هوس ديني من طراز فريد

هوس ديني من طراز فريد


11-11-2016, 02:51 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1478829069&rn=0


Post: #1
Title: هوس ديني من طراز فريد
Author: وليد زمبركس
Date: 11-11-2016, 02:51 AM

01:51 AM November, 11 2016

سودانيز اون لاين
وليد زمبركس-الولايات المتحدة - ولاية فرجينيا
مكتبتى
رابط مختصر

التحايا لكل الحضور الجميل . إدارةً و عضوية ، زوارًا و قرّاء.
رغم اني لا التزم باكمال البوستات التي اكتبها كالكثيرين بهذا المنبر الجامع و ذلك لاشكاليات شخصية تخص كل كاتب علي حدة و يجمع بين تلك الاشكاليات عامل الزمن الذي تعجز معه كل ملامح الجاهزية لمواجهة شئون الحياة ، فبلا شك أن قضاء ثمان ساعات في اليوم بمكان العمل و بصورة مستمرة لمدة سبع او ست او خمس ايام بالاسبوع علي الأقل بموقع العمل الذي يختاره الشخص لالتقاط لقمة العيش الكريم - لهو وحده كافِ للابتعاد عن كل الانشطة الاجتماعية ناهيكم عن الدخول في جدل و حوار علي بوست عام بمنبر مفتوح للاعضاء و زوار الفيس بوك و الرّاتبين من القرّاء و العابرين . و تلك باعتقادي هي مشكلة عدد كبير من اعضاء المنابر السودانية ، و لا تخص المشكلة اعضاء المنابر وحدهم و لكن تتمدد لتشمل كل الناس في اي مكان علي سطح هذه الارض التي يعيش سكانها في سباق مع الزمن لا ينهيه سوي أجل كل واحد او واحدة منهم اينما كانت القضايا و المبادئ التي بها ينادون او ايًا كان حبهم لهذه الحياة التي بها يعيشون علي امل تحسين اشكالهم مع الزمن رغم قناعتهم بأن ذلك الحلم لن يكتمل طالما أن الذي يمضي من زمن سوف لن يعود.
مع هذا الوضع المزعج قررت أن اكتب هذا البوست و لو استقطع له بعضًا من زمن راحتي و ذلك لاعتقادي بأن الموضوع الذي انا بصدد نقاشه يهمّني كثيرًا بل أنّه يؤرقني و يزعجني كما تزعج الانسان رحلة البحث عن عمل يقيه شرور العوز و الحاجة لمساعدة الآخرين .

Post: #2
Title: Re: هوس ديني من طراز فريد
Author: وليد زمبركس
Date: 11-11-2016, 03:05 AM
Parent: #1


أنا كما الكثيرين من اعضاء هذا المنبر الجامع لا تهمني علي الاطلاق انتماءات الافراد و الجماعات روحية كانت ، سياسية او فكرية ، بقدر ما يهمني تعامل هؤلاء الافراد و الجماعات معي و منحهم لي حق أن اعيش في هذه الحياة كما يحلو لي العيش. فكون أنّ هناك امرأة عاهرة او رجل مثلي او مغنّي يردد الفاظ بذيئة في محتوي اغنياته او أنّ هناك امرأة حاسرة الرأس او شخص ملتحي يري أنّ الله ما خلقه الا ليدخله الجنّة او شيخ يقضي نصف يومه بالمسجد يدعو الناس للدين . او اي شكل من اشكال الاختيارات الشخصية للآخرين . فذلك لا يزعجني في امري لا من قريب او ن بعيد .
ما يزعجني هو أن يسعي أحد الناس لجعلي أن أبدو مثله في المظهر العام او السلوك او اختيار الموقف من الحياة . هذا النوع من البشر يزعجني كثيرًا ليس لأني قد لا التقي مع ما يدعوني اليه و لكن لأنّه صادر منّي الحق الذي منحه لنفسه ، فهو قد منح لنفسه حق الاختيار فاختار طريقة العيش التي تلائمه و بالتالي فمن الموضوعي أن يتيح لي المجال أن اختار أنا ما اريد ، الّا أن يكون له رأي مسبَق عنّي بأنّي لست أهل لاختيار حياتي كما اختار هو حياته و بالتالي تعامل معي كما يتعامل اولياء الامور مع القاصرين ، و بالتالي قرّر أن يختار لي ما يراه يناسبني في هذه الحياة دون أن يفهم او يضع في اعتباره أنّي انسان كامل الأهلية مثله و بالتالي يحق لي كما يحق له الاختيار .

