إنطباعات عائد من القاهرة

10:16 PM January, 08 2017 سودانيز اون لاين
محمد الحسن حمدنالله-برستول بريطانيا
مكتبتى
رابط مختصرهناك إيجابيات وهناك سلبيات لكن الصورة العامة إيجابية آمل أن تكون هذه الإنطباعات موضوعية ومنصفة ومحايدة

زرت القاهرة أول مرة في شهر العسل في العام ١٩٩٤ حيث أمضيت فيها ٤٠ يوماً منها حوالي أسبوع في الإسكندرية سكنت في المهندسين لفترة قصيرة ثم باقي الفترة في المعادي في أبراج عثمان أحمد عثمان ( المقاولون العرب ) المطلّة علي مستشفي القوات المسلحة وكم كنت سعيداً بذلك فقد رسخ إسم المعادي في ذهني منذ المدرسة الإبتدائية وأنا ألتهم سلسلة محمود سالم المغامرون الخمسة تختخ ونوسة ولوزة وعاطف ومحب والشاويش فرقع والكلب زنجر وكانوا يسكنون المعادي كان إنطباعي إيجابي للغاية بل كنت غاية في الدهشة سيما وأنها كانت رحلتي الأولي خارج السودان زيارتي الثانية إلي مصر كانت في العام التالي ١٩٩٥ مع الفريق القومي السوداني لكرة القدم كمدير إداري للفريق وهذه المرة لم أر في القاهرة شيئاً فمن المطار توجهنا إلي الإسكندرية حيث جرت المباراة في إستاد الإتحاد السكندري وقضينا أسبوعاً هناك في فندق رينسانس علي ما أذكر وعند عودتنا إلي القاهرة أمضينا ليلة في فندق يقع في جبل المقطّم خارج القاهرة ومنه إلي المطار حيث غادرنا إلي الخرطوم

رحلتي الأخيرة هذه والتي تأتي بعد ٢١ عاماً والتي كانت لمدة ١٨ يوماً كانت رحلة موفقة وكانت المقارنات بين الماضي والحاضر حاضرة وقبل الدخول في التفاصيل أعتقد أن الإنطباع بصورة عامة إيجابي

وصلت إلي القاهرة وصديقي ودفعتي أسامة عبدالوهاب بعد الغروب بقليل يوم ١٢/١٦ لم نمكث في المطار طويلاً فأخذنا تاكسي المطار الأبيض الأكثر أماناً حيث يسجل سائق التاكسي مغادرته المطار لدي أمين الشرطة الموجود هناك كانت الأجرة إلي حيث مقر إقامتنا في شقة مستأجرة في المهندسين شارع محي الدين أبو العز المتفرِّع من شارع جامعة الدول العربية ١٥٠ جنيهاً وإن كنا علمنا بعد ذلك أنه يمكن إستئجار تاكسي من شركة أوبر بمبلغ أقل وهي شركة معروفة ومضمونة أول ما لفت نظري عندما تحرك التاكسي هو السرعة الكبيرة التي يقود بها سائقو التاكسي الأمر الثاني هو عدم إلتزام العربات بالمسارات أو ال Lanes فمثلاً إذا كان الإتجاه الواحد في الشارع مقسّم إلي ثلاثة مسارات تجد العربات تسير في أربعة مسارات😳 طبعاً من العبث الإشارة إلي أبواق السيارات فهي ماركة مسجلة بإسم القاهرة كما لفت نظري أن كل الدراجات البخارية تقريباً تسير بدون إضاءة ليلاً! ليس الدرجات البخارية وحدها بل بعض العربات تسير بدون إضاءة ليلاً ومنها التاكسي الذي إستغليناه من المطار وبسؤالنا للسائق عن سبب عدم إستخدام الأنوار قال أنه لا يحب أن يجهر بإضاءة سيارته العربات القادمة في الإتجاه المعاكس! أمر آخر وهو أني لا أذكر أن التاكسي قد توقف عند إشارة مرور فلا توجد تقاطعات أو عبور مشاة إلا نادراً أو في وسط البلد لكن الإضاءة في الشوارع جيّدة والإعلانات المضيئة الضخمة في كل مكان تزيد من إضاءة الشوارع وصلنا مقر السكن في أقل من ساعة ويبدو أن الحركة كانت معقولة لأن اليوم كان جمعة بعد الحمّام والغيار كان علينا النزول للعشاء وقضاء بعض الأغراض وتعرّضنا للإمتحان الأول وهو كيفية عبور شارع جامعة الدول العربية للوصول إلي مطعم جاد المشهور بالفول والفلافل ولديه فروع في مختلف أنحاء القاهرة في الجانب الآخر من الشارع فليس هناك إشارة ضوئية أو عبور مشاه يسمح لنا بالعبور إنما عليك أن تعبر الشارع والعربات تسير بسرعة لا تقل عن ٤٥ كلم في الساعة😳 أسامة كان أشجع مني وأقل تردداً في العبور لكني كنت متردد ولست واثقاً من أن العربات ستقف لتسمح لي بالمرور لكن شجعني مغامرة الآخرين الذين يرمون بأنفسهم أمام السيارات فتهدئ السيارات وربما تتوقف لتركهم يعبرون وبعد جهد نجحت في عبور الجزء الأول من الشارع وتبقي لي الجزء التاني الذي لم يكن بأسهل من الجزء الأول وبعد تردد عبرت وأنا غير مصدِّق😀 ومن يومها تكرر هذا الفيلم طوال مدة بقائي وإن كنت أصبحت أكثر ثقة أو قل أكثر مغامرة وهي بالنسبة للمصريين والمقيمين والذين يزورون مصر بإنتظام أصبحت في حكم الأمر العادي وفعلاً شق الديار علم

الاخ محمد الحسن متابعة من المقاعد الامامية
احد عشاق ادب الرحلات ( السفرنامة )

