الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد.

الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد.


01-10-2017, 09:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1484038080&rn=13


Post: #1
Title: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد.
Author: Khalid Kodi
Date: 01-10-2017, 09:48 AM
Parent: #0

08:48 AM January, 10 2017

سودانيز اون لاين
Khalid Kodi-Boston, USA
مكتبتى
رابط مختصر


لترقد روحه في سلام.



الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد.الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد.

Post: #2
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: Khalid Kodi
Date: 01-10-2017, 11:23 AM
Parent: #1

وتحية لروح أستاذنا الشاعر محمد محى الدين

عشر لوحات للمدينة وهى تخرج من النهر
إلى روح الشهيد طه يوسف عبيد
الشاعر / محمد محي الدين
قصيدة انتفاضة العاشر من يناير 1982 ( ودمدنى)
تأبين الشهيد (طه يوسف عبيد) شهيد انتفاضة يناير
1
لوحة صباحية
شجر البان استعاد الريح
وارتاح على رقصته النسوة
يغسلن الجلابيب الثياب الخضر
اركان البيوت انتفضت
بالأرجل الراكضة الطير انتشي
صفقت الزونيا
وضجت ساحة الجميز بالطير الصباحى
الحمامات تبرجن ورجرن على الابراج ريشاً أبيضاً
والنهر اخفى لونه العادى
اجيال من الاسماك ترمى ظلها المائي
تخضر وتحمر
على الشاطئ عمال المجارى
بائعات الكسرة الشماسة النسوة
ارباب المعاشات
في انتظار السفر الباصات ملت جسد الاسفلت
القت راكبيها
وتخلت عن مواعيد لعشاق يعيشون الجوى فيها
كراسي الخشب المكسورة الأيدى زماناً في مقاهى السوق
تشتاق لرواد يضيئون الزوايا
والدراويش استفادوا من نشيج الرعشة الأولى
على ايقاع بوب مارلي
استفادوا
لحظة اخرى من الظل الذى جاور جدران المراحيض العمومىة
والنسوة يدخلن تباعا والضريح انفتحت منه الشبابيك يلملمن الزورات
وارداف التجار المرحليون على باب المديرية تهتز
وآلاف من الطير الصباحى على بوابة النيل تحى حمد النيل
ورايات الضياء الخضر شوشن اذاعات جنود الشعب
في الحامية الباسلة
الطير انتشي
شجر البان استعاد القبعات الموسميات
استراحت غابة النيم على وقع خطى الجند
رجال الامن يوفون نذور الحب للتجار والسادة والقادة
والأطفال يوفون نذور الحب للأرض
البيوت انتفضت بالأرجل الراكضة
الاردية الخضراء والزرقاء والكتب الحكايات المجلات الطباشير المناديل الزهور النور
والنسوة نشرن الجلاليب على الجدران
جهزن الملاءات
الحنوط
الكسرة الصامتة /الصامدة
الشايا
وعبَّأن الأناشيد
المواعيد
وأقلام الرصاص
الجرس الاول دقّ
الجرس الثاني دقّ
(الجرس الثالث ..
دقت الاجراس دقّ
جرس جرس
النحاسى
الاساسي
الخلاسي
الخلاصي
الرصاصي
الرصاص