Post: #3
Title: Re: هوس ديني من طراز فريد
Author: وليد زمبركس
Date: 11-11-2016, 03:10 AM
Parent: #2

عفوًا علي الاطالة في التقديم لموضوع البوست و لكني فقط احببت أن تكون النقاط التي انا بصدد حوارها واضحة للجميع كما احببت أن اطرح مبدئي في الحوار و الذي يمكن للجميع أن يحاكموني به في هذا البوست ، وهي طريقة اتبعها لالزام نفسي بحد أدني في الحوار لا يجب أن اتجاوزه ايًا كانت الظروف .
و لذا فأنا اكرر اعتذاري و اعد بالدخول مباشرة الي موضوع البوست .

Post: #4
Title: Re: هوس ديني من طراز فريد
Author: وليد زمبركس
Date: 11-11-2016, 03:37 AM
Parent: #3

في الفترة الأخيرة قد قمت بالخروج من عدد كبير من مجموعات الوتساب و الفيس بوك و التي رأيت انّها لا تناسبني ، و ضمن تلك المجموعات عدد من قروبات تخص الاسرة و بعض الاصدقاء المقرّبين.
و رغم حرصي علي التواصل مع المقرّبين اهلًا كانوا او اصدقاء ، الّا أنّي لاحظت أنّ هناك العديد من القروبات يؤسسها بعض الناس علي حلقات التواصل الاجتماعي و ليس الغرض من ورائها تواصل اجتماعي بقدر ما هي نوافذ يتوهّم اصحابها أنها ستكون لهم صدقة جارية او علم ينتفع به بعد الممات ، فيرون أن يدعون من خلالها الأقربين الي طريق الله و الهداية و الدين ، و رغم أنّ الدعوة للدين بذاتها لا تزعجني في شئ و لكن نظرة الاخرين لي او لاعضاء الاسرة و الاصدقاء علي أنهم مصدر لكسب الحسنات ، لهي وحدها فكرة تجعلني انفر من هذا السلوك غير المسئول . فالشخص يقرّر أن يقبل دعوة للانضمام لقروب عيلة او اصدقاء بغرض التواصل معهم و متابعة اخبارهم و اخبار الوطن - ثم يتفاجأ بأنّهم يحتسبون لله كل ما يكتبونه بالقروب فلذا لا يجد بالقروب سوي احاديث و آيات تتكرّر بصورة متواترة و يتم تناقلها من قروب الي قروب ، يتخلل ذلك ارفاق صور لحمائم بيضاء و قلوب ، و مع كل مداخلة يكتبها احدهم يثني عليه آخر و يدعو له بالرحمة و الغفران . و بالتالي يجد الشخص نفسه معزولًا عن المشاركة في القضايا المطروحة بالقروب لأنّه لم ينضم اليه لممارسة هذا الدّور ( دور هداية الآخرين ) إذ أنّ هذا الامر لا يعنيه من قريب او بعيد . بل أنّه ليس ضمن قائمة اولوياته عند التعامل مع الاهل و الاصدقاء . و ليت الامر توقّف عند ذلك الحد - بل أنّ بعضهم يلومه لكونه لم يشارك في فضل الدعوة الي الله ثم لا يتورّع أحدهم في أن يوجّه له اسئلة صريحة تتحرّي ايمانه لكونه لم يشارك تقديم صدقة جارية او علم ينتفع به بعد الممات. و لأنّ الناس يختلفون في رؤيتهم للقضايا بما فيها قضايا الدين - فإن هذا السلوك يزعجني كثيرًا و يحسّسني بأن هؤلاء الاشخاص لا ينظرون للآخرين سوي أنّهم ( نقّاطَة او دكّان حسنات ) يكتسبون منه أجرًا يتقرّبون به الي الله ايمانًا منهم بأنها تجارةً لن تخيب . و تلك وحدها فكرة ترعبني عند التعامل مع هؤلاء لأني اراهم يرجّحون رغباتهم الفردية ( جمع الحسنات ) علي رغبات الآخرين ( التواصل الاجتماعي كما يحمله اسم القروب ).