العزيز محمد جمعة الخير التحية والإحترام شاكر لك مرورك وتسعدني متابعتك وأنا كذلك من محبي أدب الرحلات آمل أن تجد في البوست ما تتوقعه خليك قريب تقديري

المهندسين تُعتبر من الأحياء الراقية في القاهرة وهي قِبلة للسودانيين سواء مستأجرين أو أصحاب عقارات لكن المهندسين خشوم بيوت ففيها مناطق راقية وفيها مناطق أقرب ما تكون إلي الأحياء الشعبية ومعظم العمارات في المهندسين قديمة ومداخل الكثير منها غير مشجِّعة للسكن فيها صحة البيئة في المهندسين مش ولابد فعادةً ما تجد الأوساخ قرب حاويات القمامة والقطط والكلاب تقتات منها! وجود الكلاب الضالة والقطط منظر مألوف خاصة جوار المطاعم صحة البيئة في القاهرة متردية مثل الخرطوم تحتاج إلي جهد أكبر خاصة في وسط البلد حيث تقل الحمامات العامة فيلجأ الناس إلي التبول في الشوارع فتضوع رائحة غاز النشادر الطاردة! الإيجار في المهندسين في موسم الشتاء ( الآن ) يتراوح بين ٣٠٠ جنيه إلي ٧٠٠ جنيه مصري في اليوم يعني حوالي ٣٠٠ ألف إلي ٧٠٠ ألف جنيه سوداني بالقديم أما في الصيف فالأسعار تزداد نظراً لإزدياد عدد الزوار والسيّاح وخاصة السودانيين أسعار الشقق ثلاث غرف وحمامين وإستقبال في المهندسين تتراوح بين ٦٥٠ ألف و٤ مليون مصري حوالي ٦٥٠ مليون إلي ٤ مليار جنيه سوداني بالقديم الشقق الواقعة علي الشوارع الرئيسية كشارع جامعة الدول و شهاب وسوريا ومحي الدين أبو العز غالية وكذلك الشقق في العمارات الجديدة أما الشقق في الشوارع الخلفية والعمارات القديمة فأسعارها أرخص سأستعرض أسعار شراء وإيجار الشقق في منطقتي الهرم وفيصل لاحقاً لأنهما كذلك مناطق مفضّلة للسودانيين للإيجار والشراء وصيتي للراغبين في شراء شقق في القاهرة أن يسرعوا بالشراء الآن فحتي الآن لم تتأثّر أسعار الشقق بتعويم الجنيه المصري إذ أن أسعارها اليوم هي نفس أسعارها قبل التعويم هذا بصورة عامة لكن يتوقع العاملون في مجال العقارات أن تتحرّك الأسعار في الأيام القادمة لأن إرتفاع الدولار بدأ ينعكس علي أسعار مواد البناء خاصة الحديد والأسمنت

زرت مناطق الهرم وفيصل أكثر من مرة وهي أقل درجة من المهندسين ومع ذلك فيها المناطق الراقية والمناطق الشعبية والأكثر شعبية وهي كذلك تقع في محافظة الجيزة مثل المهندسين ولا تبعد عنها كثيراً شارع فيصل ويشارع الهرم يبدآن تقريباً من شارع السودان في المهندسين ويتجهان ناحية إهرامات الجيزة كنت أعتقد أن مناطق الهرم وفيصل بعيدة جداً عن المهندسين ووسط البلد وأن المعمار فيها متفرِّق وعشوائي لكن هالني ما رأيت فالعمران في هذه المناطق لا يقل عن وسط البلد وشارع الهرم وفيصل عامران بكل أنواع العلامات التجارية المعروفة بالإضافة إلي مراكز التسوق والمستشفيات العامة والخاصة وسلسلة المطاعم المعروفة والسينما والمسرح علي إن ما يميز هذه المناطق علي المهندسين هو أن معظم العمارات جديدة وذات أشكال معمارية رائعة وعدد الأبراج السكنية المشغول والذي تحت التشييد هائل مما يعني أن الطلب عليها كبيراً ولا يزال في إزدياد حتي أني تساءلت من أين يشرب الماء كل هؤلاء السكان؟ فأجبت أن لو كل مياه النيل تم تسخيرها لمصر لما كفت لشرب هؤلاء لذلك ربما تحتاج مصر مستقبلاً إلي إستغلال المياه الجوفية نظراً لتناقص مياه النيل والمشاكل مع دول حوض النيل بشأن قسمة المياه أسعار الشقق في فيصل والهرم متقاربة فقد علمت من أصدقاء يملكون شقق في هذه المناطق أن سعر الشقة ٣ غرف وحمامين وإستقبال بمساحة تتراوح بين ١٤٠ متر و ١٦٠ متر علي المحّارة يعني فقط مبيّضة بالأسمنت وغير مشطّبة كان سعرها العام الماضي في حدود ١٥٠ ألف مصري يعني ١٥٠ مليون سوداني بالقديم الآن سعر نفس الشقة يبلغ ما بين ٢٥٠ إلي ٣٠٠ ألف مصري عندما تضيف حوالي ١٥٠ ألف تقريباً للتشطيب نظراً لزيادة بعض أسعار المواد لكن نوع التشطيب هو الذي يحدد المبلغ زائد ١٠٠ ألف إلي ١٥٠ ألف للفرش ويمكن الفرش بأقل من ذلك وهذا يعتمد علي نوع الفرش يعني الشقة المفروشة في الهرم وفيصل يتراوح سعرها تقريباً بين ٥٠٠ إلي ٧٠٠ ألف مصري وهو مبلغ كافي إذا توفِّر نقداً لشراء شقة في المهندسين ولو لم تكن في منطقة مميّزة أسعار الإيجار في فيصل والهرم المتوسط هو مبلغ ٤٥٠٠ جنيه مصري في الشهر حوالي ٤ مليون ونص سوداني بالقديم هذا في المناطق المعقولة خلف سارعي الهرم وفيصل وعلمت أن هناك مناطق رخيصة جداً لإنعدام التخطيط يصل فيها الإيجار إلي ألف جنيه مصري فقط أما أسعار الشقق في شارعي فيصل والهرم ربما تجاوزت المليونان من الجنيهات المصرية إعتماداً علي الموقع والمساحة والطابق كذلك أسعار الشقق في المناطق المميّزة مرتفعة فمثلاً في شارع سهل حمزة بين فيصل والهرم يبلغ سعر الشقة مع الجراج وهي غير مشطّبة ٥٠٠ ألف مصري ربما بعد التشطيب يبلغ والفرش يبلغ الإجمالي ٨٠٠ ألف مصري وهو اليوم سعر شقة بشارع السودان في المهندسين بمساحة ١٦٠ متر ٣ غرف وحمامين ورسبشن ربما يكون الآن الوقت مناسب للإستثمار العقاري في مصر نظراً إلي إنخفاض قيمة الجنيه المصري لكن قطعاً الذين إستثمروا في العقارات في مصر بالعملة الحرة قبل تعويم الجنيه قد خسروا بمقدار النصف تقريباً قطعاً ستكون إستثماراتهم زادت بالجنيه المصري لكن عند تحويلها إلي عملة صعبة ستضح الخسارة

