى عينيكَ أحْلَى جَدَل). وكذلك كنت تحتفى بِرِقَّةِ المرأةِ وصوتها (صوتك يسرى دافى .. يملا قِليبى عافى)، أو فى قولك (لُغَة العيون والرقة والصوت الحنون).

وبالعَوْدِ على نِهَيْدات الجِدَىْ، نجد أنَّ الشاعر يسرفُ هنا اسرافاً فى غيرِ موضِعهِ. إذْ هذا النوع من مُحاورة الجسد، مطلوبٌ فى البيئة الريفية لأغراض الإستنهاضِ والتذكير بالأُنوثةِ المسجورة. أمَّا فى الحضر، فالجسد يتحدّث بحُريةٍ أكثر ممَّا فى الريف. وحين تُنازعُ الشاعرَ النَّفْسُ المسرفة الطّمَّاعة (طَمَّاع أنا وما برضى بى شيتاً شِوَىْ)، يَعْمُدُ إلى التحصُّنِ ضدها وضد جسد تلك الحسناءِ باللجوءِ إلى المَحْرَمِية (جدِّك أنا وعمِّك كمان)، وإلى الطبقية (أنا عمرى ما اتحدّثْ مع زولْ إسمو مَىْ)، بل وبالخروجِ كُليةً من كثافةِ المشهدِ إلى شفافيته، وهو ما لا يُمسك بيد حيث يقول (مافيش بلا الهوى بين إيدَىْ).

فالشاهد أنَّ عبد اللهِ محمد خير عندى هو المنقذ الحقيقى لمفردةِ الحبِّ من السجور ومن براثنِ المسكوتِ عنه الريفى. وقد اتخذَ ذلك الأمر على عاتقهِ (Solo)، إذْ لم يجاريه شاعرٌ فيما ذهبَ إليه إلاَّ على استحياء. ولعلَّ هذا من أعظم الآثار الإنسانيةِ للشاعر. وتتجلى هذه الآثار حينما يشدُّ ذلك الجسد المسجور الرِّحالَ فى الدسوسات إلى الحفلات كى يُفصِحَ عن نفسهِ ويزيل عناءها وعنتَها رقصاً على ايقاعاتِ أشعار الشاعر الموقَّعَة بربابة صديق أحمد. فانظر كم من نفرٍ هناك يتدوزنُ ويتداوى ويفرحُ بما يجودُ به النجيفى من قريض.

عطفة:

لقد كنت أتقمَّص دور شاعرنا النجيفى فى الصدوع بالحب حينما كنت أكتب رسائل النساء - فى قريتنا - لأزواجهن المغترب منهم والمشتغل بنواحى البندر. والذى جعل هؤلاء النسوة يأتيننى بتواترٍ لهذا الغرض قولهن أن حسين حينما يكتب لنا الخطابات تزيدُ مواهينا. والحقُّ لله لم أكن أستجدى أيَّاً من المسافرين أن يزيد من الماهية لمقابلة هذا الظرف أو ذاك رغم إلحاح الظروف، ولكنِّى كنتُ أتعمَّد تحويل تلك الرسائل المطلبية ذات المقدمة المحفوظة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف الحال والأحوال فى هذه المدة الطويلة التى لم نراكم فيها، عساكم بخير كما نحن الحمد لله على ما يُرام، ولا نفقد إلاَّ سوى عدم رؤياكم الغالية) إلى رسائل حب من الدرجة الأولى، وأذكر المطاب فى معرض اللغة الغرامية، فكانت تتضاعف المصاريف. ولعمرى ذلك من آثار الصدوع بالحب التى اجترحها سيدنا النجيفى عليه رحمة الله ورضوانه.

يُتبع ...

2- النجيفى ومُفردةُ الحب (مستمر):

إنَّ أمرَكَ لعظيمٌ أيُّها النِّجيفى الودود. فإنْ كُنتَ ملِكاً فى قومك، أو أمير شعراء المنحنى، أو شيخ العاشقين، فكلُّ هذه ألقابٌ تليقُ بِشخصكم الكريم. وهى فى حدِّها الأَدنى ضربٌ من حُسْنِ ظَنِّ مَنْ أحبوك بك. ودعنى أزيد هنا، فأنتَ عندى، إلى جانبِ ذلكَ كُلِّهِ، "شاعرُ الجمال"؛ لا يتجاوزكَ المشهدُ الحَسنُ، وكأنَّكَ على موعِدٍ مع الحُسْنِ فى كلِّ شئ. وأنا فى ذلك أتفقُ مع الشاعر الدرويش إذْ يقولُ عنك:

ما عِرْفوكَ وَصَّافْ الجمال غنَّاي ورافعْ الشُعلة يا رُبَّان.
عَزَّالاً ورا الدّوليقة، منْ كاويقة، تَنْظُمة بى خيال فنَّان.

غير أنَّى لى مُلاحظة، وهى أنَّ وصفَ الجمالِ بالنَّظرةِ الخاطفة وَحْدَها (Casual Attraction) لا يُعْذِبُ الشعرَ عندك بِمقدارِ ما يرتبطُ ذلك الوصف بعاطفةٍ حقيقيةٍ وبحُبٍ أكيد. فإنَّ أعذبَ الشعرِ الواصفِ للجمالِ عندكَ (وأنت تخالف فى ذلك قاعدة أعذبُ الشعر أكذبه) هو ما ارتبط بالحميميةِ واللحظةِ - الحب.

ولذلك فالحدسُ عندى هو، أنَّ أجملَ ما كتبتَ من قصائدٍ أو أبيات كانتْ لبنتَىْ أعمامِك، الأُولى التى أَبَتْ، والثانية التى قبِلَتْ الزواجَ فى 7/7/1977. فقصائد مثل: حبيبى عود سيب الصدود سيب الجفا، وروِّحْ يالبريد شيل من قليبى سؤالو، يا النَّاسينا، وعد الحبيبة، ويا قمرة (مشتاق للصِّبِحْ دَيْدَن غناى شُكُرة)، وإلى آخِرِ القائمة من القصائد التى قِيلتْ فى هاتين الجميلتين، هى أَعْذب وأصدق الشعر الذى كتبت يا حبيبناعبد اللهِ محمد خير.