لذا رأيت أن اكتب ههذا البوست للوقوف علي تجارب اعضاء آخرين حول هذا الامر الذي انتشر بصورة مدهشة للدرجة التي معها يمكنني أن اسميه ظاهرة تستحق الدراسة و البحث التمحيص .

Post: #5
Title: Re: هوس ديني من طراز فريد
Author: وليد زمبركس
Date: 11-11-2016, 05:17 AM
Parent: #4


لقد أدهشني هوس بعض المسلمين بالدين و بالتالي فإنهم يتصرّفون علي ضوء هوسهم ذلك تصرفات لا تنسجم و الدين نفسه ، و قد شهدت ذلك ابان فترة الانتخابات الامريكية الأخيرة ٨ نوفمبر ٢٠١٦ و رغم أنّي يحق لي التصويت في الانتخابات الامريكية منذ العام ٢٠١٢ الا أنّي لم اشارك في أيّ واحدة من تلك الانتخابات و ذلك لأمر يعنيني بصورة خاصة جدًا ، اذ احس من اعماق نفسي بأنّ المرشحين للرئاسة الامريكية لن يستطيعوا حل مشاكلي بالمجتمع الامريكي ما لم احلها أنا بنفسي ، و لذلك فلا الحزب الديمقراطي و لا الجمهوري يمكنه أن يسهم في حل مشاكلي بأي حال ، هذا سبب غير مباشر لعدم مشاركتي في الانتخابات و السبب النفسي المباشر هو احساسي العميق بأني لا اريد أن افقد ( عذريتي الانتخابية ) في انتخابات امريكية و انا انتظر بها انتخابات الديمقراطية الرابعة بالسودان . و رغم أنّ ذلك الرأي قد يبدو طوباويًا الا أنّي أجد نفسي اتأثر به بقوّة ليس لها مثيل . اذ لم تتح لي فرصة المشاركة في الانتخابات التي أجريت بوطني بالعام ١٩٨٦ و السبب أنّي لم اكن قد بلغت سن الثامنة عشر حينها و لذلك لم اتمكن من المشاركة في الانتخابات ، ثم بعد ذلك بقليل جاء الانقاذيون فحرمونا حقنا في الوطن الجميل و لذا لم اشارك في اي واحدة من انتخاباتهم المكذوبة لقناعتي بأنّه لا انتخابات حرّة يمكن أن ترتكز علي حكومة انقلبت علي نظام ديمقراطي لتسطو علي مؤسسات الدولة و الشعب .
ما أود أن أقوله هنا بخصوص قضية الهوس الديني موضوع البوست ، هو أنّ مجموعة من الاصدقاء و زملاء العمل المسلمون قد هاجموني لعدم مشاركتي في الانتخابات و هم يرون أنّي و امثالي قد أضعنا حقوق المسلمين بعدم المشاركة في الانتخابات ، و حين سألتهم عن السبب أدهشوني بحقيقة لم تخطر لي ببال من اناس احسبهم معتدلون في مواقفهم من قضايا الصراع التي يتوهّمها بعض المسلمون و بالتالي يرون انفسهم ضحايا يعيشون علي هامش الحياة الامريكية و قد فرضت عليهم ظروف هذه الحياة الهامشية ، كراهية الامريكان للمسلمين ( كما يتوهّمون ) و كأنه لم يفرضها عليهم موقف حكوماتنا التي دفعت بالملايين لمغادرة ارض الوطن بحثًا للعيش الكريم في الدول الغربية مهاجرون غير زائرون او حالمون بالعودة لارض الوطن، و يأتي ذلك في ظروف احساس عميق