2

لوحة بالطباشير والحبر
الشبابيك مناديل يلوحن
مناديل بلون العشب والحب
الدروب انتظمت وردا جديدا
لبست لونا بلون الجرأة
اختارت صباحا يلبس الاردية الزرقاء والصبية
اطياف المراجيح ندى الخبز المحابر
والمناديل مزامير يزغردن
عصافير بصوت فجعته صعقة الرعب
العصافير تراجعن واعلن الهتاف المر
نشرن المناديل على الابواب
ثبتن المزامير على قلب الحناجر
والمزامير عصافير اذابت بحة الجوع وآهات الشبابيك قليلا
واضاءت لغة الأسفلت بالأحمر
والأحمر لايكذب يأتى
في سراويل من الدم سيأتى
راجلا يسبق الاف الخناجر
والعصافير طباشير رسمن العالم الرائع مرات على الاسفلت
بالحبر الصباحى تبادلن المناقير
رسمن العالم الثالث والخامس والسابع في صمت وأغلقن الدفاتر.
3
لوحة لم تكتمل بريشة طه يوسف عبيد
لم تتم
كان (عبد الحفيظ )يصافح اطفال ود ازرق الرائعين
ويشرح اسراره
كيف اعلن سر الرصاصة حل وثاق البنادق
وضح لغز العلاقة بين الدم المتفجر والموت والكسرة العائلية والقبلة الدافئة
لم تتم
شرد اللون والريشة انتفضت
رابطت في الشوارع
و(القرشي) يدخل الآن مدرسة النهر
ينشر كراسة تتوزع فيها المناخات
تلمس ريشته مدن الجوع والبلد المستباحة
تلمس كل القرى السكن الموت فيها
القرى الحل فيها العذاب وشردت الريح اطفالها
الصبية انتشروا يكتبون النشيد وكراسة الوطن المتوهج
والقرشي يصافح عبد الحفيظ ويرتحلان على فرس من دم
أبيض
أخضر
أحمر
4
لوحة رسمية
لا إله سوى البندقية
والحاكمية للشرطة العسكرية
والأمر للأمن والنهى للجند
ان الطمأنينة اليوم سائدة أيها الناس
فاعتدلوا وقفوا للصلاة الأخيرة
إنا نشاوركم بدخان القنابل
ثم نخبركم بحديث الزلازل
ثم نبشركم بدم في المنازل
ثم نفاجئكم بالرصاص
.
5
لوحة شعبية
يا يا با يا السنى
السنى يا السنى
يا البلبل الفنى
يا المهدى اضمنى
هدر الحديد الحديد
والزند فوق الزناد
يايابا يا السنى
ثوب الحداد الجديد
ثوب البلاد البلاد
يا يابايا السنى
رجفت يد الجلاد حين استمر النشيد
يا يابا يا السني
ويستمر النشيد
ويستمر الشهيد

6
لوحة سيريالية
خرجت الاسماك الذهبية أولا من النهر
واطلت النجوم التى كانت تختفى في الماء دائما
ونفض النهر قميصه العادى
وارتدى قميصا احمرا
وعمامة بيضاء
ترك شارع البلدية واخترق السوق
انتبه عمال المجارى والمادح وبائعة الليمون
ومن قبة (ودمدنى السنى) خرج الدراويش والكهول
والبنات اسدلن ضفائرهن على الاسفلت
رواد المقاهى تركوا احذيتهم تحت الكراسي المكسورة الأيدى
(حمد النيل )كان في المقدمة يحمل رايته الخضراء
(العليش) ترك فروته االرمادية امام (الكونتيننتال)
وفاطمة القروية كانت تهرول بين (السوق الجديد )و(كلية المعلمات)
كان الاسفلت يبدو جديدا وأنيقا
وقف النهر لحظة ليستعيد انفاسه
صعد الشيخ (عبد السيد) و(تاج الدين)
كان (الناطق )يفتح شبابيك النهر
ويحمل (نوبة) من جلد الدمور
وجريدة لم يحن وقت قراءتها بعد
انفرد (عوض الجيد) بالغناء
وانفردت (سميرة )بالرقص
واطلقت فاطمة المدنية عشرين زغرودة
انفجر (تاج الدين) بالضحك المتواصل
صفقت الامواج وطار الزبد الابيض
انتتبه (حمد النيل) اولا ورفع رايته الخضراء
تغير لونها قليلا
انتبه الرجال تحت الراية
اصلح (على عبد اللطيف) عمامته وشمر عن ساعديه
وتحسس (معاوية عبد الحى) خاتم الخطوبة حول اصبعه وابتسم
كانت فاطمة في هذه الدقيقة بالذات
تقف بين النهر الراجل والورشة
ورأت كل شئ:
رجال الحامية ،والعلم الامريكى
كبار تجار المدينة،
وموظفات البنك الدولى، ورجال الامن ،
والرشاشات محشوة بالحبر والسكر والرغيف،
اطلقت زغرودة اخرى
كان النهر يعلو
وطه يوسف عبيد محمولا علي مياه النهر الرائعة
يرتدى قميصا من السودان
وهلالا على جبهته من البرق الذى سوف يأتى
كان (لوركا) يجاذبه اطراف الحديث
و(خليل فرح )يترنم بالمقطع الأخير من عزة
و(غسان كنفانى) يتحدث عن اللون الأساسي في لوحة طه الأخيرة
انهمر الرصاص فجأة
وسقط طه يوسف عبيد أولا
سقط للمرة الثانية
تمزقت الصور الملونة
وخرجت المدينة من النهر عارية
تجفف ثقوب الرصاص على حبل الشمس الغاربة.