أمّا الأشعار الأُخرى وإن لم تَكنْ بِذات الأنفِعَالِ لأنَّها مقدمات إنطباعية لمشروعات عاطفية، فهى أشعار رائعة وصادقة وكان لها دورها الإنسانى الرائع، وهو محل نظر المبحث الأخير من هذه الأُطروحة. إذاً فلا عبثية فى موضوعاتِ الشعر لديك أيُّها الشاعر الإنسان.

يُتبع ...

2- النجيفى ومُفردةُ الحب (مستمر):

سيدى الشفيف عبد اللهِ محمد خير، يا شاعرَ الحُسْنِ والجمالِ، وتُرجمانَ لُغةِ الجسدِ ولُغةِ العيون، ومُشَفِّرَ الصوتِ الأُنثوىِّ على "أوزانِ النِّجيفى" ومُفْتَرِعَاً لنا منه شتّى المَقامات والدوزنات، مَنْ تُخَوِّلُهُ الإجابةَ على الأسئلة المذكورة بعاليه؟

تعلمُ سيدى أنَّ غايةَ الحُبِّ وسِدْرَةَ مُنتهاه، هى ألاَّ يَعلْق الحبُّ بكونٍ من الأكوان، ذلك حين يُغايرُ الأغيارَ إلى ربها. فسيدى النابلسى يقول: "لى حبيبٌ، لى طبيبٌ، كُلّما قدْ مِلْتُ عنه، رَدَّ مَيْلى نحْوَهُ فى الحال هُوْ"، فإلى أين ساقَكَ التعلُّقُ بالمعنى دون الحس: لغةُ الجسد (أى حُضورُهُ)، لغة العيون، وصوت الحسان؟ والصالحون يقولون: لا يَعْرِفُ الحبَّ مَن لَّمْ يُجَرِّبْهُ.

هل زُهْدُكَ فى بَكارةِ الدنيا، وأنتَ بعد فى ربيعِ العمرِ وعُنفوانِ الشباب (رِضيتَ انا أشْقا شان اسْعِدْ بناتْ العَمْ)، ذو دلالةٍ على حالِ الإشْراق عندك؟ هلْ لامُبالاتُكَ، إلى هذا الحد، بِداءٍ يأكلُ الأطراف كما جاء ذلك فى قصيدة زمان المتعة: (أما المصير مهما يصير مُو خَاشِ لو نفد القدر)، واستِرْسالُكَ فى الإبْتِسامِ، إلى ذلك الحد، هو حالٌ حَلاَّجِية من عدم الإكْتِرَاثِ للجسد؟ فالحَلاَّجُ حين قُطِعَتْ أطْرافُهُ، شرعَ فى الوُضوءِ بِدَمِهِ قائلاً فى ابتسام: "ركعتان فى العشقِ لا يَجوزُ وُضُوءُهما إلاَّ بالدم".

وماذا يعنى رثاؤُكَ لسيدى الشيخ البرعى (قصيدة: قًطب الأقطاب)، وأنتَ لم تكتبْ بيتاً واحداً فى رجلٍ من الرجالِ من قبل، هل ذلك تشييعٌ نِهائىٌ للحِسِّ عندك، يَضَعُكَ على مشارفِ منهجٍ جديدٍ لم تُسعِفْكَ المنيةُ لِإنتهاجه (صلواتْ اللهْ صُبحاً وعِشا .. لى رسول اللهْ المَاذَلْ حاشَا .. يوم الأهوالْ تَحَرِقْ شَمِشا .. وَدْ حُمَّدْ خيرْ ما يْشُوفْ وِحِشا)؟ أمْ هى شيخوخةُ المُثقَّفِ السودانى، والسياسى السودانى، والمُفَكِّر السودانى، والتى عندها فقط يتمُّ إطلاقُ سراحِ ذلك الصوفىِّ القابعِ بين الحنايا؟

تَتْرُكُنا دائماً لِأَسئلةِ المُنْعَرَجات، واللهُ نسألُ دائماً أن يُنَزِّلَ عليكَ شآبيبَ الرحمات.

يُتبع ...

يا قمرة بصوت صديق أحمد

الأثر الإنسانى الأكبر للشاعر عبد الله محمد خير:

3- زَيْنية النِّجيفى:

بين زَيْنِ الطيب صالح وشاعرنا النِّجيفى أوْجهُ شبهٍ واختلاف. وهذه المقاربة غير معنية بأَوجْهِ الإختلاف، وهى على أىِّ حال شكلانية. ولكن ما بقىَ لنا من هاتين الشخصيتين، الحقيقية والروائية هو إرثُ إنسانينِ عظيمين، كلٍّ على طريقته.

لقد قُتِلَ الزين بالحبِّ فى بُيُوتٍ كثيرةٍ، أهمها بيت محجوب من بنته علوية، وقبلَها فى فريق القوز من حليمة، وقبلَها فى حوش العمدة من عزة. وكان يخرجُ من قصةِ الحبِّ كما دخل دون ثورة. وكان جريئاً، يُعابثُ الفتياتِ عند البئر وفى بيوتِ الأعراس، فيقرصُ هذى فى خدِّها وتلك فى خاصرتها، وكان يحدثُ كلُّ ذلك قبل أنْ تنتهِرَه النعمة بنت إبراهيم. وقد أجمع النَّاس على سلامةِ ذَوْقِه، فهو لايُحبُّ إلاَّ أروع فتياتِ البلد جمالاً وأحسنهُنَّ أدباً، وأحلاهُنَّ كلاماً. وما أنْ يُهيمَ بامرأةٍ، حتى يُلفِتَ النَّاسَ إلى جمالِها، فيتزوجُها أفندى من الأفندية. وهكذا، كما يقولُ طيبُنا الصالح، أصبح الزين يُستغل من قِبَلِ النساء كمُروِّج للجمال فى مجتمعٍ محافظٍ تُمنعُ فيه الفتيات عن الإلتقاء بالفتيان، فصار الزين رسولاً للحب، ينقلُ عطره من مكانٍ إلى مكان. وكان الحب يصيبُ قلبه أول ما يصيب، ثم ما يلبث أن ينتقل منه إلى قلبِ غيره (بقليلٍ من التصرف فى الرواية الأُم).