بتربص الدول الغربية بهم و بالتالي فهم يسقطون كل مشكلاتهم الاجتماعية علي الدول الغربية و لا يثنيهم عن ذلك القدر الكبير من الحرية الذي يتمتّعون به علي اراضيها و الذي يفتقدونه في بلادهم الام ، هذا غير تسهيلات الضمان الاجتماعي و السكن و العلاج المجاني لاعداد كبيرة من المسلمين و بمبالغ طائلة لا يمكن ان تقدّمها لهم حكومات بلادهم الام بأي حال و هي التي اضطهدتهم و اضطرّت الكثيرين منهم للخروج من ارض الوطن مجبورين غير مختارين .
بعد استماعي لاتهام اصدقائي الذي واجهوني به ( أنّي و امثالي قد أضعنا حقوق المسلمين ) ، وجدت نفسي أواجههم باسئلة يبدو انهم لم يتوقّعوها او لم يسألوها لانفسهم كمسلمين يودّون نصر الدين الاسلامي في مجتمع غربي من خلال التصويت لمرشحة الحزب الديمقراطي الخاسرة في الانتخابات السيدة هيلاري كلنتون. و قد كان اوّل اسئلتي لهم ما إن كانوا يعرفون أنّ الحزب الديمقراطي لا يرفض المثلية الجنسية و بالتالي فإنه يوافق علي أن الرجل يتزوج رجل و تتزوج المرأة امرأة مثلها او تقيم معها علاقة جنسية كما يحلو للمثليين أن يقيموا من علاقات ؟ و قد كانت دهشتي كبري حين أجابوني بأنهم يعلمون ذلك ( و دهشتي جاءت بسبب وقوفي علي تناقض واضح في موقفهم و ما يدعو اليه الدين ) ، ثم سألتهم ان كانوا يعلمون أنّ الحزب الديمقراطي لا يرفض الاجهاض ؟ و قد أجابوني ايضًا بأنّهم يعرفون ذلك ، ثم سألتهم إن كانوا يرون أنّ تلك الممارسات تنسجم مع الدين الاسلامي ؟ فأجابوا بالنفي. ثم سألتهم مرّة أخري عن موقف الدين الاسلامي في ولاية المرأة ، فقالوا انه لا يجوز أن تتولّي امرأة شأن الرجال ، ثم سألتهم عن ولاية غير المسلمين علي المسلم ، فتحجّجوا لي بأنّهم أقليّة في مجتمع مسيحي و لا مجال لهم لتقديم مسلم للرئاسة ، ثم واجهتهم بالسؤال الكبير و هو ما الذي يلزمكم للبقاء بدولة كل شئونها تتضارب مع الدين الذي تعتنقون ؟ و حينها فقط قال لي احدهم : (و الله انك اعقل منّا إذ لم تصوّت في الانتخابات ) و لو فازت هيلاري فاشعلت الحروب في بلاد المسلمين حينها سنكون مشاركون معها في الذنب و تكون انت برئ ، ثم قال احدهم سوف لن اشارك مرّة اخري في الانتخابات الامريكية و الحمد لله أنّ مرشحتي لم يكتب لها الله الفوز . لهذه الدرجة وصل الهوس بالدين و الذي يدفع اصحابه للدفاع عن الدين و نصرته من خلال دعم قضايا يرفضها الدين رفض قطعي لا يقبل الحوار. و لكن بالنسبة لهم طالما أنّ القصد هو نصرة دين الله فتلك القضايا المخالفة للدين لا تهمهم كثيرًا فالاعمال تؤخذ بالنيّات ، و هم لم يبتغوا سوي الخير فيما فعلوا و يفعلون .