سلام يا محمد اخوي

بالله لما تصل للاسكندرية وصف لينا بي دقة شدييييدة
شارع شارع زقاق زقاق محل محل
الرمل ..سيدي جابر الشيخ والمحطة ...المنتزه ...كليوباترا ...الشاطبي...سموحة...جليم...
مصطفى كامل....المنشية...باكوس.....سيدي بشر...العجمي...كامب شيزار...ابراهيمية...
و....و....اسكندرية كووووووولها

فعلاً الاسكندرانيين اجدع ناس والله
والاسكندرية عروس المتوسط

مع ودي

أخوي ياسر منصور عثمان التحية والإحترام غالي والطلب رخيص لكن للأسف الإسكندرية زرتها في العام ١٩٩٥ ولكن لم تمكني الظروف من زيارتها هذه المرة أتمني أزورها مستقبلاً وأورد مشاهداتي هنا سعيد بمرورك ومعذرة العنوان خادع لذلك سأعدله الآن ليكون إنطباعات عائد من القاهرة بدلاً عن مصر شاكر علي هذا التنبيه مودتي وتقديري

من الجوانب الإيجابية التي لفتت نظري في القاهرة هي توفّر المواصلات بكافة أنواعها علي مدار ال ٢٤ ساعة وبأسعار معقولة جداً فالتاكسي متوفر وبأعداد كبيرة ولا تحتاج أن تنتظر في الشارع إلي حضور تاكسي فهي موجودة في كل مكان وكل شارع وكل زقاق وسعر أجرة التاكسي من المهندسين إلي نص البلد مثلاً أقل من عشرين جنيه والمشوار يستغرق حوالي عشرين دقيقة كذلك الميكروباصات أو ما نسميها في السودان بالحافلات متوفرة فضلاً عن البصات وهذه رخيصة جداً وفي متناول الجميع أما تذكرة المترو فهي بجنيه مصري واحد فقط! السؤال الذي يثور هنا كيف نجحت السلطات في القاهرة توفير كافة سبل المواصلات وبأسعار معقولة لهذا العدد الضخم من السكان ولعشرات السنوات بينما عجزت السلطات في الخرطوم ذات الكثافة السكانية الأقل عن حل هذه المشكلة المزمنة والمستمرة لعشرات السنوات كذلك؟ أمر آخر إيجابي يجدر ذكره هو توفر الكهرباء علي مدار الساعة وكانت القاهرة قبل نحو عامين شهدت قطع مبرمج للكهرباء إستمر طويلاً لكن يبدو أن المشكلة تم تجاوزها تماماً بضم محطات حرارية جديدة إلي الشبكة وربما الحل النهائي يكمن في محطة الضبعة النووية التي يجري التفاوض بشأنها مع روسيا