كان شاعرُنا عبد اللهِ محمد خير يفعلُ كلَّ ذلك ولكن على شاكِلَتِهِ. فهلك قلبه بالسحابة، وقِبالة ود البصير، وبالحسيناب، وبالجابرية، وبالخرطوم وحتى القضارف. وَلَكَمْ عابثَ النَّجيفى بِشْعْرِهِ، شَعْرَ هذى وخِصْرَ تلك وطامحَ الصَّدرِ عِند الأُخرى وهاتيكَ الرَّداح؛ حتى صارت ذاتُ العينينِ بعينيها تمشى، وذاتُ الشَّعْرِ تمشى بالشَّعْر، والنَّاهِدُ تمشى بنهْديها، وذاتُ الساقينِ المَمْلوءينِ بساقيها تمشى، وذاتُ الصوتِ الدَّافئِ تمشى بالصوت، وذاتُ الأردافِ بِرِدْفيها تمشى، وذاتُ العقلِ تمشى بالعقل، ومَنِ اجتمعَ بها ذاك الكلُّ احْتَلَّتْ مِنه الشِّعْر. فالآنَ فقط أدْرَكنا مَعْنى أنَّكَ لا ترضى بالشئِ الواحدِ منهُنّ (مابرضى بى شِيتاً شِوَىْ). فمهما كانت فى المرأةِ فتنة، والجسدُ مُعَلٌ بالعاداتِ، والعينُ تقولُ نشازاً، والقولُ عَيِىٌ، لنْ تستهويك.

عَشِقَ شاعرُنا نساءاً لا أوَّلَ لهُنَّ ولا آخر، عِشقاً حقيقياً ينوى معه إرتباطاً أزلياً، ولكن ظُروفَهُ الأسريةَ تلك، تمنعه وتقفُ بينه وبين مُرادِهِ فيحجم. ويبقى لنا منه ذلك الشعر الجميل، وتلك الإشارةُ من ذائقتهِ الرفيعة (والتى لا تُخْطئها العين) لجميلةِ الدار، التى ما تلبثُ عامها ذاك، إلاَّ وقد تزوجتْ. فكلُّ قصائدِهِ بناتٌ جميلاتٌ ملائح، وصاعقاتُ الحسنِ مكتملاتُ الأدبِ والحِشمة.

وفى الحقيقة لم أرَ فى شِعْرِ النجيفى رغبةً دون الإرتباط العفيف بالنساء اللائى مدحهُنَّ شِعْرُه {يمكن قِبِل نتبادل الحب الشريف .. يمكن رضا، داير اهَلِكْ معايا نكون نسابة، دحين يا يابا ماك مُشتاقْ وحيدَك يبقى عندو وليد، متين يا يُمة تفرحى بى جديدى، وحاتك لالة لا داير أخادعك لانى خازاى، يا قليبى انا يا حبزا .. تبقى حالتنا مجهزة .. ولحظة تأخير ماجائزة، ويقولى متين معاك يجمعنى مسكن، وكلَّ منى قليبى معاك يضُمو عشيش، قلبى الحزين مشتاق متين محبوبتو يمسك أصبعة .. ويكسيهو بى خاتم حرير وبى بيت شعر من قول جرير وبى آية من الواقعة .. وتجى الملايكة تبارك الأفراح تشيلة توزعة، إستنّة سنين الهم حرسة .. ومُتمنِّى يكون فارس عرسة، متين ألقاكِ فى بيت الحلال، إلخ}، وكان إحساسُهُ بفقدِهِنَّ عظيماً، خاصةً أُؤلئك اللائى يتحدَّثنَ الثلاثَ لغات التى تُعْجِبُه، بلغَ حدَّ الإستغاثةِ فى بعض الأحيان. فقد اشتكى الجلاء واستغاث بالشاعر حسن الدابى والسر عثمان الطيب وبمحمد سعيد دفع الله (ود الدابى مالك ساكت .. ماشفتا الجلا السوَّاها - إنتَ ماك عارف العلى انا يا السرير - يا حُمَّد سعيد ما كان أخير ...) كما اشتكى الشعراءُ قبله من الزهرة وكربكان وعطارد وحتى بابور الحكيم (الإسعاف النهرى). وقد ذمَّ شاعرنا سفر اللَّوارى حين أخذ أبْزيد على دارة محبوبته مسافراً بالدرب التحت (بالدرب التحت لا تمشى خافلو من الكبارى .. وسوق براحة ما متعودين سفر اللوارى)، وما شكواه من ود أبزيد عن الأذهان ببعيدة (أصلو ود ابزيد كلو يوم من بلدنا مرحِّل جِدَىْ).

ما أعظم نفحاتك على المرأةِ فى منحنى النيل أيها النِّجيفى العفيف وأنت تستنطقُ مَجْمَعَها اللُّغوى، وتخلِّصُهَا من ثالوث العَىْ الذى فرضه المسكوت عنه، فصارتْ المرأة هناك محطَّ الأنظارِ والإلتفاتات. فقد كان قصيدُك أروعَ أداةِ تجميلٍ فى وسطٍ محافظٍ وبيئةٍ لا يُجْلَبُ إليها الحُسن.

يُتبع ...

.
شريط من الذكريات تستعرضه المخيلة ... جلسات تنيرها نجوم سماء الدبة الصافية في فناء دار
صديقنا عبد الكريم الرحبة الترحابة ( ضابط المجلس ) كان هناك صديقي بابكر ( ود الرواسي )
غشيت قبره سحائب الرحمة .. وكان عبدالعاطي سودانير وحمد السنجك وآخرين وزوار عابرين ......
وصديق احمد بصوته الشجي العذب الحنون كم عطر ليالينا .... جلساتنا لا يقطعها إلا العشاء الإسبوعي
في دار ابونا العمدة سعيد ميرغني العامرة بكرمكول .. عطر الله قبره وجعل الجنة مثواه ... فقد كان
يوم الخميس محجوز لعشاء العمدة ، ودعوة العمدة ( أوامر ) ..