بالطبع لا اعتراض لي علي ما يراه الآخرون و لكن ما ازعجني هو هذا الجدل الطويل الذي اضطررت اليه لاوصل فكرة بسيطة تعد من الأبجديات مضمونها أنّ كل شخص مسئول عن تصرّفاته و ليس بأي حال مسئولًا عن سلوك الآخرين ، و لكن يبدو أنّ الشخص الذي يطلب أن يعيش حياته كما يريد يجد نفسه مضطرًا للدخول في جدل و حوارات و اجابة علي اسئلة و طرح اسئلة اخري سواء أكان يريد ام لا يريد.
هكذا هي حياتنا و هذا هو مجتمعنا الذي نحمله معنا اينما سارت بنا الحياة ، فهل من شخص يقدّم لي اقتراح يعين علي الخروج من هذا النفق العميق ؟

Post: #6
Title: Re: هوس ديني من طراز فريد
Author: علي دفع الله
Date: 11-11-2016, 06:22 AM
Parent: #5


ازيك يا صديقي ..
الهوس الديني يحاصرنا من جميع منافذنا ....
-------

متابعة ..

Post: #7
Title: Re: هوس ديني من طراز فريد
Author: مني عمسيب
Date: 11-11-2016, 11:11 AM
Parent: #6


التحية لك يا الوليد ..


كما قال صديقنا ود دفع الله :!!!

الهوس الديني يحاصرنا من جميع منافذنا .... ------- متابعة ..


برضو متابعة .

Post: #9
Title: Re: هوس ديني من طراز فريد
Author: وليد زمبركس
Date: 11-12-2016, 06:39 AM
Parent: #7