الطعام والشراب متوفر في القاهرة وبمختلف أنواعه وبأسعار في متناول الغني والفقير فيمكنك الحصول علي وجبة ببضع جنيهات وكذلك يمكنك الحصول علي وجبة بخمسين جنيهاً أو يزيد لكن هناك محاذير لابد من وضعها في الإعتبار عند الحديث عن الأغذية والمياه في مصر وذلك لإنتشار مرض إلتهاب الكبد الوبائي ( اليرقان ) بأنواعه المختلفة وخاصة A,B,C فالنوع A وهو الأخف والمعروف في السودان ينتقل عن طريق الأغذية والمياه الملوّثة وهو أقل خطورة وسهل علاجه وتوجد لقاحات لمنع الإصابة به أما الأنواع B, C فهي الأكثر خطورة وتنتقل عن طريق الدم وملامسة المصاب يتم علاج بعض الحالات والبعض الآخر ربما يصبح مرضاً مزمناً وربما تسبب تليّف وتشمّع الكبد وربما سرطان الكبد حمانا الله وإيّاكم وبينما يوجد لقاح للنوع B إلا أنه لا يوجد حتي الآن لقاح للنوع C وهو الأكثر إنتشاراً في مصر لذلك وللوقاية لابد من إتخاذ الحيطة والحذر في التعامل مع المأكولات والمشروبات فشراب المياه الصحية ضرورة رغم أن البعض يستخدم الفلاتر لتكرير مياه المواسير لكنه إجراء غير مأمون كما يجب ،غسل الفواكه والخضروات التي تؤكل نيِّئة جيّداً قبل الأكل وإذا كان بالإمكان تناول الطعام المعد في المنزل فهذا أفضل أما إذا كان ذلك متعذراً مثل حالتنا ففي هذه الحالة يجب تخيّر سلسلة المطاعم المعروفة أو المطاعم ظاهرة النظافة هذه التحوطات هي الوضع المثالي لكن قليل من يستطيع الإلتزام بها بحذافيرها ولم أكن والصديق أسامة إستثناء حيث أغرانا منظر الذرة الشامي المشوي في قارعة الطريق فتزوّد كل واحد بواحدة😀 ومرة أخري وقعنا ضحية إغراء البامبي المشوي وثالثة الأيسكريم أما المطاعم فكان غداءنا ثابت عند مطعم جاد فول وفلافل رغم أنه محل مشهور إلا أن نظافته فيها نظر أما العشاء فكان موزعاً بين مطعم قدورة المشهور بالسمك ونظافته هو الآخر مش ولابد وليس بمستوي نظافة فرع قدورة علي كورنيش البحر في الإسكندرية عندما زرناه في العام ١٩٩٤ نصحنا صديق إلتقيناه في القاهرة بأن مطعم أسماك النيل أفضل من قدورة فذهبنا إلي فرعه في المهندسين شارع وادي النيل ورغم تنبيه الصديق لنا بأن المحل زحمة وربما ننتظر خارج المطعم لبعض الوقت إلا أننا لم نستسغ السمك المشوي الذي قدموه لنا ولا الإنتظار خارج المطعم حوالي ربع ساعة إنتظاراً لخلو طاوله غادرنا المطعم ولم نعد إليه مرة أخري لكنا ترددنا علي مطاعم الوجبات السريعة في المهندسين لتناول وجبة العشاء مثل ماكدونالدز وكنتاكي وبيتزا هت وأرشدنا مرافقنا إلي مطعم يمني يسمي حضرموت والسمّار في شارع جامعة الدول في المهندسين يُقدِّم وجبات طيبة مشاوي ومندي ..الخ أيضاً في شارع سوريا في المهندسين يوجد مطعم أبو عمار السوري وهو مطعم نظيف يقدم وجبات شامية جيّدة ولم ننس زيارة مطعم أبو طارق للكشري الأشهر في مصر في عمل الكشري وهي المرة الأولي التي أتذوّق فيها الوجبة المصرية الشعبية الأولي وهو طعام طيب طبعاً من زار القاهرة ولم يزر حلواني العبد فما زار القاهرة أو كما يقولون ولأننا تركنا الرجيم وراء ظهورنا في بريطانيا ذهبنا إلي العبد نطلب الباسطة والبسبوسة لكن للأمانة لم تكن الجودة مطابقة للإسم فاعتزلنا العبد إلي حلواني شهير آخر بناء علي نصيحة صديق هذا الحلواني هو عبد الرحيم قويدر ولدية فرع في شارع شهاب ليس بعيداً عن مكان سكنا وبالفعل وجدناه يصنع الباسطة والبسبوسة الجيدة كما ألفناهما في السودان زمان كما زرنا محل فرغلي بشارع جامعة الدول الشهير بالعصائر الطازجة وبصراحة مستوي النظافة لدية كان متدنياً للغاية فالخلاطات مصنوعة من الحديد وقديمة والعصير مُراق في الطاولة الموضوعة فيها الأكواب للزبائن طلبنا عصير ليمون وأخذت منه رشفة واحدة ودلقت الباقي في حاوية القمامة المجاورة أخيراً عثرنا علي محل العروبة بشارع جامعة الدول الذي إشتهر ببيع التسالي والفستق والفول السوداني المحمّصة بالملح أو الليمون فأخذنا منه كمية بالليمون فكانت خير معين لنا في البيت عند مشاهدة التلفزيون وقراءة الجرائد

سرد جميل وممتع
ونتابع باهتمام شديد اخى محمد الحسن

أخي العزيز محمد إدريس زمراوي التحية والإحترام ممنون وشاكر وسعيد متابعتك وتشجيعك آمل أن تجد والقراء الكرام فيما تبقي من البوست المفيد مودتي وتقديري

أما وقد فرغنا من غذاء البطون فلا بأس من التفرُّغ لغذاء العقول أزعم أنه ما من سوداني يزور القاهرة وتخلو قائمة مشترواته من الكتب ونحن كالآخرين هرعنا إلي نص البلد نبحث عن الورّاقين كانت محطتنا الأولي المكتبة الأشهر بين السودانيين مكتبة مدبولي التي أزورها للمرة الأولي ومعظم الكتب التي وصلتني من مصر في السنوات الأخيرة كان مصدرها ذات المكتبة لكن ألجمتني الدهشة عندما دخلت المكتبة فهي صغيرة جداً والكتب السودانية التي نطلبها غير موجودة والموجود من الكتب السودانية علي قلته إما من الذي قرأناه في الماضي وإما يقع خارج دائرة إهتمامنا ربما لم نبق في المكتبة سوي دقائق معدودة التي غادرناها إلي المكتبات في شارع شريف وشارع عبدالخالق ثروت كانت تلك المكتبات عامرة بالكتب في كل المجالات لكن الكتب السودانية فيها قليلة عموماً حصلنا علي بعض الكتب سودانية وغير السودانية وكان الإنطباع الذي خرجنا به هو أن القاهرة لا تزال المدينة العربية والإسلامية التي تحتضن أكبر مستودع للكتب وما دام الحديث عن الإطلاع فلا ضير من إستعراض تجربتنا مع الصحف المصرية حيث كنا نحرص علي شراء الصحف المستقلة مثل الشروق والمصري اليوم واليوم السابع والدستور والمقال وصوت الأمة وللأمانة إنك لتجد صعوبة في التفريق بين الصحف الحكومية المسماة قومية والصحف المستقلة فأصبحت كلها إتجاه واحد مؤيِّد للنظام الحاكم لذلك يمكنك الإكتفاء بشراء جريدة واحد تغنيك عن الباقي فالأخبار مكررة و حتي أعمدة الرأي متشابهة علي أن الأمانة تقتضي القول بأن الملاحق الثقافية والإقتصادية تستحق الإشادة ليس هذا فحسب بل إهتمام الصحف بهموم المواطن المعيشية وإنتقاد سياسات الحكومة الإقتصادية من الأشياء الإيجابية التي تُحسب لصالح الصحف المصرية كذلك من الدروس التي تعلمناها من السودانيين في القاهرة أن السودانيين في مصر بخير ما إبتعدوا عن السياسة والتدخل في الشؤون المصرية وهو كلام عين العقل فالأجنبي الذي يقيم في بلدٍ ما عليه التقيّد بقوانين ذلك البلد أياً كان رأيه فيها