قالوا ( عبدالله يفصل لصديق الجلاليب ، ويفصِّلو القصايد )
أخي حسن لن نبرح وطن الجمال هذا فقد اثرت كوامن الزكريات فينا

كامِل مودتي حسن

سيدي الحسين
طاب مساءك
تحية لك ولكل ضيوفك
صراحة عاجز عن التعبير وأنا اتنقل بين سطورك في سيرة أخي طيب الذكر شاعر الجمال
عبد الله محمد خير طيب الله ثراه
عاجز عن التعبير وانا اتنقل في دروب قرانا الحبيبة في الشمال الخصيب أرضا وانسانا
تلك الدروب المتربة .. المشحونة بالحنين والألفة
شاعرنا الحبيب وصديقنا عبد الله
تعرفت به هنا في مدينة الرياض وامتدت صحبتي به زمنا طويلا وتكررت لقاءاتنا في منزل الحبيب عمر عبد المجيد محمد عثمان
ولكن تقطعت بنا السبل وتفرقنا أيدي سبأ في دروب هذه الغربة اللعينة
الي ان سمعت برحيله عن هذا الفانية
شكرا لك على هذا السفر الحبيب في سيرة هذا النقي الأصيل
نسأل الله له ولنا الرحمة والغفران
ولك مثله بقدر حروف سفرك هذا
وكلنا حضور
ومتابعة
ودمت

سيدي الحسين
طاب مساءك
تحية لك ولكل ضيوفك
صراحة عاجز عن التعبير وأنا اتنقل بين سطورك في سيرة أخي طيب الذكر شاعر الجمال
عبد الله محمد خير طيب الله ثراه
عاجز عن التعبير وانا اتنقل في دروب قرانا الحبيبة في الشمال الخصيب أرضا وانسانا
تلك الدروب المتربة .. المشحونة بالحنين والألفة
شاعرنا الحبيب وصديقنا عبد الله
تعرفت به هنا في مدينة الرياض وامتدت صحبتي به زمنا طويلا وتكررت لقاءاتنا في منزل الحبيب عمر عبد المجيد محمد عثمان
ولكن تقطعت بنا السبل وتفرقنا أيدي سبأ في دروب هذه الغربة اللعينة
الي ان سمعت برحيله عن هذا الفانية
شكرا لك على هذا السفر الحبيب في سيرة هذا النقي الأصيل
نسأل الله له ولنا الرحمة والغفران
ولك مثله بقدر حروف سفرك هذا
وكلنا حضور
ومتابعة
ودمت

أستاذنا جمال عبد الناصر محمد رِدْف التحايا لك يا عزيزى،

يا عزيزى أنا العاجز عن الشكر لتعاطيك مع هذى الأطروحة عن شاعرنا النجيفى على علاَّتها. وفى الحقيقة الكلمات لا تستطيع أن تنقل ولو النذر اليسير من إنسانية وشفافية شاعرنا النجيفى. وعن هذا الشاهد يقول الشاعر الدرويش عن عبد الله محمد خير: "القلب البِياسْع الناس ويالْف الناس تهزُّو كليمة إنسان"، ولقد قال الدرويش هذا القول يرجوه فيه أن يقبل عذره فى عدم حضور عُرسه بسبب الإغتراب وقتئذ.

والحق يُقال لعبد محمد خير قلب كبير وإنسانية شاهقة وكرم فيَّاض. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويجعل مثواه الفردوس الأعلى.

ممتن لك عزيزى جمال عبد الناصر محمد.

القلب البياسع الناس ويالف الناس تهزو كليمة من انسان

شريط من الذكريات تستعرضه المخيلة ... جلسات تنيرها نجوم سماء الدبة الصافية في فناء دار
صديقنا عبد الكريم الرحبة الترحابة ( ضابط المجلس ) كان هناك صديقي بابكر ( ود الرواسي )
غشيت قبره سحائب الرحمة .. وكان عبدالعاطي سودانير وحمد السنجك وآخرين وزوار عابرين ......
وصديق احمد بصوته الشجي العذب الحنون كم عطر ليالينا .... جلساتنا لا يقطعها إلا العشاء الإسبوعي
في دار ابونا العمدة سعيد ميرغني العامرة بكرمكول .. عطر الله قبره وجعل الجنة مثواه ... فقد كان
يوم الخميس محجوز لعشاء العمدة ، ودعوة العمدة ( أوامر ) ..

قالوا ( عبدالله يفصل لصديق الجلاليب ، ويفصِّلو القصايد )
أخي حسن لن نبرح وطن الجمال هذا فقد اثرت كوامن الزكريات فينا

كامِل مودتي حسن

أهلاً بأعيان البلد، أهلاً بأستاذنا الجليل محمد فضل الله المكى،

تلك الكوكبة مِمَّن ذكرت، إذا أضفت إليهم قائد الحامية وضابط الشرطة وسيدى عُكاشة مدير المدرسة الثانوية (والذى كان يقول: أنا الدبة) ومدير المستشفى رحمه الله ومحى الدين مكى تكون قد ذكرت مركز اتخاذ القرار والتأثير الكامل فى حياة تلك المدينة - القرية.

أما سيدى العمدة رضى الله عنه فيحتاج منا إلى سطر جديد. كان من الكرم لدرجة ألاَّ أحد يدخل بيته إلاَّ وأكل المرارة النيَّة؛ لقد كان عمدة بحق وحقيق. وعلى فكرة بنته عزة التى كتلت الزين فى بيتِ أبيها، هى أم لإحدى التومات (خلهِن سوا لاتفرقن يا الله توماتى انا بعشقن) اللتان كتلتا الشاعر عبد الله محمد خير بالجابرية.

كان عبد الله محمد خير نسيج وحده، كان إنساناً، كان أُمة؛ وهو بعد شخص بسيط - ترزى. لكنه كان الأوسع تأثيراً بثنائيته مع الفنان صديق فى صياغة وجداننا وذاكرتنا الجمعية فى منحنى النيل واللتان طرَّزهما على إيقاع الفرح وجعلهما أكثر اتزاناً وتصالحاً مع الذات. رحم الله الشاعر عبد محمد خير أنزله الفردوس الاعلى

أستاذنا محمد فضل الله المكى أنا سعيد لأنك هنا.
ممنونك.