تحياتي بت عمسيب .
اشكرك علي هذه الحروف اللطيفة . فالهوس الديني قد جعل الكثيرين يعيشون في هذه الحياة باحساس الذي يقف في زحام يوم الحشر و شمسه التي تكاد تسقط علي الرؤوس و جموع العرايا الذين بعثهم الله كما ولدتهم امهاتهم اول الامر ، و سيدنا آدم أبو البشر الذي يُعرِض عن ذريّته و يقول اللهم نفسي و ابراهيم أب الانبياء ينظر تحت رجليه فإذا أبوه بذيخ متلطخ يؤخذ بقوائمه فيلقي به في النار فينفر عنه الابن دون اكتراث ، فبلاء النفوس حينها اكبر و اعظم من أن يحس أحد البشر بمتاعب و معاناة الآخرين و إن كانوا اولي قربي أو حتي أبوين . فإن كان ذلك جزء يسير من مشاهد الرّعب في يوم القيامة بحسب ما جاء في بعض المصادر الاسلامية - فإن استجلاب تلك المشاهد الي حياتنا المعاصرة ثم جعلها معيارًا لقياس المواقف الناس في هذه الحياة لن يكن انصافًا للدين بأي حال و لا اسعافًا لحياة الناس في هذه الدنيا بقدر ما يكون هوسًا و تضخيمًا لتصوّرات دينية و مشاهد عن يوم الحشر قد لا يكون لها دور اكبر من كونها تذكيرًا للناس بتلك الأهوال لأجل حثّهم علي عمل الخير ، و لكن أن يستعجل الناس تلك المشاهد ليجعلوها جزءًا من حياتهم اليومية في هذه الدنيا قبل الممات فباعتقادي أنّ ذلك ليس سوي ترسيم كل ملامح حياتهم بناءً علي مشاهد قاسية لا وجود لها في هذا المكان ( الدنيا التي نعيشها ) ، فذلك امر سوف يقلب حياتهم الي مصدر كبير للرعب و لا يعطي معني لهذه الحياة سوي أنّها دار بكاء و نواح و ندب حظ و احساس بالقهر و عجز الحيلة . و ذلك ما قد يجعل الكثيرين يحملون هم الدين اكثر مما يحملون هموم توفير العيش لأبنائهم و بناتهم الاطفال ، و كأنّ الله باعتقادهم عاجز عن حماية دينه و بالتالي فهو يستجديهم لحماية ذلك الدين . و لذا فنجدهم يبكون لما يحدث في فلسطين و افريقيا الوسطي و تركمنستان و العراق ، و لا يكادون يلمحون مشاهد الفقر التي يعيشونها و المعاناة التي يضعون فيها اسرهم بسبب هوسهم بالدين و نسيان كل مسئولياتهم الاخري في هذه الحياة و كأنّهم قد جاءوا لهذه الدنيا بعقد اعارة سرعان ما ينتهي ثم يعودوا الي ديارهم الآخرة كما يعود المعلّمون السودانيون من المملكة العربية السعودية او اليمن بعد انتهاء فترة عقود اعاراتهم التي توافقوا عليها مع المستخدمين او قولي المستقدمين فالامران سواء.
العيش في الدنيا باحساس اهل البرزخ من الاموات - لهو احد الاسباب المهمّة التي تدفع الكثيرين الي تجاوز هذه الحياة و كأنّها لا تعني امرهم في شئ و إن كانوا لا ينكرون ضرورة وجودها كمعبر آمن يوصلهم الي دار المقام ، و هذا ما يجعل ( شيوخ الفيديو كليب ) ينافسون هيفاء وهبي و نانسي عجرم في كثرة الاصدارات ، و كأنّهم في سباق مع الزمن طالما أنّ الحسنة بعشر امثالها فلا بأس عندهم بملاحقة الناس و البحث عن مراكز اهتمامهم و اماكن زحامهم للوصول اليهم و بالتالي بيعهم بضاعة الدين كسبًا للأجر و تحقيقًا للربح من بضاعة بحسب فقهم رابحة لن تبور كما وعد الله، و لذلك نجدهم يبزلون جهود مضاعفة لتعلّم رفع الفيديوهات ب يوتيوب او الاجتهاد في البحث عمّن يساعدهم في تلك المهمّة الدينية العظيمة بحسب ما يرون ، ثم فتح حسابات علي مواقع التواصل الاجتماعي و عمل صفحات لحشد المعجبين و وضع ارقام