7
الوان
(ا)
اسودا كان لون النهار
وكانت خيوط الأشعة سوداء مصبوغة بالدخان
خطوط الجرائد سوداء
صوت المذيع يندد بالشغب الموسمى
ويعلن للشعب باسم قوى الشعب ان الاشارة خضراء ان الطمانينة سائدة
لا إله سوى القبعات.
ب
اخضرا كان لون الشجر
ج
ازرقا كان لون النهر
10
لوحة حمراء تماما
اخضرا كان لون الحقول
ولون الغصون واشجارها والعصافير
كانت مياه الجداول زرقاء
والنهر غير أزيائه
الحقل غير ازيائه
والمدارس والمصنع الدور

والأحمر الآن
إن الشوارع غارقة في الدم الأحمر
والأحمر لايكذب يأتى في سراويل من الدم
يأتى راجلا يسبق ألاف الخناجر

ودمدنى يناير 1982.

Post: #3
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: abubakr salih
Date: 01-10-2017, 11:49 AM
Parent: #2


هكذا يكون الوفاء للشهداء، فلترقد روحه بسلام.

لك التحيات الطيبة عزيزي خالد كودي.

Post: #4
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: Saifaldin Fadlala
Date: 01-10-2017, 12:22 PM
Parent: #3

لك كل التحايا الاخ خالد كودي
هذه اول مرة اقرأ نعيك القوي لصديق شاركته كل تفاصيل الحياة القصيرة
بحلوها ومرها,فجأة وبدون سابق انذار اختفي بين الجموع..ما اروع اولئك الغبش
الذين مهدوا الطريق,طريق ان تعيش بكرامة..ومرفوع القامة تمشي..

Post: #5
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: Omer Abdalla Omer
Date: 01-10-2017, 03:58 PM
Parent: #4

يا للوفاء يا كودي يا فنان و ياريت تعرف الشباب الصغار عن هذا البطل الشهيد.. شهيد مدني..
درب الحرية طويل و مخضب بدماء هؤلاء الشهداء الأبرار فأقل قليل أن نحفظ ذكراهم فدرب الحرية لا نهاية له.

Post: #6
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: سيف اليزل سعد عمر
Date: 01-10-2017, 04:14 PM
Parent: #5

وطه يوسف عبيد محمولا علي مياه النهر الرائعة
يرتدى قميصا من السودان
وهلالا على جبهته من البرق الذى سوف يأتى
كان (لوركا) يجاذبه اطراف الحديث
و(خليل فرح )يترنم بالمقطع الأخير من عزة
و(غسان كنفانى) يتحدث عن اللون الأساسي في لوحة طه الأخيرة
انهمر الرصاص فجأة
وسقط طه يوسف عبيد أولا
سقط للمرة الثانية
تمزقت الصور الملونة
وخرجت المدينة من النهر عارية
تجفف ثقوب الرصاص على حبل الشمس الغاربة.