3- زينية النجيفى (مستمر):

كانتْ نَفْسُ النِّجيفى مُخَصَّبةً بالحسنِ، مَسْكونةً بالجمال. والعشقُ المعنى فى المداخلةِ أعلاه هو عِشْقُهُ للجمال. ولو كان فى الأمر مُتَّسَعٌ، لَبرَّ النِّجيفى كلَّ الجميلاتِ بالحب (رِضيتَ أنا أشقى شان أسعد بنات العم، خَلَّهِنْ سوا لاتْفَرِّقِنْ يا الله توماتى أنا بعْشِقِنْ). ولكنْ حسبُهُ أنَّه نقلَ إشراقَهُ إلى كلِّ الفضاءات، فأصابتْ شَمْسُهُ القلوبَ، فَتَدافَعَتْ تلكمُ القلوبُ تَهْفو إلى النساء - القصائد.

ولكم رأيتُ كيف تُذَوِّقُ بعضُ الأُمّهاتِ بَناتِهِنَّ وتُزَيِّنُهُنَّ لجيئاتِ النِّجيفى. وكان بعضُ الفتياتِ فى أيامِ الأفراح تتعمَّدُ مُلاقاتَه فى "الدسوسات"، ومنهُنَّ مَنْ تسأله أن يكتُبَ فيها شِعْرَاً (فللدسوساتِ جُرءتُها). ويا سَعْدَ مَنْ مَدحَتْها قصائدُهُ وزَفَّتْها إلى دائرةِ الإهتمام. بل حتى من بين الرجال من سأله أن يكتبَ فيه شعراً يلفت الناسَ إلى جدارته فى أمرٍ من الأمور. وكمثال على ذلك: فيصل ود ابزيد؛ السموم يا فيصل الحر، صابر جرا؛ الصبر يا صابر جرا، وهلمجرا.

فالنَّظرةُ العابرةُ والقصائد المطلوبة لا تَخْلُقُ شِعْراً إلاَّ عند شاعرٍ إنسان، ذى مواهِب. إذْ كثيراً ما يَروحُ تأثيرُ تلك النظراتِ العابرة والشعر المطلوب أدْرَاجَ الرياحِ عند المرءِ العادى. أمَّا أنْ تَخْلُقَ تلك النَّظراتُ العابرةُ والأخوانيات قصيداً يُتْلى، وموضوعَ شِعْرٍ، لا هو بالمبتذل، ولا هو بالعبثىّ، فتلك عندى تباريكُ الشِّعْرِ وتباريك الشاعر.

فنعم، كلُّ مَنْ قال فيها النجيفى شِعْراً (حسيَّاً كان أو معنوياً)، لمْ تُكْمِلْ العامَ إلاَّ وقد تزوجتْ. وهى الآن، أُمٌّ لبناتٍ جميلات، يَتَقَاطَرُ على أبوابِهِنَّ الخُطَّاب. فانظر إلى آثارِ اندياحِ الإحتفاء بالجسد، والعشقِ للجمال، ولضخِّ المَحَبَّةِ فى القُلُوبِ والبُيُوت مِنْ ذلك القِندِيلِ المُضاء.

وأخلص فى هذا المقام إلى أنَّه وفقَ إحْداثيات المكان والزمان لبيئة الشعر والشاعر، فإنَّ النِّجيفى قد كتب شعراً حسياً بكلِّ ما تحمل الكلمةِ من معنى، ولكنَّه وظَّفَ الحسَّ فى شعره توظيفاً معنوياً نبَّهنا لأهمية الأنثى وانتشل به آدميتنا هناك من براثن مخبوءاتها الرديئة. ولعل ما جعل حِسيَّةَ شعرِهِ مقبولةً هناك هو لا حسية الشاعر بالرغمِ من حسيةِ الشعر، كما أنَّ الشعر يمثل الحلم والفضاء المعافى لواقعٍ يرزخُ فى المسكوتِ عنه الآثم ومحمولِهِ المنافق.

يُتبع ...

أخوانية صابر جرا وتحولها إلى مدح سمحة من السمحات

وعلى فكرة بنته عزة التى كتلت الزين فى بيتِ أبيها، هى أم لإحدى التومات (خلهِن سوا لاتفرقن يا الله توماتى انا بعشقن) اللتان كتلتا الشاعر عبد الله محمد خير بالجابرية.
صباح الخير أستاذي الكريم حسين
كتبت في المقطع أعلاه أن الفاضلة عزة هى أم لإحدى التومات و مثلي و مثل كثيرين فهمنا أن التومات هم توأم و بالتالي فإن أمهم واحدة فأرجو تصحيح فهمنا في هذه النقطة.
حسب مدلول الأغنية كنت أفهمها في سياق احتفاء شاعرنا الفخم بالجمال و هداية الناس الى منابعه و ليس عشق أختان في آن واحد .

وعلى فكرة بنته عزة التى كتلت الزين فى بيتِ أبيها، هى أم لإحدى التومات (خلهِن سوا لاتفرقن يا الله توماتى انا بعشقن) اللتان كتلتا الشاعر عبد الله محمد خير بالجابرية.

صباح الخير أستاذي الكريم حسين

كتبت في المقطع أعلاه أن الفاضلة عزة هى أم لإحدى التومات و مثلي و مثل كثيرين فهمنا أن التومات هم توأم و بالتالي فإن أمهم واحدة فأرجو تصحيح فهمنا في هذه النقطة.

حسب مدلول الأغنية كنت أفهمها في سياق احتفاء شاعرنا الفخم بالجمال و هداية الناس الى منابعه و ليس عشق أختان في آن واحد .

أُستاذى الجليل الوليد الشيخ،
ألفُ تحيةٍ وشكر.