الملابس والأحذية المصريون بصورة عامة يهتمون باللبس لذلك فهم يلبسون بالمواسم فالآن المعروض بمحلات الملابس والأحذية خاص بالموسم الشتوي وفي هذا الوقت نادر ما تجد ملابس أو أحذية صيفية إلا في محلات محدودة أسعار الملابس والأحذية المنتشرة في كل مكان في القاهرة معقولة فمثلاً متوسط سعر القميص حوالي ٦٥ جنيه ومتوسط سعر البنطلون حوالي ١٠٠ جنيه وفنيلة البرد حوالي ٧٠ جنيه والجاكت من الجلد الصناعي حوالي ٣٠٠ جنيه والجاكت من الجلد الطبيعي من ٩٠٠ جنيه إلي ٢٠٠٠ جنيه والبدلة الكاملة تبدأ من حوالي ٢٥٠ جنيه والأحذية الجيدة ( الجزم ) تبدأ من ٣٠٠ جنيه الصندل ( الشبط ) ١٠٠ جنيه هذه الأسعار ششنة مأخوذة من مناطق مختلفة من القاهرة كشارع ٢٦ يوليو ومحلات في المهندسين لذلك يمكن أن تجد أسعار أقل من ذلك لنفس الأصناف في الأسواق الشعبية كالعتبة والموسكي مثلاً وربما تجد أسعار أغلي من ذلك في الأسواق الراقية لكن كل شخص سيجد ما يناسبه من حيث السعر والجودة هنا تجدر الإشارة إلي سلسلة محلات التوحيد والنور المنتشرة في كافة أنحاء القاهرة والتي توجد بها الملابس والأحذية وكل الإحتياجات المنزلية وبأسعار مناسبة وجودة معقولة

أعجبني إستقرار الأسعار في القاهرة وإنطباقها أو تقاربها في كل المحلات التجارية بعكس فوضي الأسعار في الخرطوم والسودان حيث تتصاعد و بمتوالية هندسية رغم فقدان الجنيه المصري لنصف قيمته في مواجهة الدولار بعد تعويمه إلا أن الزيادة في أسعار بعض السلع والخدمات لم تتم بنفس النسبة صحيح زادت أسعار الكهرباء والوقود لكن معظم السلع والخدمات ظلّت أسعارها كما هي قبل التعويم! أثناء فترة وجودنا التي جاءت عقب حوالي ثلاثة أشهر من تحرير سعر صرف الجنيه المصري كان لا يزال هناك جدل ساخن علي صفحات الصحف وغيرها من وسائل الإعلام بشأن زيادة أسعار الدواء فالحكومة تري زيادة أسعار بعض الأدوية بنسبة تتراوح بين ١٥٪‏ و ٢٠٪‏ بينما يطلب مستوردوا الأدوية وأصحاب مصانع الأدوية لرفع نسبة الزيادة إلي ٥٠٪‏ أما نقابة الصيادلة فترفض الزيادة مهما كانت نسبتها لأن ذلك يُعرِّض صحة المرضي للخطر! يا ألهي يالهم من رجال يهتمون بصحة مواطنيهم ففي السودان عندما تم تحرير سعر الصرف زادت أسعار الأدوية في اليوم التالي ١٠٠٪‏ وبعض الأصناف زادت بنسبة ١٥٠٪‏ الخلاصة أن الحكومة المصرية مهتمة بمواطنيها بينما الحكومة السودانية لا تقيم لمواطنيها وزناً لاحظت هذا ليس في مجال الدواء بل في كل السلع الضرورية للمواطن فلك أن تتخيّل أن اللحوم المستوردة من السودان تباع في القاهرة بنفس أسعار اللحوم في الخرطوم! لا بل كيلو اللحمة في مجمعات وزارة الزراعة يصل إلي نصف قيمته في الخرطوم!

تحيه طيبه يامحمد ومتابعه مستحقه


احترامى

العزيز ملهم كردفان التحية والإحترام سعيد بمرورك من هنا وسعيد بمتابعتك وتشجيعك وأنت من الأسماء التي لا تخطئها العين في المنبر العام مبلغ علمي أنك تقيم في القاهرة لذلك أرجو أن لا تبخل علينا بملاحظاتك وإستدراكاتك علي ما ورد في البوست فالمقصود هو تقديم بعض المعلومات من خلال تجارب مختلفة حتي تكتمل الصورة لمن يزور مصر من السودانيين مودتي وتقديري