وكأني واقف عند السور الغربي لمدرسة السنى الثانوية وأمامي طه بقميص أبيض نص كم وبنطلون بنى اللون. شعر كثيف وبسمة هزمت الجلاد
رحم الله طه يوسف عبيد..
تحياتى يا خالد كودي

Post: #7
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: الفاضل يسن عثمان
Date: 01-10-2017, 04:37 PM
Parent: #6



التحية لأرواح الشهداء بذلوا دماءهم الطاهرة لأجلنا وغدا أفضل
التحية لروح الشهيد طه يوسف عبيد . ولكل شهدائنا الأب الابرار !!!!!!
التحية لك يا كودي يا رائع فأنت مليء بالوفاء والنبل ، عهدناك دوما نصيرا للقيم الاخلاقية والإنسانية .
اتمني مرور الأخ حامد عبد المجيد البدري علي البوست لانه استمتع بالجوار السكني مع الشهيد طه.
نريد تصوير درامي حول شخصية الشهيد يا كودي وسيف اليزل، مراحل دراسته فكره الذي اعتنقه أصحابه نضالاته
كل شيء. الوفاء يكون بتذكر وعرض تفاصيل حياتهم

الشهداء أكرم منا جميعا

Post: #8
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: Khalid Kodi
Date: 01-11-2017, 08:26 AM
Parent: #1

الرحمه للشهيد طه يوسف عبيد،

شكرا لكل المتداخلين في البوست، ومعذره لعدم التمكن من الكتابه باسهاب لظروف سفر!

ابناء مدني من الذين عاصروا طه واستشهاده كثر في هذا الموقع، وطه كان شابا اجتماعيا وناشطا باتساع في مجالات كثيره .
اتمني من اصدقاءه ومعارفه ومن الذين عاصروا انتفاضة يناير ٨٢ في مدني الكتابه عن تلك الاحداث الهامه.

تقديري للجميع.

Post: #9
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: احمد حمودى
Date: 01-11-2017, 08:43 AM
Parent: #8


هكذا يكون الوفاء للشهداء، فلترقد روحه بسلام.

لك التحيات الطيبة عزيزي خالد كودي.

Post: #10
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: ياسر منصور عثمان
Date: 01-11-2017, 09:27 AM
Parent: #1

سلام استاذ خالد وضيوفه الاكارم

التحية لروح الشهيد طه يوسف
والتحية لكل شهداء الوطن

قرأت اليوم على الفيسبوك كتابات رائعة للصديق صلاح سرالختم عن الشهيد طه وتلك الفترة

ولا ننسى رأئعة شاعر الشعب محجوب شريف التي يقول فيها :
قام تقدم طه
تقدم تب ما تاها

إن لم نتخني الذاكرة

مع ودي

Post: #11
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: ياسر منصور عثمان
Date: 01-11-2017, 09:30 AM
Parent: #1

الذاكرة والحمد لله فيها شوية
لقيت القصيدة في منبر آخر:

قام إتقدم طه إتقدم تب ما تاها
نجمة شعاعا بناها
مدني السني سماها
إتقدم تب ما أتأنى
رسم اللوحة اتمنى
وطنا وطنا وطنا
رسم اللوحة الأجمل
الشعبنا ما بنساها

Post: #12
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: Khalid Kodi
Date: 01-16-2017, 04:32 PM
Parent: #11

كتابة الاستاذ صلاح محمد الحسن.