فى البدء لا أعرف لأبونا العمدة بنتاً إسمها عزة (الله أعلم). فعزة إسم روائى (Fictitious) أرفده أستاذنا الطيب صالح من وحى خياله. وأنا من وحى خيالى ربطت بين عزة بنت العمدة فى الرواية التى لفتنا إليها الزين بذائقته التى لا تخطئ الجمال والخلق الحسن، وبين بنت العمدة الحقيقية السيدة الجليلة التى تعيش بيننا هناك وأنجبت بناتاً اشتهرن بالجمال والخلق الحسن، وأولاداً اشتهروا بالصباحةِ وحسن الخلق أيضاً (حفظهم الله جميعاً من كل سوء). وإحدى بناتها تتوأمت جمالاً وحسنَ خلق مع إحدى فتياتنا الجميلات الحسينات الخلق هناك. وقد لفتنا إلى ذلك شاعرنا عبد الله محمد خير بذائقته التى لا تخطئ الجمال أيضاً؛ لله درُّهُ ودرُّهُنَّ.

فالتوأمة المقصودة يا عزيزى توأمة فى حسن الخلق والجمال والملاحة والشفافية العالية؛ فذلك يا صديقى عالمٌ من زمان الوسامة قلَّ أن يجود به الزمان مرة أخرى.

معلوم المعزة.

خاتمة

رحم الله شاعرنا عبد الله محمد خير، المتصالحَ مع ذاته، المتوازنَ فى لجلجةِ الثُنائيات، النطاسىَ الذى كان يداوى بالكلمات، الذى خرج من الدنيا إلى الأُخرى بهدوء ورباطة جأش، كمن يخرجُ من غرفةٍ ويدلفُ إلى غرفةٍ أُخرى فى فناء بيتِهِ. لقد أحرجتَ الموتَ بعدم الجزع، وأحرجتَ من يظنُّون بك الظُّنون، القائلين عليك بالاستغفارِ لاجتراحِكَ جسد الأُنثى بالحس، فاغفر اللهمَّ لهم فإنَّهم لا يعلمون. واغفر اللَّهُمَّ لشاعرنا واغفر لنا معه، فإنَّ رحمتَكَ أوسعُ من ذنوبِنا، ومن يغفر الذنوب إلاَّ أنت.

لقد قيلَ لِأَشهرِ صعاليك العرب عند سوقِهِ - الصُعلوك النبيل عروة بن الورد العبسى الذى قال فيه الخليفة عبد الملك بن مروان: "من قال أنَّ حاتم الطائى أكرم العرب، فقد ظلم الشاعر عروة بن الورد"- : "استغفرْ مِمَّا فعلتَ مع النساءِ" فقال: "واللهِ إنَّما كنتُ أحومُ ولا أرِد". وقيل أيضاً لجميل بثينة عند احتضارِهِ أنْ يستغفرَ من غَرْفِهِ معها فقال: "أموتُ على سوءِ الخاتمة، إنْ كنتُ قد مَسستُها بِسُوء".

(صلواتْ اللهْ صُبحاً وعِشا .. لى رسول اللهْ المَاذَلْ حاشَا .. يوم الأهوالْ تَحَرِقْ شَمِشا .. وَدْ حُمَّدْ خيرْ ما يْشُوفْ وِحِشا).

أشعار نادرة للنجيفى ومقاطع بسيطة يئطُّ محمولُها بالمعنى:

العيون المجادِلة؛ "فى عينيكِ أحلى جَدَل":

أسمعنا الشعراء رضوان الله عليهم الكثير عن العيون؛ كالعيون النَّاعِسة، والعسلية والحوراء والنجلاء، والعيون الطائرة، وعيون مواقيت القداسة كما قال عنها شاعرنا مكى أحمد محمد (عيناكِ يا حُلُمى مواقيتٌ يحجُّ إلى مرافئها ربيعُ العالم النورىّ). ويقترب شاعرنا مجدى حسبو عبد الله من عيون النجيفى المجادلة هذه حينما يقول: (أُنافقُنى إذا انفلتتْ عيونُكِ فى البعيدِ تبُثُّنى حلوَ الكلامِ وكنتُ فى عاديَّتى متكاملاً فىَّ انتباهى)، ولكنَّه يبتعد عنها بحصرها فى حلو الكلام، وبذلك تصير عيون مجدى عيوناً مغازلة.

ولكنِّى إلى الآن لا أعرف شاعراً (ومعرفتى متواضعة فى هذا المضمار) أرفد شعراً فى جدل العيون إلاَّ النجيفى - عبد الله محمد خير.

فهل أثارةٌ من علم؟

أجمل ما كُتِبَ فى حقِّ (النجيفى) الشاعر عبد الله محمد خير:

(منقول)

الشاعر عثمان عوض ضرار

حواس الرحيق
(إلى الفارس عبدالله محمد خير
وكل عبدالله)
________


صداك المغني التمني المهول
صداك الهطول
صداك الحديقة وخواطر الطلول
صداك الوصول لمرفا الحبيبة
وعناق التلاقي وربيع الفصول

صداك الكتابه البتمرق عروس
وتدخل تجوس
حواس الرحيق برفة فراشة
صداك البشاشة
وظريف الكلام، صداك السلام

صداك إلتحام الحمام بالهديل
صداك احتلام الصباح الجميل
صداك المعلق في سعفة نخيل
بروش للصلاة
سباتة وعديل
حليلنا وحليل الزمان الجميل
حليلك حليلك يازول يانبيل

عرفتك تكية
وملاذ العزاز الهمومن سخية
وغصون الطيور الضعيفة وأبية
عرفتك مكانك
أيادي الحبيب البشيلك هدية
وفؤاد الغريب
المعبأ ومرقرق محنه وأسية
يا جسر العبور
لكل الغناوي العنيدة وعصية
عشانك بنزرع تقاوي القصيدة
التداعب مزاجك ندية وطرية
عشانك بنجمع ورود المحبة
ونكون مزهرية

كأنك وصية في لحظة موات
دخلت ومرقت وتركت اغنيات
في مهد الطفولة ورضيت بالفوات

كأنك خيال الأماني المسرَّج
في خيل الأغاني اليتيمة
الأغاني الحميمة
الأغاني البتقلِد دموع الغلابة
وتشيلن سحابة
لحلق التعابة
الرصيدن في إيدن كدنكة وملوت
الرصيدن بيوت
بيوت ..... ما بيوت