تلفوناتهم للإجابة علي اسئلة المغروضين ، وكل ذلك يتم في حماسة عالية تدفع بعضهم للحديث عن كل امر من امور الحياة حتي و إن كان ذلك شأنًا علميًا صرفًا لا يتعلّق بالدين ، و لكنه السعي وراء كسب حسنات من الجميع هو وحده الذي يدفعهم للولوج في ذلك المسار ، بالضبط كما يفعل التاجر و الذي لا يضيع فرصة للبيع الا و اغتنمها ، و قد يكون التاجر عنصريًا و لكنه لا يتورّع في بيع بضاعته للذين يراهم دونه من الناس - و طالما أنّهم سيدفعون له ما يتحصّل به علي الربح - فذلك كل الذي سيعنيه في تلك اللحظات.
هذ هي حياتنا التي نعيشها و التي شاهت بجعل البعض الدين معيار للتعامل مع الآخرين ، فها هي حكومة البشير تقوم بفصل الناس من وظائفهم علي الهوية الدينيّة و التي احتكرتها في انتماء الناس لحزب الحركة الاسلامية و ذلك ما يجعلهم يتّخذون من الدين مادّة جيّدة للمعاينات التي يجرونها لتوظيف السودانيين في وظائف الدولة التي يجب أنّها ملك للمسلمين و غير المسلمين و الاسلاميين و غيرهم من السودانيين ، و لكنه هوسهم الديني وحده هو الذي يجعلهم يصنّفون المواطنين الي اسلاميين و اهل قبلة و طائفيين و علمانيين و يساريين. إذن الدين نفسه قابل لأن يصير أداة تمييز حتي داخل المجتمعات المسلمة نفسها كما هو حادث بالسودان الآن او بالمملكة العربية السعودية او بتركيا او بسوريا او افغانستان ابان فترة حكم حركة طالبان . و رغم أنّ هذه الظاهرة البشرية لا تقتصر علي الايدلوجيا الدينية و انصارها من دون الناس - الّا أنّ الدين حينما يتحوّل الي ايديولوجيا يكون من الصعب الدخول في تصادم معه او حوار ، لأنّ أي انتقاد لتلك الايدلوجيا الدينية سيكون بمثابة انتقاد صريح لما نادي به الرّب ، و ما اصحاب تلك الايديولوجيا الدينية الّا انصارًا مطيعين لخدمة الرّب في ارضه التي اولاهم امرها دون سائر الناس و إن كانت تلك الولاية قد انتزعوها انتزاعًا بقوّة السلاح كما حدث و يحدث في اغلب الدول و الدويلات الدينية في الحياة المعاصرة و التاريخ البشري قديمه و الحديث .
الحديث يطول يا صديقتي فلذا اكتفي بهذا القدر و إن كنت ارغب بمواصلة الحوار و لكن لا مجال للاطالة حتي لا تتشعّب و تتداخل الافكار - خاصة و أنّي لم استطع اقتباس مداخلتك لوضعها بالقرب من ردّي عليها حتي يكون الامر واضحًا للقارئين ، و لكن ماذا افعل مع منبر الباشمهندس بكري فبعد كل فترة اكتشف أنّ الخاصيّات المتاحة لاعضاء المنبر يتم انقاصها و قد بدأت مشكلتي بعدم التمكّن من رفع الفيديوهات ثم تمدّدت لتشمل وضع روابط لمواقع أخري علي صفحات المنبر و ها هي الآن تتّسع لتشمل حتي اقتباس نصوص المتداخلين - و رغم أنّ كل تلك الخاصيّات كنت اتعامل معها من اول يوم لانضمامي الي المنبر الا أنّي الآن افتقدها جميعًا مما جعلني لا افكّر حتي مجرّد التفكير في إجراء محاولات أخري قد تعينني للحصول علي طرائق جديدة تسهّل لشخصي مهمّة الوصول لتلك الغايات بوسائل افضل ، فالزمن اغلي من أن يهدره الشخص في ملاحقة التحديثات في المنبر او متابعة شئون المراجعات التي تحدث بين الحين و الحين في هذا المكان .
اكرر شكري و لك التحايا موصولة و لكل الذين يهمّك امرهم في هذه الحياة بما فيهم أبناء و بنات شعبنا الجريح . كوني بخير يا صديقة.