شهادتى للتاريخ
(طه يوسف عبيد_ زهرة في البستان)
كناصغارا مفتونين بالجمال عشاقا للشعر والقصة والرسم والتشكيل والقراءة والكتابة،مهووسون بالثورة والتغيير بفضول من فتح عينه واذنه علي الثورة في كل مكان ووكان ذلك قدر جيلنا من مواليد الستينات... خرجنا الي العالم وهو يمور بالثورة والافكار الجديدة في كل مكان.. في السودان كان وردي ومحمد الامين يغنيان لثوار اكتوبر صناع المجد وللثورة حتي القصروالملحمة والقرشي شهيدنا الاول ويا اكتوبر انحنا العشنا ثواني زمان في قيود ومظالم وويل وهوان
وباسمك الاخضر يا اكتوبر الارض تغني والحقول اشتعلت قمحا ووعدا وتمني
وكانت اغاني البنات تمجد ثوار كوريا" ياشباب كوريا
وثوار الصين: ياجني الماو ماو
وكانت اناشيد العاصفة والثورة ترن في الاذن من راديو فلسطين المنطلق من القاهرة حينا ومن دمشق حينا اخرا
وكانت المكتبات عامرة بالكتب عن سيرة جيفارا والثورات ضد الاستعمار واشعار المقاومة الفلسطينية
وحتي المنهج المدرسي كان ملئيا بمفرادات الثورة والتعاطف مع الثوار.....
كان الكون كله ثائرا ولم نكن استثناء بل استجابت ارواحنا الصغيرة للثورة واحلام التغيير وتعلقت بها وكان مدخلنا الادب
فكل كتاب او قصيدة كانت مانفيستو ثورة وتغيير.... وكل شاعر افتتنا به كان يشبه جيفارا ويتشبه به....
كنا ثلة اصدقاء جمعت بينهم محبة الفنون الجميلة والادب... كنا صغارا حين ترددنا علي رابطة الجزيرة للاداب والفنون واصبحنا من اعضائها
وحضورها بانتظام.... كان طه بابتسامته الدائمة ووجهه الضاحك ورسوماته الجميلة الاكثر تميزا ونضجا
كان رساما بامتياز
وكانوا ثلاثة رسامين
طه يوسف عبيد
خالد كودي
اسماعيل عبد الحفيظ
وكانوا ضمن المجموعة
اسماعيل كان موظفا بالمحكمة وقتها وهو من ابناء المزاد شقيق لاعب الدفاع الفنان عادل عبد الحفيظ
وخالد كودي كان بمدرسة مدني الثانوية بينما كنت وطه ومجدي النعيم وعبد الماجد عبد الرحمن في مدرسة السني الثانوية
كنا نتردد بانتظام علي رابطة الجزيرة للاداب والفنون التي كانت عامرة بالنشاط... نستمع الي الشعراء( القدال/ محمد محي الدين/ محمد الفانح يوسف ابو عاقلة/ عادل عبد الرحمن/ نجاة عثمان/ عبد العظيم عبد القادر/ السر الزين/عبد الرزاق.)
ونستمع للنقاد( مجذوب عيدروس/ علي مؤمن/ محمد عوض عبوش/ ) ونستمع الي قراءت قصصيةونقدها(احمد الفضل ا حمد/ عادل عبد الرحمن/ مجدي النعيم/ عبدالله ابكر) وكنا نستمتع بفنون الرسم والتشكيل من عمالقة(بابكر صديق / الاستاذ بشير عبد الرحيم زمبة/ محمد عبد النبي/ الفاتح علما/ اسماعيل عبد الحفيظ/ علي الامين/طه يوسف عبيد/ نجاة عثمان/خالد كودي/ نادر وطارق مصطفي)
وكان بالرابطة عمالقة في مجال المسرح كذلك.
واتذكر الان التفاصيل الدقيقة الموجعة لاستشهاد طه يوسف عبيد في يوم الاحد العاشر من يناير (1982) صباخا علي الاسفلت
كنا عائدين للتو من المشاركة في الدورة المدرسية القومية بمدينة الابيض
حيث شارك طه ضمن مجموعة مدرسة السني المشاركة بمسرحية البشارة للكاتب محمد محي الدين واخراج الاستاذ بشير عبد الرحيم زمبة وبطولة قيس حيدر الكاشف وهو قاض الان وناجي و اخرين