البيروقراطية المصرية داء قديم عجزت السلطات المتعاقبة عن علاجة ساقتني قدماي إلي مجمع التحرير لعمل إقامة بالجواز واستعنت بصديق مجمع التحرير كان مزدحماً كالعادة والممرات والدهاليز المؤدية إلي مكاتب الهجرة ضيقة وتعج بالبشر من مختلف الجنسيات وبسسب الزحام تحس أن نفسك قد إنقبض وصلنا إلي نوافذ الهجرة المزدحمة وليس هناك صفوف أو نظام إنما الإعتماد علي القوة الجسمانية للوصول إلي فتحة الشباك للوصول إلي الموظف المختص المهم بعد أن سألنا مرتين ثلاثة عن المكان المناسب تم توجيهنا إلي النافذة رقم ٥٢ علي ما أعتقد وهناك نجح مرافقي بعد مزاحمه في مد الجواز إلي الموظف الذي ختمه بإقامة لمدة أسبوعين! إذا كان الأمر كذلك فلماذا كل هذا العناء الذي يتكبده طالب الخدمة والموظف أليس بالإمكان منح الإقامة في المطار عند الدخول كما تفعل معظم دول العالم؟ السؤال الثاني لماذا أسبوعين؟ وكثير من الدول تمنح ٦ أشهر و٣ أشهر وأقلها شهر واحد! مرة أخري رافقت صديق إلي مكاتب الشهر العقاري بالدقي وهو بصدد عمل توكيل عام لمحامي وخاص لوكيله في القاهرة بخصوص شقته هناك المبني قديم ويبدو أنه لم يخضع للصيانة أو التجديد منذ زمانٍ بعيد ومستوي النظافة دون الوسط والمبني مزدحم وهو أشبه بالسوق الكمبيوترات المستخدمة قديمة جداً وربما كانت أول كمبيوترات تم تصنيعها علي الإطلاق ولوحات المفاتيح متّسخةا صراخ المراجعين يختلط بصراخ الموظفين كذلك هناك خلل في النظام الموظفون يستخدمون الأوراق والدفاتر لتسجيل المعلومات التي تُسجّل مرة أخري في الكمبيوتر لذلك يأخذ الأمر وقتاً طويلاً بالإضافة إلي الدورة المستندية التي تمر عبر حوالي خمسة موظفين في مكاتب مختلفة بالإضافة إلي الخزينة الجانب المشرق الوحيد في هذه الرحلة البيروقراطية الممّلة هو أن الرسوم في دواوين الحكومة بسيطة أو غير موجودة بعكس السودان الذي توسّعت فيه الدولة في الجبايات والأتاوات بشكل غير مسبوق لكن للأمانة المكاتب الحكومية في السودان أفضل من هذا المبني بكثير علي أن ما شاهدته في مكتب الدقي وقطعاً يحدث في كثير من المرافق الحكومية هو عجز القادرين علي التمام! فكم يكلِّف مكتب الشهر العقاري في الدقي إستبدال هذه الكمبيوترات المهترئة والمكتب مصلحة إيرادية؟ أمضينا حوالي الساعتين حتي أنجز الصديق مهمته وخرجنا فرحين مرتين مرة بإنجاز الصديق لمهمته ومرة بتركنا البيروقراطية خلف ظهورنا

الإنتشار الأمني واضح في القاهرة ودواعيه مفهومة سيما وأن أعياد الكريسماس ورأس السنة كانت علي الأبواب ولم تمض سوي أيام معدودة علي هجوم الكنيسة المرقصية الوضع الأمني في القاهرة حسبما رأيت وسمعت وأحسست يمكن القول بأنه مستقر وليس بالصورة التي تتناقلها وسائل الإعلام والتي تبالغ في وصف الحالة الأمنية في القاهرة وكأنما الفوضي الأمنية في كل مكان كما حدث بعد الثورة وذلك ليس صحيحاً علي أن الإستقرار الأمني المستدام يكمن في الرضا السياسي لكل فصائل الشعب المصري بما فيهم الإخوان وحركة ٦ أبريل وشباب الثورة وذلك بإطلاق سراح المعتقلين منهم و بمشاركتهم السياسية الفاعلة ظني أن الحكومة القائمة ستسعي إلي ذلك لمصلحة مصر وإستقرارها ولأنه الحل الوحيد المستدام فالمشكلة سياسية ويجب حلها كذلك والحلول الأمنية في غياب الحلول السياسية لا جدوي منها ففي حالة الأخوان مثلاً يُسمح لهم بالمشاركة السياسية في مقابل موافقة الأخوان بالعمل في ظل دولة علمانية ودستور علماني هذا سيهدئ مخاوف الأقباط والعلمانيين من قيام دولة دينية وفي نفس الوقت يتيح للإخوان فرصة للمشاركة السياسية فينصرفون عن التفكير في إستخدام العنف كوسيلة لتحقيق غايات سياسية فتتجه الدولة بكلياتها إلي معالجة الإقتصاد والتنمية بدلاً عن الصرف الباهظ علي الأمن والنموذج التونسي مشجِّع لتطبيقه في مصر

وكما يتدافع السودانيون من الخرطوم ومن المهجر والمغترب لشراء العقارات بمصر كذلك لا تزال رحلة طالبي العلاج إلي مصر مستمرة لا شك أن الوضع الطبي في مصر أفضل من السودان لكن مصر كالأردن وسائر دول العالم الثالث في مسألة العلاج فيها مستشفيات جيّدة وأخري رديئة كما أن هناك أطباء ممتازين وآخرون عاديون لذلك الأفضل دائماً لمن يأتي إلي العلاج في مصر أن يسأل معارفه وأصدقاءه الذين تلقوا العلاج في مصر أو يسأل السودانيين المقيمين في مصر ليدل ه علي المراكز الطبية ذات السمعة الحسنة والأطباء المميزون عموماً إنطباع المرضي الذين تلقوا العلاج في مصر جيّد هذا لا يمنع من حدوث أخطاء طبية وإحباطات حدثت في بعض الحالات أما بخصوص الدواء فما سألت عن دواء معدوم في الخرطوم إلا وجدته في أول صيدلية أدخلها في القاهرة حدث هذا في زيارتي للقاهرة في ١٩٩٤ وحدث معي في هذه الزيارة! رغم أنك تطالع في الصحف المصرية ندرة في بعض الأدوية المستوردة من الخارج بسبب تعويم الجنيه المصري وعدم زيادة أسعار الدواء