بيوت تنهزم لرشة غمامة
بيوت تنهدم لريح الصرامة
بيوت تنعدم بزحف الصحاري
وتقوم القيامة
بيوت تحتفل برجعة طفل
بصحة وسلامة
بيوت تكتمل بحس الضيوف
الخروف والكرامة

بيوت مابيوت في شكل المباني
بيوت بس بيوت حفاوة ومعاني
بيوت مابتحاحي الخطاوي الغريبة
وطيور المحنة أم كراعا رطيبة
وحفاة البطون السعون الجديبة
بيوت الموالي
الترابن مصالي الريموت قرقريبة
الكتابن تسالي المخالي الحقيبة
اللي غصبا توالي وتقع في مصيبة
بيوت مابيوت في شكل المباني
بيوت بس بيوت حفاوة ومعاني

تعالي يالنجيفي من جوفن تعال
تعال واكتشف دبيب الهوى
في قلب النعال التساسق عليكا
وخبيب السؤال التجاوبو ويدنقر
يقش الدموع البتجري ابتهال
تعال يالنجيفي من جوفن تعال

تعال ياحريف نصحي الخريف
نسوق المطر لغنوة مشيكا
اللي كان ترتجيكا
تقوم بالسلامة
قيام السنابل في سهل الغمامة

تعال يا وريف نواسي الخريف
اللي كان يشتهيكا
تصبو وتصور محاسنو اللي فيكا

مشيت .... مامشيت
مشيت اغترابك
مشيت الدروب البتمنع ايابك
ولسع في بابك
جموع الطيور التذاكر كتابك
كتاب المغني التمني المهول

ولسع في بابك بخط الألم
حضرنا ولم ......
بنات النغم
دعاش القلوب البتمطر عشم
رشاش العصاري التهبك نسيم
وتدقك وشم
في كتف الأماسي البتنزف شجون
وتعبي القلم
بي قلبا إذا ما انهزم
يعود الشموخ للقصيد الأشم
وتزهو الحروف
تطمئن الدفوف
على خمر الغنا وسلاف النغم
على (نعمة)
آه يانعمة انتي من الحرير أنعم

حضورك حليلو اللي كان مهرجان
وكان عنفوان الحديث والشعر
كان انسياب الكلام في الفكر
كان احتدام الذهول والسحر
كان احترام

حضورك حليلو اللي كان
ياسلااااااااااااااااااااام
_____________

عثمان عوض ضرار

الحديث عن هؤلاء الناس وعن تلك النواحي يثير فيّ لواعج الشوق والحنين
ممتنون
وأستأذنكم في وضع ما كتب "ود المكي" هنا ..

Quote: أثناء إجازتي الأخيرة للسودان زرت البلد, وفي أرتموقه خصصت جزءاً من وقتي أن أشرب كوباً من الشاي مع عمنا حسن الحلو في الدكان و( حسن الحلو ) هو المقصود بأبيات الشاعر/ عبد الله محمد خير: حسن ما جاء وحسن ما عارف الزهور راجاه كدي انتظر خلينا نتناجه أكيد طيفك مشى وناجاه ما دام انت داير من حسن حاجه وحسن الحلو هو حسن عبد الرحمن محمد أبو روب ( الترزي المشهور ) في المنطقة, الذي يكاد يُجمع الناس على طيب قلبه وحلو لسانه وحُسن معشره وخفة دمه وظرافته وثقافته, حيث يتمتع بمهاره عالية في الحوار والونسه والقصص, لكنه أحياناً يحتاج الى محرض خارجي ولهذا ربما بدأت تموت فيه هذه المهارات وهذه المواهب. حسن الحلو كما علمت منه نظم الشعر, وكتابة القصة القصيرة, وحكى لي عن شعره وقصائده وقصصه لكنها أُهملت كشأن اهل المنطقة. سألته عن أصل العلاقة بينه وبين الشاعر المرحوم/ عبد الله محمد خير, وكيف جاء به الى أرتموقه؟ وما هي القصائد التي كتبها هنا؟ قال: معرفتي بالأخ العزيز المرحوم الشاعر/ عبد الله محمد خير من قبل حضوره للعمل معي ( كترزي ) في أرتموقه, حيث كان يعمل في مدينة الدبة, التقيته في زواج المرحوم/ حسن طه حميد ( الككر ) فقلت له يجب أن تعرض شعرك هذا على الفنان صديق أحمد ,لأن صديق في ذلك الزمان كان يغني للنعام ادم وعوض عبدون, وصديق أحمد لم يشتهر كفنان الا بأغاني عبد الله محمد خير. ويقول حسن الحلو عرضت عليه العمل معي ( ترزي ) في أرتموقه في العام 1972م تقريباً, وفعلاً جاء الينا واستقر معي في البيت والدكان أكثر من ثلاثة سنوات حتى نهاية العام 1974م .حيث تُعد هذه الفترة التي قضاها معي أكثر الفترات التي قال نظم فيها شعراً, ولا أبالغ إن قلت أن 80% من شعره قاله هنا وله كتاب عن أرتموقه. من أشهر قصائد عبد الله محمد خير التي كتبها في الدكان بأرتموقه قصائد ( شمس العصر – اللمبة – التومات – وجنتاها لمعت في الضوء حتى ارتعش الضوء خجل ) ويواصل حسن الحلو حديثه فيقول: كنت استغرب فيه أنه يقول الشعر دون تكليف وليد اللحظة على سبيل المثال عندما جاءته بنت وسألته حسن ما جاء؟ فرد عليها مباشرة بالأبيات التي ذكرت في البداية . ويتذكر حسن مناسبة زواج في أرتموقه حيث إنطفأت ( الرتائن ) اثناء الحفلة وإحدى الحسناوات ترقص, فأشرنا عليه أنا والأستاذ/ إسماعيل ابنعوف أن هذه مناسبة قصيدة فكانت قصيدة ( وجنتاها ). ثم يسرد قصة مناسبة قصيدة ( اللمبة ) التي يدلل بها ايضا على سرعة البداهة عند الشاعر عبد الله فيقول: أن والدته ( حمدوكيه ) عليها رحمة الله كانت تبيع فانوس لإحدى البنات فسألتها البنت أن كانت هذه اللمبة من البقاقات؟ فسمع هذه المناجاة فرد عليهم في الحال : اللمبة لو قالت بق ,, تبقى اللمبة دايري الدق كسرها وفجخها وأنت ليك الحق وأوع عليها ما تشفق عشان ما تحرقك خليها تتحرق وكانت القصيدة , وحكي لي كذلك مناسبة قصيدة : لا نيمة قدام البيوت لا ضل تمر غير سبيباً أصلو نازل لي عند الصدر بالله يا شمس العصر لا حرقي الناس السمر كان الشاعر عبد الله يعتبر أي بنتين معاً تومات ولذلك جاءت قصيدة ( توماتي أنا بعشقهن ). وحكي حسن الحلو قائلا: انه في يوم 7 / 7 / 1977 م كانت مناسبة زواج الشاعر وأنا كنت في كوستي فأرسل لي برقية للحضور مكتوب فيها: متين يا يمه يتحلى قيدي ومتين يا يمه تفرحي بجديدي فكتبتُ له تلغراف قلت فيه: إتحل قيدك والكون ابتهج في يوم جديدك قمارينا فوق الفروع تغني ليك وتصافح ايدك الليلة عيدك واحسرتنا ما شاركنا بنت الخضر في يوم جديدك إن شاء الله انت طيب ونحن طيبن نبارك ليك وليدك ونحن نقول لك عمنا حسن الحلو إن شاء الله انت طيب ونحن طيبين نتناول هذه الفترة بمزيد من البحث والتوثيق وهذه دعوة للجميع أن شاركونا.