وكان طه مسؤولا عن تصميم الديكور وقد فازت المسرحية بالمركز الاول والميدالية الذهبية علي مستوي الجزيرة والسودان
وكنت مشاركا ضمن فريق كرة القدم
المهم عدنا في نهاية ديسمبر1981 ووجدنا مدني تغلي بالمظاهرات ضد سياسة نميري فيما عرف بمظاهرات السكر حيث كان السبب زيادة اسعار السكر وندرته
فانخرطنا من فورنا فيها بحماس شباب مفتون بالتغيير..
في يوم الاحد 10 يناير كانت هناك مسيرة كبري بمشاركة الاطباء والمحامين والطلاب
تجمعت المظاهرة جوار السينما الوطنية بمدني
وذهبنا جميعنا الي هناك فقد كنا اصدقاء لانفترق ابدا
ولم يفرقنا الا الموت
ولاحقا فرقت الحياة بقيتنا
كنا حضورا كلنا في ذلك الصباح وتلك المظاهرة وذلك الرحيل
كان طه سعيدا كانه يزف عريسا
ضاحكا كطفل لا كرجل ذاهب الي احضان الموت
تحرك الموكب عبر شارع المكتبة الوطنية وهو الشارع الذي يشق سوق مدني
حتي السكة حديد
عبر الموكب سور السكة حديد وتجمع في ميدان السكة حديد امام كلية المعلمات
وهو يزمع السير الي تجمعات العمال في الادارة المركزية للكهرباء والمؤسسة الفرعية للحفريات
وكنا سويا ذات الاصدقاء
كان طه في المقدمة وجواره الاستاذ الراحل المحامي صلاح دفع الله والاستاذة ناهد جبرالله
وكنت خلفه تماما
حين دوي الرصاص ونحن في قلب شارع الاسفلت
تشتت المتظاهرون
وساد صمت قصير
ارتفع هتاف الرصاص فشنك)(الرصاص لن يثنينا)
كان ذلك صوت طه
رددت الجموع خلفه وبدأوا التجمع مجددا حين دوي الرصاص ثانية
التفت طه الي الخلف وهو يصيح: الرصاص.....
لم يكملها وانفجر الدم الطاهر نافورة وتلون وجهه بالالم
تحسست الدم في ملابسي
كان دمه علي قميصي
نظرت اليه وهو يهوي ارضا كما تهوي شجرة في النهر
كتب الشاعر المرهف محمد محي الدين قصيدة رائعة حول استشهاد طه يوسف عبيد سماها عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر ... وهي لوحات رائعة لم تسجل الاستشهاد البطولي لطه يوسف عبيد وحده بل جسدت سيرة مدينة مدني بمجانينها واساطيرها
وكانت كلمات اقوي من الرصاص(شرد اللون والريشة انتفضت .. رابطت في الشوارع)
ومحمد محي الدين كان ولازال ركنا ثقافيا كبيرا في مدني وهو صاحب صوت شعري قوي ومتفرد ولغته لغة معطونة في الشجن والثورة وهو صاحب ديوان الرحيل علي صوت فاطمة
في ذلك الزمان كنا نطارد محمد محي الدين في الليالي الشعرية لنستمع للقصيدة وفي كل مرة نشعر بأننا نسمعها لاول مرة
وكنت استعيد تلك اللحظات القاسية كلها
كنت صغيرا وكان طه صغيرا وكنا نظن الدنيا اناشيد وقصائد وزهور وابتسامات
ولم نكن نظن ان فيها من يقتل انسانا لمجرد خروجه في مظاهرة سلاحها كالشعراء: كلمة..
مجرد كلمة وهتاف؟
مازالت تلك القسوة قابعة في اعماقي
مازلت اذكر العنقريب الاحمر الذي احضره بعض الطيبين من دكان ترزي اسمه الحريري
دكانه كان غرب كلية المعلمات
احضروا منه العنقريب ذي القوائم الملونة وووضعوا فوقه جسد طه الغض
وساروا به الي مستشفي مدني وسرت معهم مذهولا ومفجوعا
حتي حين تهامس الناس وسمعت سيرة الموت اول مرة لم اصدق ذلك
وعدنا من هناك الي منزل الاسرة بحي المزاد خلف مدرسة السني مباشرة