الجو كان معتدل في القاهرة مائل إلي البرودة خاصة خلال الليل والساعات الأولي من الصباح إذ تتراوج الدرجات العليا بين حوالي ١٦ و ١٨ درجة بينما تصل الدرجات الدنيا إلي حوالي ٨ إلي ١٠ درجات مئوية رغم برودة الجو داخل الشقق إلا أنه لا توجد دفايات في معظم الشقق لكن يمكن الحصول علي دفايات تعمل بالكهرباء من محلات المعدات الكهربائية هذا الجو مشجِّع علي المشي لمسافات طويلة دون الشعور بالإرهاق وهذه من ميزات القاهرة حيث تُمارس الرياضة دون عناء أو ربما دون قصد وتجد لنفسك العذر إذا ما أفرطت في تناول السكريات😀

الإتصالات داخل مصر والنت أسعارها معقولة والنت سريع حيث كفتني ١٥٠ جنيه مصري إتصالات داخلية ونت لمدة ١٨ يوماً ولا يزال هناك باقي مع بعض الإتصالات الدولية أما الإتصالات العالمية من مصر فهي فأسعارها غالية جداً والإتصالات في السودان في هذه الناحية أفضل من مصر وحتي عندما تتصل من الخارج إلي مصر أحياناً ليس من السهولة أن تصل إلي الرقم الذي تريد من أول مرة والسبب غالباً ضعف الشبكة كما يحدث أحياناً في السودان علي أن مشكلة الإتصالات في مصر والسودان سببها الأساسي إحتكار الخدمة لشركات معينة والتدخل الحكومي أتوقع أن يزدهر ويقوي قطاع الإتصالات في البلدين إذا تم تحريره تماماً كما يحدث في الغرب

بخصوص العملة نصحنا الأصدقاء المقيمين معنا هنا والذين زاروا القاهرة مؤخراً أن حمل الدولار أفضل من الجنيه الإسترليني خاصةً بعدما فقد الإسترليني الكثير من قيمته في مواجهة الدولار بعد نتيجة الإستفتاء التي قضت بخروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي حمل كلٌ منا مبلغ في حدود ١٥٠٠ دولار كنا عادةً نذهب إلي الصرافات المنتشرة في حي المهندسين لإستبدال العملة كان سعر الصرافات حوالي ١٩ جنيهاً مصرياً للدولار الواحد وكان سعر البنوك أقل من ذلك بقليل وسعر السوق الأسود يفوق العشرين جنيه مصري لكن لأن التعامل بالعملة خارج القنوات الرسمية يمنعه القانون في مصر لذلك آثرنا إلتزام القانون والتعامل مع الصرافات كانت فكة المائة دولار مثلاً تكفي لمعيشة خمسة أيام شاملة الوجبات خارج المنزل وما نحتاجه داخل المنزل لذلك كان المبلغ الذي معنا يكفي للمعيشة والإيجار والتسوق والمواصلات والإتصالات مع متبقي مُقدَّر ذات مرة ذهبت إلي الصرافة لإستبدال ورقة من فئة الخمسين دولار وكان هناك جزء صغير للغاية مقطوع في ركن الورقة لكن الرقم المسلسل موجود وكامل رفض موظف الصرافة إستلام الورقة لأنها مقطوعة! ذهبت إلي صرافة أخري وكان الرد مماثل سألت أحد الأصدقاء المصريين عن الأمر فقال لي نعم إنهم لا يقبلون العملة المقطوعة حتي في البنوك وقد رفض من قبل البنك الذي يوجد به حسابه لسنوات طويلة قبول ورقة من فئة المائة دولار إنقطع طرفها صدفة عند سحبها من الربطة بواسطة اللستك وإضطر البنك إلي تبادل الرسائل مع رئاسته لقبول الورقة! عند عودتي إلي بريطانيا وفي مطار هثرو ذهبت إلي أقرب صرافة وإستبدلت الورقة بجنيهات إسترلينية دون سؤال أو تردد من موظف الصرافة علي المؤسسات المالية في مصر خاصةً البنك المركزي مراعاة فروق الوقت فليس من المقبول الآن في العالم رفض عملة مبرِّئة للذمة لمجرد أنها مقطوعة أو ممزّقة طالما المطلوبات الأساسية في العملة متوفرة مثل هذا التصرّف علي بساطته فهو طارد للإستثمار

كان ضمن برنامجنا زيارة المدن الجديدة مثل الرحاب ومدينتي والشروق والعبور والمجمع الخامس والشيخ زايد و ٦ أكتوبر .. الخ لكن لم تسمح الظروف بذلك سمعنا الكثير عن هذه المدن الجديدة من سودانيين زاروها أو يملكون فيها شقق أو ڤلل وهي مدن مقفولة بالذات الرحاب ومدينتي وتوجد بها كل الخدمات الضرورية كالمستشفيات والمدارس العربية والإنجليزية ومراكز التسوُّق وأندية الترفيه أسعارها مماثلة للأسعار في المهندسين وربما أغلي إلا أن البيع غالباً في كل هذه المدن تقريباً يتم بأقساط ميسرة ولمدة تتراوح بين خمس إلي عشر سنوات بعض من سكنوا في مدن الرحاب ومدينتي يشكون العزلة والبعد عن وسط البلد رغم أن الوسط الذين يعيشون فيه جيّد وهذا يفقد الساكن هناك إحدي مميزات القاهرة وهي الإختلاط بالناس

برغم كل شىء تفضل القاهرة قبلة السودانيين الاولي فى السفر ,,

الله يحميها و يحفظ اهلها الطيبين

مشكورين لجميل سردك و متابعين باقي الاحداث

العزيز أنس بابكر التحية والإحترام سعيد بمرورك وسعيد بمتابعتك أوافقك الرأي مصر وبرغم تَقَلُّب العلاقات بين الحكومات في البلدين إلا أن مصر كانت ولا تزال وستبقي وجهة السودانيين الأولي تقديري