Post: #8
Title: Re: هوس ديني من طراز فريد
Author: وليد زمبركس
Date: 11-12-2016, 05:01 AM
Parent: #6


تحياتي صديقي الجميل أبو علي الكرار. الاسلام السياسي بهوسه الديني يحاصرنا من كل مكان و عند الحديث عن هذا الموضوع الشائك اتذكر دائمًا حوارات اهل قريتي الفقراء و الذين قام أحد السلفيين بإبهامهم بحديثه عن الدين متخذًا الجن مدخلًا لذلك الحديث و لأنّه كان أحد الدّارسين بجامعة الخرطوم فكان يستخدم بعض أدوات العلم الحديث فيما يتعلق بعلم السايكلوجيا و يضيف اليها بعض احاديث الجن التي وردت في نصوص الفقه الاسلامي و بالتالي كان يذهل مستمعيه البسطاء مما جعل بعضهم يرفعونه الي درجة أقرب بدرجة الانبياء ، بالضبط كما يحدث مع بعض السلفيين السعوديين حين يتحدّثون عن شيخهم عبد العزيز بن باز أو الشيخ ابن عثيمين او الشيخ ناصر الدين الالباني و الذي رفعوه لدرجة رواة الحديث فمنحوه الحق في تصحيح بعض الاحاديث و تلك مكانة لم أر احدًا بلغها من بين المعاصرين عربًا و غير عرب قبل وفاته في العام ١٩٩٩ ، ففي هذا العصر قد صار الاسلام عند بعض الناس هوسًا دينيًا و تعصبًا لانتماءات و شيوخ اكثر من كونه دين و علاقة روحيّة بين عابد و ربه المعبود . و رغم ما يقوله السلفيون عن علم شيوخهم فإن الكثيرين منهم لم يكونوا سوي نتاج طبيعي للتحالف التاريخي بين آل سعود و آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب - خاصة فيما يخص مكة و نجد و الحجاز و بعض مناطق جزيرة العرب التي جعلها آل سعود ملكًا لهم دون أن يسألوا انفسهم او يسألهم الناس إن كانوا هم احق بها من رسولنا الكريم ( ص) و الذي لم يجعلها مملكة محمدية و لكن آل سعود جعلوها مملكة لهم بمساعدة آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب و الذين لا زال منصب المفتي العام للديار السعودية و رئيس هيئة كبار العلماء رهنًا لهم و قد تنقل فيه عدد من احفاد الشيخ ابن عبد الوهاب امثال المفتي الحالي عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ ، عبد العزيز بن عبد الله بن الباز و آخرون مثل محمد بن ابراهيم آل الشيخ و عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ . إذن التحالف بين آل سعود و آل الشيخ ابن عبد الوهاب لا زال مستمرًا ، و إن تسربل هذا التحالف باسم الدين فإنه في بداياته قد كان تحالفًا سياسيًا و تحالف مصالح و لا زال يحمل تلك الملامح رغم تصاعد الهتاف باسم الدين و الفقه . فاحفاد ابن عبد الوهاب هؤلاء لم ينالوا تلك المناصب و مناصب أخري بالمملكة االا لكونهم من اسرة آل الشيخ كما أنّ الامراء السعوديون لم ينالوا مكانتهم بالمجتمع السعودي الا لكونهم من آل سعود و تلك مسائل ثابتة لا تخضع لخيارات أخري غير الانتماء الاسري و دعم برنامج و مصالح الاسرة المالكة و مصالح ذلك التحالف السعودي الوهابي .
ما يؤسفني حقًا هو أن يتعامي بعض الناس عن تلك المصالح الاسرية البائنة ثم يصرّون علي كون ذلك التحالف ما جاء الّا لتحسين حياة المسلمين و نصرة الدين ، و قد تصاعدت وتائر ذلك الهوس بالدين حتي صار مجرّد الحديث عن فساد بعض شيوخ المملكة السعودية يعد طعنًا صريحًا في الدين ، و لا يكاد الناس يقفون علي براغماتية المنهج السلفي و الذي يسير في طريق الحركات الاسلامية المنبثقة من حركة الاخوان المسلمين و التي بدأت كحركة دعوية و انتهي بها المقام الي حركة سياسية لا يعنيها من الدين سوي ما يخدم مصالحها للوصول الي كراسي الحكم ، و ذلك بالضبط ما فعلته الحركة السلفية السعودية من خلال اصرارها علي تصدير افكارها الي الدول الاخري و التأثير علي مسارات السياسة فيها كما حدث في افغانستان و باكستان و سوريا و الشيشان . و لكن الهوس بالدين قد جعل كثير من الناس يغضون الطرف عن ممارسات المملكة السعودية و بالتالي يتعاملون معها بتعاطف طاغي و دون تمييز بين الكعبة كقبلة للمسلمين و بين آل سعود و آل الشيخ كاسر حاكمة تتسلّط علي رقاب الناس باسم الدين .

شكرًا يا صديقي و قد سعدت كثيرًا بمرورك الجميل و لكن الحديث في هذا الجانب شائك و معقّد و طويل و اري أن اكتفي منه بهذا القدر حتي لا تصير هذه المداخلة اشبه بالمداخلة التي سبقتها و التي جاءت طويلة و مملّة تصعب قراءتها في مرّة واحدة دون الاحساس بضجر ينتقص من االمعاني التي وددت أن أضعها في صياغ مقبول و لكن تزاحم المعلومات جرفني الي ذلك الطريق الذي لم اسعي برغبتي للدخول فيه .