ذلك البيت الحبيب كان مكتظا بالبشر والميادين الاربعة امامه كانت كذلك
وفي الغرفة الصغيرة كان هناك خال الشهيد عبد العزيز عبد المنعم حافظ
والاستاذ مجدي سليم المحامي والاستاذ صلاح دفع الله وقائمة طويلة
وكان هناك افراد الشلة الحبيبة جميعهم
وهناك احضرت عربة الجثمان
من ذلك المكان خرجت مظاهرة اضخم لتشيع طه الي مثواه الاخير
عبرت المسيرة حي 114 وحين بلغت امام مدخل المؤسسة الفرعية للحفريات لعلع الرصاص مجددا
وسقط الشهيد الخانجي
وسقط العنقريب الذي يحمل جثمان طه نحو الارض بعد ان أصيب احد حملته وتفرق الاخرون وانبطحوا ارضا لتفادي الرصاص المنهمر
بقي طه وحيدا وبجواره والده الشيخ يوسف عبيد الذي جلس القرفصاء جوار الجسد المسجي وامسك باحدي القوائم وبقي هكذا غير عابئ بالرصاص.. توقف الرصاص أخيرا...جاءت عربة مجروس تابعة للجيش لتخلي جرحي الغارة ورأيت بأم عيني ضابطا بزيه الرسمي ممسكا بالجندي الذي كان قد اطلق الرصاص وهو يهزه بهيستيريا وغضب بعد ان تم تجريده من السلاح... كنت ملقي علي الارض بجانب الاسفلت...نظرت نحو طه وابيه ... كان يبدو نائما وابيه يحرسه اثناء نومه ،كان مغطي بالابيض.. وكنت واثقا انه كان يبتسم كعادته............
كان استشهاد طه يوسف عبيد حدثا لاينسي ولا يتكرر، كنا صغارا قليلي التجربة يدفعنا فضول الصغار الي ارتياد افاق جديدة ولم يكن اكثرنا تشاؤوما يظن ان الخروج في مظاهرة والهتاف بكلمات يمكن ان يكلف المرء حياته، كنا نظن لسذاجتنا ان الخروج في مظاهرة مثله مثل دخول مباراة كرة قدم او السينما او الذهاب الي ليلة شعرية ليس ذنبا ولاجريرة، لذلك كانت صدمتنا كبيرة، طه الضاحك الجميل الطيب الرسام لم يؤذ احدا فلم يقتلونه؟
لذت بصمت كبير وأنكفأت علي حزني واسئلتي وظللت اذهب كل يوم صباحا الي منزل العزاء صباحا وابقي هناك حتي المساء صامتا اذهب وصامتا اعود وقدرة غريبة علي حبس الدموع قد هبطت علي من حيث لا أدري، كانت امي مرتاعة حزينة ترقبني في مجيئ ورواحي وهي قلقة ، حتي كان يوم، عدت من بيت العزاء عند المغيب في اليوم العاشر لاستشهاد طه وتوجهت نحو الحمام وقبل ان اصله وجدتني انفجر بغتة كالقنبلة بالبكاء ... بكاء طويل ... بكاء لم ابكه من قبل ولا من بعد.. اتذكر دموع اخواتي والخوف في عيونهن ويد أمي الحانية ونظرة الراحة في عينيها وصوتها رخيما دافئا في أذني وهي تحرضني علي البكاء مؤكدة ان البكاء خير من صمتي.............................................. ............
صلاح سرالختم على

Post: #13
Title: Re: الأحد 10 يناير 1982 ذكرى إستشهاد طه يوسف عبيد
Author: Saifaldin Fadlala
Date: 01-17-2017, 11:13 AM
Parent: #12

وثوار الصين: ياجني الماو ماو
عذرا اخي كودي,احتمل مني هذا التصويب البسيط
اعتقد ان الاستاذ صلاح قد خلط ما بين الثوار الماويون في الصين
وبين ثوار حركة الماو الماو في كينيا والتي كان اغلب ضحاياها من قبائل
الكيكويو الذين فرض عليهم البريطانيون العيش في معازل ضيقة والاستحواذ
علي اراضيهم الخصبة 52-1956 وكانت بقيادة جومو كينياتا..اعتقد ان الذين
قصدوا في اغاني بناتنا هم ثوار الماو الماو الكينيين