وأنا ألملم أطراف هذا البوست إستعداداً للختام لابد لي من مقارنة عجلي بين القاهرة التي رأيت في العام ١٩٩٤ وتلك التي زرت مؤخراً صحيح أن هناك إرتفاع في الأسعار لكن لو تم إستبعاد تعويم الجنيه المصري الذي حدث مؤخراً فإن إرتفاع الأسعار يعتبر معقولاً لكن بعد التعويم أصبحت شكوي المصريين من الغلاء واضحة وربما لا يشعر بالزيادة من يأتي إلي مصر في زيارة قصيرة من الخارج مثلي كذلك من الملاحظ زيادة عدد سكان القاهرة من المصرين ومن مواطني الدول العربية خاصةً تلك التي شهدت إضطرابات كالسودان والعراق وليبيا وسوريا واليمن الأمر الذي إستلزم التوسع العمراني وإنشاء المدن الجديدة. المترو لا يزال يعمل وهناك إمتدادات جديدة لخطوط المترو منها العامل ومنها ماهو تحت التشييد وهو من أنجح مشروعات المواصلات في القاهرة والمنطقة العربية والأفريقية وهو مشروع يستحق الإشادة والسودان بحاجة ماسّة إلي مثله في الخرطوم لحل مشكلة المواصلات بسورية جذرية كان مستوي النظافة في المترو ومحطاته في العام ١٩٩٤ لافت للنظر لكن للأسف مستوي النظافة ليس كما كان في البدايات فأكوام النفايات أم محطات المترو أصبح مشهداً عادياً لذلك يحتاج الأمر إلي إعادته سيرته الأولي عربات التاكسي في العام ١٩٩٤ كانت العربات القديمة باللون الأسود والأبيض الآن نادراً ما تشاهد تلك العربات حيث حلّت محلها عربات التاكسي بيضاء اللون ومعظمها عربات كورية من نوع ڤيرنا إما جديدة أو بحالة جيّدة وبطبيعة الحال لم يكن هناك موبايلات في العام ١٩٩٤ فالآن الإتصالات أفضل أما العامل الذي لم يتغيّر فهو الشعب المصري ونظرته للسودانيين نفس الحميمية في الإستقبال والحديث ربما يكون ذلك في بعض الحالات بغرض الفهلوة وتسويق السلعة أو الخدمة لكن تظل الصورة العامة صادقة ولم أشعر قط لا في زيارتي السابقة أو هذه الزيارة أن المصريين تعاملوا معي كأجنبي مجرد معرفتهم بأني سوداني سواء كان ذلك في مكاتب الحكومة أو في التاكسي أو الأسواق أو المطاعم..الخ علي أن الأهم هو أن نكهة ومذاق القاهرة ظلت كما هي لم تتغيّر

في الختام السودانيون منقسمون بشأن مصر فمنهم من ينظر إليها بعين الرضا التي عن كل عيبٍ كليلة ومنهم من ينظر إليها بعين السخط التي تُبدي المساويا لكني آثرت النظر إليها بعين ثالثة عين الموضوعية فأضع الإيجابيات والسلبيات أمام القارئ الكريم ليصل إلي ما يراه مناسباً من أحكام علي أن هذا النهج لا يمنعني من إبداء وجهة نظري فيما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين السودان ومصر في المستقبل أري أن الأنسب هو قيام إتحاد كونفدرالي بين دول مستقلِّة في الدولتين علي غرار النموذج القائم في الإتحاد الأوربي وأن يمتد هذا الإتحاد ليشمل كل دول الجوار جنوب السودان وأثيوبيا وأريتريا وأفريقيا الوسطي وتشاد وليبيا بحيث يسمح الإتحاد بحرية تحرك الأشخاص والبضائع وحرية الإقامة وحرية العمل وحرية التملك علي أن يشمل المشروع إذا ما نجح باقي أفريقيا مستقبلاً هذا هو المخرج الوحيد للسودان ومصر ومن بعدهما أفريقيا لبناء إقتصاد قوي وقوة مؤثِّرة إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً علي مستوي العالم بحيث تتكامل إمكانيات الدول البشرية والإقتصادية والعلمية لمصلحة الشعوب الأفريقية هذا الحلم يمكن تحقيقه فقط عند إنتشار الديمقراطية في أفريقيا بحيث يصل إلي البرلمان نواب يمثلون الشعب حقيقة وليس الحكومات التي غالباً ما تصطرع فيما بينها ليس من أجل تطلعات مواطنيها ولكن من أجل غايات الحكومات السياسية إذن مهما إختلفت الحكومات في السودان ومصر فستظل العلاقة بين الشعبين الأقوي والأبقي

إتصل علي قبل قليل الصديق معتز سعد المقيم معنا في برستول والذي كنا معاً في زيارتنا للقاهرة وإن نزل في شقة أخري في حي الدُقي المجاور للمهندسين طلب مني الصديق تصحيح معلومة وردت في البوست الذي إطلع عليه بخصوص الإتصالات الخارجية من مصر حيث ذكرت أنها غالية جداً إذ يبلغ سعر الدقيقة ١٤ جنيه مصري حوالي ١٤ جنيه سوداني وبالتالي فهي أغلي من السودان قال لي الصديق أن هناك خدمة إسمها كل الدنيا موجودة في كل شركات الإتصالات العاملة في مصر ويمكن لأي مشترك تفعيل الخدمة وعمل المكالمات العالمية بمبلغ إثنين جنيه مصري فقط! طبعاً لم أكن أعرف هذه الخدمة ولم يشر لنا أحد أليها لذا وجب التنويه والإعتذار