لك التحية الاستاذ حسين
جئنا للتحية..والمقيل..تحت النخلة ديك
القماريها بتسوى القوق..
او..احمدو ربكم.
مستمتعين والله
واصل بكل هذ الالق المدهش
فعوالم شاعرنا عبد الله محمد خير
عوالم ساحرة

لك التحية الاستاذ حسين
جئنا للتحية..والمقيل..تحت النخلة ديك
القماريها بتسوى القوق..
او..احمدو ربكم.
مستمتعين والله
واصل بكل هذ الالق المدهش
فعوالم شاعرنا عبد الله محمد خير
عوالم ساحرة

الأستاذ المحترم عبد المنعم سيد أحمد تحياتى،
وأعتذر عن التأخير؛ فقدسية رحيل الأستاذة الوالدة فاطمة أحمد إبراهيم، والوالد الشيخ الجيلى الشيخ الحفيان - رحمهما الله بالرحمة الواسعة - أبطأت الحديث عن الشعر والشعراء.

والصالحون يرحلون زُمراً؛ يأخذهم الله فدىً للأمة المبتلاة ربما بالأخوانوية والكليرا والطاعون والقُمَّل. ولعلَّ اللهَ بجاه هذه الأرملة المكلومة الصالحة العابدة بنت الصالحين (وكان أبوهما صالحاً) وبجاه ولى الله الشيخ الجيلى وآبائه، أن ينظرَ إلى أهل السودان بعين الرأفة (وهو الرؤوف الرحيم سبحانه) فيرفع عنه كلَّ إو بعض هذه الجائحات.

وحبابك عشرات؛ ليس مقيلاً فقط بل إربِع يا رجل، فالربعُ ربعُك والقِرى ممدود، ومتعك الله بالصحة والعافية. وأناشدك ألاَّ تتركنى وحدى لهذا الشيخ العاشق؛ فأنا فقط أُعبِّر عن زاوية شوف ضيقة لا تكتمل إلاَّ بزوايا الشوف الأخرى.

لك منى المحبة والسلام.

اللهمَّ ارحم الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم بالرحمة الواسعة، واغفر لها ذنبها كلَّه، وأنزلها فردوسك الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُنَ أؤلئك رفيقا.

وصادق التعازى لِإبنها أحمد الشفيع أحمد الشيخ، ولكل أفراد الأسرة الممتدة، وللزملاء والزميلات بالحزب الشيوعى السودانى، ولكافة أفراد الشعب السودانى قاطبة، ولأصدقائهاالعالميين فى كلِّ بقاعِ الأرض. ... وإنَّنا لفقدك يا فاطنتنا السمحة لمحزونون.

"إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون".

الحديث عن هؤلاء الناس وعن تلك النواحي يثير فيّ لواعج الشوق والحنين
ممتنون
وأستأذنكم في وضع ما كتب "ود المكي" هنا ..

الأستاذ الجليل عبد الله عثمان،
التحايا الباهرة والشكر الجزيل.

وبعدين يا سيدى إفعل ما تشاء بهذا البوست، فأنت مأذون أزلاً.

غير أنَّى لى ملاحظة طفيفة أستاذنا عبد الله عثمان لعناية الأستاذ ود المكى، وهى أن اللمبة وحسن ما جا قد كُتبتا بأرتموقة بالفعل، ولكن شمس العصر، والتومات، ووجنتاها هى قصائد أعرف مناسباتها على وجه الدقة، وأعرف من قِيلَتْ فيهِنَّ القصائد. كما أن زواج المرحوم حسن طه حميدة ليس ذلك بالبعيد، وقد تغنى صديق أحمد لعبد الله محمد خير قبله بكثير فى الحقيقة.

كما أنَّنى لا أعتقد بأنَّ المرحوم الشاعر عبد الله محمد خير كان يعتبر أىَّ بنتين معاً بتومات. فالتومات المقصودات فى القصيدة صديقتان حميمتان لا تفترقان (يقومن ويقعدن سوا) معروفتان بالروعة فى منطقة الجابرية الكبرى. كما أنَّ النجيفى ليس الأول فى نعتهما بالتوأمة، فالكل هناك ينعتهما بها لكترة ما رآهما الناس معاً خاصةً فى حلقة الرقص.

ولكن دعنى لا أظلم العم حسن الحلو بهذا الكلام الجاد، فلربما قال ما قال فى إطار من الونسة التى لا يُطالَب فيها أحداً بدقِّة القول والإنتباه.

لقد ثَقُلَتْ موازين هذا البوست بجيئتك إليه حبيبنا الأستاذ عبد الله عثمان،
فشكراً من ثان.